المهاجرون من مكة إلى المدينة « وَالَّذِينَ آوَوْا » أي آووهم إلى ديارهم « وَنَصَرُوا » هم على أعدائهم وهم الأنصار « أُولئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا » لأنهم حققوا إيمانهم بالهجرة والنصرة والانسلاخ من الأهل والمال والنفس لأجل الدين « لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ » لا تبعة له ولا منة فيه.
« وَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْ بَعْدُ وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا مَعَكُمْ » (١) يريد اللاحقين بعد السابقين « فَأُولئِكَ مِنْكُمْ » أي من جملتكم أيها المهاجرون والأنصار وحكمهم حكمكم في وجوب موالاتهم ونصرتهم وإن تأخر إيمانهم وهجرتهم.
« أَعْظَمُ دَرَجَةً » (٢) أي ممن لم يستجمع هذه الصفات « وَأُولئِكَ هُمُ الْفائِزُونَ » أي المختصون بالفوز ونيل الحسنى عند الله.
« وَمَساكِنَ طَيِّبَةً » (٣) أي يطيب فيها العيش « فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ » أي إقامة وخلود وقد مضت الأخبار في ذلك من باب وصف الجنة « وَرِضْوانٌ مِنَ اللهِ أَكْبَرُ » يعني وشيء من رضوانه أكبر من ذلك كله لأن رضاه سبب كل سعادة وموجب كل فوز وبه ينال كرامته التي هي أكبر أصناف الثواب « ذلِكَ » الرضوان « هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ » الذي يستحقر دونه كل لذة وبهجة.
« أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ » (٤) أي سابقة وفضلا سميت قدما لأن السبق بها كما سميت النعمة يدا لأنها باليد تعطى وإضافتها إلى الصدق لتحققها والتنبيه على أنهم إنما ينالونها بصدق القول والنية وفي المجمع (٥) عن الصادق عليه السلام أن معنى قدم صدق شفاعة محمد صلى الله عليه واله وفي الكافي والعياشي (٦) هو رسول الله صلى الله عليه واله وفيهما بولاية أمير المؤمنين عليه السلام وهذا لأن الولاية من شروط الشفاعة وهما متلازمتان.
« بِإِيمانِهِمْ » (٧) أي بسبب إيمانهم للاستقامة على سلوك الطريق المؤدي
__________________
(١) الأنفال : ٧٤.
(٢) براءة : ٢٠.
(٣) براءة : ٢٢.
(٤) يونس : ٢.
(٥) مجمع البيان ج ٥ ص ٨٩.
(٦) تفسير العياشي ج ٢ ص ١١٧ و ١١٨.
(٧) يونس : ٩.