إيضاح الفرائد - ج ٢

السيّد محمّد التنكابني

إيضاح الفرائد - ج ٢

المؤلف:

السيّد محمّد التنكابني


الموضوع : أصول الفقه
المطبعة: المطبعة الإسلاميّة
الطبعة: ٠
الصفحات: ١٠٦٩
الجزء ١ الجزء ٢

وان كان غير معتبر قوله واعلم ان الشّهيد اه نقل كلام الشهيد هنا لاجل ارتباط ما له بالمطلب قوله لا يخرج عن حكمه يعنى عن حكم ما كان اليقين طريقا اليه قوله لأصالة بقاء اه اى لظهور بقاء ما كان على ما كان وهذا الظهور اما ناش من الحالة السابقة عنده او من الغلبة قوله فيئول الى اه يعنى بعد ملاحظة اصالة بقاء ما كان على ما كان قوله فيرجح الظن اه يعنى يكون الظنّ حجة ولا يلتفت الى حكم الشكّ قوله ومراده من الشكّ معناه اللّغوى اى خلاف اليقين ولو بالنسبة الى بعض افراده وهو الوهم فليس المراد منه خلاف اليقين مطلقا بل المراد فرد خاص منه وهو الوهم وانّما حملنا العبارة على ذلك لما يستفاد من قوله نعم الى آخره كون التّوجيه مبنيا على جعل الشكّ مطلقا بمعنى الوهم ويدلّ على ذلك ايضا قوله فلا ينافى ثبوت الظن الحاصل من اصالة اه قوله فلا يرد ما اورد عليه من ان اه اذا شكّ اذا كان بمعنى الاحتمال الموهوم يجتمع مع الظنّ ولا يجتمع مع اليقين قوله نعم يرد على ما ذكرنا من التّوجيه يعنى ان التوجيه كان مبنيا على جعل الشك مطلقا بمعنى احتمال الموهوم ويرد عليه انّ الشكّ فى قولهم اليقين لا يرفعه الشكّ قبل ملاحظة اصالة بقاء ما كان على ما كان هو بمعنى تساوى الطّرفين والشكّ فى قوله فيئول الى اجتماع الظن والشكّ فى الزّمان الواحد هو الاحتمال الموهوم فلا يمكن جعل الشكّين فى الصّورتين المزبورتين كليهما بمعنى الاحتمال الموهوم وان جعل فى الاوّل بمعنى التساوى وفى الثانى بمعنى الاحتمال الموهوم يلزم التفكيك نعم يمكن توجيه كلام الشّهيد بحيث لا يتوجّه عليه شيء بوجهين الاوّل جعل الشكّ فى كلا الموضعين بمعنى خلاف اليقين بعد دفع التناقض المتوهم من جهة اجتماع الشكّ واليقين بتعدد زمان الشكّ واليقين غاية الامر تحقق الكلّى فى الموضع الأول فى ضمن الاحتمال المساوى او الاعمّ منه ومن الاحتمال الموهوم وفى الموضع الثانى اعنى قوله فيئول الى اجتماع الشكّ والظن فى ضمن الاحتمال الموهوم ولا يلزم التفكيك ايضا وعلى هذا لا يرد عليه شيء والثانى ان يكون المراد من الظن الظن النّوعى بعد اصلاح التناقض بما ذكر وان يكون المراد بالشكّ مطلقا هو الاحتمال المساوى ويبعده ان ظاهر قول الشهيد ره هو الظنّ الشخصى خصوصا مع ملاحظة قوله كما هو مطرد فى العبادات ومن المعلوم عدم امكان اجتماعه مع الشكّ المذكور وقد نقل عن المصنّف ره فى مجلس البحث عدم امكانه لان الظنّ النّوعى صفة للامارة والشكّ فعل المكلّف فلا مساغ لتوهّم الاجتماع للزوم وحدة الموضوع فيه وهو غريب لأن الظنّ كالشكّ والوهم صفة للمكلّف سواء كان نوعيّا او شخصيّا غاية الامر الفرق بينهما يكون المناط حصول الظنّ فعلا للمكلّف فى الثّانى وشأنا وفى بعض الموارد فى الاوّل ولعلّ ما ذكرنا هو مراد شيخنا من الامر بالتامّل بعد نقله قوله لأنّه انما يصير موهوما اه فلا يمكن ان يراد من الشكّ الاحتمال الموهوم قبل ملاحظة اصالة بقاء ما كان كما هو مبنى التوجيه المذكور قوله

٨٠١

فلا يندفع به توهم اه يعنى على تقدير الاغماض عن ارادة اليقين السّابق والشكّ اللّاحق قوله وارادة اليقين السّابق اه يعنى انّ ارادة اليقين السّابق والشكّ اللّاحق لا يحتاج الى ارادة خصوص الوهم من الشكّ بل يجتمع مع كون الشكّ فى الاوّل بمعنى تساوى الطّرفين وفى الثّانى بمعنى الاحتمال الموهوم غاية الامر لزوم التفكيك قوله وكيف كان فما ذكره المورد فى محلّه اه من جهة ان ارادة الاحتمال الموهوم من الشكّ مطلقا لا يجوز لما ذكره بقوله نعم يرد على ما ذكرنا من التوجيه اه وارادة تساوى الطّرفين من الشكّ مطلقا لا يجوز ايضا لأنّ الظنّ كاليقين فى عدم الاجتماع مع الشكّ المزبور وارادة تساوى الطّرفين من الاوّل والاحتمال الموهوم من الثّانى يستلزم التفكيك فكون ايراد المورد فى محلّه لأجل ما ذكرنا قوله فالاولى ان يقال ان قولهم اه بعد تصحيح التوجيه بان الشكّ بمعنى خلاف اليقين يكون ما ذكره المصنّف هو ما ذكره الشّهيد بلا تفاوت الّا انّ عدم نقض آثار اليقين السّابق لأجل اصالة بقاء ما كان على ما كان المبنى على الظهور عند الشّهيد ولاجل التعبّد عند المصنّف ره قوله والتحقيق رجوع الكلّ الى شروط جريان الاستصحاب اما كون بقاء الموضوع من شروط جريان الاستصحاب فواضح بل لا يصدق اسم الاستصحاب والبقاء والابقاء مع عدم بقاء الموضوع كما سيظهر وجهه لك عن قريب وامّا عدم المعارض فان اريد به خصوص ما يكون حاكما كالأدلّة الاجتهادية مسامحة فى التعبير فلا اشكال ايضا فى كون عدمه من شروط الجريان وان كان فى مرتبته بان كان الشكّ فى المتعارضين مسبّبا عن ثالث فجعل عدم التّعارض فيه من شروط الجريان لا يخلو عن اشكال وقيل فى تصحيح ذلك بانه مبنى على ما اختاره المصنّف من خروج موارد العلم الاجمالى الّذى لا يجوز مخالفته من عموم دليل المتعارضين وفيه انّ العلم الاجمالى الحاصل فى ذلك لا يلزم ان يكون دائما منجزا للتكليف ولا يلزم ايضا ان يكون كلا الطّرفين محلّا للابتلاء فكيف يتم كون عدم المعارض مطلقا من شرائط الجريان حتّى على مذهب المصنّف وامّا وجوب الفحص فكونه من شرائط الجريان موقوف على كون منشئه هو العلم الاجمالى وامّا اذا كان منشؤه الإجماع فلا قوله سواء كان تحققه فى السّابق بتقرره ذهنا او بوجوده خارجا فلنذكر بعض كلمات اهل المعقول ليتضح صحة ما ذكره المصنّف ره فنقول قال المحقّق الطّوسى قدس‌سره القدّوسى فى التجريد وقيامه بالماهية من حيث هى فزيادته فى الصّور وفى موضع آخر لانفكاكهما تعقلا قال بعضهم قولنا الماهية من حيث هى مركبة من موصوف هو الماهية وصفة هى الحيثية ومعنى كون هذه الحيثية ثابتة لها فى العقل هو ان الموجود فى الخارج انما هو الموصوف فقط واما الموصوف مع الصّفة فانّما هو موجود فى العقل فقط فالماهيّة من حيث هى موجودة لا انّها موجودة من حيث هى وفرق ما بينهما فاذا ثبت للموصوف باعتبار الصفة الّتى لا توجد الّا فى العقل امر لا يمكن ان يكون ثبوت ذلك الامر له الّا فى

٨٠٢

العقل لأنّ ما ثبت له ذلك الامر ليس الّا فى العقل وكذلك الحال فى الجزئى الحقيقى فانّ الاعراض الخارجية انّما تعرض لذات الجزئى الموجودة فى الخارج لا لها مع وصف الجزئيّة الثابتة لها فى العقل ولو ثبت لها مع ذلك الوصف امر يكون ثبوته لها فى العقل لا فى الخارج فالوجود متحد مع الماهية سواء كان خارجيا او ذهنيّا ولا قيام ولا عارض ولا معروض اذ هما على تقدير كونهما شيئين وهو غير متصوّر فى الوجود ولا فرق فيما ذكرنا بين القول باصالة الوجود واعتبارية الماهية وبالعكس فالتعدد والقيام وكون احدهما عارضا والآخر معروضا انما هو باعتبار نوع من التحليل العقلى وتعمله ومع قطع النظر عن الوجود فى الذّهن فعروضه لها انما هو على تقدير وجودها فى الذهن وملاحظتها على حدة (١) وان كان ملاحظتها هو عين وجودها فى الذّهن لكن لا بدّ من تعرية النظر عن هذا اللحاظ كما ذكرنا وهذا لا ينافى قيام الوجود بالماهيّة من حيث هى لأنّ هذه الحيثية ايضا ثابتة لها فى العقل ضرورة عدم انفكاك الماهيّة فى الخارج عن الوجود او العدم اذ هى فى الخارج امّا موجودة او معدومة ولا يذهب عليك ان ثبوت الوجود الخارجى للماهيّة وحمله عليها واعتبار كونه عارضا لها وان كان موقوفا على وجودها فى الذّهن لكن لا بدّ ان يكون لا بشرط وجودها فيه اذ مع الشّرط المذكور لا يمكن ثبوت الوجود الخارجى لها لعدم امكان الانقلاب ضرورة استحالة كون الماهية بشرط وجودها الذّهنى موجودة فى الخارج وكذلك الماهية بشرط وجودها الخارجى موجودة فى الذّهن ثم ان قيام صفة الوجود بالماهيّة غير قيام صفة القيام وغيره من الاوصاف الخارجية بالماهية اذ هى وان كانت مشاركة لصفة الوجود من جهة لزوم كونها قائمة بالماهيّة اللّابشرط من القيام وعدمه مثلا اذ لو اعتبرت بشرط اتصافها بالقيام يلزم تحصيل الحاصل ولو اعتبرت بشرط اتصافها بعدمها يلزم اجتماع الضّدين او ما فى معناهما الّا انّ الماهيّة اللّابشرط المذكورة من الحيثية المزبورة موجودة فى الخارج والّا لم يكن ثبوت الصّفة الخارجية ـ الموجودة فيه له اذ ثبوت شيء لشيء فرع على ثبوت المثبت له فزيادة الوجود على الماهيّة وقيامه بها انّما هو بحسب العقل بان يلاحظ كلّ منهما من غير ملاحظة الآخر ويعتبر الوجود معنى له اختصاص ناعت بالماهية لا بحسب الخارج بان يقوم الوجود بالماهيّة قيام البياض بالجسم ويلزم المحالات وبالجملة قيام الوجود بالماهية امر عقلى ليس كقيام البياض بالجسم فيلزم تقدّمها عليه بالوجود العقلى ولا استحالة فيه لجواز ملاحظتها وحدها من غير ملاحظة وجود خارجى او ذهنى ويكون لها وجود ذهنى لا يلاحظه العقل فان عدم الاعتبار غير اعتبار العدم وان اعتبر العقل وجودها الذهنى لم يلزم التسلسل بل ينقطع بانقطاع الاعتبار فالوجود انما يقوم بالماهيّة لا من حيث هى موجودة ولا من حيث هى معدومة وهذه الحيثية اعتى العراء من الوجود والعدم انما تثبت

__________________

(١) ملاحظة الوجود

٨٠٣

للماهية فى العقل لا فى الخارج ضرورة كونها فى الخارج غير منفكة عن احدهما اصلا فزيادة الوجود على الماهية وعروضه لها انما يكون فى التصوّر لا فى الخارج ليلزم من كون الوجود فى الخارج وزيادة وجوده عليه التسلسل المحال بل الوجود ليس الّا فى الذّهن وكونه فى الذّهن وجود له زائد عليه وهكذا ولا يلزم التّسلسل المحال وظهر ممّا ذكرنا الفرق بين قيام السّواد ونحوه بالماهية وقيام الوجود بها من جهة عدم امكان كون الماهيّة المعروضة له اعنى الماهية من حيث هى اللّابشرط من وجودها وعدمها موجودة فى الخارج ولا يزد من جهته نقض على قولهم بانّ ثبوت شيء لشيء فرع على ثبوت المثبت له اولا ان الوجود ثبوت شيء لا انّه ثبوت شيء لشيء وثانيا ان ثبوت الوجود الخارجى للماهيّة انما هى فى الذّهن لا فى الخارج لما ذكرنا من عدم امكانه فثبوته لها يستلزم ثبوتها فى الذهن كما ذكرنا فالمراد من قولهم ان ثبوت شيء لشيء فى اىّ وعاء يستلزم ثبوت المثبت له فى ذلك الوعاء ولا يحتاج فى التفصى عنه الى ما تمحله بعضهم من التخصيص وغيره مع عدم امكان تخصيص القاعدة العقلية ثم ان ما ذكرنا على القول باعتبارية الوجود وانه ليس هناك الا مفهوم الوجود وحقيقته الحاصلة من جهة الاضافة الى الماهيات واضح واما على القول باصالة الوجود وان هناك وراء مفهوم الوجود وحصصه افراد متخالفة متباينة بالذات كما يراه جمع من اهل المعقول او مراتب لحقيقة واحدة متخالفة بالشدة والضّعف والغنى والفقر وغيرها فيشكل ما ذكر فيه من جهتين احداهما ان مصداق الوجود على هذين القولين ليس عارضا للماهيات بل يشبه ان يكون الامر بالعكس وثانيتهما ان الحمل لا بد فيه من تصور الموضوع والمحمول والحقائق الوجودية على المذكورين لا يمكن وجودها فى الذهن والا لزم الانقلاب وهو محال بل لا يمكن الاكتناه به الّا بالمشاهدة الحضورية كما صرّحوا به ويمكن دفع الاشكالين المزبورين بان الحكم بالعروض المزبور انّما هو للجرى على الظاهر المتعارف فى المحاورات من جهة جريان عادة المتحاورين على جعل ما دلّ على الذّات موضوعا وما دلّ على الوصف محمولا مع ان الامر بحسب لحاظ الواقع على خلاف ما ذكر مع ان تقرير المطلب المزبور لا يتوقف على توسيط العروض وما يشبهه بل يمكن ان يقال ان حمل الوجود على الماهيّة موقوف على تصور الماهيّة ووجودها فى الذّهن الى آخر ما ذكر وبان تصور الموضوع والمحمول كما يمكن ان يكون بالاكتناه يمكن ان يكون بوجه ما فالموجود وان لم يكن متصوّرا بالكنه على القولين لكنه يمكن تصوّره بالوجوه والعناوين ألا ترى الى صحة الحكم على الله تعالى بانه عالم قادر وغير ذلك مع انّ علمه وقدرته عين ذاته الّذين هو عين وجوده الخاص وسرّه ما ذكرنا من كفاية التصوّر الاجمالى وبعنوان الوجه فتثبت ومن جميع ما ذكرنا يظهر استقامة ما ذكره المصنف هنا بقوله فزيد معروض للقيام فى السّابق بوصف وجوده الخارجى وللوجود بوصف تقرره لا وجوده الخارجى

٨٠٤

بعد حمل قوله بوصف تقرره على ما يطابق ما ذكرنا من ان عروض الوجود للماهيّة انّما هو فى الذهن لا فى الخارج لا بشرط وجوده فى الذّهن لعدم امكانه وهذا وان كان يستلزم نوعا من التفكيك حيث انّ المراد بقوله بوصف وجوده الخارجى هو ثبوت القيام له بشرط وجوده الخارجى لكن هذا القدر لا ضير فيه بعد وضوح المراد ومن التامّل فيما ذكرنا يظهر عدم ورود ما اورده شيخنا قدّس سره على المصنّف حيث قال بعد جعل الموضوع للوجود هو الماهية بحسب تقررها الماهوىّ انّ عبارة المصنف غير نفى عن الاشكال فان الحكم يكون عروض الوجود الخارجى للماهيّة باعتبار وجودها الذّهنى على ما يفصح عنه قوله سواء كان تحققه فى السّابق بتقرره ذهنا اه كما ترى ضرورة استحالة هذا المعنى فى عروض الوجود كما لا يخفى واما التقرر الماهوىّ فلا دخل له بالوجود الذّهنى بل هو مقابل الوجودين يجامعهما وعدمهما وان كان ربما يتفصى عن الاشكال المزبور بان المراد منه اعتبار التقرر الذّهنى فى مقام الحمل لا العروض اه بل يظهر من التامّل فيما ذكرنا عدم استقامة ما رفع به الاشكال وانّ ما فهمه قدّس سره مبنى على امر آخر غير ما ذكرنا ونقلنا عن التجريد وشرحه فراجع عبارته وتامّل فيما ذكرنا حتى تقف على حقيقة الامر ويظهر منه النظر فيما ذكره بعضهم فى هذا المقام ايضا حيث ذكر ان زيدا فى قولنا زيد موجود ماخوذ بوجوده التقررى الذّاتى الصالح للوجود والعدم وهو ممكن فى القضية المشكوكة وممّا ذكرناه يظهر ان مراد المصنّف يكون زيد معروضا للوجود بوجوده التقررى الذّهنى ليس كون معروض الوجود هو الوجود الذّهنى الظلّى لوضوح ان الوجود امر خارجىّ وان لم يكن موجودا خارجيّا كما قرّر فى محلّه فلا يصلح الوجود الظلّى ان يكون معروضا لأمر خارجى بل المقصود كون الموضوع فى قولنا زيد موجود ملحوظ ذهنا على وجه يصلح للوجود والعدم وان كان الوجود محمولا فى القضيّة على الذّات المتقررة واقعا على ما عرفت انتهى هذا لكن ذكر بعض المحقّقين فى هذا المقام انّ المراد ببقاء الموضوع ان يكون الموضوع فى القضية المشكوكة هو الموضوع فى القضية المتيقنة بعينه كى يكون الشكّ فى اللّاحق فى عين ما كان الإنسان على يقين منه فى السّابق مثلا اذا كان على يقين من قيام زيد ثم شكّ فى بقاء قيامه ولو لأجل الشكّ فى بقائه صحّ استصحاب قيامه فانه ما شكّ الّا فى ثبوت القيام لزيد فى الخارج فى الآن الثانى بعد ما كان على يقين منه فى الاوّل الى ان قال فلا ينافى الشكّ فى وجوده الخارجى مع القطع باحرازه المعتبر فى باب الاستصحاب لكونه بوجوده الخارجى موضوعا للمستصحب فى المقام وهو القيام لان احرازه ليس الا بان يكون الشكّ فى قيام من كان على يقين من قيامه وهو زيد والشكّ هنا فى قيامه لا قيام غيره قال هذا غاية توضيح مرامه انتهى محصّل كلامه ولا يخفى انّ ما ذكره مخالف لما سيذكره المصنّف من ان الشكّ فى الحكم اذا كان مسبّبا عن الشكّ فى موضوعه لا يجرى استصحاب الحكم سواء جرى

٨٠٥

استصحاب الموضوع ام لا والمستفاد من كلامه جريان الاستصحاب فى الحكم ولو كان مسبّبا ولو لم يجر استصحاب الموضوع فكيف يكون ما ذكره غاية توضيح مرام المصنّف هذا مع ان المصنّف سيصرّح بانه لا بدّ من العلم ببقاء الموضوع وانه مع الشكّ فى الموضوع لا يعلم بكون الحكم بوجود المستصحب ابقاء والحكم بعدمه نقضا وامّا ما سيذكره المصنّف من امكان استصحاب العدالة على تقدير الشكّ فى الحياة فلا دخل له بما ذكر لغرض الكلام فيه فيما اذا كان الشكّ فى العدالة مسبّبا عن سبب غير الشكّ فى الحياة مع توجّه الاشكال فى جريانه على ما سيأتي والتحقيق انه ان استظهر من قوله عليه‌السلام لا تنقض اليقين بالشكّ كون القضية المشكوكة عين القضيّة المتيقنة من جميع الجهات الّا من جهة تعدد الزّمان وكون ما يراد استصحابه مشكوكا بعد ان كان متيقنا كما ادّعاه بعضهم فلا اشكال حينئذ فى ضعف القول المزبور والتّوجيه المذكور والّا فيمكن رده بعدم ترتب اثر شرعى على الاستصحاب المذكور اذ الاثر اما مترتب على قيام زيد الحى او على حيوة زيد القائم او على القيام على تقدير حيوة زيد والاستصحاب الاوّل لا يثبت الحياة كما ان استصحاب الحياة لا يثبت القيام ولا يجرى الاستصحاب فى الثالث ايضا لانّ الموجود فى السّابق قيام زيد الحىّ لا القيام على تقدير حياته فلا معنى لاستصحابه على تقدير الحياة فتدبّر ويمكن ردّ القول المزبور بالاجماع كما ادّعاه صاحب الضّوابط قال وكيف كان فالحق اشتراط بقاء الموضوع بحيث لو علم انتفاء الموضوع او حصل الشكّ فيه لم يجز التمسّك بالاستصحاب وذلك لوجهين الاوّل الاجماع القاطع اه لكن فيه مع اضطراب كلماته حيث قال فى جواب السّئوال الّذى اورده بقوله لعل مرادهم من هذا الكلام اشتراط امكان البقاء بمعنى انه يشترط فى الاستصحاب عدم العلم بعدم بقاء الموضوع وهو متحقق فى موارد الاستصحاب ما لفظه قلنا انّ ذلك خلاف ظاهرهم وقال فى موضع آخر والظاهر من العلماء انما هو اشتراط عدم العلم بعدم بقاء الموضوع انّ المسألة عقلية لا معنى لأدعاء الإجماع فيها او ان الكلام فى كون احراز الموضوع من شرائط جريان الاستصحاب وتحقق موضوعه ومن المعلوم ان هذا ليس مما يكون بيانه من الشّارع حتى يكون الإجماع كاشفا عنه فتامّل جيّدا والله العالم باحكامه قوله وبهذا اندفع ما استشكله بعضهم ولعلّه صاحب الضّوابط حيث قال وانت خبير بانّ لازم هذين الظّهورين فى كلامهم عدم جواز التمسّك بالاستصحاب فى الموضوعات الخارجيّة الّتى لا يتعلّق بامر خارجى آخر كزيد فانه لو قطعنا ببقائه او عدم بقائه لم يكن استصحاب ولو شككنا فى بقائه لم يكن استصحاب ايضا لفقدان الشرط المذكور اعنى العلم ببقاء الموضوع قال وبالجملة لازم كلامهم عدم حجّية الاستصحاب فيما لو شكّ فى بقاء زيد وفى نظائره مع انّ العقلاء مطبقون على العمل بالاستصحاب هنا فكلامهم محلّ نظر فان قلت ان الموضوع هنا موجود وهو النفس الناطقة فانّها لا تفنى ابدا فمرجع الشكّ الى بقاء تعلق النّفس

٨٠٦

الناطقة بالبدن وارتفاع تعلّقها به فيستصحب تعلّقها به قلنا مع ان بقاء النفس الناطقة ابدا فيه ما فيه انّا نفرض الشكّ فى بقاء النفس الناطقة مضافا الى انا نرى ان اهل العقول يتمسّكون باستصحاب بقاء زيد مع عدم التفاتهم الى النفس النّاطقة الى آخر ما افاد قوله وغفلة عن ان المراد وجوده الثانوى يعنى ان المعروض للوجود حين ارادة استصحابه هو ماهية زيد اللّابشرط عن قيدى الوجود الخارجى والعدم ليكون صالحا لأن يحمل عليه الوجود الخارجى فيقال زيد موجود ولأن يحمل عليه العدم فيقال زيد معدوم اذ لو اريد بالموضوع الذى هو زيد الموجود فى الخارج يكون حمل موجود عليه من قبيل حمل الشيء على نفسه ولو اريد به زيد المعدوم يكون حمل موجود عليه من قبيل اجتماع الضدّين وكذلك بالنّسبة الى العدم وكذلك الامر فى جميع المحمولات بالنسبة الى موضوعاتها فانّها لا بدّ ان تكون لا بشرط بالنّسبة الى موضوعاتها فالموضوع للوجود وامثاله فى السّابق هو ماهية زيد بوصف تقرره الذّهنى وهو بالوصف المزبور موضوع للوجود اللّاحق الّذى يثبت بالاستصحاب وقد عرفت ان الماهيّة المتقررة فى الذّهن موجودة فى الخارج لا بوصف تقرّره وحضوره فى الذّهن لاستحالة الانقلاب كما ان الجزئى الحقيقى موجود فى الخارج لا بوصف كونه جزئيا حقيقيا اذ الجزئية من المعقولات الثانية لا يمكن عروضها لمثل زيد الّا فى الذّهن فيستحيل وجوده بوصف الجزئية فى الذّهن قوله ثمّ الدّليل على اعتبار هذا الشّرط واضح هذا الدليل ما اشار اليه فى الضّوابط بل ذكر شيخنا ره انه ذكره جمع من افاضل المتاخّرين من مشايخه وغيرهم قال فى الضّوابط فى مقام الاستدلال على اشتراط بقاء الموضوع بطريق القطع بعد الاستدلال بالإجماع القاطع الثانى العقل القاطع فان من البديهيّات ان الحكم من الاعراض لا وجود له بدون الموضوع فانّ الموضوع من جملة المشخّصات والتشخّص هو الوجود فحيث ما انتفى الموضوع انتفى العرض قوله اما ان يبقى فى غير موضوع ومحل وهو محال (١) قوله فيخرج عن الاستصحاب ويدخل فى القياس المحرم قوله وبعبارة اخرى بقاء المستصحب لا فى الموضوع اه وقد اورد عليه الاستاد قدّس سره فى الحاشية بانّه ان اريد من بقاء المستصحب وابقائه فى زمان الشكّ وجوده وايجاده واقعا ففيه انّ الامر وان كان كما ذكره على هذا التقدير إلّا انّه خارج عن محلّ البحث كما لا يخفى وان اريد البقاء الشّرعى والحكم به فى مرحلة الظاهر ففيه انه لا امتناع فى تعبد الشّارع المكلّف على الالتزام بالحكم المترتب على الشيء مع الشكّ فيه كما هو واقع فى غير الاستصحاب من القواعد المقرّرة للشّاك كقاعدة الطّهارة والحليّة مع القطع بعدمه اه ونسج على منواله بعض المحققين حيث قال فان المحال هو الانتقال والكون فى الخارج بلا موضوع بحسب وجود العرض حقيقة لا بحسب وجوده تعبدا كما هو قضيّة الاستصحاب ولا حقيقة لوجوده كذلك الّا ترتيب آثاره الشرعية

__________________

(١) كان الموضوع مشخص للعرض على ما ذكره المحقق الطوسى فى التجريد ومن المحال تحققه بدون مشخصة للزوم الانقلاب وصيرورته جوهرا لو يتحقق كذلك

٨٠٧

واحكامه العملية قال هذا مع انه اخص من المدّعى فانّ المستصحب ليس دائما من مقولة الاعراض بل ربما يكون هو الوجود وليس هو من احدى المعقولات العشر فلا جوهر بالذّات ولا بالعرض وان كان بالعرض انتهى والاول مندفع بما ذكره بعض افاضل المحشين قال وممّا ذكرنا يندفع ما ربما يورد على المصنّف من منع عدم قيام الحكم فى غير موضوعه لأن ذلك انّما يتجه فى الاحكام الواقعية دون الاحكام الظاهريّة التعبّدية ولذا حكم الشّارع بطهارة المائع المردّد بين الخمر والخلّ وحلّيته وان كان خمرا فى الواقع وجه الاندفاع هو عدم اعتبار العينية بين الحكم الواقعى والظاهرى فى جريان قاعدة الطّهارة وغيرها بخلاف ما نحن فيه على ما عرفت واما ما اورد عليه ثانيا بان الوجود ليس بجوهر ولا عرض فهو انما يتم على القول بان للوجود افراد متخالفة متباينة بالذّات كما يراه جمع من الحكماء او انّه حقيقة واحدة ذات مراتب مختلفة بالشّدة والضّعف كما يراه جمع آخر منهم وبالجملة على القول باصالة الوجود واما اذا قلنا بانه ليس هناك الّا مفهوم الوجود (١) المتكثّرة بالاضافة الى ماهية ماهيته فلا بل يكون من الامور النسبيّة الإضافية التى هى من احدى المقولات العشر المتباينة بالذّات بل يجرى ما ذكر على القول باصالة الوجود عند التامّل ايضا قال بعضهم ذهب جمهور المتكلّمين الى انّ للوجود مفهوما مشتركا بين الوجودات وذلك المفهوم الواحد يتكثر ويصير حصّة حصّة باضافته الى الاشياء وذلك الحصص مع ذلك المفهوم الداخل خارجة من ذوات الاشياء زائدة عليها ذهنا فقط عند محققيهم وذهنا وخارجا عند آخرين ومذهب الحكماء ان للوجود مفهوما واحدا مشتركا بين الوجودات والوجودات حقايق مختلفة متكثرة بانفسها واذا اعتبر تكثر ذلك المفهوم وصيرورته حصّة حصّته باضافته الى الماهيّات فهذه الحصص ايضا خارجة عن تلك الوجودات المتخالفة فهناك امور ثلاثة مفهوم الوجود وحصصه المتعيّنة باضافتها الى الماهيّات والوجودات الخاصّة المتخالفة الحقائق فمفهوم الوجود ذاتى داخل فى حصصه وهما خارجان عن الوجودات الخاصة والوجود الخاص عين الذات فى الواجب تعالى وخارج زائد فيما سواه انتهى فتامّل قوله واما لانّ المتيقن سابقا وجوده فى الموضوع السّابق اه هذا هو العمدة فى اثبات شرطية بقاء الموضوع فى الاستصحاب وتقريره ان مفاد لا تنقص اتحاد القضية المشكوكة والقضية المتيقنة من جميع الجهات الّا من حيث قطعية ثبوت المحمول للموضوع فى الزّمان الاوّل وكونه مشكوكا فى الزمان الثّانى فمع القطع بعدم بقاء الموضوع يعلم بعدم صدق النقض عرفا ومع الشكّ فى بقائه يشكّ فى صدق النقض والشبهة من هذه الجهة موضوعية لا يمكن التمسّك بعموم لا تنقض معها لعدم جواز التمسّك بالعمومات الّا مع الشكّ فى المراد ولا يجوز التمسّك بها مع الشكّ فى المصداق الّذى منشؤه اشتباه الامور الخارجية الّتى لا دخل

__________________

(١)(؟؟ )

٨٠٨

لها بالشارع ومنه يعلم ان ما حكى عن التوحيد البهبهانى وصاحب الرّياض والقوانين من جواز التمسّك بالاستصحاب مع الشكّ فى الموضوع مما لا وجه له نعم على تقدير كون الاستصحاب من باب الظنّ يكفى بقاء الموضوع ظنا اذ مع الظن بالموضوع يظن بقاء الحكم فلا بد من الاخذ به بناء على القول المزبور قوله فان قلت اذا كان الموضوع محتمل البقاء فيجوز اه هذا اشارة الى ما ذكره صاحب الفصول بقوله يشترط فى جريان الاستصحاب بقاء الموضوع ولو بالاستصحاب كما قيل قوله فان كان الاول فلا اشكال فى استصحاب الموضوع اه لا يخفى ان استصحاب العدالة على تقدير الحياة لا ينفع شيئا سواء استصحب معه الحياة ايضا ام لا لانّ استصحاب العدالة على تقدير الحياة (١) فمع كون الاثر الشّرعى مترتبا على عدالة زيد الحى لا يفيد هو شيئا ورجوعه الى الاستصحاب التقديرى كما ذكره الاستاد فى الحاشية لا محصل له بل هو عكس الاستصحاب التقديرى فانّه يشترط فى الاستصحاب التقديرى كون المعلّق عليه غير موجود فى السّابق وموجودا فى اللّاحق فاذا استصحب حرمة العصير اذا غلا فى صورت صيرورته زبيبا مع حصول الغليان بالفصل ترتب عليه حرمة الزبيب فعلا بخلاف المقام فانّ العدالة كانت ثابتة لزيد الحى مع الشكّ فى حياته لاحقا فكيف يترتب على استصحابها حكم شرعى فعلا فاذا انضم الى الاستصحاب المذكور استصحاب الحياة فلا شكّ فى انّه لا يفيد اثبات نفس الحياة حتى يؤثر فى ترتب الاثر على استصحاب العدالة بل مفاده ترتيب آثار الحياة فقط والفرض عدم كون العدالة وآثارها الشرعية آثار النفس الحياة ومنه يظهر عدم جريان استصحاب الحياة على تقدير العدالة ايضا ومنه يظهر النظر فيما ذكره الاستاد فى الحاشية من تسليم جريان استصحاب العدالة على تقدير الحياة وعدم جريان استصحاب الحياة على تقدير العدالة وكذا ما ذكره بعض افاضل المحشين حيث نسج على منواله مقررا للمصنّف ره فيما ذكره حيث قال ربما يشكل بان استصحاب الحياة ان كان بدون استصحاب العدالة يرد عليه ان الاثر الشرعى اعنى جواز التقليد مثلا مرتب على الحياة على تقدير العدالة وان كان معه يرد عليه انه لا اثر للانضمام بعد عدم ثبوت الحياة بنفسها بالاصل وان كان على تقدير العدالة يرد عليه ان الحياة مع العدالة التقديرية لا يترتب عليه اثر شرعى حتّى يصحّ استصحابها فان قلت فكيف يصح استصحاب العدالة على تقدير الحياة وما وجه الفرق بينهما قلت ان الفرق بينهما انّ موضوع العدالة كما اشار اليه المصنّف هو زيد على تقدير الحياة اذ لا شكّ فى العدالة الّا على هذا التقدير فلا يصحّ استصحاب العدالة الّا مع القطع بالحياة او مع فرضها بخلاف استصحاب الحياة لعدم توقفه على فرض العدالة انتهى كلامه وقد ذكر بعض المحققين فى هذا المقام فى مقام شرح كلام المصنّف وذلك لانّ الحياة وان كان لا بد من احرازها فى استصحاب العدالة حيث

__________________

(١) لا يثبت الحياة

٨٠٩

كانت من قيود موضوعها الّا ان احراز بقائها المعتبر فى قوام الاستصحاب لا ينافى عدم احراز بقائها فى نفسها حيث لا يراد الّا اثبات تلك العدالة الحاصلة القائمة بذلك الحىّ بالاستصحاب قال ولا يخفى ان غرضه جعل موضوع العدالة زيدا على تقدير الحياة ذلك اى ليس زيد مطلقا حيّا كان او ميّتا بموضوع بل على تقدير حياته ولم يستصحب العدالة له مطلقا بل بوصف كونه حيّا ومعه قد احرز الموضوع المعتبر فى الاستصحاب وح يعامل معه معاملة اليقين بعدالته من جواز تقليده ان قلنا بجواز تقليد العادل مطلقا حيّا كان او ميّتا من دون حاجة الى استصحاب حياته ومعه لو قلنا بعدم جوازه الّا من الحىّ الى آخر ما افاد وفيه مع ما عرفت سابقا من فساد ما ذكره وان احراز الموضوع المعتبر فى باب الاستصحاب لا يحصل بما ذكره وان تفسير كلام المصنّف بما يطابق ما ذكره وان تفسير غير صحيح خصوصا مع ملاحظة ان كلام المصنّف فى جريان استصحاب العدالة مبنى على كون الشكّ فيها مسبّبا عن سبب غير الشكّ فى الحياة وان الشكّ فى الحكم اذا كان مسبّبا عن الشك فى موضوعه لا يجرى الاستصحاب فيه اصلا مع صراحة كلام المحقق المزبور فى ما عرفت مما نقلنا من كلامه فى جريانه ولو كان مسبّبا عنه ان جريان استصحاب العدالة والحياة كليهما فى ترتيب الاثر الشّرعى كجواز التقليد اذا كان مترتبا على المجتهد الحىّ العادل مما يمكن منعه لان مفاد قوله لا تنقض اليقين بالشكّ هو اجراء الاستصحاب فى كلّ مورد كان له اثر شرعى ومن المعلوم عدم الاثر الشّرعى المفروض فى المقام لكل واحد من الاستصحابين وان كان لهما آثار شرعيّة اخرى والمجموع من حيث المجموع امر اعتبارىّ ليس من افراده الواقعيّة حتّى يؤخذ به ويحكم بترتب الاثر عليه وبالجملة لو سلّمنا كفاية احراز الموضوع على الوجه الّذى ذكره فى باب الاستصحاب لا ينفع فى ترتيب جواز تقليده بعد ان كان المستفاد من الادلّة جواز تقليد العادل اذا كان حيّا بالفعل ومن المعلوم ان استصحاب عدالة من كان حيّا سابقا لا ينفع فى ترتيب الاثر المزبور وكذلك اذا فرض كون الاثر مترتبا على الحى الّذى كان عادلا بالفعل لا يمكن اثباته باستصحاب حيوة من كان عادلا فى السّابق بل ومن التامّل فيما ذكرنا يظهر عدم ترتب جواز التقليد على استصحاب عدالة من كان حيّا فى السّابق فيما اذا كان المستفاد من الادلّة جواز تقليد العادل مطلقا حيّا كان او ميّتا فتامّل جدّا قوله وقد عرفت فى مسئلة الاستصحاب فى الامور الخارجية اه هذا اشارة الى الوجه الاوّل من وجوه عدم امكان الجمع بين الاستصحاب الموضوعى والاستصحاب الحكمى توضيحه ان معنى الاستصحاب اذا كان موضوعيّا جعل آثاره الشرعيّة بلا واسطة فى مرحلة الظاهر واذا كان حكميا جعل نفسه فى مرحلة الظاهر فى الزمان الثانى فلا شكّ فى انه مع اجراء الاستصحاب فى الموضوع يحكم بترتب النجاسة وجعلها فى مرحلة الظاهر فى زمان الشكّ وح فلا معنى لجعله ايضا فى

٨١٠

مرحلة الظاهر ثانيا بل لا يمكن لعدم معقوليّة اثبات الثابت وتحصيل الحاصل لكن ما ذكره انما يتم فيما اذا كان المستصحب الحكمى من الاحكام الشرعية المعروفة واما اذا كان من قبيل قيام زيد ووجوده او عدالة مجتهد وحياته مع فرض كون الاول فى المثالين مسبّبا عن الثانى فلا يتم ما ذكره فيه وان كان لا ينفع استصحاب الموضوع فى استصحاب الحكم فيه ايضا لكن الوجه المذكور غير آت فيه كما لا يخفى قوله بل لو اريد استصحابها لم يجر اه هذا اشارة الى ثانى الوجوه فى اثبات المطلب المزبور ولا بد من حمله على الاغماض عما ذكر فى الوجه الاوّل من عدم امكانه من الجهة المزبورة توضيحه ان مفاد استصحاب التغيّر ترتيب ما هو الاثر الشّرعى للتغيّر الواقعى فى مرحلة الظاهر (١) الثابت بالاستصحاب ومن المعلوم ان اثر التغير الواقعى هو النجاسة الواقعيّة لا الحكم ببقائها فى مرحلة الظّاهر ألا ترى انّ الحرمة والنجاسة مترتبان على الخمر الواقعى تثبتان مع ثبوتها فى الواقع سواء علم بها او ظنّ او شكّ فيها فتكون النجاسة الواقعيّة مترتبة على التغير الواقعى فاذا علم به علم بها واذا ظنّ به ظنّ بها واذا شكّ فيه شكّ فيها ولا شكّ فى انّه اذا علم بالتغيّر لا يحكم بثبوت النجاسة فى مرحلة الظاهر لعدم امكان ثبوت الحكم الظّاهرى مع العلم بالحكم الواقعى المترتب على العلم بموضوعه وايضا كما لا يترتب الحكم الواقعى على الموضوع الظّاهرى كذلك لا يترتب الحكم الظاهرى على الموضوع الواقعى وايضا الحكم ببقاء النجاسة فى مرحلة الظاهر من الاحكام الظاهرية واما صحّة الحكم ببقائها وامكانه من جهة الاستصحاب على ما هو المفروض فليس من الاحكام الظاهريّة فكيف يترتب عليه وايضا قد يراد من استصحاب الموضوع ترتيب حكم حادث فى الزّمان الثانى من غير ان يكون ثابتا فى السّابق كاستصحاب عدم التّذكية لاثبات الحرمة والنّجاسة مع عدم ثبوتها فى السّابق فلو كان مفاد استصحاب الموضوع اثباته فقط فى الظاهر ليترتب عليه استصحاب الحكم لكان اللّازم عدم جريان الاستصحاب الحكمى فى مثل المثال لعدم الحالة السّابقة بل ولا الاستصحاب الموضوعى لانّ مفاده عند القائل بكفايته فى جريان الاستصحاب الحكمى هو جعل المورد قابلا لجريان الاستصحاب الحكمى فقط من غير ان يترتب عليه اثر اصلا غير ذلك مع انّ القائلين بحجّية الاستصحاب مطلقا مطبقون على جريان الاستصحاب فى مثل المورد المزبور قوله مع ان قضية ما ذكرنا من الدليل على اشتراط بقاء اه هذا اشارة الى الوجه الثالث من وجوه عدم امكان الجمع بين الاستصحاب الموضوعى والاستصحاب الحكمى مع الإغماض عمّا ذكر من الوجوه فى اثبات عدم امكانه وتسليم جوازه وعدم منع الوجوه المذكورة توضيحه ان لزوم اشتراط بقاء الموضوع فى استصحاب المحمول انّما هو بحكم العقل لما عرفت من قيام الدليل العقلى على ذلك وح لا ينفع استصحاب الموضوع فى ترتب استصحاب المحمول عليه لأنّ المترتب على الاستصحاب مطلقا الآثار الشرعيّة لا الآثار العقلية والعادية وح فوجه التامّل ان المترتب على

__________________

(١) للتغير الظاهرى

٨١١

استصحاب الموضوع ليس ثبوت الشرطيّة حتى يقال بعدم امكانه بل وجود الشرط الّذى حكم العقل بشرطية واين احدهما عن الآخر فيمكن ان يترتب على وجوده بالاستصحاب صحة الاستصحاب الحكمي الّا ان يقال بانه اذا كان اصل الشّرطية من جهة حكم العقل فلا بد ان يكون وجوده ايضا محرزا عنده ولا يكفى وجوده التعبدى فى ترتب المشروط عليه ويمكن ان يكون وجه التامّل انّ العمدة فى لزوم اشتراط الموضوع ليس حكم العقل بل ما اشار اليه بقوله لان المتيقن سابقا وجوده فى الموضوع السّابق والحكم بعدم ثبوته لهذا الموضوع الجديد ليس نقضا للمتيقن السّابق اه الرّاجع الى عدم صدق البقاء او الشكّ فى صدقه المانع عن التمسّك بعموم لا تنقض من غير حاجة الى الدّليل العقلى المزبور ويمكن ان يكون وجهه ما اشار اليه بعضهم بعد تقرير الوجه الثالث بان اشتراط بقاء الموضوع فى جريان الاستصحاب كما يظهر من دليله عقلى فاثبات الشرط العقلى وهو بقاء الموضوع باستصحابه لا يتم الّا على الاصول المثبتة قال ولعلّ امر المصنّف بالتامّل اشارة الى خفاء الواسطة والله العالم قوله اما الاوّل فلان اصالة بقاء الموضوع اه لانّ الموضوع مردّد بين ما هو باق جزما وبين ما هو مرتفع كذلك فاذا فرض كون الموضوع فى المثال الاوّل هو الماء المتلبس بالتغير آنا ما او المشترك بين الكلب وما يستحال اليه من الملح فهو باق جزما واذا كان الموضوع هو الماء المتلبس بالتغير (١) فعلا او الكلب بوصف انه كلب فهو مرتفع كذلك فيكون من القسم الثانى من اقسام استصحاب الكلّى وقد مر انه اذا كان الحكم الشّرعى مترتبا على نفس الكلّى فلا باس باستصحابه واما اذا كان مترتبا على الفرد فاستصحابه لاثبات الفرد لا يجوز لكونه من الاصول المثبتة فاستصحاب بقاء الموضوع الكلّى فى المقام لاثبات كون الموضوع هو الفرد الباقى وهو الماء المتلبس بالتغير آنا ما او المشترك بين الكلب وما يستحال اليه من الملح غير جائز مع انا لو قلنا بجواز استصحاب الكلّى فى الحيوان المشترك بين حيوانين لا نقول به هنا لثبوت القدر المشترك هناك بخلاف المقام واما مفهوم الشيء والممكن ونحوهما فهى من الامور الاعتبارية الّتى لا تكون مجرى الاستصحاب قوله وعلى هذا القول فحكم هذا القسم حكم القسم الاول يعنى على تقدير القول بالاصل المثبت مطلقا يكون حكم هذا القسم حكم القسم الاول من حيث انّ استصحاب الموضوع مفاده ترتيب الحكم الشرعى فلا معنى لاستصحاب الحكم ايضا على ما سبق تحقيقه وكذلك على القول بعدم حجية الاصل المثبت الّا مع خفاء الواسطة مع الالتزام بكون المقام كذلك قوله لان صفة الموضوعيّة للموضوع اه لانّ زيدا فى زيد قائم لا يكون متّصفا بالموضوعيّة الّا مع ثبوت القيام فاستصحاب بقاء زيد بوصف انه موضوع ملازم لاستصحاب بقاء قيامه فيرجع استصحاب الموضوع فى المقام الى استصحاب الحكم المترتب عليه ويجيء عدم امكان استصحاب الحكم مع الشكّ فى الموضوع بقوله واما استصحاب

__________________

(١) آنا ما او المشترك بين الكلب وما يستحال اليه من الملح فهو باق مجريا واذا كان الموضوع هو الماء المتلبسين بالبقاء

٨١٢

الحكم فلانه كان ثابتا اه فاستصحاب موضوعيّة الماء الّذى زال تغيره مثل استصحاب كرّية ماء نقص منه مقدار اوجب الشكّ فيها فلا بدّ فيه من المسامحة العرفية فى الموضوع مثل ذلك الّا انّ الاستصحاب يجرى فى ذلك لعدم وجود محذور الاثبات دون هذا لرجوعه الى استصحاب الحكم مع الشكّ فى الموضوع ومثل هذا لا يجوز الاعتماد عليه قوله نعم لو شكّ بسبب تغير الزمان المجعول ظرفا اه لا يخفى ان الزّمان اذا كان قيدا لا يجرى الاستصحاب فى الزمان الثانى قطعا وقد ذكر المصنّف فى التنبيه الثانى انّه ينبغى القطع بعدم جريان الاستصحاب فيه وكذلك اذا احتمل كونه قيدا له فيبقى الكلام فى الزّمان الّذى يكون ظرفا ولكن يحتمل مدخليته فى عالم اللبّ فينبغى القطع بعدم مانعية الاحتمال المذكور فى باب الاستصحاب والّا لزم عدم العمل بقوله ع لا تنقض اليقين بالشكّ راسا لعدم وجود مصداق له على التقدير المزبور وهذا هو المراد بقوله لانّ الاستصحاب مبنىّ على الغاء خصوصيّة الزمان الاوّل لأنّ الزمان الاوّل اذا كان قيدا او محتمل القيدية للحكم الثابت فيه لا يجرى الاستصحاب فيه فلا بدّ من حمله على ما اذا كان الزّمان الاوّل ظرفا للحكم فتدبر جيّدا قوله لا يجرى الّا فى الشكّ فى الرّافع اه يعنى الّا فى الشكّ فى وجود الرّافع او فى رافعية الموجود ووجه عدم جريانه الّا فى ذلك ان مفروض الكلام على المذهب الحق فيما اذا كان الاستصحاب حجة من باب الأخبار ولا يخفى ان قوله ع لا تنقض اليقين بالشكّ لا يشمل الشكّ فى المقتضى على ما حققه المصنّف سابقا وان كان محلّ نظر عندنا فلا بدّ من ان يكون معمولا به على تقدير الشكّ فى الرّافع والّا لزم طرح لا تنقض راسا فكان الشكّ فى الرّافع مستثنى من كليّة اشتراط بقاء الموضوع اذا قلنا به من جهة عدم صدق لا تنقض عرفا مع عدم بقاء الموضوع وعدم جواز التمسّك به مع الشكّ لا من جهة العقل حتى يقال بعدم جواز التخصيص فى الحكم العقلى فلا يرد عليه ما ذكره الاستاد قدّس سره من انّ عدم الرافع ايضا له مدخلية فى اصل بقاء المناط الاولى والا لم يعقل ارتفاع الحكم مع بقاء العلّة التامة ولا يحتاج الى ما ذكره بعضهم من ان وجه عدم جريان الاستصحاب الّا فى الشكّ فى الرّافع عدم امكان اخذ عدم الرافع فى الموضوع لاستلزامه الدّور مع انه يمكن ان يورد عليه بان الرافع بمعنى المانع لا الرافع بالمعنى المعروف ويقرب منه ما يقال ان اخذ عدم الرافع حدوثا انما يكون مستلزما للحال لا بقاء فكلّ واحد من المانع والرافع يعتبر عدمه فيه عقلا غاية الامر احدهما حدوثا والآخر بقاء فيكون الشكّ من جهة الرافع شكّا فى الموضوع ايضا فلا يخلو الاستصحاب فيه من اشكال الّا ان يقال ان بقاء لا تنقض بلا مورد كما يمكن ان يكون كاشفا عن (١) قاعدة بقاء الموضوع كذلك يمكن ان يكون كاشفا عن بطلان كون الميزان فى تشخيص الموضوع هو العقل وليس احدهما اولى من الآخر قوله نعم يجرى فى الموضوعات

__________________

(١) تخصيص

٨١٣

الخارجية باسرها اما لأن الشكّ فى الموضوعات الخارجية باسرها من قبيل الشكّ فى الرّافع كما يستفاد من كلمات الفاضل النّراقى فى المناهج واحتمله الاستاد قدّس سره فى مجلس البحث فى بيان مراد المصنّف وفيه انّ الشكّ فيه ايضا قد يكون فى المقتضى وبقاء استعداد الموجود فى السّابق وقد يكون من جهة الشك فى الرّافع كما هو واضح واما لان الموضوع فى استصحاب الموضوعات الخارجية هى الماهية الغير الزائلة لكون المستصحب فيها وجودها كما نقله شيخنا ره فى الحاشية عن المصنّف ره فى مجلس البحث وقد اورد عليه بان الموضوع فى المقام ليس هو خصوص الجوهر اى الماهية الّتى لو وجدت فى الاعيان وجدت لا فى موضوع بل اعم منه ومن الاعراض القائمة به ومن المعلوم امكان مدخلية شيء فى عروض شيء على الموضوع انتهى فتامل فيه قوله فيما اذا كان الدليل غير لفظى اى لبيّا ليس فيه بيان حال الموضوع كالاجماع والمفهوم وغيرهما قوله بل علم عدمه يعنى بالتدقيق العقلى او بملاحظة الادلّة فان حكم العرف يكون صارفا لظهور الادلة ويكون مقدما على التدقيق العقلى بحيث يرفع اليد عنهما من جهة ذلك ثم ان الفرق بين حكم العرف المعتبر هنا وبين المسامحات العرفيّة الغير المعتبرة فى موارد التحديدات كما فى الكيل والوزن والمساحة وغيرها ان اصل الصّدق هناك مبنى على المسامحة بخلاف المقام فالمسامحة هناك فى تطبيق المعنى الموضوع له على بعض المصاديق كما اذا نقص من المن مثلا مثقال او مثقالان او من الفرسخ ذراعان او ثلاثة اذرع وغير ذلك ثم ان ما يمكن وجها لاعتبار حكم العرف امور احدها ما ذكره الاستاد فى الحاشية قال ان الوجه فى اعتبار المسامحة العرفية فى المقام هو انه بعد حكمهم باتّحاد القضية المتيقنة والمشكوكة يصدق النقض على ترك الالتزام بما كان محمولا فى القضيّة الاوّلية المتيقنة قطعا كما انّه يصدق على الالتزام به انّه ابقاء للمتيقن السّابق جزما فالمسامحة وان وقعت منهم فى جعل المعروض الاعم من الواجد للوصف العنوانى الّذى كان موضوعا فى الادلّة الشرعيّة والفاقد له الا ان صدق النقض والبقاء على التقديرين حقيقى غير مبنى على المسامحة ألا ترى ان الاستعارة على مذهب التحقيق حقيقة مع ان كون المستعار من افراد المستعار عنه مبنى على الادعاء لا الحقيقة وثانيها انه لا ريب فى انّ العرف كما انه محكم فى تعيين الاوضاع بمعنى كون تبادر معنى من لفظ من دون قرينة دليلا على كونه موضوعا له كذلك فى تعيين المرادات كما يقال ان قوله عليه‌السلام لا صلاة الا بطهور ظاهر عرفا فى نفى الصّحة دون الذّات فنقول ان قوله ع لا تنقض اليقين بالشكّ ظاهر عرفا فى وجوب ابقاء ما كان متيقنا فى السّابق ولا ريب فى عدم صدق البقاء من دون بقاء الموضوع وح اذا فرض صدق البقاء عرفا مع زوال بعض قيود الموضوع يجب البناء على الحالة السابقة لا محالة وان لم يصدق بالمداقة العقلية و

٨١٤

ثالثها انّه لو لم يعتبر العرف فى الحكم بالبقاء مع تغير بعض قيود الموضوع او اجزائه لزم تخطئة اكثر العلماء بل ـ جميعهم لاطباقهم ظاهرا كما ادعاه فى الرّياض على جواز استصحاب الكرية بعد اخذ مقدار من الماء يشكّ معه فى بقائه على الكرّية وقد عملوا ايضا بالاستصحاب فيما اذا طار الارض جصّا او نورة بالإحراق مع زوال وصف الارضيّة وكذا فى الماء المتغيّر وفى المضاف اذا اضيف اليه المطلق بحيث يشكّ معه فى بقائه على الاضافة او الاطلاق الى غير ذلك مما يجده المتتبع ورابعها ان مشترط بقاء الموضوع مع جميع قيوده ان اراد به اشتراط بقائه بجميع قيوده الواقعية فلا سبيل لنا اليه وان اراد اشتراط بقائه بجميع قيوده الثابتة فى ظاهر الكتاب والسنة فلا ريب انّ اهل العرف لا يفرق بين قول الشّارع الماء المتغير نجس وقوله ع الماء ينجس اذا تغير فى فهم كون الموضوع على التقديرين هو الماء مطلقا وكون التغير سببا لحدوث الحكم فاذا شكّ فى كون العلّة المحدثة مبقية وعدمه يصحّ استصحاب النجاسة على التقديرين وان كان الموضوع فى ظاهر الدّليل الاوّل هو المقيد المنتفى بانتفائه قيده بالمداقة ذكر هذه الوجوه الثلاثة بعض افاضل المحشين ثم ناقش فيها قال امّا فى الاوّل فلانّ العرف وان كان محكما فى تعيين الاوضاع والمرادات الا انّ الشبهة فى المقام فى مصداق المراد لا فيه نفسه ولا اعتداد به فى تعيين المصاديق الخارجية واما فى الثانى فلان مخالفة العلماء لم يقم دليل على المنع منها ما لم يبلغ اتفاقهم الى حد الإجماع وامّا فى الثالث فلان عدم تفرقة العرف بين قوله الماء المتغير نجس وقوله الماء ينجس اذا تغير فى فهم كون الموضوع اعم من واجد الوصف والفاقد له على التقديرين وكون التغير سببا لحدوث الحكم لا داخلا فى الموضوع على الاول دون الثانى لعلّه مبنى على المسامحة فى اطلاق الواجد على الفاقد لا من جهة فهم عموم الموضوع حقيقة وقد تقدم عدم الاعتداد بهذه المسامحة العرفية وذكر بعض المحققين من المحشّين فى هذا المقام ما هذا لفظه ثم انه ظهر بما ذكرنا فساد ما ربما يتوهّم من انه لا اعتبار بالانظار العرفية المبنيّة على المسامحة او الغلط او الغفلة وانّما العرف يكون مرجعا فى تشخيص المفاهيم وتعيين الظواهر وذلك لما ظهر من ان الرّجوع فى العرف فى تشخيص الموضوع فى باب الاستصحاب انما هو لأجل الاستظهار من الأخبار ان النهى عن النقض فيها انما هو بلحاظ الموضوع العرفى فليس فى الرّجوع اليهم فى الباب اتباع مسامحاتهم او غفلاتهم فى مقام التطبيق بل اتباع ظاهر الخطاب على التدقيق والتحقيق انتهى وفيه ان الاستظهار من الأخبار ان النهى بلحاظ الموضوع العرفى انما ينفع اذا قلنا بان قولهم هذا الماء كان كرا بعد اخذ مقدار منه مثلا على وجه الحقيقة عندهم وامّا اذا كان على سبيل المسامحة عندهم فالرّجوع الى العرف لا يقتضى الالتزام بمسامحاتهم بل انّما يقتضى الرّجوع الى ما هو كذلك عندهم حقيقة لا تجوز او

٨١٥

مسامحة قال الاستاد قدس‌سره فى الحاشية بعد سياقه شطرا من الكلام فى اعتبار المسامحة العرفية فى باب الاستصحاب وانت خبير بعدم خلو ما ذكر عن النظر لانّ دعوى كون صدق النقض حقيقيا مع ابتنائه على اتحاد القضيّتين الّذى احرز بالمسامحة لا يجدى مع كونه خلاف الظّاهر قطعا فلو قيل بلزوم الاقتصار على الميزان الثّانى فى الاحكام الشرعيّة والرّجوع الى العرف الغير المبنى على المسامحة فى الموضوعات الخارجية ان لم يرجع الى الميزان الاوّل لم يكن خاليا عن الوجه انتهى والانصاف ان الرجوع الى الميزان العقلى يستلزم انكار الاستصحاب راسا على ما عرفت منّا والرّجوع الى الادلّة يستلزم قلة موارد الاستصحاب وقد سمعت عن المصنّف انه لا يجرى الاستصحاب على التقدير الثانى الّا فى الشكّ الرافع اذا كان الدّليل غير لفظى لا يتميّز فيه الموضوع مع ما تقرر لك فى السّابق من حجّية الاستصحاب مطلقا حتى فى الشكّ فى المقتضى ويرشد الى ما ذكر عدم تميز الموضوع فى الدليل العقلى ايضا كثيرا من الاوقات فيصير ذلك منضما الى فهم العلماء ورجوعهم الى استصحاب الكرية وغيرها مما عدّدنا بعضها سابقا وكون الاستصحاب الكرّية اجماعيّا كما عرفت عن الرّياض وكون استصحاب مثل اللّيل والنّهار ضروريّا كما عرفت عن المحدّث الأسترآبادي مقربا للرجوع الى العرف فى موارد الاستصحاب ولذا قيل هذه هى الطريقة المعروفة بينهم لما عرفت من عملهم بالاستصحاب فى موارد كثيرة لا يتم العمل فيها الّا بالقول باعتبار العرف والله العالم باحكامه قوله وبهذا الوجه يصح للفاضلين اه يعنى بالتسامح العرفى فى الموضوع مطلقا لا فى باب الاستصحاب فقط اذ ليس كلام الفاضلين صريحا فى التمسّك بالاستصحاب بل يحتمل ان يكون مرادهما التمسّك بالدّليل بعد فهم العرف بان الموضوع اعم من الواجد للوصف العنوانى والفاقد له نعم احد وجهى الفخر صريح فى التمسّك بالاستصحاب فيستفاد من الكلمات المذكورة عدم كون الاستحالة من المطهرات عندهم وحاصل ما استدلوا به يرجع الى الوجهين الاوّل انّ النجاسة قائمة بذوات الأشياء من غير مدخلية الوصف العنوانى فيه ومن المعلوم بقاء الذّوات مع تبدل العنوان وهذا هو الوجه الّذى ذكراه فى المعتبر والمنتهى واليه يرجع الوجه الثانى من وجهى الفخر حيث قال وبان الاسم امارة ومعرف فلا يزول الحكم بزواله الثانى التمسك بالاستصحاب وهو الوجه الاول من وجهى الحكم بالنجاسة الّذى اشار اليه الفخر ولا بد ان يكون التمسّك بالاستصحاب مع الاغماض عن الوجه الثانى الّذى يرجع الى التمسّك بالدّليل اذ لا معنى للتمسّك بالاصل مع وجود الدّليل وذهب بعضهم بل نقل عن الاكثر الى ان الاستحالة من المطهرات نظرا الى تبعية النجاسة للعنوان الّذى تعلّق به الحكم فى الشّريعة فبعد انتفائه لا معنى للتمسّك بما دلّ على ثبوت النجاسة واما الاستصحاب فلا يجرى بعد انتفاء الموضوع فلا بدّ اذا من الحكم بالطّهارة اما اخذا بما دلّ على طهارة المستحال اليه كالملح والتّراب والرّماد او بما دلّ عموما

٨١٦

على طهارة الاشياء مع عدم العلم بالنجاسة قال الشّهيد فى الذكرى على ما حكى لو استحالت العين النجسة كالعذرة والميتة ترابا يحكم بطهارته لقول النبىّ صلى‌الله‌عليه‌وآله التراب طهور ولو صار ملحا امكن ذلك لزوال الاسم والصّورة وذهب الفاضل الهندى والمحقق السّبزوارى على ما حكى عنهما وجماعة الى الفرق بين استحالة نجس العين والمتنجّس فحكموا بطهارة الاوّل ونجاسة الثّانى واستدلّوا عليه بما ذكره المصنّف وياتى مع جوابه وتردد بعضهم فى ذلك قال العلّامة فى القواعد على ما حكى وفى تطهر الكلب والخنزير اذا وقعا فى المملحة فصارا ملحا والعذرة اذا امتزجت بالتراب وتقادم عهدها حتى استحالت ترابا نظر وعن المحقق الثانى فى شرحه ينشأ من ان الاجزاء النجسة باقية لم تزل وانما تغيرت الصّورة وكما ان النجاسة حكم شرعىّ لا يثبت الا بالدّليل كذا حصول الطّهارة موقوف على الدّليل ومن انّ مناط النجاسة هو تلك الصّورة مع الاسم لأنّ احكام الشّرع جارية على المسمّيات بواسطة الاسماء وعن الفخر فى الايضاح ان منشأ النظر ان العين وهى الجسميّة الخاصة موجودة وانّما تغيّرت الصّفات فتبقى النجاسة لأنّ النجاسة ذاتية وان النجاسة حكم متعلّق بذات الكلب امّا باعتبار صفاته النوعيّة وامّا باعتبار الاعراض الخاصّة اللّاحقة للجواهر المتساوية مع القول بعدم استثناء الباقى وعلى كلا التقديرين فقد زالت علة النجاسة فيزول المعلول انتهى ونسب التردد الى الاردبيلى ايضا وهذا المقدار يكفى فى المقام والتفصيل فى الفقه قوله الّا انه لا يخفى على المتامل اه لا يخفى ان مثل هذه القضية قد تستعمل لبيان شمول الحكم لجميع الاقسام من غير ان يكون الجسمية علة له بل العلّة وما يتقوم به المحمول فى كلّ مورد هو الصّورة النوعيّة او الخصوصيّة المصنّفة كما فى قولهم كلّ جسم له خاصّية وتاثير وقد تستعمل البيان عموم الحكم لجميع افراد الجسم مع كون الجسميّة علّة لثبوت المحمول للموضوع فى جميع الموارد كما فى قولهم كلّ جسم له مكان ومثله قولهم كلّ ممكن محدث او محتاج او زوج تركيبى وكلّ متغير حادث وغير ذلك ومن المعلوم ان العام لا يدلّ على الخاصّ فلا يمكن الاستدلال من قولهم كلّ جسم لاقى نجسا فهو نجس على ان ما يتقوم به النجاسة فى كلّ جسم هو كونه جسما قوله لبيان حدوث النجاسة فى الجسم يعنى ان التعبير المذكور لبيان ان كلّ جسم يحدث فيه النجاسة بسبب الملاقاة وامّا بقائها فلا تعرض فيه فيمكن ان تكون باقيا بعد زوال الصّورة النوعيّة بان يكون ما يتقوم به النجاسة الّذى تدور النجاسة مداره هو الجسم وان لا يكون باقيا بان يكون ما يتقوم به النجاسة هو الصّورة النوعيّة الّتى قد زالت وح فلا ظهور فى معقد الاجماعات فى ما راموه من كون ما يتقوم به النجاسة هو الجسم من حيث هو حتى يلتزم ببقاء النجاسة مع زوال الصّورة النوعيّة وجه آخر لعدم ظهور معقد الاجماع فى ذلك ان المحكى عن الاكثر منهم كما عرفت كون الاستحالة من المطهّرات وهو مستلزم لعدم كون النجاسة متقومة بالجسم من حيث

٨١٧

هو وكونها متقومة بالصّور النوعيّة او الشخصية ومع هذا التصريح كيف يمكن جعل قولهم بان كلّ جسم لاقى نجسا فهو نجس كاشفا عن قيام النجاسة بالصّورة الجسميّة قوله وان ابيت الّا عن ظهور معقد الاجماع فى تقوم النجاسة بالجسم يعنى لو سلمنا ظهور معقد الاجماع فى ذلك نقول لا يمكن التعويل على الظهور والاخذ به لانّ العموم المذكور لم يرد فى كتاب او سنة بل انما ورد فيهما ان الثوب او البدن او الماء مثلا اذا لاقى نجسا فهو نجس ولما كان القطع حاصلا بعدم مدخلية خصوص الثوب والبدن فى حدوث النجاسة فيهما بالملاقات للنّجس بل الحكم المزبور ثابت فى كلّ جسم فاستفادة العموم المذكور من الادلة الخاصّة الواردة فى الموارد الخاصّة لا باس بها بالملاحظة المذكورة واما استنباطه بملاحظة كون الجسم من حيث هو علّة ومناطا للنجاسة بحيث تدور مداره من الادلة المذكورة فغير ممكن لظهور الأدلة الخاصّة فى مدخليّة الصّورة النوعيّة او الشّخصية فى بقاء النجاسة فكيف يمكن مع ذلك استكشاف كون الصّورة الجسمية من حيث هى علة وعلى تقدير الاغماض عن الظهور فكلا الامرين محتمل فيها فاستكشاف احدهما منها لا وجه له فمقصود المصنّف بقوله والّا فاللّازم اناطة النجاسة فى كلّ مورد بالعنوان المذكور فى دليله عدم امكان استكشاف الكلية المذكورة من الادلة الخاصّة بعنوان كون الجسميّة علّة ومناطا للنجاسة بحيث تدور مدارها والّا فيمكن استكشاف العموم المذكور من الادلّة الخاصّة بان يكون المراد كلّ نوع من انواع الجسم او كلّ شخص من اشخاصه بحيث يكون الصورة النوعيّة او الشخصيّة مناطا وعلّة للنجاسة بحيث تتقوم بها حدوثا وبقاء اذ كما ان القطع حاصل بالغاء خصوصيّة الجسم كذلك القطع حاصل بالغاء خصوصيّة الصّورة النوعيّة او الشخصيّة قوله انّ الموضوع فى النجس اه لانّ مدخلية الصّورة النوعيّة فى النجس واضح بحسب ظاهر الدّليل وفى المتنجس ليس بمثل هذا فى الظهور لكن هذا المقدار لا يوجب الفرق فانّ الاستصحاب كما لا يجرى مع القطع بانتفاء الموضوع كذلك لا يجرى مع الشكّ فيه قوله من لا يقول بحجّية الظن اه كصاحب المعالم فانه من اهل الظنون الخاصّة الّذين لا يقولون بحجية كلّ ظن بل مذهبه العمل بخصوص الخبر الصّحيح الاعلائى فقوله بالاولويّة المذكورة مع عدم عمل بعض القائلين بالظنون المطلقة بها ايضا لا بد من ان يكون مبنيّا على ان تكون خارجة عن الاولوية الاعتبارية وداخلة فى الفحوى الّتى هى من المداليل اللّفظية الّتى يقول بها اهل الظنون الخاصّة ايضا لكن كونها من قبيل تلك محلّ منع واضح قوله وممّا ذكرنا يظهر وجه النظر فيما ذكره جماعة تبعا للفاضل الهندى ره الظاهر من كلامه كون الفاضل الهندى ومن تبعه مفصلين فى كون الاستحالة من المطهّرات بين استحالة النجس وبين استحالة المتنجّس فيجعلون الاولى من المطهّرات بخلاف الثانية لبقاء الموضوع فى الثانية دون الاولى من غير حاجة الى الاستصحاب

٨١٨

وفى الضّوابط جعل التفصيل راجعا الى جريان الاستصحاب وعدمه قال اعلم ان الاقوال فى المسألة ثلاثة ثالثها التفصيل بين النجس الذاتى والعرضى ففى الذاتى كالكلب بعد الاستحالة بالرماد لا يجرى الاستصحاب لأنّ الموضوع هو الكلب وقد انتفى وفى العرضى كالخشب المتنجس الّذى صار رمادا يجرى الاستصحاب لانّ الموضوع هو الجسم الملاقى لا الخبث وهو باق قال والظاهر من هذا المفصّل انه لا يفرق بين الاستحالة والانتقال والانقلاب فى هذا التفصيل انتهى كلامه رفع مقامه وفيه نظر قوله فان الظاهر جريان عموم ادلّة هذه الاحكام اه لا يخفى ان التمسّك بعموم الدّليل انّما يصح مع الشكّ فى النجاسة والحلية الذاتيين (١) لكن قد يحتمل عروض النجاسة او الحرمة له بسبب الغليان مثلا ولا يندفع هذا الاحتمال بالدّليل المزبور فتدبر قوله ومن الثانى اجراء حكم بول غير الماكول اه يعنى ومن امثلة القسم الثانى الّذى يحتاج اثبات الحكم فيه فى الحالة الثانية الى الاستصحاب اجراء حكم بول غير الماكول اذا صار بولا لماكول مثلا فلا بدّ فيه من سكوت الدّليل الدالّ على نجاسة بول غير الماكول لحكم ما اذا صار بولا لماكول مع احتمال ثبوته له فى الواقع ولا بدّ فيه مع ذلك عن كون الموضوع عند العرف مع قطع النظر عن الدليل المذكور هو الاعم الموجود فى الحالين من غير ان يفهم من الدّليل المذكور بحيث يكون مرادا للشارع الاعم على ما سيجيء توضيحه وبهذا يفترق الثّانى الّذى يحتاج الى الاستصحاب من الاوّل الّذى لا يحتاج اليه اذ فى الاوّل لا بدّ من فهم العرف ارادة الشّارع من مثل قوله العنب طاهرا وحلال هو الأعم منه ومن الزبيب ولا شكّ فى ان فهم العرف لمراد الشّارع حجة ويكون ثبوت الحكم فى الزّمان الثانى والحالة الثانية بالدليل لا بالاصل وامّا فى الثانى فلا بدّ من فرضه فيما اذا لم يفهم العرف من الدّليل كون مراده هو الاعمّ من الواجد للوصف العنوانى والفاقد له بل يعترفون بعدم دلالة الدليل على ثبوت الحكم الّا للواجد للوصف العنوانى بحيث لا يدلّ على ثبوته للفاقد ولا على عدم ثبوته له مع انّ الموضوع عندهم هو الاعمّ مع قطع النظر عنه ولذا يجرى الاستصحاب فيه لوجود شرائطه دون الاوّل لعدم جريان الاصل مع وجود الدّليل وامّا القسم الثالث فلا بدّ من فرضه فيما اذا كان الدّليل دالّا على ثبوت الحكم للواجد للوصف العنوانى مع عدم فهم العرف منه كون مراده ثبوت الحكم فى الحالين وعدم كون الموضوع اعمّ مع قطع النظر عنه فيفرق عن الاولين من جهة عدم جواز التمسّك فيه فى الزمان الثانى لا بالدّليل ولا بالاستصحاب لانتفاء شروط التمسّك بهما على ما عرفت قوله وممّا ذكرنا يظهران مضى قولهم ان الاحكام اه قد ذكر فيما تقدم ان الموضوع قد يكون فى ظاهر الدّليل هو الواجد للوصف العنوانى فقط مع ان العرف يفهم منه كون مراد الشارع هو الاعمّ من الواجد للوصف والفاقد له كما فى مثال العنب والرطب وقد يكون كذلك مع عدم فهم العرف خلافه فيختلف الموضوعات

__________________

(١) وامّا مع الشكّ فى العرضية منهما ففى الاستدلال به خفاء فانّ قوله العنب طاهر او حلال يراد به العطار والحلية الذاتيتان

٨١٩

فى عالم اللبّ فالاحكام لا بدّ ان تدور مدار الموضوع فى الحقيقة لا ما هو موضوع فى ظاهر القضية فقط فيكون المراد من القول المزبور دوران الحكم مدار اسم الموضوع الحقيقى اللّبى لا ما هو اسم الموضوع اللّفظى قوله المستلزم لانتفائه بانتفائه لا بمعنى دلالته على الانتفاء عند الانتفاء بل بمعنى عدم دلالته على الثبوت فى الحالة الثانية ولا على عدم ثبوته فيها فيكون مسكوتا عنه فى الزّمان الثانى وعليه فلا معنى لثبوت الحكم فى الزّمان الثّانى بالدليل كما هو مفاد القسم الاوّل قوله لكنّك عرفت ان العناوين مختلفة اه فقد تكون القضية ظاهرة فى مدخلية العنوان فى الحكم لكن العرف يحكم بانّ المراد من الموضوع هو الاعمّ وقد تكون كذلك لكن الموضوع فى العرف اعمّ من غير ان يحكم بان مراد الشّارع هو الاعمّ وقد تكون كذلك من غير ان يحكم بانّ الموضوع اعمّ والاوّل مجرى التمسّك بالدليل والثّانى مجرى التمسّك بالاستصحاب والثالث لا يكون مجرى لاحدهما ومنه يظهر المراد من قوله بل الاحكام ايضا مختلفة ويمكن ان يريد منه ما ذكره فى العنب والرّطب من ان حكم الحلّية والطّهارة يسرى الى الزّبيب والتمر بخلاف ما لو حلف ان لا يأكل احدهما فانّه لا يسرى اليها قوله وقد تقدم حكاية بقاء نجاسة الخنزير اه المقصود من هذا الكلام اثبات ما ذكره بان العناوين مختلفة قد يكون اللّفظ ظاهرا فى مدخلية الوصف العنوانى لكن يفهم العرف انّ المراد منه الاعمّ فيكون تمسّكا بالدّليل اتباعا لفهم العرف فى صرف الدليل عن ظاهره ولو لا ذلك لما ساغ للفاضلين فى الحكم ببقاء النجاسة التمسّك بما ذكروه الراجع الى التمسّك بالدّليل لا بالاستصحاب ثم انّ المذكور فيما سبق بقاء نجاسة الكلب المستحيل ملحا لا الخنزير ولم ينقله عن اكثر اهل العلم بل عن الفاضلين والفخر فى احد وجهيه لكن نقل الأستاد قدّس سره فى الحاشية عن المصنّف ان الموجود فى الكتابين ما ذكره اخيرا وان النقل عن اكثر اهل العلم انما هو منهما فى المعتبر والمنتهى لا منه قدّس سرهم قوله لانّ المقصود مراعات العرف اه قال الأستاد فى مجلس البحث أنّه ينبغى التامّل فى فهم العرف المذكور وانه هل يفهم ان ظاهر اللفظ مدخلية العنوان فى الحكم لكن عندهم يكون الموضوع اعم وح فيشكل الاعتبار بهذا الفهم الا ان يفهم انّ الموضوع عند الشارع اعم وعلى هذا التقدير لا يجرى الاستصحاب كما هو مفروض البحث هنا قال فلو قال المصنّف بدل قوله فافهم فتامل لكان اولى قلت يمكن ان يقال فى مقام تصوير الاستصحاب ان الشارع اذا قال الكلب نجس (١) العرف منه ان الكلب اذا كانت الصورة النوعية فيه باقية بان كان حيّا نجس ولا يفهم منه ازيد من ذلك فيكون لفظ الدّليل ساكتا عن بيان الحكم بعد الموت لكن عند العرف يكون الكلب الميّت من مصاديق الكلب حقيقة بان يكون موضوعا للاعمّ منه او ادّعاء على بعد فاذا احتمل كون النجاسة محمولة على الميّت ايضا عند الشّارع واقعا وان لم يدلّ عليه لفظ الدليل فيجتمع ح جميع شرائط التمسّك بالاستصحاب من احتمال بقاء الحكم السّابق فى الزّمان الثّانى فى الواقع ومن كون

__________________

(١) يفهم

٨٢٠