لم يعملها كتب الله له حسنة بحسن نيته وإن هو عملها كتب الله له عشرا ويهم بالسيئة أن يعملها فإن لم يعملها لم يكتب عليه شيء وإن هو عملها أجل سبع ساعات وقال صاحب الحسنات لصاحب السيئات وهو صاحب الشمال لا تعجل عسى أن يتبعها بحسنة تمحوها فإن الله عز وجل يقول « إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ » (١) أو الاستغفار فإن هو قال أستغفر الله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة العزيز الحكيم الغفور الرحيم ذا الجلال والإكرام وأتوب إليه لم يكتب عليه شيء
______________________________________________________
مبتدأ فله عائدان الأول ضمير فيه ، والثاني المستتر في لم يهلك ، وهذا المستتر منه لقوله : إلا هالك ، لأن مرجعه من ألفاظ العموم ، وليس إلا هالك استثناء مفرغا والمراد بمن كن فيه أن يكون مؤمنا مستحقا لهذه الخصال ، فإن هذه الخصال ليست في غير المؤمن كما عرفت ، وقيل : معنى كن فيه أن يكون معلوما له ، وما ذكرنا أظهر.
واعلم أن الهلاك في قوله : يهلك بمعنى الخسران واستحقاق العقاب وفي قوله : هالك بمعنى الضلال والشقاوة الجبلية ، وتعديته بكلمة على إما بتضمين معنى الورود ، أي لم يهلك حين وروده على الله ، أو معنى الاجتراء أي مجترئا على الله ، أو معنى العلو والرفعة كان من يعصيه تعالى يترفع عليه ويخاصمه ، ويحتمل أن يكون على بمعنى في ، نحوه في قوله تعالى : « عَلى حِينِ غَفْلَةٍ » (٢) أي في معرفته وأوامره ونواهيه ، أو بمعنى من بتضمين معنى الخبيثة كما في قوله تعالى : « إِذَا اكْتالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ » (٣) أو بمعنى عن بتضمين معنى المجاوزة ، أو بمعنى مع أي حالكونه معه ومع ما هو عليه من اللطف والعناية كما قيل في قوله سبحانه : « وَلَقَدِ اخْتَرْناهُمْ عَلى عِلْمٍ » (٤) وجملة بهم إلى آخره استيناف بياني.
__________________
(١) سورة هود : ١١٥.
(٢) سورة القصص : ١٥.
(٣) سورة المطفّفين : ٢.
(٤) سورة الدخان : ٣٢.