ما يتوقّى عن الجثوّ وجلسة التعلّق من الانتهاك والانخلاع ، فهو دعامة للمفصل . وجعل موضعه إلى قدّام ، لأنّ أكثر ما يلحقه من عنف الانعطاف يكون إلى قدّام إذ ليس له إلى خلف انعطاف عنف ، وأمّا إلى الجانبين فانعطافه شيء يسير ، بل جعل انعطافه إلى قدّام ، وهناك يلحقه العنف عند النهوض والجثوّ وما أشبه ذلك .
واما الساق فهو كالساعد مؤلّف من عظمين أحدهما أكبر وأطول وهو الاُنسيّ ويسمّى « القصبة الكبرى » والثاني أصغر وأقصر لا يلاقي الفخذ بل يقصر دونه إلّا أنّه من أسفل ينتهي إلى حيث ينتهي إليه الأكبر ويسمّى « القصبة الصغرى » وهي متبرّئة عن الكبرى في الوسط بينهما فرجة قليلة . وللساق تحدّب إلى الوحشيّ ، ثمّ عند الطرف الأسفل تحدّب آخر إلى الاُنسيّ ، ليحسن به القوام ويعتدل . والقصبة الكبرى وهي الساق بالحقيقة قد خلقت أصغر من الفخذ ، وذلك أنّه لمّا اجتمع لها موجَبا الزيادة في الكبر ـ وهو الثبات وحمل ما فوقه ـ والزيادة في الصغر ـ وهو الخفّة للحركة ـ وكان الموجب الثاني أولى بالغرض المقصود في الساق فخلق أصغر ، والموجب الأوّل أولى بالغرض المقصود في الفخذ فخلق أعظم .
واُعطي الساق قدراً معتدلاً حتّى لو زيد عِظماً عرض من عسر الحركة ما يعرض لصاحب داء الفيل والدّوالي ، ولو انتقص عرض من الضعف وعسر الحركة والعجز عن حمل ما فوقه ما يعرض لدقاق السوق في الخلقة . ومع هذا كلّه فقد دعم وقوي بالقصبة الصغرى . وللقصبة الصغرى منافع اُخرى ، مثل ستر العصب والعروق بينهما . ومشاركة القصبة الكبرى في مفصل القدم ليتأكّد ويقوى مفصل الانثناء والانبساط .
وأما القدم فمؤلّفة من ستّة وعشرين عظماً : كعب به يكمل المفصل مع الساق وعقب به عمدة الثبات ، وهو أعظمها ، وزورقيّ به الأخمص ، وأربعة عظام للرسغ بها يتّصل بالمشط ، وواحد منها عظم نرديٌّ كالمسدّس موضوع إلى الجانب الوحشيّ وبه يحسن ثبات ذلك الجانب على الأرض ، وخمسة عظام للمشط بعدد الأصابع في صفّ واحد ، وأربعة عشر سلاميّات الأصابع ، لكلّ منها ثلاثة ، سوى الإبهام فإنّ له اثنين .