٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن جميل بن دراج قال سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن قول الله عز وجل : « قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ
______________________________________________________
الحديث الثالث : صحيح.
« قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا » قال البيضاوي : نزلت في نفر من بني أسد ، قدموا المدينة في سنة جدبة وأظهروا آله الشهادتين ، وكانوا يقولون لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : أتيناك بالأثقال والعيال ولم نقاتلك كما قاتلك بنو فلان ، يريدون الصدقة ويمنون « قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا » إذ الإيمان تصديق مع ثقة وطمأنينة قلب ولم يحصل لكم وإلا لما مننتم على الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم بالإسلام وترك المقاتلة كما دل عليه آخر السورة « وَلكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا » فإن الإسلام انقياد ودخول في السلم وإظهار الشهادتين وترك المحاربة يشعر به « وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمانُ فِي قُلُوبِكُمْ » توقيت لقولوا ، فإنه حال عن ضميره أي ولكن قولوا أسلمنا ولم تواطىء قلوبكم ألسنتكم بعد.
وقال الطبرسي قدسسره : « قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا » أي صدقنا بما جئت به « قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا » أي لم تصدقوا على الحقيقة في الباطن « وَلكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا » أي أنقذنا واستسلمنا مخافة السبي والقتل ، ثم بين سبحانه أن الإيمان محله القلب دون اللسان فقال : « وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمانُ فِي قُلُوبِكُمْ » قال الزجاج : الإسلام إظهار الخضوع والقبول لما أتى به الرسول وبذلك يحقن الدم ، فإن كان مع ذلك الإظهار اعتقاد وتصديق بالقلب فذلك الإيمان وصاحبه المسلم المؤمن حقا ، فأما من أظهر قبول الشريعة واستسلم لدفع المكروه فهو في الظاهر مسلم وباطنه غير مصدق وقد أخرج هؤلاء من الإيمان بقوله : « وَلَمَّا يَدْخُلِ » إلى آخره ، أي لم تصدقوا بعد ما أسلمتم تعوذا من القتل فالمؤمن مبطن من التصديق مثل ما يظهر ، والمسلم التام الإسلام مظهر للطاعة ، وهو مع ذلك مؤمن بها ، والذي أظهر الإسلام تعوذا من القتل غير مؤمن بالحقيقة إلا أن حكمه في الظاهر حكم المسلمين ، انتهى.
وبالجملة هذه الآية مما استدل به القائلون بعدم ترادف الإسلام والإيمان ،