وأما الكتف فعظم طرفه الوحشيّ إلى الاستدارة يستدقّ من ذلك الطرف ويغلظ فيحدث عليه نقرة غير غائرة يدخل فيها طرف العضد للدّور ، ولها زائدتان تمنعان العضد ، عن الانخلاع : إحداهما إلى فوق ومن خلف ، ويسمّى « منقار الغراب » وبها رباط الكتف مع الترقوة ، والاُخرى إلى أسفل ومن داخل ، ثمَّ لا يزال يستعرض كلّما أمعنت في الجهة الاُنسيّة ، ليكون اشتمالها الوافي أكثر ، حتّى ينتهي إلى غضروف مستدير الطرف يتّصل بها . وعلى ظهره زائدة كالمثلّث يسمّى « عير (١) الكتف » قاعدته إلى الجانب الوحشيّ وزاويته إلى الاُنسيّ ، حتّى لا يختلّ سطح الظهر بإشالة الجلد وتألّمه عن المصادمات . وهي بمنزلة السنسنة للفقرات مخلوقة للوقاية .
وإنّما خلق الكتف لأن يتعلّق به العضد فلا يكون ملتزقاً بالصدر ، ولأن يسلس به حركات اليدين ولا يضيق مجالهما ، وأن يكون جنّة ووقاية ثانية للأعضاء المحصورة في الصدر ، ويقوم بدل سناسن الفقرات وأجنحتها .
وأما العضد فهو عظم مستدير مثل اُنبوبة قصب مدوّر مجوّف مملوء مخّاً محدّب إلى الوحشيّ مقعّر إلى الاُنسيّ ليكنّ بذلك ما ينتضد عليه من العضل والعصب والعروق ، وليجوّد تأبّط ما يتأبّطه الإنسان وإقبال إحدى اليدين على الاُخرى . وطرفه الأعلى المحدّب يدخل في نقرة الكتف بمفصل رخو غير وثيق جدّاً تضمّه رباطات أربعة وبسبب الرخاوة يعرض له الخلع كثيراً وإنّما جعل رخواً لتسلس الحركة في الجهات كلّها مع عدم الاحتياج إلى دوام هذه الحركة وكثرتها ليخاف انتهاك الأربطة أو تخلعها بل العضد في أكثر الأحوال ساكن وسائر اليد متحرّكة ، وأمّا طرفه السافل فإنّه قد ركب عليه زائدتان متلاصقتان :
فالّتي تلي الجانب الاُنسيّ منهما أطول وأدقّ ، ولا مفصل لها مع عظم آخر وليس يرتبط بها شيء لكنّها وقاية للعروق والعصب الّتي تأتي اليد ، والاُخرى الّتي تلي الجانب الوحشيّ يتمّ بها مفصل المرفق ، وفيما بين هاتين الزائدتين حزّ (٢) شبيه
__________________
(١) العير بفتح المهملة : كل ناتىء في مستو .
(٢) الحز في العود ونحوه : الفرض ، والبكرة آلة مستديرة يمر عليها حبل وفي وسطها محز ، تستعمل لرفع الاثقال وحطها .