قبل ذلك فهم الخفي عيشهم أي يعيشون مختفين من الناس للخوف منهم أو لعدم موافقة طريقتهم لهم وكذا الانتقال من أرض إلى أخرى لذلك تنكبوا الطرق أي عدلوا عن الطرق العامرة لئلا يعرفهم الناس أو عن طرقهم ومسالكهم وأطوارهم واتخذوا الماء أي اكتفوا بالماء لتطييب أبدانهم بالغسل والغسل من غير استعمال للطيب متعوبة أي يتعبونها في الطاعات وترك الشهوات مكدودة أي يحملون أبدانهم على الكد والمبالغة في الطاعات وتحمل الشدائد في القاموس الكد الشدة والإلحاح في الطلب وكده واكتده طلب منه الكد لم يصدقوا على بناء المفعول من التفعيل أي لا يصدقهم الناس لسوء ظنهم بهم وحقارتهم في أعينهم لم يفتقدوا أي لا يطلبهم الناس عند غيبتهم لعدم معرفتهم أو لعدم الاعتناء بشأنهم وفي بعض النسخ لم يفقدوا والأول أظهر.
في القاموس تفقده طلبه عند غيبته ومات غير فقيد ولا حميد وغير مفقود غير مكترث لفقدانه.
مسجونة أي محبوسة كناية عن قلة الكلام غيبوا مفاتيحها كناية عن امتناعهم عن إفشاء الأسرار جدا كأن عليها أقفالا كثيرة لم تحضر مفاتيحها فيكلفوا فتحها ثم أكد عليه السلام ذلك بقوله وجعلوا على أفواههم أوكية والأوكية جمع الوكاء بالكسر وهو الخيط الذي يشد به رأس الكيس ونحوه شبه أفواههم بكيس أو قربة شد رأسها فلا يخرج منها شيء قال في النهاية الوكاء الخيط الذي يشد به الصرة والكيس وغيرهما فيه أنه كان يوكي بين الصفا والمروة سعيا أي لا يتكلم كأنه أوكى فاه فلم ينطق.
صلب بضمتين أو كسكر جمع الصلب وكذا الصلاب بالكسر تأكيدا أي هم في غاية الصلابة في الدين لا ينحت أي لا يبري ولا ينقص من دينهم شيء قال تعالى « وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً » (١).
يحسبهم المنافق خرسا بالضم جمع أخرس لقلة كلامهم في الباطل وحفظهم
__________________
(١) الشعراء : ١٤٩.