.................................................................................................
______________________________________________________
ابن عمر قلنا : يا رسول الله إن الإيمان يزيد وينقص؟ قال : نعم يزيد حتى يدخل صاحبه الجنة وينقص حتى يدخل صاحبه النار.
وأجيب بوجوه : الأول : أن المراد الزيادة بحسب الدوام والثبات وكثرة الأزمان والساعات وهذا ما قال إمام الحرمين : النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم يفضل من عداه باستمرار تصديقه وعصمة الله إياه من مخامرة الشكوك ، والتصديق عرض لا يبقى ، فيقع للنبي متواليا ولغيره على الفترات ، فثبت للنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أعداد من الإيمان لا يثبت لغيره إلا بعضها ، فيكون إيمانه أكثر ، والزيادة بهذا المعنى مما لا نزاع فيه.
وما يقال : من أن حصول المثل بعد انعدام الشيء لا يكون زيادة ، مدفوع بأن المراد زيادة إعداد حصلت وعدم البقاء لا ينافي ذلك.
الثاني : أن المراد الزيادة بحسب زيادة المؤمن به ، والصحابة كانوا آمنوا في الجملة وكان يأتي فرض بعد فرض ، وكانوا يؤمنون بكل فرض خاص ، وحاصله أن الإيمان واجب إجمالا فيما علم إجمالا وتفصيلا فيما علم تفصيلا ، والناس متفاوتون في ملاحظة التفاصيل كثرة وقلة ، فيتفاوت إيمانهم زيادة ونقصانا ولا يختص ذلك بعصر النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم على ما يتوهم.
الثالث : أن المراد زيادة ثمرته وإشراق نوره في القلب فإنه يزيد بالطاعات وينقص بالمعاصي ، وهذا مما لا خفاء فيه ، وهذه الوجوه جيدة في التأويل لو ثبت لهم أن التصديق في نفسه لا يقبل التفاوت والكلام فيه ، انتهى.
والحق أن الإيمان يقبل الزيادة والنقصان ، سواء كانت الأعمال أجزاءه أو شرائطه أو آثاره الدالة عليه ، فإن التصديق القلبي بأي معنى فسر لا ريب أنه يزيد ، وكلما ازدادت آثاره على الأعضاء والجوارح فهي كثرة وقلة تدل على مراتب الإيمان زيادة ونقصانا ، وكل منهما يتفرع على الآخر ، فإن كل مرتبة من مراتب الإيمان يصير سببا لقدر من الأعمال يناسبها ، فإذا أتى بها قوي الإيمان