إيضاح الفرائد - ج ٢

السيّد محمّد التنكابني

إيضاح الفرائد - ج ٢

المؤلف:

السيّد محمّد التنكابني


الموضوع : أصول الفقه
المطبعة: المطبعة الإسلاميّة
الطبعة: ٠
الصفحات: ١٠٦٩
الجزء ١ الجزء ٢

فيكون هذا التامّل راجعا الى ما اورده على الفاضل التونى بقوله وفيه ان الموقت قد يتردد وقته اه قلت وفى هذا الوجه تامل ظاهر او ما ذكره قدس‌سره فى الحاشية من ان الشك المسبّب عن الغير اذا كان ذلك الغير موضوعا كما هو المفروض فى المقام لم يجر الاستصحاب بالنّسبة اليه سواء جرى الاستصحاب فى الموضوع ام لا ولكن يمكن ان حال بناء على المسامحة العرفية فى باب الاستصحاب لا مانع من جريان الاستصحاب بالنّسبة الى الحكم مع الشكّ فى موضوعه حسبما يساعده العرف ولعلّ هذا هو الوجه فى قوله بعد هذا ولا يجوز اجراء الاستصحاب فى الحكم التكليفى ابتداء الّا اذا فرض انتفاء الاستصحاب فى الامر الوصفى وذكر بعضهم فى هذا المقام ان وجه التامّل عدم جريان الاستصحاب الحكمى لكون مرجع الشكّ الى الشكّ فى شرطيّة الزمان المشكوك فيه للمأمور به وعدمها والمرجع فى هذا الشكّ هو اصل البراءة عند المصنّف والمشهور او الاحتياط على القول الآخر وفيه ان الاستصحاب حاكم على اصل البراءة الّا على احتمال ذكره المصنّف فى باب الاقل والاكثر الارتباطيين بقوله ويمكن ان يقال بانّا نفيا فى الزمان السّابق وجوب الرّائد بالاصل فيكون هذا الموارد من موارد تقدم اصل البراءة على الاستصحاب وقد اشرنا الى الاشكال فى ذلك فراجع وذكر بعض المحققين ان المسامحة العرفية المجوزة للاستصحاب الحكمى انما هى بالنسبة الى ما يعامل معه فى العرف معاملة علة الحكم وسبب حدوثه لموضوعه كالاستطاعة لا ما يحسب من قيوده فى العرف كالوقت ولذا يظهر منه فيما سيأتي الجزم بعدم جريان الاستصحاب فى المقيد بالزمان ولعلّه اشار اليه بالامر بالتامل فى ذيله وفيه مع عدم تعقّل الفرق بين الاستطاعة والوقت ان ما ذكره وان كان مطابقا لما يظهر منه فى التنبيهات من عدم جريان الاستصحاب (١) فى الامر الوضعى وح يمكن حمل كلامه فى التنبيهات على الاغماض عن المسامحة العرفية قوله ولا يجوز اجراء الاستصحاب اه هذا مبنى على ما ذكر من المسامحة العرفية الموجبة لعدم كون الشكّ فى الموضوع حتى لا يجرى مع الشكّ فى الوقت فاذا فرض عدم جريان الاستصحاب فى الوقت مثلا لعدم كون الشكّ فيه شكا فى الموضوع بحسب المسامحة العرفية يجرى الاستصحاب بالنسبة الى الحكم قوله كما اذا علمنا ان الامر ليس اه وان كان على سبيل المجاز لان القائل بالتكرار يقول به مدة العمران امكن عقلا ونقلا كما نقله فى القوانين فلا بدّ ان يكون العلم بعدم كونه للتكرار المذكور ناشئا من الخارج قوله لا يندفع بما ذكره من ان الحكم اه يعنى ما ذكره من ان الحكم فى التكرار كالامر الموقت من انه يتمسّك باطلاق الامر فى مورد الشكّ لا يدفع الايراد المزبور فى الفرض المذكور اذا شكّ فى المراد من الامر فى انه يكفى فعل المأمور به دفعتين مثلا او لا بد من الزّائد فتكون

__________________

(١) فى المقيد بالزمان لكنه مخالف لما يظهر منه عن قريب بانه لا يجرى الاستصحاب فى الحكم التكليفى ابتداء إلّا اذا فرض

٦٤١

الشبهة حكمية ولا يكون هناك اطلاق يتمسّك به فلا بد من الرجوع الى الاصول قوله من حيث انه مركّب واحد كما هو احد الاحتمالين فى التكرار مدة العمران امكن عقلا او شرعا قوله لان ثبوت الوجوب لباقى الاجزاء اه يعنى لو توهّم امكان جريان الاستصحاب فى القدر المشترك بين الوجوب النفسى والوجوب الغيرى وهو مطلق الوجوب مع ثبوته فى السّابق فى ضمن الاجزاء المعلومة فاذا شكّ فى بقائه وارتفاعه بعد الاتيان بالاجزاء المعلومة يترتب عليه وجوب الاتيان بالجزء المشكوك ويحكم بكونه جزء فى الظاهر نقول فى دفعه انّ بقاء الوجوب المذكور بالاستصحاب لا يثبت وجوب الجزء المشكوك الّا على تقدير القول بالاصل المثبت قوله قد يورد النقص عليه ببعض ما عرفت اه وهو الايراد الاوّل والثّانى وامّا الايراد الثالث فهو مختصّ بالموقّت قوله دفع (١) على تسويته اه والاعتراض الّذى توهمه المتوهّم يمكن ان يقرر بوجهين الوجه الاوّل ان الفاضل قد قسم الامر الى اقسام ثلاثة الموقت وكون الامر للتكرار وعدم كونه للتكرار سواء قلنا بانه للمرة او للطبيعة وهو الّذى بيّن حكمه بقوله والّا فذمة المكلّف اه وسوى فى هذا القسم الثالث بين كون الامر للفور او لعدمه مع انّه اذا كان للفور يكون داخلا فى القسم الاوّل لا فى القسم الثالث والوجه الثانى فى ان التسوية فى الحكم بين كون الامر للفور وعدمه غير صحيحة لان الامر اذا كان للفور كان من قبيل الموقت المضيق فلا تكون توسعة فى وقت الفعل حتى يكون ثبوت الحكم فى كلّ جزء من الوقت بنفس الامر وهما وجه ثالث لكلام المعترض سيأتى فى كلام شارح الوافية تقريره وتثبيته ثم ان فى قول المصنّف بنفس الامر دلالة على انه فهم من كلام الفاضل التمسّك بنفس الامر فى القسم الثالث ايضا وقد فهم السيّد الكاظمى الشارح للوافية ذلك ايضا لكن يفهم من كلام شيخنا المحقق قدّس سره فى الحاشية عند بيان حكم الاقسام ان مقصوده التمسك بقاعدة الاشتغال لا بنفس الامر والظاهر هو الاوّل قوله ولا دخل له بمطلبه يعنى لا دخل للتوهّم المذكور بمطلبه وهو عدم جريان الاستصحاب فليس مقصود المتوهّم اجراء الاستصحاب فى صورة كون الامر للفور وكونه من قبيل الموقت المضيق وفيه ما سيجيء قوله وعلى الثانى فلا معنى للاستصحاب اه يمكن ان يكون مراد المتوهّم هو هذا القسم بان يقول هو كالموقت المضيق لا انه هو عينه وجه التشبيه هو تعيين الوقت فى الجملة وعدم دلالة الامر على ثبوت الحكم فى الزمان الثانى فيكون الحكم فيه مسكوتا عنه فاذا شكّ فيه فيجرى الاستصحاب ومقصود صاحب الوافية دفع التوهّم المذكور بانه اشتباه لانّ الامر اذا كان للفور فهو اما من قبيل القسم الاوّل او من قبيل القسم الثالث فلا معنى للرجوع الى الاستصحاب على كلا التقديرين قوله وذكر بعض شراح الوافية اه هذا

__________________

(١) اعتراض

٦٤٢

البعض هو السيّد المحقق الكاظمى ره قال فى مقام بيان عبارة الوافية وامّا على القول بالفوريّة الحقيقية او العرفيّة فربما توهّم صيرورته كالموقت بما اعتبر فى الفورية من الزّمان مع عدم سقوطه بعد ذلك فيحتاج فى اثبات الحكم فيما بعد الى اعتبار الاستصحاب لكن التحقيق ان كلّ من قال بالفورية فانما يريد بالوقت المعتبر فيها بيان مصلحة ما عدا الفعل كما تقول اعطنى حتى الساعة وح فالاطلاق بحاله بالنسبة الى ساير الاجزاء ولا يحتاج الى اعتبار الاستصحاب ايضا انتهى وهذا هو الّذى اوضحناه عن قريب فقد ذكر مقصود المتوهّم ورده بقوله لكن التحقيق اه وهو الوجه الثالث الذى ذكره المصنّف ره ولا غبار فيه اصلا نعم نسبته الى كلّ من قال بالفورية ذلك الذى ذكره غير سديد قوله لأن منها ما يتردد الامر فيه بين الموقت اه الاولى ان يقول منها ما يكون موقتا مرددا بين زمانين فليس الترديد بين الموقت والمطلق بل بين الموقتين قوله فان الظاهر انه لا مانع عدم المنع من الرّجوع الى الاستصحاب الحكمى انّما هو من جهة ملاحظة ما ذكره سابقا بقوله اللهم إلّا ان يقال من الرجوع الى المسامحة العرفية وامّا على التحقيق فلا يجرى الاستصحاب لكون الشكّ فى الموضوع هذا مضافا الى ان الشكّ فيه فى المقتضى ولا يجرى الاستصحاب فيه على مذهبه وان جرى على التحقيق نعم يرد الايراد على صاحب الوافية على كل تقدير اذ على تقدير ان يكون مراده التمسّك باطلاق الامر فى جميع الموارد لا معنى للتمسّك به مع الشكّ فى الاطلاق والتقييد قوله وحلّية عصر الزبيب والتمر قد كان كلامه فى النهى فالتمثيل بحلّية العصير الزبيبى والتمرى غير مناسب للمقام ولو لا تمثيله هذا لأمكن ادراج عصير الزبيب فى التحريم والحكم به كذلك من جهة جريان الاستصحاب التعليقى على ما سيجيء توضيحه فى التنبيهات وامّا العصير التمرى فلا يمكن الحكم بحرمته من جهة الاستصحاب اصلا ولذا اختار المشهور فيه الحلّية اذا غلا قوله الظاهر ان مراده من سببية السبب تاثيره الظاهر ان مراده من السببية هو الذى جعله سادس الاقسام فيما سبق حيث قسم الاحكام الشرعيّة الى ستة اقسام وهو الحكم بكون الشيء سببا اه بل يمكن ادّعاء صراحة كلامه فى ذلك وورود الايراد عليه من جهة ان السّببية بالمعنى المعروف لا تنقسم الى الاقسام المذكورة لكونها دائمة الى ان تنسخ لا يصير سببا لصرف كلامه عن الظهور بل الصّراحة مع انه يمكن ادّعاء عدم ورود الايراد عليه على التقرير المذكور لان كون الشيء سببا بالمعنى المعروف لشيء قد يكون على سبيل الاطلاق وقد يكون على سبيل التقييد وشيخنا قدس‌سره بعد ان ذكر ان كلام الفاضل صريح فيما ذكره المصنّف وانه لا خفاء فى صحّة ما ذكره من عدم جريان التقسيم الذى ذكره فى الحكم الوضعى بالمعنى المعروف قال الا ان هنا كلاما ذكره

٦٤٣

فى مجلس البحث يمكن استفادته من كلامه المذكور فى الرسالة ايضا لا يخلو عن تامّل وهو ان الشكّ فى الحكم الوضعى دائما لا يكون الا من جهة الشكّ فى النسخ وهو كما ترى كلام لا محصّل له عند التامّل لانا لا نعقل الفرق بين الحكم الوضعى بعد القول بالجعل والتكليفى فى تصوير وقوع الشكّ فى كلّ منهما من غير جهة النسخ ايضا فتدبّر انتهى وهو يعطى بعد التامّل ما ذكرنا من امكان اجراء التقسيم المذكور فى السببيّة بالمعنى المعروف فلا وجه لحكمه بصراحة كلام الفاضل فيما ذكره المصنّف قوله تحصيل مورد يشكّ فى كيفية السببيّة هذا الشق ليس مقصود الفاضل قطعا فلا وجه لذكره قوله ليجرى الاستصحاب فى المسبّب قد فهم المصنّف ان مراد الفاضل التونى من قوله فينبغى ان ينظر الى كيفية سببية السّبب اه عدم جواز الرجوع الى استصحاب الحكم وقد سبقه الى ذلك المحقق الكاظمى فى شرح الوافية قال وبالجملة فقد اطلق يعنى الفاضل التونى الاحكام الوضعيّة اوّلا واراد بها ما يترتب عليها من الاحكام التكليفية باعتبار ان الدلالة عليها انما كانت بالوضع والتعليم دون الاوامر والنواهى وذلك قوله واما الاحكام الوضعيّة اه بدليل قوله بعد ذلك فان ثبوت الحكم فى شيء من الزّمان اه واطلقها ثانيا واراد بها نفس الاسباب والشرائط والموانع اى ثبوتها وذلك قوله الا فى الاحكام الوضعيّة اعنى الاسباب اه وحكم بعدم جريان الاستصحاب فى التكليفية المدلول عليها بالخطابات اعنى الاوامر والنواهى والفاظ التخيير وبالعلامات اعنى الاسباب والشرائط والموانع اه لكنه قال فى مقام الردّ على صاحب الوافية بعد ان قال قد يتردد السببيّة بين الاطلاق والتقييد مع التمثيل بالغبن الفاحش الذى هو سبب لجواز المرد المردّد بين كونه سببا على الاطلاق او على الفورية فيستصحب جواز الردّ وقد يجعل استصحاب الحكم فى هذا تابعا لاستصحاب العلامة فاذا علمنا بان الغبن الفاحش سبب لجواز الردّ فورا وشككنا فى ان التاخر قادح فى السببيّة فاستصحبنا السببيّة ثم يتبعها الحكم الشرعى اعنى اباحة الرد اه قلت فيمكن ان يقال ان مقصود صاحب الوافية عدم جواز الاستصحاب فى نفس الاحكام الوضعيّة وان عدم بقاء الحكم الشرعى فيها من جهة ذلك كما اشرنا الى ذلك سابقا ايضا وانما قصر البيان على الحكم الشرعى حيث قال فانّ ثبوت الحكم فى شيء من اجزاء الزّمان ليس تابعا اه من جهة ان المقصود بالاصالة ترتيب الحكم الشّرعى ولو كان مورد الاستصحاب هو نفس الحكم الوضعى او الامر الخارجى قوله كخيار الغبن الاولى ان يقال كسببية الغبن للخيار المردّدة كما ان الاولى ان يقول فى الكسوف المردد وقت صلاته بين ابتدائه الى الاخذ فى الانجلاء وبين ابتدائه الى تمام الانجلاء والاوّل هو مذهب المشهور والثانى مذهب

٦٤٤

كثير من متاخرى المتاخرين وجماعة من القدماء قوله فان شيئا من الاقسام المذكورة اه هذه العبارة قد الحقها المصنّف بعد تصنيف الكتاب والداعى الى الالحاق انّه قدس سرّه لما راى ان فرض الاقسام فى الشرط والمانع ينافى ما صدر كلامه به حيث قال لم اعرف المراد فنبّه بهذا الالحاق ان الاقسام تجرى فى المانع من حيث كونه سببا وكذا تجرى فى عدم الشرط من حيث كونه سببا لكن هذا الالحاق لا يدفع الغضاضة فى العبارة فان صريح كلامه فرض الاقسام فى وجود الشرط لا فى عدمه ويمكن ان يكون الداعى له الى الالحاق انه لما ذكر ان السببيّة بالمعنى المعروف لا تنقسم الى الاقسام لكونها ثابتة دائما الى ان تنسخ فلا بدّ من ارجاع السببيّة الى التاثير وهذا المعنى لما كان متعذرا فى الشرط والمانع فارجعهما ايضا الى السّبب ليمكن جعلهما بمعنى التاثير حتّى يصح انقسامها الى الاقسام المذكورة لكن تبقى المسامحة فى العبارة وذكر شيخنا فى الحاشية نقلا عنه فى مجلس البحث ان المراد بقوله لم اعرف انه لا نفع فى الحاق الشرط والمانع لما عرفت من جريان الاستصحاب فيه انتهى وهو كما ترى قوله فانه لم يظهر من كلامه جريان الاستصحاب هذا واضح وقد نبّه على فساد التفريع شارحا الوافية السيّدان المعظّمان وما فى بعض الحواشى من تصحيح التفريع المزبور بوجوه ثلاثة تكلّف واضح قوله ولا عدمه فيها بالمعنى المعروف يعنى لم يظهر مما تقدم عدم جريانه فى الاحكام الوضعيّة بالمعنى المعروف وهو كون الشيء سببا او شرطا او مانعا فقوله بالمعنى المعروف متعلق بالضّمير المجرور فى فيها اذ يكفى فى الظرف والجار والمجرور رائحة الفعل كقوله تعالى (وَهُوَ اللهُ فِي السَّماواتِ وَفِي الْأَرْضِ) وقوله ونعم من هو فى سر واعلان وما فى بعض الحواشى من انه متعلق بجريان الاستصحاب يعنى اثبات الشيء فى الزمان الثانى تعويلا على ثبوته فى الزمان الاوّل فهو منه قدّس سره ثم ان وجه ما ذكره من انه لم يظهر مما سبق عدم جريان الاستصحاب فى الاحكام الوضعية بالمعنى المعروف واضح بعد ما عرفت من حمل المصنف عبارة الوافية على السببية بمعنى التاثير لا بالمعنى المعروف وفهمه عدم جريان الاستصحاب فى الحكم التكليفى المترتب على السّببية واخواتها لا فى انفسها لكن قد عرفت عدم لزوم الاوّل بل ظهور عبارة الوافية فى خلافه وعدم ضرورة الثانى لاحتمال كون المراد بعدم جريان الاستصحاب فى نفس السببية واخواتها وان بقاء الحكم التكليفى من جهة الحكم ببقاء السببيّة واخواتها من جهة التمسّك بالدليل الدال عليها لا بالاستصحاب على طبق ما ذكره فى الامر والنّهى قوله عدم جريان الاستصحاب فى المسببات يعنى الاحكام التكليفية ابتداء سواء كانت مستفادة من الخطابات او كانت مستفادة من العلامات قوله فبقى امران بل امور منها السببيّة بمعنى التاثير

٦٤٥

وكذا اخواتها بارجاعها اليها قوله واللّازم عدم جريانه فيها لعين ما ذكر اه يفهم من كلامه هذا جريان التقسيم فى السببيّة بالمعنى المعروف وكذا فى اخواتها فيتمسّك فيها باطلاق الدليل عليها سواء كانت مطلقة او مقيدة كما فى الاحكام التكليفية وهذا هو الحق الّذى لا محيص عنه وقد حمل شيخنا المحقق قدّس سره هذه العبارة على معنى آخر قال نعم اللّازم ممّا ذكره فى بيان عدم جريان الاستصحاب فى الحكم التكليفى عدم جريانه فيه اى فى الحكم الوضعى ايضا لان بعض الاقسام الّذى ذكره فيه يجرى فى المقام ايضا وهو الدوام حتى يجيء الرّافع انتهى والظاهر انه للتحفظ عما ذكره سابقا من عدم جريان الاقسام فى السّببية بالمعنى المعروف ثم ان اللّازم عدم جريان الاستصحاب فى الاحكام الوضعيّة بمعنى التاثير وما يجرى مجراه لعين ما ذكره فى الاحكام التكليفية قوله فظاهر كلامه حيث جعل محل الكلام فى الاستصحاب المختلف فيه اه لم يعلم ان الفاضل جعل محل الكلام فى الامر الشّرعى نعم قد قسم فى صدر كلامه الحكم الشرعى الى ستة اقسام والمقصود منه بيان عدم جريان الاستصحاب فيها ابتداء كما ظهر من بيانه لكن لم يعلم ان ما يجرى الاستصحاب فيه لا بدّ ان يكون امرا شرعيّا بل قد مثل فى كلامه السّبب بالدلوك والكسوف والزلزلة مما لم يكن امرا شرعيّا نعم لا بد أن يترتب عليه حكم شرعى كلّى والاشياء المذكورة كذلك فيجرى الاستصحاب فيها ابتداء ثم يترتب عليها بقاء الحكم الشرعى وعبارته كالصّريحة فى ذلك او صريحة ثم ما عنى بالامر الشرعى فان اراد الحكم الشرعى فقد ادخله فى قسم النفى وصرّح بعدم جريان الاستصحاب فيه ابتداء ولا يمكن ادخاله فى قسم الاثبات مع ان الطهارة والنجاسة الّتى مثل المصنّف بهما ليستا من الحكم الشّرعى اما الحكم التكليفى فظاهر واما الحكم الوضعى فلانه منحصر عند الفاضل فى كون الشيء سببا او شرطا او مانعا وليستا من الثلاثة نعم عند من ذكرنا ذهابهم الى عدم انحصار الحكم الوضعى يكونان من ذلك فنفس السّبب والشرط والمانع خارج عند الفاضل عن الحكم الوضعى بالمعنى المعروف وان اراد ما يترتب عليه الحكم الشرعى الكلّى بقرينة عدم ذكره لحياة زيد ورطوبة ثوبه وامثالهما فلا شكّ ان الدلوك والكسوف ونحوهما كذلك والغرض من هذا البيان انه ليس فى كلامه دلالة على كون السّبب والشرط والمانع لا بد من ان يكون من قبيل الطهارة والنجاسة نعم نحن لا ننكر ان مقصود الفاضل هو بيان حال الاستصحاب فى الحكم الشّرعى الكلّى بالاصالة وقد عرفت كون ذلك مقصود المحقق وصاحب المعالم وغيرهما حيث مثلوا لمحلّ النزاع بالمتيمم الواجد للماء فى اثناء الصّلاة بل قد عرفت ان مقصود المصنّف

٦٤٦

ذلك ايضا حيث جعل مجرى الاصول هو الشكّ فى الحكم الكلّى لكونه المقصود بالاصالة لكن ذلك لا ينتج ما ذكره المصنّف وفهمه من كلام صاحب الوافية قوله كحياة زيد ورطوبة ثوبه خروج مثل ذلك عن كلام الفاضل لاجل ان كلامه فى الاستصحاب المختلف فيه اذا كان حكما شرعيّا حسب ما دامه المصنّف وهذا ليس من ذلك مع ان الاستصحاب فيه مجمع عليه على ما ادّعاه جمع من الاخباريين لكن قد عرفت سابقا ان ظاهر كلام المنكرين كالسّيدين وغيرهما عدم حجّية الاستصحاب فيه ايضا فراجع قوله فالشكّ فى بقائهما لا يكون اه اذا وجد الشرط والسّبب والمانع فى زمان وشكّ فى بقائها وزوالها فقد يكون منشأ الشكّ فيها عدم العلم بكيفية سببية السّبب مثلا وقد يكون من جهة الشكّ فى الموجود او فى وجود المزيل ومع العلم بكيفية سببيته السّبب وانه مستمر لو لا الرافع وجودا او منعا وما سبق فى كلام الفاضل من المنع عن استصحاب المسبّب على تقدير شمول كلامه لكل مسبب حتى ما لم يكن حكما تكليفيا هو القسم الاول وما صرّح بجريان الاستصحاب فيه هو القسم الثانى وان كان مقصوده بالاصالة منه ما كان من الشبهة الحكمية لا الموضوعيّة وح فلا غائلة فيه بل هو الّذى اختاره المصنّف وغيره حيث ذكروا ان الاستصحاب لا يجرى الا فى الشكّ فى الرافع وان كان بينهما فرق من جهة العموم والخصوص ويدلّ على ان مراده ما ذكرنا قوله الا ان المستفاد من الرّوايات انه اذا تحقق وجود شيء فانه يحكم به حتى يعلم زواله فاذا شك فى بقاء النجاسة فى الماء المتغير من جهة كون زوال التغير رافعا للنجاسة فيحكم ببقائها حتى يعلم زوالها وكذلك فى بقاء اثر الوضوء بعد المذى او القى او الرّعاف مثلا يحكم ببقاء الطّهارة حتى يعلم زوالها وكذلك اذا شكّ فى بقاء الاثر الحاصل من التيمّم من جهة الشكّ فى كون وجدان الماء ناقضا له فيحكم ببقائه قوله مدفوعة بان النجاسة كما حكاه وقد اورد عليه بان النقل عن الشهيد ذلك لا يلزم ان يكون مذهب الناقل ايضا هو ذلك قلت بل لعل بناء كلامه فى هذا المقام حيث اجرى الاستصحاب اولا فى الطهارة والنجاسة ثم اجراه فى الاحكام التكليفية بتبعيته على كون الطهارة والنجاسة مجعولة بالجعل التشريعى او بالجعل التكوينى قوله لا خفاء فى انّ الاستصحاب النجاسة لا معنى لها اه الاستصحاب اذا قيس الى المكلف فهو بمعنى ترتيب الآثار واذا قيس الى الشارع فهو بمعنى جعل الآثار الشرعيّة سواء كان فى الموضوعات او فى الاحكام وما نسب الى بعض المتاخرين من جواز كون مفاد لا تنقض شيئين فى الموضوعات التكوين والتشريع فهو غير معقول قوله لا يبقى بهذه الملاحظة شكّ اه يعنى فى مرحلة الظاهر والا فالشكّ لا يرتفع بجريان الاستصحاب فى الحاكم فى الحقيقة كما لا يخفى وبعبارة

٦٤٧

اخرى بجريان الاستصحاب فى الحاكم يرتفع حكم الشك فى المحكوم لا نفسه قوله ثم اعلم انه بقى هنا شبهة اخرى الفرق بين الشبهتين مع اشتراكهما فى منع جريان الاستصحاب الحكمى الشبهة الّتى اشار اليها الفاضل التونى كانت مبنية على وجوب الرّجوع الى الدليل اللفظى عند الشكّ فلا مجرى للاستصحاب من هذه الجهة وهذه الشبهة مبنية على كون الشكّ فى الموضوع فلا يجرى الاستصحاب لاجله وبينهما فرق آخر وهو ان الممنوع عند صاحب الشبهة الاولى لرجوع الى الاستصحاب الحكمى ابتداء ويجوز تبعا ومقتضى هذه الشبهة عدم جريانه مطلقا لا ابتداء ولا تبعا قوله خصوصا اذا كان حكيما اذ الامر فيه اوضح قوله وخصوصا عند القائل بالتحسين اذ الامر بناء على مذهبهم اوضح والّا فالاشاعرة لا ينكرون كون القيود راجعة الى الموضوع وانه علة للمحمول قوله حتى الزمان ويقوى الاشكال لو قلنا بكون الزمان مشخّصا حتى فى الجواهر القارة الذرات وكذلك على القول بتجدد الامثال فى الاعراض وبالحركة الجوهرية فى الجواهر قوله وبالجملة فينحصر مجرى الاستصحاب اه بل يسرى الاشكال فى جميع موارد الاستصحاب حتى فيما ذكره المصنّف وغير ما ذكره لعدم امكان الشكّ فى المعلول الا من ناحية العلة الّتى هى الموضوع فى الحقيقة وبالدقة العقلية من غير فرق بين الشكّ فى المقتضى والشكّ فى الرافع لأنّ عدم الرّافع ماخوذ فى العلّة التامة قوله فى الحكم الوضعى ايضا اه كالصحة والفساد المتعلقين بالبيع والصلح وغيرهما وسببيتها لملك العين او المنفعة وغير ذلك قوله ان مبنى الاستصحاب خصوصا اه الوجه فى الخصوصية احتمال كون مبنى الاستصحاب على المداقة العقلية على تقدير كونه من باب العقل بخلاف ما اذا كان من باب الأخبار بل قد عرفت من المصنّف فى باب تقسيم المستصحب الى الحكم العقلى وغيره الفرق بين كون الاستصحاب من باب الأخبار وبين كونه من باب الظن ببناء الاوّل على المسامحة العرفية دون الثانى فما ذكره هنا مناف له وقد نبهنا على ذلك فى ذلك المقام لكن الوجه هو ما ذكره هنا من الرّجوع الى العرف مطلقا لان القائلين بحجية الاستصحاب من باب الظن المصرحين بحرمة العمل بالقياس لا بد لهم من الفرق بينهما بوحدة الموضوع فى الاوّل وتعدده فى الثانى ولما كان الحكم بالوحدة مع الرجوع الى الدقة العقلية متعذرة فى الاستصحاب فلا بد من الرّجوع الى العرف فى احراز موضوعه ووحدته والرجوع اليه يحرز بقاء الموضوع فى جميع موارد الشكّ فى الرافع وفى بعض موارد الشكّ فى المقتضى ولا يلزم من ذلك القول بحجّية الاستصحاب مطلقا حتى فى موارد الشكّ فى المقتضى الذى احرز موضوعه بالعرف لوجود المانع من جهة لفظ النقض او غيره مما عرفت من المصنف وغيره فما فى حواشى شيخنا المحقق قدّس سره معترضا على المصنف من انه بناء على هذا الجواب

٦٤٨

كان اللّازم على القول باعتبار الاستصحاب فى الشكّ فى المقتضى فى الجملة ايضا ولم يكن وجه للقول بالتفصيل بينهما على ما عرفته من الاستاد العلامة انتهى مما لا ينبغى قوله ومن هنا ترى الاصحاب يتمسكون باستصحاب وجوب التمام التمسّك بالاستصحاب الحكمى اما من جهة كون السفر والحضر والحيض والخلو عنه من الحالات المتبادلة للموضوع على ما افاده المصنّف ره فى قوله اللهم الّا ان يقال اه او من جهة جمعهم بين الاستصحابين فى الموضوع والحكم على ما عرفت من الفاضل التّونى وصرّح به غيره ايضا قوله لانّه من آثار عدم السّفر هذا بناء على كون الحضور هو عدم السفر فباستصحاب عدمه يترتب عليه حكم الحضور واما بناء على كون الحضور لازما عقليا لعدم السفر وكون الحكم حكما له لا لعدم السفر فيكون الاصل مثبتا قوله ولم يصدق على النسخ انه رفع للحكم الثابت او لمثله الترديد من جهة اختلافهم فى تعريف النسخ فبعض الاشاعرة انه رفع للحكم الثابت والمعتزلة على انه رفع لمثل الحكم الثابت والمراد بالحكم الثابت هو الثابت لو لا النسخ بحسب الظاهر لعدم جواز البداء على الله تعالى ونظر المعتزلة حيث زادوا لفظ المثل ان الحكم السّابق الّذى عمل به فى برهة من الزّمان لا يكون قابلا للرفع والازالة فالمراد انه لو لا ـ النسخ لكان مثل الحكم السابق ثابتا فى الازمنة المتأخّرة ولما جاء النسخ علم بعدم ثبوته فيها واتفقوا على انّه لا بدّ فى النسخ من ان يكون اللفظ الدال على الحكم السّابق ظاهرا فى الاستمرار اذ لو كان موقتا او محدودا لا نقضى بانقضاء وقته وبلوغ اجله ولا يصدق عليه النسخ قوله وفى الامور التدريجية كالزمان والزمانيات قوله وفى وجوب الناقص كاستصحاب وجوب باقى اجزاء المركّب بعد تعذر بعضها فان المقصود منه اثبات الوجوب النفسى لباقى الاجزاء بعد تعذر بعضها مع ان الوجوب النفسى كان متعلقا بالكلّ عند تيسّره وسيذكر المصنّف فى التنبيه الحادى عشر وجوها ثلاثة فى تقدير الاستصحاب فى الفرض المزبور قوله فنقول قد نسبت جماعة الى الغزالى والاصل فى هذا النقل هو العلّامة فى النّهاية على ما ستعرف عن قريب ومثله ابن الحاجب فى المختصر على ما حكاه عنه فى شرح الوافية والتفتازانى فى شرح الشرح وستعرف كلامهما ايضا قوله القول بحجية الاستصحاب يعنى استصحاب الحال قوله وقد ذكر فى النهاية مسئلة الاستصحاب يعنى استصحاب الحال قال فى النهاية اختلف الناس فى استصحاب الحال هل هو حجّة ام لا فذهب اكثر الحنفية وجماعة من المتكلمين كابى الحسين البصرى والسيّد المرتضى وغيرهما الى انه ليس بحجة ومن هؤلاء من جوز الترجيح به لا غير وذهب جماعة من الشافعية كالمزنى والصيرفى والغزالى وغيرهم الى انه حجة ثم قال بعد كلام طويل البحث الثانى فى حكم استصحاب الاجماع فى محلّ الخلاف اختلف الناس

٦٤٩

فيه فقال الاكثرون انه ليس بحجة وبه قال الغزالى وقال آخرون انه حجة ومثل له بالتيمم اذا وجد الماء فى اثناء الصّلاة وبالخارج من غير السبيلين لا يقال القول بصحة الصلاة وثبوت الطهارة فى محلّ النزاع لا بد له من دليل وليس نصا ولا قياسا ولا اجماعا لعدم وجوده فى محلّ الخلاف لانا نقول سلّمنا انه لا بد له من دليل لكن لا نسلم انحصار الدليل فى النص والقياس والاجماع الّا اذا ثبت ان الاستصحاب ليس دليلا وهو نفس النزاع سلمنا ان الاستصحاب ليس دليلا بنفسه لكنه قد دل الدليل على الحكم بالبقاء لما تقدم فى مسئلة الاستصحاب من وجود غلبة الظن ببقاء كل ما كان متحققا على حاله انتهى باختصار قوله الا ان الذى يظهر بالتدبر اه قد ذكر هذا قبله المحقق القمّى فى القوانين قال فى مقام رد الغزالى ان هذا الدليل يجرى فى غير ما ثبت الحكم فيه من الاجماع ايضا وان هذا الدليل انما يناسب القول بنفى حجّية الاستصحاب مطلقا ومثله السيد المحقق الكاظمى فى شرح الوافية كما سيجيء وفى المناهج ان هذا التفصيل لم نعشر على قائل به نعم قال صاحب الذخيرة وشارح الدّروس بعدم الحجية فيما كان الدليل الاجماع والشكّ فى محل الخلاف ولكنهما لا يقولان بالحجية فى جميع البواقى قوله المعلوم انتفائها فى الزمان الثانى يعنى ان انتفاء الدلالة فى الزمان الثّانى معلوم بالوجدان وان امكن كونه مرادا كذلك اذ لو لم ينتف الدلالة فى الزمان الثانى او علم بعدم كونه مرادا كذلك لا يكون من الاستصحاب فى شيء قال فى الذكرى عبارته فى الذكرى هكذا الاصل الرابع دليل العقل وهو قسمان الاوّل قسم لا يتوقف على الخطاب وهو خمسة الاول ما يستفاد من قضية العقل كوجوب قضاء الدين ورد الوديعة اه الثانى التمسك باصل البراءة عند عدم دليل وهو عام الورود فى هذا الباب الى ان قال ويسمّى استصحاب حال العقل وقد نبّه عليه فى الحديث بقولهم عليهم‌السلام كلّ شيء فيه حلال وحرام فهو لك حلال حتى تعرف الحرام بعينه فتدعه وشبه هذا الثالث لا دليل على كذا فيشفى وكثيرا ما يستعمله الاصحاب وهو تام عند التتبع ومرجعه الى اصل البراءة الرّابع الاخذ بالاقلّ عند فقد دليل على الاكثر وهو راجع اليها الخامس اصالة بقاء ما كان ويسمى استصحاب حال الشّرع وحال الاجماع فى محلّ الخلاف كصحّة صلاة المتيمّم يجد الماء فى الاثناء فنقول طهارته معلومة والاصل عدم طارا وصلاته صحيحة قبل الوجدان فكذا بعده واختلف الاصحاب فى حجيته وهو مقرر فى الاصول انتهى باختصار ولا يخفى ان فيما ذكره فى الذكرى وان كان نظرا من وجوه منها جعل اصل البراءة بمعنى الاستصحاب ومنها جعل قوله ع كلّ شيء فيه حلال وحرام اه دليلا على البراءة بالمعنى المذكور ومنها جعل عدم الدّليل راجعا الى اصل البراءة بمعنى الاستصحاب ومنها جعل الاقسام المذكورة من العقليات المستقلة الغير المتوقفة على خطاب الشرع

٦٥٠

مع ان العقلى المستقل يكون جميع مقدماته عقلية فلو كانت احداها وجدانية او شرعيّة لم يكن كذلك ومن المعلوم ان الصغرى فى كثير من موارد الاستصحاب تكون وجدانية او شرعيّة هذا على تقدير ان يراد بالعقل المستقل ما ذكرنا وان اريد به ما هو ظاهره اشكل فيما اذا كان الحكم الثابت سابقا مما ثبت بخطاب الشّرع فانه لا يكون من قبيل ما ذكره إلّا انّه لا يخفى ظهوره فيما ذكره المصنّف من تسميته مطلق الاستصحاب باستصحاب حال الشّرع واستصحاب حال الاجماع ومثله ما نقل عن السيّد المحقق الدّاماد فى الرّواشح السماويّة وقال واما اصالة بقاء ما كان ويسمّى استصحاب حال الشرع وحال الاجماع فى محلّ الخلاف كصحّة صلاة المتيمّم الى ان قال فقد اختلف فى حجيته وحيّز القول فيه علم الاصول وقد حققنا الامر فيه فى غير موضع واحد انتهى كلامه رفع مقامه وقال السيّد الكاظمى ره فى شرح الوافية ان الاستصحاب ينقسم الى اربعة اقسام الاول استصحاب حال العقل الثانى استصحاب حال الشرع ثم ان كان فى محلّ النزاع والشكّ فى قدح العارض سمّي باستصحاب حكم الاجماع وربما خصّ استصحاب حال الشرع بهذا ايضا الثالث استصحاب حكم الشرع وهو استصحاب حكم حكم به الشارع عند الشكّ فى نسخه الرابع استصحاب ما لا يدور ثبوته على حكم العقل ولا على حكم الشرع كاستصحاب حيوة زيد وصحته وسقمه واستصحاب الحقيقة والعموم والاطلاق وغير ذلك وجملة الامر فى التسمية ان استصحاب الحال قد يطلق على الجميع وقد يخص بما عدا استصحاب حكم الاجماع كما وقع لابن الحاجب واستصحاب حال العقل يخص باستصحاب البراءة ونحوه وبالجملة استصحاب العدم واستصحاب حال الشرع قد يطلق على ما عدا استصحاب حال العقل كما وقع فى الذكرى وقد يخص باستصحاب حال الاجماع المخصوص بما عرفت ثم قال فى مقام آخر فلم يبق الّا استصحاب حال الشّرع المسمّى باستصحاب حكم حال الاجماع وقال فى موضع آخر وابن الحاجب جعل الاستصحاب ضربين استصحاب الحال ونسب القول بصحته الى المزنى والصّيرفى والغزالى وغيرهم سواء كان للامر وجودى او عدمى عقلى او شرعى واستصحاب حكم الاجماع فى محل الخلاف كما فى مسئلة الخارج من غير السبيلين ونسب القول بنفيه الى الغزالى وكيف كان فالظّاهران اقاويل العامه فيه ثلاثة القول بحجّية على الاطلاق والقول بعدم الحجّية على الاطلاق وهو الّذى حكاه الشيخ عن كثير من الفقهاء من اصحاب ابى حنيفة وغيرهم واكثر المتكلمين والظاهر انه فى غير الموضوعات بل لا يبعد ان يكون فى استصحاب حكم الاجماع فانه ذكر مثال واجد الماء فى الأثناء وعقبه بذكر الخلاف والثالث التفصيل بالحجّية فيما عدا استصحاب حكم الاجماع وعدمها فيه وهو المحكىّ عن الغزالى وعلى ما ذكرنا من اختصاص النزاع باستصحاب حكم الاجماع يكون الغزالى من النفاة وتكون القسمة ثنائية انتهى فقد دل كلامه على تسمية استصحاب حال

٦٥١

الشرع باستصحاب حال الاجماع وعلى ان الغزالى من النافين مطلقا لا من جهة دلالة كلامه على ذلك كما ذكره المصنّف وغيره بل من جهة تخيل كون النزاع منحصرا فى استصحاب حال الاجماع فى محل الخلاف قوله ونحوه ما حكى عن الشهيد الثانى اه قال الشهيد الثانى فى تمهيد القواعد استصحاب الحال حجة عند اكثر المحققين وهو اربعة اقسام احدها استصحاب النفى فى الحكم الشرعى الى ان يرد دليل وهو المعبّر عنه بالبراءة الاصلية وثانيها استصحاب العموم الى ان يرد مخصص وحكم النصّ الى ان يرد ناسخ وثالثها استصحاب ما ثبت شرعا كالملك عند وجود سببه وشغل الذمّة عند اتلاف او التزام الى ان يثبت رافعه رابعها استصحاب حكم الاجماع فى موضع النزاع كما يقال الخارج من غير السّبيلين لا ينقض الوضوء للاجماع على انه متطهر قبل هذا الخارج وكما يقال فى المتيمّم اذا وجد الماء فى اثناء الصّلاة لا تنقض تيممه للاجماع على صحة صلاته قبل وجوده فيستصحب الى آخر ما ذكره ومثلهما عبارة صاحب الحدائق فى الدرر النجفية الّا انه قال ورابعها اثبات حكم فى زمان لوجوده فى زمان سابق عليه وهذا هو محلّ الخلاف انتهى ولا يخفى عدم دلالة كلام صاحب الحدائق على ما ذكره المصنف وفى دلالة كلام الشهيد الثانى ايضا كلام قوله بل قال انا ناف يعنى ناف لكون الحكم فى الزمان الثانى على خلاف الحكم الثابت فى الزمان الاوّل قوله فسيأتي بيان وجوب الدليل على النافى قد ذكرنا شطرا من الكلام فى ذلك نقلا عن العلّامة عند استدلال المصنف بقولهم ان النافى يحتاج الى دليل ام لا عند تقسيم الاستصحاب الى العدمى والوجودى فراجع قوله على دوامها اى الصّلاة لما سيأتي قوله بخلاف العموم والنصّ عطف العام على الخاصّ فان قوله عليه الصّلاة والسّلام لا صيام اه الاظهر قراءته لم يثبت من البت بمعنى القطع والمراد هو النية الجازمة للصوم فى الليل على ما فى كنز اللغة على ما هو ببالى وان امكن تصحيح لم يبيت بالياءين ايضا ولكنه تكلف خصوصا بملاحظة ذكر من اللّيل قوله ولا يستحيل شمول الصيغة مع الدليل كذا فى النهاية وما فى بعض النسخ من لفظ مع الخلاف مكان مع الدليل غلط قوله فهذه دقيقة يجب التنبه لها فى النهاية بعد هذا ويرد عليه ما تقدم من عدم الانحصار فى النصّ والاجماع والقياس قوله على حالة العدم اى عدم الخروج من غير السّبيلين قوله الى دليل آخر وفى النهاية بعد ذلك لا يقال ليس مامورا بالشّروع فقط بل به والاتمام لانا نقول انه مامور بالشروع مع العدم وبالاتمام معه اما مع الوجود فهو المتنازع فيه لا يقال انه منهى عن ابطال العمل وفى استعمال الماء ابطال للعمل لانا نقول هذا دليل غير الاستصحاب مع ضعفه ثم قال لا يقال الاصل انه لا يجب شيء بالشكّ ووجوب استيناف الصّلاة مشكوك فيه فلا ندفع به اليقين لانا نقول انه معارض بان وجوب المضى فى هذه الصّلاة مشكوك فيه

٦٥٢

وبراءة الذمة بهذه الصّلاة مع وجود الماء مشكوك فيها الى آخر ما نقله فيها عنه ويفهم من ذيله ان قاعدة عدم دفع اليقين بالشكّ محكمة لو لا المعارضة فتدبر قوله حيث انه نسب القول بحجّية الاستصحاب اه يعنى مطلقا وقد ذكرنا عبارة شارح المختصر وما ذكره المصنّف هو المستفاد من قوله وقد اختلف فى صحّة الاستدلال به لافادته الظنّ وعدمها لعدم افادته ايّاه فاكثر المحققين كالمزنى والصيرفى والغزالى على صحته واكثر الحنفيّة على بطلانه اه وقد استظهر المحقق القمّى فى القوانين من العبارة المزبورة انه نسب الحجّية مطلقا الى الغزالى وذكر ان المستفاد من عبارة الغزالى عدم الحجّية مطلقا لكنه لم يجتر على مخالفة العلامة وذكر دليل الغزالى فى مقام التفصيل بين حال الاجماع وغيره بعد نسبة التفصيل اليه بين حال الاجماع وغيره صريحا فى مقام تقسيم الاستصحاب الى اقسام وقبلهما التفتازانى فى شرح الشرح قال فيه على ان نسبة القول بصحّته الى الغزالى فى مسئلة الخارج من غير السّبيلين ليس بمستقيم ولا موافق لكلام الاصل يعنى المختصر فانه جعل هذا البحث مسألتين إحداهما فى استصحاب الحال ونسب القول بصحته سواء كان لامر وجودى او عدمى عقلى او شرعى الى المزنى والصّيرفى والغزالى وغيرهم والاخرى فى استصحاب حكم الاجماع فى محلّ الخلاف كما فى مسئلة الخارج من غير السبيلين ونسب القول بنفيه الى الغزالى وجعلهما يعنى العضدى هنا مسئلة واحدة انتهى اقول ويمكن دفع التعجب والايراد عن شارح المختصر بانه قد عنون المسألة فى استصحاب الحال حيث قال فى الشرح اقول يعنى استصحاب الحال ان الحكم الفلانى قد كان ولم يظن عدمه وكلما كان كذلك فهو مظنون البقاء وقد اختلف فى صحّة الاستدلال به اه ونسب القول بحجّية استصحاب الحال الى جماعة منهم الغزالى على ما عرفت عن قريب والمراد به فى اصطلاحهم استصحاب حال غير الاجماع كما يظهر من النهاية حيث جعل عنوان الاستصحاب مسألتين إحداهما استصحاب الحال ونسب القول بحجيته الى جماعة منهم الغزالى ثم عنون استصحاب حال الاجماع ونسب القول بعدم حجّية الى الغزالى ومثله ابن الحاجب فى المختصر على ما نقله عنه فى شرح الشرح على ما عرفت الآن وعلى ما نقله عنه فى شرح الوافية على ما عرفت عن قريب ايضا فقول العضدى فاكثر المحققين كالمزنى والصّيرفى والغزالى وغيرهم على صحّته راجع الى ما عنونه وهو استصحاب الحال لا الى مطلق الاستصحاب وانما لم يذكر استصحاب حال الاجماع وانكار الغزالى له اعتمادا على المتن واما مثال الخارج من غير السبيلين فهو مبنى على مذهب غير الغزالى كالمزنى والصيرفى وغيرهم لا على مذهبه ايضا او ان المثال المذكور له جهتان جهة ثبوت الطهارة السابقة فيه من الاجماع وجهة ثبوتها فيه من النصّ والتمثيل فى مقام استصحاب الحال انما هو من

٦٥٣

الجهة الثانية والتمثيل به فى مقام استصحاب حال الاجماع انما هو من الجهة الاولى فاندفع التعجب والايراد عن شارح المختصر ويدلّ على ذلك عدم ايراد العضدى على المصنّف حيث جعل الغزالى من المنكرين لاستصحاب حال الاجماع فيفهم منه ارتضائه له قوله ولا يخفى ان المثال الثانى ممّا نسب اه قد عرفت منا توجيه المثال بحيث لا ينافى كونه من المفصّلين عن قريب قوله ثم ان السيّد الصّدر ره قال قدّس فى شرح الوافية ثم انّك اذا تاملت القولين للغزالى اعنى قوله بحجّية استصحاب الحال وعدم حجّية استصحاب حال الاجماع قضيت منه العجب لان مبنى قوله الثانى انما هو اصول المنكرين لاستصحاب الحال كقوله فانا نقول انما يستدم الحكم الّذى دل الدليل على دوامه وكقوله فان ما ثبت جاز ان يدوم وجازان لا يدوم فلا بد لدوامه من سبب ودليل سوى دليل الثبوت اللهم الا ان يجمع بين قوليه الى آخر ما نقله المصنّف ره قوله واخرى بان غرضه من دلالة الدليل اه لا يخفى ان غرض السيّد ليس تمامية التوجّهين بل ابداء احتمال كونهما او احدهما مراده كما ينادى اليه التعبير بقوله اللهم الا ان يجمع بين قوليه ففرضه امكان كون احد التوجّهين مراده فى اختياره التفصيل الّذى نسبوه اليه وان كانا فاسدين فى الواقع ثم ان مراده من التوجيه الثانى ان غرض الغزالى هو الفرق بين حال الاجماع وغيره بان الدّليل اللفظى لما كان شموله للحالة الثانية غير ممتنع لا بمعنى دلالته على ذلك حتى يخرج عن الاستصحاب ويدخل فى التمسّك بالدليل اللفظى بل بمعنى امكان ارادة الحكم فى الزّمان الثانى من الدليل فلا بدّ من فرضه مجملا فيمكن حصول الظنّ من الغلبة او غيرها على ابقاء الحكم فى الزمان الثانى بخلاف الاجماع فانه لا يمكن وجوده فى زمان الخلاف اصلا فلا يمكن حصول الظن ولو من الغلبة او غيرها فلا يمكن التمسّك بالاستصحاب فيه بخلاف الاوّل وهذا وان كان ضعيفا بما ذكره المصنّف ره من الايرادات إلّا انه يمكن كونه منظور الغزالى ومنه يصح نسبة التفصيل اليه خصوصا بعد ملاحظة ما نقله العلامة عنه اخيرا حيث يستفاد منه ان عدم العمل بقاعدة نقض اليقين بالشكّ فى حال الاجماع لمكان المعارضة مع انّها تدلّ على الحجّية اذ لا معنى للتعارض مع عدم الحجّية ولعله تخيل كون التعارض دائميا فى استصحاب حال الاجماع بخلاف غيره فحكم بعدم الحجّية فعلا فى حال الاجماع وبالحجّية ـ كذلك فى غيرها كيف والناقل بالتفصيل عنه العلامة فى النهاية على ما عرفت وذكر ان مستند القائلين بحجّية استصحاب الحال هو غلبة الظن ونسب ابن الحاجب فى مختصره التفصيل المذكور اليه ايضا كما عرفت ايضا ونقل عن الفاضل الخركوشى فى شرح قواعد الشهيد الذى عرفت عبارته فيها وان اقسام الاستصحاب اربعة ان الغزالى منكر بحجّية استصحاب القسم الرابع يعنى استصحاب حال

٦٥٤

فقط وقائل بحجّية الاستصحاب فى الاقسام الثلاثة الاخرى وكون تفصيله باطلا او كان بعض عباراته ـ مضطربة لا يدلّ على عدم ذهابه اليه فتامّل جيّدا قوله فان التمسّك بالرّوايات اه الظاهر بل المتعين وجود رواية او روايات بطريق العامة دالّة على الاستصحاب قال فى العدة فاما استصحاب الحال فصورته ما يقوله اصحاب الشافعى من ان المتيمم اذا دخل فى الصّلاة ثم راى الماء فى اثنائه اه وقد اختلف العلماء فى ذلك فذهب اكثر المتكلمين وكثير من الفقهاء من اصحاب ابى حنيفة وغيرهم الى انه ليس بدليل وهو الّذى ينصره المرتضى قدّس سره وذهب اكثر الشافعى وغيرهم وهو الّذى كان ينصره شيخنا ابو عبد الله الى انه دليل ولي فى ذلك نظر ثم ذكر دليل النافين ثم قال واستدل من نصر استصحاب الحال بما روى عن النبى ص انه قال ان الشيطان ياتى احدكم فينفح بين اليتيه فيقول احدثت احدثت فلا ينصرفن حتى يسمع صوتا او يجد ريحا فبقّاه على الحالة الاولى اه وقد ذكرنا فى اوّل هذا الجزء ايرادا على المصنف حيث قال ان الشيخ فى العدة انتصر بهذا الخبر الضعيف انه سهو منه لان الشيخ لم ينتصر به بل نقل استدلال من نصر استصحاب الحال بالخبر المذكور والظاهر بل المتعين كون المستدلّ من العامة خصوصا بملاحظة انه لم يذكر من القائلين بحجّية الاستصحاب من الخاصّة الا شيخه المفيد ولو كان الاستدلال منه لنوه باسمه الشريف ولم يحسن منه التعبير المذكور خصوصا بملاحظة كونه نبويا ضعيفا ونقل بعض افاضل المحشين فى هذا المقام روايتين اخريين فى ذلك بطرقهم ولكن ينبغى القطع بعدم نظر الغزالى الى الروايات والّا لأشار اليها فى تضاعيف كلماته ونقل عنه الناقلون قوله فى كلام الخاصة اى القدماء المعاصرين للغزالى وبعدهم الى زمان والد الشيخ البهائى على ما ذكره المصنّف سابقا مع انه لو كانت الرّوايات مستندة للغزالى وغيره من المفصلين لامكن القدح بها فى مذهبهم من جهة عدم التفصيل فيهما بين حال الاجماع وغيره قوله فضلا عن العامة يفهم منه ان الغزالى عنده من العامة وفيه كلام وفى كتاب سر العالمين فى باب (١) فى ترتيب الخلافة اختلف العلماء فى ترتيب الخلافة وتحصيلها لمن آل امرها اليه فمنهم من زعم انّها بالنصّ وساق شطرا من الكلام فى ذلك ثم قال ولكن اسفرت الحجّة وجهها واجمع الجماهير على متن الحديث عن خطبة يوم غدير خم باتفاق الجميع وهو يقول من كنت مولاه فعلىّ مولاه فقال عمر بخ بخ لك يا أبا الحسن لقد اصبحت مولاى ومولا كلّ مؤمن ومؤمنة هذا تسليم ورضى وتحكيم ثم بعد هذا غلب الهوى لحبّ الرّئاسة وحمل عمود الخلافة وعقود البنود وخفقان الهوى فى قعقعة الرّايات واشتباك ازدحام الخيول وفتح الامصار سقاهم كأس الهوى فعادوا الى الخلاف الاوّل فنبذوه وراء

__________________

(١) المقالة الرابعة

٦٥٥

ظهورهم واشتروا به ثمنا قليلا فبئس ما يشترون ولما مات رسول الله ص قال قبل وفاته ايتونى بدواة وبياض لأزيل عنكم اشكال الامر واذكر لكم من المستحق لها بعدى قال عمر دعوا الرجل فانه ليهجر وقيل يهذو فاذا بطل تعلقكم بالنصوص فعدتم الى الاجماع وهذا منقوض ايضا فان العباس واولاده وعليّا وزوجته واولاده لم يحضروا حلقة البيعة وخالفكم اصحاب السقيفة فى مبايعة الخزرجى الى ان قال وقوله يعنى أبا بكر على منبر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله اقيلونى اقيلونى لست بخيركما فقاله هزلا ام جدّا ام امتحانا فان كان هزلا فانّ الخلفاء منزّهون عن الهزل وان كان جدّا فهذا نقص للخلافة وان قاله امتحانا ونزعنا ما فى صدورهم من غلّ فاذا ثبت هذا فقد صار اجماعا منهم وشورى بينهم هذا الكلام فى الصّدر الاوّل امّا فى زمن على ع ومن نازعه فقد قطع المشرع قولكم فى الخلافة بقوله اذا بويع الخليفتان فاقتلوا الآخر منهما الى آخر ما قال وقال فى صدر كتابه بعد الخطبة وبعد قال السيّد الامام زين الدّين ابو حامد محمّد بن محمّد بن محمّد الغزالى رحمه‌الله لما رأيت همم اهل الزّمان قاصرة عن نيل المقاصد الباطنة والظاهرة وسألني جماعة من ملوك الارض ان اضع لهم كتابا معدوم المثل لنيل مقاصدهم واقتناص الممالك وما يعينهم على ذلك استخرت الله تعالى فوضعت لهم كتابا وسمّيته بكتاب سرّ العالمين وكشف ما فى الدارين الى ان قال واول من استنسخه وقرأه على بالمدرسة النظاميّة سرّا من النّاس فى النوبة الثانية بعد رجوعى من السّفر رجل من ارض المغرب يقال له محمّد بن تومرت من اهل سلمية وتوسّمت فيه منه الملك وهو كتاب عزيز الى آخر ما افاد قلت هو كما ذكره كتاب عزيز جل ان يكون لغيره وقد ذكر فى خلاله بعض كتبه المتعلّقة بانواع العلوم واشار الى كتابه الكبير احياء العلوم ومحمّد بن تومرت الذى ذكره فيه وتوسم فيه الملك والسّلطنة كان من السادات ووصل الى مدينة مراكش وشرع فى الامر بالمعروف والنهى عن المنكر ووعظ السلطان فى مجلسه قال امره الى ان غلب على السّلطان وفاز بالسلطنة العظيمة وبقيت فى تلميذه واعقابه سنين متطاولة كما نطق به التواريخ قوله ففيه ان منشأ العجب من تناقض قوليه هذا اجمال لما سيأتى من الايرادات الّتى يذكرها بقوله ففيه الى آخره فالاولى عدم ذكره بعد ما سيجيء وقد ذكر بعض افاضل المحشين ان قول المصنّف انّ منشأ العجب الى قوله واما قوله الى آخره بيان وتوجيه لتعجب السيّد الصدر من قولى الغزالى وليس ايرادا عليه اه ولا يخفى ما فيه قوله فى بعض صور حال غير الاجماع لا يخفى انه لا بد فى جميع صور الاستصحاب ان يكون الدليل بالنسبة الى الزمان الثانى ساكتا بحيث يكون وجود الدليل بوصف كونه دليلا مقطوع الانتفاء فى الحالة الثانية كما فى الاجماع ولعلّ نسختنا غلط قوله بوصف كونه دليلا مقطوع العدم اذ لا بد فى

٦٥٦

الدلالة عن النصوصية او الظهور فمع انتفائهما تنتفى الدلالة فاذا فرض كونه ساكتا بالنسبة الى الحالة الثانية كيف يكون دليلا عليها قوله ففيه مع اختصاصه بالاجماع اه فانّ الاجماع عند العامة دليل مستقلّ فى قبال الادلّة الثلاثة كاشف عن الحكم الواقعى مثلها وليس راجعا الى السنة ولذا ذكرنا فى باب الاجماع المنقول ان عد الأدلّة اربعة منها الاجماع فى كتب الخاصة انما هو لتبعية العامة حيث عدوها كذلك والّا فالاجماع عند الخاصة حجة من جهة الكشف عن قول المعصوم او فعله او تقريره فيكون راجعا الى السنة فاذا كان راجعا الى نص المعصوم ع يمكن ارادة الدوام منه من جهة المكشوف عنه بخلاف ما اذا كان فى قبالها فانه لا يمكن ارادة شمول الحكم للحالة الثانية منه وفيه اولا ان الاجماع عند الخاصة راجع الى احد الثلاثة المذكورة لا الى قول المعصوم ع فقط حتى يمكن ارادة الدوام منه وثانيا ان التّوجيه الّذى ذكره السيّد الصّدر انما هو لكلام الغزالى الّذى هو من العامة بحسب الظاهر فلا وجه لذكر مذهب الخاصة فى المقام إلّا ان يقال بثبوت كونه من علماء الشيعة عند الموجه كما ظهر مما نقلنا عن سرّ العالمين والظاهر ان تاليفه كان فى اواخر عمره فلا ينافى ما يظهر منه فى كتاب الاحياء وغيره من التعصّب الشديد واظهار اشياء منكرة منها ان عمر لمّا قتل قال ابن مسعود قد مات تسعة اعشار العلم وبقى عشر واحد منه فيما بين جميع الصحابة ومنها منعه عن سب يزيد وغير ذلك ثم ان قوله مع اختصاصه راجع الى عدم امكان كونه مرادا من الدليل لا الى امكان كونه مرادا منه لفساد المعنى على تقدير الارجاع الى هذا كما هو واضح قوله وجريان مثله فى المستصحب اه بل فى الدليل اللفظى ايضا اذا كان مهملا فانه لا يمكن ارادة الدوام منه ايضا كما فى الفعل والتقرير بخلاف ما اذا كان مجملا فانه يمكن فيه ذلك كما نبه على ذلك شيخنا فى الحاشية وغيره قوله ان هذا المقدار اه يعنى ان الفرق بين حال الاجماع وغيرها بامكان ارادة الدوام من الثانى دون الاول لا يوجب الفرق بينهما بجريان الاستصحاب فى الثانى دون الاوّل لان امكان الارادة لا يمكن ان يكون وجها للحجّية عند احد اذ القائلون بحجّية الاستصحاب اما ان يقولوا بها من باب الظن او من باب التعبّد ولم يقل احد بانه حجّة من جهة امكان الارادة لمعلوميّة عدم مدخلية فيها هذا مضافا الى ان جعل المناط هو امكان الارادة فى الحجّية وعدمه فى عدمها مناف لما جعله الغزالى مناطا لعدمها لانه جعل المناط فى عدم حجّية استصحاب حال الاجماع عدم حصول الظنّ من مجرّد الوجود السّابق بل لا بد فيه من وجود دليل او امارة ومنه يظهر انّه او قال مع ان مناط نفيه اه فيكون جوابا آخر كان اولى قوله مع ان ما سيجيء وتقدم سيجيء ان تعيين موضوع الاستصحاب قد يكون بالعرف وقد يكون بالرّجوع الى الادلة الشرعيّة لا انه لا بد ان يرجع الى

٦٥٧

العرف دائما فى تعيينه نعم سيجيء ان العرف اذا كان على خلاف الرّجوع الى الادلة الشرعية يؤخذ به لا بها فح يستقيم كلامه فى الجملة فتدبّر قوله ننظر فى دليل ذلك الحكم يفهم من هذا الكلام ومن المثال وساير كلماته ان مقصود المحقق التفصيل بين الشكّ فى المقتضى والشكّ فى الرّافع فى الشبهات الحكمية ولا نظر فى كلامه الى الشبهات الموضوعيّة لكن يفهم من كلماته فى الشرائع فى المواضع المتعدّدة القول بالاستصحاب فى الشبهات الموضوعيّة ايضا قوله فان كان يقتضيه مطلقا يعنى كان اقتضائه مطلقا بحيث لا يرتفع فعليته الا بمرافع وليس المراد ما قد يتوهم من انه تمسك بالاطلاق اللفظى وانه خارج عن الاستصحاب المصطلح فالاطلاق هنا غير الاطلاق الذى ينافى الاستصحاب قوله ولم يثبت انه باق بل عدم بقاء نفس العقد مقطوع به قوله لم يكن ذلك عملا بغير دليل فان الدليل هو المقتضى الذى يكون اثره واقتضائه مستمرا الى الرافع فمع عدم العلم به كما هو المفروض يحكم ببقاء اثره بناء على ما رامه قدّس سره من كفاية ذلك فليس فى كلامه التمسّك بالعموم والاطلاق كما توهم قوله إلّا ان يثبت التعبّد من الشارع يعنى لا من العقلاء فانه غير معقول قوله من ان النقض دفع الامر الثابت اه يعنى ان المراد من النقض فى الرّوايات بعد تعذر ارادة المعنى الحقيقى هو رفع الامر الثابت من جهة تعين ارادة اقرب المجازات بعد تعذر معنى الحقيقى وانما اجمل الكلام اعتمادا على ما سلف منه قوله الاحكام الثابتة للمتيقن يعنى فيما اذا كان المستصحب من الموضوعات الخارجية اذ لو كان المستصحب نفس الحكم بكون معنى الاستصحاب جعل نفسه فى الزمان الثانى فى مرحلة الظاهر وانما اجمله اعتمادا على ما سلف ايضا قوله ولكن لا بد من التامّل اه قد ذكرنا فى مقام التفصيل بين العدمى والوجودى انه يظهر منه فى غير موضع الجزم بكون الشكّ فى الاعدام دائما من قبيل الشكّ فى الرافع ويظهر منه فى هذا المقام التامّل فى كون الشكّ فى الاعدام من قبيل الشكّ فى الرافع فتكون كلماته مضطربة فى هذا الباب قوله فتامّل لعلّ وجه التامّل ان عدم وجود علة الوجود ليس مقتضيا للعدم ووجودها وافعاله والا لصحّ العكس فيكون الشكّ فى الوجودات دائما من قبيل الشكّ فى الرافع ويمكن ان يكون وجهه ان الكلام ليس فى العدم المطلق بل فى العدم المضاف الّذى له حظ من الوجود فيكون حكمه حكم الوجود من حيث انّه قد يكون الشكّ فيه شكا فى المقتضى وقد يكون الشك فيه شكا فى الرافع ويدلّ عليه انّ الوجود مستلزم للعدم غالبا بل دائما فلو كان الشكّ فى العدم شكا في الرافع دائما لجرى الاستصحاب فيه دائما وتنتفى ثمرة التفصيل بين الشكّ فى المقتضى والشكّ فى الرّافع على ما اختاره المصنّف وغيره وذكر شيخنا قدس‌سره فى وجه التامّل عدم تصور المقتضى والرافع فى الاعدام والعلّة فيها من باب التوسع عدم وجود علّة

٦٥٨

الوجود قلت انما هو يتم فى الاعدام المطلقة لا المضافة فالوجه التفصيل فيها كما فى الوجودات قوله ثم ان نسبة القول المذكور يعنى التفصيل بين الشكّ فى الرافع مطلقا سواء كان الشكّ فى وجود الرافع او فى رافعية الموجود باقسامها وبين الشكّ فى المقتضى بالحجّية فى الاوّل دون الثانى قوله هو المقتضى لا العموم والاطلاق الخارجين عن حريم الاستصحاب قوله وعلى ان يكون حكم الشكّ فى وجود الرافع ولا بد من ذكر مطلب آخر فى تتميم المطلب بان يقال وعلى ان حكم الشك فى رافعية الموجود من جهة الشبهة فى الموضوع حكم الشكّ فى رافعية من جهة الشبهة الحكمية لان المثال الذى ذكره كان مختصا برافعية الموجود من جهة الشبهة الحكمية قوله امّا الدلالة دليله على ذلك لان مناط كلامه انه مع العلم بوجود المقتضى والشكّ فى المانع يحكم بوجود المقتضى بالفتح وانه لا يعتنى باحتماله اما لبناء العقلاء لرجحانه او لغيره من الوجوه الّتى احتملها فى مقام نقل كلام المعارج دليلا للقول بحجّية الاستصحاب مطلقا ويزيد ذلك وضوحا ملاحظة الوجوه الأخر الّتي ذكرها فى المعارج الراجعة الى افادة الاستصحاب للظنّ مطلقا الدالّة بضميمة مسلميّة الكبرى وهى حجّية الظنّ الاستصحابى مطلقا او مطلق الظن على المطلوب غاية الامر تسلم رجوعه عمّا ذكره من الاطلاق الى التقييد فى الجملة وهو تسليم كونه مفيدا للظنّ او حجّية بالنسبة الى الشكّ فى الرّافع فقط واما تضييق دائرة هذا التقييد بانحصاره فى الشكّ فى رافعية الموجود خصوصا فى الشبهة الحكميّة منه دون الموضوعيّة مطلقا على ما يوهمه المثال فممّا لا مقتضى له قوله واما لعدم القول بالاثبات اه يعنى لم يقل احد بحجية الاستصحاب فى الشك فى رافعية الموجود فى الشبهة الحكمية منه او مطلقا وعدم حجية فى الشكّ فى وجود الرافع الّذى هو من الشبهة الموضوعيّة قوله من قبيل العام المخصّص يعنى ان المقتضى والمانع شبيه بالعام والمخصص بحيث يجرى عليهما حكمها إلّا ان يكون من افرادهما لخروجهما على التقدير المزبور عن الاصل العملى ويكون الاصل الجارى فيهما اصلا لفظيّا وهو خلاف التحقيق الذى ذكره لان مبناه على الفرق بين الشكّ فى رافعية الموجود وبين الشكّ فى وجود الرافع فى باب الاستصحاب وهذا واضح قوله ان العموم لا يرفع اليد عنه اه اذا كان الشكّ فى مخصّصية الموجود مع الانفصال وامّا مع الاتّصال كما فى الاستثناء الواقع عقيب حمل متعددة فيحكم بالاجمال بناء على مذهب المصنف من حجّية الظواهر من باب الظّهور العرفى لا الظن النوعى المطلق ولا المقيد ولا غير ذلك كما اوضحناه فى باب حجية الظواهر قوله بل فى وجود ما خصص به العام يقينا فتكون الشبهة موضوعيّة يكون منشأ الاشتباه فيها الامور الخارجية لا اجمال النصّ او فقده او تعارض النّصين ومن المعلوم انه لا يتمسّك بالعموم الا فيما اذا كان الشكّ فى المراد والشكّ فى الشبهات الموضوعيّة ليس

٦٥٩

كذلك وما ذكره بعض الافاضل فى هذا المقام من انه لا يتمسّك بالعموم فيما اذا رجع الامر الى التنويع كما اذا قال اكرم العلماء ثم قال لا تكرم الفسّاق وشكّ فى عالم انه فاسق ام لا لانّه ليس ادخاله فى احد العنوانين اولى من ادخاله تحت آخر واما اذا لم يكن كذلك كما اذا قال اكرم العلماء ثم قال لا تكرم زيدا واشتبه عالم فى كونه زيدا او عمروا فانه لا باس بالتمسّك بالعموم فيه فهو ليس مما ينبغى بعد ما عرفت نعم قد يكون له وجه صحّة فيما اذا كان المخصّص منفصلا لبيّا كما اذا قال اكرم جيرانى وقطع بانه لا يريد اكرام عدوه فتمسّك به بالنسبة الى من شكّ فى عداوته لبناء العقلاء على ذمّ من توقف فى اكرام من يحتمل فى حقه ذلك ولعل مبنى كلام الفاضل المزبور ليس عليه قوله فيحتاج اثبات عدمه المتمم للتمسّك بالعام اه يعنى اذا قال اكرم العلماء ولا تكرم الفساق وشك فى عالم انه فاسق بعد العلم بما يوجب الضيق وكون الشبهة موضوعيّة لا يمكن التمسك بالعام لاثبات وجوب الاكرام فى الشخص المخصوص المذكور فلا بدّ فى ترتيب وجوب الاكرام التمسّك بذيل الاستصحاب المثبت للحكم المستفاد من العام فى مرحلة الظاهر فاذا لم يكن العام المشكوك فسقه فاسقا فى السّابق وشكّ فى بقاء عدم فسقه او عدالته فيحكم بوجوب اكرامه فى مرحلة الظاهر من جهة استصحاب عدم فسقه او عدالته ومن المعلوم عدم امكان ذلك لعدم امكان اثبات حجّية الاستصحاب ولا عدمها بالاستصحاب بل لا بد لها من دليل آخر غيره فقد ظهر ان الاستصحاب لا يكون متمّما للتمسّك بالعام ومصحّحا له فى الحقيقة لان العام دليل اجتهادى لا يمكن اثباته بالاصل العملى الّذى ليس فى عرضه بل فى طوله فالمقصود اثبات مثل الحكم المزبور فى مرحلة الظاهر لا عينه لعدم امكانه كما قررنا قوله يكفى لاثبات حكمه فى مورد الشكّ ولا يحتاج الى الاستصحاب المستلزم للمحذور الذى ذكرنا قوله واما اصالة عدم التخصيص اه دفع لتوهم الاحتياج الى الاستصحاب فى الشك فى اصل التخصيص ايضا من جهة ان الشكّ فى ارادة العموم مسبب عن الشكّ فى وجود المخصّص فلا بدّ من اجراء اصالة عدم التخصيص حتى يحكم بارادة العموم وجه دفعه ان اصالة عدم التخصيص ليست داخلة فى الاستصحاب الّذى هو من الاصول العملية بل هى من الاصول اللفظية التى مبناها على الظهور النوعى لا التعبّد ومدلولها حكم اجتهادى لا فقاهى قوله ولكن يمكن ان يقال ان مبنى كلام اه مقصوده من الكلام المزبور ابطال الفرق فى المقتضى والمانع الّذين ذكرهما المحقّق بين الشكّ فى وجود المانع وبين الشكّ فى مانعية الموجود وتسليم الفرق بين الشكّ فى وجود المخصّص وبين الشكّ فى مخصصية الموجود فى العام والخاصّ بان مبنى كلام المحقق على انه اذا وجد المقتضى لا يعتنى باحتمال المانع بل يحكم بوجود المقتضى بالفتح من جهة بناء العقلاء او غيره بزعم وجود هذا المبنى فى كلتا صورتى

٦٦٠