الحكماء إن أعظم الأمور حاجة إليه هو الهواء فإنه لو انقطع وصوله إلى القلب لحظة مات الإنسان في الحال فلا جرم جعله الله أسهل الأشياء وجدانا وهيأ أسباب التنفس وآلاته حتى أن الإنسان يتنفس دائما بمقتضى طبعه من غير حاجة فيه إلى تكلف عمل وبعد الهواء الماء إلا أنه لما كانت الحاجة إلى الماء أقل من الحاجة إلى الهواء جعل تحصيل الماء أشق قليلا من تحصيل الهواء وبعد الماء الطعام ولما كانت الحاجة إلى الطعام أقل من الحاجة إلى الماء جعل تحصيل الطعام أشق من تحصيل الماء ثم تتفاوت الأطعمة في درجات الحاجة والعزة فكل ما كانت الحاجة إليه أكثر كان وجدانه أسهل وكل ما كان وجدانه أعسر كانت الحاجة إليه أقل والجواهر لما كانت الحاجة إليها قليلة جدا لا جرم كانت عزيزة جدا فعلمنا أن كل شيء كانت الحاجة إليه أكثر كان وجدانه أسهل ولما كانت الحاجة إلى رحمة الله أشد من الحاجة إلى كل شيء فنرجو من رحمة الله أن يجعلها أسهل الأشياء وجدانا (١)
١ ـ العلل ، عن محمد بن علي ماجيلويه عن عمه محمد بن أبي القاسم عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي عن علي بن محمد القاساني عن إبراهيم بن محمد الثقفي عن علي بن المعلى عن إبراهيم بن الخطاب بن الفراء رفعه إلى أبي عبد الله عليهالسلام قال : شكت أسافل الحيطان إلى الله عز وجل من ثقل أعاليها فأوحى الله عز وجل إليها يحمل بعضك بعضا (٢).
الكافي ، عن العدة عن البرقي عن إبراهيم الثقفي مثله (٣) ـ
المحاسن ، عن القاساني مثله إلا أن فيه يحمل بعضها بعضا (٤).
بيان لعل الشكاية بلسان الافتقار والاضطرار والوحي بالخطاب التكويني كما قيل في قوله تعالى « وَآتاكُمْ مِنْ كُلِّ ما سَأَلْتُمُوهُ » أي بلسان استعداداتكم وقابلياتكم
__________________
(١) مفاتيح الغيب : ج ٢٩ ، ص ٢٤٢.
(٢) العلل : ج ٢ ، ص ١٥٠.
(٣) الكافي : ج ٦ ، ص ٥٣٢.
(٤) المحاسن : ٦٢٣.