بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٥٥٩
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

يا علي هاكها خالصة لا يحاقك أحد(١) ، يا علي اقبل وصيتي ، وأنجز مواعيدي وأد ديني ، يا علي اخلفني في أهلي ، وبلغ عني من بعدي ، قال علي عليه‌السلام : لما نعى إلي نفسه رجف فؤادي ، والقي علي لقوله البكآء ، فلم أقدر أن اجيبه بشئ ، ثم عاد لقوله ، فقال : يا علي أو تقبل وصيتي؟ قال : فقلت وقد خنقتني العبرة ولم أكد أن أبين : نعم يا رسول الله ، فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا بلال ايتني بسوادي ، اتيني بذي الفقار ، ودرعي ذات الفضول ، ايتني بمغفري ذي الجبين ورايتي العقاب ، ايتني بالعنزة والممشوق ، فأتى بلال بذلك كله إلا درعه كانت يومئذ مرتهنة ، ثم قال : ايتني بالمرتجز والعضبآء ، ايتني باليعفور والدلدل فأتى بها ، فوقفها بالباب ، ثم قال : ايتني بالاتحمية والسحاب ، فأتى بهما فلم يزل يدعو بشئ بشئ ، فافتقد عصابة كان يشد بها بطنه في الحرب ، فطلبها فأتى بها والبيت غاص يومئذ بمن فيه من المهاجرين والانصار ، ثم قال : يا علي قم فاقبض هذا ومد أصبعه ، وقال : في حياة مني ، وشهادة من في البيت ، لكيلا ينازعك أحد من بعدي ، فقمت وما أكاد أمشي على قدم حتى استودعت ذلك جميعا منزلي ، فقال : يا علي أجلسني ، فأجلسته وأسندته إلى صدري ، قال علي عليه‌السلام : فلقد رأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وإن رأسه ليثقل ضعفا ، وهو يقول يسمع أقصى أهل البيت وأدناهم : إن أخي ووصيي ووزيري وخليفتي في أهلي علي بن أبي طالب يقضي ديني ، وينجز موعدي ، يا بني هاشم يا بني عبدالمطلب لا تبغضوا عليا ، ولا تخالفوا عن أمره فتضلوا ، ولا تحسدوه وترغبوا عنه فتكفروا ، أضجعني يا علي فأضجعته فقال : يا بلال ايتني بولدي الحسن والحسين ، فانطلق فجآء بهما فأسندهما إلى صدره ، فجعل يشمهما ، قال علي عليه‌السلام : فظننت أنهما قد غماه قال أبوالجارود : يعني أكرباه ، فذهبت لآخذهما عنه فقال : دعهما يا علي يشماني وأشمهما ، ويتزودا مني وأتزود منهما ، فسيلقيان من بعدي زلزالا ، وأمرا عضالا ، فلعن الله من يخيفهما ، اللهم إني أستودعكهما وصالح المؤمنين(٢).

____________________

(١) في المصدر : لا يحاقك فيها احد. (٢) امالى الشيخ : ٢٩ و ٣٠.

٥٠١

بيان : قوله : بسوادي ، كذا في النسخة التي عندنا ، ولعل المعنى بأمتعتي وأشيائي ، قال الجوهري ، سواد الامير : نقله ، ولفلان سواد أي مال كثير ، انتهى والاتحمية : ضرب من البرود.

٤٨ ـ ما : جماعة عن أبي المفضل ، عن محمد بن فيروز بن غياث الجلاب بباب الابواب ، عن محمد بن الفضل بن مختار البابي ، عن أبيه ، عن الحكم بن ظهير ، عن الثمالي ، عن القاسم بن عوف ، عن أبي الطفيل ، عن سلمان الفارسي رحمه‌الله قال : دخلت على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في مرضه الذي قبض فيه ، فجلست بين يديه وسألته عما يجد وقمت لاخرج فقال لي : اجلس يا سلمان فسيشهدك الله عزوجل أمرا ، إنه لمن خير الامور ، فجلست فبينا أنا كذلك إذ دخل رجال من أهل بيته ورجال من أصحابه ، ودخلت فاطمة ابنته فيمن دخل ، فلما رأت ما برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من الضعف خنقتها العبرة حتى فاض دمعها على خدها فأبصر ذلك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : ما يبكيك يا بنية ، أقر الله عينك ولا أبكاها ، قالت : وكيف لا أبكي وأنا أرى ما بك من الضعف؟ قال لها : يا فاطمة توكلي على الله واصبري كما صبر آباؤك من الانبيآء ، وامهاتك أزواجهم ، ألا ابشرك يا فاطمة؟ قالت : بلى يا بني الله ، أو قالت : يا أبت ، قال أما علمت أن الله تعالى اختار أباك فجعله نبيا ، وبعثه إلى كافة الخلق رسولا ، ثم اختار عليا فأمرني فزوجتك إياه واتخذته بأمر ربي وزيرا ووصيا ، يا فاطمة إن عليا أعظم المسلمين على المسلمين بعدي حقا ، وأقدمهم سلما ، وأعلمهم علما ، وأحلمهم حلما ، وأثبتهم في الميزان قدرا ، فاستبشرت فاطمة عليها‌السلام ، فأقبل عليها رسول الله (ص) فقال : هل سررتك يا فاطمة؟ قالت : نعم يا أبت ، قال : أفلا أزيدك في بعلك وابن عمك من مزيد الخير وفواضله؟ قالت : بلى يا نبي الله ، قال : إن عليا أول من آمن بالله عزوجل ورسوله من هذه الامة ، هو وخديجة امك ، وأول من وازرني على ما جئت به يا فاطمة إن عليا أخي وصفيي وأبوولدي ، إن عليا اعطي خصالا من الخير لم يعطها أحد قبلها ، ولا يعطاها أحد بعده ، فأحسني عزاك ، واعلمي أن أباك لاحق

٥٠٢

بالله عزوجل ، قالت : يا ابت قد سررتني وأحزنتني ، قال : كذلك يابنية امور الدنيا يشوب سرورها حزنها ، وصفوها كدرها ، أفلا أزيدك يا بنية؟ قالت : بلى يا رسول الله ، قال : إن الله تعالى خلق الخلق فجعلهم قسمين ، فجعلني وعليا في خيرهما قسما ، وذلك قوله عزوجل : « أصحاب اليمين ما أصحاب اليمين(١) » ثم جعل القسمين قبائل فجعلنا في خيرها قبيلة ، وذلك قوله عزوجل : « وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم » (٢) ثم جعل القبائل بيوتا فجعلنا في خيرها بيتا في قوله سبحانه : « إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا » ثم(٣) إن الله تعالى اختارني من أهل بيتي ، واختار عليا والحسن والحسين ، واختارك فأنا سيد ولد آدم ، وعلي سيد العرب ، وأنت سيدة النسآء والحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة ، ومن ذريتك المهدي يملا الله عزوجل به الارض عدلا كما ملئت بمن قبله جورا(٤).

٢

باب

*(وفاته وغسله والصلاة عليه ودفنه صلى‌الله‌عليه‌وآله)*

١ ـ كشف : من تاريخ أحمد بن أحمد الخشاب(٥) عن أبي جعفر الباقر عليه‌السلام قال : قبض رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وهو ابن ثلاث وستين سنة في سنة عشر من الهجرة فكان مقامه بمكة أربعين سنة ، ثم نزل عليه الوحي في تمام الاربعين ، وكان بمكة ثلاث عشرة سنة ، ثم هاجر إلى المدينة وهو ابن ثلاث وخمسين سنة ، فأقام بالمدينة عشر سنين ، وقبض صلى‌الله‌عليه‌وآله في شهر ربيع الاول يوم الاثنين لليلتين خلتا منه ، وروي لثماني عشرة ليلة منه ، رواه البغوي ، وقيل : لعشر خلون منه ، وقيل : لثمان بقين

____________________

(١) الواقعة : ٢٧. (٢) الحجرات : ١٣.

(٣) الاحزاب : ٣٣. (٤) امالى الشيخ : ٣٢ و ٣٣ فيه : ومن ذريتكما.

(٥) في المصدر : الشيخ الاديب ابى محمد عبدالله بن احمد بن احمد بن الخشاب.

٥٠٣

منه ، رواه ابن الجوزي والحافظ أبومحمد بن حرم(١) ، وقيل : لثمان خلون من ربيع الاول(٢).

٢ ـ ص : بإسناده عن الصدوق ، عن أحمد بن موسى الدقاق ، عن أحمد بن جعفر بن نصر الجمال ، عن عمر بن خلاد والحسين بن علي ، عن أبي قتادة الحراني ، عن جعفر بن نوقان عن ميمون بن مهران ، عن زاذان عن ابن عباس قال : دخل أبوسفيان على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله يوما فقال : يا رسول الله اريد أن أسألك عن شئ ، فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : إن شئت أخبرتك قبل أن تسألني ، قال : افعل ، قال : أردت أن تسأل عن مبلغ عمري ، فقال : نعم يا رسول الله ، فقال : إني أعيش ثلاثا وستين سنة ، فقال أشهد أنك صادق ، فقال عليه‌السلام : بلسانك دون قلبك(٣). الخبر.

٣ ـ ع : أبي وابن الوليد معا عن محمد العطار ، عن الاشعري ، عن ابن هاشم عن ابن سنان رفعه قال : السنة في الحنوط ثلاثة عشر درهما وثلث(٤) ، قال محمد بن ابن أحمد : ورووا أن جبرئيل عليه‌السلام نزل على رسول الله (ص) بحنوط ، وكان وزنه أربعين درهما ، فقسمه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ثلاثة أجزآء : جزء له ، وجزء لعلي ، و جزء لفاطمة صلوات الله عليهم(٥).

كا : علي ، عن أبيه رفعه قال : السنة في الحنوط ثلاثة عشر درهما وثلث وقال : وإن جبرئيل(٦) ، إلى آخر الخبر.

٤ ـ لى : الطالقاني : عن عبدالله بن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن علي بن سعيد بن بشير ، عن ابن كاسب ، عن عبدالله بن ميمون المكي قال : حدثنا جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن علي بن الحسين عليهم‌السلام انه دخل عليه رجلان من قريش فقال : ألا احدثكما عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله؟ فقالا : بلى حدثنا عن أبي القاسم قال : سمعت أبي عليه‌السلام يقول : لما كان قبل وفاة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بثلاثة أيام هبط عليه

____________________

(١) في المصدر : والحافظ ابومحمد بن حشرم. (٢) كشف الغمة : ٦.

(٣) قصص الانبياء : مخطوط. لم نظفر بنسخته (٤) في المصدر : وثلث اكثره.

(٥) علل الشرائع : ١٠٩. (٦) فروع الكافى ١ : ٤٢.

٥٠٤

جبرئيل فقال : يا أحمد إن الله أرسلني إليك إكراما وتفضيلا لك وخاصة يسألك عما هو أعلم به منك يقول : كيف تجدك يا محمد؟ قال النبي (ص) : أجدني يا جبرئيل مغموما وأجدني يا جبرئيل مكروبا ، فلما كان اليوم الثالث هبط جبرئيل وملك الموت ومعهما ملك يقال له : اسماعيل في الهواء على سبعين ألف ملك فسبقهم جبرئيل عليه‌السلام فقال : يا أحمد إن الله عزوجل أرسلني إليك إكراما لك وتفضيلا لك وخاصة يسألك عما هو أعلم به منك ، فقال : كيف تجدك يا محمد؟ قال : أجدني يا جبرئيل مغموما ، وأجدني يا جبرئيل مكروبا ، فاستأذن ملك الموت فقال جبرئيل : يا أحمد هذا ملك الموت يستأذن عليك ، لم يستأذن على أحد قبلك ولا يستأذن على أحد بعدك ، قال : ائذن له ، فأذن له جبرئيل عليها‌السلام ، فأقبل حتى وقف بين يديه فقال : يا أحمد إن الله أرسلني إليك ، و أمرني أن اطيعك فيما تأمرني إن أمرتني بقبض نفسك قبضتها ، وإن كرهت تركتها فقال النبي (ص) : أتفعل ذلك يا ملك الموت؟ قال نعم بذلك امرت أن اطيعك فيما تأمرني ، فقال له جبرئيل : يا أحمد إن الله تبارك وتعالى قد اشتاق إلى لقائك فقال رسول الله (ص) : يا ملك الموت امض لما أمرت به ، فقال جبرئيل عليه‌السلام : هذا آخر وطئي الارض ، إنما كنت حاجتي من الدنيا ، فلما توفي رسول الله صلى الله على روحه الطيب وعلى آله الطاهرين جآءت التعزية جآءهم آت يسمعون حسه ولا يرون شخصه فقال : السلام عليكم ورحمة الله ، (١) كل نفس ذائقة الموت ، وإنما توفون اجوركم يوم القيامة ، إن في الله عزآء من كل مصيبة ، وخلفا من كل هالك ، ودركا من كل ما فات ، فبالله فثقوا ، وإياه فارجوا ، فإن المصاب من حرم الثواب ، والسلام عليكم ورحمة الله(٢) ، قال علي بن أبي طالب عليه‌السلام : هل تدرون من هذا؟ هذا الخضر عليه‌السلام(٣).

بيان : قوله عليه‌السلام : هذا آخر وطئي الارض ، لعل المراد آخر نزولي لتبليغ الرسالة ، فلا ينافي في الاخبار الدالة على نزوله عليه‌السلام بعد ذلك ، ويمكن أن يكون بعد ذلك لم يطأ الارض ، بل وقف في الهوآء ، أو مراده أني لا اريد بعد

____________________

(١ و ٢) في المصدر : ورحمة الله وبركاته. (٣) امالى الصدوق : ١٦٥ و ١٦٦.

٥٠٥

ذلك نزولا إلا أن يشآء الله ، قوله : إن في الله ، أي في ذاته تعالى ، فإنه تعالى أنفع للباقي من كل هالك ، أو في إطاعة أمر الله ، حيث أمر بالصبر ، أو في التفكر في ثواب الله وما أعد للصابرين من عظيم الاجر.

٥ ـ ب : أبوالبختري عن جعفر ، عن أبيه ، عن علي عليه‌السلام إن قبر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله رفع من الارض قدر شبر واربع أصابع ، ورش عليه الماء ، قال علي عليه‌السلام : والسنة أن يرش على القبر الماء(١).

٦ ـ ج : في رواية سليم بن قيس الهلالي عن سلمان الفارسي أنه قال : أتيت عليا عليه‌السلام وهو يغسل رسول الله (ص) وقد كان أوصى أن لا يغسله غير علي عليه‌السلام وأخبر عنه أنه(٢) لا يريد أن يقلب منه عضوا إلا قلب له ، وقد قال أمير المؤمنين عليه‌السلام لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من يعينني على غسلك يا رسول الله؟ قال : جبرئيل فلما غسله وكفنه أدخلني وأدخل أبا ذر والمقداد وفاطمة وحسنا وحسينا عليهم‌السلام فتقدم وصففنا خلفه وصلى عليه ، وعائشة في الحجرة لا تعلم ، قد أخذ جبرئيل ببصرها ، ثم أدخل عشرة من المهاجرين ، وعشرة من الانصار فيصلون ويخرجون حتى لم يبق أحد من المهاجرين والانصار إلى صلى عليه. الخبر(٣).

٧ ـ ما : أبوعمرو ، عن ابن عقدة ، عن أحمد بن يحيى ، عن عبدالرحمن بن شريك ، عن أبيه ، عن أبي إسحاق(٤) ، عن عبدالله بن أبي بكر بن عمرو ، عن أبيه قال : توفي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في شهر ربيع الاول في اثني عشرة مضت من شهر ربيع الاول يوم الاثنين ، ودفن ليلة الاربعاء(٥).

٨ ـ ما : ابن مخلد ، عن محمد بن عبدالواحد ، عن محمد بن عمار العبسي ، عن أحمد بن طارق ، عن علي بن هاشم ، عن محمد بن عبيدالله ، عن عون بن أبي رافع ، عن أبيه ، عن علي بن أبي طالب عليه‌السلام قال : دخلت على نبي الله وهو مريض ، فإذا

____________________

(١) قرب الاسناد : ٧٢ (٢) في المصدر : واخبر انه.

(٣) الاحتجاج : ٥٢. (٤) في المصدر : عن ابن اسحاق عن عبيدالله.

(٥) امالى ابن الشيخ : ١٦٧.

٥٠٦

رأسه في حجر رجل أحسن ما رأيت من الخلق ، والنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله نائم ، فلما دخلت عليه قال الرجل : ادن إلى ابن عمك فأنت أحق به مني ، فدنوت منهما ، فقام الرجل و جلست مكانه ، ووضعت رأس النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله في حجري كما كان في حجر الرجل فمكثت ساعة ، ثم إن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله استيقظ فقال : أين الرجل الذي كان رأسي في حجره؟ فقلت : لما دخلت عليك دعاني إليك ، ثم قال : ادن إلى ابن عمك فأنت أحق به مني ، ثم قام فجلست مكانه ، فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فهل تدري من الرجل؟ قلت : لا بأبي وامي ، فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : ذاك جبرئيل ، كان يحدثني حتي خف عني وجعي ، ونمت ورأسي في حجره(١).

٩ ـ لى : الطالقاني ، عن محمد بن حمدان الصيدلاني ، عن محمد بن مسلم الواسطي ، عن محمد بن هارون ، عن خالد الحذاء ، عن أبي قلابة ، عن عبدالله زيد الجرمي ، عن ابن عباس قال : لما مرض رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وعنده أصحابه قام إليه عمار بن ياسر فقال له فداك أبي وامي يا رسول الله من يغسلك من أعضائي إلا أعانته الملائكة على ذلك ، فقال له : فداك أبي وامي يا رسول الله فمن يصلي عليك منا إذا كان ذلك منك؟ قال : مه رحمك الله ، ثم قال لعلي : يا ابن أبي طالب إذا رأيت روحي قد فارقت جسدي فاغسلني ، وانق غسلي وكفني في طمري هاذين ، أو في بياض مصر ، وبرديمان ، ولا تغال في كفني ، واحملوني حتى تضعوني على شفير قبري فأول من يصلي علي الجبار جل جلاله من فوق عرشه ، ثم جبرئيل وميكائيل و إسرافيل في جنود من الملائكة لا يحصي عددهم إلا الله عزوجل ، ثم الحافون بالعرش ، ثم سكان أهل السماء فسماء ، ثم جل أهل بيتي ونسائي الاقربون فالاقربون ، يؤمون إيماء ، ويسلمون تسليما ، لا يؤذوني(٢) بصوت نادية(٣) ولامرنة ثم قال : يا بلال هلم علي بالناس ، فاجتمع الناس فخرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله متعصبا

____________________

(١) امالى ابن الشيخ : ٢٤٥. (٢) لا تؤذونى خ.

(٣) نائحة خ ل.

٥٠٧

بعمامته متوكيا على قوسه حتى صعد المنبر ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : معاشر أصحابي أي نبي كنت لكم؟ ألم اجاهد بين أظهركم؟ ألم تكسر رباعيتي؟ ألم يعفر جبيني؟ ألم تسل الدماء على حر وجهي حتى كنفت(١) لحيتي؟ ألم اكابد الشدة والجهد مع جهال قومي؟ ألم أربط حجر المجاعة على بطني؟ قالوا : بلى يا رسول الله ، لقد كنت لله صابرا ، وعن منكر بلاء ناهيا ، فجزاك الله عنا أفضل الجزاء قال : وأنتم فجزاكم الله ، ثم قال : إن ربي عزوجل حكم وأقسم أن لا يجوزه ظلم ظالم فناشدتكم بالله أي رجل منكم كانت له قبل محمد مظلمة إلا قام فليقتص منه ، فالقصاص في دار الدنيا أحب إلي من القصاص في دار الآخرة على رؤوس الملائكة والانبياء ، فقام إليه رجل من أقصى القوم يقال له : سوادة بن قيس فقال له : فداك أبي وامي يا رسول الله إنك لما أقبلت من الطائف استقبلتك وأنت على ناقتك العضباء ، وبيدك القضيب الممشوق ، فرفعت القضيب وأنت تريد الراحلة فأصاب بطني ، فلا أدري عمدا أو خطأ ، فقال : معاذ الله أن أكون تعمدت ثم قال : يا بلال قم إلى منزل فاطمة فائتني بالقضيب الممشوق ، فخرج بلال وهو ينادي في سكك المدينة : معاشر الناس من ذا الذي يعطي القصاص من نفسه قبل يوم القيامة فهذا محمد يعطي القصاص من نفسه قبل يوم القيامة وطرق بلال الباب على فاطمة عليها‌السلام وهو يقول : يا فاطمة قومي! فوالدك يريد القضيب الممشوق ، فأقبلت فاطمة عليها‌السلام وهي تقول : يا بلال وما يصنع والدي بالقضيب ، وليس هذا يوم القضيب؟ فقال بلال : يا فاطمة أما علمت أن والدك قد صعد المنبر وهو يودع أهل الدين والدنيا ، فصاحت فاطمة عليها‌السلام وقالت : واغماه لغمك يا أبتاه ، من للفقراء والمساكين وابن السبيل يا حبيب الله ، وحبيب القلوب؟ ثم ناولت بلالا القضيب ، فخرج حتى ناوله رسول الله (ص) فقال رسول الله (ص) : أين الشيخ؟ فقال الشيخ : ها أنا ذا يا رسول الله بأبي أنت وامي فقال : تعال فاقتص مني حتى ترضى ، فقال الشيخ ، فاكشف لي عن بطنك يا رسول الله ، فكشف صلى‌الله‌عليه‌وآله عن بطنه ، فقال الشيخ : بأبي أنت وامي يا

____________________

(٩) لثقت خ ل.

٥٠٨

رسول الله ، أتأذن لي أن أضع فمي على بطنك؟ فأذن له ، فقال : أعوذ بموضع القصاص من بطن رسول الله من النار يوم النار ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا سوادة بن قيس أتعفو أم تقتص؟ فقال : بل أعفو يا رسول الله ، فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : اللهم اعف عن سوادة ابن قيس ، كما عفى عن نبيك محمد ثم قام رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فدخل بيت ام سلمة و هو يقول : رب سلم امة محمد من النار ، ويسر عليهم الحساب ، فقالت ام سلمة : يا رسول الله مالي أراك معموما متغير اللون؟ فقال : نعيت إلى نفسي هذه الساعة فسلام لك في الدنيا ، فلا تسمعين بعد هذا اليوم صوت محمد أبدا ، فقالت ام سلمة : واحزناه ، حزنا لا تدركه الندامة عليك يا محمداه ، ثم قال عليه‌السلام : ادع لي حبيبة قلبي وقرة عيني فاطمة ، تجيئ(١) ، فجاءت فاطمة عليها‌السلام وهي تقول : نفسي لنفسك الفداء ووجهي لوجهك الوقاء يا أبتاه ، ألا تكلمني كلمة؟ فإني أنظر إليك وأراك مفارق الدنيا ، وارى عساكر الموت تغشاك شديدا ، فقال لها : يا بنية إني مفارقك ، فسلام عليك مني ، قالت : يا أبتاه فأين الملتقى يوم القيامة؟ قال : عند الحساب ، قالت : فإن لم ألقك عند الحساب؟ قال : عند الشفاعة لامتي ، قالت : فإن لم ألقك عند الشفاعة لامتك؟ قال : عند الصراط ، جبرئيل عن يميني ، وميكائيل عن يساري ، والملائكة من خلفي وقدامي ، ينادون : رب سلم امة محمد من النار ، و يسر عليهم الحساب ، قالت فاطمة عليها‌السلام : فأين والدتي خديجة؟ قال : في قصر له اربعة أبواب إلى الجنة ، ثم اغمي على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فدخل بلال وهو يقول : الصلاة رحمك الله ، فخرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وصلى بالناس و خفف الصلاة ، قال : ادعوا لي علي بن أبي طالب واسامة بن زيد(٢) ، فجاءا فوضع عليه‌السلام يده على عاتق علي ، والاخرى على اسامة ، ثم قال : انطلقا بي إلى فاطمة ، فجاءا به حتى وضع رأسه في حجرها ، فإذا الحسن والحسين عليها‌السلام يبكيان ويصطرخان وهما يقولان : أنفسنا لنفسك الفداء ، ووجوهنا لوجهك الوقاء ، فقال

____________________

(١) ثم اغمى عليه خ ل.

(٢) لا يخلو من وهم ، لان اسامة كان قد خرج عن المدينة وعسكر في خارجه للقتال.

٥٠٩

رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من هذان يا علي؟ قال : هذا ابناك : الحسن والحسين ، فعانقهما وقبلهما ، وكان الحسن عليه‌السلام أشد بكاء ، فقال له : كف يا حسن فقد شققت على رسول الله ، فنزل ملك الموت عليه‌السلام وقال : السلام عليك يا رسول الله ، قال : وعليك السلام يا ملك الموت ، لي إليك حاجة ، قال : وما حاجتك يا نبي الله؟ قال : حاجتي أن لا تقبض روحي حتى يجيئني جبرئيل فيسلم علي واسلم عليه ، فخرج ملك الموت وهو يقول : يا محمداه ، فاستقبله جبرئيل في الهواء فقال : يا ملك الموت قبضت روح محمد؟ قال : لا يا جبرئيل ، سألني أن لا أقبضه حتى يلقاك فتسلم عليه ويسلم عليك ، فقال جبرئيل : يا ملك الموت أما ترى أبواب السماء مفتحة لروح محمد؟ أما ترى الحور العين قد تزين لروح محمد؟ ثم نزل جبرئيل عليه‌السلام فقال : السلام عليك يا أبا القاسم ، فقال : وعليك السلام يا جبرئيل ، ادن مني حبيبي جبرئيل ، فدنا منه ، فنزل ملك الموت ، فقال له جبرئيل : يا ملك الموت احفظ وصية الله في روح محمد ، وكان جبرئيل عن يمينه ، وميكائيل عن يساره ، وملك الموت ، آخذ بروحه صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فلما(١) كشف الثوب عن وجه رسول الله نظر(٢) إلى جبرئيل فقال له : عند الشدائد تخذلني؟ فقال : يا محمد إنك ميت وإنهم ميتون ، كل نفس ذائقة الموت.

فروي عن ابن عباس أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في ذلك المرض كان يقول : ادعوا لي حبيبي ، فجعل يدعى له رجل بعد رجل ، فيعرض عنه ، فقيل لفاطمة ، امضي إلى علي فما نرى رسول الله يريد غير علي فبعث فاطمة إلى علي عليه‌السلام فلما دخل فتح رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عينيه وتهلل وجهه ثم قال : إلي يا علي إلي يا علي فما زال يدنيه حتى أخذه بيده وأجلسه عند رأسه ، ثم اغمي عليه ، فجاء الحسن والحسين عليها‌السلام يصيحان ويبكيان حتى وقعا على رسول الله (ص) فأراد علي عليه‌السلام أن ينحيهما عنه ، فأفاق رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ثم قال : يا علي دعني أشمهما ويشماني ، وأتزود منهما ، ويتزودان مني ، أما إنهما سيظلمان بعدي ويقتلان ظلما ، فلعنة الله على

____________________

(١) كلما خ ل. (٢) ينظر خ ل.

٥١٠

من يظلمهما ، يقول ذلك ثلاثا ، ثم مد يده إلى علي عليه‌السلام فجذبه إليه حتى أدخله تحت ثوبه الذي كان عليه ، ووضع فاه على فيه ، وجعل يناجيه مناجاة طويلة حتى خرجت روحه الطيبة ، صلوات الله عليه وآله ، فانسل علي من تحت ثيابه وقال : أعظم الله اجوركم في نبيكم ، فقد قبضه الله إليه ، فارتفعت الاصوات بالضجة والبكاء فقيل لامير المؤمنين عليه‌السلام : ما الذي ناجاك به رسول الله (ص) حين أدخلك تحت ثيابه؟ فقال : علمني ألف باب ، يفتح لي كل باب ألف باب(١).

بيان : أرن ورن أي صاح ، وحر الوجه بالضم : ما بدا من الوجنة ، قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : حتى كنفت ، أي أحاطت ، وفي بعض النسخ : لثقت بالثاء المثلثة والقاف ، يقال : لثق يومنا كفرح : ركدت ريحه ، وكثر نداه ، وألثقه : بلله ونداه ، ولثقة تلثيقا : أفسده.

١٠ ـ ل : ابن الوليد ، عن محمد العطار ، عن الاشعري ، عن ابن معروف عن ابن أبي عمير ، عن أبي حمزة ، عن عقبة بن بشير قال : جئت إلى أبي جعفر عليه‌السلام يوم الاثنين فقال : كل ، فقلت ، إني صائم ، فقال : وكيف صمت؟ قال : قلت : لان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ولد فيه ، فقال : أما ما ولد فيه فلا تعلمون(٢) وأما ما قبض فيه فنعم ، ثم قال : فلا تصم ولا تسافر فيه(٣).

أقول : الاخبار كثيرة في أن وفاته صلى‌الله‌عليه‌وآله كان في يوم الاثنين ، وستاتي في أبواب الاسبوع.

١١ ـ ل : فيما أجاب أمير المؤمنين عليه‌السلام اليهودي الذي سأل عما ابتلي به عليه‌السلام وهو من علامات الاوصيآء ، فقال عليه‌السلام : أما أولهن يا أخا اليهود فإنه لم يكن لي خاصة دون المسلمين عامة أحد آنس به ، أو أعتمد عليه ، أو أستنيم إليه ، أو أتقرب به غير رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، هو ربانى صغيرا ، وبوأني كبيرا ، وكفاني العيلة ، وجبرني من اليتم ، وأغناني عن الطلب ، ووقاني المكسب ، وعال لي النفس والولد والاهل ، هذا في تصاريف أمر الدنيا ، مع ما خصنى به من الدرجات

____________________

(١) امالى الصدوق : ٣٧٦ ـ ٣٧٩. (٢) يعلمون خ ل.

(٣) الخصال ٢ : ٢٦.

٥١١

التي قادتني إلى معالي الحظوة عند الله عزوجل ، فنزل بي من وفاة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ما لم أكن أظن الجبال لو حملته عنوة كانت تنهض به ، فرأيت الناس من أهل بيتي بين جازع لا يملك جزعه ، ولا يضبط نفسه ، ولا يقوى على حمل فادح ما نزل به ، قد أذهب الجزع صبره ، وأذهل عقله ، وحال بينه وبين الفهم والافهام والقول والاستماع ، وسائر الناس من غير بني عبدالمطلب بين معزي يأمر بالصبر ، وبين مساعد باك لبكائهم ، جازع لجزعهم ، وحملت نفسي على الصبر عند وفاته بلزوم الصمت ، والاشتغال بما أمرني به من تجهيزه وتغسيله وتحنيطه وتكفينه والصلاة عليه ، ووضعه في حفرته ، وجمع كتاب الله ، وعهده إلى خلقه لا يشغلني عن ذلك بادر دمعة ، ولا هائج زفرة ، ولا لاذع حرقة ، ولا جزيل مصيبة حتى أديت في ذلك الحق الواجب لله عزوجل ولرسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله علي ، وبلغت منه الذي أمرني به ، واحتملته صابرا محتسبا ، ثم التفت عليه‌السلام إلى أصحابه فقال : أليس كذلك؟ قالوا : بلى يا أمير المؤمنين(١).

بيان : استنام إليه : سكن. الحظوة بالضم والكسر : المكانة ، والزفرة : التنفس الشديد ويقال : لذع النار الشئ ، أي أحرقته.

١٢ ـ ك : علي بن أحمد الدقاق : عن حمزة بن القاسم ، عن علي بن الجنيد الرازي ، عن أبي عوانة ، عن الحسين بن علي ، عن عبدالرزاق ، عن أبيه عن مثيا(٢) مولى عبدالرحمن بن عوف ، عن عبدالله بن مسعود قال : قلت للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا رسول الله من يغسلك إذا مت؟ فقال : يغسل كل نبي وصيه ، قلت : فمن وصيك يا رسول الله؟ قال : علي بن أبي طالب ، فقلت : كم يعيش بعدك يا رسول الله ، قال : ثلاثين سنة ، فإن يوشع بن نون وصي موسى عاش من بعده ثلاثين سنة وخرجت عليه صفراء (٣) بنت شعيب زوج موسى فقالت : أنا أحق بالامر منك ، فقاتلها فقتل مقاتلتها(٤) وأسرها فأحسن أسرها ، وإن ابنة أبي بكر ستخرج على علي في كذا وكذا ألفا من امتي ، فيقاتلها فيقتل مقاتلتها(٥) ويأسرها فيحسن أسرها

____________________

(١) الخصال ٢ : ١٧. (٢) هكذا في الكتاب وفيه وهم والصحيح : مينا.

(٣) تقدم في كتاب النبوة ان اسمها صفوراء. (٤ و ٥) في المصدر : مقاتليها.

٥١٢

وفيها أنزل الله تعالى : « وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرجن الجاهلية الاولى » يعني صفراء بنت شعيب(١).

١٣ ـ ير : أحمد بن محمد وأحمد بن إسحاق عن القاسم بن يحيى ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : لما قبض رسول الله (ص) هبط جبرئيل ومعه الملائكة والروح الذين كانوا يهبطون في ليلة القدر ، قال : ففتح لامير المؤمنين بصره فرآهم في منتهى السماوات إلى الارض ، يغسلون النبي معه ، ويصلون معه عليه ، ويحفرون له ، والله ما حفر له غيرهم حتى إذا وضع في قبره ، نزلوا مع من نزل ، فوضعوه فتكلم وفتح لامير المؤمنين سمعه فسمعه يوصيهم به فبكى ، وسمعهم يقولون : لا نألوه جهدا ، وإنما هو صاحبنا بعدك إلا أنه ليس يعايننا ببصره بعد مرتنا هذه ، حتى إذا مات أمير المؤمنين عليه‌السلام رأى الحسن والحسين مثل ذلك الذي رأى ، ورأيا النبي أيضا يعين الملائكة مثل الذي صنعوا بالنبي حتى إذا مات الحسن رأى منه الحسن مثل ذلك ، ورأى النبي وعليا يعينان الملائكة ، حتى إذا مات الحسين رأى علي بن الحسين منه مثل ذلك ، ورأى النبي وعليا والحسن يعينون الملائكة ، حتى إذا مات علي بن الحسين رأى محمد بن علي مثل ذلك ، ورأى النبي وعليا والحسن والحسين يعينون الملائكة ، حتى إذا مات محمد بن علي رأى جعفر مثل ذلك ، ورأى النبي وعليا والحسن والحسين وعلي بن الحسين يعينون الملائكة ، حتى إذا مات جعفر رأى موسى منه مثل ذلك ، هكذا يجري إلى آخرنا(٢).

١٤ ـ ير : محمد بن الحسن ، عن جعفر بن بشير وعن ابن فضال جميعا ، عن مثنى الحناط ، وأحمد بن محمد ، عن الحسن بن علي الخزاز وعلي بن الحكم جميعا عن مثنى الحناط عن الحسين الخراز ، عن الحسين بن معاوية قال : قال لي

____________________

(١) اكمال الدين : ١٧ و ١٨. والاية في الاحزاب : ٣٣ ، والحديث تقدم ايضا في ج ١٣.

٣٦٧. (٢) بصائر الدرجات : ٦١ و ٦٢.

٥١٣

جعفر بن محمد عليها‌السلام : دعا رسول الله (ص) عليا عليه‌السلام فقال له : يا علي إذا أنا مت فاستق ست قرب من ماء فإذا استقيت فانق غسلي ، وكفني وحنطني فإذا كفنتني وحنطتني فخذ بي وأجلسني ، وضع يدك على صدري وسلني عما بدالك(١).

١٥ ـ ير : أحمد بن محمد بن عيسى ، عن البزنطي ، عن فضيل سكرة قال : قلت لابي عبدالله عليه‌السلام : جعلت فداك ، هل للماء حد محدود؟ قال : إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال لامير المؤمنين علي عليه‌السلام : إذا أنامت فاستق لي ست قرب من مآء بئر غرس ، فغسلني وكفني وحنطني ، فإذا فرغت من غسلي(٢) فخذ بمجامع كفني وأجلسني ثم سائلني(٣) عما شئت ، فوالله لا تسألني عن شئ إلا أجبتك(٤).

كا : العدة ، عن سهل ، عن البزنطي مثله(٥).

يج : بإسناده عن سعد ، عن ابن أبي الخطاب ، عن البزنطي مثله(٦).

أقول : سيأتي مثله بأسانيد في أبواب علم أمير المؤمنين صلوات الله عليه.

١٦ ـ ص : قبض النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله يوم الاثنين لليلتين بقيتا من صفر سنة إحدى عشرة من الهجرة(٧).

بيان : هذا هو الموافق لما ذكره أكثر الامامية ، قال الشيخ رحمه‌الله في التهذيب : قبض صلى‌الله‌عليه‌وآله مسموما يوم الاثنين لليلتين بقيتا من صفر سنة عشرة من الهجرة(٨).

لكن قال الكليني رحمه‌الله : قبض صلى‌الله‌عليه‌وآله لاثنتي عشرة ليلة مضت من ربيع الاول يوم الاثنين وهو ابن ثلاث وستين سنة(٩).

وفي تفسير الثعلبي : يوم الاثنين لليلتين خلتا من ربيع الاول حين زاغت

____________________

(١) بصائر الدرجات : ٨١. (٢) وكفنى وتحنيطى خ ل.

(٣) ثم سلنى خ ل. (٤) بصائر الدرجات : ٨١.

(٥) اصول الكافى ١ : ٢٩٦. (٦) الخرائج.

(٧) قصص الانبياء : مخطوط. (٨) تهذيب الاحكام ٢ : ٢.

(٩) اصول الكافى ١ : ٤٣٩.

٥١٤

الشمس ، وسيأتي أقوال كثيرة من المخالفين في ذلك.

١٧ ـ ير : علي بن محمد ، عن حمدان بن سليمان النيشابوري ، عن عبدالله بن محمد اليماني ، عن منيع ، عن جده ، عن أبي رافع قال : إن الله تعالى ناجى عليا عليه‌السلام يوم غسل رسول الله(١).

١٨ ـ ك : المظفر العلوي عن ابن العياشي ، عن أبيه ، عن جعفر بن أحمد عن ابن فضال ، عن الرضا عليه‌السلام قال : لما قبض رسول الله (ص) جاء الخضر فوقف على باب البيت وفيه علي وفاطمة والحسن والحسين عليهم‌السلام ورسول الله (ص) قد سجي بثوب فقال : السلام عليكم يا أهل البيت(٢) ، كل نفس ذائقة الموت ، و إنما توفون اجوركم القيامة ، إن في الله خلفا من كل هالك ، وعزاء من كل مصيبة ، ودركا من كل فائت ، فتوكلوا عليه ، وثقوا به ، وأستغفر الله لي ولكم ، فقال أمير المؤمنين عليه‌السلام هذا أخي الخضر جاء يعزيكم بنبيكم(٣).

١٩ ـ ك : الطالقاني ، عن أحمد الهمداني ، عن علي بن الحسن بن فضال عن أبيه ، عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام قال : لما قبض رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أتاهم آت فوقف على باب البيت فعزاهم به ، وأهل البيت يسمعون كلامه ولا يرونه فقال علي بن أبي طالب عليه‌السلام : هذا هو الخضر ، أتاكم يعزيكم بنبيكم(٤).

٢٠ ـ ك : الطالقاني ، عن عبدالله بن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن علي بن سعيد بن بشير ، عن ابن كاسب ، عن عبدالله بن ميمون المكي ، عن جعفر بن محمد عن أبيه ، عن علي بن الحسين عليها‌السلام في حديث طويل يقول في آخره : لما توفي رسول الله (ص) وجاءت التعزية جاءهم آت يسمعون حسه ولا يرون شخصه فقال : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، كل نفس ذائقة الموت ، وإنما توفون اجوركم يوم القيامة إن في الله عزاء من كل مصيبة ، وخلفا من كل هالك ، ودركا من كل مافات(٥) ، فبالله فثقوا ، وإياه فارجوا ، فإن المصاب من حرم الثواب ، و

____________________

(١) بصائر الدرجات : ١٢٢.

(٢) في المصدر : بثوبه ، فقال : السلام عليكم يا اهل بيت محمد.

(٣ و ٤) اكمال الدين : ٢١٩. (٥) فائت خ ل.

٥١٥

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، قال علي بن أبي طالب ، هل تدرون من هذا؟ هذا الخضر عليه‌السلام(١).

٢١ ـ ير : أحمد بن محمد ، عن الاهوازي ، عن القاسم بن محمد ، عن علي ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : سم رسول الله يوم خيبر فتكلم اللحم فقال : يا رسول الله إني مسموم ، قال : فقال النبي عند موته : اليوم قطعت مطاياي(٢) الاكلة التي أكلت بخيبر ، وما من نبي ولا وصي إلا شهيدا(٣).

بيان : المطايا جمع مطية وهي الدابة التي تمطو في سيرها ، وكأنه استعير هنا للاعضاء والقوى التي بها يقوم الانسان ، والاصواب مطاي كما في بعض النسخ والمطا : الظهر.

٢٢ ـ ير : إبراهيم بن هاشم ، عن جعفر بن محمد ، عن القداح ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : سمت اليهودية النبي في ذراع ، قال : وكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يحب الذراع والكتف ، ويكره الورك لقربها من المبال ، قال : لما اتي بالشواء أكل من الذراع وكان يحبها ، فأكل ماشاء الله ثم قال الذراع : يا رسول الله إني مسموم فتركه ، وما زال ينتقض به سمه حتى مات صلى‌الله‌عليه‌وآله(٤).

٢٣ ـ شى : عن عبدالصمد بن بشير ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : تدرون مات النبي أو قتل إن الله يقول : « أفان مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم » فسم قبل الموت إنهما سقتاه ، فقلنا : إنهما وأبوهما شر من خلق الله(٥).

بيان : يحتمل أن يكون كلا السمين دخيلين في شهادته صلى‌الله‌عليه‌وآله.

٢٤ ـ ضا : روي أن عليا عليه‌السلام غسل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله في قميص ، وكفنه في ثلاث أثواب : ثوبين صحاريين ، وثوب حبرة يمنية ، ولحد له أبوطلحة ثم خرج أبوطلحة ودخل علي القبر فبسط يده ، فوضع النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فأدخله اللحد ، وقال :

____________________

(١) اكمال الدين : ٢١٩ و ٢٢٠ فيه. هذا هو الخضر. (٢) مطاى خ ل.

(٣ و ٤) بصائر الدرجات : ١٤٨.

(٥) تفسير العياشى ١ : ٢٠٠ والاية في النساء : ١٤٤.

٥١٦

إن عليا عليه‌السلام لما أن غسل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وفرغ من غسله نظر في عينيه(١) فرأى فيهما(٢) شيئا ، فانكب عليه فأدخل لسانه فمسح ما كان فيهما(٣) ، فقال : بأبي وامي يا رسول الله صلى الله عليك ، طبت حيا وطبت ميتا ، قاله العالم عليه‌السلام وقال جعفر عليه‌السلام : إن رسول الله (ص) أوصى إلى علي عليه‌السلام أن لا يغسلني غيرك ، فقال علي عليه‌السلام : يا رسول الله من يناولني الماء وإنك رجل ثقيل لا أستطيع أن اقلبك؟ فقال : جبرئيل معك يعاونك ويناولك الفضل الماء ، وقل له : فليغط عينيه فإنه لا يرى أحد عورتي غيرك إلا انفقأت عيناه ، قال : كان الفضل يناوله الماء ، و جبرئيل يعاونه ، وعلي يغسله ، فلما أن فرغ من غسله وكفنه أتاه العباس فقال : يا علي إن الناس قد اجتمعوا على أن يدفنوا النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله في بقيع المصلى ، وأن يؤمهم رجل منهم ، فخرج علي إلى الناس فقال : يا أيها الناس أما تعلمون أن رسول الله (ص) إمامنا حيا وميتا؟ وهل تعلمون أنه صلى‌الله‌عليه‌وآله لعن من جعل القبور مصلى ، ولعن من يجعل مع الله إلها ، ولعن من كسر رباعيته وشق لثته ، قال : فقالوا : الامر إليك ، فاصنع ما رأيت ، قال : وإني أدفن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله في البقعة التي قبض فيها ، ثم قام على الباب فصلى عليه ، ثم أمر الناس عشرة عشرة يصلون عليه ، ثم يخرجون(٤).

٢٥ ـ يج : سعد ، عن إبراهيم بن محمد الثقفي ، عن عباد بن يعقوب ، عن الحسن ابن الحسن بن(٥) علي بن زيد ، عن إسماعيل بن عبدالله بن جعفر بن أبي طالب عن أبيه ، قال : قال علي بن أبي طالب : أمرني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إذا توفي أن أستقي سبع قرب من بئر غرس فاغسله بها ، فإذا غسلته وفرغت من غسله أخرجت من في البيت ، قال فإذا أخرجتهم فضع فاك على في ثم سلني عما هو كائن إلى أن تقوم الساعة من أمر الفتن ، قال علي : ففعلت ذلك فأنبأني بما يكون إلى أن القوم

____________________

(١) في المصدر : في عينه. (٢) فيها خ ل. اقول : يوجد ذلك في المصدر.

(٣) فيها خ ل. اقول : يوجد ذلك في المصدر.

(٤) فقه الرضا : ٢٠ و ٢١. (٥) في المصدر : عن الحسين بن على.

٥١٧

الساعة ، وما من فئة تكون إلا وأنا أعرف أهل ضلالها من أهلها حقها(١).

٢٦ ـ يج : روى سعد عن الحسن بن علي الزيتوني ، عن أحمد بن هلال عن ابن أبي عمير ، عن حفص بن البختري ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لامير المؤمنين عليه‌السلام : إذا أنا مت فغسلني وكفني(٢) ، وما املي عليك فاكتب ، قلت : ففعل؟ قال : نعم(٣).

٢٧ ـ شا : لما أراد أمير المؤمنين عليه‌السلام غسل الرسول (ص) استدعى الفضل ابن العباس فأمره أن يناوله الماء لغسله(٤) بعد أن عصب عينه ، ثم شق قميصه من قبل حبيبه حتى بلغ به إلى سرته ، وتولى غسله وتحنيطه وتكفينه. والفضل يعاطيه(٥) الماء ، ويعينه عليه ، فلما فرغ من غسله وتجهيزه تقدم فصلى عليه وحده ولم يشركه معه أحد في الصلاة عليه ، وكان المسلمون في المسجد يخوضون فيمن يؤمهم في الصلاة عليه ، وأين يدفن ، فخرج إليهم أمير المؤمنين عليه‌السلام وقال لهم : إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إمامنا حيا وميتا ، فيدخل عليه فوج بعد فوج منكم فيصلون عليه بغير إمام وينصرفون ، وإن الله تعالى لم يقبض نبيا في مكان إلا وقد ارتضاه لرمسه فيه ، وإني لدافنه في حجرته التي قبض فيها ، فسلم القوم لذلك ورضوا به ولما صلى المسلمون عليه أنفذ العباس بن عبدالمطلب برجل إلى أبي عبيدة بن الجراح ، وكان يحفر لاهل مكة ويضرح ، وكان ذلك عادة أهل مكة ، وأنفذ إلى زيد بن سهل وكان يحفر لاهل المدينة ويلحد فاستدعاهما ، وقال : اللهم خر لنبيك ، فوجد أبوطلحة زيد بن سهل وقيل له : احفر لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فحفر له لحدا ، ودخل أمير المؤمنين عليه‌السلام والعباس بن عبدالمطلب والفضل بن العباس واسامة بن زيد ليتولوا دفن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فنادت الانصار من وراء البيت : يا علي إنا نذكرك الله وحقنا اليوم من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أن يذهب أدخل منا رجلا

____________________

(١) الخرائج : ٢٤٨ فيه روايات اخرى. (٢) زاد في المصدر : وحنطنى.

(٣) الخرائج : ٢٤٨ فيه روايات اخرى راجعه.

(٤) فغسله خ ل. (٥) يناوله خ ل.

٥١٨

يكون لنا به حظ من مواراة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال : ليدخل أوس بن خولي ، و كان بدريا فاضلا من بني عوف من الخزرج ، فلما دخل قال له علي عليه‌السلام : انزل القبر ، فنزل ووضع أمير المؤمنين رسول الله عليها‌السلام على يديه ودلاه في حفرته ، فلما حصل في الارض قال له : اخرج ، فخرج ، ونزل علي القبر فكشف عن وجه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ووضع خده على الارض موجها إلى القبلة على يمينه ، ثم وضع عليه اللبن وأهال عليه التراب ، وكان ذلك في يوم الاثنين لليلتين بقيتا من صفر سنة عشر(١) من هجرته صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وهو ابن ثلاث وستين سنة ، ولم يحضر دفن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أكثر الناس لما جرى بين المهاجرين والانصار من التشاجر في أمر الخلافة ، وفات أكثرهم الصلاة عليه لذلك ، وأصبحت فاطمة عليها‌السلام تنادي : واسوء صباحاه ، فسمعها أبوبكر فقال لها : إن صباحك لصباح سوء.

واغتنم القوم الفرصة لشغل علي بن أبي طالب عليه‌السلام برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله و انقطاع بني هاشم عنهم بمصابهم برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فتبادروا إلى ولاية الامر ، واتفق لابي بكر ما اتفق ، لاختلاف الانصار فيما بينهم ، وكراهية الطلقاء والمؤلفة قلوبهم من تأخر الامر حتى يفرغ بنو هاشم فيستقر الامر مقره فبايعوا أبا بكر لحضوره المكان ، وكانت أسباب معروفة تيسر للقوم منها ما راموه ، ليس هذا الكتاب موضع ذكرها. فيشرح(٢) القوم فيها على التفصيل ، وقد جاءت الرواية أنه لما تم لابي بكر ما تم وبايعه من بايع جاء رجل إلى أمير المؤمنين عليه‌السلام وهو يسوي قبر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بمسحاة في يده فقال له : إن القوم قد بايعوا أبا بكر ووقعت الخذلة للانصار لاختلافهم ، وبدر الطلقاء بالعقد للرجل خوفا من إدراككم الامر فوضع طرف المسحاة على الارض ويده عليها ثم قال : « بسم الله الرحمن الرحيم ألم * أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون * ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين * أم حسب الذين

____________________

(١) احدى عشرة خ ل. أقول : يوجد ذلك في المصدر.

(٢) في المصدر : فنشرح.

٥١٩

يعملون السيئات أن يسبقونا ساء ما يحكمون » (١) وقد كان جاء أبوسفيان إلى باب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وعلي والعباس متوفران على النظر في أمره ، فنادى :

بني هاشم لا تطمعوا الناس فيكم

ولا سيما تيم بن مرة أو عدي

فما الامر إلا فيكم وإليكم

وليس لها إلا أبوحسن علي

أبا حسن فاشدد بها كف حازم

فإنك بالامر الذي تبتغي(٢) ملي

ثم نادى بأعلى صوته : يا بني هاشم يا بني عبد مناف ، أرضيتم أن يلي عليكم أبوفصيل الرذل بن الرذل أما والله لو شئتم لاملانها عليهم خيلا ورجلا ، فناداه أمير المؤمنين عليه‌السلام : ارجع يا أبا سفيان فوالله ما تريد الله بما تقول وما زلت تكيد الاسلام وأهله ، ونحن مشاغيل برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وعلى كل امرئ ما اكتسب وهو ولي ما احتقب ، فانصرف أبوسفيان إلى المسجد فوجد بني امية مجتمعين فيه ، فحرضهم على الامر ولم ينهضوا له ، وكانت فتنة عمت ، وبلية شملت ، و أسباب سوء اتفقت ، تمكن بها الشيطان ، وتعاون فيها(٣) أهل الافك والعدوان فتخاذل في إنكارها أهل الايمان ، وكان ذلك تأويل قول الله عزوجل : « واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة » (٤).

توضيح : قال الجوهري : الضريح : الشق في وسط القبر ، واللحد في الجانب وقال : توفر عليه ، أي رعى حرماته. واحتقبه : احتمله.

٢٨ ـ قب : أقام بالمدينة عشر سنين ، ثم حج حجة الوداع ، ونصب عليا إماما يوم غدير خم ، فلما دخل المدينة بعث اسامة بن زيد وأمره أن يقصد حيث قتل أبوه ، وجعل في جيشه وتحت رايته أبا بكر وعمر وأبا عبيدة ، وعسكر اسامة بالجرف. فاشتكى شكواه التي توفي فيها ، فكان يقول في مرضه : « نفذوا جيش اسامة » ويكرر ذلك ، فلما دخل سنة إحدى عشرة أقام بالمدينة المحرم ، ومرض

____________________

(١) العنكبوت : ١ ـ ٤. (٢) يرتجى خ ل. أقول : في المصدر : ترتجى.

(٣) عليها خ ل.

(٤) ارشاد المفيد : ٩٨ ـ ١٠١ والاية في الانفال.

٥٢٠