وأقول قيل إنها تشمل الحيتان أيضا إما بدخولها في الأول لأنها تدب في الماء أو في الثاني ولا يخفى بعدهما.
وقال الرازي في قوله : « إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثالُكُمْ » قال الفراء يقال كل صنف من البهائم أمة وجاء في الحديث لو لا أن الكلاب أمة تسبح لأمرت (١) بقتلها فجعل الكلاب أمة إذا ثبت هذا فنقول الآية دلت على أن هذه الدواب والطيور أمثالنا وليس فيها ما يدل على أن هذه المماثلة في أي المعاني حصلت ولا يمكن أن يقال المراد حصول المماثلة من كل الوجوه وإلا لكان يجب كونها أمثالنا (٢) في الصورة والصفة والخلقة وذلك باطل فظهر أنه لا دلالة في الآية على أن تلك المماثلة حصلت في أي الأحوال والأمور فاختلف الناس في تفسير الأمر الذي حكم الله فيه بالمماثلة بين البشر وبين الدواب والطيور وذكروا فيه أقوالا.
الأول : نقل الواحدي عن ابن عباس أنه قال يريد يعرفونني ويوحدونني ويسبحونني ويحمدونني وإلى هذا القول ذهبت طائفة عظيمة من المفسرين وقالوا إن هذه الحيوانات تعرف الله وتحمده وتسبحه واحتجوا عليه بقوله : « وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ » (٣) وبقوله في صفة الحيوانات : « كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ » (٤) ولأنه تعالى (٥) خاطب النمل والهدهد.
وعن أبي الدرداء قال أبهمت عقول البهم عن كل شيء إلا أربعة (٦) أشياء :
__________________
(١) في المصدر : لو لا ان الكلاب امة من الأمم لامرت بقتلها.
(٢) في المصدر : امثالا لنا.
(٣) الإسراء : ٤٤.
(٤) النور : ٤١.
(٥) في المصدر : وبما أنه تعالى.
(٦) في المصدر : الا عن أربعة.