______________________________________________________
من ماله أن يعطيه بيديه ، وتنبيها على منح الدنيا والآخرة وعلى ما يعطى للاستدراج وما يعطى للإكرام.
وقال الطبرسي (ره) : اليد تذكر في اللغة على خمسة أوجه : الجارحة والنعمة ، والقوة والملك ، وتحقيق إضافة الفعل ، ثم قال : ولما كان الجواد ينفق باليد والجواد بمسك اليد عن الإنفاق ، أضافوا الجود والبخل إلى اليد ، فقالوا للجواد : مبسوط اليد ، وللبخيل مقبوض الكف ، وأنكر الزجاج كون اليد هنا بمعنى النعمة لأنه يكون معناه نعمتاه مبسوطتان ، ونعم الله أكثر من أن تحصى ، وأجيب بأن المراد مطلق التكرار نحو لبيك وسعديك ، ثم قال : ولك أن تحمل المثنى على أنه تثنية جنس ، ويكون أحد جنسي النعمة نعمة الدنيا ، والآخرة نعمة الآخرة والنعم الظاهرة والباطنة كما قال سبحانه : « وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظاهِرَةً وَباطِنَةً » (١) وقيل : المراد باليد القوة أي قوتاه بالثواب والعقاب مبسوطتان ، انتهى.
وأقول : يحتمل أن يكون اليدان كناية عن النعمة والبلاء ، فإن منحه تعالى منح لعباده كما قيل في الدعاء : والخير في يديك ، وقيل : كناية عن قبول توبة المذنبين ، وإنما كني بذلك لأن العرب إذا رضي أحدهم الشيء بسط يده لأخذه ، وإذا كرهه قبضها.
« ووسعت كل شيء رحمته » من المؤمن والكافر ، والمكلف وغيره في الدنيا ، وأما في الآخرة فهو للمؤمن خاصة كما قال جل شأنه : « وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُها لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ » (٢).
« وظهر أمره » أي وجوده وعلمه وقدرته وحكمته بما أظهر في الآفاق والأنفس ، أو دينه وشرائعه في العباد ليقروا له بالعبودية ، أو أمره التكويني الدال على كمال
__________________
(١) سورة لقمان : ٢٠.
(٢) سورة الأعراف : ١٥٦.