تقريرات آية الله المجدّد الشيرازي - المقدمة

تقريرات آية الله المجدّد الشيرازي - المقدمة

المؤلف:


الموضوع : أصول الفقه
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٣٨
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة

السيد جمال الدين الأفغاني (١) مع أحد قادة الانتفاضة في إيران (٢) ، أثناء وجودهما في العراق (٣) .

ثم تضيف : فخلال تلك الأحداث ، كان الأفغاني الذي أبعد حديثاً من إيران ، قد وصل البصرة ، ومن هناك كتب بالتعاون مع المجتهد السيد علي أكبر الشيرازي ـ أحد زعماء الانتفاضة ـ الذي كان قد تسلل الى البصرة من إيران رسالة موجهة الى الإِمام السيد حسن الشيرازي في سامراء (٤) ، يذكران له فيها مظالم الشاه الكثيرة للشعب الايراني ، لكن ما أن شاع أمر هذه الرسالة ـ بسبب مضمونها التحريضي ـ بين الناس في العراق حتى سارعوا الى استنساخها وتداولها وتوزيعها على كثير من المدن العراقية ، ولا سيما العتبات المقدسة ، وقد كان لها تأثير كبير بشكل خاص في مدينة النجف (٥) .

ويرىٰ الأمير شكيب ارسلان (٦) : انّ النداء الّذي أرسله الأفغاني الى الإِمام الشيرازي من أعظم أسباب الفتوىٰ التي أفتاها الإِمام ببطلان امتياز الاتفاقية

___________________________

(١) جمال الدين بن السيد صفدر الحسيني الهمذاني الأسدآبادي ، الشهير بالسيد جمال الدين الأفغاني ، ولد ١٢٥٤ هـ في أسد آباد من توابع همدان وتوفي عام ١٣١٤ هـ أو ١٥ في استانبول ودفن في مقبرة المشايخ ، والتي تختص بقبور الأولياء والعلماء على مقربة من جامع التشويقية .

ترجمه بالتفصيل السيد محسن الأمين العاملي في أعيان الشيعة : ٤ / ٢٠٦ ـ ٢١٦ .

(٢) الظاهر أنه السيد علي أكبر فال أسيري شيرازي ، أحد العلماء المجاهدين في شيراز ، والذي كان له دور رئيسي في اثارة الرأي العام الايراني ضد الشاه حينذاك ، وقد اختطفه عمال الشاه ، وأبعد الى بوشهر ثم الى البصرة ، والتقى هناك بالسيد جمال الدين الأفغاني . راجع لزيادة الاطلاع في هذا الموضوع : الطهراني ـ ميرزا شيرازي : ٢٤٢ ـ ٢٧٣ .

(٣) الرهيمي ـ المصدر السابق : ١٣٠ .

(٤) ذكر نص الرسالة المرحوم السيد محسن الأمين في أعيان الشيعة : ٤ / ٢١٣ ـ ٢١٥ .

(٥) الرهيمي ـ المصدر المتقدم : ١٣٠ عن د . الوردي ـ المصدر السابق : ٣ ـ ٢٩٩ .

(٦) المرحوم الأمير شكيب أرسلان من الشخصيات اللبنانية الأدبية المعروفة ، وقد علق على كتاب ( حاضر العالم الاسلامي ) ـ تأليف لوتروت ستودارد الأمريكي ـ تعريب : الأستاذ عجاج نويهض .

٤١

الانكليزية ـ الايرانية بشأن احتكار التبغ الايراني .

ويقول المرحوم السيد محسن الأمين في تعليقه على قول ارسلان :

ولكن الحقيقة أنّ الميرزا الشيرازي افتىٰ بتحريم تدخين التنباك حينما بلغه إعطاء الامتياز الى الدولة البريطانية قبل أن يرسل له السيد جمال الدين هذا الكتاب ، ولم يكن افتاؤه بتأثير كتاب جمال الدين ، ولو لم يكن له مؤثر ديني من نفسه عظيم لم يؤثر فيه كتاب جمال الدين ولكن الناس اعتادوا إذا مالوا الى شخص أن يسندوا كل وقائع العالم له (١) .

*        *       *

___________________________

(١) السيد الأمين ـ المصدر المتقدم : ٤ / ٢١٥ .

كما أكد السيد الأمين مرة أخرى هذا المعنى في ترجمة السيد الشيرازي نفسه المثبتة في ( أعيان الشيعة : ٥ / ٣٠٦ ) بقوله :

لما نفي الشاه ناصر الدين القاجاري السيد جمال الدين الأسدآبادي الحسيني من ايران ووصل بغداد أرسل الى المترجم ( السيد الشيرازي ) وهو في سامراء كتاباً يذم فيه الشاه ، ويبالغ في سبه وشتمه ، ويستنجد بالمترجم عليه ، وقد ذكرنا الكتاب في ترجمة السيد جمال الدين في حرف الجيم من هذا الكتاب ، وكنا يومئذ في النجف ، ولم نسمع أن المترجم فاه في ذلك بكلمة ، لأنه كما قال القائل :

سارت مشرقة وسرت مغربا

شتان بين مشرق ومغرب

٤٢

الفصل السادس حياته العلمية

حين وصل الإِمام الشيرازي بعد وفاة اُستاذه شيخ الطائفة المحقق الأنصاري الى مركز المرجعية والرئاسة العامة ، لم تشغله عن ممارسة عمله العلمي ، ومركزه كفقيه ، ومجتهد ، ومقلد ، وكان يحرص ـ رضوان الله عليه ـ أن لا تشغله الرئاسة العامة عن ممارسة واجبه العلمي ، وإعطاء الوقت الكافي لهذا الجانب . وفعلاً تمكن من ذلك ، واستطاع أن يجمع بين العمل الرئاسي الاجتماعي والسياسي ، وبين واقعه كعالم يعيش بين تلاميذه وكتبه ومحاضراته .

وحين نحاول أن نقدم للقراء صورة عن هذا الجانب ، فانّنا نحاول أن نحصرها في الجوانب التالية :

أولاً ـ مكانته العلمية من خلال أقوال العلماء فيه :

حين ندرس شخصاً ما لغرض تكوين فكرة عنه ، لا بد أن نقرأه من خلال معاصريه ، ونتاجه العلمي ، وتلامذته الّذين حملوا تراثه فكراً علمياً رائعاً .

والآن ونحن في صدد قراءة ما قيل عنه في صدد مكانته العلمية ليكون مدخلاً لنا في هذا الفصل .

قال المرحوم الإِمام السيد عبد الحسين شرف الدين : ثنيت لهذا الإِمام ( الهاشمي ) العظيم وسادة الزعامة والإِمامة واُلقيت اليه مقاليد الاُمور ، وناط أهل الحل والعقد ثقتهم بقدسي ذاته ومرسوخ علمه ، وباهر حلمه وحكمته ، وأجمعوا على تعظيمه وتقديمه ، وحصروا التقليد به ، فكان للاُمة أباً رحيماً تأنس بناحيته ، وتفضي اليه بدخائلها ، وكان للدين الاسلامي والمذهب الإِمامي قيّماً حكيماً (١) .

وقال المرحوم الحجة المحقق السيد حسن الصدر عنه :

___________________________

(١) مقدمة كتاب ( تكملة أمل الآمل ـ للسيد حسن الصدر ) : ٢٠ ـ ٢١ .

٤٣

أفضل المتقدمين والمتأخرين من الفقهاء والمحدثين ، والحكماء والمحققين من الاُصوليين ، وجميع المتفننين حتىٰ النحويين والصرفيين فضلاً عن المفسرين والمنطقيين (١) .

ويتحدث المرحوم الحجة المحقق الشيخ آغا بزرك الطهراني عن المجدد الشيرازي ، فيقول :

أعظم علماء عصره وأشهرهم ، وأعلى مراجع الإِمامية في سائر الأقطار الاسلامية بوقته (٢) .

من النصوص المتقدمة في حق سيدنا الامام الشيرازي نستنتج ـ الآتي :

أ ـ إن مكانة السيد الشيرازي العلمية بلغت درجة الاعتقاد من لدن علماء عصره ، وخاصة أقرانه ممن تتلمذ على الامام الراحل المحقق الأنصاري ، وأنّه هو الطليعة والمقدّم بين علماء عصره ، ولا يغرب عن بالنا شهادة اُستاذه المحقق الأنصاري في حقه حين قال لأحد خاصته أنه يدرس لثلاثة أشخاص ، أولهم السيد الشيرازي . وقبل هذا تشير المصادر أن المرحوم الشيخ محمد حسن صاحب الجواهر أشار الى اجتهاد الميرزا الامام الشيرازي ضمن كتاب أرسله الى حاكم مملكة فارس ، ونصه :

بسم الله والحمد لله تعالى شأنه ، ثم السلام على ولدنا وقرة أعيننا ، فخر الأقران ، وجوهرة الزمان ، وانسان عين الانسان جناب الأعظم حسين خان سلّمه الله تعالى وابقاه ، وزاد في عمره وعلاه .

أما بعد : فالمعلوم لدى جنابك أن ولدنا ، وقرة أعيننا الأمين المؤتمن جناب الميرزا محمد حسن سلّمه الله تعالى وأبقاه ، ممن يهمنا أمره ، ومن اولادنا وتلاميذنا الفضلاء الذين وهبهم الله سبحانه ملكة الاجتهاد ، مقرونة بالرشاد والسداد ، وممن اختاره علماً للعباد ، وأميناً في البلاد ، ومروّجاً لمذهب الشيعة ، وكفيلاً لأبنائهم ، فالمرجو

___________________________

(١) الطهراني ـ نقباء البشر : ١ / ٤٤٠ عن التكملة للمرحوم السيد الصدر ، قسم المخطوط .

(٢) الطهراني ـ المصدر المتقدم : ١ / ٤٣٦ .

٤٤

الاعتناء بأموره وملاحظة جميع متعلقاته ، فانه أهل لذلك ، بل فوق ما هنا لك ، مضافاً الى رجوع أموره الينا ، ونحن أوقفناه في هذه الأماكن ليكون لك من الداعين ، ولينتفع به كافة الطلبة والمشتغلين ، فاللازم كمال الاعتناء باُموره ، وادخال السرور عليه وعلينا ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، واننا لا ننساك من الدعاء عند مرقد سيد الأوصياء عليه السلام .

الراجي عفو ربه الغافر خادم الشريعة

محمد حسن بن المرحوم الشيخ باقر (١) .

هذه الرسالة لم نعثر على تاريخ صدورها ، ولكن إذا عرفنا أن السيد الشيرازي ورد النجف الأشرف عام ١٢٥٩ هـ للتحصيل المؤقت ، لعزمه على العودة الى بلاده في إيران ، ولكنه التحقق بدرس المرحوم الشيخ صاحب الجواهر وبقي معه فترة من الزمن يستفيد من مجلسه ، وينتهل من صافي علمه ، والظاهر أن السيد الشيرازي بلغ اُستاذه المعظّم برغبته في العودة الى بلاده لافادة الاُمة ، فكتب له هذا الكتاب ، وإذا عرفنا أن الشيخ صاحب الجواهر قد توفي عام ١٢٦٦ هـ فلا شك أن الكتاب صدر قبل وفاته بقليل ، والظاهر أن السيد الشيرازي عدل عن السفر بعد ذلك ، وانتقل الى درس المحقق الأنصاري ، ولازمه واختص به حتى وفاته ، ثم انتقلت المرجعية له من بعده . وكيفما كان فالمرحوم الشيخ صاحب الجواهر شهد له بالاجتهاد ، وكذلك المرحوم المحقق الأنصاري .

ب ـ إن كبار علماء النجف الأشرف ـ حينذاك ـ اجتمعوا واختاروا سيدنا المرحوم الامام السيد الشيرازي مرجعاً دينياً ، واماماً للجماعة ، واُستاذاً للدرس ، وقد مرت الاشارة اليه ، ومعنى ذلك أن الاُسس الثلاثة للزعامة الدينية العامة قد عهدت اليه .

ج ـ إنّ الكلمات القصار من العلماء الأعلام والمراجع العظام تحمل في طياتها

___________________________

(١) الطهراني ـ ميرزا شيرازي : ٣٤ ـ ٣٥ .

٤٥

أكثر من دلالة على عظم مكانة الامام الشيرازي في المجتمع الاسلامي الشيعي حين ( أصبح المرجع الوحيد للإِمامية في سائر القارات (١) ) الإِسلامية كما سيمر معنا .

ثانياً ـ رجوع المسلمين الشيعة له بالتقليد :

عند المسلمين الشيعة : من الضروري أن يرجع الانسان الذي يصل الى سن البلوغ لذوي الاختصاص واهل الخبرة ، والأعلم من المجتهدين في فقه الشريعة الاسلامية ، لأخذه أحكام دينه من الحلال والحرام والمكروه ، فهو واجب على كل مكلّف لا يتمكن من الاجتهاد ، أو الاحتياط .

وهذه الرتبة ـ الوصول الى درجة رجوع المقلدين له ـ لا يمكن بلوغها إلّا بالأعلمية ـ وفسرت الأعلمية هنا : أن يكون صاحبها أقوى ملكة من غيره في مجالات الاستنباط (٢) ، ولا شك أن الأخذ بفتوىٰ الأعلم يحصل فراغ الذمة من الأمر المكلّف به يقيناً بعد العلم بانشغال الذمة اليقيني بالتكاليف الالزامية (٣) .

وسيدنا المترجم نرىٰ أنه اختير ـ بعد وفاة اُستاذه المحقق الشيخ مرتضى الأنصاري ـ لمركز التقليد ، والتدريس والصلاة من قبل مبرزي تلامذة الشيخ الأنصاري الذين شهد لهم الشيخ بالمرتبة العلمية ـ كما مر علينا ـ ، ثم ثنيت له الوسادة بعد وفاة المرحوم السيد حسين الترك مرجع أذربيجان ، فرجعت له الطائفة الإِمامية في الأقطار الاسلامية ، يقول المرحوم الإِمام شرف الدين :

واختص ( السيد الشيرازي ) بإمام المحققين المتبحرين الشيخ مرتضى الأنصاري ، ففاق جميع أصحابه ، ولازمه ملازمة ظله حتى قضى الإِمام الأنصاري نحبه ، واضطرب الناس في تعيين المرجع العام بعده ، فكان هو المتعيّن في نظر الأعاظم الأساطين من تلامذة ذلك الإِمام أعلى الله مقامه (٤) .

___________________________

(١) الطهراني ـ نقباء البشر : ١ / ٤٣٨ .

(٢) السيد محمد تقي الحكيم ـ الاُصول العامة للفقه المقارن : ٦٥٩ .

(٣) السيد عز الدين بحر العلوم ـ التقليد في الشريعة الاسلامية : ٢٢١ .

(٤) مقدمة كتاب تكملة أمل الآمل ـ للسيد حسن الصدر : ١٩ .

٤٦

ويوضح المرحوم الحجة المحقق السيد محسن الأمين هذا الحدث الهام بقوله :

وانتهت اليه رئاسة الإِمامية الدينية العامة في عصره ، وطار صيته ، واشتهر ذكره ، ووصلت رسائله التقليدية وفتاواه الى جميع الأصقاع ، وقُلّد في جميع الأقطار والأمصار في بلاد العرب ، والفرس ، والترك ، والهند ، وغيرها ، وكان في عصره من أكابر العلماء المجتهدين المقلدين من العرب ، والفرس ، والترك أمثال : الشيخ محمد حسين ، والشيخ محمد طه نجف ، والسيد حسين الكوهكمري ، والشيخ حسن المامقاني ، والملّا محمد الشربياني ، والملّا محمد الايرواني ، والشيخ زين العابدين المازندراني الحائري ، والميرزا حسين بن الميرزا خليل الطهراني ، وغيرهم ، لكن جمهور الناس كان مقلّداً له (١) .

إن المرجعية العامة التي ينقاد المسلمون الشيعة لها في الأقطار الاسلامية فيها مغزىٰ كبير في العرف الاجتماعي الديني ، فالشيعة الإِمامية ترىٰ المرجع الأعلى ، هو القائد الّذي يمكنه تحديد سياسة الاُمة ، وتعيين مصلحتها الدينية ، وهو الذي يملأ منطقة الفراغ في الاُمور التي تحتاج الى موقف شرعي يضمن حقوق الاُمة وسلامة البلاد . ومن هنا فهو منصب ديني تمتد جذوره للإِمامة الحقة في العقيدة الاسلامية . وسوف نلحظ انعكاس مكانة الإِمام المجدد السيد الشيرازي ، حين أعلن موقفه من القضايا الوطنية السياسية الساخنة التي اجتاحت الاُمة الاسلامية خلال مرجعيته الرائدة .

ثالثا ـ آثاره العلمية ، ونتاجه الفكري :

الوجه الآخر للجانب العلمي من حياة سيدنا الإِمام الشيرازي هو انتاجه الفكري الذي يمثل طابعه الفقهي والاُصولي ، وهما النقطة المركزية التي يلزم الوقوف عندها ، ولغرض ابراز معالمها العلمية وقيمها الفنية .

ومن المعلوم أن انشغال الإِمام الشيرازي بالزعامة العامة والرئاسة

___________________________

(١) السيد الأمين ـ المصدر السابق : ٥ / ٣٠٤ ـ ٣٠٥ .

٤٧

الاجتماعية ، شغلته عن كتابة المؤلفات الفقهية أو الاُصولية بما يتناسب ومكانته العلمية ، رغم اشتهاره بالمركز العلمي ، الذي رشحته ـ الأكثرية المطلقة من أعلام الحوزة العلمية في النجف بعد وفاة شيخه الأنصاري ـ بأن يعلو منصة المرجعية العامة ، الذي يشترط فيها ( الأعلمية ) لغرض توفر القدرة الفائقة على استنباط الأحكام الشرعية من أدلتها التفصيلية .

وكما تحدثنا الروايات بأن درس الامام الشيرازي كان يحضره فحول العلماء وكبار المحصلين ، بحيث أصبحت حوزته العلمية تضاهي حوزة اُستاذه المحقق الامام الشيخ مرتضى الأنصاري ، وحتى بلغ الحال بأن يقول هو لأحد خاصته من العلماء أن حوزة درسنا أحسن من حوزة درس شيخنا الأنصاري (١) ، وهذا القول ـ إذا صحّ منه ـ لا يمكن أن يطلقه مثل السيد الشيرازي ما لم يكن واثقاً من أن الذين يحضرون درسه من الطبقة الفاضلة ، والمشار اليها في الميدان العلمي بالبنان .

والحقيقة حين نرجع الى قائمة أسماء تلاميذه الذين يصلون الى قرابة الأربعمائة ونرى فيهم ـ حسبما تترجم المصادر ـ من عليّة الفضلاء ، وبعضهم من المراجع المشهورين المعروفين بالحوزة العلمية وممن تسنموا مركز الزعامة والمرجعية من بعده ، وكان من المنتظر أن تكون ـ على الأقل ـ أفكاره العلمية مضمنة تقريرات وبحوث هذا العدد الغفير من طلابه ، ولكن ويا للأسف لم نحصل إلّا على القليل منها ـ كما سنذكرها ـ مع أن المصادر تشير الى أن حلقة درس المجدد الشيرازي كان يحضرها المحصّلون الكبار من العلماء « ولذلك كثر المقررون لدرسه على الطلاب الآخرين المتوسطين وغيرهم » (٢) .

وكيفما كان فإن ما وصلنا من ذكر مؤلفاته وتقريراته التي كتبها طلابه هي الآتي :

___________________________

(١) السيد الأمين ـ المصدر السابق : ٥ / ٣٠٨ .

(٢) السيد الأمين ـ المصدر المتقدم : ٥ / ٣٠٨ .

٤٨

أ ـ مؤلفاته :

المصدر الرئيسي لهذه المؤلفات هو المرحوم السيد محسن الأمين (١) ، وهي :

١ ـ كتاب في الطهارة الى الوضوء ـ فقه ـ

٢ ـ رسالة في الرضاع ـ فقه ـ

٣ ـ كتاب من أول المكاسب الى آخر المعاملات ـ فقه ـ

٤ ـ رسالة في اجتماع الأمر والنهي ـ اُصول ـ

٥ ـ تلخيص افادات اُستاذه الأنصاري في الاُصول من أوله الى آخره .

٦ ـ رسالة في المشتق ـ مطبوعة ـ وسمّاها المرحوم الطهراني بإسم « التقريرات » في مسألة المشتق لبعض تلاميذ المجدد الشيرازي ، طبعت ضمن مجموعة صغيرة في إيران عام ١٣٠٥ هـ (٢) .

٧ ـ حاشية على نجاة العباد ، وعلى حاشية الشيخ مرتضى لعمل المقلدين ، مطبوعة معها (٣) .

٨ ـ تعليقته على معاملات الآقا البهبهاني لعمل المقلدين مطبوعة بالفارسية .

هذه هي المؤلفات التي انفرد بها السيد الأمين بذكرها ونسبها الى سيدنا المترجم ، في حين لم أر المحقق الطهراني يشير في كتابه الجليل « الذريعة الى تصانيف الشيعة » الى أي من هذه الكتب عدا السادس . في حين ورد ذكرها في كتابه « ميرزا شيرازي » بعنوان « ملحقات » وليس من اصل الكتاب ، والظاهر ان الجهة التي ترجمت الكتاب من الأصل العربي أضافت القسم الأول من الملحقات ، وهو ما يخص تأليفات الإِمام الشيرازي ، وقد اُشير الى أنه مقتبس عن ما كتبه المرحوم الحجة السيد محسن الأمين في ( أعيان الشيعة : ٥ / ٣٠٨ ) ـ وقد مرت الاشارة الى ذلك أكثر من مرة ـ .

___________________________

(١) السيد الأمين ، المصدر المتقدّم ٥ / ٣٠٨ .

(٢) الذريعة الى تصانيف الشيعة : ٤ / ٣٧٢ .

(٣) الطهراني ـ الذريعة الى تصانيف الشيعة : ٦ / ٢٢٧ .

٤٩

ب ـ تقريراته :

وتحت عنوان « ما جمع من فتاوى ( السيد الشيرازي ) وتقريرات أبحاثه » كتب المرحوم السيد محسن الأمين ما يلي :

« اصطلح العلماء في عصرنا ، وما قاربه على أن يقرر بعض التلاميذ المتميزين ما يلقيه الشيخ في درسه الخارجي على بقية التلاميذ بعد فراغ الشيخ من الدرس ليقر ذلك في أذهانهم ، وليفهم بعضهم ما فاته فهمه أثناء الدرس .

وكان الملّا محمد الشربياني ( من تلاميذ الامام الشيرازي في النجف ) يقرر درس اُستاذه السيد حسين الترك ، حتى عرف بالملّا محمد المقرر .

وجملة منهم يكتب ما قرره الشيخ في الدروس ، ويدونه كتاباً كما فعل الميرزا أبو القاسم الطهراني فدوّن ما كان يلقيه شيخه الشيخ مرتضى الأنصاري في كتاب طبع وعرف بالتقريرات .

ودوّن غيره كثيرون ما كان يلقيه مشايخهم ، وكذلك جملة من تلاميذ المترجم فعلوا مثل هذا ، وأول من فعل ذلك قبل عصرنا ( السيد محمد جواد العاملي ) صاحب مفتاح الكرامة ، فدوّن درس اُستاذه ( السيد محمد مهدي بحر العلوم الطباطبائي المتوفى عام ١٢١٢ هـ ) في الحديث حينما كان يدرس في كتاب الوافي » .

ثم أضاف المرحوم السيد الأمين :

« وهذا تعداد ما دوّن من فتاوى المترجم وأبحاثه :

١ ـ مائة مسألة من فتاواه الفارسية ، جمعها الشيخ فضل الله النوري ، مطبوعة .

٢ ـ مجموعة من فتاواه بالعربية ، عندي نسخة منها .

٣ ـ بحثه في الاُصول من أوله الى آخره دوّنه الشيخ علي الروزدري ، وسمّاه

٥٠

الطهراني (١) ، ( آخوند مولى علي دزدري ) . ووصفه من أعاظم تلاميذ الميرزا .

٤ ـ بحثه في الاُصول ، دوّنه السيد محمد الأصفهاني بنمط متوسط . وقال عنه المرحوم الطهراني : انه توفي ١٣١٦ هـ في النجف وكانت حلقة درسه في حدود ٥٠٠ شخص من أفاضل الحوزة العلمية (٢) .

٥ ـ بحثه في الاُصول والفقه دوّنه السيد ابراهيم الدامغاني في مجلدين . وقال المرحوم الطهراني عنه : التقريرات للسيد ابراهيم الدامغاني الخراساني ، المتوفى بالنجف ١٢٩١ هـ في مجلدين : أحدهما في الفقه ، والمهم من مباحث العبادات والمعاملات . والآخر في كثير من مباحث الاُصول . كلاهما من تقرير بحث أستاذه آية الله السيد ميرزا محمد حسن الشيرازي .

وكان من قدماء تلاميذه في النجف ، وفي سنة وفاته هاجر آية الله الشيرازي الى سامراء .

رأيت مجلده الفقهي في خزانة كتب سيدنا أبي محمد الحسن صدر الدين والمجلد الآخر المختص بـ « اُصول الفقه » إنتقل بالبيع الى السيد محسن السيد حسين السيد رضا السيد مهدي بحر العلوم الطباطبائي (٣) .

٦ ـ بحث في الاُصول دوّنه الشيخ حسن بن محمد مهدي الشاه عبد العظيمي وسماه ذخائر الاُصول .

قال المرحوم الطهراني :

ذخائر الاُصول : للشيخ حسن بن محمد مهدي الشاه عبد العظيمي النجفي ، المتوفى بها حدود ١٢٩٠ هـ كتبه من تقرير بحث اُستاذه الأنصاري في ١٢٦٢ هـ من مباحث الألفاظ والأدلة العقلية .

___________________________

(١) ميرزا شيرازي : ١٦٥ وفي الذريعة : ٤ / ٣٧٩ سماه الآخوند المولى علي الروزدري .

(٢) المصدر المتقدم : ١٨٥ ـ ١٨٦ .

(٣) الذريعة ٤ / ٣٦٧ و ٢٠١ .

٥١

رأيت نسخة خط المؤلف في مكتبة سيدنا الصدر (١) .

٧ ـ تقارير من أبحاثه للشيخ باقر حيدر . وهو كما جاء في وصفه من أفاضل طلاب الإِمام الشيرازي ، وقد توفي عام ١٣٣٣ هـ وهو في طريقه للجهاد ضد الانكليز (٢) .

٨ ـ تعريب معاملات الوحيد البهبهاني ، للشيخ حسن علي الطهراني ، مطبقاً لها على آراء اُستاذه المترجم (٣) .

وأضاف المرحوم الطهراني بعض الأبحاث الى ما تقدم (٤) نذكرها توخياً للفائدة .

٩ ـ التقريرات : للشيخ الميرزا إبراهيم بن المولى محمد علي بن أحمد المحلاتي الشيرازي ، المتوفى بها في ١٣٣٦ هـ . مجلد في المهم من مباحث الفقه والاُصول ، من تقرير بحث اُستاذه آية الله المجدد الشيرازي كان من أجلاء تلاميذه (٥) .

١٠ ـ التقريرات : للسيد حسن بن السيد اسماعيل الحسيني ، القمي الحائري ، المتوفى بعد ١٣١٥ هـ من جملة تصانيفه تقرير بحث اُستاذه المجدد الشيرازي في قاعدة السلطة ، والأحكام الوضعية ، وقاعدتي التسامح والضرر ، كلّها في مجلد بخطه

___________________________

(١) المصدر السابق : ٥ / ١٠ .

(٢) الطهراني ـ ميرزا شيرازي : ١١٦ والذريعة : ١ / ٢١٥ .

(٣) ذكر الشيخ الطهراني في ( الذريعة : ٤ / ٣٧٦ ) هذا الكتاب بالشكل التالي :

« التقريرات للفقيه الورع الحاج الشيخ حسن علي بن المولى محمود التبريزي الأصل ، الطهراني المولد والمنشأ ، السامرائي الاشتغال ، نزيل مشهد الرضا عليه السلام ، والمتوفى بها في ٤ رمضان ١٣٢٥ هـ وهو من تقريرات اُستاذه آية الله المجدد الشيرازي من أول البيع الى آخر الخيارات ، وقد استنسخ بعضه الحاج آغا رضا الفقيه الهمذاني » .

(٤) ويرى المرحوم السيد الأمين : أن بعض معاصريه من الكتّاب ذكر جملة من مؤلفات تلاميذ السيد الامام الشيرازي ، وفيهم من الأجلاء الفحول مدعياً أنها من تقريرات السيد الشيرازي ، ويقول بعد ذلك :

ونرى أن في ذلك هضما لحقوقهم ، وليس كل من استفاد من اُستاذ ، وألف ينسب ما في تأليفه الى اُستاذه ، ولعل بعض المؤلفات السابقة هي من هذا القبيل . راجع : ( أعيان الشيعة : ٥ / ٣٠٨ ) .

(٥) الذريعة : ٤ / ٣٨٦ .

٥٢

فرغ منه في عام ١٣٠٣ هـ ، وعلى ظهره تقريظ السيد أبي القاسم الاشكوري .

يقول المرحوم الطهراني : رأيت هذا المجلد عند السيد حسين خير الدين الهندي بكربلاء (١) .

١١ ـ التقريرات : لصاحب مصباح الفقيه شيخنا الحاج آقا رضا بن المولى محمد هادي الهمذاني النجفي ، المتوفى بسامراء في ١٣٢٢ هـ هو من تقرير بحث اُستاذه سيدنا آية الله الشيرازي من أول البيع الى آخر الخيارات ، مجلد كبير .

يقول المرحوم الطهراني : رأيته عند الشيخ أسد الله الزنجاني ، وحكي عنه أنه قال قد ضاع مني في أواسط تقريراتي هذا جزءان ، فأخذت ما كتبه الحاج الشيخ حسن علي الطهراني من هذه التقريرات ، وجدتهما عن كتابته .

ومجلد آخر من التقريرات بحث اُستاذه المذكور في اُصول الفقه موجود عند ولده الآقا محمد بهمدان (٢) .

١٢ ـ تقرير بحث سيدنا آية الله المجدد الشيرازي ، للسيد محسن بن السيد هاشم بن الأمير شجاعت علي الموسوي الرضوي النقوي الهندي ، المتوفى عام ١٣٢٣ هـ . يقع هذا التقرير في مجلدين : أحدهما في الطهارة والقضاء ، والآخر من أول بيع العبد الآبق الى آخر الخيارات ، ثم الرهن ، ثم الكبائر ، ثم تداخل الاغسال ، ثم الزكاة ، ثم الحيض والاستحاضة .

يقول المرحوم الطهراني : رأيت الكتاب في مكتبته الموقوفة والمتولي عليها ولده الجليل السيد رضا الهندي (٣) .

١٣ ـ التقريرات : للسيد هاشم بن السيد علي بن السيد رضا بن السيد آية الله بحر العلوم ، المتوفى قبل وفاة والده السيد علي صاحب كتاب « البرهان القاطع » عام ١٢٩٨ هـ .

___________________________

(١) المصدر السابق : ٤ / ٣٧٥ ونقباء البشر : ١ / ٣٨٣ .

(٢) الذريعة : ٤ / ٣٧٦ ـ ٣٧٧ .

(٣) المصدر السابق : ٤ / ٣٨٥ ـ ٣٨٦ .

٥٣

يقول المرحوم الطهراني : كان تلميذ سيدنا آية الله المجدد الشيرازي ، وكاتب تقريراته . منها :

تقرير بحث مقدمة الواجب استحسنه آية الله ، وأمر تلميذه المولى محمد تقي القمي باستنساخه ، رأيت النسخة بخطه في مكتبة آية الله .

ويوجد أيضا فيها ( في مكتبة آية الله الشيرازي ) مجلد من تقريره لأكثر مباحث الاُصول ، الأجزاء ، الضد ، المفاهيم ، العموم والخصوص ، وبعض مباحث الظنون ، والاُصول العملية .

وكانت نسخة منها عند السيد جعفر بن السيد محمد باقر بن أخ السيد هاشم ، اشتراها منه (١) .

١٤ ـ تقريرات السيد الشيرازي في التعادل والتراجيح كتبها المرحوم الشيخ حسن بن الشيخ كاشف الغطاء (٢) .

١٥ ـ تقريرات درس السيد الشيرازي ، كتبها المرحوم السيد محمد الهندي النجفي (٣) .

١٦ ـ التعادل والتراجيح : للشيخ عباس بن الشيخ حسن بن الشيخ الأكبر كاشف الغطاء النجفي المتوفى بها في ١٨ رجب عام ١٣٢٣ هـ كتبه من تقرير بحث آية الله الشيرازي قبل مهاجرته الى سامراء (٤) .

وينقل السيد الأمين بأنه ما وردت عليه ( أي السيد الشيرازي ) مسألة أو أراد الخوض في بحث إلّا وكتب تلك المسألة ، وما يمكن أن يقال فيها من نقض وابرام قبل أن يجيب عنها أو يباحثها ، فكانت تجمع تلك الأوراق من مجلسه في كل أسبوع ، وتلقى

___________________________

(١) الذريعة : ٤ / ٣٨٦ ـ ٣٨٧ .

(٢) الطهراني ـ ميرزا شيرازي : ١٥٢ .

(٣) الطهراني ـ المصدر السابق : ١٩٣ .

(٤) الطهراني ـ المصدر السابق : ٢٠٣ .

٥٤

في دجلة (١) .

ويعقب السيد الأمين على ذلك :

« ولا ندري لما ذا لم تكن تحفظ ، ولو حفظت لاستفاد منها الناس بعد .

ولعل الأوراق التي كانت تلقى في دجلة كانت في غير المسائل العلمية » (٢) .

رابعاً ـ حلقة درسه :

ومفردة اُخرى لها حسابها في عالم التقييم العلمي ، تلك هي الواجهة الدراسية ، فكلّما كانت واسعة تجمع أكبر عدد من طلاب العلوم تدل دلالة واضحة على مركزية الاُستاذ المحاضر ، ـ كما يقول المثل ـ : ( والموارد العذب كثير الزحام ) .

وحين نرجع الى المصادر التي تترجم الإِمام الشيرازي نراها تصل بعدد تلاميذه الى قرابة أربعمائة شخص ، وكلهم من مختلف الأقطار الاسلامية ولهم مكانتهم العلمية والاجتماعية .

وقسّمهم المرحوم الحجة المحقق الشيخ آقا بزرك الطهراني الى ثلاثة أقسام :

الأول ـ طلاب العلوم الذين أدركوا عهد المحقق الإِمام الشيخ الأنصاري ، وبعد وفاته حضروا درس السيد الشيرازي ، لتكميل علومهم الدينية .

الثاني ـ الطلاب الذين اختصوا بالميرزا الشيرازي في النجف الأشرف ، وانتقلوا الى سامراء معه ، ودرسوا عليه .

الثالث ـ الطلاب الذين حضروا الى درس السيد الشيرازي في أواخر ايّامه بسامراء ، وحملوا تراثه العلمي من بعده .

وأغلب هؤلاء انتشروا بعد وفاة الإِمام الشيرازي في الأقطار الاسلامية من أجل التبليغ والارشاد ، وتسلموا مناصب الإِمامة في بلدانهم ، وبعضهم نال مرتبة الزعامة الدينية ومرجعية التقليد في الأمة الاسلامية (٣) .

___________________________

(١) أعيان الشيعة : ٥ / ٣٠٧ .

(٢) أعيان الشيعة : ٥ / ٣٠٧ .

(٣) الطهراني ـ ميرزا شيرازي : ٩٤ ( فارسي ) .

٥٥

ومع مكانته العلمية فانّه ـ رضوان الله عليه ـ ما كان يقدم محاضراته لطلابه إلّا ويعدّ لها ، ويكتبها ويعلق عليها ما يمكن أن يقال فيها من نقض وابرام قبل أن يباحثها ، ويقدمها لطلابه .

والخصلة الاُخرى التي كان يتبعها مع رواد مجلسه من أهل الفضل والعلم ، وخاصة تلاميذه أنّ المسائل التي يستفتىٰ بها ، في الغالب يطرحها للمناقشة والمذاكرة ، ويحرص على أن يعرف رأي كل واحد من الحاضرين فيها ، وهو بذلك يستفيد أمرين :

الأول ـ الاطلاع على مقدراتهم العلمية ، وأفكارهم من خلال المناقشات التي تدور بين الحاضرين حول المسائل المستفسر عنها .

الثاني ـ لعل في آرائهم وأفكارهم شيئاً جديداً يستفيده منهم ، ولم يخطر بباله ، وهذه منتهى الدقة العلمية (١) .

ومما ينقل أنّه كان يظهر الاهتمام الكثير بحلقة درسه أمام بعض خاصته ، لأنها تضم عدداً كبيراً من أهل الفضل والعلم ، حتى حكي عنه أنّه قال مرة لأحد المقربين له : بأنّ حوزة درسنا أحسن من حوزة درس شيخنا الأنصاري (٢) .

وترىٰ بعض المصادر : أن عدداً كبيراً من الأئمة والأعلام قد تخرجوا على يده ، فقد ربى خلقاً كثيراً ، منهم جماعة من المجتهدين وصلوا لمنصب الزعامة والتقليد والرئاسة العامة من بعده ، حتى قيل : أنه اتفق له من هذا القبيل ما لم يتفق لشيخه الأنصاري (٣) .

ولكن المرحوم السيد الأمين يرى أن الذين تخرجوا على الشيخ الأنصاري من فحول العلماء يعسر عدهم ، مع امتياز الشيخ الأنصاري بكثرة التأليف . لأن الشيخ الأنصاري لم يكن له من مشاغل الرئاسة ما كان للمترجم التي صدّته عن

___________________________

(١) السيد الأمين ـ المصدر السابق : ٥ / ٣٠٧ .

(٢) السيد الأمين ـ المصدر المتقدم : ٥ / ٣٠٨ .

(٣) السيد الأمين ـ المصدر السابق : ٥ / ٣٠٨ .

٥٦

التأليف (١) .

وخلاصة القول في هذا الصدد :

فان مجلس بحث السيد المجدد الشيرازي كان مزدحماً بالعلماء والمدرسين ، وكان يختار مما يستفتى به من المسائل الشرعية من سائر الأقطار الاسلامية موضوعاً يباحث به تلاميذه (٢) .

بالاضافة الى المواضيع الرئيسة من أبواب الفقه ، والتي كانت مدار حديثه اليومي .

ولم يكن مبعثه هذا إلّا الاهتمام بطلابه ، ورغبته في اطلاعهم على المسائل الهامة التي تبتلىٰ بها الأمة ، وتضطر للاستفسار عنها ، كما أنّ رغبته الأكيدة أن يبنى جوابه على دراسة وبحث . كل ذلك تورعاً ، ووثوقاً باصدار الفتوى (٣) .

خامساً ـ قبس من تلاميذه :

ولقد أشرت فيما سبق أنّ المرحوم الطهراني ذكر أسماء ( ٣٧٢ ) شخصاً ممن تتلمذ على السيد الإِمام الشيرازي سواء في النجف الأشرف ، أو سامراء (٤) .

وإذا حاولنا ذكرهم بالتفصيل ، فقطعاً سوف يخرجنا عن الالتزام بالإِيجاز الذي توخيناه في هذه الدراسة ، ولذا سوف نعرض قائمة الأسماء التي أوردها المرحوم السيد محسن الأمين (٥) ، ولعل اختياره لها نابع من الشهرة ، أو البروز من بين ذلك العدد الغفير ، وهم :

___________________________

(١) السيد الأمين ـ المصدر السابق : ٥ / ٣٠٨ .

(٢) السيد الأمين ـ المصدر السابق : ٥ / ٣٠٨ .

(٣) حرز الدين ـ المصدر السابق : ٢ / ٢٣٧ .

(٤) يمكن الاطلاع على أسماء طلاب السيد الشيرازي بالعدد المشار اليه في كتاب المرحوم الطهراني ـ ميرزا شيرازي : ٩٥ ـ ٢١٢ . وقد جاء في مقدمة الفصل الّذي تناول فيه ذكرهم بأنه أشار الى تراجمهم مفصلاً في الجزء الأخير من كتابه ( طبقات أعلام الشيعة ) والمعروف بـ ( نقباء البشر في القرن الرابع عشر ) وهذا الجزء لم يطبع أو طبع ولم أطلع عليه .

(٥) أعيان الشيعة : ٥ / ٣٠٨ .

٥٧

١ ـ السيد ابراهيم الدامغاني الخراساني المتوفى عام ١٢٩١ هـ وهو من قدماء تلاميذه ، وقد ألّف من تقرير بحثه مجلدين : أحدهما في الفقه والآخر في الاُصول .

٢ ـ السيد إبراهيم بن مير محمد علي الدرودي الخراسانيّ الكاظمي المتوفى عام ١٣٢٨ هـ وكان من الملازمين لدرس السيد حتى آخر عمره ، وأقام أخيراً في الكاظمية .

٣ ـ الميرزا إبراهيم الشيرازي .

٤ ـ الميرزا إبراهيم بن مولى محمد علي بن أحمد المحلاتي الشيرازي المتوفى بعد عام ١٣١٦ هـ من العلماء الأجلاء .

٥ ـ ملّا أبو طالب كزازي السلطان آبادي ، المتوفى عام ١٣٢٩ هـ ، وصف بأنه عالم فاضل متقي .

٦ ـ ميرزا أبو الفضل ابن ميرزا أبو القاسم ، المعروف بـ كلانتري نوري طهراني ، من أهل الفضل والعلم والتاريخ والرجال والأدب ، توفي عام ١٣١٧ هـ.

٧ ـ الشيخ اسماعيل الترشيزي المشهدي ، المتوفى بعد عام ١٣٢٠ هـ من العلماء الأجلاء .

٨ ـ السيد اسماعيل السيد رضي الحسيني الشيرازي ، المتوفى عام ١٣٠٥ هـ ، ابن عم سيدنا المترجم من العلماء الأجلاء ، وكان من مستشاري السيد الشيرازي ، وكان له درس خاص عنده .

٩ ـ الشيخ اسماعيل بن الملّا محمد علي المحلاتي النجفي المتوفى عام ١٣٤٣ هـ ، وبعد وفاة السيد الشيرازي أقام في النجف وهو من العلماء الأجلاء .

١٠ ـ الشيخ محمد باقر بن عبد الحسن الاصطهباناتي الشيرازي استشهد عام ١٣٢٦ هـ ـ في شيراز من أكابر وأعلام شيراز ، ومن مبرزي طلاب السيد جامع العلوم العقلية والنقلية .

١١ ـ الشيخ باقر بن علي بن حيدر ، المتوفى عام ١٣٣٣ هـ ، من فضلاء تلاميذ السيد الشيرازي ، بعد وفاة والده ، انتقل الى سوق الشيوخ في العراق وكانت له فيها

٥٨

زعامة دينية ورئاسة إجتماعية .

١٢ ـ الميرزا حبيب الله بن ميرزا هاشم بن حاج ميرزا هدايت الحسيني الموسوي ، المتوفى عام ١٣٢٠ هـ . ق ، من الفضلاء والأعلام .

١٣ ـ السيد حسن السيد هادي السيد محمد علي الموسوي الشهير بالصدر المتوفى عام ١٣٥٤ هـ ، من أعاظم علماء عصره ومن أركان بحث الميرزا الشيرازي . له مؤلفات شهيرة ، توفي ببغداد ، ودفن في صحن الكاظمين ( عليهما السلام ) .

١٤ ـ الشيخ حسن علي الطهراني ، المتوفى في مشهد الإِمام الرضا ( عليه السلام ) عام ١٣٣٠ هـ ، من العلماء المشهورين .

١٥ ـ الشيخ حسن الكربلائي ، الأصفهاني الأصل في حدود عام ١٣٠٠ هـ هاجر الى سامراء والتحق بحوزة السيد الشيرازي ، توفي عام ١٣٢٠ هـ بالكاظمية .

١٦ ـ السيد اسماعيل بن السيد صدر الدين محمد العاملي المتوفى عام ١٢٦٣ هـ ، من مبرزي تلاميذ السيد الشيرازي ، ومن المهاجرين الأوائل الى سامراء تبعاً للسيد الشيرازي ، ثم سكن كربلاء وصار من مراجع تقليدها .

١٧ ـ الشيخ حسن الشيخ محمد القابجي الكاظمي المشهدي المتوفى عام ١٣٤٥ هـ ، التحق بالسيد الشيرازي في سامراء بعد عام ١٣٠٠ هـ ، وانتقل بعد وفاة السيد الى خراسان للقيام بالواجبات الدينية والتبليغ .

١٨ ـ الشيخ حسن بن محمد مهدي الشاه عبد العظيمي ، المتوفى بحدود ١٢٩٢ هـ (١) .

١٩ ـ الميرزا حسين السبزواري ، وذكره السيد الأمين في ترجمته أنّه الميرزا

___________________________

(١) لم يذكره الشيخ الطهراني في قائمة تلاميذ السيد الشيرازي ، وحين رجعنا الى ترجمته لاحظنا أنه يذكر من أجلاء تلاميذ المرحوم الشيخ الأنصاري ولم يشر الى تلمذه على السيد الشيرازي .

وذكر الطهراني في قائمة تلاميذ السيد الشيرازي الحاج سيد محمد علي شاه عبد العظيمي النجفي . راجع لزيادة الاطلاع : السيد الأمين أعيان الشيعة : ٥ / ٣٠٨ و ٢٧٠ والطهراني ـ الكرام البررة في القرن الثالث بعد العشرة : ٢ / ٣٥٧ وميرزا شيرازي : ١٧٥ .

٥٩

حسين بن الميرزا حسن بن علي أصغر السبزواري المتوفى عام ١٣٥٣ هـ . حضر درس السيد الشيرازي في سامراء ، ورجع عام ١٣٠٠ هـ الى سبزوار ، وتوفي فيها (١) .

وأورد اسمه الطهراني بـ ( سيد حاج ميرزا محمد حسن سبزواري علوي ) (٢) .

٢٠ ـ المحدّث الشهير الشيخ الميرزا حسين بن الميرزا محمد تقي النوري الطبرسي المتوفى عام ١٣٢٠ هـ في النجف . إمام في الحديث والرجال ، وعالم في الفقه ، ومن أكابر علماء الإِمامية .

٢١ ـ الشيخ آغا رضا بن الشيخ محمد هادي الهمداني النجفي المتوفى عام ١٣٢٢ هـ ، من أكابر العلماء المحققين ، ومن مشاهير عصره ، ممن تتلمذ على السيد الشيرازي وكتب تقريراته ، وكان مرجعاً للتقليد بعد اُستاذه الشيرازي .

٢٢ ـ الشيخ شريف الجواهري (٣) ابن الشيخ عبد الحسين بن الشيخ محمد حسن صاحب الجواهر ، المتوفى عام ١٣١٤ هـ ، من أعلام الفضل والصلاح .

٢٣ ـ الشيخ عباس بن الشيخ حسن بن شيخ كاشف الغطاء الكبير ، المتوفى بعد عام ١٣٢٠ هـ ، من تلاميذ السيد الشيرازي في النجف ، وذكر الطهراني أنّه كتب تقريرات السيد الشيرازي في التعادل والترجيح من بحث الاُصول (٤) .

٢٤ ـ الشيخ عباس بن الشيخ علي من آل الشيخ جعفر صاحب كشف الغطاء المتوفى عام ١٣١٥ هـ . ذكره الطهراني أنّه كان فقيهاً كبيراً ، ومرجعاً جليلاً ، وذكر أنّه حضر درس السيد المجدد الشيرازي في النجف (٥) .

٢٥ ـ الشيخ عبد الجبار الجهرمي . وسمّاه الطهراني الشيخ عبد الجبار الشيرازي ، ووصفه بأنّه فقيه كبير ، وعالم جليل ، وعاد الى شيراز وأصبح مرجعاً للاُمور

___________________________

(١) أعيان الشيعة : ٥ / ٤٨١ .

(٢) ميرزا شيرازي : ١٣٤ .

(٣) لم يذكره الطهراني في قائمة تلاميذ السيد راجع : ميرزا شيرازي : ٩٥ ـ ٣٧٢ .

(٤) ميرزا شيرازي : ١٥٢ .

(٥) نقباء البشر : ٣ / ١٠٠٧ .

٦٠