وقال محمّد بن إسحاق : استخلف عتّاب بن اُسيد وخلّف معه معاذاً يفقه الناس في الدين ويعلّمهم القرآن ، وحجّ بالناس في تلك السنة وهي سنة ثمان عتّاب بن اُسيد ، وأقام صلىاللهعليهوآلهوسلم بالمدينة ما بين ذي الحجة إلى رجب(١).
ثمّ كانت غزوة تبوك : تهيّأ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في رجب لغزو الرُوم ، وكتب إلى قبائل العرب ممّن قد دخل في الاِسلام وبعث إليهم الرسل يرغّبهم في الجهاد والغزو ، وكتب إلى تميم وغطفان وطيّ ، وبعث إلى عتّاب بن اُسيد عامله على مكّة يستنفرهم لغزو الروم.
فلمّا تهيّأ للخروج قام خطبياً فحمد الله وأثنى عليه ورغّب في المواساة وتقوية الضعيف والإنفاق ، فكان أوّل من أنفق فيها عثمان بن عفّان جاء بأواني من فضّة فصبّها في حجر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فجهّز ناساً من أهل الضعف ، وهو الذي يقال إنّه جهّز جيش العسرة.
وقدم العبّاس على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فأنفق نفقة حسنة وجهّز ، وسارع فيها الأنصار ، وأنفق عبد الرحمن والزبير وطلحة ، وأنفق ناس من المنافقين رياءً وسمعة ، فنزل القرآن بذلك.
وضرب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عسكره فوق ثنيّة الوداع بمن تبعه من المهاجرين وقبائل العرب وبني كنانة وأهل تهامة ومزينة وجهينة وطيّ وتميم ، واستعمل على المدينة عليّاً عليهالسلام وقال له : «إنّه لابدّ للمدينة منّي أو منك».
واستعمل الزبير على راية المهاجرين ، وطلحة بن عبيدالله على
__________________
(١) المغازي للواقدي ٣ : ٩٥٩ ، سيرة ابن هشام ٤ : ١٤٣ ، تأريخ الطبري ٣ : ٩٤ ، دلائل النبوة للبيهقي ٥ : ٢٠٣ ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار ٢١ : ١٧٤.