إيضاح الفرائد - ج ٢

السيّد محمّد التنكابني

إيضاح الفرائد - ج ٢

المؤلف:

السيّد محمّد التنكابني


الموضوع : أصول الفقه
المطبعة: المطبعة الإسلاميّة
الطبعة: ٠
الصفحات: ١٠٦٩
الجزء ١ الجزء ٢

طريق ابراهيم بن هاشم وقد صرّح بهذا فى باب شكوك الصّلاة قال رواه الشيخ والشيخ والكلينى بطريقين احدهما حسن بابراهيم بن هاشم والآخر صحيح على المشهور وان كان فيه كلام عن زرارة عن احدهما ع قال قدّس سره فيه ان الخبر يحتمل وجهين الاوّل وهو الاظهر انه يبنى على الاقل ولا يسلّم لعدم ذكره وذكر التكبير ويقوم ويضيف اليها ركعتين ويتم فالمراد بقوله ولا ينقض اليقين بالشكّ اى لا يبطل المستيقن من صلاته بسبب الشكّ الّذى عرض له فى البقية ولا يدخل الشكّ فى اليقين اى لا يدخل الركعتين المشكوك فيهما فى الصّلاة بان يضمها مع الركعتين المتيقنتين ويبنى على الاكثر ولكنّه ينقض الشكّ باليقين امى يسقط الركعتين المشكوك فيهما باليقين وهو البناء على الاقل المتيقن الثانى ان يحمل على المشهور بان يكون المراد بقوله يركع ركعتين انه يفتتحهما بتكبيرة وعدم ذكر التسليم لظهوره او لعدم وجوبه وكذا قوله فاضاف اليها اخرى محمول على ذلك وقوله ولا يدخل الشكّ فى اليقين اى لا يدخل الرّكعتين فى المتيقن بل يوقعهما بعد التسليم والمراد ينقض الشكّ باليقين ايقاعهما بعد التسليم اذ ح يتيقن ايقاع الصّلاة خالية عن الخلل لانّه مع البناء على الاقل يحتمل زيادة الركعات فى الصّلاة ثم قال ولا يخفى ظهور الاوّل وبعد الاخير لكن لا باس بارتكابه فى مقام الجمع والاظهر حمله على التقيّة كما عرفت ومع ذلك يمكن ان يكون المراد به ما ذكر فى الوجه الثانى تورية للتقيّة انتهى قوله بقرينة تعيين الفاتحة وبقرينة ان ذكر وهو قائم بل وقوله يركع بركعتين واربع سجدات يكون من قبيل توضيح الواضحات على تقدير ارادة الركعتين المتصلتين على ما اشار اليه فى مفتاح الكرامة ويؤيّد حمل الخبر على ما ذكر ما فى الخبر الآخر الوارد فى المورد المذكور عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال اذا لم تدر اثنين صلّيت ام اربعا ولم يذهب وهمك فتشهد وسلّم ثم صلّ ركعتين اه فتدبر ويؤيد ايضا حمل الرواية على المشهور ما فى الفقه الرّضوى فان لم تدر أثلاثا صلّيت ام رابعا ولم يذهب وهمك الى شيء فسلّم ثم صل ركعتين واربع سجدات وانت جالس فتامل ويؤيده ايضا بانّ فى الشكّ بين الاثنتين والثلث والاربع وقعت مثل تلك العبارة مع ان المراد منها بعد السّلام بلا ارتياب فلتكن هذه الرّواية ايضا

٥٤١

كذلك لأنّ اخبارهم عليهم السّلم يفسر بعضها بعضا ففى مرسل ابن ابى عمير عن الصّادق ع فى رجل صلّى فلم يدر اثنتين صلى ام ثلاثا ام اربعا قال يقوم فيصلّى ركعتين من قيام ثمّ يسلّم ثم يصلّى ركعتين من جلوس ويسلم اذ لا يمكن حمله على التقيّة لقوله ع ثم يصلى ركعتين من جلوس ويسلم لعدم مطابقته لمذهب العامّة قوله يراد به البناء على ما هو المتيقن من العدد اه بل فى بعض الأخبار اشارة الى البناء على اليقين مع فعل صلاة الاحتياط بعد السّلام ففى الوسائل عن قرب الأسناد عن العلاء قال قلت لابى عبد الله عليه‌السلام رجل صلّى ركعتين وشك فى الثالثة قال يبنى على اليقين فاذا فرغ تشهد وقام وصلّى ركعة بفاتحة القرآن ففيه تاييد لما ذكره المصنّف ره من معنى البناء على اليقين فتدبّر قوله وقد تصدّى جماعة تبعا للسيّد المرتضى ره لكنهم قالوا ان المراد بالبناء على اليقين البناء على تحصيل اليقين بفعل صلاة الاحتياط بعد اتمام الصّلاة وهذا المعنى مخالف لما ذكره المصنّف ره من معنى البناء على اليقين فانه جعل اليقين بمعنى المتيقن والبناء عليه البناء على ما هو المتيقن من العدد والتّسليم مع جبره بصلاة الاحتياط ولعلّ ما ذكروه اولى وان كان مال المعنيين واحدا لكن سيأتى فى كلام المصنّف ما يكون صريحا فى موافقته لما ذكره السيّد قدس‌سره ثم انه قال السيّد المرتضى ره فى الانتصار ومما انفرد به الاماميّة البناء على الاكثر والحجة فيما ذهبنا اليه اجماع الطائفة ولانّ الاحتياط ايضا فيه لأنّه اذا بنى على النقصان لم يأمن ان يكون قد صلى على الحقيقة ازيد فيكون ما ياتى به زيادة فى صلاته فاذا قيل فاذا بنى على الاكثر كما تقولون لا يأمن ان يكون انما فعل الاقلّ فلا ينفع ما فعله من الجبران لانّه منفصل من الصّلاة وبعد التسليم قلنا ما ذهبنا اليه احوط على كلّ حال لانّ الإشفاق من الزّيادة فى الصّلاة لا يجرى مجرى الاشفاق من تقديم السّلام فى غير موضعه لان العلم بالزّيادة فى الصّلاة مبطل لها على كل حال انتهى وقال فى الجواهر ان اليقين بصحّة الصّلاة يحصل بالبناء على الاكثر بل لا يحصل بالبناء على الاقل لما فيه من احتمال زيادة الركعة المبطلة للصّلاة عمدا وسهوا بخلاف الاوّل اذ ليس فيه سوى كون التسليم فى غير محلّه الّذى هو غير قادح لجريانه مجرى السّهو الى ان قال فظهر حينئذ ارادة البناء على النقصان بعد التسليم من اليقين بمعنى معاملتها معاملة الناقصة تحصيلا

٥٤٢

لليقين بل لعلّ هذا هو وجه ما فى بعض الأخبار من البناء على النقصان بعد التسليم من الى آخر ما افاد قوله ثم ارتكاب الحمل على التقية فى مورد الرّواية اه يعنى ان فى حمل الصحيحة على البناء على الاقل المطابق للاستصحاب مخالفتين للظاهر الاوّل ارتكاب التقية فى اجراء القاعدة فى المورد لأنّ المورد من موارد البناء على الاكثر فى الواقع فجعله من موارد الاستصحاب على خلاف الواقع والثانى كون قاعدة الاستصحاب مرادة للامام عليه السّلم فى الواقع وانه حجّة عنده فيكون ذكر القاعدة لاجل كونها مرادة له فى الواقع وان لم تكن مرادة فى الواقع له عليه‌السلام فى المورد والتقيّة مخالفة للاصل كليّة خصوصا مثل هذه التقية على الكيفيّة المخصوصة ثم انّ التقيّة تتصوّر على وجهين الاوّل عدم ارادة الظاهر اصلا بل لا يراد من الكلام الّا الواقع تورية والثانى ارادة الظاهر للخوف والاوّل اخراج للمورد عن القاعدة المذكورة فيتعيّن الثّانى ولذا قال المصنّف قدس‌سره على ما حكى فى مجلس البحث بعد ان اورد على الوجه الاوّل لزوم التفكيك بين المورد والقاعدة المستشهد بها له من حيث القصد بان يقال اجراء القاعدة فى المقام والحكم من جهتها بالبناء على الاقل انّما هو من باب التقية مع كون اصل القاعدة وهى البناء على اليقين السّابق فى غير المورد من الاحكام الواقعية على ما اشار اليه فى المتن ايضا ان التفكيك المذكور وان كان ممكنا حيث انه لا يكون من اخراج المورد القبيح المستهجن من جهة ان المورد مقصود ايضا وان كان من باب التقية الّا انه خلاف الظاهر سيّما ان التقية ودفع الخوف لا يناسبهما التمسّك بالقاعدة وبيانها فى مظانها لتأتّى المقصود باصل بيان الحكم على غير وجهه الى آخر ما افاد لكن هذا الّذى ذكرناه فى مقام بيان مرامه وما ذكره فى مجلس البحث مناف لما سيأتي منه قدس‌سره فى باب التعادل والترجيح فى مقام ذكر امور متعلقة بالمقام ان الخبر الصّادر تقية يحتمل ان يراد به ظاهره فيكون من الكذب المجوّز لمصلحة ويحتمل ان يراد منه تاويل مختف على المخاطب فيكون من قبيل التورية وهذا اليق بالامام عليه‌السلام بل هو اللّائق اذا قلنا بحرمة الكذب مع التمكّن من التورية انتهى بل سيأتى منافى ذلك المقام انا اذا قلنا بجواز الكذب مع التمكّن

٥٤٣

من التورية لغير الإمام عليه‌السلام من جهة اقتضاء المصلحة ذلك لا نقول بجواره للامام عليه‌السلام فانتظر قوله وامّا احتمال كون المراد من عدم نقض اليقين بالشكّ اه وهذا الاحتمال قد ذكره فى الفصول قال قدس‌سره فى مقام دفع ما اورد واعلى الرّوايات المتمسّك بها لاعتبار الاستصحاب بضعف السّند فى بعض وقصور الدلالة فى بعض ما هذا لفظه واما ما ذكروه فى الرّواية الثانية فيمكن دفعه بان قوله عليه السّلم ولا ينقض اليقين بالشكّ مسوق لبيان انه لا ينقض يقينه بعدم فعل الرابعة سابقا بالشكّ فى فعلها لاحقا بان لا يعول على الشكّ فينبغى على وقوعها ويؤيّده قوله ع ولا يدخل الشكّ فى اليقين ولا يختلط احدهما بالآخر بناء على انه مسوق لبيان انه لا يدخل الركعة المشكوك فيها فى اليقين اعنى الصّلاة المعلوم اشتغال الذمّة بها أو لا يضمها الى الرّكعات الثلث اليقينية فتكون الظرفية على التوسّع ولا يختلط الشكّ اعنى تلك الركعة المشكوك فيها فى اليقين اعنى الصّلاة او الرّكعات الثلث اليقينية بان يبنى على وقوع الاربع بل ينقض الشكّ فى لحوق فعل الرابعة بيقين عدمها السّابق فينفى فعلها بالاصل فيبنى عليه وياتى بها على الوجه المقرر تحصيلا للبراءة اليقينية ويتم عليه ولا يعتد بالشكّ فى حال من الحالات بل يبنى على بقاء ما يتقن ثبوته انتهى كلامه رفع مقامه توضيحه انه لا تنافى بين البناء على الاقل والبناء على الاكثر فيكون ثمرة الاوّل البناء على عدم وقوع المشكوك وفعل ما يحتمل نقصه وثمرة الثّانى البناء عليه فى الصّلاة والتشهد والتسليم عليه وفعل ما يحتمل نقصه بعد الصّلاة وفيه ما ذكره شيخنا المبرور قدّس سره ان مفاد الاستصحاب البناء على الاقل فى اثناء الصّلاة وهو ينافى البناء على الاكثر فى اثنائها فكيف يمكن الجمع بينهما هذا ان اراد صاحب الفصول ما ذكر وان اراد ان الاستصحاب لا يستلزم البناء على الاقل وان تحصيل اليقين بفعل صلاة الاحتياط لا يستلزم البناء على الاكثر ففيه ان الثانى مخالف لصريح اخبار البناء على الاكثر والاوّل تفكيك بين اللّازم والملزوم قوله ففيه من المخالفة ـ لظواهر الفقرات اه يعنى ان ما ذكره صاحب الفصول مبنى على جعل اليقين بمعنى المتيقن والشكّ بمعنى المشكوك وهو خلاف الظاهر فالتوجيه المذكور يكون مخالفا لظواهر

٥٤٤

الفقرات الست ان كان قوله ع فيبنى عليه متفرعا على ما قبله من دون ان يحتسب فقرة على حدة ولظواهر الفقرات السّبع على تقدير كونه فقرة على حدة وهذا المعنى قد نقل عن المصنف قدّس سره او المعنى انّه بدون قوله ع ولا ينقض اليقين بالشكّ كما هو ظاهر كلام المحتمل تكون الفقرات ستا ومعه تكون سبعا وهذا ممّا ذكره الاستاد المحقق قدس‌سره وجعله وجها آخر وفيهما معا نظر لان التصرّف فى الفقرتين اعنى قوله ع ولا يدخل الشكّ فى اليقين ولا يخلط احدهما بالآخر بنحو مما ذكره صاحب الفصول ره مما لا بدّ منه وحملهما على المعنى الظاهر ان امكن يحتاج الى تكلّف شديد وقد سمعت عن العلامة المجلسى انه جعل اليقين فى الشكّ فيهما بمعنى المتيقن والمشكوك على كلا المعنيين المعنى الاوّل المبنى على الاستصحاب والمعنى الثانى المبنى على وجوب تحصيل اليقين بفعل صلاة الاحتياط بعد الصلاة فراجع مع ان ظاهر كلام صاحب الفصول جعل اليقين والشكّ في قوله ع ولا ينقض اليقين بالشكّ وقوله ع بل ينقض الشك باليقين وقوله ع ولا يعتد بالشكّ فى حال من الحالات بمعناهما فراجع ايضا فاين مخالفته لظواهر الفقرات السّبع او السّت قوله ولا اقل من مساواته لما ذكره هذا القائل يعنى ان حمل الحديث على تحصيل اليقين بعدد الركعات على الوجه الاحوط بفعل صلاة الاحتياط بعد الصّلاة على تقدير عدم كونه اولى فلا اقل من مساواته لما ذكره صاحب الفصول ره من حمل قوله ع ولا ينقض اليقين اه على الاستصحاب وحمل جملة من فقرات الرواية على تحصيل اليقين بفعل صلاة الاحتياط بعد الصّلاة فتكون الرّواية مجملة لا يصحّ الاستدلال بها قوله واضعف من هذا دعوى ان حملها اه يعنى ان دعوى دلالة قوله ع لا تنقض اليقين بالشكّ على قاعدتين الاستصحاب وقاعدة البناء على الاكثر فيعمل بقاعدة البناء على الاكثر فى مورد الرّواية وبقاعدة الاستصحاب فى غير مورد الرّواية ولا يكون فى ذلك اخراج للمورد اذ يكفى فى عدم الاخراج شمول احدى القاعدتين له اضعف ممّا ذكره صاحب الفصول ره وجه الاضعفيّة انّه ليس فى دعوى صاحب الفصول استعمال اللفظ فى اكثر من معنى مع عدم الجامع الذى الّذى هو من المستحيل مع انه ليس فيها اخراج المورد من شيء من القاعدتين بخلاف

٥٤٥

ما ذكره المدّعى المزبور قوله وسيظهر اندفاعها مما سيجيء سيجيء فى مقام التكلّم فى بعض الأخبار عدم امكان ارادة القاعدتين من مثل قوله لا تنقض اليقين فلا يستفاد منه قاعدة الاستصحاب وقاعدة الشكّ السّارى ولا استصحاب الطّهارة وقاعدتها والمناط فى ذلك عدم جواز استعمال اللفظ فى اكثر من معنى وهذا المناط موجود فى المقام والّا فلا تعرض فيما سيأتى من كلامه لبيان عدم الجمع بين هاتين القاعدتين ولعلّنا نتكلم بعض الكلام فى ذلك من ذى قبل إن شاء الله الله قوله امّا الحمل على التقية يعنى حمل الموثقة على الاستصحاب وحمل اجراء الاستصحاب فى المورد على التقية قوله نعم يمكن ان يقال يعنى يمكن ان يقال انّه لا نظر فى الموثقة الى شكوك الصّلاة بمعنى انّه لا يكون موردها ذلك فلا مضايقة فى دلالتها على حجية الاستصحاب مطلقا وخروج باب شكوك الصّلاة عنها من جهة الادلة الخاصّة الواردة فيها ومن المعلوم ان العام المخصّص حجة فى الباقى قوله ولكن يرد عليه عدم الدلالة اه يعنى انّ الغالب تقدم اليقين على الشكّ وسبقه عليه بالزمان فى الاستصحاب واللازم سبق المتيقن على المشكوك فيه ولا دلالة فى الموثقة على الاثر الغالب ولا على الاثر الدّائم فمن اين تدل الموثقة على حجّية الاستصحاب حتى يلتزم بخروج ما خرج وبقاء الباقى قوله فهو اضعف دلالة من الرواية اه يعنى ان الرواية الآتية تدل على العلامة الغالبية وهى سبق اليقين وان لم تدل على العلامة الدائميّة وهى سبق المتيقن على المشكوك وهذه الرواية لا تدل على واحدة منهما فهذه الرّواية تكون اضعف دلالة من الرواية الآتية من الجهة المذكورة قوله لاحتمالها الارادة اه يعنى لأحتمال الموثقة ارادة تحصيل اليقين بالبراءة وهو مفاد الاحتياط واما الرّواية الآتية فلا يحتمل ارادة الاحتياط كما سيصرّح به نعم تحتمل ارادة قاعدة الشكّ السّارى قوله ومنها ما عن الخصال بسنده اه الظاهر ان فى المقام ثلاثة احاديث ففى البحار عن الخصال عن ابيه عن سعد بن عبد الله عن محمّد بن عيسى اليقطينى عن قاسم بن يحيى عن جدّه حسن بن راشد عن ابى بصير ومحمّد بن مسلم عن أبي عبد الله ع قال قال امير المؤمنين ع من كان

٥٤٦

على يقين فشكّ فليمض على يقينه فان الشكّ لا ينقض اليقين وفى شرح الوافية للسيّد الصّدر بعد نقل الحديث المذكور عن البحار كما نقلنا قال ومنها ما رواه الشيخ الصّدوق فى اواخر الخصال فى اثناء حديث طويل عن أبي جعفر ع قال ع حدثنا ان امير المؤمنين عليه‌السلام علّم اصحابه فى مجلس واحد أربعمائة باب ممّا يصلح للمسلم فى دينه ودنياه قال ع من كان على يقين فشك فليمض على يقينه فان الشك لا ينقض اليقين ومنها ما نقل عن البحار ايضا قال امير المؤمنين ع من كان على يقين فاصابه شك فليمض على يقينه فان اليقين لا يدفع بالشكّ انتهى وفى مفاتيح الاصول خامسها ما اشار اليه فى الرسالة الاستصحابيّة يعنى الوحيد البهبهانى ره فقال روى الصّدوق فى الخصال بسنده عن الباقر ع ان امير المؤمنين ع علّم اصحابه فى مجلس واحد أربعمائة باب قال من كان على يقين فشك فليمض على يقينه فان اليقين لا يدفع بالشكّ ورواه خالى العلامة المجلسى فى البحار فى باب من شك فى شيء من افعال الوضوء عن الخصال مسندا عن الصّادق ع عن امير المؤمنين هكذا من كان على يقين فشك فليمض على يقينه فان الشكّ لا ينقض اليقين وذكر انّه راى رسالة قديمة مفردة فيها هذا الخبر بطريقين صحيحين فى احدهما البرقى مكان محمّد بن عيسى وفى الآخر مشاركا له عن القسم بن يحيى عن جده عن ابى بصير ومحمّد بن مسلم عن أبي جعفر ع وأبي عبد الله ع باختلافات يسيرة وفيها هكذا من كان على يقين فاصابه شكّ فليمض اه ورواه فيه عن تحف العقول ايضا مرسلا ثم قال اصل هذا الخبر فى غاية الوثاقة والاعتبار على طريقة القدماء وان لم يكن صحيحا بزعم المتاخرين واعتمد عليه الكلينى وذكر اكثر اجزائه متفرقة فى ابواب الكافى وكذا غيره من اكابر المحدثين انتهى كلامه اعلى الله مقامه قلت وان لم يكن مثل هذا الخبر صحيحا باصطلاحهم الّا انه معتبر عندهم وحجيته لاعتضاده بالقرائن المفيدة للظن منها ما ذكر هنا ومنها ما اشرنا اليه ومنها ما سنشير اليه بل والمتاخرون ربما يكتفون بادنى منه بمراتب كما لا يخفى انتهى وفى القوانين بعد نقل الخبر الاوّل عن الخصال وفى اواخر الخصال فى حديث الأربعمائة عن امير المؤمنين من كان على يقين فشكّ فليمض على يقينه فان الشكّ لا ينقض اليقين قال

٥٤٧

وعن البحار عن امير المؤمنين ايضا من كان على يقين فاصابه الشكّ فليمض على يقينه فان اليقين لا يدفع بالشكّ ثم قال اصل هذا الخبر فى غاية الوثاقة الى قوله من اكابر المحدّثين على ما عرفت قال فى القوانين ولا يخفى انّ ما ذكره مع اعتضادها بغيرها من الأخبار الصّحيحة ودليل العقل يجعلها اقوى من الصّحيح باصطلاح المتأخّرين انتهى ولكن ما نقله الوحيد فى الرسالة ونقله فى القوانين عنه فى البحار لم اره فى باب من شكّ او نسي فى شيء من افعال الوضوء فلعلّه راه فى موضع آخر من البحار هذا ولم يذكر المصنّف الرّواية الثانية من حديث الأربعمائة الّذى رواه الصّدوق فى محكى الخصال عن الباقر ع عن امير المؤمنين الّذى قال فى حقّه العلامة المجلسى ما قال على ما عرفت قوله بسنده عن محمّد بن مسلم اه قد رويت الرّواية المزبورة عن ابى بصير ومحمّد بن مسلم عن أبي عبد الله ع كما فى شرح الوافية والقوانين والوسائل والبحار قوله وفى رواية اخرى عنه يعنى عن امير المؤمنين ع لا عن أبي عبد الله ع كما علمت من الرّسالة الاستصحابية ومن شرح الوافية للسيّد الصّدر قدس سرّهما ومن القوانين قوله ثم يشك يوم السّبت اه وهذا هو المسمّى بالشكّ السّارى قوله واما فى زمان متعلّقهما وان اتّحد زمانهما بان يكون زمان متعلّق اليقين كالعدالة فى السابق وزمان متعلق الشكّ وهو العدالة ايضا فى البقاء فى اللّاحق ومع اتّحاد زمان المتعلق قد يكون زمان اليقين والشكّ متحدا عرفا وقد يكون مختلفا بان يكون اليقين فى السّابق ثم حصل الشكّ فى اللّاحق وقد مثل للاول فى العبارة ومثال الثانى ايضا واضح قوله وليس منوطا اه اذ قد يكون زمانهما متّحدا عرفا كما عرفت من المثال قوله فضلا عن تاخر الاوّل عن الثانى اذ قد يكون الشك مقدما بحسب الزمان واليقين مؤخّرا اذ يمكن ان يشك فى زمان بعدالة زيد يوم الجمعة ثم حصل اليقين له بعدالته فى يوم الخميس فيرجع الامر بالأخرة الى الشكّ فى البقاء فهذا الشكّ الّذى يرجع الامر بالأخرة اليه لا بد ان يكون مع اليقين ايضا وان حصل ابتداء قبله قوله وحيث ان صريح الرواية ادعاء الصراحة انما هو من جهة كلمة الفاء الّتى هى للترتيب بالاتصال وفى دلالتها على اختلاف زمان الوصفين عرفا محلّ تامّل لو لم

٥٤٨

نقل بدلالتها على الاتحاد كذلك ثم على تقدير دلالتها على الاختلاف فغاية الامر الظهور لا الصّراحة فلعلّه قدس‌سره اراد بها ذلك وفى نسخة الوسائل الّتى عندى من كان على يقين ثم شكّ وهو يدلّ على الاختلاف ولا يصحح الصّراحة لكن تكون الرّواية اظهر دلالة ثم لا ادرى ما الدّاعى للمصنّف ره الى جعل الحديث منحصرا فى واحد من القاعدة والاستصحاب ولعله تخيل استلزامه لاستعمال اللّفظ فى معنيين وهو ليس بلازم بل استعمال له فى القدر الجامع اذ القول بكون الحكم بعدم جواز النقص فى كليهما من جهة الاستناد الى اليقين السّابق ممّا لا ضير فيه بل الواقع كذلك بخلاف قاعدة الطّهارة واستصحابها فانه ليس فى القاعدة الاستناد الى الطّهارة السّابقة فيكون معنى الرّواية من كان على يقين فشكّ فليبر على يقينه السّابق وليمض عليه وليرتب الآثار عليه سواء كان فى الماضى فقط كما فى القاعدة او فى الماضى والحال والاستقبال كما فى الاستصحاب او ان معناه ترتيب الآثار عليه مطلقا غاية الامر تخصيص هذا الاطلاق بالنّسبة الى القاعدة بالاجماع وغيره كما يلزم التخصيص بالنّسبة الى الاستصحاب ايضا من جهة اختصاصه بالشكّ فى الرافع من جهة ظهور لفظ النقض او غيره فان العلّة كما تكون معممة تكون مخصّصه ايضا مثل لا تاكل الرمان لانه حامض غاية الامر ان الرواية تثبت حجية الاستصحاب فى بعض موارده وهو ما لو كان اليقين سابقا والشكّ لاحقا وهذا هو المورد الغالبى ولا ضير فيه ايضا بعدم القول بالفرق وان ابيت الّا عن عدم ظهور الرواية الا فى واحد منهما فلا ريب فى ظهورها فى الاستصحاب من جهة ظهور قوله فليمض على يقينه فى ترتيب الآثار مطلقا بعد حمل قوله من كان على يقين فشكّ على الغالب قوله اختلاف زمان الوصفين من جهة الفاء وثم على ما عرفت قوله وظاهرها اتحاد متعلقهما وجه الظهور دلالة السّياق على ذلك مضافا الى بعد توهم كون اليقين بشيء منتقضا بشيء آخر اجنبى عنه فلا فائدة فى بيانه مع غاية وضوحه فلا بدّ من ان يحمل على عدم انتقاض اليقين بشيء بالشكّ فى ذلك الشيء فانه يحتمل قريبا عدم الاثر لليقين بالشيء مع زواله بالشكّ فيه فيحتاج دفع هذا التوهّم الى البيان والتوضيح وذكر شيخنا المحقق قدّس سره ان الظهور المذكور جاء من عدم ذكر المتعلّق او غلبة الوحدة ولعلّ ما ذكرنا اولى قوله ويؤيّده ان النقض ح محمول اه يعنى ان فى قاعدة الشكّ السارى يكون نقض

٥٤٩

اليقين فيها برفع اليد عن الآثار الّتى رتبها سابقا والحكم بتدارك ما فعل من حيث الاعادة والقضاء وساير الثمرات وامّا فى الاستصحاب فالنقض فيه بالنسبة الى ترتب الآثار فى المستقبل بعد زمان الشكّ ويكون مفاده عدم ترتيب الآثار فيه وفى الحقيقة هو دفع لا رفع ولا ريب فى ان لفظ النقض بعد تعذر ارادة المعنى الحقيقى ظاهر فى الرّفع لا الدفع وهو متحقّق فى القاعدة لا الاستصحاب فقول المصنّف ره على حقيقته ليس على حقيقته بل المراد به اقرب المجازات اذ المعنى الحقيقى كما سيجيء فى كلام المصنّف رفع الهيئة الاتّصالية فى الشيء المحسوس كالحبل وغيره ومن المعلوم عدم امكان ارادة هذا المعنى فى المقام ونبه على ما ذكرنا شيخنا المحقق قدّس سره وغيره هذا لكن يشبه ان يكون اقرب المجازات بوجه آخر متحققا فى مورد الاستصحاب لأنه سيجيء فى كلام المصنّف ره ان اقرب المجازات هو دفع الامر المستمر الثابت لو لا الرافع وهذا المعنى غير متحقق فى القاعدة لأنّ عدم الاستمرار فيها وعدم ترتيب الآثار فيها فى زمان الشكّ وفى الاستقبال مسلّم والأشكال فيها فى الآثار الماضية هذا مضافا الى ما ذكرنا مما يوجب ظهور الرّواية فى الاستصحاب على تقدير عدم ظهورها فى الجامع بين المعنيين قوله الّا اذا اخذ متعلّقه مجرّدا عن الزّمان يعنى ان فى الاستصحاب لا بد من عدم نقض الاثر المترتب على اليقين بالعدالة الحاصل فى السّابق وعدم ترتيب الاثر فى الزّمان اللّاحق لا يعد نقضا لما رتبه فى السّابق لكن اذا اخذت العدالة مثلا مجرّدة عن الزمان مطلقا يمكن تصحيح صدق النقض بالحكم بعدم ترتيب الاثر على العدالة بعد كونها موردا للاثر وهذا هو الّذى يوضحه المصنّف ره فى قوله الآتي عن قريب وهو اللهم الّا ان يقال قوله عن ذكر بعض لها فى ادلة الاستصحاب وهذا البعض هو الوحيد البهبهانى فى محكى الرسالة الاستصحابية والسيّد الصّدر فى شرح الوافية وصاحب القوانين قوله ثم لو سلم ان هذه القاعدة باطلاقها اه يعنى لو قيل ان العمل بالقاعدة بطريق الاطلاق بمعنى ان يعمل بالمعتقد السّابق فى الماضى والحال والاستقبال قبل الشكّ وبعده مع التذكر لمستند القطع السّابق والقطع ببطلانه وعدم تذكره او عدم القطع ببطلانه مخالف للاجماع يمكن تقيدها باحد التقييدين احدهما التقييد بعدم النقض بالنّسبة الى الآثار السّابقة لا اللاحقة والثانى التقييد بصورة عدم التذكر وقد نسب المصنّف هذا فيما سيأتى

٥٥٠

عند بيان الشّرط الثانى للاستصحاب الى بعض الاساطين وهو الشيخ المحقق كاشف الغطاء قدّس سره ويفهم من كلام المصنّف قدس‌سره عدم ثبوت الاجماع عنده وقد رد فيما سيأتى القاعدة المذكورة بعدم الدّليل لا بمخالفتها للاجماع فانتظر وانت بعد ملاحظة ما ذكرنا من ظهور الرّواية فى ترتيب الآثار مطلقا وان التقييد على خلاف الاصل تقدر على اثبات ظهورها فى الاستصحاب قوله اللهم إلّا ان يقال اه يعنى ان الرّواية تحتمل معنيين تكون بحسب المعنى الاول ظاهرة فى القاعدة وبحسب المعنى الثّانى تكون منطبقة على الاستصحاب توضيح ذلك ان الزمان الماضى اذا كان قيدا للمتيقن ويكون الشكّ متعلّقا بالمتيقن المقيّد بالقيد المذكور يكون معنى الرّواية من كان على يقين بشيء كالعدالة الحاصلة فى الزّمان الماضى فشك فى تلك (١) المقيدة بالزمان الماضى فليبن على العدالة الماضية ولا ينقضها بالشكّ فتكون الرواية على هذا ظاهرة فى القاعدة بلا ريب وشبهة واما اذا كان الزّمان الماضى المستفاد من لفظ كان قيدا لليقين بحسب الظاهر وكان المتيقن مجردا عنه ويكون المراد منه العدالة المطلقة مثلا فيكون المعنى من كان على يقين فى الزّمان الماضى بالعدالة المطلقة مثلا فشكّ فى تلك العدالة فليمض على يقينه وليبن على العدالة وح يمكن تطبيق الرّواية على الاستصحاب بعد ملاحظة شيئين الاوّل ان الشكّ فى بقاء العدالة ايضا شكّ فيها الثانى حمل تاخر الشكّ عن اليقين المستفاد من الرّواية على الغالب وان المراد يكون اعمّ منه والمستفاد من العبارة كون الرّواية ظاهرة فى هذا المعنى وكونها على هذا المعنى ظاهرة فى الاستصحاب وصرّح بهذا الظهور شيخنا قدس‌سره فى الحاشية ولا باس به بملاحظة الصّحاح التى ورد هذا اللفظ فيها مرادا منه ذلك على ما يستفاد من العبارة وامّا مع قطع النظر عنها كما يستفاد من الحاشية ففيه تامّل الّا بملاحظة ما ذكرنا سابقا فتدبر جيدا قوله فيكون الشكّ فيما بعد هذا الزمان اه البعدية تستفاد من لفظ الفاء او ثم وقوله متعلقا خبر ليكون او حال للشكّ بناء على امكان عمل باب كان واخواته فى الحال وقوله مجرّدا عن ذلك حال للمتيقن وقوله ظاهرا من تتمته امّا ظرف بتقدير الجار واما تميز وقوله فى تحقق اصل العدالة خبر بعد خبر على تقدير كون قوله متعلقا خبرا ايضا وعلى التقدير الآخر فهو الخبر وجعله متعلّقا بقوله ظاهرا بعد جعله خبرا ليكون غير صحيح بحسب المعنى فتدبّر قوله ويبعد حمله على المعنى الذى ذكرنا وهو المعنى الذى

__________________

(١) العدالة

٥٥١

يكون منطبقا على قاعدة الشكّ السّارى قوله لكن سند الرّواية ضعيف اه قد عرفت انّ العمدة فى الباب هو رواية الأربعمائة المذكورة فى اواخر الخصال مسندا الى الباقر ع عن امير المؤمنين وهى الّتى قال العلامة المجلسى فى حقّها انّ اصل هذا الخبر فى غاية الوثاقة والاعتبار الى آخر ما سمعت وسمعت ايضا ما ذكره الوحيد البهبهانى فى محكى الرّسالة وصاحب القوانين فح لا محل للتضعيف المذكور اصلا بملاحظة ما ذكرنا وان لم يلتفت المصنف ره الى الرّواية المذكورة مع ان المستفاد من جملة من اهل الرجال مدح القاسم بن يحيى بل صرّح بعضهم بتوثيقه ففى نقد الرجال القاسم بن يحيى بن الحسن بن راشد روى عنه محمّد بن عيسى بن عبيد كتابه حبش مولى المنصور روى عن جدّه ضعيف غض ضا خج له كتاب روى عنه احمد بن ابى عبد الله واحمد بن محمّد بن عيسى ست وفى تعليقات الآقا قدّس سره على الرّجال الكبير للميرزا ره عند قوله القاسم بن يحيى بن الحسن بن راشد مولى المنصور ضعيف صه هذا من كلام غض يعنى ابن الغضائرى فلا وثوق به ورواية الاجلّة سيما مثل احمد بن محمد بن عيسى عنه يشير الى الاعتماد عليه بل والوثاقة وكثرة رواياته والافتاء بمضمونها يؤيده ويؤيد فساد كلام غض فى المقام عدم تضعيف شيخ من المشايخ العظام الماهرين باحوال الرّجال ايّاه وعدم طعن احد ممن ذكره فى مقام ذكره وترجمته وترجمة جدّه وغيرهما وصه تبع غض بناء على جواز عثوره على ما لم يعشروا عليه وفيه ما فيه لما ذكرت هنا مضافا الى ما ذكرته فى الفوائد وبعض التراجم من عدم اعتبار تضعيفات غض انتهى والظاهر من هذا الكلام عدم الاعتبار بتضعيف ابن الغضائرى حتى مع عدم المعارض ولا وجه له بعد اعتماد مثل العلامة عليه نعم يمكن القول بعدم الاعتماد على جرحه مع التعارض مع تقدم الجرح على التعديل على المشهور من جهة كونه كثير الجرح قوله فتامل يمكن ان يكون وجه التامّل ان الراوى يكون ح مجهول الحال فلا تكون الرواية حجة إلّا ان يقال بكون الشهرة جابرة وفيه ان الجبر يحصل باستناد المشهور واستنادهم الى هذا الخبر غير معلوم بل معلوم العدم ويمكن ان يكون اشارة الى ما ذكرنا وهو بعيد مع عدم ذكر المصنف للرواية المذكورة كما قد ظهر مما ذكرنا قوله كتبت اليه يعنى الامام الجواد عليه‌السلام او الامام الهادى عليه‌السلام كما سيظهر ممّا ننقله عن علماء الرّجال قوله عن اليوم الذى يشك فيه من رمضان الظاهر بل المتعين ان المراد بيوم

٥٥٢

الشكّ هو اليوم الّذى يشكّ فيه انّه من شعبان او من رمضان وقد عقد فى الوسائل بابا لاستحباب صوم يوم الشكّ بنيّة النّدب على انّه من شعبان اذا كانت علة او شبهها ولو بان من شهر رمضان أجزأه وذكر اخبارا كثيرة متعلّقه بيوم الشكّ بحيث يقطع كون المراد منه ذلك وفى بعضها عن اليوم الّذى يشكّ فيه من شهر رمضان لا يدرى أهو من شعبان او من شهر رمضان وح يكون ذكر قوله ع وافطر للرؤية بالتبع فعلم ممّا ذكرنا انه لا مسرح للاشكال فى الرّواية بان المراد منها التمسّك بقاعدة الاشتغال وان التفصّى عن الاشكال المذكور بجعل المراد من يوم الشك هو الاعمّ من ذلك ومما شكّ فيه انّه من رمضان او شوال على ما ارتكبه شيخنا قدس‌سره فى الحاشية غير سديد كما عرفت والمراد من الرّواية امّا التمسّك باستصحاب بقاء شعبان فى الفقرة الاولى وبقاء رمضان فى الفقرة الثانية مع الالتزام بخفاء الواسطة او استصحاب جواز الافطار فى الاولى ووجوب الصّوم فى الثانية وسيجيء شرح ذلك فى الامر الثانى من تنبيهات الاستصحاب إن شاء الله الله تعالى قوله الا انّ سندها غير سليم فى نقد الرّجال على بن شيره ثقة حج يعنى رجال الشيخ ثم قال بلا فصل على بن محمد القاسانى ضعيف اصبهانى والظاهر انهما واحد كما قال العلامة فى صه لقول النجاشى على بن محمّد بن شيرة القاسانى ابو الحسن كان فقيها مكثرا من الحديث فاضلا غمر عليه احمد بن محمّد بن عيسى وذكر انه سمع منه مذاهب منكرة وليس فى كتبه ما يدل على ذلك له كتب اخبرنا على بن احمد بن محمد بن طاهر قال حدثنا محمّد بن حسن قال حدثنا سعد عن علىّ بن محمد بن شيرة القاسانى بكتبه انتهى وما نقله العلامة عن النجاشى من ان له كتبا اخبرنا على بن محمّد بن شيرة القاسانى بكتبه محمول على الاسقاط كما لا يخفى وما نقله من الشيخ ره من ان علىّ بن محمد القاشانى وعلى بن شيرة كانا من اصحاب ابى جعفر الجواد عليه‌السلام محمول على السّهو اذ لم نجدهما الّا من اصحاب الهادى عليه‌السلام كما نقلناهما انتهى وفى بعض كتب الرّجال علىّ بن محمّد بن شيرة القاشانى من اصحاب الجواد والهادى عليهما‌السلام ثقة وفى الرّجال الكبير ذكر شطرا مما نقلنا عن النقد والسبط منه وفى تعليقات الآقا قدّس سره على بن محمد القاسانى بن شيرة روى عنه محمّد بن احمد بن يحيى ولم يستثن روايته وفيه اشعار بحسنه وجش مدحه مدحا معتدا به ويظهر منه انكاره تضعيفه بل ربما يظهر منه تكذيب احمد فيما ادّعاه

٥٥٣

واشرنا فى ترجمة احمد عدم توثيق حبش ايّاه وامّا الشيخ ره فالظاهران تضعيفه مما نقله حبش عن احمد وحاله لا يخفى مع انّه وثّقه ايضا واضطرب رايه وظنهما متغايرين وليس كل فارتفع الوثوق بتوثيقه وتضعيفه معا وامّا العلّامة فالظاهران تضعيفه من ترجيح تضعيف الشيخ ره على توثيقه بناء على تقدم الجرح مضافا الى ما قاله احمد وعدم ثبوت ما ينافيه عن حبش وفيه ما لا يخفى ايضا فتامّل انتهى واما جبره بالشهرة على ما ذكره الاستاذ قدس سرّه ففيه ما ذكرنا سابقا سيّما بملاحظة ان المشهور من القدماء وكثير من المتأخّرين القائلين بالاستصحاب لم يلتفتوا الى الأخبار وكثير من الملتفتين اليها لم يستدلوا بهذا الخبر قوله وقد عرفت عدم ظهور اه قد عرفت ظهور الصحيحة الاولى والثانية وان ما ذكره المصنّف وغيره من مصادمات الظهور غير وجيه مع انك قد عرفت اعتراف المصنف فى الصّحيحة الاولى بانّ الانصاف انّها مع ذلك لا يخلو عن ظهور وقد عرفت ظهور الرّوايات الثلث عن الخصال وغيره فى المطلب ايضا وعرفت ما يظهر من المصنّف ره من الميل الى ظهورها فى الاستصحاب عن قريب حيث قال ويبعد حملها على ما ذكرنا قوله فعلّل الاستدلال بالمجموع اه لا شكّ ان الظهور اللفظى حجّة باجماع العلماء والعقلاء واهل اللسان ولا فرق فيه بين ان يكون حاصلا من لفظ واحد او من الفاظ مختلفة سيّما اذا كانت من متكلّم واحدا ومن متكلمين بمنزلة متكلّم واحد كما هو الشأن فى اخبارنا المعصوميّة لكن لا بد فى التجابر من تعاضد مضامين الأخبار المعتبرة بحسب السّند وان لم يكن كلّها من الصّحاح اذ من المعلوم ان ضم غير الحجة الى الحجة لا يفيد شيئا فلا يفيد التجابر والتعاضد فى الصّورة المزبورة اصلا بعد وضوح كون النتيجة تابعة لاخسّ المقدّمتين وقد سلك المسلك الّذى ذكر من التجابر والتعاضد المحقق القمى ره لا فى الأخبار العامة لتماميّة دلالتها عنده بل فى الأخبار الخاصّة الّتى يجيء ذكرها عن قريب حيث قال الثالث الرّوايات الكثيرة الدّالة عليها باجتماعها فانها وإن كانت واردة فى موارد خاصّة لكن استقرائها والتأمّل فيها يورث الظنّ القوى بان العلّة فى تلك الاحكام هو الاعتماد على اليقين السّابق وهذا ليس من القياس فى شيء بل فى كل من الرّوايات اشعار بالعلّية لو لم نقل باستقلاله فى الدلالة فلا اقل من انه يفيد ظنّا ضعيفا بها فاذا اجتمع الظّنون الضعيفة فيقوى فى غاية القوّة ويصدق عليه انه ظنّ حصل من كلام الشّارع انتهى قوله

٥٥٤

مثل رواية عبد الله بن سنان اه قد وصف هذه الرّواية بالصّحة فى محكى الرّسالة الاستصحابية وفى محكى الوافية وفى الضّوابط ايضا بل قد استدل فى محكى الرّسالة بها بعد وصفها بالصّحة قال فليس فى هذه الصّحيحة حكاية نقض اليقين بالشكّ حتى تدعى الظهور انتهى ولعلّه من جهة حجّية العلة المنصوصة وقال فى الضوابط بعد وصفها بالصّحة وجعلها من الرّوايات الخاصّة لا يخلو عن شيء بل الظاهر انّها من الرّوايات العامّة الّتى يفهم منها عدم مدخلية الاضافة عرفا انتهى قوله كلّ شيء طاهر اه قد رواها فى رسالة الوحيد البهبهانى الّتى الّفها لبيان الموثقة المزبورة فقط وفى القوانين والفصول كلّ شيء نظيف فلعلّ المصنف ره نقلها بالمعنى نعم ورد فى الماء الماء كلّه طاهر حتى تعلم انه قذر وكلّ ماء طاهر الّا ما علمت انه قذر رواهما فى الوسائل قوله بناء على انّه مسوق اه يعنى ان قلنا ان معنى قوله ع كلّ شيء نظيف اه ان ما علم طهارته سابقا ويشكّ فى استمرار (١) طهارته الا ان يعلم انه قذر فتكون الغاية وهى قوله حتى تعلم غاية للطهارة بحسب الظاهر لكنها فى الحقيقة غاية لاستمرارها بحسب الظاهر فيئول الكلام الى انّها غاية للحكم باستمرارها فى الظاهر اذ الحكم مأخوذ فى قوله طاهر او نظيف باى معنى اخذ وبما ذكرنا يجمع بين كلمات المصنّف ره حيث قال غاية للطّهارة وقوله هنا واستمرار هذا الثبوت وقوله رافعة لاستمرارها وقوله فكلّ شيء محكوم ظاهرا باستمرار طهارته الى حصول العلم بالقذارة فتكون الرّواية على هذا التقدير منطبقة على الاستصحاب فقوله وغاية الحكم غير مذكورة ولا مقصودة يكون المراد منه الحكم بالطهارة الواقعية لانّ المذكور فى الرّواية ليس الّا غاية واحدة وهى قوله حتى تعلم وهى غاية لقوله طاهر المراد به انه محكوم باستمرار طهارته ظاهرا الى العلم بالقذارة فلا يكون غاية للطّهارة الواقعية مضافا الى عدم امكانه لأنّ مثل هذه الغاية لا يكون غاية الّا للحكم الظاهرى لانّ الحكم الواقعى الثابت للموضوع الواقعى اللّابشرط لا يمكن ان يعلّل بعدم العلم مع ان الطهارة الواقعية غير مذكورة ولا مقصودة بالبيان فكيف يكون غايتها مذكورة ومقصودة واحتمل شيخنا المحقق قدّس سره كون المراد من الحكم الحكم بالطّهارة الظاهريّة وتكون القضية سالبة بانتفاء الموضوع يعنى ان المراد بقوله ع طاهر على هذا المعنى الحكم باستمرار الطهارة الى العلم بالقذارة وليس المراد به الحكم بالطّهارة فى مرحلة الظاهر الى كذا فليس هناك حكم بالطّهارة الظاهرية حتى تكون الغاية غاية له وان

__________________

(١) يحكم باستمرار

٥٥٥

قلنا بان معنى الحديث كل شيء شك فى طهارته فهو محكوم بالطّهارة فى مرحلة الظاهر الى كذا وباستمرار هذا الحكم الى العلم بالقذارة فتكون منطبقة على القاعدة لا الاستصحاب وعلى هذا المعنى يكون الغاية غاية للحكم بثبوت الطّهارة يعنى ان الحكم بالطّهارة مستمر الى العلم بالقذارة فاذا حصلت الغاية انقطع الحكم بالطّهارة لا نفسها والمراد بقوله لا نفسها هى الطّهارة المستمرّة ظاهرا لا واقعا كذا قال شيخنا قدّس سره وهو الظاهر لكن العبارة تكون ح محلّ تامّل والاولى ان يقول انقطع الحكم بالطّهارة لا استمراره ليكون مقابلا للسّابق قوله والاوّل اعمّ من الثانى بحسب المورد يعنى ما يقصد المتكلّم فيه مجرد ثبوت المحمول للموضوع ظاهرا وهو مجرى قاعدة الطّهارة اعم من مجرى الاستصحاب بمعنى انّ مورد القاعدة يشمل ما اذا كان له حالة سابقة معلومة وما لم يكن فيه ذلك والثانى مختصّ بما اذا كانت له حالة سابقة معلومة فيكون موردها اعم من مورده واما بحسب الصّدق فيكون بينهما تباين من اجل لزوم ملاحظة الحالة السّابقة والاستناد اليها فى الاستصحاب وعدمها فى القاعدة فلا يمكن تصادقهما على شيء واحد مع اشتمالهما على فصلين منوعين ولا يخفى انّ الاعمية بحسب المورد للقاعدة انما هى مع النظر الى قاعدة الطّهارة واستصحابها وامّا بالنّسبة الى قاعدة الطّهارة ومطلق الاستصحاب فيكون بين مورديهما عموما من وجه قوله لكنه خلاف الظاهر لانّه لا بدّ فيه من تقيد الشيء بما كانت له حالة سابقة معلومة وهو خلاف الظاهر ولا بدّ فيه ايضا من جعل قوله طاهر بمعنى ان الشيء محكوم باستمراره ظاهرا الى العلم بالقذارة وهو ايضا خلاف الظاهر قوله وان شمل مورده لما سلف من شموله لما كانت له حالة سابقة معلومة وغيره قوله ليس من حيث سبق طهارته كما هو معتبر فى الاستصحاب قوله حتى فى مسبوق الطّهارة لا بمعنى ان القاعدة تجرى فيه فعلا لعدم امكان ذلك مع كون الاستصحاب حاكما على القاعدة بل بمعنى وجود مورد القاعدة هناك بحيث لو لم يكن هناك حاكم تجرى القاعدة قوله بل تجرى فى مسبوق النجاسة لان مورد قاعدة الطّهارة الشكّ فيها بمعنى عدم العلم سواء كانت هناك حالة سابقة معلومة ام لا وسواء كانت الحالة السابقة المعلومة هى الطّهارة او النجاسة لكن لا تجرى القاعدة فعلا مع وجود الاستصحاب موافقا كان ام مخالفا لما سبق وسيأتى من عدم جريان الاصل المحكوم مع جريان الاصل الحاكم سواء كان موافقا كما اذا كانت

٥٥٦

الحالة السابقة هى الطّهارة ام مخالفا كما اذا كانت الحالة السّابقة هى النجاسة فقد ظهر المراد من الجريان وان المراد وجود المورد والمجرى لا الجريان فعلا مع وجود الحاكم وقد نبهنا على ذلك عن قريب ونقل فى الحاشية عن السيّد السّند صاحب الرّياض بانّه منع عن اصل جريان القاعدة فى موضع جريان الاستصحاب متمسّكا فى كلامه بحصول الغاية وهى العلم بالقذارة وان لم يكن باقيا بالفعل الّا ان العلم فى قوله ع حتى تعلم انه قذر اعمّ من العلم السّابق اللاحق لصدقه عليهما معا انتهى كلامه ومبناه على ورود الاستصحاب على القاعدة وهو ضعيف لضعف ماخذه ودليله المذكور كما لا يخفى قوله على اقوى الوجهين الآتيين فى باب معارضة الاستصحاب للقاعدة سيأتي فى اواخر الاستصحاب فى المقام الثالث فى مقام بيان تعارض الاستصحاب مع اصل البراءة على تقدير استفادته من الأخبار وافادتها حكما تاسيسيا لا مؤكّدة لحكم العقل بقبح العقاب بلا بيان ان هناك وجهين الاوّل الورود بمعنى ان يكون الاستصحاب واردا على مثل قوله ع كلّ شيء مطلق حتى يرد فيه نهى وقوله كلّ شيء حلال حتى تعرف الحرام اه بدعوى ان النهى اعم من ان يكون واردا فى السّابق او فى اللاحق ولما كان فى مورد الاستصحاب وجود النّهى فى الزمان السابق فيرتفع موضوع القاعدة به وهو نظير ما توهمه صاحب الرياض فى المقام على ما علمت عن قريب او بدعوى ان النّهى اعمّ من النّهى الخاص والنهى العام ولا ريب فى وجود النّهى العام فى باب الاستصحاب بعدم جواز نقض اليقين بالشكّ ثم ضعفهما واختار ان تقديم الاستصحاب على قاعدة البراءة والحلية من باب الحكومة لا الورود فانتظر ويستفاد مما ذكره هناك ان تقديم استصحاب الطّهارة على قاعدتها ايضا من باب الحكومة لا الورود بل يمكن ان يكون المقام من افراد ذلك فان قاعدة الحلية انّما تفيد جواز الارتكاب والتصرّف فى كلّ ما شكّ فيه فتكون قاعدة الطّهارة من انواع قاعدة الحلّية (١) وعلى التقديرين لا يحتاج المقام الى بيان زائد على ما هناك فصح قوله قدس‌سره على اقوى الوجهين الآتيين وقد ذكر شيخنا المحقق قدّس سره ان ما ذكره قدس‌سره وعد لم يف به وكانه لا يخلو عن شيء بعد ملاحظة ما ذكرنا هذا وقد ظهر ممّا ذكرنا انّ المراد باقوى الوجهين الحكومة وان المراد بالتعارض الصّورى لا الحقيقى قوله ثم لا فرق

__________________

(١) وسيأتي عن قريب فى الحاشية اللاحقة ما يؤيّد ويسدّد ما ذكرنا

٥٥٧

فى مفاد الرّواية بين الموضوع الخارجى اه يعنى انّ قوله ع كلّ شيء نظيف عام شامل للشبهة الحكمية الّتى يكون الاشتباه فيها فى الحكم الكلّى ويكون منشأ الاشتباه فقد النصّ او اجماله او تعارض النصّين وللشبهة الموضوعيّة التى يكون منشأ الاشتباه فيها الامور الخارجية وخالف فى ذلك صاحب الذخيرة قال الوحيد البهبهانى فى رسالته الّتى الّفها لتحقيق اصل الطهارة الاصل طهارة الاشياء وهو من المسلمات عند المجتهدين والأخباريين وناقش فى ذلك صاحب الذخيرة قائلا ان الطّهارة حكم شرعى يتوقف على النصّ كالنجاسة وما ورد فى الموثق من قوله ع كلّ شيء نظيف حتى تعلم انه قذر موثق فلا يكون حجّة وعلى تقدير التسليم لا دلالة لها لا مكان ارادة ان كلّ ماء طاهر طهارته مستصحبة حتى يعلم انه قذر مع ان ثبوت الاصل الكلى بهذا محلّ تامّل وفيه ان الموثق حجة كما حقق فى محله بل هو معترف بحجيته مصرّ فى المبالغة فيها مع انّها مؤيّدة بعمل الاصحاب فان الظاهر منهم الاتّفاق على هذا الاصل والاصل الكلّى يثبت بدليل اذا كان حجة شرعيّة مع ان النّجاسة الشرعية لا معنى لها سوى وجوب الاجتناب عن الصّلاة معها والاكل والشرب بملاقيها رطبا فضلا عن اكل نفسها وشربها وكذا وجوب الازالة عن المسجد وامثاله وغير ذلك من احكامها ولا شك فى ان الاصل عدم الوجوب لانه تكليف والاصل براءة الذمة والطّهارة الشرعيّة فى مقابل النجاسة فمعناها عدم تعلق التكليف بالاجتناب شرعا فان قلت اصل البراءة حجة فيما اذا لم يتحقق التكليف من جهة اخرى مثلا اذ انحصر الماء فى الماء الذى يحكم بطهارته من جهة الاصل يلزم على المكلّف الطّهارة من اجل الصّلاة ولو لم يكن طاهرا لم يجب الطهارة والصّلاة او الطهارة فقط على القول بوجوبها (١) او اذا نذر لفعلها مثلا فلو لم يكن طاهرا لم يجب الوضوء ومجرد وجود المقتضى لا يكفى فى التكليف ما لم يكن الماء طاهرا فاذا طهر وجب وإلا فلا وجوب البتة فاصل الطهارة ان كان عبارة عن اصالة عدم التكليف يكون مقتضاه عدم ماهية التكليف وطبيعته ونفى جميع افراده لا خصوص وجوب الاجتناب عنه فكيف يقتضى اصل البراءة وجوب الطهارة قلت مقتضى الطّهارة هو وجوب الوضوء او الغسل بما هو ماء حقيقة خرج عنه ما علم نجاسته شرعا ويبقى المشكوك فيه داخلا فى العموم اذ القدر الّذى يثبت المنع عن الطهارة به شرعا هو ما

__________________

(١) لنفسها

٥٥٨

ثبت نجاسته لا ما احتمل فليس وجوب الطّهارة به من جهة اصالة الطّهارة سلمنا لكن فى هذه الصّورة النادرة لا يتمسّك بالبراءة بل بالموثقة المنجبرة بما ذكر المؤيد بقوله تعالى (خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً) وامثاله واما فى غيره فليتمسك بها وبالاصل جميعا مع انها الصّورة المتعارفة الشائعة والمدار فى غالب الاحكام على الصّورة المتعارفة لا الفروض النادرة فيصح ان يصير الاصل ايضا مستندا مع ان الادلّة الفقهيّة ربما يكون بعضها غير واف بجميع المطلوب بل لا بدّ من ثبوت الحكم بالادلة كيف كان تمت الرّسالة والمستفاد ممّا نقله انكار صاحب الذخيرة لقاعدة الطّهارة راسا وقد نقل السيّد صدر الدين عنه فى شرح الارشاد فى مبحث الماء المضاف النجس قوله لا نسلم ان الاصل فى كلّ شيء الطّهارة لان الطّهارة والنجاسة حكمان شرعيان وكلا منهما يعلم ببيان الشّارع ولا شيء يدلّ على عموم الطّهارة فى كلّ شيء الّا ما خرج بالدّليل وربما يوجد ذلك فى الماء المطلق حسب لا يقال رواية عمّار السّاباطى فى الموثق عن أبي عبد الله عليه‌السلام كل شيء نظيف حتى تعلم انّه قذر تدلّ على ذلك لانا نقول القدر الّذى تدل الخبر عليه ان الاشياء طاهرة عند الجهالة بعروض النجاسة لها او كونها احد النجاسات لا عند الجهل بكونها نجسة شرعا وسيجيء زيادة بيان لذلك وما نحن فيه من الاخير فعلم ان اثبات هذا هذا الاصل لا يخلو عن اشكال نعم ان قلنا ان الاصل فى الأشياء الاباحة لزم جواز الشّرب من مثل هذا الماء لكن البراءة اليقينية تقتضى تنزيه الجسد والثياب عنه فى الصّلاة والوضوء بعده ثم قال فى مبحث الماء الجارى واستدل عليه ايضا بوجوه الاوّل اصالة الطهارة فان الاشياء كلّها على الطّهارة الّا ما نصّ الشارع على نجاسته لأنّها مخلوقة لمنافع العباد لا يتم النفع الّا بها والحق ان اثبات اصالة الطّهارة بالدليل العقلى متعذر او متعسّر وما ذكره فى بيانه ضعيف لحصول النفع بالنجس ايضا الثانى قول الصّادق ع فيما يروى عنه بطرق متعددة كل ماء طاهر حتى تعلم انه قذر وفيه نظر لانّ القدر المعلوم من الخبران الماء على الطّهارة اذا شكّ فى عروض النجاسة له لا اذا شكّ فى كون الشيء سببا للنجاسة شرعا ام لا فان الحمل على ان الجهل بالحكم الشرعى موجب للطّهارة بعيد غير مأنوس بل الاقرب ان يكون المراد ان كلّ ماء طاهر حتى تعلم انه بعض الاشياء المتصفة النجاسة لا ان كلّ ماء طاهر حتى تعلم اتصافه بالنجاسة وبين المعنيين فرق قال السيّد اقول

٥٥٩

ما ذكره من كون الطّهارة والنجاسة شرعيين لا سبيل للعقل اليهما وان الشّارع لم يبين بعنوان العموم ان كلّ شيء طاهر فنقول حديث عمّار الّذى تلقاه الأصحاب بالقبول هو البيان قوله القدر الذى يعلم دلالة الخبر عليه هو ان الأشياء طاهرة عند الجهل بعروض النجاسة لها او كونها احد النجاسات لا عند الجهل بكونها نجسة ام لا شرعا قلنا هذا الحديث على هذا الحمل يكون معناه ان كل شيء علمت نظافته من دليل شرعى فاستصحب ما علمته الى ان ياتيك دليل مزيل لهذا الاستصحاب وهذا المعنى ليس هو المعنى المتبادر منه ولهذا ترى من تقدم عليه ومن تاخر لم يحملوه عليه اللهم الا القليل ثم قال بعد جواز اثبات المسألة الاصوليّة بخبر الواحد ثم حمله ره على تقدير ان يكون الاصل فى الاشياء الاباحة بجواز الشرب دون الوضوء والصّلاة منظور فيه امّا اوّلا فلانه يظهر منه جعله اصل الاباحة مختصا بالمأكل والمشارب مع ان الظاهر المشهور ان من يقول به يقول باصالة الاباحة فى كلّ فعل من افعال المكلّفين اذا لم يرد فيه نص ولا شكّ ان الصّلاة مع ملابسة ما لاقاه هذا الماء من جملة تلك الافعال وامّا ثانيا فلان اليقين بالبراءة انما يلزم اذا كان اليقين باشتغال الذمّة ومن اين حصل لنا العلم باشتغال الذمّة بصلاة لا تكون معنا عند فعلها الا ما نصّ الشارع على طهارته الى آخر ما قال قدس‌سره فى رد صاحب الذخيرة قلت يفهم منه ايضا حجّية الاستصحاب الطّهارة فى الماء وغيره على ما علمت مما ذكره السيّد الشارح قدّس سره وانكاره لقاعدة الطهارة راسا ونقل شيخنا المحقق فى الحاشية عن صاحب الذخيرة انكاره لقاعدة الطّهارة فى الشبهات الحكميّة لا فى الشبهات الموضوعيّة ثم ان بعض افاضل محشى الكتاب ذكر ان الشكّ فى الطّهارة اما ان يتعلق بالحكم الكلّى او موضوعه الخارجى وكلّ منهما اما مع الحالة السابقة أو لا معها فالاقسام اربعة وفى اختصاص مورد الرواية بجميعها او ببعضها وجوه بل اقوال احدها ان يكون موردها اعمّ من الشبهة الحكمية والموضوعيّة مع عدم الحالة السابقة وهذا محكى عن ظاهر الاكثر وثانيها ان يكون مختصّا بالشبهة الموضوعيّة مع عدم الحالة السّابقة واختاره المحقق القمّى وثالثها ان يكون مختصا بالشبهة الموضوعيّة مع تحقق الحالة السابقة وهو محكى عن جماعة ورابعها ان يكون اعمّ من الجميع واختاره المصنف ره والنافع للمستدلّ احد الوجهين الاخيرين انتهى ويرد عليه ان ظاهر الاكثر

٥٦٠