يزيد الشعراني من ولد عمار بن ياسر رضياللهعنه يقول : حكى أبوالقاسم محمد بن القاسم البصري أن أبا الحسن (١) حمارويه بن أحمد بن طولون كان قد فتح عليه من كنوز مصر مالم يرزق أحد قبله فاغري بالهرمين فأشار عليه ثقاته وحاشيته و بطانته أن لايتعرض لهدم الاهرام فانه ما تعرض أحد لها فطال عمره فلج في ذلك وأمر ألفا من الفعلة أن يطلبوا الباب وكانوا يعملون سنة حواليه حتى ضجروا وكلوا.
فلما هموا بالانصراف بعد الاياس منه ، وترك العمل ، وجدوا سربا فقدروا أنه الباب الذي يطلبونه ، فلما بلغوا آخره وجدوا بلاطة قائمة من مر مر فقد روا أنها الباب فاحتالوا فيها إلى أن قلعوها وأخرجوها ، فاذا عليها كتابة يونانية فجمعوا حكماء مصر وعلماءها فلم يهتدوا لها وكان في القوم رجل يعرف بأبي عبدالله المديني أحد حفاظ الدنيا وعلمائها فقال لابي الحسن حمارويه بن أحمد : أعرف في بلد الحبشة اسقفا قد عمر وأتى عليه ثلاث مائة وستون سنة يعرف هذا الخط وقد كان عزم على أن يعلمنيه فلحرصي على علم العرب لم اقم عليه وهو باق.
فكتب أبوالحسن إلى ملك الحبشة يسأله أن يحمل هذا الاسقف إليه فأجابه أن هذا قد طعن في السن وحطمه الزمان وإنما يحفظه هذا الهواء ويخاف عليه إن نقل إلى هواء آخر وإقليم آخر ولحقته حركة وتعب ومشقة السفر أن يتلف وفي بقائه لنا شرف وفرج وسكينة ، فان كان لكم شئ يقرأه ويفسره ومسألة تسألونه فاكتب بذلك فحملت البلاطة في قارب إلى بلد اسوان من الصعيد الاعلى وحملت من اسوان على العجلة إلى بلاد الحبشة وهي قريبة من اسوان فلما وصلت قرأها الاسقف وفسر مافيها بالحبشية ثم نقلت إلى العربية فاذا فيها مكتوب : أنا الريان بن دومغ فسئل أبوعبدالله عن الريان من كان هو قال : هو والد العزيز ملك يوسف عليهالسلام واسمه الريان بن دومغ وقد كان عمر العزيز سبعمائة سنة وعمر الريان والده ألفا وسبعمائة وعمر دومغ ثلاثة آلف سنة.
____________________
(١) في المصدر المطبوع : « أبا الجيش حمارويه » راجع ج ٢ ص ٢٤٧ وهكذا في سائر المواضع.