معجم رجال الحديث - المقدمة

معجم رجال الحديث - المقدمة

المؤلف:


الموضوع : رجال الحديث
الطبعة: ٥
الصفحات: ٥٠٣

١
٢

٣
٤

مقدمة الطبعة الاولى

٥
٦

على أعتاب الكتاب

بسم الله الرحمن الرحيم

لقد أولاني الامام المؤلف أعباء النهوض بهذه الموسوعة العلمية الجبارة ، فكان لي شرف الامتثال ، والبدء بالاشراف على اخراجها.

ومن الطبيعي أن اعرض ـ بين يدي عملي هذا ـ عدة نقاط يهمني عرضها وتبسيطها ، وهى من مستلزمات اخراج الجزء الاول منها. على ان استغناءها عن أية اشادة أو اطراء من أجلى ما يدركه الباحث عند وقوفه على محتوى الكتاب ومستواه. ويكفي به وزنا ومكانة أن تدفق به جهد الامام المؤلف ، وفاضت به عبقريته وخبرته ، ومراسه العلمي الطويل.

ولست مغاليا إذا قلت : أن عديدا من العلوم التي برع فيها الامام المؤلف قد ترك فيها أثرا بارزا من الابداع والتطوير ، وترك ـ إلى جانب ذلك ـ عديدا من الرجال الذين يتدارسونها ، ويحملون رسالتها العلمية عبر الاجيال.

وعلم الرجال .. أحد العلوم الاسلامية التي حررها ، ومحص اصولها وبعثها ـ في الحوزة العلمية ـ بعثا جديدا ظهر عمقها واصالتها ، ولذلك امكن الاخذ به اساسا علميا سليما لمختلف الاحكام الفقهية التي تعتمده ، تستند إليه.

ولم تقتصر هذه المحاولة الرجالية البناءة على جانب زمني معين ، ولا على مرحلة من ادوار نشوء هذا العلم أو تكامله ، ـ مع انه مني في فترات طوال بشئ كثير من الضياع والجمود ـ بل امتدت ابعادها وآثارها إلى المباني والقواعد العامة التي أسسها الرواد الاوائل لهذا العلم ، بقطع النظر عن مستوياتهم وأقدارهم العلمية ، وقيمة آرائهم ونظرياتهم ، واجتهادهم في قوة أو ضعف هذه القواعد والمباني أو حجيتها. اللهم إلا ما ثبت اعتباره وقامت الحجة على أخذه اساسا يعول عليه.

٧

ولم تحدث هذه الموسوعة الرجالية الجبارة هزة فكرية في اروقة العلم فحسب ، بل جلت عن صفحات هذا الفن ماران عليها من صدأ كثيف ظل يتآكله عبر السنين ، فبدأ ـ من جديد ـ يلوح طريقه إلى النمو والازدهار.

ولم يكن الباعث على إعداد هذه الموسوعة الرجالية إلا الفراغ الذي ادركه الامام المؤلف في المناهج والحقول التي تتدارسها الحوزة العلمية ، وما استحوذ ـ أيضا ـ على هذا الفن من جمود وضياع. على انه احدى مقومات الاجتهاد ومعداته الرئيسة.

وقد مضى الدارسون للشريعة الاسلامية ـ في الاعم الاغلب ـ يقتصرون على مذاهبهم وارائهم الرجالية التي يأخذون بها في حدود حاجتهم إلى استنباط حكم شرعي ، أو دراسة فقهية ، من دون ان يمارسوا هذا العلم في خط يمتد مع الفقه واصول الفقه في كل مامرا به من مراحل التطور والتكييف والملاءمة. وكان مرد ذلك إلى صعوبة الاحاطة بخطوط هذا الفن وخيوطه ، واستيعاب جزئياته وفروعه ، ثم اتباع الرأي والاجتهاد فيها ثم الجهد في جمعها وتدوينها بشكل متماسك ورصين.

ولم يقتصر جهد الامام المؤلف على تهذيب هذا العلم وتشذيبه فحسب. بل استطاع ان يفجر ينابيع العلم ، ويبني صروحها وقواعدها على الاجتهاد الحر ، والرأي الراجح ، والتمحيص الدقيق.

فقد هذب علم الاصول ، وحرر قواعده في سلسلة من التقريرات التي دونها تلامذته المجتهدون.

كما عالج ـ بهذا الطابع الاصيل ـ مختلف الموضوعات الفقهية التي لا تزال تتدفق في سلسلة بحوث وتقريرات متصلة الحلقات إلى آخر ابواب الفقه واحكامة.

وعلى هذا النهج المتحرر وضع في تفسير القرآن مدخلا نموذجيا اخذ فيه ـ على خلاف المفسرين ـ بمبدأ تفسير القرآن بالقرآن ، واستكناه معارفه ، واستجلاء معانيه ، والاهتداء إلى كنوزه واسراره العلمية التى انطلقت فيها حضارة الانسان ورقيه ، وهو مبدأ تجلى فيه استغناء القرآن عن كل نوع من انواع المعرفة

٨

الانسانية ، وحاجتها هي إلى جميع طاقات القرآن وقدراته وآفاقه.

وحين رأى الامام المؤلف ضرورة الاهتمام بعلم الرجال ، وما يمكن تطعيمه من عناصر واتجاهات حديثة تعالج جموده وانكماشه : فقد افرغ وسعا ـ طيلة خمس سنوات ـ للبحث عن جذور هذا الفن واصوله بالمستوى الذى ينهض به ، فاستطاع ان يقدم عشرين مجلدا ونيف ، ومدخلا يتضمن تقريرا للقواعد الرجالية التي طورها وتبناها ، وناقشها ، تمهيدا للخوض في التعريف بالرجال ، وتقرير مصيرهم ، ودراسة أحوالهم.

علم الرجال

إن حاجتنا إلى معرفة حال الرواة : جرحهم وتعديلهم هو الذي يجسد لنا الحاجة إلى علم الرجال ، والوقوف على تفاصيله واحكامه ، وهو علم يتوقف عليه الاجتهاد واستنباط الاحكام الشرعية من مصادرها واصولها.

ويبدو ان هناك جذورا مشتركة بين علم الرجال ، وعلم السير (تراجم الاعلام والمشاهير) كما يبدو ان هذه الجذور المشتركة تؤلف علاقة اخرى بينها وبين علم الانساب ، وان هذه الجذور بالذات تربط هذه الحقول الثلاثة بعضها مع بعض ، وهي تمتد إلى اصل التاريخ بمعناه العام.

بين الرجال والسير

إن ما يعنى به الرجال هو البحث عن حال الرجل من حيث صلاحه أو فساده ، لامكان الاعتماد عليه ، أو رفضه ، وامكان الاخذ بروايته أو ضربها ، عن ما يوجد في سند الحديث. فما يتصل بمعرفته من هذه الوجوه يكون دخيلا في ترجمته. وعلى هذا الاساس فقد يتعرض لخصوصية ميلاده أو وفاته ، عند ما يوجد التباس أو اختلاط ، أو بالاصح لئلا يوجد في الرواة مثل هذا الالتباس.

وأما علم السير : فيتضمن ترجمة الاشخاص الاعلام من حيث خصائصهم النفسية وشمائلهم ، وما يتحلون به من فضائل ، وما لهم من رذائل ، كما يبحث عن

٩

مولد الشخص ووفاته ، وسائر شؤونه الخاصة ، وما يقع له من جسيم الاعمال. والمقصود به : استيعاب مختلف اتجاهاته وميوله ، ومراحل حياته لاكتمال صورة واضحة المعالم والخطوط لجوانب شخصيته.

وبتعبير آخر : إن الفارق الكبير بين طريقة الرجالي ، ومؤرخ السير هو : ان الثاني يبحث عن حياة شخص باعتباره عالما ، أو اديبا ، أو شاعرا ، أو كاتبا ، أو مؤلفا : للاشادة بافكاره وآثاره العلمية والادبية ، وضبطها بشكل مختصر أو مفصل. وأما الرجالي : فيتقيد للراوي بذكر كتابه ، وروايته من كل ما يتصف به من ثقافة أو علم ، كما انه يتقيد بالبحث عن الرجل من جهة تحليه بالصدق والامانة ، أو اتصافه بالكذب والخيانة ، الامر الذي يقصد به تحري الصحة والاعتبار ، وتفادي الوضع والاختلاق في الحديث ، لما يترتب عليه من أثر شرعي ، هو التوصل إلى معرفة حكم من احكام الله ، وهي الغاية القصوى من الخوض في هذا العلم. وبتعبير اخصر : ان الرجالي يتحرى أحوال الرواة ، ومعرفة كونهم عدولا أو ثقات ، أو ضعافا ، أو مهملين ، أو مجهولين. بينما يبحث مؤرخ السير عن أحوال الاشخاص باعتبار كونهم اعلاما ذوي شهرة وآثار في التاريخ.

علم الرجال والانساب

كثيرا ما تستند كتب الرجال في التمييز بين الاشخاص المختلطة وغير المختلطة إلى انسابهم ، وكثيرا ما يذكر وجه هذا النسب أيضا ، كأن يكون نسبا صريحا ، أو نسبا مشتهرا لحق بالرجل بسبب اختلاط بقبيلة ، أو بسبب سكنى أو مجاورة ، أو نسبة ، أو لكونه من مواليهم ، وعلى الرغم من اعتماد الرجل على شئ من معرفة الانساب ، الا ان علم الرجال لا يتوقف ـ عدا ذلك ـ على علم النسب ، وتفاصيله وموضوعاته.

مهمة التاريخ وعلم الرجال

والتاريخ ـ بصفة عامة ـ مقياس زمنى دقيق لمختلف الوقائع والاحداث

١٠

يتناول أحوال الطوائف والاشخاص والانساب ، ويقف على الحوادث الجديرة بالاعتبار ، كما يقف على سير العلوم والفنون في مختلف مراحلها واطوارها.

والتاريخ ـ بهذا المفهوم العام ـ يشتمل ـ فيما يشتمل ـ على الحقول والاختصاصات الثلاثة : (السير ، الانساب ، الرجال) باعتباره يؤرخ الاشخاص ، ويبحث عن احوالها ، وباعتباره يورخ الانساب ، ويعالج موضوعاتها ، وباعتباره يؤرخ اشخاصا يقف على احوالها وسلوكها ، من قبيل صدقهم وامانتهم ، أو كذبهم وخيانتهم ، وما إلى ذلك مما يستند إليه علم الرجال للوصول إلى غاياته وأغراضه.

منهج المؤلف

ومنهجية التأليف موضوعة على اساس خطة علمية ، تتركز على ناحيتين هامتين :

١ ـ المبادئ الاجتهادية التي قلبت المفاهيم الرجالية ، القواعد التاريخية الموروثة في علم الرجال ، وهي مقاييس عامة للتوثيق والتعديل ، أو التجريح والاسقاط.

فقد ينسف الامام المؤلف قاعدة من قواعد هذا العلم لضعف في حجيتها ، أو وجود حجة على خلافها. وقد يضرب تلك القاعدة عرض الحائط لضعف في تفسيرها ، أو دلالتها ، أو لكونها لازما أعم ، كما هو الامر في قاعدة الوكالة ، التي كان القدامى يوثقون من يجدونه موصوفا بها ، فيختلف معهم في تفسيرها وتقديرها ، وينتهي ـ على العكس منهم ـ إلى ان الوكالة من الامام (ع) أمر لا يوجب التوثيق ـ وان أوجب الاعتماد فيما يوكل إليه ـ وان مالها من مداليل قد لايشعر جميعها بامانة الحديث باي حال من الاحوال.

٢ ـ المزايا العلمية التي طعم بها الكتاب ، مما فات المؤلفين السابقين ، من قبيل التركيز على المصدر الام ، ومن قبيل استقصاء جميع روايات الراوي ومن حدث عنه ، ومن قبيل التعرض للرواة من كتب الرجال والحديث معا ، ومن قبيل عدم الاكتفاء بتوثيقات المتأخرين للرواة ان كان للقدماء فيهم رأي ، ومن قبيل

١١

التدقيق على وجه علمي عن سبل وثاقتهم وحسنهم.

فقد يضعف من الرجال من مضى على توثيقه عدة قرون ، أو يوثق من مشى تضعيفه في أكثر الكتب الرجالية وأخطرها ، ثم قد يجد اتحادا بين كثير من الرجال الذين تعددت اسماؤهم وعناوينهم ، أو يجد في كثير ممن رأوا اتحادهم تعددا واضحا اغفله القدامى والمحدثون.

وفي الواقع : ان الميزة العلمية التي برز بها هذا المشروع الجبار هي التجربة العلمية التي حاول بها المؤلف تطوير فكرة القواعد الرجالية التي تتبدل ـ على اساسها ـ مصائر رجال الحديث ، وتتغير اقدارهم ، وتتبلور شخصياتهم ، وما يتفرع على ذلك من تبدل في الاحكام الفقهية المأخوذة من النصوص المأثورة عنهم.

وهكذا ... غربل قواعد هذا العلم واحدة واحده ، ووضع رجال الحديث في الميزان واحدا بعد واحد. فاما من خفت موازينه منهم فلم يملا فراغا ، ولم يترك ظلا ، واما من ثقلت موازينه ، وتوفرت فيه شروط العدالة والتوثيق : تماسكت به عرى الحديث ، وسلمت حلقاته من المؤاخذات الرجالية ، وتم الاخذ به في طريق الاستنباط والتوصل إلى حكم من احكام الله.

وعلى هذا الاساس ترتكز السلسلة الرجالية المطولة التي يتألف منها هذا السفر الرجالي المستوعب.

وقد بسط الامام المؤلف ـ في المدخل ـ جميع مزايا الكتاب ، وجلا فيه ما امكن تطعيمه من اراء ونظريات ، وخصائص علمية وفنية ترجع إلى تطوير هذا العلم وتيسيره ، ودعم فاعليته وعطاه.

ماذا في المدخل؟

بحث الامام المؤلف عدة موضوعات رجالية اوضح فيها اراءه واحكامه ومبانية التي اخذ بها في كتابه هذا. وقد فصلها في مقدمات ست ، تتلخص فكرتها في هذا الاستعراض الموجز :

في المقدمة الاولى : عالج الامام المؤلف الحاجة إلى علم الرجال ، واستعرض

١٢

سلسلة من المقدمات تدرج فيها إلى ضرورة الرجوع إلى هذا العلم ، والاخذ به في طريق الاستنباط ، كما تدرج فيها إلى زيف الاراء القائمة على انكار الحاجة إليه والاخذ باحكامه.

وفند ـ في هذه المقدمة أيضا ـ المذهب القائل : ان الكتب الاربعة قطعية الصدور. وناقش ـ بعمق ـ آراء الاخباريين التي تدعى القطع بصدور جميع هذه الروايات من المعصومين (ع) وأوضح زيفها وفسادها بأدلة قاطعة ، وشواهد صريحة لقادتهم ، تناقض ما فسروه من اقوالهم ، وبذلك دعم حقائق كثيرة أهمها ضرورة تمحيص الاحاديث ، وتصنيفها ، والاخذ بما يترتب على ذلك من الرجوع إلى علم الرجال وأحكامه.

وفي المقدمة الثانية : جلا عديدا من المعايير العلمية التي تثبت به الوثاقة أو الحسن ، وحددها بدقة لاتقبل الخطأ والشذوذ ، وبذلك محص قواعد التوثيق التي يعتمدها المجتهدون في عملياتهم ومحاولاتهم لاستنباط الاحكام الشرعية على وجه سليم.

وفي المقدمة الثالثة : تناول موضوع التوثيق الضمني ، وساوى بين ان تكون الشهادة بوثاقة شخص بالدلالة المطابقية ، أو بالدلالة التضمنية ، وبهذا التوثيق الجماعي رأى وثاقة من وقع في أسناد كامل الزيارات وغيرهم ممن تنطبق عليهم هذه القاعدة الرجالية. حتى ولو كان مجروحا في مذهبه.

وناقش من جهة اخرى بعض صغريات هذا المبدأ ، وزيف بعض تطبيقات العلماء التي أدت نتائجها إلى عدم توثيق أفراد أو جماعات.

وفي المقدمة الرابعة : ناقش سائر التوثيقات العامة التي اعتبرها البعض موجبا للتوثيق ، ووقف على مناشيها ، ومن بدأ بالقول بها ، كما استعرض نصوصها وشواهدها ، ونفى ان يكون منطوقها على وجه يفهمه المتمسك بها ، وناقش هذه التوثيقات نقاشا موضوعيا انتهى إلى عدم اعتبارها وحجيتها ، وأوصد الطريق على من يحاول التمسك بامثال هذه الامور التي لا تقوى على التوثيق. وبهذا أضاف عنصرا جديدا من التقييد والحصار على ما يوجب التوثيق أو الحسن.

وفي المقدمة الخامسة : صوب الامام المؤلف نظرته إلى صحة جميع روايات

١٣

الكافي ، وناقش النصوص والشواهد التي استدل بها المدعي على ذلك ، واستدل بها على ما يناقضه ، وما يتضح به الحق في المسألة. وهو ابطال ما قيل من صحة جميع روايات الكافي.

وبنفس الاسلوب ناقش الادعاء القائل بصحة جميع روايات من لا يحضره الفقيه ، كما أبطل القول ـ كذلك ـ بصحة روايات التهذيبين. وبدد ـ بقوة ـ آراء القائلين بها وادلتهم. وانتهى إلى القول بلا بدية النظر في سند كل رواية يجد ذاتها ، فان توفرت فيها شروط الحجية اخذ بها ، والا اخذ برفضها.

وفي المقدمة السادسة : استعرض الاصول الرجالية الخمسة المعتمدة وابدى شكه في نسبة بعض الكتب إلى اصحابها ، مثل الرجال المنسوب إلى ابن الغضائري ، وغربل بعض ما اثير حوله من شبهات واقوال دلت على عدم حجيته ونفي نسبته ، وانتهى إلى القول يوضعه واختلاقه ولذلك لم يعتمد الامام المؤلف ـ في رجاله وفقهه ـ على هذا الكتاب ، ولم ينقل عنه. وقد عرى هذا الكتاب ، المنتحل للباحثين مما لم يدع شكا فيما ذهب إليه.

تخطيط الكتاب

وأما من حيث تخطيطه وشكليته. فقد روعي في وضعه التنظيم الحديث الذي ينسجم وطبيعة الباحث المعاصر ، وطراز ذوقه وتفكيره.

فقد استعرض المادة العلمية ـ بأبعادها وشمولها ـ مذيلة بالاصول والمصادر التي تعين الباحث على معرفة ما في الكتاب من نصوص وآراء ومناقشات.

كما وقد درج على ذكر الترجمة الرجالية الوافية في الحقل الرئيس من الاسماء ، وتابع ـ بعد ذلك ـ كل ما وردت له من روايات في الكتب الاربعة وعناوين متفرقة في الاصول الرجالية الخمسة ، ولذلك لا توجد في هذا المعجم ترجمة موزعة بين عنوانين أو أكثر ، كما توجد روايات كثيرة متناثرة تحت هذه العناوين المتفرقة التي تعرضت لها كتب الحديث.

كما عالج ـ بدقة ـ الاسماء المتحدة : (وهي الاسماء المختلفة العناوين المتحدة الاشخاص) التى نشأ تعددها بسبب تعدد اسمائهم واوصافهم واختلاف

١٤

كتب الحديث والرجال في عناوينهم ، حيث اتبع في هذه الموسوعة طريقة تمييزية لمعرفة ما إذا كان منشأه الحديث أو الرجال ، فإذا كان الاسم عنوانا لترجمة رجالية ـ في هذا المعجم ـ فهو ممن عنونه الرجاليون. واما إذا كان عنوانا لرواية أو اكثر فهو ممن ضبطته كتب الحديث ، ونقلته معاجمها.

وهناك ما يسمى ب‍ « المشتركات ـ وهو كل عنوان يقع في أسناد كثيرة من الروايات » عالجها بان : « تعرض في ترجمة كل شخص بذكر جميع رواياته ومن روى عنهم ، ولذلك يحصل التميز الكامل بين المشتركات غالبا ».

وكذلك اتبع طريقة ثبت الرواة في حقل « طبقته في الحديث » ما لم تخرج كثرته عن خطة الكتاب ، وأما إذا زادت هذه الطبقات فتثبت في هذا الحقل من دون مصدر ، وتثبت ـ مذيلة بالمصادر ـ في « تفصيل طبقات الرواة » الملحق بالمعجم.

ولذلك عقد معجما تفصيليا لطبقات الرواة ومصادرها ، افرد له حقلا مستقلا لئلا يكون حاجزا كبيرا بين تسلسل الرجال وما يحاول المتتبع ملاحقته واستيعابه.

كما تابع ـ في هذا المعجم ـ موضوع : « اختلاف الكتب ـ وهو اختلاف الكتب الاربعة في أسانيد الروايات » حيث أخذ يعقبه بما هو المحرف وما فيه السقط ، وبما هو الصحيح ، أو الاقرب إلى الصحة.

وعني كذلك باختلاف النسخ ، سواء ما يرجع منها إلى النصوص المختلفة التي يستشهد بها في تقرير الرجال ، أو ما يرجع منها إلى الاسماء التي تظهر كثيرا في العناوين المبحوث عنها ، فان ذلك مما تأرجحت به كتب الرجال وترددت فيه معاجمها.

ويمكن ان تجدد هذه الاختلافات في هذه الموارد :

١ ـ إختلاف الكتب : ويعني ذلك اختلاف الكتب الاربعة فيما بينها بخصوص الاسانيد.

٢ ـ إختلاف النسخ : ويرجع ذلك إلى اختلاف النقل من الكتب الاربعة ، كما إذا نقل صاحب الوسائل نقلا اختلف نصه ـ بكثير أو قليل ـ عما نقله الوافي

١٥

من أحد هذه الكتب.

٣ ـ إختلاف الاسماء : وهو اختلاف الرجاليين في ضبط الرجل باسم أو بآخر ، أو بوصف أو آخر اشتهر به.

ولكل من هذه الموارد حساب خاص ، عالجه الكتاب بدقة وتحقيق ، وهذه الميزات العديدة هي التي كونت الطابع الاول لهذا الكتاب ، ودفعت بصورة ملحة إلى وضعه واعداده وفق هذا التخطيط.

الاخراج

ولعل المزية الفذة التي حاول مخرج الكتاب ان تمتاز بها جميع أجزائه هو التماس افضل السبل إلى تنسيقه وهندسته بما يبهر القارئ ويعينه ، ويزيد من اقباله على فهمه وهضمه بيسر وسهولة.

وأهم ما روعي في اخراجه هو تنظيم كشف داخلي ، وارجاعات تشير إلى عديد من الرجال يعتبرهم الامام المؤلف مجرد عناوين ليس وراؤها إلا مسمى واحد.

وقد وضعت طريقة خاصة لهذه الارجاعات الكاشفة عن اتحادها ترشد الدارس إلى تجميع مصادر الترجمة والرواية ، والاحاطة بها.

وهي ـ في واقعها ـ مصادر رجالية مكتملة الجوانب لواحد من الرواة تناثرت بين كتب الحديث والرجال.

ثم ان هذه الارجاعات الكاشفة التي من شأنها أن تطوف بالباحث على مختلف الاسماء المترابطة ، وجميع العناوين المختلفة التي يمكن أن يعرف بها أحد الرواة : مما يعين الباحث على معرفة أية رواية أو ترجمة ترجع إلى هذا الراوي في مختلف عناوينه الرجالية ، ومصادره الروائية من دون جهل به ، أو لبس بغيره.

على أن الامام المؤلف لا يكاد يفرغ من تفاصيل ترجمة أحد الرجال إلا ويلاحظ عليه اتحاده مع غيره ، ان كان هناك اتحاد ، أو تغايره معه ان كان ثمة تغاير.

ويمكن أن يلاحظ في هذا الكشف أمور :

١٦

١ ـ ليس المقصود بعلامة التساوي : تطابق الاسماء واتحادها بل اشارة إلى مجرد ترابط واقع بينها.

٢ ـ إن هذه الارجاعات : لا تكشف ـ بما لها من رمز ـ عن نوعية أي ترابط واتحاد ما لم يكشف عنها الامام المؤلف ، وما لم يجتهد في تحديدها بمقياس الحجة التي يتذرع بها في تقرير هذا الاتحاد واثباته ، فمرة ينتهي إلى الحكم بالاتحاد على أساس الاستظهار ، واخرى على أساس الرجحان والقوة ، وثالثة على أساس الاتحاد الناجز الذي لا يقبل الشك والجدل. وقد يتوقف أيضا عن الحكم بالاتحاد.

٣ ـ وتستقطب هذه الارجاعات اسما رئيسا ترجع إليه الاسماء العديدة الاخرى التي تتحد معها ، وذلك تبعا للاسم الذي استقطبه الكتاب ، وارجع إليه ، كما يلاحظ ذلك ـ مثلا ـ في ابراهيم بن اسحاق. وابراهيم بن عثمان الخزاز. أضف إلى ذلك : ان كل اسم فرعي منها يرجع في هذا التقسيم إلى اسم متقدم ، واسم متأخر ، وبذلك يقف المتتبع على جميع الاسماء المترابطة ، ويدور عليها ، ويتدرج في الاحاطة بجميعها.

٤ ـ إذا كان اسمان ـ أو أكثر ـ موضوعي ترابط. واتحاد فلا يشير الاسم المترجم إلى الاسم المجرد عن الترجمة أو الرواية ، ولا يرجع إليه ، كما هو الامر ـ مثلا ـ في ابراهيم بن يحيى الثوري ، وابراهيم بن يحيى الدوري ، إذ لم يعنون الكتاب أمثال هذه الاسماء المجردة عن الترجمة أو الرواية إلا اتباعا لكتب الرجال ، وقياسا عليها.

١٧

التدقيق والتنسيق

وقد انيط أمر هذا السفر الجليل ـ بعد اعداده ـ إلى جملة من الافاضل لتعمل على :

أ ـ تنظيم المتفرقات من الرواة.

ب ـ التأكد من سلامة النقل وملاحظة الارقام.

ج ـ تنظيم الارجاعات الكاشفة في الاسماء المترابطة.

د ـ ملاحظة التنسيق والاخراج.

ه‍ ـ الاستنساخ.

و ـ مقابلة الاستنساخ.

ز ـ الاشراف على التصحيح.

لجنة الضبط والتصحيح :

١ ـ الشيخ محمد المظفري : لتنظيم المتفرقات من الرواة

٢ ـ الشيخ حيدر علي هاشميان : لتنظيم المتفرقات من الرواة

٣ ـ الشيخ يحيى الاراكي : للتأكد من سلامة النقل وملاحظة الارقام

٤ ـ السيد مرتضى النخجواني : للاستنساخ

٥ ـ السيد عبد العزيز الطباطبائي : للتصحيح

٦ ـ السيد جواد الكلبايكاني : للاشراف على التصحيح

٧ ـ الشيخ محمد كاظم الخوانساري : لتدقيق التصحيح

٨ ـ الشيخ فخر الدين الزنجاني : لمقابلة الاستنساخ

٩ ـ الشيخ محمد التبريزي : لمقابلة الاستنساخ

١٠ ـ الشيخ غلام رضا الرحماني : لمقابلة الاستنساخ

١١ ـ السيد مرتضى الحكمي : للاخراج والارجاعات الرجالية الكاشفة

١٨

نموذج الكتاب الخطي :

ومما ينبغي ان اكلل به اخراج الكتاب ـ لاعتبارات لاتخفى ـ هو ان أثبت هنا نموذجا من خط الامام المؤلف ، دون به معظم موسوعته هذه :

١٩

وقد وقع الفراغ من هذا السفر الجليل ليلة التاسع عشر (١٩) من رمضان المبارك سنة (١٣٩٠) في بحبوحة من المسئو ليات الدينية وشؤون المرجعية العليا. غير ان الامام المؤلف لم يستبدل ـ في حال من الاحوال ـ بجهده العلمي المتواصل ، ودفعه للحركة العلمية مهمة اخرى مهما تعاظمت. بل ان الدأب على العلم والبحث عن الحقيقة من أهم ما ظل يمارسه ويتفرغ له ، الامر الذي خلد له آثارا عظيمة برزت في كثير من حقول العلم والمعرفة.

ومما يجدر التنويه عنه هو : ان الكتاب يقع في عشرين مجلدا أو يزيد ويبدأ الجزء الاول منه ب‍ (أبان) وينتهي ب‍ (أحكم) كما يبدأ القسم الاول من تفصيل طبقات الرواة الملحق بالمعجم ب‍ (أبان) وينتهي ب‍ (ابراهيم الكرخي).

ومن الانصاف أن نذكر بالتقدير :

أ ـ جهد الافاضل الذين اعانوا على تيسير هذه الموسوعة الرجالية الجليلة في أيدي القراء والباحثين.

ب ـ اهتمام مطبعة الآداب بضبط الكتاب ، وحرصها على اخراجه بهذا المظهر الانيق الرائع.

ومن الله نستمد العون ، ونستلهم التوفيق ، لاكمال هذا المشروع العلمي الجبار ، ليبقى نموذجا حيا في هذا الحقل من المعرفة ، تسترشد به الاجيال الواعية التي يهمها الاحتفاظ بتراثها الاسلامي الحي. والله من وراء القصد.

النجف الاشرف

مرتضى الحكمي

٢٠