البرودة أن تضغطها (١) وذلك أن قعور البحار تحمى فتتولد في أرضها (٢) عذوبة وتستحيل وتحمى كما يعرض ذلك في البلاليع والآبار فإذا حمى ذلك الماء انبسط وإذا انبسط زاد وإذا زاد دفع (٣) كل جزء منه صاحبه فطفر عن سطحه (٤) وبان عن قعره واحتاج إلى أكثر من وهدته وإن القمر إذا امتلأ أحمى الجو حميا شديدا فظهر زيادة الماء فسمي ذلك المد الشهري وقالت طائفة أخرى لو كان الجزر والمد بمنزلة النار إذا أسخنت الماء الذي في القدر وبسطته فيطلب أوسع منه فيفيض حتى إذا خلا قعره من الماء طلب الماء بعد خروجه منه عمق الأرض بطبعه فيرجع اضطرارا بمنزلة رجوع ما يغلي من الماء في المرجل والقمقم إذا فاض لكان بالشمس أشد سخونة ولو كانت الشمس علة مده لكان بدؤه مع بدء طلوع الشمس والجزر عند غيبوبتها وزعم هؤلاء أن علة المد والجزر الأبخرة التي تتولد في بطن الأرض فإنها لا تزال تتولد وتكثف وتكثر فتدفع حينئذ ماء هذا البحر لكثافتها فلا تزال على ذلك حتى تنقص موادها من أسفل فإذا انقطعت موادها من أسفل تراجع الماء حينئذ إلى قعور البحر وكان الجزر من أجل ذلك والمد ليلا ونهارا وشتاء وصيفا وفي غيبوبة القمر وطلوعه وفي غيبوبة الشمس وطلوعها قالوا وهذا يدرك بحس البصر (٥) لأنه ليس يستكمل الجزر آخره حتى يبدو أول المد ولا يفنى (٦) آخر المد حتى يبدو أول الجزر لأنه لا يفتر تولد تلك البخارات حتى إذا خرجت تولد مكانها غيرها وذلك أن البحر إذا غارت مياهه ورجعت إلى قعره تولدت تلك الأبخرة لمكان ما يتصل منها من الأرض بمائه فكلما عاد تولدت وكلما فاض تنفست (٧)
__________________
(١) في المصدر تضمها.
(٢) الأرض ( خ ).
(٣) في المصدر : وإذا زاد ارتفع فدفع.
(٤) في المصدر : فطفا على سطحه.
(٥) في المصدر : بالحس.
(٦) في المصدر : لا ينقضى.
(٧) تنقصت ( خ ).