إيضاح الفرائد - ج ٢

السيّد محمّد التنكابني

إيضاح الفرائد - ج ٢

المؤلف:

السيّد محمّد التنكابني


الموضوع : أصول الفقه
المطبعة: المطبعة الإسلاميّة
الطبعة: ٠
الصفحات: ١٠٦٩
الجزء ١ الجزء ٢

دلالتها على حجّيته يكون الاصل المزبور حجة لكن المبنى بكلا شقيه ضعيف مردود كما سيجيء تحقيقه فى مقرّه وان كان الحكم بالحرمة والنجاسة معلقا على الميتة بمعنى ما مات حتف انفه ونحوها والحلية والطهارة على عدمها كما يدلّ عليه قوله تعالى (قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلى طاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً) وقوله تعالى (إِنَّما حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ) اه كان الاصل عدم ثبوت سبب نجاسة اللحم بلا معارض كما سيجيء منه قدّس سره وسيجيء توضيحه وما اورد عليه وان كان الحكم بالحرمة والنجاسة متعلّقا على الميتة الوجودية وما يلحق بها والحلّية والطّهارة على المذكّى كما شيخنا ره لا يجرى اصالة عدم التذكية لا فى نفسها ولا لاثبات الموت حتف الانف لعدم الاثر له على التقدير المزبور وعدم حجّية الاصل المثبت قوله كما يرشد اليه قوله تعالى (إِلَّا ما ذَكَّيْتُمْ) اه قد استدل بالآية على كون الحكم بالحرمة والنجاسة معلّقا على غير المذكى وان الميتة بمعنى غير المذكّى وفيه اشكال فنقول قال الله تعالى فى سورة المائدة (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَما أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا ما ذَكَّيْتُمْ) والظّاهر ان المراد بالميتة الّتى علّق عليها حكم التحريم فى الآية هو خصوص ما مات حتف انفه لا غير المذكى كما ذكره ويدلّ عليه وجوه الاوّل تصريح جمع من المفسّرين به ففى الكشاف كان اهل الجاهليّة ياكلون هذه المحرّمات الميتة الّتى تموت حتف انفها الى ان قال والمنخنقة الّتى خنقوها حتى ماتت والموقوذة الّتى اثخنوها جوفا بعضى (١) حجر حتى ماتت والمتردية الّتى تردت من جبل او فى بئر فماتت والنطيحة الّتى نطحتها اخرى فماتت وما اكل السّبع بعضه الا ما ذكّيتم ادركتم ذكاته وهو يضطرب اضطراب المذبوح وتشخب اوداجه انتهى وقريب منه ما فى التفسير الكبير لفخر الدين الرّازى وحكى عن جماعة من اهل التفسير انّهم قالوا الميتة لا زكاة لها ولا الخنزير فلا يكون الاستثناء راجعا اليهما وصاحب مجمع البيان وان جعل الميتة بمعنى ما فارقه روحه من غير تذكية إلّا انه يفهم منه ان المعروف بين اهل الجاهلية ما ذكرنا من معنى الميتة لانّه قال فى جملة كلام له ان اهل الجاهلية لا يعدون الميتة الا ما مات حتف انفه من دون شيء من هذه الاسباب فاعلمهم الله سبحانه ان حكم الجميع واحد قال السدى ان ناسا من العرب كانوا ياكلون جميع ذلك ولا يعدّونه ميّتا انما يعدون الميت الّذى يموت من الوجع انتهى ولا شكّ انّ ان القرآن نزل بلغتهم وان ورد فى مقام ردعهم عن اعتقادهم الباطل من عدم تحريم المذكورات وادعاء الحقيقة الشرعيّة فى الميتة دونه خرط القتاد وكذلك (٢) وانما المسلم جعل الشارع لها شروطا فهى لغة وعرفا وشرعا بمعنى الذّبح غاية الامر عدم ثبوت الحلية الشرعية الّا على التذكية المفترقة بالشرائط المقرّرة الثانى ان ظاهر العطف هو المغايرة التامة فلو كانت الميتة بمعنى غير المذكى لما احتيج الى ذكر المنخنقة والموقوذة

__________________

(١) او

(٢) التذكية

٧٠١

وغيرهما وذكر الخاص بعد العام خلاف الظاهر الثالث ان الميتة لو كانت بمعنى غير المذكى لما كان للاستثناء بقوله تعالى (إِلَّا ما ذَكَّيْتُمْ) كثير قائدة لرجوع حاصل المعنى الى ان غير المذكى حرام الّا ان يكون مذكى فظهر من هذه الوجوه ان الحكم بالتّحريم فى الآية معلّق على العناوين الخاصّة الحاصلة للموت من الوجع والانخناق والوقذ والنّطاح وغير ذلك وقد تقرر فى محلّه ان العطف فى قوة تكرير العامل فتكون هناك محرّمات عديدة يتعلق بها تحريمات عديدة فيكون كلّ واحد من العناوين المزبورة امرا وجوديا مقابلا لعنوان التذكية تقابل التّضاد وان عنوان عدم التذكية عنوان منتزع من المحرّمات المزبورة من غير ان يتعلّق الحكم به والا فيمكن ادراج اغلب المحرّمات او جميعها فى عنوان واحد منتزع منها فيلزم ثبوت تحريم واحد لها بالاعتبار المزبور وهو كما ترى ثم انه لو سلّم كون عدم الذباحة معتبرا فى الميتة بحسب اللّغة او العرف فلا شكّ فى عدم شمولها لما ذبح ولم يذكر اسم الله عليه او لم يكن الى القبلة وغير ذلك بل يمكن ادعاء القطع بذلك وح فجعل الميتة عبارة عن مطلق غير المذكى وان ذبح وقطع ادراجه ولكن لم يكن بالشرائط المقررة كما يستفاد من كلام المصنّف وغيره مما يمكن ادعاء القطع بفساده ويدلّ على ما ذكرنا او يؤيّده ان الموت فى كتاب الله قد جعل مقابلا للقتل حيث قال عز من قائل ولئن متّم او قتلتم لا لى الله تحشرون أفإن مات او قتل انقلبتم على اعقابكم فتدبر فان قيل لعلّ مراد المصنّف كون معنى الميتة هو ما ذكره بعد ملاحظة الاستثناء وهو قوله تعالى الّا ما ذكيتم قلت مضافا الى ظهور فساده بما ذكرنا انهم ذكروا فى الاستثناء المزبور وجوها الاوّل انه راجع الى قوله تعالى (وَما أَكَلَ السَّبُعُ) كما سمعت عن الزمخشرى فى الكشاف الثانى ما روى عن امير المؤمنين ع وابن عباس وغيرهما من رجوعه الى جميع ما تقدم من قوله تعالى (وَالْمُنْخَنِقَةُ وَ) الى قوله تعالى (وَما أَكَلَ السَّبُعُ) نقله فى التفسير الكبير الثالث رجوعه الى جميع ما تقدم سوى ما لا تقبل الذكاة من الخنزير والدم نقله فى مجمع البيان عن امير المؤمنين عليه‌السلام وابن عبّاس الرابع انه استثناء منقطع كانه قيل لكن ما ذكيتم من غير من خير هذا فهو حلال الخامس انه استثناء من التحريم لا المحرّمات يعنى حرّم عليكم ما مضى الّا ما ذكيتم فانه لكم حلال وعلى هذا التقدير يكون الاستثناء منقطعا ايضا ذكرهما فى التفسير الكبير ايضا ولا شهادة فيه على ما ذكره المصنّف على الوجه الرابع والخامس بل فيهما شهادة على ما ذكرنا من كون الميتة بمعنى الموت حتف الانف كما لا يخفى وكذلك على الاوّل والثّانى واما على الثالث ففيه انّه خبر مرسل مضافا الى مخالفته لما نقله الرازى عنه عليه‌السلام وان الظّاهر انه مأخوذ من طريق العامة كما لا يخفى على من لاحظ تفسيره حيث انّ دأبه النقل عن مفسرى العامة وعن كتبهم وانه لا صراحة فيه فى المخالفة مع انه لا دلالة فيه على ما ذكره المصنّف لرجوع حاصل المعنى الى ان الحيوان الذى مات حتف انفه او ـ

٧٠٢

بالانخناق او بالنطاح مثلا بلا تذكية فهو حرام فالحكم مترتب على العناوين الخاصّة مع اقترانها بعدم التذكية لا على عدم التذكية ومن المعلوم عدم امكان اثباتهما باصالة عدم التذكية لعدم حجية الاصل المثبت فتامل مع انك قد عرفت عدم الفائدة فى الاستثناء على تقدير كون الميتة بمعنى غير المذكى مع انه لا يثبت ما ذكره المصنّف من جهة اخرى اذ لا بد على التقدير المزبور من كون المذكى داخلا فى معنى الميتة والمنخنقة والموقوذة وغيرها (١) لان الاستثناء هو اخراج ما لو لاه لدخل فيكون الميتة بمعنى ما خرج روحه مطلقا سواء كان تجف الانف او التذكية فيرجع الى المعنى الاخص مما سيذكره من ان الميتة ما زهق روحه مطلقا خرج منه المذكى وبقى الباقى لا انّ الميتة بمعنى غير المذكى على ما رامه مع ان ما نقله فى مجمع البيان من رجوع الاستثناء الى الجميع سوى ما لا تقبل الذكاة من الخنزير والدم غير معهود فى الاستثناء الواقع عقيب عمومات متعددة اذ هو اما راجع الى الجميع او الى الاخيرة واما رجوعه الى الاوّل وبعض عمومات الوسط والآخر فالظاهر انه غير موجود ثم على تقدير عدم ظهور الآية فيما ذكرنا فلا شكّ فى عدم ظهورها فيما ذكره المصنف فتكون مجملة فلا تجرى اصالة عدم التذكية ايضا لعدم ثبوت كون الحكم له ومن جميع ما ذكرنا ظهر النظر فيما ذكره بعض المحققين بقوله وان ابيت الّا عن كون الميتة عبارة عما مات حتف انفه فلا اشكال ظاهرا فى كون ما لم يذك شرعا ملحقا بالميتة حكما فاصالة عدم التذكية على هذا وان لم تكن مثبتة لها كما افاده الفاضل إلّا انّها مثبتة لما يلحق بها حكما فيترتب بها على ما شكّ فى تذكية حكم غير المذكى انتهى لما ذكرنا من كون الحكم مترتّبا على العناوين الخاصّة لا على عنوان غير المذكّى بل ما ذكره بعد ذلك ايضا حيث قال وامّا اذا قلنا ان الموضوع للحرمة والنجاسة وعدم جواز الصّلاة فيه ما يكون بمعنى وجودى ايضا والمذكى وهو ما اذا زهق روحه بازهاق خاصّ غير الإزهاق فى المذكى فاصالة عدم كونه مذكى يعارض باصالة عدم كونه ميتة فيرجع الى غيرهما من الاصول اذ لا معنى للمعارضة على الفرض المزبور الاعلى القول بالاصل المثبت بل ما ذكره بعد ذلك بقوله والانصاف ان المعلوم انما هو مغايرة الى آخر ما افاد وذكر شيخنا قدّس سره فى مقام تاييد ما ذكره المصنّف من ان الحكم بالحلية والطهارة معلق على المذكى وبالحرمة والنجاسة على غير المذكّى ان من المعلوم الّذى لا يرتاب فيه ظهور جملة من الآيات وكثير من الرّوايات بل صراحتها فى ان الحرمة والنجاسة رتبتا على غير المذكى الواقعى وضدهما رتب على المذكى الواقعى بل اقول انّ الأخبار الّتى تدلّ على ترتب الاحكام على المذكى وغيره قد بلغت حد التواتر اه وقد عرفت عدم دلالة الآية المذكورة الّتى فيها الّا ما ذكّيتم على ما ذكره فضلا عن صراحتها فيه بل قد عرفت صراحتها فى خلافه بملاحظة ما ذكرنا وامّا آية قل لا اجد فيما اوحى الى محرما على طاعم يطعمه إلّا ان يكون ميتة وكذلك آية انما حرّم عليكم

__________________

(١) على تقدير رجوع الاستثناء الى الجميع

٧٠٣

الميتة والدم ولحم الخنزير فلو لم تدلّا على خلاف ما ذكره سيّما بمعونة ما ذكرنا لا تدلّ على ما ذكره بوجه كما اعترف به فاين الصّراحة وامّا الأخبار الّتى ادعى ان الدالّ منها على ما ذكره بلغ حد التواتر فسيجيء الكلام فيها (١) بعد ذكر الايتين الدالتين على تعلق الحرمة بالميتة وذكر بعض الدالّة على ذلك مثل ما ورد فى عدم جواز الصّلاة فى شيء من الميتة وان وجع سبعين مرة ومثل قوله ع ان الله حرّم الميتة من كلّ شيء فنقول ان هذا لا تنافى ما ذكرنا لانّ الميتة عند الشارع عبارة عن كلّ ما خرج روحه بغير التّذكية وليس عند الشّارع واسطة بين المذكى والميتة بان يكون الميتة خصوص ما خرج روحه بحتف الانف والّا لكانت النجاسات زائدة على ما عددها ويدلّ على ما ذكرنا كثير من الأخبار الدالّة على ان القطعة المبانة من الحىّ ميتة وغير ذلك ممّا ورد فى غيره ومن اقوى ما يشهد لما ذكرنا وقوع التعبير فى جملة من الآيات والأخبار عن معروض الحرمة بغير المذكى وفى جملة بالميتة لا يقال انّ عدم الواسطة بين المذكّى والميتة لا يثبت كون الميتة غير المذكى حتى يكون على وفق الاصل لم لا يكونان من الضدّين لا ثالث لهما لأنّا نقول هذا الكلام ممّا لا يرضى به لبيب لأنّ الجامع لجميع اقسام خروج الرّوح بغير التذكية ليس الّا نفس هذا المقيد وليس هنا شيء آخر يجعل ميزانا للفرق بين المذكّى والميتة فتدبّر انتهى اقول ما يستفاد من كلامه من ان الميتة عند الشارع عبارة اه حيث انه ظاهر فى ادعاء الحقيقة الشرعيّة دونه خرط القتاد واما ما استدل به عليه من انه يلزم زيادة النجاسات على العشرة فهو ليس بمحذور مضافا الى امكان ارادتهم الميتة وما يلحق بها او انهم أرادوا الاعم منها مجازا او استقر اصطلاحهم على ذلك وذلك لا يستلزم ورود القرآن على مصطلحهم اذ من المعلوم ان القرآن ورد على طبق اللغة والعرف لا على مصطلح الفقهاء ألا ترى ان الفقه فى مصطلح الفقهاء هو العلم بالاحكام الشرعية الفرعية عن ادلتها مع ان المراد من قوله تعالى (لكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ) وقوله (ما نَفْقَهُ كَثِيراً مِمَّا تَقُولُ) هو مطلق الفهم ومثل ذلك كثير فى الغاية مع ان عدم زيادتها على العشرة لا يستلزم كون الميتة بمعنى غير المذكّى بل يمكن كونها بمعنى مطلق ما زهق روحه سواء كان مذكى ام لا (٢) واما ما استشهد به من مثل قوله ع ان القطعة المبانة من الحىّ ميتة فلا دلالة فيه على ما ذكره لانّ القائل بكون الميتة امرا وجوديا لا يقول بانحصار التحريم فيها بل يقول بتحريمها وساير الموضوعات الوجودية الّتى ثبت فى الشّرع تحريم لحمها فالمقصود من مثله كونها مثل الميتة فى التحريم مع ان لفظ الميتة لو سلم ظهوره فى الحيوان الّذى خرج روحه حتف انفه بدون ان يذبح رأسه كذلك المذكى وغيره فانهما ظاهران فى الحيوان الّذى يكون كذلك فلا بد من ارتكاب خلاف الظاهر على التقديرين واما ما جعله من اقوى الشواهد على ما ذكره من وقوع التعبير فى

__________________

(١) بعد ذكر بعضها ثم قال

(٢) خرج منه المذكى

٧٠٤

جملة من الآيات والأخبار عن معروض الحرمة بغير المذكى وفى جملة بالميتة فقد عرفت انه ليس فى الآيات التعبير عن مفروض الحرمة بغير المذكّى بل فى آية الّا ما ذكيتم وقع التعبير عن الحلال بالمذكّى ومن الحرام بالميتة والمنخنقة والموقوذة وغيرها وفى الآيات الاخرى التعبير عن الحرام بالميتة الدال بالمفهوم على ان غيرها حلال وسيأتي بيان حال الأخبار وامّا ما ذكره جوابا لقوله لا يقال فلا محصل له كما لا يخفى فتدبر ثم ان ما ذكرنا انّما هو على تقدير النظر الى الآيات واما الأخبار فالظاهر من كثير منها الحكم بتحريم مشكوك التذكية وعدم جواز الصّلاة فيه وغير ذلك من الآثار منها موثقة ابن بكير ففى ذيلها وان كان ممّا يؤكل لحمه فالصّلاة فى وبره وبوله وشعره وروثه وكلّ شيء منه جائز اذا علمت انه ذكى قد ذكاه الذابح الحديث وفى رواية على بن ابى حمزة قال سألت أبا عبد الله وأبا الحسن عليهما‌السلام عن لباس الفراء والصلاة فيها فقال لا تصل فيها والأخبار المعلّلة لحرمة الصّيد الّذى ارسل اليه كلاب ولم يعلم انه مات باخذ المعلّم بالشكّ فى استناد موته الى المعلّم كما اشار اليها المصنّف وفى الحسن يكره الصلاة فى الفراء الا ما صنع فى ارض الحجاز الا ما علمت منه ذكاته كما نقله فى الجواهر وغير ذلك من الأخبار ولا يعارضها الصّحيح عن الخفاف الّتى تباع فى السوق قال اشتر وصل حتى تعلم انه ميتة اذ يستفاد منه ان المشكوك مباح الاستعمال وقد استدل به صاحب المدارك على طهارة الجلد المطروح حتى يعلم انه ميتة وجه عدم المعارضة عدم مكافئة هذا الخبر للاخبار الكثيرة الدالّة على حرمة استعمال المشكوك والصّلاة فيه مع عدم ظهور دلالته بل فيه ظهور فى الخلاف حيث ان الظاهر من السوق فيه سوق المسلمين فالانصاف تمامية دلالة الأخبار على ان الحكم فى مشكوك التذكية حرمة الصّلاة فيه وساير الاستعمالات وليس فيها اشارة الى الاستصحاب اصلا ولا تدل على ما ذكره المصنّف من ان الحكم معلق على غير المذكّى وان الميتة هى غير المذكاة قبل تثبت قاعدة ظاهرية تدلّ على الحكم فى المشكوك قال فى الرياض ان التدبر فى النصوص يقتضى المصير الى نجاسة الجلد مع الجهل بذكاته الا مع وجوده فى يد مسلم او سوقه من يد من لا يظهر كفره ونقل فى مفتاح الكرامة عن الوحيد البهبهانى قدّس سره فى رد من قال بعدم جريان اصالة التذكية مستندا الى انّ خروج الرّوح يتوقف على احد امرين اما عروض مرض او نحوه مما يتقدم الموت او تذكية وكلّ منهما حادث والاصل عدمه انه قال والجواب الفرق بكثرة الحوادث وقلتها وبالفرق بين ما يعرض لنفس الشيء او بمباشرة خارجى على ان الاجماع ومتبع الأخبار ابين حجة على انه لا يستباح الحيوان الا بعد العلم بالتذكية فليس فى تحقيق هذا الاصل كثير فائدة انتهى وان كان فيما ذكره من الفرق بكثرة الحوادث وقلتها وبين ما يعرض لنفس الشيء هو وما يعرض لامر خارجى نظر ظاهر وكذا ما ادعاه من الاجماع فان جماعة كثيرة كالفاضل

٧٠٥

التونى والسيّد الصّدر والسيّد المحقق الكاظمى وغيرهم قد رجعوا الى اصالة الحلّ والطّهارة لكن ما ذكره من دلالة الأخبار على ما ذكره حق متين يؤيّد ما ذكرناه ثم ان المنساق من الأخبار حرمة اكل المشكوك والصّلاة فيه وساير الاستعمالات بالجملة النجاسة فيترتب على الاصل المزبور نجاسة ملاقيه ايضا كما ذكره فى الرّياض لا عدم جواز الصّلاة وحرمة الاكل فقط لكن يستفاد من بعض الكلمات عدم ترتيب جميع آثار النجاسة وعدم الحكم بنجاسته قال فى محكى جامع المقاصد ان تحريم الصّيد ان كان مستندا الى عدم التذكية الّذى هو عبارة عن موته حتف انفه ثم التنافى وامتنع العمل بالاصلين وان كان مستندا الى عدم العلم بالتذكية لم يتم لأن الحكم بطهارة الماء يستلزم عدم العلم بالنجاسة لا عدم النجاسة فى الواقع فانه لو شكّ فى نجاسته الواقع لم ينجس على ان العمل بالاصلين المتنافيين واقع فى كثير من المسائل انتهى فتامل جيدا وسيأتى من المصنّف فى باب تعارض الاستصحابين النقل عن بعضهم وهو صاحب الدلائل على ما حكى ان حرمة الصيد ان كان لعدم العلم بالتذكية فلا يوجب تنجيس الملاقى وان كان للحكم عليه شرعا بعدمها اتجه الحكم بالتنجيس انتهى لكن لا يخفى ما فى هذه الكلمات ولذا قال المصنّف فى مقام ردّ القول المزبور وهو حسن لو لم يترتب عليه من احكام الميتة الّا حرمة الاكل ولا اظن احدا يلتزمه ثم لا يخفى انا لا ننكر كون الحكم فى جميع افراد ما لم يذكّ شرعا هو الحرمة والنجاسة الّا انا ننكر كون الحكم فى الآيات والأخبار مترتبا عليه بل هو مترتب على الانواع الوجودية الّتى للّازم جميعها عدم التذكية شرعا ثم انّه قد ظهر ممّا ذكرنا انه ان كان الحكم بالحرمة والنجاسة مترتبا على الموت حتف الانف وما يجرى مجراه يجرى اصالة عدم الموت حتف الانف ونحوه ويترتب عليها آثاره ولا تجرى اصالة عدم التذكية لعدم ترتب الحكم المزبور عليه ولا بملاحظة ملازمته للموت حتف الانف لعدم حجية الاصل المثبت وان كان الحكم بالحرمة والنجاسة مترتبا على الموت حتف الانف وما يجرى مجراه وضدهما على التذكية فح لا يجرى اصالة عدم الموت حتف الانف ولا اصالة عدم التذكية لعدم ترتب حكم على مجراهما على التقدير المزبور نعم على تقدير الاصل المثبت يتعارض الاصلان فى الفرض المزبور نعم على تقدير ما ذكره المصنف من كون الحكم بالحرمة والنجاسة مترتبا على غير المذكى وضدهما على المذكى تجرى اصالة عدم التذكية فى صورة الشكّ ولا يعارضها شيء وقد تصدى بعض من تبع المصنّف فى ثبوت الحكم لعدم التذكية للاستدلال عليه بانّك بعد ما عرفت من ترتب الحكم بالطّهارة والحلية على عنوان التذكية لا يعقل كون الحرمة والنجاسة مترتبتين على عنوان الميتة بمعنى حتف الانف اذ مقتضى جعل التذكية سببا للاولتين هو انتفائهما بثبوت ضدهما بمجرّد انتفاء التذكية ولو كان ضدهما مترتبا مع ذلك على عنوان الميتة بالمعنى المذكور لم يكن انتفاء

٧٠٦

السّبب مقتضيا لثبوت ضد مسببه بنفسه بل كان ذلك مشروطا بتحقق عنوان الميتة بل مقتضى جعل عنوان الميتة سببا للحرمة والنجاسة عدم مدخلية انتفاء التذكية فى ثبوتهما وهو خلاف فرض كون التذكية سببا للطّهارة والحلية اللتين هما مع الحرمة والنجاسة من قبيل ضدّين لا ثالث لهما الى آخره وانت خبير بان ما ذكره ماخوذ ممّا سيذكره المصنّف فى باب تعارض اصل الصحّة مع اصالة عدم البلوغ بان الصّحة اذا كانت مستندة الى صدور العقد عن بالغ كان الفساد مستندا الى عدم صدور العقد (١) عن غير بالغ لان عدم المعلول انما يستند الى عدم علّته ويرد عليهما ان ما ذكره من البرهان العقلى يقتضى امتناع ثبوت الحكم بالحرمة والنجاسة للميتة بمعنى حتف الانف وما يلحق بها وقد اثبتنا وقوع ذلك نظرا الى الوجوه الّتى ذكرناها لاثبات المطلب المذكور مضافا الى انّه يقتضى لزوم كون الموضوعات الّتى ثبت لها احكام متضادة كلّها من قبيل العدم والملكة بحيث لا واسطة بينهما لا من قبيل المتضادين كالموت والحياة والعدالة والفسق والحركة والسكون والاجتماع والافتراق والإيمان والكفر وغير ذلك مع تخصيص جماعة كثيرة بكونها من الامور الوجودية واثبتوا الواسطة فى بعضها بل يوجب كون الاحكام المتضادة العقلية والعرفية الثابتة للموضوعات كذلك فيلزم كون السّواد والبياض وساير الالوان وغيرها كلّها متقابلة بغير تقابل التضاد وهو كما ترى والله العالم باحكامه قوله ولو كان اصلا ليس المراد انّ المراد من الآية هو الاعم من الحرمة الواقعية والحرمة الظاهريّة كما يوهمه العبارة بل المراد ان الآية تثبت الحرمة الواقعية لغير المذكى فى الواقع والاصل يثبت الحرمة الظاهرية لغير المذكى بحسب الظاهر وقد وقع نظير هذه المسامحة من المصنّف قدّس سره فى باب بيان قاعدة لا ضرر وحكومتها على ادلة الاحكام عند تفسير الحكومة حيث جعل الاصل حاكما على قوله ع لا صلاة الا بطهور ومعمّما اياه للطهارة الظاهرية والمقصود واضح قوله ثم ان الموضوع للحل والطهارة اراد بذلك الرد على الفاضل التونى حيث ادعى تغيير الموضوع وجعله مانعا من الرّجوع الى الاستصحاب توضيح الردان الموضوع هو لحم الحيوان الّذى لم يذكّ وهو باق فى الحالين فليس هناك تغير موضوع مانع وهذا المعنى هو الظاهر من عبارته سيّما بعد ملاحظة ذكرها بعد قوله الا ان نظر المشهور اه فيكون هذا الكلام من تتمة الردّ هذا ولكن ذكر شيخنا قدّس سره وغيره انه اراد بذلك دفع ما يتوهم من استلزام الرجوع الى اصالة عدم التذكية التعويل على الاصل المثبت لان المقصود اثبات الحرمة والنجاسة فى اللّحم فاثباتهما لا يمكن الّا باثبات كونه غير مذكى باستصحاب عدم التذكية وهو معنى الاصل المثبت وحاصل دفعه ان اصالة عدم التذكية انما تجرى فى نفس اللحم المشكوك ومعنى عدم تذكية هو كونه غير مذكّى فليس هنا واسطة حتى يكون الاصل مثبتا ولعلّ ما ذكرنا هو الاظهر قوله فبقي اصالة عدم حدوث سبب

__________________

(١) من بالغ لا الى صدور العقد

٧٠٧

نجاسة اللحم سليما عن المعارض اه هذا حق على تقدير كون الحلية والطّهارة مترتبتين على عدم الموت حتف الانف والحرمة والنجاسة مترتبين على الموت حتف الانف فح تجرى اصالة عدم الموت حتف الانف ولا يعارضه اصالة عدم التذكية لعدم كون الحكم بالحلية والطهارة مترتبة عليه لكن لا معنى لقوله وان لم يثبت به التذكية ولا حاجة الى ذكره اصلا وان كان الحكم بالحليّة والطّهارة متفرعا على التذكية مع كون الحكم بالحرمة والنجاسة معلقا على الموت حتف الانف وما يجرى مجراه فلا تجرى اصالة عدم الموت حتف الانف لعدم تضرّع الحكم عليه على التقدير المفروض فلا بدّ من اثبات التذكية بها ولا يتم الا على تقدير الاصل المثبت ويعارضها اصالة عدم التذكية لاثبات الموت حتف الانف ويتم ما ذكره السيّد الصّدر من المعارضة فلا يصح قوله انّ اصالة عدم الموت حتف الانف سليمة عن المعارض وكيف كان فعبارته فى المقام غير خالية عن المسامحة والقصور لكن ذكر شيخنا قدس‌سره فى مقام الايراد عليه انه لا يخفى عدم بقاء الاصل المزبور سليما عن المعارض لانه بعد العلم الاجمالى بعدم كون حكم اللّحم خارجا عن الحلية والطّهارة والحرمة والنجاسة يعارض الاصل المزبور باصالة عدم التذكية المقتضية لنفى الحلية والطّهارة الى آخر ما افاده اقول ان مثل العلم الاجمالى المزبور موجود فى جميع الصّور فيلزم عدم جريانه مطلقا وقد ذكر قدس‌سره تبعا للمصنّف ان الحكم لو كان معلّقا على غير المذكى بزعم كون الميتة بمعناه تجرى اصالة عدم التذكية بلا معارض مع ان العلم الاجمالى المزبور موجود فيه وسيجيء منه فيما علّقه على قول المصنّف فى مقام الردّ على الفاضل النراقى الّا ان هذا الاستصحاب مع العلم الاجمالى بجعل احد الامرين فى حق المكلّف غير جار ما يكون صريحا فيما ذكرنا نعم لو كان هناك لحمان يعلم اجمالا بحرمة احدهما وحلية الآخر من جهة العلم الاجمالى بتذكية احدهما يكون من قبيل الشبهة المحصورة المحكومة بوجوب الاجتناب وهو خارج عن مفروض البحث وبالجملة ان حملنا كلام المصنّف على الوجه الاوّل لا معنى للمعارضة كما ذكره وان حملناه على الوجه الثانى يتحقق المعارضة من جهة الاصل المثبت لا من جهة ما ذكره قدّس سره قوله فيكون وجه الحاجة الى احراز التذكية اه لا يخفى ان وجه الحاجة الى احراز التذكية هو زعم السيّد كون الحكم بالحرمة والنجاسة مترتبا فى الشرع على الميتة الوجودية وغيرها من العناوين الخاصة لا على عدم التذكية كما نسبه المصنّف الى المشهور وكون مقابليهما مترتبان على التذكية كما هو كذلك عند المشهور فلا تجرى اصالة عدم التذكية من حيث هى لعدم ترتب الحكم عليه ولا من حيث اثباته الموت حتف الانف لعدم حجية الاصل المثبت مع انه على تقدير حجية يكون معارضة باصالة عدم الموت حتف الانف لاثبات التذكية وبالجملة هذه المعارضة تتوقف على ثبوت شيئين احدهما ترتب الحكم بالتحريم والنجاسة

٧٠٨

على الميتة لا على مجرّد عدم التذكية والحكم بخلافهما على التذكية لا على مجرّد عدم الموت حتف الانف وثانيهما القول بالاصل المثبت او لاجل القول بافادة الاستصحاب الظن الّذى يكون المثبت وغيره سواء فى الحجية كما هو كذلك عند المشهور من القدماء والمتأخّرين الى زمان والد الشيخ البهائى قدس‌سرهما فوجه الحاجة هو ما ذكرنا لا ما ذكره قدس‌سره وسنزيد ذلك توضيحا قوله مع ان الاباحة والطّهارة لا تتوقف عليه بل يكفى استصحابهما فيه انّا قد ذكرنا ترتب الحكمين المزبورين على التذكية عند السيّد قدّس سره بل عند المشهور وعليه فلا تجرى اصالة الاباحة والطّهارة على جميع الفروض لأنّه مع جريان اصالة عدم الموت حتف الانف واثبات التذكية بها والاغماض عن معارضتها باصالة عدم التذكية المثبتة للموت حتف الانف لا يجرى الاستصحابان لعدم جريان الاستصحاب الحكمى مع جريان الاستصحاب الموضوعى وقد سلف تحقيقه وسيجيء ايضا وكذلك اذا لم يجر الاصل المزبور او تعارض هو واصل عدم الموت حتف الانف لعدم جريان الاستصحاب الحكمى مع الشكّ فى الموضوع بل لا بدّ من الرّجوع الى القاعدة بعد التعارض والتساقط وهذا واضح إن شاء الله الله قوله ان استصحاب عدم التذكية حاكم على استصحابهما الاحتمالات هنا ثلاثة كون الحكم بالحرمة والنجاسة مترتبا على مجرّد عدم التذكية كما هو المشهور وكونه مترتبا على الموت حتف الانف مع القول بالاصل المثبت وكونه مترتبا عليه مع عدم القول بالاصل المثبت ولا يخفى حكومة استصحاب عدم التذكية على استصحابهما على التقدير الاول وكذلك على التقدير الثانى وامّا على التقدير الثالث فلا حكومة لعدم جريان اصالة عدم التذكية الّتى هى اصل موضوعى ح والمفروض فى كلام السيّد هو الاحتمال الثانى المبنى على الاصل المثبت اما الزاما او اعتقادا لكن الشّأن فى معرفة السيّد لتلك الحكومة وقد عرفت من كلام الوافية وغيره حكمهم بتعارض استصحاب عدم التذكية مع استصحاب الطهارة قوله فلو لا ثبوت التذكية باصالة عدم الموت اه قال شيخنا المحقق قدّس سره فى الحاشية انه لا يخفى عليك انه لا يحتاج الى احراز التذكية باصالة عدم الموت فى الرجوع الى الاصلين لانّ مجرّد اثبات عدم الموت المقتضى لعدم الحرمة والنجاسة بالاصل المعارض لاصالة عدم التذكية يكفى فى الرجوع اليهما اه وفيه ان فرض التعارض كما ذكرنا مرارا انما هو فى صورة كون الحلية والطّهارة مترتبتين على التذكية وخلافهما على الموت حتف الانف فلا تتم المعارضة الا على تقدير اثباتهما بالأصلين المتعارضين المتساقطين بعد التعارض ليمكن الرجوع الى الاصل فالمقتضى لعدم الحرمة والنجاسة ليس هو عدم الموت حتف الانف بل التذكية هذا اذا اراد بالاصل القاعدة وامّا الاستصحاب فهو ساقط على كلّ تقدير

٧٠٩

على ما اشرنا اليه عن قريب قوله لزعمه ان مبنى تمسّك المشهور اه لا يخفى انه لا يخفى على السيّد ذهاب المشهور الى ان الحكم بالحرمة والنجاسة مترتب على مجرّد عدم التذكية ومقابليهما على التذكية (١) لعدم ثبوت الحكم له بل هو ثابت للميتة فاصالة عدم التذكية لا تقع الّا باحد وجهين اما القول بحجّية الاستصحاب من باب التعبّد مع الالتزام بحجّية المثبت منه واما القول بحجيته من باب الظنّ وقد عرفت حجّية المثبت منه على التقدير المزبور فاصالة عدم التذكية مع ملاحظة اثباتها للموت حتف الانف تكون نافعة بناء على ما فهمه السيّد وذهب اليه ولا شكّ ان الاصل المزبور معارض باصالة عدم الموت حتف الانف وما يجرى مجراه مع ملاحظة اثباتها للتذكية المترتب عليها الحكم بالحلية والطّهارة فايراد المعارضة وارد عليهم مع الالتزام بترتب الحكم على الميتة ونحوها لا على عدم التذكية وقد عرفت ان ما ذكره هو الحقّ فعلم مما قرّرنا ان ما ذكره المصنف من ان ايراد السيّد على المشهور بالمعارضة من جهة زعم السيّد ان مبنى تمسّك المشهور على اثبات الموت حتف الانف باصالة عدم التذكية من جهة كون الاثر للموت حتف الانف عندهم لا ماخذ له قوله فيرجع بعد التعارض الى قاعدة الحل والطهارة واستصحابهما قد اشرنا سابقا الى الاشكال فى الرجوع الى استصحاب الطهارة من جهة الشكّ فى الموضوع وهو التذكية ولا فرق فى ورود الاشكال المزبور بين كون الموضوع للطّهارة هو اللّحم كما ذكره قدّس سره او الحيوان المذكى لان موضوعه على التقدير الاول هو لحم الحيوان المذكى كما ان موضوع النجاسة هو لحم الحيوان الغير المذكى كما سيصرح به وعلى الثانى واضح ومن المعلوم انه مع تغير الموضوع او الشك فيه لا مسرح للاستصحاب مع ان فى استصحاب الحل اشكالا من جهة اخرى وهو عدم وجود الحالة السّابقة هذا على تقدير كون المراد اثبات الحلية الفعلية وعلى تقدير كون المراد استصحاب الحلية الذاتية فعدم جريانه لاجل عدم الشك كما لا يخفى مع ان الجمع بين الاستصحابين والقاعدتين مما لا وجه له لعدم جريانهما معهما فلا بدّ من ان يقال بان مرادهما الرّجوع الى القاعدتين على تقدير الاغماض عن الاستصحابين قوله بتعلق الحكم يعنى الحرمة والنجاسة قوله بحكم الاصل يعنى اصالة عدم تذكية المسلم له واصالة عدم ذكر اسم الله عليه لان كلا منهما حادث والاصل عدمه قوله ولا ينافى ذلك تعلق الحكم فى بعض الادلّة الآخر بالميتة والمراد بالحكم هو الحرمة والنجاسة وذلك كقوله تعالى (إِنَّما حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ) اه فانه يدلّ بالمنطوق على ثبوت التحريم للميتة وبالمفهوم على ثبوت التحليل لعدمهما ومثله قوله تعالى (قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلى طاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً) فانه يدلّ على ان الميتة حرام وان غيرها حلال وجه عدم المنافاة ان الميتة بمعنى غير المذكى وغير الميتة بمعنى غير المذكى فيرجع الى ما ذكر ثم ان كلامه قدّس سره صريح فى تعلّق الحكم فى الشريعة

__________________

(١) ومقصود السيّد تبعا لصاحب الوافية تخطئتهم فى ذهابهم الى ما ذكر ويتفرع على ذلك عدم جريان اصالة عدم التذكية

٧١٠

على الميتة ايضا لكنه قدّس سره ادّعى رجوعه الى ما ذكر كما دريت وقد اورد عليه شيخنا قدّس سره فى الحاشية بقوله وممّا ذكرنا ظهر فساد ما ذكره قدّس سره فى الجزء الثانى من الكتاب وما ربما يظهر من هذا الجزء ايضا تارة من ان الحكم لم يترتب فى الشريعة على الميتة بل على غير المذكّى واخرى بتسليم ترتب الحكم عليها ودعوى انّهما عبارة عن غير المذكى ضرورة ان الجواب الآخر لا يتم الا بضميمة الجواب الاول اذ انكار تعلّق الحكم فى الشريعة على الميتة مكابرة محضة وفيه نظر ظاهر اذ قد عرفت تصريحه بكون الحكم فى الشريعة مترتبا على الميتة ايضا نعم عبارته فى الجزء الثانى فى التنبيه الاوّل لا يخلو عن مسامحة ما قوله او قلنا عطف على قوله قلنا بتعلّق الحكم قوله فالاصل عدمه وليس هذا تمسّكا بالعموم فى الشبهة الموضوعيّة بل المقصود التمسّك بالاستصحاب لاثبات حكم العام فى مرحلة الظاهر للمشكوك قوله فلا محيص جواب لقوله اما اذا قلنا قوله بل لو قلنا بعدم جريان الاستصحاب فى القسمين الاولين اه والمراد بالقسمين الاولين هو اصل القسمين من اقسام استصحاب الكلّى ولا معنى لارجاعهما الى القسمين الاولين من اقسام القسم الثالث من اقسام استصحاب الكلّى اذ لم يقع منه اختيار جريان الاستصحاب فيهما دون القسم الثالث منه بل الحق عنده التفصيل بين القسم الاوّل منه بجريان الاستصحاب فيه وبين القسم الثّانى منه المنقسم الى قسمين بعدم جريان الاستصحاب فيه بل لم يحتمل فيما سبق جريان الاستصحاب فى القسمين الاوّلين من القسم الثالث دون القسم الثالث ووجه ما ذكره كما اشار اليه بقوله ان العدم الازلى مستمر مع حياة الحيوان اه ان عدم التذكية ليس كلّيا بل شيء واحد جزئى متصل مستمر مع الوجودات المقارنة له فلا يكون تبدل الوجودات مؤثرا فيه شيئا وموجبا لتبدّله فلو قيل بكون الكلية مانعة عن الاستصحاب وحكم من جهة ذلك بعدم جريان الاستصحاب فى القسمين الاوّلين لا يكون هنا مانع عن الاستصحاب لعدم كون المستصحب كليا هذا ولكن التامل الصادق يشهد بعدم الفرق بين العدم والوجود فى ذلك وجريان المسامحة العرفية فى كليهما اذ العدم المستصحب هنا عدم مضاف كسائر الاعدام المستصحبة والعدم المضاف له حظ من الوجود فيتبدل تبدّل المضاف اليه اذ عدم زيد غير عدم عمرو ولذا يكون وجود زيد طاردا لعدمه لا لعدم عمرو ووجود عمر طاردا لعدمه لا لعدم زيد فعدم التذكية فى حال الحياة مغاير لعدم التذكية بعد الموت فالقول بعدم جريان استصحاب الكلّى اصلا ورأسا مستلزم لعدم جريان الاستصحاب المذكور ايضا قوله اذ لم يرد اثبات اه يعنى استصحاب الامر العدمى المذكور لكونه استصحابا لامر جزئى شخصى يكون خاليا عن الاشكال اذا اريد من استصحابه ترتيب

٧١١

الاثر الشّرعى المترتب عليه بلا واسطة ولم يرد به ترتيب الاثر الشّرعى المترتب على امر آخر يلازمه عقلا او عادة او شرعا وبالجملة اذا لم يكن الاصل المزبور مثبتا وكونه كذلك يكون باحد وجهين اما بان يكون مثبتا للموجود المتأخّر المقارن له مثل ان يثبت باستصحاب عدم التذكية الموت حتف الانف ويحكم بترتب اثره على المستصحب فاذا كان الاثر مترتبا على الموت حتف الانف لا على غير المذكى على ما عرفت من ذهاب جمع اليه لا يكون لاستصحاب عدم التذكية اثر شرعى فلا بدّ من الالتزام باثباته للموت حتف الانف ليترتب عليه النجاسة والحرمة واما بان يثبت بالاصل ارتباط الموجود المقارن له به مثل ما اذا ثبت بالشرع ان كل دم تقذفه المرأة اذا لم يكن حيضا فهو استحاضة فان استصحاب عدم وجود دم الحيض فى المرأة او استصحاب عدم كون المرأة حائضا لا يترتب عليه حكم شرعى بلا واسطة فلا بد من الالتزام بانطباق هذا السلب الكلّى على الدم الموجود فى المرأة فيقال ان الدّم الموجود ليس بحيض فيحكم عليه بانه استحاضة فيترتب عليه احكام الاستحاضة قوله او ارتباط الموجود اه عطف على قوله الموجود المتأخّر يعنى اذا لم يرد اثبات ارتباط الموجود المقارن له به قوله اذ فرق بين الدم المقارن اه دفع لتوهّم ان الاصل المذكور ليس مثبتا فلا يصحّ قوله ان استصحاب عدم الحيض لا يوجب انطباق هذا السلب على ذلك الدم بتقريب ان الاصل المثبت لقيود الموضوع المركّب سواء كانت وجودية او عدميّة ليس من الاصل المثبت المعروف الّذى ليس بحجّية اذ الماء الذى كان كرّا سابقا وشكّ فى كونه كرّا لاحقا يجرى استصحاب كرّيّته وكذلك اذا كان قليلا سابقا وكذلك اذا كان الشخص واجد المقدار من المال بقدر الاستطاعة وشكّ فى كونه خاليا من الدّين يرجع الى اصل البراءة من الدين فيثبت به وجوب الحج كما صرّح به المصنّف سابقا وكذلك اذا ورد كلّ نجس غسل بماء طاهر فقد طهر يحكم من جهة استصحاب طهارة الماء بتطهير الثوب النجس المغسول به ومثله كثير فى الغاية ولو لا ذلك لما كان الاستصحاب حجة فى الشبهات الموضوعية غالبا او دائما لجريان الاصل فيها فى القيود الثبوتية او العدمية كذلك ولم يتوهم احد كون الاصول الجارية فيها من الاصول المثبتة توضيح الدفع انه فرق بين الدّم المقارن لعدم الحيض كما فى مفروض البحث وبين الدم المنفى عنه الحيضية كما اذا كان دم لم يكن حيضا سابقا ثم شكّ فى بقاء عدم حيضية لاحقا فيستصحب عدم حيضية ومثل الاستصحاب المذكور المثبت لقيده العدمى ليس من الاصل المثبت وكذا اذا كان هناك دم كان حيضا سابقا وشكّ فى كونه حيضا لاحقا فيقال ان هذا الدم كان حيضا سابقا فيستصحب حيضيّة ومثل هذا الاستصحاب المثبت لحيضية وقيده الوجودى ليس بمثبت والامثلة المذكورة كلّها من هذا القبيل والمثال المفروض فى البحث ليس من هذا القبيل لانّ اصالة

٧١٢

عدم كون المرأة حائضا او عدم وجود دم الحيض فيها لا نظر لها الى الدّم الموجود الخارجى بل يكون عدم حيضية الدم الموجود من المقارنات لها ومن لوازمهما ومثل هذا من افراد الاصل المثبت الّذى ليس بحجة على تقدير حجّية الاستصحاب من باب الأخبار كما هو الحق قوله فى الفرق بين الماء اه فان الاول يكون اصلا مثبتا فاذا كان كر موجودا سابقا فى الحوض وشكّ فى بقائه لاحقا يستصحب وجود الكر فيه ويلازمه عقلا وعادة كون الماء الموجود فيه لاحقا كرّا فيترتب عليه احكام الكرية بعد اثباته بالاستصحاب المذكور والثانى ليس اصلا مثبتا اذ المستصحب هو الماء الموجود الّذى كان سابقا كرا ثم يشكّ فى كونه كرا لاحقا وهذا وان كان جريانه موقوفا على المسامحة فى الحكم ببقاء الموضوع لكنّه ليس من الاصل المثبت فى شيء قوله بين المتصف بوصف عنوانى مثل الكر كما فى المثال الاوّل قوله وبين قيام الوصف اه مثل الكريّة كما فى المثال الثانى قوله فان استصحاب وجود اه يعنى استصحاب وجود الكر كما فى المثال الاوّل او عدمه فيما اذا كان الموجود فى الحوض سابقا قليلا قوله لا يثبت اه اى لا يثبت كون الماء الموجود فى الخارج فى الحوض كرا او قليلا بخلاف صورة القيام وكون المستصحب هو كرية الماء الموجود او قلته فان الاصل الجارى فيهما لا يكون من المثبت فى شيء قوله فيجرى فى القسمين الاخيرين بطريق اولى يفهم مما ذكره المصنّف فى القسم الثالث من القطع بعدم جريان الاستصحاب فيه والاستشكال فى هذين القسمين انه لا وجه للاولوية المذكورة قوله فلا اشكال فى عدم جريان الاستصحاب فيه اه يمكن ان يريد من العبارة عدم الاشكال فى عدم جريان الاستصحاب فى الزّمان المشكوك وان لم يكن الاصل مثبتا على التقدير جريانه لانّ الاستصحاب هو ابقاء ما كان المتضمن لوجود الشيء سابقا على سبيل اليقين والشكّ فى بقاء ذلك الشّيء بعينه لاحقا والجزء المشكوك كونه من النهار او الليل لم يكن موجودا سابقا قطعا ولا يمكن الحكم ببقائه على فرض وجوده لأنّ التصرّم والتجدّد فى الزّمان ذاتى له ومن لوازم وجوده فلا يتطرق فيه الاستصحاب ويمكن ان يريد منها عدم الاشكال فى عدم جريان الاستصحاب فى الزمان لاثبات كون الجزء المشكوك فيه من اجزاء الليل او النهار لوضوح كون الاصل مثبتا على ذلك التقدير وهذا المعنى يستلزم التكلف فى قوله او نفس الجزء اه على ما سنشير اليه مع انه يكون قوله الآتي الّا ان هذا المعنى على تقدير صحته والاغماض عما فيه لا يكاد يجدى فى اثبات اه تكرارا صريحا مع ان نفى الاشكال فى عدم الجريان هنا مع احتمال تصحيحه بخفاء الواسطة فيما سيأتى لا يخلو عن تهافت ثم انه قد استشكل فى جريان الاستصحاب فى الزمان من جهة اخرى وهو ان الاستصحاب هو الحكم بوجود ما كان موجودا فى الزمان السابق بعينه فى الزمان اللاحق وهذا المعنى غير صحيح فى استصحاب الزمان لامتناع ان يكون للزمان زمان آخر يكون احدهما ظرفا والآخر مظروفا والاشكال المذكور مندفع بان التعريف المذكور انما هو لغير الزمان لا بالنسبة

٧١٣

اليه ايضا ويمكن ان يكون الزمان الّذى هو ظرف للوجود هو الاعم من الزمان الموجود والزمان الموهوم فيجرى فى نفس الزمان ايضا قوله لان نفس الجزء لم يتحقق اه قد ذكرنا ان ظاهر هذا الكلام يعنى ان المقصود من قوله فلا اشكال فى عدم جريان الاستصحاب لتشخيص كون الجزء المشكوك فيه اه عدم جريان الاستصحاب فى نفس الجزء بان يكون نفس الجزء المشكوك موردا للاستصحاب وان كان فى التعبير بقوله لتشخيص اه ظهورا ما فى ان المقصود بيان كون الاصل مثبتا لكن ظهور التعليل حاكم على ظهور الكلام المزبور فى ذلك وعلى تقدير الاخذ بالمعنى الثانى الّذى اشرنا فى السابق وهو ان يكون المقصود كون الاصل مثبتا فلا بد من حمل التعليل على دفع التوهّم بان يقال لا نسلم كون الاصل مثبتا لامكان جريان الاستصحاب فى نفس الزّمان المشكوك فلا يكون مثبتا ثم انه لا بد ان يكون المقصود من قوله فضلا عن وصف كونه نهارا او ليلا فضلا عن وصف كونه من النهار او الليل لان قوله لتشخيص كون الجزء المشكوك من النّهار او اللّيل يعطى ذلك فقد تسامح المصنّف فى التعبير وقد قيل ان المقصود من قوله فضلا اه انّ عدم تحقق النهار واللّيل فى السّابق فى غاية الوضوح واليقين لأنّ النهار واللّيل عبارتان عن مجموع الاجزاء ومن المعلوم عدم تحققه فى السّابق بطريق القطع اذ لا يصدق على بعض النهار انه نهار وكذا اللّيل وهو كما ترى ثم ان الوجه فيما ذكره المصنّف بناء على ما استفدنا منه ان الوصف متاخر عن الموقوف بالذات فاذا لم يكن الذات ممكن الوجود فى السّابق فوصفه بطريق اولى قوله بملاحظة هذا المعنى اه يجعل بقائه عبارة عن عدم تحقق جزئه الاخير وارتفاعه عبارة عن تحققه من جهة حكم العرف بذلك فى الزمان وهو مستلزم لجعلهما بذلك المعنى فى الزّمانيات ايضا من جهة مشاركة الزمانيات للزمان فى عدم استقرار الوجود وكونه تدريجى الحصول قوله حيث جعلوا لكلام فى استصحاب الحال اذ المراد به استصحاب الوصف مثل القيام والقعود والوجود والعدم والحركة والسّكون وغير ذلك مما لا يحصى او الاعمّ منها ومن الاحكام الشرعيّة فيشمل الامور التدريجية الّتى سمّاها المصنّف بالزمانيات قطعا فلا بد فى تصحيح شموله لها من التزام ما ذكر من التوجيه الّذى ذكر فى الزمان من جعل حدوثه بحدوث جزء منه وبقائه بوجود جزء آخر منه لامتناع وجود جميع الاجزاء فى السّابق وكذلك بقاء جميع الاجزاء فى اللّاحق فى الزمانيات ايضا قوله او لتعميم البقاء لمثل هذا مسامحة الظاهر انه عطف على قوله بملاحظة هذا المعنى يعنى ان المستصحب اذا كان مجموع اللّيل والنهار فالحكم بالبقاء بالمعنى المزبور اما حقيقى بملاحظة حكم العرف بذلك كذلك او مسامحى عند العرف والبقاء الحقيقى عندهم ما وجد بجميع اجزائه فى السّابق وبقى كذلك فى اللّاحق لكن البقاء المذكور فى تعريف الاستصحاب خصوصا اذا قلنا بكونه من الأخبار يشمل

٧١٤

مثل البقاء المسامحى المذكور ألا ترى انّهم ذكروا ان الميزان فى بقاء الموضوع هو العرف وسيأتي فى كلام المصنّف ايضا وقد سبق مع عدم بقائه بحسب الدقة العقلية غالبا وذكروا حجّية الاستصحاب فى بعض موارد كونه مثبتا لاجل خفاء الواسطة عند العرف كما سيأتى ايضا فالتوجيهان المذكوران على ما فهمنا من العبارة مبنيان على جعل المستصحب هو مجموع الليل والنّهار قطعا ولكن احد التوجيهين مبنى (١) على التصرف فى المستصحب مع بقاء لفظ البقاء على حاله والثانى مبنى على التصرّف فى البقاء ويدعى شموله للمقام تسامحا ولعلّه لا يخالف ما ذكرنا ثم انه يمكن تصحيح الاستصحاب فى الزمان والحركة وامثالهما والحكم ببقاء المستصحب فيها حقيقة من دون حاجة الى التشبث بذيل ما ذكره المصنّف ره بان يقال المستصحب هو الآن السيّال من اللّيل والنّهار وامثالهما والحركة المتوسطة الواقعة بين المبدا والمنتهى فى الحركات ونحوهما فى امثالهما وهما امران ممتدان شخصيان موجودان فى الخارج على ما صرّح به فى التجريد فالحكم بالبقاء حقيقى قطعا وليس هناك استصحاب كلّى حتى يكون الاصل بالنسبة الى الجزء الاخير مثبتا فتدبّر قوله والاغماض فيه لأن البقاء الحقيقى وجود ما كان موجودا بجميع اجزائه فى السّابق كذلك فى اللاحق ومن المعلوم ان المقام ليس كذلك قوله الّا على القول بالاصل المثبت يمكن ان يقال انّ الاصل ليس بمثبت على التقدير المذكور لان بقاء اليوم مثلا تحققه بعدم تحقق الجزء الاخير فبقائه عبارة عن كون المشكوك جزءا اخيرا لليوم ولا واسطة هناك حتى يكون الاصل مثبتا والفرق بينه وبين استصحاب وجود الكرّ الّذى يكون الاصل فيه مثبتا ان استصحاب الكر من قبيل استصحاب الكلّى حيث ان الفرد السابق قد عدم قطعا وشكّ فى حدوث فرد آخر له والاصل بقائه لكن لا يثبت به كون الموجود فردا له بخلاف المقام فان مجموع اللّيل والنهار فرد واحد جزئى حقيقى وبقائه بعدم تحقق جزئه الاخير وكون المشكوك جزء اخيرا له فتامّل قوله او على بعض الوجوه الآتية بان يلتزم بخفاء الواسطة قوله على ذلك اى على الاصل المثبت قوله اغنانا عما ذكر اه من جهة عدم كون امور متلازمة مع الزمان امورا تدريجية قوله كطلوع الفجر اه يعنى يستصحب عدم طلوع الفجر وعدم غروب الشمس وعدم ذهاب الحمرة ويفهم من عبارته هنا على ما اشرنا اليه وقد صرّح به فى مجلس البحث على ما حكى ان الطّلوع والغروب ليسا من الامور التدريجية التجددية لان المراد بهما طلوع الشّمس او الفجر من الافق وغروب الشّمس عنه وقد صرّح فى رد المحدث الأسترآبادي عند بيان القول الخامس بانهما من الامور التدريجية والحق هو ما ذكره فى هذا المقام قوله فالاولى التمسّك فى هذا المقام اه لا يخفى عدم امكان التمسّك به مع الشكّ فى الموضوع وهو الزّمان كما صرّح به المصنّف مرارا ولعلّه اشار بذلك بقوله لو كان جاريا فيه قوله كعدم تحقق حكم الصّوم يعنى وجوب الصوم فيستصحب جواز الافطار عند الشكّ فى هلال

__________________

(١) على جعل البقاء حقيقيا والتوجيه الآخر على جعله اعم من الحقيقى والمسامحى بابقاء شمول التعريف لكلّ منهما هذا وذكر شيخنا قدس‌سره فى الحاشية ان التوجيه الاوّل مبنى

٧١٥

رمضان ولازم ذلك عدم تحقق وجوب الصّوم وكذلك يستصحب وجوب الصّوم عند الشك فى هلال شوّال ولازمه عدم تحقق جواز الافطار قوله ولعلّه المراد بقوله ع فى المكاتبة فانه ع جعل وجوب الصّوم للرؤية فانّ معناه عدم تحقق حكم الصّوم الوجوبى قبلها وكذلك جعل جواز الافطار للرّؤية ومضاه عدم تحققه قبلها من جهة جريان استصحاب وجوب الصّوم فى الثانى واستصحاب جواز الافطار فى الاوّل والتعبير بقوله ولعلّه من جهة تطرق احتمال آخر ذكره قبل ذلك من كونهما متفرعين على الاستصحاب فى الزمان بملاحظة خفاء الواسطة اما فى نفسه واما فى الامور العدميّة المتلازمة معه لكن ما سيذكره فى توهين الاستصحاب الحكمي يجرى فى توهين الاستصحاب الموضوعى ايضا كما لا يخفى ومنه يظهر النظر فيما ذكره بعض افاضل المحشين من ان كلام المصنّف حيث ذكر المناقشة فى جريان الاستصحاب الحكمى يكشف عن جريان الاستصحاب الموضوعى وهو استصحاب الزّمان ولو بالتوجيه السّابق فى نظر المصنّف مع ان المصنّف قد صرّح فى السّابق فى مقام توجيه المكاتبة المزبورة بارجاعها الى الشكّ فى الرافع بان الاستصحاب الجارى فيها هو استصحاب الاشتغال ومن هنا اورد شيخنا قدّس سره على المصنّف بان ما ذكره هنا ينافى ما ذكره سابقا هذا ويمكن توجيه المكاتبة بان المقصود منها اجراء استصحاب شهر رمضان بناء على انه عبارة واحدة من هذه الجهة ايضا كما انه عبادة واحدة من جهة الاجتزاء فيه بنية واحدة لصيام الشهر كلّه على ما ذكره جمع من الاصحاب بل عن المنتهى نسبته الى الاصحاب من غير نقل خلاف بل فى المحكى عن الرّسية للمرتضى والانتصار والخلاف والغنية الاجماع عليه صريحا فلا مانع من ان يكون الثلاثون يوما بالنسبة الى ذلك كالعمل الواحد لا انه عمل واحد حقيقة كاليوم الواحد كى يرد عليه ان صوم كلّ يوم مستقلّ لا تعلّق له بما بعده ولا ما قبله شرعا وعرفا ولذلك تتعدد الكفارة بتعدده ولا يبطل صوم الشهر ببطلان بعض ايّامه وغير ذلك وبالجملة المراد التفكيك بحسب الظاهر فى احكام الشّهر الواحد ولا مانع منه بعد ظهور المكاتبة فى ذلك وتتميمه بخفاء الواسطة او بحجّية الاصل المثبت فى خصوص المقام وعدم امكان اجراء الاستصحاب الحكمى ومنه يظهر ما فى رد شيخنا قدّس سره لذلك فى الحاشية بمخالفته للاجماع بل هذا التوجيه متعين فى المكاتبة بعد انجبار ضعفها بالعمل او كون علىّ بن محمّد ثقة من اصحاب الجواد ع على ما نقلنا سابقا عن بعض كتب الرّجال فتدبّر قوله الا بناء على جريان استصحاب الاشتغال لا يخفى عدم جريان استصحاب الاشتغال والبراءة على مذهبه من جهة كون الحكم للشكّ لا للمشكوك وكذا استصحاب التكليف من جهة كون الشكّ فى التكليف المستقل الزّائد على ما ذكره ومن جهة عدم امكانه مع الشكّ فى الموضوع قوله فهو من قبيل القسم الثالث الّذى يكون احتمال بقاء الكلّى فيه من جهة احتمال حدوث فرد آخر غير الفرد

٧١٦

المعلوم حدوثه وارتفاعه قوله مدفوعة بان الظاهر كونه من قبيل القسم الاوّل الذى يكون احتمال بقاء الكلّى فيه مسبّبا عن بقاء الفرد الموجود سابقا ولا يخفى ان نظر المصنّف الى ان الغرض لو تعلق بايجاد كلام مركّب من عشرة اجزاء وشكّ بعد عدم تخلل فصل طويل فى بقاء اشتغاله به وعدم وجود الجزء الاخير منه فى الخارج لبعض الطوارى والعوارض الّتى حصلت له فلا شكّ انه يكون من قبيل استصحاب اليوم الّذى يكون وجوده فى السابق بوجود جزء منه وبقائه فى اللّاحق بوجود جزء آخر منه غاية الامر كون الاصل مثبتا فلا بدّ من تصحيحه بما صحّح به الاصل فى السّابق من خفاء الواسطة وح فلا يرد عليه ان الظاهر كونه من قبيل القسم الثانى لتردده بين كونه كثير الاجزاء فيبقى وقليلها فيرتفع نعم قد يكون من قبيل القسم الثانى اذا شكّ فى ان الداعى الموجود فى نفس المتكلّم هل اقتضى ايجاد الكلام الّذى هو قليل الاجزاء او ايجاد الكلام الذى هو كثير الاجزاء بحيث يقطع بارتفاعه على الاوّل وببقائه على الثانى قوله او لأجل الشكّ فى مقدار اقتضاء الداعى اه على مذهب المشهور من حجية الاستصحاب حتى فى الشكّ فى المقتضى قوله اختلاف انظارهم اه او فى كون الاستصحاب حجة ام لا وعلى الاول حجّة مطلقا او على التفصيل قوله وعدمها فى بعض اه ويجرى الاستصحاب على الاوّل ولا يجرى على الاخيرين قوله فينبغى القطع بعدم جريان اه مع عدم كون الشكّ فيه من جهة الشكّ فى انقضاء الزمان والّا فيرجع الى القسم الاوّل الّذى يجرى فيه الاستصحاب فى نفس الزمان بناء على التوجيه المتقدم صرّح بهذا شيخنا المحقق قدّس سره فى مجلس البحث قوله وقد تقدم الاستشكال (١) فى الاستصحاب الحكمى من جهة رجوع الشكّ فيه الى الشكّ فى بقاء الموضوع فى ما يحتمل فيه كون القضية مطلقة فيكون الموضوع باقيا ومقيدة فيكون منتفيا وفيما نحن فيه يقطع بانتفاء القيد فكيف يعقل فيه الاستصحاب وما اجاب به عن الاشكال المذكور فى السّابق من الرجوع الى المسامحة العرفية الّتى يتصحح بها بقاء الموضوع فيما اذا ساعدت لا يتاتى فى المقام قطعا قوله ومما ذكرنا يظهر فساد ما وقع لبعض المعاصرين هذا البعض هو الفاضل النراقى قدّس سره فى المناهج فلنذكر بعض كلماته لتوضيح المقام قال قدس‌سره امّا اقسام المستصحب فكثيرة لانه اما حكم عدمى او وجودى والوجودى امّا حكم شرعى او وضعى او موضوع لاحدهما او متعلّق له والمراد بالموضوع ما كان احد الاحكام محمولا عليه كالصّلاة والغسل والنجاسة والحيض والرّطوبة وامثالها فيقال الصلاة واجبة والغسل واجب او سبب لاباحة الصلاة والنجاسة مانعة من دخول المسجد والحيض عن دخول الصلاة والرّطوبة سبب لقبول النجاسة وهكذا والمراد بالمتعلق ما كان له مدخلية فى ثبوت الحكم او نفيه ولم يكن حكما ولا موضوعا له كاستصحاب الوضع والمعنى اللغوى وشياع المعنى وغيره والموضوع والتعلق على قسمين لانه امّا من الامور الشرعيّة او الخارجية والمراد بالشّرعى ما كان من الماهيّات المخترعة الجعلية للشارع كالصّلاة

__________________

(١) يعنى وقد تقدم الاستشكال

٧١٧

والزكاة والغسل والوضوء او امور مترتبة على اسباب جعلها الشّارع اسبابا لها كالطهارة والنجاسة والزوجيّة والمالكيّة والرقيّة واضرابها وبالخارجى ما لم يكن كذلك كالرطوبة والجفاف واليوم واللّيل واطلاق الماء واضافته ونحو ذلك ثم الامور الشرعيّة مطلقا اى سواء كان حكما شرعيّا او وضعيّا او من القسم الاوّل من الموضوع والمتعلّق على ثلاثة اقسام لانه اما ان يعلم استمراره ابدا اى ثبت من الشّرع كذلك ولا يعلم له مزيل او يعلم له مزيل اى يكون مغيّا الى غاية اى يعلم ثبوته الى غاية زمانية او حالية او يعلم ثبوته فى الجملة فى وقت معين بمعنى ان يعلم ان استمراره ليس فى اقل من ذلك ولم يعلم بعده فليس المراد بالمغيّا اما ثبت كون شيء غاية له بالالفاظ الدالة على الغاية بل ما ثبت انتهائه وانتفائه عند شيء وثبت كون ذلك الشيء مزيلا له فالمراد بالغاية للشيء ما ثبت له وصف مزيليته بحيث اذا تحقق ارتفع ثم اطال الكلام ثم ذكر اقوالا تسعة فى حجية الاستصحاب وعدمه واختار القول بالحجّية مطلقا قال للاخبار المتواترة معنى وساق اخبار الباب ثم قال فى مقام بيان الشرط الثالث للاستصحاب وهو انتفاء دليل شرعى دال على خلاف مقتضى الاستصحاب وان كان الثانى اى كان معارض الاستصحاب استصحاب آخر شرعيّا او عقليّا فلا يخلو اما ان يكون الاستصحابان المتعارضان فى موضوع واحد او فى موضوعين مختلفين يستلزم الاستصحاب فى احدهما خلاف حكم الآخر فعلى الاوّل اما ان يكونا فى حكم واحد بان يكون احد الاستصحابين استصحاب وجود هذا الحكم والآخر استصحاب عدمه او يكونا فى حكمين احدهما او كلاهما ملزوم خلاف الآخر والاوّل لا يكون الّا فى تعارض استصحاب حال العقل والشرع وسيأتي امثلة هذا ومثال الثانى الجلد المطروح لو صح استصحاب عدم التذكية والطهارة فيه الى ان قال والتحقيق ان تعارض الاستصحابين ان كان فى حكم وموضوع واحد فلا يمكن العمل بشيء منهما ويتساقطان فيرجع الى اصل البراءة وشبهه وذلك كما اذا قال الشارع فى ليلة الجمعة صم وقلنا بان الامر للفور وكنا متوقفين فى افادته المرة او التكرار فقطع بوجوب صوم يوم الجمعة ونشكّ فى السبت وفيه يتعارض الاستصحابان لانا كنا يوم الخميس متيقنين بعدم وقوع التكليف بصوم يوم الجمعة ولا السبت وبعد ورود الامر قطعنا بتكليف صوم يوم الجمعة وشككنا فى السّبت وهذا الشكّ مستمرّ من حين ورود الامر الى يوم السبت فيستصحب عدم تكليف يوم السّبت بالصّوم وكذا يقطع يوم الجمعة بالصّوم ويشكّ فى السّبت فيستصحب التكليف اى وجوب الصّوم فيحصل التعارض فان قلت عدم التكليف المعلوم قبل الامر انما يستصحب لو لا الدليل على التكليف واستصحاب الوجوب المتيقن فى الجمعة دليل شرعى فيرتفع عدم التكليف وينقض اليقين باليقين قلنا مثله يجرى فى الطرف الآخر فيقال وجوب صوم يوم الجمعة انما يستصحب لو لا الدليل على عدمه واستصحاب عدمه المتيقن قبل الامر دليل شرعى فيرتفع الوجوب لا يقال ان العلم

٧١٨

بالعدم قد انقطع وخصل الفصل فكيف يستصحب لانا نقول لم يحصل فصل اصلا بل كنا قاطعين بعدم ايجاب صوم السّبت يوم الخميس وشككنا فيه بعد الامر ولم نقطع بوجوب صومه اصلا فيجب استصحابه وان كان تعارضهما فى حكمين من موضوع او موضوعين واستلزم احدهما خلاف الآخر فهو على قسمين احدهما ان تكون الحكم الثابت باحد الاستصحابين مزيلا للحكم المستصحب بالآخر وبالعكس وثانيهما ان يكون احدهما كذلك دون الآخر وامّا ما لم يكن شيء منهما كذلك فهو خارج عن البحث اذ لا تخالف والمراد بكونه مزيلا له كونه ممّا جعله الشارع فى الشرعيّات او الواضع فى اللغويّات او العادة او الحس او العقل سببا وعلة رافعة له بلا واسطة او بالواسطة بان يكون سببا لحكم آخر هو سبب ازالته فمثال الاوّل كما اذا ورد عام وخاص متنافيا الظاهر فان اصالة عدم القرنية فى الخاص سبب للحكم بارادة الحقيقة وهو سبب لتخصيص العام واصالة عدم تخصيص العام سبب للحكم بارادة العموم وهو سبب للتجوّز فى الخاصّ ومثال الثانى مسئلة الصّيد فان كان من القسم الاوّل فيتعارض الاستصحابان ويتساقطان الّا ان يكون لأحدهما مرجح كما فى مثال العام والخاصّ على القول بالتعارض حيث ان فهم الاجماع وفهم العرف يرجح بقاء الخاص على حقيقته وان كان من القسم الثانى (١) باستصحاب الحكم المزيل دون الآخر الى ان قال فى الفائدة الاولى اعلم انّك بعد ما عرفت حال تعارض الاستصحابين وانّهما يتساقطان ولا حجّية لاحدهما اذا وردا على حكم واحدا وحكمين مع ثبوت الرافعيّة من الجانبين وان الحكم للمزيل مع ثبوت الرفع من احدهما يظهر لك حال الاستصحاب فى الاقسام الثلاثة المذكورة فى المقدمة الاولى ويعلم عدم حجّية ـ الاستصحاب فى القسم الثالث مطلقا وهو الّذى علم ثبوت الحكم فى الجملة او فى حال وشكّ فيما بعده لانّه بعد ما علم حكم فى وقت او حال وشكّ فيما بعده وان كان مقتضى اليقين السّابق واستصحاب ذلك الحكم وجوده فى الزمان الثانى او الحالة الثانية لكن مقتضى استصحاب حال العقل عدمه لانّ هذا الحكم قبل حدوثه كان معلوم العدم مطلقا علم ارتفاع عدمه فى الزمان الاوّل فيبقى الباقى مثلا اذا علم الى آخر ما نقله المصنّف قوله ثم اجرى ما ذكره من تعارض استصحابى الوجود والعدم فى مثل وجوب الصّوم اه قال قدّس سره وامّا القسمان الاوّلان يعنى ما علم استمراره ابدا اى ثبت من الشّرع كذلك ولا يعلم له مزيل وما يكون مستمرا الى غاية زمانية او حالية فيظهر مما ذكر عدم حجّية استصحاب حال الشرع يعنى الاستصحاب الوجودى فيهما ايضا اذا كان المستصحب من الامور الشرعيّة مطلقا لأجل تعارضه مع استصحاب حال العقل لانّه اذا شكّ فى اثناء اليوم فى وجوب الصّوم لاجل عروض حالة كحمى مثلا فنقول قبل ورود الشّرع كان عدم التكليف بالصّوم يقينيّا وبعد وروده علم التكليف به عند عدم الحمى وشكّ معه فيستصحب عدم التكليف معه ويعارضه استصحاب التكليف قبل الحمى

__________________

(١) فيجب العمل

٧١٩

ايضا ويتساقطان وكذا اذا شكّ فى ان اللّيل هل هو استتار القرص او ذهاب الحمرة فلا يمكن استصحاب وجوب الصّوم بعد الاستتار وقبل الزوال للعلم بعدم التكليف به قبل الشرع فيستصحب واذا شكّ فى دخول الليل لوجود غيم فيقال ان قبل الشرع كان عدم التكليف بالصّوم فى مطلق اليوم وفى زمان شكّ فى بقائه لغيم ونحوه قطعيّا وعلم التكليف قبل الغيم فيستصحب عدمه بعده واذا شكّ فى بقاء الطهارة الشرعيّة الحاصلة بالوضوء بعد خروج المذى يقال ان قبل الشرع كان يعلم عدم جعل الشارع العمل المسمّى بالوضوء سببا للطّهارة مطلقا وعلم بعده انّه جعله سببا للطّهارة ما لم يخرج المذى ولا يعلم انه جعله سببا للطّهارة الباقية بعده ايضا ام لا والاصل عدم الجعل واذا شكّ فى تطهر الثوب الملاقى للبول بغسله مرة فيقال قبل ورود الشرع كنا قاطعين بعدم جعل الشّارع ملاقاة البول سببا للنجاسة مطلقا وبعده علمنا انه جعلها سببا للنجاسة ما لم يغسل اصلا وامّا كونها سببا للنجاسة بعد الغسل مرّة فلا وكذا فى المالكية والزّوجية وامثالها واثبات التكليف والجعل بالاستصحاب ليس باولى من اثبات عدمهما به على ما مرّ ولا يتوهّم انّه على هذا يلزم انتفاء الحكم الثابت اوّلا فى القسمين بمجرد الشكّ فانه ليس كذلك بل يحكم ببقاء الحكم ولكن لا لأجل استصحاب حال الشرع اى استصحاب ذلك الحكم بل لاجل استصحاب آخر من حال العقل وبيان ذلك انّك قد عرفت فى المقدمة الاولى ان سبب الشكّ فى هذين القسمين امّا الشكّ فى تحقق المزيل القطعى بعد العلم بعدمه او الشكّ فى جعل الشارع شيئا او الشيء الفلانى مزيلا للحكم ولا شكّ ان الاصل عدم تحقق المزيل وعدم جعل الشارع شيئا او هذا الشّيء مزيلا ويلزم من هذا الاستصحاب وجود هذا الحكم ولا يعارضه استصحاب عدم التكليف لأنّ هذا لاستصحاب مزيل لعدم التكليف وليس استصحاب عدم التكليف سببا لوجود الشيء المعيّن الّذى جعله الشارع مزيلا او لجعل الشارع هذا شيء مزيلا فنقول فى المثال الاوّل علم بقول الشارع صم شهر رمضان وجوب صومه سواء عرض الحمى ام لا وشكّ فى انه هل جعل الحمى مزيلا له ام لا والاصل عدم جعله وهو يوجب بقاء اطلاق الصّوم المزيل لعدم التكليف وفى المثال الثانى علم وجوب الصّوم فى اليوم الى الليل ولم يعلم ان باستتار القرص هل دخل الليل ام لا والاصل عدم دخوله وكذا فى المثال الثالث ويقال فى الرّابع انه علم بالتوضّؤ حصول الطّهارة وعلم انها لا ترتفع الا برافع ولم يعلم ان المذى رافع له والاصل عدم جعل الشارع ايّاه رافعا ولو فرض عدم العلم بان الطّهارة مما لا ترتفع الا برافع فيكون من القسم الثالث ولا يفيد فيه الاستصحاب ويقال فى الخامس انه علم بنجاسة الثوب وانّها مما لا ترتفع الا برافع وشكّ فى انّه هل جعل الغسل مرة مزيلها ام لا والاصل عدمه وكذا اذا شكّ فى كون شيء مزيلا للمالكية او الزوجية او غيرهما مما يعلم استمراره بعد حدوثه

٧٢٠