ما فرض الله على القلب من الإقرار والمعرفة وهو عمله وهو قول الله عز وجل : « إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ وَلكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً » (١) وقال « أَلا بِذِكْرِ اللهِ
______________________________________________________
إذ لا يجب خلق الإذعان كما يفهم من باب الشك وغير ذلك من الأبواب « وثانيها » الإذعان القلبي وهو المراد من قولهم أقروا بالشهادتين ولم يدخل معرفة أن محمدا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في قلوبهم « وثالثها » عقد القضية الإجمالية مثل نعم وبلى ، وهذا العقد ليس من باب التصور ولا من باب التصديق « ورابعها » العلم الشامل للتصور والتصديق ، وهو المراد من قولهم العلم والجهل من صنع الله في القلوب ، انتهى.
وفيه ما فيه
والآية الأولى من سورة النحل « مَنْ كَفَرَ بِاللهِ مِنْ بَعْدِ إِيمانِهِ » قيل : بدل من الذين لا يؤمنون ، وما بينهما اعتراض ، أو من أولئك أو من الكاذبون ، أو مبتدأ خبره محذوف دل عليه قوله : فعليهم غضب ، ويجوز أن ينتصب بالذم وأن تكون من شرطية محذوفة الجواب « إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ » على الافتراء أو كلمة الكفر استثناء متصل لأن الكفر لغة يعم القول والعقد كالإيمان ، كذا ذكره البيضاوي ، والظاهر أنه منقطع « وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ » لم يتغير عقيدته « وَلكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً » أي اعتقده وطاب به نفسا « فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللهِ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ » وقد ورد في أخبار كثيرة من طرق الخاصة والعامة أنها نزلت في عمار بن ياسر حيث أكرهه وأبويه ياسرا وسمية كفار مكة على الارتداد فأبى أبواه فقتلوهما وهما أول قتيلين في الإسلام وأعطاهم عمار بلسانه ما أرادوا مكرها فقيل : يا رسول الله إن عمارا كفر ، فقال : كلا إن عمارا مليء إيمانا من قرنه إلى قدمه ، واختلط الإيمان بلحمه ودمه فأتى عمار رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وهو يبكي فجعل النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم يمسح عينيه وقال : ما لك إن عادوا لك فعد لهم بما قلت.
وعن الصادق عليهالسلام فأنزل الله فيه : « إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ » الآية فقال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم
__________________
(١) سورة النحل : ١٠٦.