عباد قال بكر وأظنني قد سمعته من إسماعيل ، عن عبد الله بن بكير ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال إنا لنحب من كان عاقلا فهما فقيها حليما مداريا صبورا صدوقا وفيا إن الله عز وجل خص الأنبياء بمكارم الأخلاق فمن كانت فيه فليحمد الله على ذلك ومن لم تكن فيه فليتضرع إلى الله عز وجل وليسأله إياها
______________________________________________________
وقد مر تفسير العقل في أول الكتاب والأظهر هنا أنه ملكة للنفس يدعو إلى اختيار الخير والنافع واجتناب الشرور والمضار ، وبها تقوى النفس على زجر الدواعي الشهوية والغضبية والوساوس الشيطانية.
والفهم هو جودة تهيؤ الذهن لقبول ما يرد عليه من الحق وينتقل من المبادئ إلى المطالب بسرعة ، والفقه العلم بالأحكام من الحلال والحرام وبالأخلاق وآفات النفوس وموانع القرب من الحق ، وقيل : بصيرة قلبية في أمر الدين تابعة للعلم والعمل ، مستلزم للخوف والخشية ، وقال الراغب : الفقه هو التوصل إلى علم غائب بعلم شاهد ، فهو أخص من العلم ، قال تعالى : « فَما لِهؤُلاءِ الْقَوْمِ لا يَكادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثاً » (١) « بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ » (٢) إلى غير ذلك من الآيات.
والفقه العلم بأحكام الشريعة يقال : فقه الرجل إذا صار فقيها وتفقه إذا طلبه ، فتخصص به ، قال تعالى : « لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ » (٣) والمداراة الملاطفة والملاينة مع الناس وترك مجادلتهم ومناقشتهم وقد يهمز قال في القاموس : درأه كجعله دفعه ودرأته ودرايته دافعته ولا ينته ضد ، وفي النهاية فيه : كان لا يداري ولا يماري ، أي لا يشاغب ولا يخالف ، وهو مهموز فأما المداراة في حسن الخلق والصحبة فغير مهموز وقد يهمز ، انتهى.
والوفي الكثير الوفاء بعهود الله وعهود الخلق ، وهو قريب من الصدق ملازم له كما قال أمير المؤمنين عليهالسلام : الوفاء توأم الصدق ويومئ الحديث إلى التحريص
__________________
(١) سورة النساء : ٧٨.
(٢) سورة الأنفال : ٦٥.
(٣) سورة التوبة : ١٢٢.