علل الشرائع والأحكام والأسباب - ج ٣

أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي [ الشيخ الصدوق ]

علل الشرائع والأحكام والأسباب - ج ٣

المؤلف:

أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي [ الشيخ الصدوق ]


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: الوفاء
الطبعة: ١
ISBN: 978-964-319-612-7
ISBN الدورة:
978-964-319-609-7

الصفحات: ٣٩٦

عن محمّد بن علي الكوفي ، عن عبدالرحمن بن سالم ، عن المفضّل بن عمر ، قال : قلت لأبي عبدالله عليه‌السلام : أخبرني لِمَ حرّم الله عزوجل لحم الخنزير؟

قال : «إنّ الله تبارك وتعالى مسخ قوماً في صُوَر شتّى مثل الخنزير والقردوالدبّ ، ثمّ نهى عن أكل المثلة ، لكيلا ينتفع بها ولايستخفّ بعقوبته» (١) .

[ ١٠٩٠ / ٤ ] حدّثنا عليّ بن أحمد بن محمّد رضي‌الله‌عنه ، قال : حدّثنا محمّد بن أبي عبدالله الكوفي ، عن محمّد بن إسماعيل البرمكي ، عن عليّ بن العبّاس ، قال : حدّثنا القاسم بن الربيع الصحّاف ، عن محمّد بن سنان أنّ الرضا عليه‌السلام كتب إليه فيما كتب من جواب مسائله : «حرّم الخنزير ؛ لأنّه مُشوّه جعله الله تعالى عظةً للخلق وعبرةً وتخويفاً ودليلاً على ما مسخ على خلقته ؛ ولأنّ غذاءه أقذر الأقذار مع علل كثيرة.

وكذلك حرّم القرد ؛ لأنّه مسخ مثل الخنزير ، جعل عظةً وعبرةً للخلقودليلاً على ما مسخ على خلقته وصورته ، وجعل فيه شبهاً من الإنسان ليدلّ على أنّه من الخلق المغضوب عليهم».

وكتب الرضا عليه‌السلام إلى محمّد بن سنان فيما كتب إليه من جواب مسائله : «حُرّمت الميتة لِما فيها من فساد الأبدان والآفة ، ولما أراد الله عزوجل أن يجعل التسمية سبباً للتحليل وفرقاً بين الحلال والحرام.

وحرّم الله عزوجل الدم كتحريم الميتة لِما فيه من فساد الأبدان ؛

__________________

(١) أورده البرقي في المحاسن ٢ : ٦٢ / ١١٧٥ ، والكليني في الكافي ٦ : ٢٤٢ / ١ ، والشيخ المفيد في الاختصاص : ١٠٣ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٦٥ : ١٧٥ / ٦ .

١٤١

ولأنّه يورث الماء الأصفر ، ويبخر الفم ، وينتن الريح ، ويسيء الخلق ، ويورث القسوة للقلب ، وقلّة الرأفة والرحمة ، حتّى لايؤمن أن يقتل ولده ووالدهوصاحبه .

وحرّم الطحال لِما فيه من الدم ؛ ولأنّ علّته وعلّة الدم والميتة واحدة ؛ لأنّه يجري مجراهما في الفساد» (١) .

[ ١٠٩١ / ٥ ] حدّثنا محمّد بن عليّ ماجيلويه رضي‌الله‌عنه ، عن عمّه محمّد بن أبي القاسم ، عن أحمد بن أبي عبدالله البرقي ، عن محمّد بن أسلم الجبلي ، عن الحسين بن خالد ، قال : سألت أبا الحسن موسى عليه‌السلام هل يحلّ أكل لحم الفيل؟فقال : «لا» ، فقلت : لِمَ؟ قال : «لأنّه مثلة وقد حرّم الله عزوجل لحوم الأمساخ ولحوم ما مثّل به في صورتها» (٢) .

ـ ٥٠١ ـ

باب العلّة التي من أجلها يكره أكل لحم الغراب

[ ١٠٩٢ / ١ ] حدّثنا أبي رضي‌الله‌عنه ، قال : حدّثنا سعد بن عبدالله ، عن محمّد ابن الحسين بن أبي الخطّاب ، عن محمّد بن يحيى الخزّاز ، عن غياث بن إبراهيم ، عن جعفر بن محمّد عليهما‌السلام أنّه كرّه أكل لحم الغراب ؛ لأنّه

__________________

(١) ذكره المصنِّف في العيون ٢ : ١٨٥ ـ ١٩٦ / ١ ، الباب ٣٣ ضمن الحديث ، ونقله المجلسي عن العيون والعلل في بحار الأنوار ٦٥ : ١٦٥ ـ ١٦٦ / ٣.

(٢) أورده البرقي في المحاسن ٢ : ٢٥ / ١٠٩٦ ، ونقله المجلسي عن المحاسن والعلل في بحار الأنوار ٦٥ : ٢٢٦ / حديث ٨ وذيله.

١٤٢

فاسق (١) (٢) .

ـ ٥٠٢ ـ

باب علل المسوخ وأصنافها

[ ١٠٩٣ / ١ ] حدّثنا أبي رضي‌الله‌عنه ، قال : حدّثنا عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن إسماعيل بن مهران ، عن محمّد بن الحسن بن زعلان ، قال : سألت أبا الحسن عليه‌السلام عن المسوخ ، فقال : «اثنا عشر صنفاً ولها علل.

فأمّا الفيل ، فإنّه مسخ ؛ لأنّه كان ملكاً زنّاء لوطيّاً.

ومسخ الدبّ ؛ لأنّه كان أعرابيّاً ديّوثاً.

ومسخت الأرنب ؛ لأنّها كانت امرأة تخون زوجها ولاتغتسل من حيضولا جنابة.

ومسخ الوطواط (٣) ؛ لأنّه كان يسرق تمور الناس.

ومسخ سهيل ؛ لأنّه كان عشّاراً باليمن.

__________________

(١) ورد في حاشية «ج ، ل» : أي مؤذ ، فكأنّه بمنزلة السباع ، أو آكل للخبائث والجيف. (م ق ر رحمه‌الله).

وأيضاً ورد في حاشيتهما : فيه : خمس فواسق يُقتلن في الحلّ والحرم. أصل الفسوق : الخروج عن الاستقامة والجور ، وبه سُمّي العاصي فاسقاً ، وإنّما سُمّيت هذه الحيوانات فواسق على الاستعارة; لخبثهنّ ، ومنه حديث عائشة : وسئلت عن الغراب ، فقالت : ومَنْ يأكله؟ بعد قوله : فاسق. وقال الخطّابي : أراد بفسقها تحريم أكلها. النهاية لابن الأثير ٣ : ٣٩٩ و٤٠٠ / فسق.

(٢) أورده الشيخ الطوسي في التهذيب ٩ : ١٩ / ٧٤ ، والاستبصار ٤ : ٦٦ / ٢٣٨ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٦٥ : ١٨٣ / ٣١.

(٣) ورد في حاشية «ج ، ل» : الوطواط : الخطّاف ، قال الأصمعي : الوطواط : الخشّاف. الصحاح ٣ : ٤١٨ / وطط.

١٤٣

ومسخت الزهرة ؛ لأنّها كانت امرأة فتن بها هاروت وماروت.

وأمّا القردة والخنازير ؛ فإنّهم قوم من بني إسرائيل اعتدوا في السبت.

وأمّا الجرّي والضبّ ففرقة من بني إسرائيل حين نزلت المائدة على عيسى لم يؤمنوا به فتاهوا ، فوقعت فرقة في البحر وفرقة في البرّ.

وأمّا العقرب ؛ فإنّه كان رجلاً نمّاماً.

وأمّا الزنبور ؛ فكان لحّاماً يسرق في الميزان» (١) .

[ ١٠٩٤ / ٢ ] حدّثنا عليّ بن أحمد بن محمّد رحمه‌الله ، قال : حدّثنا محمّد بن أبي عبدالله الكوفي ، قال : حدّثنا محمّد بن أحمد بن إسماعيل العلوي ، قال : حدّثني عليّ بن الحسين بن عليّ بن عمر بن عليّ بن الحسين بن عليّ ابن أبي طالب عليهم‌السلام ، قال : حدّثنا عليّ بن جعفر ، عن أخيه موسى بن جعفر ، عن جعفر بن محمّد عليهم‌السلام قال : «المسوخ ثلاثة عشر : الفيل ، والدبّ ، والأرنب ، والعقرب ، والضبّ ، والعنكبوت ، والدعموص ، والجرّي ، والوطواط ، والقرد ، والخنزير ، والزهرة ، وسهيل».

قيل : يابن رسول الله ، ما كان سبب مسخ هؤلاء؟

قال : «أمّا الفيل ، فكان رجلاً جبّاراً لوطيّاً لايدع رطباً ولايابساً.

وأمّا الدبّ ، فكان رجلاً مؤنّثاً يدعو الرجال إلى نفسه.

وأمّا الأرنب ، فكانت امرأة قذرة لاتغتسل من حيض ولاجنابة ، ولاغيرذلك .

وأمّا العقرب ، فكان رجلاً همّازاً لايسلم منه أحد.

__________________

(١) نقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٦٥ : ٢٢١ / ٢.

١٤٤

وأمّا الضبّ ، فكان رجلاً أعرابيّاً يسرق الحاجّ بمحجنه.

وأمّا العنكبوت ، فكانت امرأة سحرت زوجها.

وأمّا الدعموص (١) ، فكان رجلاً نمّاماً يقطع بين الأحبّة.

وأمّا الجرّي ، فكان رجلاً ديّوثاً يجلب الرجال على حلائله.

وأمّا الوطواط ، فكان رجلاً سارقاً يسرق الرطب من رؤوس النخل.

وأمّا القردة ، فاليهود اعتدوا في السبت.

وأمّا الخنازير ، فالنصارى حين سألوا المائدة فكانوا بعد نزولها أشدّ ماكانوا تكذيباً.

وأمّا سهيل ، فكان رجلاً عشّاراً باليمن.

وأمّا الزهرة ، فإنّها كانت امرأة تُسمّى ناهيد ، وهي التي تقول الناس : إنّه افتتن بها هاروت وماروت» (٢) (٣) .

[ ١٠٩٥ / ٣ ] حدّثنا عليّ بن عبدالله الورّاق رضي‌الله‌عنه ، قال : حدّثنا سعد بن عبدالله ، قال : حدّثنا عبّاد بن سليمان ، عن محمّد بن سليمان الديلمي ، عن الرضا عليه‌السلام أنّه قال : «كان الخفّاش امرأة سحرت ضرّة لها فمسخها الله

__________________

(١) ورد في حاشية «ج ، ل» : الدُّعموص بالضمّ : دُويبة أو دودة سوداء تكون في الغدران إذانشّت ، ورجل زنّاء مسخه الله دعموصاً. القاموس المحيط ٢ : ٤٦٥ / الدعموص.

وأيضاً ورد في حاشيتهما : الدعموص : دويبة تكون في مستنقع الماء. النهاية لابن الأثير ٢ : ١١٢ / دعمص.

(٢) ورد في حاشية «ج ، ل» : يظهر منه أنّ ما وقع في الخبر السابق أيضاً وقع تقيّةً; لورودالأخبار كثيراً بأنّهما لم يعصيا الله تعالى أصلاً. (م ق ر رحمه‌الله).

(٣) ذكره المصنِّف في الخصال : ٤٠٤ / ٢ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٦٥ : ٢٢٠ / ١.

١٤٥

عزوجل خفّاشاً ، وإنّ الفأر كان سبطاً من اليهود غضب الله عزوجلعليهم فمسخهم فأراً ، وإنّ البعوض كان رجلاً يستهزئ بالأنبياء عليهم‌السلام ويشتمهم ويكلح (١) فيوجوههم ويصفق بيديه فمسخه الله عزوجل بعوضاً ، وإنّ القمّلة هي من الجسد (٢) ، وإنّ (٣) نبيّاً من أنبياء بني إسرائيل كان قائماً يصلّي إذ أقبل إليه سفيه من سفهاء بني إسرائيل فجعل يهزأ به ويكلح في وجهه فما برح من مكانه حتّى مسخه الله سبحانه عزوجل قمّلة ، وإنّ الوزغ كان سبطاً من أسباط بني إسرائيل يسبّون أولاد الأنبياء ويبغضونهم ، فمسخهم الله أوزاغاً.

وأمّا العنقاء ، فمن غضب الله عزوجل عليه ، فمسخه وجعله مثلة ، فنعوذبالله من غضب الله ونقمته» (٤) .

[ ١٠٩٦ / ٤ ] حدّثنا محمّد بن عليّ ماجيلويه رضي‌الله‌عنه ، قال : حدّثنا محمّد بن يحيى العطّار ، عن محمّد بن أحمد بن يحيى بن عمران الأشعري ، قال : حدّثنا محمّدبن الحسين بن أبي الخطّاب ، عن عليّ بن أسباط ، عن عليّ ابن جعفر ، عن مغيرة ، عن أبي عبدالله ، عن أبيه ، عن جدّه عليهم‌السلام قال : «المسوخ من بني آدم ثلاثة عشر صنفاً : منهم القردة ، والخنازير ، والخفّاش ، والضبّ ، والدبّ ، والفيل ، والدعموص ، والجرّيث ، والعقرب ، وسهيل ، والقنفذ ، والزهرة ، والعنكبوت.

__________________

(١) ورد في حاشية «ج ، ل» : كَلَح كمَنَع كُلوحاً وكُلاحاً بضمّهما : تكثّر في عبوس ، وتكلّح : تبسّم . القاموس المحيط ١ : ٣٣٧ / كلح.

(٢) في «ش ، ج» : الحسد.

(٣) في «ج ، ل» : «فإنّ» بدل : «وإنّ».

(٤) نقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٦٥ : ٢٢١ ـ ٢٢٢ / ٣.

١٤٦

فأمّا القردة فكانوا قوماً ينزلون بلدة على شاطئ البحر اعتدوا في السبت فصادوا الحيتان فمسخهم الله عزوجل قردة.

وأمّا الخنازير فكانوا قوماً من بني إسرائيل دعا عليهم عيسى بن مريم عليه‌السلام فمسخهم الله عزوجل خنازير.

وأمّا الخفّاش فكانت امرأة مع ضرّة لها فسحرتها فمسخها الله عزوجل خفّاشاً .

وأمّا الضبّ فكان أعرابيّاً بدويّاً لايرع عن قتل مَنْ مرّ به من الناس ، فمسخه الله عزوجل ضبّاً.

وأمّا الفيل ، فكان رجلاً ينكح البهائم ، فمسخه الله عزوجل فيلاً.

وأمّا الدعموص فكان رجلاً زاني الفرج لايدع من شيء ، فمسخه الله عزوجلدعموصاً.

وأمّا الجرّيث فكان رجلاً نمّاماً فمسخه الله عزوجل جرّيثاً.

وأمّا العقرب فكان رجلاً همّازاً لمّازاً فمسخه الله عزوجلعقرباً.

وأمّا الدبّ فكان رجلاً يسرق الحاجّ فمسخه الله عزوجل دبّاً.

وأمّا سهيل فكان رجلاً عشّاراً صاحب مِكاس (١) فمسخه الله عزوجل سهيلاً.

وأمّا الزهرة فكانت امرأةً فتنت هاروت وماروت ، فمسخها الله عزوجل زهرة .

وأمّا العنكبوت فكانت امرأةً سيّئة الخلق عاصية لزوجها ، مولّية عنه ،

__________________

(١) ورد في حاشية «ج ، ل» : وتماكسا في البيع : تشاحّا ، وماكسه : شاحّه ، ودون ذلك مِكاسٌ.القاموس المحيط ٢ : ٣٩٢ / مكس.

١٤٧

فمسخها الله عزوجل عنكبوتاً.

وأمّا القنفذ فكان رجلاً سيّء الخلق ، فمسخه الله عزوجل قنفذاً» (١) .

[ ١٠٩٧ / ٥ ] حدّثنا أبو الحسن عليّ بن عبدالله الأسواري ، قال : حدّثنا مكيّ بن أحمد بن سعدويه البردعي ، قال : حدّثنا أبو زكريّا (٢) بن يحيى بن عبيدالعطّاربدمياط (٣) ، قال : حدّثنا القلانسي ، قال : حدّثنا عبدالعزيز بن عبدالله الأُويسي ، قال : حدّثنا عليّ بن جعفر ، عن معتّب مولى جعفر ، عن جعفر بن محمّد ، عن أبيه ، عن جدّه ، عن عليّ بن أبي طالب عليهم‌السلام قال : «سئل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عن المسوخ ، قال : هم ثلاثة عشر : الفيل ، والدبّ ، والخنزير ، والقرد ، والجرّيث ، والضبّ ، والوطواط ، والدعموص ، والعقرب ، والعنكبوت ، والأرنب ، وزهرة ، وسهيل ، فقيل : يا رسول الله ، ماكان سبب مسخهم ؟

قال : أمّا الفيل فكان رجلاً لوطيّاً لايدع رطباً ولايابساً.

وأمّا الدبّ فكان رجلاً مؤنّثاً يدعو الرجال إلى نفسه.

وأمّا الخنزير فقوم نصارى سألوا ربّهم عزوجل إنزال المائدة عليهم ، فلمّانزلت عليهم كانوا أشدّ كفراً وأشدّ تكذيباً.

وأمّا القردة فقوم اعتدوا في السبت.

وأمّا الجرّيث فكان ديّوثاً يدعو الرجال إلى أهله.

__________________

(١) أورده المصنِّف في الخصال : ٤٩٣ / ١ ، ونقله المجلسي عن المحاسن والعلل في بحارالأنوار ٦٥ : ٢٢٢ ـ ٢٢٣ / ٤.

(٢) في الخصال وبحار الأنوار : أبو محمّد زكريّا.

(٣) ورد في حاشية «ج ، ل» : دِمْياط كجِريال : بلد معروف. القاموس المحيط ٢ : ٥٤٨ / دمياط.

١٤٨

وأمّا الضبّ فكان أعرابيّاً يسرق الحاجّ بمحجنه.

وأمّا الوطواط فكان يسرق الثمار من رؤوس النخل.

وأمّا الدعموص فكان نمّاماً يفرّق بين الأحبّة.

وأمّا العقرب فكان رجلاً لذّاعاً لايسلم على لسانه أحد.

وأمّا العنكبوت فكانت امرأةً سحرت زوجها.

وأمّا الأرنب فكانت امرأةً لاتطهّر من حيض ولاغيره.

وأمّا سهيل فكان عشّاراً باليمن.

وأمّا الزهرة فكانت امرأةً نصرانيّة وكانت لبعض ملوك بني إسرائيل ، وهي التي فتن بها هاروت وماروت ، وكان اسمها ناهيل ، والناس يقولون : ناهيد» (١) .

قال محمّد بن عليّ بن الحسين مصنِّف هذا الكتاب : إنّ الناس يغلطون في الزهرة وسهيل ، ويقولون : إنّهما كوكبان ، وليسا كما يقولون ، ولكنّهمادابّتان من دوابّ البحر سُمّيتا بكوكبين ، كما سُمّي الحمل والثور والسرطان والأسد والعقرب والحوت والجدي ، وهذه حيوانات سُمّيت على أسماء الكواكب ، وكذلك الزهرة وسهيل ، وإنّما غلط الناس فيهما دون غيرهمالتعذّر مشاهدتهما والنظر إليهما ؛ لأنّهما من البحر المطيف بالدنيا بحيث لاتبلغه سفينة ولاتعمل فيه حيلة ، وما كان الله عزوجل ليمسخ العصاة أنواراً مضيئة فيبقيهما ما بقيت الأرض والسماء ، والمسوخ لم تبق

__________________

(١) ذكره المصنِّف في الخصال : ٤٠٢ / ٢ ، ونقله المجلسي عن المجالس والعلل في بحارالأنوار ٦٥ : ٢٢٣ ـ ٢٢٤ / ٥.

١٤٩

أكثرمن ثلاثة أيّام حتّى ماتت ، وهذه الحيوانات التي تُسمّى المسوخ فالمسوخيّة لها اسم مستعار مجازيّ ، بل هي مثل المسوخ التي حرّم الله عزوجلذكره أكل لحومها ، لِما فيه من المضارّ.

وقال أبو جعفر الباقر عليه‌السلام : «نهى الله عزوجل عن أكل المثلة لكيلاينتفع بها ولايستخفّ بعقوبته» (١) .

[ ١٠٩٨ / ٦ ] حدّثنا محمّد بن عليّ بن بشّار القزويني رضي‌الله‌عنه ، قال : حدّثنا أبوالفرج المظفّر بن أحمد القزويني ، قال : سمعت أبا الحسين محمّد بن جعفرالأسدي الكوفي يقول في سهيل والزهرة : إنّهما دابّتان من دوابّ البحر المطيف بالدنيا في موضع لاتبلغه سفينة ولاتعمل فيه حيلة ، وهما المسخان المذكوران في أصناف المسوخ ، ويغلط مَنْ يزعم أنّهما الكوكبان المعروفان بسهيل والزهرة ، وإنّ هاروت وماروت كانا روحانيّين قد هيّئا ورشّحا (٢) للملائكة ولم يبلغ بهما حدّ الملائكة ، فاختارا المحنة والابتلاء ، فكان من أمرهما ما كان ، ولو كانا ملكين لعصما فلم يعصيا ، وإنّما سمّاهما الله عزوجل في كتابه ملكين بمعنى أنّهما خلقا ليكونا ملكين ، كما قال الله عزوجل لنبيّه صلى‌الله‌عليه‌وآله : ( إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ ) (٣) بمعنى ستكون ميّتاًويكونون موتى (٤) .

__________________

(١) ذكره المصنِّف في مَنْ لا يحضره الفقيه ٣ : ٣٤٥ / ٤٢١٥ ، والأمالي : ٧٦٣ / ١٠٢٧ (المجلس ٩٥ ، ح ١) ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٦٥ : ٢٢٤.

(٢) ورد في حاشية «ج ، ل» : فلان يرشّح للوزارة ، أي يربّى ويؤهّل لها. الصحاح ١ : ٥٣٨ / رشح.

(٣) سورة الزمر ٣٩ : ٣٠.

(٤) نقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٦٥ : ٢٢٥ / ٦.

١٥٠

ـ ٥٠٣ ـ

باب العلّة التي من أجلها قد يرتكب المؤمن

المحارم ويعمل الكافر الحسنات

[ ١٠٩٩ / ١ ] حدّثنا محمّد بن موسى بن المتوكّل رضي‌الله‌عنه ، قال : حدّثنا عليّ ابن الحسين السعدآبادي ، عن أحمد بن أبي عبدالله ، عن أبيه ، قال : حدّثنا عبدالله بن محمّد الهمدانيّ ، عن إسحاق القمّي ، قال : دخلت على أبي جعفر الباقر عليه‌السلام فقلت له : جُعلت فداك ، أخبرني عن المؤمن يزني؟ قال : «لا» ، قلت : فيلوط؟ قال : «لا» ، قلت : فيشرب المسكر؟ قال : «لا» ، قلت : فيذنب؟ قال : «نعم» ، قلت : جُعلت فداك ، لايزني ولايلوط ولايرتكب السيّئات ، فأيّ شيءذنبه ؟

فقال عليه‌السلام : «يا إسحاق ، قال الله تبارك وتعالى : ( الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ (١) ) (٢) وقد يلمّ المؤمن بالشيء الذي ليس فيه مراد» .

قلت : جُعلت فداك ، أخبرني عن الناصب لكم يظهر (٣) بشيء أبداً؟ قال : «لا» ، قلت : جُعلت فداك ، قد أرى المؤمن الموحّد الذي يقول

__________________

(١) ورد في حاشية «ج ، ل» : وفي حديث الإفك : وإن كنتِ ألمَمْتِ بذنب فاستغفري الله ، أي : قاربتِ . وقيل : اللمم : مقاربة المعصية من غير إيقاع فعل. وقيل : هو من اللمم : صغارالذنوب . النهاية لابن الأثير ٤ : ٢٣٤ / لمم.

(٢) سورة النجم ٥٣ : ٣٢.

(٣) ورد في حاشية «ج ، ل» : وقد أظهرته وعلَيَّ أعانني ، وبه وعليه : غَلَبه ، وبفلان : أعلن به.القاموس المحيط ٢ : ١٥٦ / ظهر.

١٥١

بقولي (١) ويدين الله بولايتكم ، وليس بيني وبينه خلاف ، يشرب المسكر ، ويزني ، ويلوط ، وآتيه في حاجة واحدة فاُصيبه معبّس الوجه كالح اللون ثقيلاً في حاجتي بطيئاً فيها ، وقد أرى الناصب المخالف لما أنا عليهويعرفني بذلك ، فآتيه في حاجة فأُصيبه طلق الوجه ، حسن البشر ، متسرّعاًفي حاجتي ، فرحاً بها ، يحبّ قضاءها ، كثير الصلاة ، كثير الصوم ، كثيرالصدقة ، يؤدّي الزكاة ، ويستودَع فيؤدّي الأمانة.

قال : «يا إسحاق ، ليس تدرون من أين اُوتيتم؟» قلت : لاوالله ، جُعلت فداك ، إلاّ أن تخبرني ، فقال : «يا إسحاق ، إنّ الله عزوجل لمّا كان متفرّداً بالوحدانيّة ابتدأ الأشياء لامن شيء ، فأجرى الماء العذب على أرض طيّبة طاهرة سبعة أيّام مع لياليها ، ثمّ نضب الماء عنها فقبض قبضة من صفاوة ذلك الطين ، وهي طينتنا أهل البيت ، ثمّ قبض قبضة من أسفل تلك الطينة ، وهي طينة شيعتنا ، ثمّ اصطفانا لنفسه ، فلو أنّ طينة شيعتنا تركت كما تركت طينتنالما زنى أحد منهم ، ولاسرق ، ولالاط ، ولاشرب المسكر ، ولااكتسب (٢) شيئاً ممّا ذكرت ، ولكنّ الله عزوجل أجرى الماء المالح على أرض ملعونة سبعة أيّام ولياليها ، ثمّ نضب الماء عنها ، ثمّ قبض قبضة وهي طينة ملعونة من حمأ مسنون (٣) ، وهي طينة خبال (٤) ، وهي طينة أعدائنا ،

__________________

(١) في «ل ، ن ، ش» : بقولكم.

(٢) في «ع ، ح» : ارتكب.

(٣) ورد في حاشية «ج ، ل» : الحمأ المسنون : المنتن.

وورد أيضاً في حاشيتهما : الحمأة : الطين الأسود المنتن كالحمأ محرّكة. القاموس المحيط ١ : ١٣ / الحمأة.

(٤) ورد في حاشية «ج ، ل» : فيه : مَنْ شرب الخمر سقاه الله من طينة الخبال يوم

١٥٢

فلو أنّ الله عزوجلترك طينتهم كما أخذها لم تروهم في خُلق الآدميّين ، ولم يقرّوا بالشهادتين ولم يصوموا ولم يصلّوا ولم يزكّوا ولم يحجّوا البيت ولم تروا أحداً منهم بحسن خلق ، ولكنّ الله تبارك وتعالى جمع الطينتين طينتكم وطينتهم ـ فخلطهما وعركهما (١) عرك الأديم (٢) ومزجهما بالمائين ، فمارأيت من أخيك المؤمن (٣) من شرّ لفظ أو زنىً أو شيء ممّا ذكرت من شرب مسكر أو غيره ، فليس من جوهريّته ، ولامن إيمانه ، إنّما هو بمسحة الناصب اجترح هذه السيّئات التي ذكرت ، وما رأيت من الناصب من حسن وجه وحسن خلق ، أو صوم ، أو صلاة ، أو حجّ بيت ، أو صدقة ، أومعروف ، فليس من جوهريّته ، إنّما تلك الأفاعيل (٤) من مسحة الإيمان اكتسبها وهو اكتساب مسحة الإيمان».

قلت : جُعلت فداك ، فإذا كان يوم القيامة قسمه (٥) ؟ قال لي : «ياإسحاق ، أيجمع الله الخير والشرّ في موضع واحد؟ إذا كان يوم القيامة نزع الله عزوجل مسحة الإيمان منهم فردّها إلى شيعتنا ، ونزع مسحة الناصب بجميع ما اكتسبوا من السيّئات فردّها على أعدائنا ، وعاد كلّ شيء

__________________

القيامة ، جاءتفسيره في الحديث أنّ الخبال عصارة أهل النار ، والخبال في الأصل الفساد ، ويكون في الأفعال والأبدان والعقول. النهاية لابن الأثير ٢ : ٩ / خبل.

(١) ورد في حاشية «ج ، ل» : عركه : دلكه وحكّه حتّى عفّاه. القاموس المحيط ٣ : ٤٢٦ / عركه.

(٢) الأديم : الطعام المأدوم. القاموس المحيط ٤ : ٤ / أدم.

(٣) كلمة «المؤمن» لم ترد في «ج ، ل».

(٤) في «ج ، ل» زيادة : التي رأيت فيه.

(٥) ورد في حاشية «ج ، ل» : أي الطين ، ويمكن أن يكون : فمَهْ ، أي فأيّ شيء يكون؟ (م ت ق رحمه‌الله).

١٥٣

إلى عنصره الأوّل الذي منه ابتدأ ؛ أما رأيت الشمس إذا هي بدت ، ألاترى لها شعاعاً زاجراًمتّصلاً بها ، أو بائناً منها».

قلت : جُعلت فداك ، الشمس إذا هي غربت بدأ إليها الشعاع كما بدأ منها ، ولو كان بائناً منها لما بدأ إليها ، قال : «نعم ، يا إسحاق ، كلّ شيء يعود إلى جوهره الذي منه بدأ».

قلت : جُعلت فداك ، تؤخذ حسناتهم فتردّ إلينا وتؤخذ سيّئاتنا فتردّإليهم ؟ قال : «إي والله الذي لاإله إلاّ هو».

قلت : جُعلت فداك ، أجدها في كتاب الله تعالى؟ قال : «نعم ، يا إسحاق» ، قلت : في أيّ مكان؟ قال لي : «يا إسحاق ، أما تتلو هذه الآية : ( فَأُولَٰئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا ) (١) فلم يبدّل الله سيّئاتهم حسنات إلاّ لكم ، والله يبدّل لكم» (٢) .

ـ ٥٠٤ ـ

باب علّة الطيب وسببه

[ ١١٠٠ / ١ ] حدّثنا محمّد بن الحسن رحمه‌الله ، قال : حدّثنا محمّد بن الحسن الصفّار ، عن عليّ بن حسّان الواسطي ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : «اُهبط آدم من الجنّة على الصفا ، وحوّاء على المروة ، وقد كانت امتشطت في الجنّة ، فلمّا صارت في الأرض قالت : ماأرجو من

__________________

(١) سورة الفرقان ٢٥ : ٧٠.

(٢) أورده الشيخ عزّالدين الحسن بن سليمان الحلّي في مختصر البصائر : ٥١٣ / ٥٧٧ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٥ : ٢٤٦ ـ ٢٤٨ / ٣٦.

١٥٤

المشط وأنا مسخوط علَيَّ ، فحلّت مشطتها فانتشر من مشطتها العطر الذي كانت امتشطت به في الجنّة ، فطارت به الريح فألقت أثره في الهند فلذلك صار العطربالهند» .

وفي حديث آخَر : «إنّها حلّت عقيصتها (١) فأرسل الله عزوجل على ما كان فيها من ذلك الطيب ريحاً فهبّت به في المشرق والمغرب» (٢) .

[ ١١٠١ / ٢ ] أبي رحمه‌الله ، قال : حدّثنا عليّ بن سليمان الرازي ، قال : حدّثنا محمّدبن الحسين ، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر ، عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام ، قال : قلت : كيف كان أوّل الطيب؟ قال : فقال لي : «ما يقول مَنْ قِبَلكم فيه؟» قلت : يقولون : إنّ آدم لمّا هبط إلى أرض الهند فبكى على الجنّة سالت دموعه فصارت عروقاً في الأرض فصارت طيباً ، فقال : «ليس كما يقولون ، ولكن حوّاء كانت تغلّف (٣) قرونها (٤) من أطراف شجر الجنّة ، فلمّا هبطت إلى الأرض وبليت بالمعصية رأت الحيض فأُمرت بالغسل فنقضت قرونها ، فبعث الله عزوجل ريحاً طارت به وخفضته وذرت حيث شاء الله عزوجل ، فمن ذلك الطيب» (٥) .

__________________

(١) ورد في حاشية «ج ، ل» : عقص شعره يعقصه عقصاً ضفره وفتله ، والعقصة بالكسروالعقيصة : الضفيرة. القاموس المحيط ٢ : ٤٧٣ / عقص.

(٢) أورده الكليني في الكافي ٦ : ٥١٣ / ١ باختلاف ، ونقله المجلسي عن العلل في بحارالأنوار ١١ : ٢٠٧ / ٨ و٩.

(٣) ورد في حاشية «ج ، ل» : وفي حديث عائشة : كنت أُغلّف لحية رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بالغالية ، أي ألطخها به. النهاية لابن الأثير ٣ : ٣٤٠ / غلف.

(٤) ورد في حاشية «ج ، ل» : كلّ ضفيرة من ضفائر الشعر : قرن ، ومنه حديث غسل الميّت : ومشطناها ثلاثة قرون. النهاية لابن الأثير ٤ : ٤٥ / قرن.

(٥) ذكره المصنِّف في العيون ١ : ٣٩٣ / ٣٣ ، الباب ٢٨ ، ونقله المجلسي عن العلل والعيون في بحار الأنوار ١١ : ٢٠٥ / ٥.

١٥٥

ـ ٥٠٥ ـ

باب العلّة التي من أجلها أبى الله عزوجل

لصاحب الخُلق السيّء بالتوبة

[ ١١٠٢ / ١ ] أبي (١) رحمه‌الله ، قال : حدّثنا محمّد بن يحيى ، عن محمّد بن أحمد بن محمّد ، عن أبيه ، عن يونس بن عبدالرحمن ، عمّن ذكره ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : «أبى الله تعالى لصاحب الخلق السيّء بالتوبة» قيل : وكيف ذاك؟ قال : «لأنّه لايخرج من ذنب حتّى يقع فيما هو أعظم منه» (٢) .

ـ ٥٠٦ ـ

باب العلّة التي من أجلها

لاتُقبل توبة صاحب البدعة

[ ١١٠٣ / ١ ] حدّثنا جعفر بن محمّد بن مسرور (٣) رحمه‌الله ، قال : حدّثنا الحسين بن محمّد بن عامر ، عن معلّى بن محمّد ، عن محمّد بن جمهور العمّي بإسناده رفعه قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «أبى الله لصاحب البدعة بالتوبة» ، قيل : يا رسول الله ، وكيف ذاك؟ قال : «إنّه قد اُشرب قلبه حبّها» (٤) .

__________________

(١) في «ش» : حدّثنا أبي.

(٢) نقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٧٣ : ٢٩٨ / ١٠.

(٣) في «ح» : مسروق.

(٤) ذكره المصنِّف في ثواب الأعمال : ٣٠٧ ، والبرقي في المحاسن ١ : ٣٢٨ / ٦٦٧ ، وأورده الكليني في الكافي ١ : ٤٤ / ٤ ، والراوندي في النوادر : ١٣١ / ١٦٥ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٢ : ٢٩٦ / ١٥.

١٥٦

[ ١١٠٤ / ٢ ] أبي (١) رحمه‌الله ، قال : حدّثنا سعد بن عبدالله ، قال : حدّثنا أيّوب ابن نوح ، قال : حدّثنا محمّد بن أبي عمير ، عن هشام بن الحكم ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام ، قال : «كان رجل في الزمن الأوّل طلب الدنيا من حلال فلم يقدر عليها ، وطلبها من حرام فلم يقدر عليها ، فأتاه الشيطان فقال له : يا هذا ، إنّك قد طلبت الدنيا من حلال فلم تقدر عليها ، وطلبتها من حرام فلم تقدر عليها؟ أفلا أدلّك على شيء تكثر به دنياك وتكثر به تبعك؟ قال : بلى ، قال : تبتدع ديناً وتدعو إليه الناس ، ففعل فاستجاب له الناس وأطاعوه وأصاب من الدنيا ، ثمّ إنّه فكّر فقال : ما صنعتُ؟ ابتدعتُ ديناً ودعوتُ الناس ما أرى لي توبة إلاّ أن آتي مَنْ دعوتُه إليه فأردّه عنه ، فجعل يأتي أصحابه الذين أجابوه فيقول لهم : إنّ الذي دعوتكم إليه باطل وإنّما ابتدعته ، فجعلوا يقولون له : كذبت وهو الحقّ ، ولكنّك شككت في دينك فرجعت عنه ، فلمّا رأى ذلك عمد إلى سلسلة فوتد (٢) لها وتداً ، ثمّ جعلها في عنقه ، وقال : لاأُحلّها حتّى يتوب الله عزوجلعلَيَّ ، فأوحى الله عزوجل إلى نبيّ من الأنبياء قل لفلان : وعزّتيوجلالي ، لو دعوتني حتّى تنقطع أوصالك ما استجبت لك حتّى تردّ مَنْ مات إلى ما دعوته إليه فيرجع عنه» (٣) .

__________________

(١) في «س» : حدّثنا أبي.

(٢) ورد في حاشية «ج ، ل» : أي عقد رأس السلسلة إلى وتد ، وغرز الوتد في الجدار أو الأرض لئلاّ يذهب إلى مكان آخر زجراً لنفسه. (م ت ق رحمه‌الله).

(٣) ذكره المصنِّف في مَنْ لا يحضره الفقيه ٣ : ٥٧٢ / ٤٩٥٨ ، وثواب الأعمال : ٣٠٦ / ١ ، وأورده البرقي في المحاسن ١ : ٣٢٨ / ٦٦٨ ، وورد ذلك في فقه الرضا عليه‌السلام : ٣٨٣ باختلاف ، ونقله المجلسي عن العلل والمحاسن في بحار الأنوار ٢ : ٢٩٧ / ١٦ ، و٧٢ : ٢١٩ / ٢.

١٥٧

ـ ٥٠٧ ـ

باب العلّة التي من أجلها صار الخطّاف لايمشي

على الأرض وسكن البيوت

[ ١١٠٥ / ١ ] حدّثنا أبو الحسن محمّد بن عمر بن عليّ بن عبدالله البصري ، قال : حدّثنا أبو عبدالله محمّد بن عبدالله بن أحمد بن جبلة الواعظ ، قال : حدّثناأبو القاسم عبدالله بن أحمد بن عامر الطائي ، قال : حدّثنا أبي ، قال : حدّثناعليّ بن موسى الرضا ، عن أبيه موسى بن جعفر ، عن أبيه جعفر بن محمّد ، عن أبيه محمّد بن عليّ ، عن أبيه عليّ بن الحسين ، عن أبيه الحسين بن عليّ ، عن أبيه عليّ بن أبي طالب عليهم‌السلام : «أنّ رجلاً من أهل الشام سأله عن مسائل ، فكان فيما سأله أن قال : ما بال الخطّاف لايمشي؟ قال : لأنّه ناح على بيت المقدس فطاف حوله أربعين عاماً يبكي عليه ، ولم يزل يبكي مع آدم عليه‌السلام ، فمن هناك سكن البيوت ومعه تسع آيات من كتاب الله عزوجلممّاكان آدم يقرأه في الجنّة ، وهي معه إلى يوم القيامة : ثلاث آيات من أوّل [ سورة ] الكهف ، وثلاث آيات من [ سورة ] سبحان : ( وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ ) (١) ، وثلاث آيات من [ سورة ] يس : ( وَجَعَلْنَا مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا ) (٢) » (٣) .

__________________

(١) سورة الإسراء ١٧ : ٤٥.

(٢) سورة يس ٣٦ : ٩.

(٣) ذكره المصنِّف في العيون ١ : ٣١٧ ٣٢٢ / ١ ، الباب ٢٤ ضمن الحديث ، ونقله المجلسي عن العلل والعيون في بحار الأنوار ١٠ : ٧٨ قطعة من حديث ١ ، و٦٤ : ٢٨٣ / ٤٤ .

١٥٨

ـ ٥٠٨ ـ

باب العلّة التي من أجلها صار الثور

غاضّاً طرفه لايرفع رأسه إلى السماء

[ ١١٠٦ / ١ ] حدّثنا أبو الحسن محمّد بن عمر بن عليّ بن عبدالله البصريّ ، قال : حدّثنا أبو عبدالله محمّد بن عبدالله بن أحمد بن جبلة الواعظ ، قال : حدّثنا أبو القاسم عبدالله بن أحمد بن عامر الطائي ، قال : حدّثنا أبي ، قال : حدّثنا عليّ بن موسى الرضا عليه‌السلام ، عن أبيه ، عن آبائه ، عن عليّ بن أبي طالب عليهم‌السلام أنّه سأله رجل من أهل الشام عن مسائل ، فكان فيما سأله عن الثورما باله غاضٌّ (١) طرفه لايرفع رأسه إلى السماء؟

قال : «حياءً من الله عزوجللمّا عبد قوم موسى العجل نكّس رأسه» (٢) .

[ ١١٠٧ / ٢ ] حدّثنا أبو الحسن محمّد بن عمر بن عليّ بن عبدالله البصري ، قال : حدّثنا أبو إسحاق إبراهيم بن حمّاد بن عمر النهاوندي بنهاوند ، قال : حدّثناأبو بكر أحمد بن محمّد بن المستثنى بن أبي الخصيب بالمصيصة (٣) بالليل ، قال : حدّثنا موسى بن الحسن بمدينة الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله ،

__________________

(١) ورد في حاشية «ج ، ل» : غضّ طرفه : خفضه. القاموس المحيط ٢ : ٥١٧ / غضّ.

(٢) ذكره المصنِّف في العيون ١ : ٣١٧ ـ ٣١٩ / ١ ، الباب ٢٤ ضمن الحديث ، ونقله المجلسي عن العلل والعيون في بحار الأنوار ١٠ : ٧٦ قطعة من حديث ١ ، و٦٤ : ١٤١ / ٤٥ .

(٣) ورد في حاشية «ج ، ل» : المصيصة كسفينة : بلد بالشام. القاموس المحيط ٢ : ٤٨٦ / المصيصة.

١٥٩

قال : حدّثنا إبراهيم بن شريح الكندي ، قال : حدّثنا ابن وهب ، عن يحيى ابن أيّوب ، عن جميل بن أنس ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «أكرموا البقر فإنّهاسيّد البهائم ما رفعت طرفها إلى السماء حياءً من الله عزوجل منذ عُبدالعجل» (١) .

ـ ٥٠٩ ـ

باب العلّة التي من أجلها صارت الماعز مفرقعة (٢)

الذنب بادية الحياء والعورة وصارت

النعجة مستورة الحياء والعورة

[ ١١٠٨ / ١ ] حدّثنا أبو الحسن محمّد بن عمر بن عليّ بن عبدالله البصري ، قال : حدّثنا أبو عبدالله محمّد بن عبدالله بن أحمد بن جبلة الواعظ ، قال : حدّثناأبو القاسم عبدالله بن أحمد بن عامر الطائي ، قال : حدّثنا أبي ، قال : حدّثناعليّ بن موسى الرضا ، عن أبيه ، عن آبائه ، عن عليّ بن أبي طالب عليهم‌السلام : أنّه سئل ما بال الماعز مفرقعة الذنب بادية الحياء والعورة؟ فقال : «لأنّ الماعزعصت نوحاً عليه‌السلام لمّا أدخلها السفينة فدفعها فكسر ذنبها ، والنعجة مستورة الحياء (٣) والعورة ؛ لأنّ النعجة بادرت بالدخول إلى السفينة ،

__________________

(١) نقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ١٣ : ٢٠٨ ـ ٢٠٩ / ٣ ، و٦٤ : ١٤٠ ـ ١٤١ / ٤٤.

(٢) ورد في حاشية «ج ، ل» : فَرْقَعَ : عدا شديداً ، وفلاناً : لوى عنقه ، والافرنقاع عن الشيء : الانكشاف عنه والتنحّي. القاموس المحيط ٣ : ٨٢ / فرقع.

(٣) ورد في حاشية «ج ، ل» : الحياء بالمدّ : الفرج من ذوات الخُفّ والظُّلف والسباع ، وقديُقصر . القاموس المحيط ٤ : ٣٥٠ / الحيا.

١٦٠