يقولون إن قتلتنا مؤمنون فدماؤنا متلطخة بثيابهم إلى يوم القيامة إن الله حكى عن قوم في كتابه : « أَلاَّ نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّى يَأْتِيَنا بِقُرْبانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ قُلْ قَدْ جاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي بِالْبَيِّناتِ وَبِالَّذِي قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ » قال كان بين القاتلين والقائلين خمسمائة عام فألزمهم الله القتل برضاهم ما فعلوا.
______________________________________________________
عن الدرجة الأولى إلى الدرجة الرابعة ، فعلى هذا المرجئة والشيعة فرقتان متقابلتان ، والمرجئة أربعة أصناف : مرجئة الخوارج ومرجئة القدرية ، ومرجئة الجبرية ، والمرجئة الخالصة ، انتهى.
وقد مر بعض القول فيهم سابقا. والمراد هنا ما ذكرنا أولا فإنهم يحكمون بإيمان من آمن بالله ورسوله وإن قتلوا الأئمة وخيار المؤمنين ، فهم راضون بذلك ولا يبالون به ، ويحكمون بأن الله لا يعذب هؤلاء بفعلهم ، ولذا سموا مرجئة لإرجاء تعذيبهم على المعاصي ، ويمكن أن يكون المراد هنا مطلق المخالفين ، فإنهم على أصولهم الفاسدة يصوبون قتل من خرج على خلفاء الجور ، ولو كانوا من أئمة الدين وذرية سيد المرسلين ، فهم راضون بذلك ، وذكر الآية استشهاد بأن الراضي بالقتل والمصوب له حكمه حكم القاتل في الشقاوة والعقوبة.
ثم اعلم أن ذكر الآية نقل بالمعنى ، والآية في آل عمران هكذا : « الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللهَ عَهِدَ إِلَيْنا أَلاَّ نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ » (١) وقال البيضاوي : هم كعب بن الأشرف ومالك وحيي وفنحاص ووهب بن يهودا ، قالوا : إن الله أمرنا في التوراة وأوصانا بأن لا نؤمن لرسول حتى يأتينا بهذه المعجزة الخاصة التي كانت لأنبياء بني إسرائيل ، وهو أن يقرب بقربان فيقوم النبي فيدعو فتنزل نار سماوية فتأكله ، وهذا من مفترياتهم وأباطيلهم ، لأن أكل النار القربان لم يوجب الإيمان إلا لكونه معجزة وسائر المعجزات شرع في ذلك « قل قد جاءكم » تكذيب وإلزام بأن رسلا جاءوهم بمثله قبله كزكريا ويحيى بمعجزات أخر موجبة للتصديق ، وبما اقترحوه
__________________
(١) سورة آل عمران : ١٨٣.