بموضع جدب وقاع صفصف (١) ، فعلم أنّ الذي أصابه أمر سماوي ، فنادى : يا محمّد ادع ربك يطلق لي فرسي وذمّة الله عليّ أن لا أدلّ عليك أحداً.
فدعا له فوثب جواده كأنّه أفلت من انشوطة ، وكان رجلاً داهية وعلم بما رأى أنّه سيكون له نبأ ، فقال : اكتب لي أماناً ، فكتب له فانصرف (٢).
قال محمّد بن إسحاق : إنّ أبا جهل قال في أمر سراقة أبياتاً فأجابه سراقة :
أبا حكم واللات لو كنت شاهـداً |
|
لاَمر جوادي إذ تسـيـخ قوائـمه |
عجبت ولم تشكك بأنّ مـحـمداً |
|
نـبـيّ وبرهـان فـمن ذا يكاتمه |
عليك بكفّ الناس عنه فإنّنــي |
|
أرى أمره يوماً ستبدو مـعالمه(٣) |
وروي : أنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم كان يقول لاَبي بكر : «أله الناس عنّي فإنّه لا ينبغي لنبيّ أن يكذب» فكان أبو بكر إذا سئل : ما أنت؟ قال : باغ. فإذا قيل من الذي معك؟ قال : هاد يهديني(٤).
ومنها : حديث الغار ، وأنّه عليه وآله السلام لمّا أوى إلى غار بقرب مكّة يعتوره النزّال(٥) ويأوي إليه الرعاء متوجهه إلى الهجرة ، فخرج القوم في طلبه ، فعمى الله أثره وهو نصب أعينهم ، وصدّهم عنه وأخذ بأبصارهم دونه وهم
__________________
(١) الصفصف : المستوي من الاَرض «الصحاح ـ صفف ـ ٤ : ١٣٧٨».
(٢) الكافي ٨ : ٢٦٣ | ٣٧٨ ، الخرائج والجرائح ١ : ٢٣ | ١ ، مناقب ابن شهر آشوب ١ : ٧١ ، كشف الغمة ١ : ٢٥ ، دلائل النبوة للاصبهاني ٢ : ٤٢٦ ، اُسد الغابة ٢ : ٢٦٤ ، الكامل في التاريخ ٢ : ١٠٥ ، البداية والنهاية ٣ : ١٨٥ ، باختلاف في بعضها ، ونقله المجلسي في بحار الاَنوار ١٧ : ٣٨٧|٥٣.
(٣) دلائل النبوة للاصبهاني ٢ : ٤٣٥ ، دلائل النبوة للبيهقي ٢ : ٤٨٩ ، البداية والنهاية ٣ : ١٨٦ ، ونقله المجلسي في بحار الاَنوار ١٧ : ٣٨٧ | ٥٤.
(٤) كشف الغمة ١ : ٢٦ ، الطبقات الكبرى ١ : ٢٣٤ ، دلائل النبوة للبيهقي ٢ : ٤٨٩.
(٥) يعتوره النزّال : يرتاده المسافرون والمارّون بكثرة ، انظر «العين ٢ : ٢٣٧».