متوسّط (١) ، فيتأذّى اللّين بالصلب خصوصاً عند الضربة والضغطة ، وليحسن به تجاور المفاصل المستحاكة فلا تتراضّ لصلابتها ، وليستند به ويقوى بعض العضلات الممتدّة إلى عضو غير ذي عظم ، وليعتمد عليه ما افتقر إلى الاعتماد على شيء قويّ ليس بغاية الصلابة .
فهذه هي الأعضاء المتشابهة الأجزاء الّتي تركّب عنها الأعضاء الآليّة ، لواهبها الحمد كما هو أهله . وكلّها يتكوّن عن المنيّ ما خلا اللحم والشحم فإنّهما يتكوّنان عن الدم .
( الفصل الثاني )
* ( في تشريح الرأس وأعضائه وما اشتملت عليه ) *
فمنها قحف الرأس وهو الّذي خلقه الله لحفظ الدماغ ووقايته عن الآفات فخلقه الله مستديراً إلى طول لأنّ المستدير أعظم مساحة من الأشكال المستقيمة الخطوط إذا تساوت إحاطتها ، ولئلّا ينفعل عن المصادمات ما ينفعل عنه ذو الزوايا . وأمّا طوله فلأنّ منابت الأعصاب الدماغيّة موضوعة في الطول لئلّا يزدحم ولا ينضغط ، وقد يفقد النتوء (٢) المقدّم أو المؤخّر أو كلاهما .
[ و ] القحف مؤلّف من ستّة أعظم ، اثنان منها بمنزلة السقف ، وأربعة بمنزلة الجدران ويتّصل بعضها ببعض بدروز (٣) تسمّى بالشؤون ، وجعل الجدران أصلب من اليافوخ (٤) لأنّ السقطات والصدمات عليها أكثر ، ولانّ الحاجة إلى تخلخل اليافوخ أمسّ لينفذ فيه البخار المتحلّل ، ولئلّا يثقل على الدماغ . وجعل أصلب الجدران
__________________
(١) بلا توسط ( خ ) .
(٢) النتوء ـ كالقعود ـ : الارتفاع .
(٣) الدروز : جمع الدرز . وهو الارتفاع الذي يحصل في الثوب عند جمع طرفيه في الخياطة .
(٤) اليافوخ : موضع التقام عظام الجمجمة في مقدمتها واعلاها .