صلىاللهعليهوآلهوسلم بإناء لها يريض الرهط (١) فحلب فيه ثجّاً (٢) حتّى علته الثمال (٣) ، فسقاها فشربت حتّى رويت ، ثم سقى أصحابه فشربوا حتّى رووا ، فشرب عليهالسلام آخرهم وقال : «ساقي القوم آخرهم شرباً» فشربوا جميعاً عللاً بعد نهل حتّى أراضوا ، ثم حلب فيه ثانياً عوداً على بدء ، فغادوا عندها ثمّ ارتحلوا عنها.
فقلّما لبثت أن جاء زوجها أبو معبد يسوق عنزاً عجافاً هزلى مخهنّ قليل ، فلمّا رأى اللبن قال : من أين لكم هذا والشاة عازب ولا حلوبة في البيت؟
قالت : لا والله ، إلاّ أنّه مرّ بنا رجل مبارك كان من حديثه كيت وكيت. الخبر بطوله (٤).
ومنها : خبر سراقة بن جعشم الذي اشتهر في العرب ، يتقاولون فيه الاَشعار ، ويتفاوضونه في الديار ، أنّه تبعه وهو متوجّه إلى المدينة طالباً لغرتّه ليحظى بذلك عند قريش ، حتّى إذا أمكنته الفرصة في نفسه ، وأيقن ان قد ظفر ببغيته ، ساخت قوائم فرسه ، حتّى تغّيبت بأجمعها في الاَرض ، وهو
__________________
(١) يريض الرهط : قال ابن الاَثير في النهاية (٢ : ٢٧٧) : وفي حديث أم معبد «فدعا بإناء يريض الرهط» أي يرويهم بعض الري ، من أراض الحوض إذا صب فيه من الماء ما يوار أرضه.
(٢) ثجّاً : أي انصب بشدة. انظر : «العين ٦ : ١٣».
(٣) الثمال : بالضم ، جمع ثمالة ، وهي الرغوة ، وقد أثمل اللبن أي كثرت ثمالته. «الصحاح ـ ثمل ـ ٤ : ١٦٤٩».
(٤) كشف الغمة ١ : ٢٤ ، الثاقب في المناقب : ٨٥ | ٦٨ ، الطبقات الكبرى ١ : ٢٣٠ ، مستدرك الحاكم ٣ : ٩ ، دلائل النبوة للاصفهاني ٢ : ٤٣٦ | ٢٣٨ ، دلائل النبوة للبيهقي ١ : ٢٧٨ ، الوفا بأحوال المصطفى ١ : ٢٤٢ ، صفة الصفوة ١ : ١٣٧ ، البداية والنهاية ٣ : ١٩٢ ، الاصابة ٤ : ٤٩٧ ، ونقله عنه المجلسي في بحار الاَنوار ١٨ : ٤٣|٣٠.