إيضاح الفرائد - ج ٢

السيّد محمّد التنكابني

إيضاح الفرائد - ج ٢

المؤلف:

السيّد محمّد التنكابني


الموضوع : أصول الفقه
المطبعة: المطبعة الإسلاميّة
الطبعة: ٠
الصفحات: ١٠٦٩
الجزء ١ الجزء ٢

فهو الموضوع والمناط فى حكم الشّرع بحرمته نعم قد تسامح فى التمثيل بالصّدق على ما اشرنا اليه سابقا ايضا وقد اورد عليه بعض المحشّين بقوله لا يخفى عدم ابتناء الاشكال على هذا القول فان ملاكه ليس الا الشكّ فى مناط الشارع وموضوعه كان مناطه ما هو المناط فى الحكم العقل كما فى هذا القول او غيره كما على قول الاشاعرة اذ لا بد فى الحكم الشّرعى من مناط لا محاله بحيث لا يتطرق اليه الشكّ ابدا ما لم يشك فى مناطه الى ان قال وانقدح بذلك ان تخصيص الاشكال بما استند الى العقل بلا مخصّص بل الاحكام متساوية الاقدام فى ذلك كانت مستندة الى العقل او النّقل اه قلت ما ذكره مبنى على فهم العبارة بطور آخر سيما ما ذكره اخيرا حيث يفهم منه ان قوله فان قلت راجع الى الاشكال فى حكم المستند مع انه لا معنى ح للتعبير بقوله على القول بكون الاحكام الشرعيّة مضافا الى ما ذكرنا عن قريب فتدبّر قوله لكنّه مانع عن الفرق بين الحكم الشّرعى اه يعنى ما ذكرته من التطابق بين حكم العقل والشرع مطلقا مستندا كان لحكم الشرع ام لا من جهة الملازمة الثابتة عند اهل الحقّ من العدلية مانع عن الفرق بين الحكم الشّرعى المستند والحكم الشرعى الغير المستند وهو المراد من قوله بين حكم الشّرع والعقل اذا قلنا بكون الاستصحاب من باب الظن فانه اذا شكّ فى بقاء العلّة فى الزمان الثانى فلا مجال للاستصحاب المبنى على الظنّ لعدم امكان حصول الظن بالمعلول مع الشكّ فى بقاء العلّة فلا يجرى الاستصحاب فى كلا القسمين وان حصل الظن (١) ببقاء العلّة من جهة ملاحظة الغلبة او غيرها فيرتفع الشكّ البدوى الحاصل من جهة ذلك فيجرى الاستصحاب فى كلا القسمين فلا يعقل الفرق بين القسمين فى كلتا الصّورتين ويمكن ان يريد عدم الفرق بين الحكم العقلى والحكم الشرعى بتقريب ما سبق ويريد منه عدم الفرق بين الحكم الشّرعى المستند والحكم الشّرعى الغير المستند من جهة كونه لازما لذلك وذلك لأنّ المقصود كما ظهر مما سبق بيان هذا لا ذاك ولعلّه ظاهر وذكر بعض المحشين فى هذا المقام ما يظهر منه ان المقصود بيان الفرق بين الحكم العقلى والشرعى فقط وهذا منه مبنى على ما فهم من عبارات المصنّف قدّس سره وقد اشرنا الى ذلك عن قريب ثم اعلم انه يظهر من المصنّف قدس‌سره فى هذا المقام ان المسامحة العرفيّة انّما تجرى على تقدير حجّية الاستصحاب من باب التعبّد دون الظنّ وسيأتي منه فيما يتعلّق بشرح كلام الفاضل التّونى فى بيان

__________________

(١) ببقاء المعلول من جهة الظنّ

٥٠١

الشبهة الاخرى لعدم جريان الاستصحاب فى الأحكام التكليفيّة والجواب عنها جريان المسامحة على القول بالظنّ ايضا وقد نبّه على ذلك شيخنا قدّس سره فى ذلك المقام قوله فانه تابع لتحقق موضوع المستصحب ومعروضه بحكم العرف يعنى على تقدير القول بحجّية الاستصحاب من باب الأخبار لا باس بالفرق بين الحكم الشّرعى المستند وبين الحكم الشرعى الّذى يكون مستقلا وكاشفا عن الحكم العقلى من باب الملازمة بمعنى انّ العقل لو اطّلع على ما هو مناط حكم الشرع لحكم على طبق حكمه وجه الفرق انّ المناط فى الحكم الشّرعى المستند معلوم من جهة كونه مطابقا للحكم العقلى الّذى حكم من جهة علمه بالمناط لحكمه ولما لم يمكن الشكّ فى مناط حكم العقل الكلى الثابت للموضوع الكلى فلا محالة لا يتصوّر الشكّ فى مناط الحكم الشرعى الكلّى الثابت للموضوع الكلى المزبور من جهة تطابقهما وكون الموضوع هو المناط فيهما وامّا الحكم الشّرعى (١) ما جعل فى الادلّة الشرعيّة موضوعا والميزان فى تشخيص الموضوع المذكور هو العرف وح فيمكن تصوّر الشكّ فى الحكم مع بقاء الموضوع بحسب العرف فيحتاج الى الاستصحاب الغير الجارى إلا مع الامرين المزبورين على ما سلف وسيأتى امّا الشكّ فلاحتمال مدخليّة وجود بعض الاشياء الّتى كانت موجودة فى السّابق وقد انتفت فى اللّاحق فى وجوده او لأحتمال مدخلية عدم بعض الاشياء الّتى كانت معدومة فى السّابق وقد وجدت فى اللّاحق فى وجوده او لاحتمال وجود رافع للحكم السّابق من غير جهة النسخ (٢) وليس فى ابقاء الموضوع بحسب العرف الّا احتمال المخالفة للمناط الواقعى عند الشارع الّذى هو الموضوع الواقعى لحكمه ولحكم العقل على تقدير اطلاعه عليه وهو غير مضرّ كما ان احتمال مخالفة الاستصحاب الجارى فى مثل المقام المزبور للواقع غير مضرّ بل لا يجرى الاستصحاب الّا فى مثله بيان ذلك ان الحكمة لما دعت الى جعل الشارع الاصول العمليّة وكانت تتفق مخالفتها للواقع احيانا ولا بد من تدارك فوت الواقع عندها كان اللّازم اعتبار شيئين فى اعتبارها وجريانها احدهما عدم العلم بالموافقة اذ مع انتفاء الاوّل يلزم لغوية جعل الحكم الواقعى ومع انتفاء الثانى يلزم لغوية جعل الحكم الظاهرى وكلاهما محالان على الحكيم المتعال ويجمع الشيئين المزبورين اعتبار الشكّ فيها ومنشأ الشك المزبور احتمال كون المناط الواقعى غير ما جعل موضوعا احرز بالعرف وهذا هو

__________________

(١) المستقل لموضوعه هو

(٢) وامّا البقاء الموضوع فلما ذكرنا من حكم العرف

٥٠٢

تحقيق ما قيل ان فى القضية الشرعيّة ثلاثة اشياء الموضوع والمناط الواقعى والحكم وفى القضيّة الواقعيّة الشرعيّة او العقليّة شيئان الموضوع الّذى هو عين المناط والحكم نفى الاولى يمكن ان يحصل الشكّ فى المناط الواقعى مع عدم الشكّ فى الموضوع واحرازه بحكم العرف بخلاف الثانية لتطابقهما هذا غاية توضيح العبارة وقد قيل عليه بان الاستصحاب فى الحكم العقلى وان كان غير جار لانه على تقدير الشكّ فى موضوعه يقطع بانتفاء الحكم العقلى فلا مسرح للاستصحاب وامّا الحكم الشرعى فلا باس بجريان الاستصحاب فيه لان الحاكم هو غير العقل فاذا فرض الشكّ فى موضوع الحكم الواقعى الشّرعى يحتمل ثبوت الحكم المزبور فى الواقع وليس كالحكم العقلى الّذى يقطع بانتفائه مع الشكّ فى الموضوع فلا باس بالاستصحاب فى الحكم الشّرعى وابقائه بحسب الظاهر وتوضيحه ان يقال ان عدم الاجمال فى موضوع حكم العقل بمعنى ادراكه واذعانه الفعلى مسلم لعدم امكان ان يذعن بحسن شيء او قبحه ولم يتعيّن عنده موردهما فاذا حكم بحسن شيء مركب او قبحه او بحسن شيء مقيدا وقبحه فجميع خصوصيّات ذلك له دخل فى حكمه بحيث لو زال بعض الخصوصيّات او تغير عمّا كان عليه اولا يرتفع حكمه قطعا ولكن يمكن ان لا يكون لبعض تلك الخصوصيّات دخل فى ملاك حكمه بالحسن والقبح بان يعتقد العقل حسن شيء او قبحه على سبيل الاهمال والاجمال اما بان يرى ذلك فى مركب او مقيّد من دون ان يعلم مدخليته لخصوصيّة قيدا وجزء معين فى الحسن والقبح او يرى انّ المطلق مثلا مقتضى للحسن والقبح لكن يحتمل ان يكون وجوده فى خصوصيّة خاصّة رافعة لما يقتضيه المقتضى فالقدر المتيقن عند العقل هو المقيد بغير القيد المفروض مع احتمال ان يكون الملاك فى المطلق او بان يعتقد ان الملاك قائم بالمجموع المركّب او المقيد لكن يحتمل وجود ملاك آخر فى فاقد الجزء او القيد ففى جميع الصّور المفروضة اذا تغيّر موضوعه الاولى بزوال القيد المفروض او الجزء المفروض يشك فى ثبوت الملاك فى الباقى اذا عرفت هذا فلا يبقى الاشكال فى عدم جواز استصحاب نفس الحكم العقلى لانتفائه قطعا مع الشكّ فى موضوعه فلا يتصوّر الشكّ فى بقائه وامّا استصحاب الحكم الشّرعى فلا باس فيه لان الشكّ فى بقاء الموضوع الواقعى يستلزم الشكّ فى بقائه فاذا احرز موضوعه بالعرف لا بأس باستصحاب الحكم ولو لا المسامحة العرفية لانسد باب الاستصحاب فى الاحكام الكليّة والجزئية وهذا هو ما قرّره بعض

٥٠٣

افاضل المعاصرين وقال ان اصل الاشكال من السيّد المحقق المدقق الّذى انتهى اليه الرئاسة العامّة الميرزا الشيرازى طيّب الله رمسه وشاع بين تلامذته وقد اشرنا الى ذلك الاشكال فى بعض الحواشى السّابقة وذكرنا بعض الكلام فى ذلك فنقول ايضا فى مقام التوضيح للدفع قد تقرر فى محله ان الحكم العقلى لا يكون الّا كليّا ثابتا فى موضوع كلى وانّ الاحكام الجزئيّة انّما تثبت للعقل بواسطة الحواس ولذا قيل من فقد حسّا فقد فقد علما ولا شكّ ايضا انّ المناط فى حكم العقل والعلّة الغائية له الّتى هو علّة لفاعليّته لا بدّ ان يكون هو الموضوع لحكمه الكلّى فلا يعقل ان لا يكون معلوما له بالتفصيل بل لا بدّ ان ينتهى الى الشيء البسيط بالأخرة نعم يمكن حكم العقل فى الموضوع الكلّى بشيء مثل حسن شرب المسهل للصّفراء او قبح اكل المضرّ وعلم بوجوده فى ضمن المركّب من عشرة اجزاء معلومة معينة بالاجمال من غير ان يعلم مدخليّة جميع الاجزاء فى المناط المزبور بل يحتمل عدم مدخليّة بعض الاجزاء المعلومة مع العلم بعدم قدحه فهذا الحكم الجزئى ثابت للموضوع الجزئى المذكور بالوجدان فيترتب هناك صغرى بان هذا المركّب (١) كبرى بان كلّما كان مضرّا يحكم بقبح ارتكابه فبهذا يقبح ارتكابه فاذا فقد بعض ما يحتمل مدخليّة مع بقاء غالب الاجزاء على ما هو المفروض فلا يصحّ استصحاب الحكم العقلى الجزئى لانّه مع الشكّ فى موضوعه يقطع بانتفائه كما هو ظاهر واعترف به المستشكل وامّا الحكم الشرعى الجزئى المستند الى الحكم العقلى المزبور فهو وان امكن الشكّ فى ثبوته واقعا لاحتمال عدم مدخلية الجزء المفقود عند الشارع وباحتماله يحتمل ثبوت الحكم عنده لكن لا يمكن استصحابه بزعم احراز الموضوع بالعرف من جهة ان المركب لا ينتفى بانتفاء بعض الاجزاء الغير الركنيّة مع بقاء معظم الاجزاء اما اوّلا فلامكان ان يقال ان الموضوع فى الحكم الشّرعى المستند لا بدّ ان يكون محرزا بالقطع الوجدانى سواء كان كليّا او جزئيّا غاية الامر كفاية العلم الاجمالى فى الثّانى وامّا ثانيا فلانّ المفروض كون الشكّ بعد انتفاء الجزء المزبور مسبّب عن الشكّ فى وجود المسهل للصّفراء فى الاجزاء الباقية فلا يكفى بقاء ذات المركّب عرفا فان كان ولا بد فلا بد من استصحاب بقاء الاسهال للصّفراء للاجزاء الباقية فيترتب عليه الحكم بوجوب شربها فاحراز بقاء الموضوع ذاتا لا ينفع شيئا فى التمسّك بالاستصحاب الحكمى ألا ترى انه اذا شكّ فى بقاء طهارة الماء فيما اذا كان كرا سابقا فاخذ بعضه مع بقاء

__________________

(١) مضرّ و

٥٠٤

معظم اجزائه وحكم ببقاء الموضوع بحسب المسامحة العرفية بان يقال ان هذا الماء هو الماء الّذى كان موجودا سابقا فلا ينفع بقاء الموضوع المزبور الّا لاجراء استصحاب الكريّة فى الماء المزبور لا لاستصحاب طهارته والفرض فى المقام هو استصحاب الحكم لا استصحاب الموضوع لانّه سيأتي عنوانه فى كلام المصنّف هذا مضافا الى انّ الشكّ المذكور شك فى بقاء المقتضى ولا يجوز الاستصحاب فيه على طريقة المصنّف قدّس سره فليتدبّر جيّدا قوله نعم لو علم مناط هذا الحكم وموضوعه المعلق عليه فى حكم العقل اه وهذا استدراك لجواز استصحاب الحكم الشرعى الغير المستند الى حكم العقل وتوضيحه ان ما ذكر من جواز احراز موضوع الحكم الشرعى المستقل التأسيسى التأصلى من جهة الرجوع الى العرف بناء على كونه ميزانا لبقاء الموضوع كما سيأتى انما هو اذا كان موضوعه غير معلوم بالتفصيل فان كان كل فلا بدّ من جعله هو المناط ولا عبرة بما جعل فى ظاهر الادلّة الشرعيّة هو الموضوع ولا مسرح لاثبات بقائه بالعرف لانّ الظّاهر انّما يكون حجة مع عدم القاطع فما جعل بحسب الظاهر موضوعا اما ان يكون مطابقا للموضوع المعلوم بالتفصيل واما ان يكون مخالفا له فعلى الاوّل لا فائدة فى جعله موضوعا وعلى الثانى لا معنى لجعله موضوعا وقد ذكرنا ان جعل الاصول فى موضوع عدم العلم بالمطابقة وعدم العلم بالمخالفة ويجمعهما الشكّ والاحتمال فعلى ما ذكرنا لا غبار فى كلام المصنّف قدس‌سره فما ذكره شيخنا قدس‌سره فى مجلس البحث والحاشية من ان فى الفرق بين ما علم اجمالا بالمناط وبين ما علم تفصيلا به بالانقلاب فى الثانى دون الأوّل خفاء واشكالا فان العقل ان استقل بانّ الموضوع فى القضية الشرعيّة لا بدّ ان يكون هو المناط الاولى فيبطل بناء عليه التفصيل المتقدم المبنى على انكار هذا وان لم يستقل بذلك بل جوز ان يكون الموضوع فى القضيّة الشرعيّة غير المناط الاولى كما هو الحق المشاهد بالوجدان فلا معنى لصرف الحكم عنه بعد العلم بالمناط ثم التجأ من اجل الاستشكال المزبور الى حمل قوله نعم لو علم المناط اه الى الحكم الشّرعى المستند قال ويحتمل ان يكون المراد من العبارة الحكم المستكشف من القضيّة العقليّة فيخرج عن مفروض البحث فلا يتوجه عليه شيء فتامّل انتهى وفيه ما تقدم من وجود مناط الرّجوع الى الاستصحاب وهو الشكّ والاحتمال فى الاوّل دون الثانى مع الرّجوع الى العرف فيهما وذلك ظاهر إن شاء الله الله وقد اشرنا الى بعض الكلام فى ذلك ايضا

٥٠٥

فيما سبق عن قريب قوله اذا كان العدم مستندا الى القضية العقليّة اه صريح كلام المصنّف انّ الأحكام الشرعيّة الوجوديّة الواردة فى موارد الاحكام العقليّة لا بد ان تكون مستندة اليها بخلاف الاحكام الشرعيّة العدميّة فانّها على قسمين قسم يكون مستندا الى الاحكام العقليّة وقسم لا يكون كذلك وجه الفرق ان العقل اذا حكم بشيء فلا بد أن يلاحظ جميع ما له دخل فى العلّية للحكم فلا بد فى حكمه من وجود الشرائط وارتفاع الموانع باسرها والفرض عدم تخطئة الشارع للعقل ومن المعلوم عدم جواز توارد علتين مستقلتين على معلول واحد فاذا كان جميع ما لا بدّ منه فى الحكم ملحوظا عند العقل وعلة تامة لحكمه فلا بد ان يكون المناط والموضوع فى حكم العقل هو المناط والموضوع فى حكم الشرع فلا يعقل ان يكون حكم الشرع مستندا الى مناط وموضوع آخر غير ما هو المناط والموضوع فى حكم العقل ولذا حكم القوم بطريق القطع بالملازمة بين حكم العقل والشّرع وقالوا كلّ ما حكم به العقل حكم به الشّرع هذا فى الوجودى امّا العدمى فعدم المعلول مستند الى عدم العلّة ويكفى فى عدمها المستلزم لعدم المعلول انتفاء جزء من اجزائه او شرط من شرائطه او وجود مانع من موانعه فيمكن ان يختلف نظر العقل والشرع فى الحكم بعدم المعلول ويحكم العقل لوجود المانع ويحكم الشرع لعدم وجود المقتضى مثلا هذا ممّا يمكن ان يقال فى وجه الفرق وفيه انه يمكن تعدد الاسباب والمقتضيات فى جانب الوجود ايضا فيمكن ان يكون حكم العقل مستندا الى مقتض مع علمه بعدم المانع وحكم الشرع الى مقتض آخر سابق عليه بحيث يكون وجود المعلول فى الواقع مستندا اليه وبالجملة المعرفات كما يمكن ان يكون متعددة فى جانب العدم كذلك فى جانب الوجود والعلّة التامّة تكون تعددها ممتنعا فى جانب الوجود والعدم معا مع ان ما ذكر فى بيان الفرق من جواز كون العدم مستندا الى المانع عند العقل مع كونه مستندا الى عدم المقتضى السّابق عند الشرع يستلزم تخطئة الشّرع للعقل بان ما هو المستند عند العقل لا يكون فى الواقع علته ودليلا وهذا يستلزم ما هو خلاف المفروض بل ينثلم به قاعدة التلازم فالاولى ان يستند فى ذلك الى الاستقراء بعدم وجود حكم الشرع الغير المستند فى الوجودى ووجوده فى العدمى كالبراءة الثابتة فى حال الصغر فان العقل انّما يحكم بها فى غير المميز والمعدوم ولا يحكم

٥٠٦

بها فى المميز والمراهق والشرع قد حكم فيهما ايضا فعلم عدم استناده الى حكم العقل وانّ الموضوع فى القضيّة الشرعيّة اعمّ من موضوع حكم العقل ويمكن الخدشة فيه ايضا بامكان وجود حكم الشّرع الغير المستند فى الوجودى ايضا ألا ترى انّ العقل لا يحكم بحسن ردّ الامانة الى الكافر الحربى لو اجبت منه وقد ورد فى الشرع كما فى الوسائل ردّ الامانة ولو الى قاتل الحسين عليه‌السلام ولا يحكم العقل بحسن اكرام الضّيف اذا كان كافرا وقد ورد فى الشرع الامر باكرامه وواقعة الخليل ع مع ضيفه المشرك معروفة وايضا لا يحكم العقل باستحقاق الثواب مع عدم الخلوص وقد افتى به فى الصّدقة المحقق القمّى ره فى جامع الشتات على ما هو ببالى ولعلّه من جهة قوله ع لكلّ كبد حرّاء اجر وغير ذلك هذا ثم ان فى كلام المصنّف قدّس سره مسامحتين الاولى فى جعله الاعدام من الاحكام الشرعيّة والثانية فى جعله العدم قسمين المستند وغير المستند مع انّ المقسم هو الاحكام الشرعيّة المستندة فقط قوله عند ارتفاع القضية العقلية قد ذكر عن قريب انه مع فرض الشكّ فى بقاء الموضوع على التقريب الّذى ذكر يقطع بانتفاء الحكم العقلى ويحكم بعدم جواز استصحاب الحكم الشرعى المستند فكيف اذا قطع بانتفاء القضيّة العقليّة موضوعا ومحمولا كما فى المقام قوله وممّا ذكرنا ظهر اه المعترض هو صاحب الفصول قدّس سره قال فيه ان المراد باستصحاب حال العقل كلّ حكم ثبت بالعقل سواء كان تكليفيّا كالبراءة حال الصغر واباحة الاشياء الخالية عن امارة المضرّة قبل الشرع وكتحريم التصرّف فى مال الغير ووجوب ردّ الوديعة اذا عرض هناك ما يحتمل زواله كالاضطرار والخوف فى المثالين الاخيرين او كان وضعيّا سواء تعلّق الاستصحاب باثباته كشرطيّة العلم لثبوت التكليف اذا عرض ما يوجب الشكّ فى بقائها مطلقا او فى خصوص مورد او بنفيه كعدم الزّوجيّة وعدم الملكيّة الثابتين قبل تحقق موضوعهما وتخصيص جمع من الأصوليّين لهذا القسم بالمثال الاوّل لا وجه له انتهى كلامه رفع مقامه وانما نقلنا عبارته هنا مع انه سيجيء فى كلام المصنّف قدّس سره نقلها فى الامر الثالث من تنبيهات هذا المبحث ليفهم حال الامثلة وتوجه ردّ المصنّف عليها ووجه عدم ورود الاعتراض المذكور انه قد علم مما سبق عدم جريان الاستصحاب فى نفس الاحكام العقليّة ولا فى الاحكام الشرعيّة المستندة اليها والظاهر من عبارة المعترض جريان الاستصحاب فى نفس الاحكام

٥٠٧

العقليّة وبطلانه فى غاية الوضوح مع انه ليس مراد القوم بل ولا الثانى بل مرادهم استصحاب حال الشرع الّتى وردت فى مورد حكم العقل من غير ان يكون مستندة اليه ووجه تخصيصهم ذلك باستصحاب البراءة امّا قيام البرهان على عدم امكان وجوده فى الوجودى بخلاف العدمى او لحكم الاستقراء بذلك وبانحصاره فى المثال المزبور وقد عرفت ما فيهما مع ان ظاهر كلام القوم هو اجراء الاستصحاب فى نفس الحكم العقلى وإن كان فى غاية الوضوح من البطلان او الحكم الشّرعى المستند لكنه دونه فى وضوح البطلان وقد عرفت اختيار جمع لجواز الاستصحاب فيه وحمل كلام القوم على هذا المعنى ليس ببعيد وما ذكره المصنّف قدّس سره فى غاية البعد من مساق كلماتهم وح فيتوجه اعتراض صاحب الفصول فى الجملة وان كان خلاف الرّأي الّذى يظهر منا من عدم حجّية الاستصحاب فى الحكم المستند مطلقا قوله وما ذكره من الامثلة يظهر الحال فيها ممّا تقدم ويرد على جميع الامثلة المذكورة عدم تعقل شكّ العقل فى حكمه مع انه مع فرض الشكّ فى الموضوع لا يجرى الاستصحاب ويرد على استصحاب البراءة مضافا الى ما ذكرنا ان الموضوع متغيرا ومحتمل التغيير فلا يجرى الاستصحاب مع انّ الحكم للشكّ لا للمشكوك ويرد على استصحاب اباحة الاشياء ان الحكم فيها للشك لأن الاباحة هناك ظاهرية فيكفى فيها قوله ع كلّ شيء لك حلال ويرد على شرطيّة العلم مضافا الى ما سبق عدم كون الشرطيّة مجعولة ويرد على الاخير بان استصحاب عدم الزوجيّة والملكية ليست لهما حالة سابقة ان اريد بهما استصحاب عدم الزوجيّة والملكية لشيء وان اريد استصحاب العدم الازلى فلا معنى له مع انّه يكون مثبتا قوله الى حصول رافع او غاية الفرق بينهما انّ الغاية قد تكون رافعة مثل الحكم باستمرار اثر عقد النكاح مثلا الى حصول الطّلاق او الفسخ وقد تكون غير رافعة مثل استمرار وجوب الصّوم الى اللّيل اذ اللّيل ليس رافعا بل هو غاية وبيان لانقضاء اقتضاء المقتضى فالغاية اعمّ من الرافع وسيأتي فى كلام المحقق الخوانساري التمثيل بكلا القسمين للغاية قوله فى الاوّل مطلقا كما يظهر من المعارج ان اراد من الاوّل استمرار حصول الحكم الى رافع او غاية كما هو الظاهر منه خصوصا مع مقابلته بقوله او بشرط كون الشكّ فى وجود الغاية ففيه ان المحقّق

٥٠٨

لا يقول بحجّية الاستصحاب الّا فى الشكّ فى الرافع فقط لا فى الشكّ فى الغاية ولو لم تكن رافعة وان اراد به هو الشكّ فى حصول الرافع فقط فهو وان استقام لكنه خلاف الظاهر قطعا من دون نصب قرنية عليه ثم ان كون المحقق قائلا بحجّية الاستصحاب مطلقا بالمعنى المزبور مع انه لم يتعرض للاستصحاب فى الشبهة الموضوعيّة اصلا اما من جهة وجود المناط فيهما ايضا او من جهة عدم القول بالفصل وسيجيء شطر من الكلام فى ذلك عند ذكر حجّة القول التاسع الذى اختاره المحقق قدس‌سره مع ان ما ذكره المصنف هنا من جعل النسبة بين مختار المحقق وبين مختار شارح الدّروس عموما وخصوصا مطلقا ينافى جعله النّسبة بين مختاره الّذى هو عين مختار المحقق وبين مختار شارح الدّروس تباينا جزئيا فانتظر قوله او بشرط كون الشكّ فى وجود الغاية سيأتي عن قريب فى كلام المصنّف ره فى مقام بيان الاقوال ان المختار عند المحقق الخوانسارى حجّية الاستصحاب فى موضعين الشك فى وجود الغاية والشكّ فى كون الشيء مصداقا للغاية بالاشتباه المصداقى دون المفهومى وان كان فى كلامه اشكالا سيأتى منا تبعا لشيخنا قدس‌سره عند كلام شارح الدّروس وان المختار عنده حجية الاستصحاب فى ثلاثة مواضع لا فى موضعين وعلى اىّ تقدير لا يصح نقله هنا لمذهب شارح الدّروس قوله وتخيّل بعضهم تبعا لصاحب المعالم يفهم من كلام المصنّف هنا وفى مقام نقل كلام المحقق عند نقل القول التاسع وانّه اقوى وفى مقام الاستدلال على مختاره انه فهم من كلام صاحب المعالم حيث قال انّ قول المحقق موافق للمنكرين وانّه قائل بعدم حجّية الاستصحاب مطلقا ان مراده عدم حجّية الاستصحاب فى الشكّ فى المقتضى الّذى هو محلّ النّزاع وانّ الاستصحاب المصطلح حجّة فى الشكّ فى الرّافع الّذى ليس هو محلّ النّزاع بل المنكرون يسلّمون حجّيته فى الشكّ فى الرّافع وانّما ينكرون حجّيته فى الشكّ فى المقتضى فيستظهر من كلام صاحب المعالم شهادته على خروج الشكّ فى الرّافع عن حريم النّزاع فى باب الاستصحاب هذا لكن الظاهر كما افاده شيخنا قدس‌سره ان صاحب المعالم لم يفهم ذلك من كلام المحقّق ره بل انّما فهم من كلامه انّ مراده التمسّك بالعموم والإطلاق الّذى هو تمسّك بالدّليل اللّفظى وخارج عن الاصل العملى وعن الاستصحاب راسا ولذا جعله من المنكرين مطلقا فعلى هذا ليس فى كلام صاحب المعالم شهادة على خروج الشكّ فى الرّافع عن محلّ النّزاع فى باب الاستصحاب وان حجّيته بمعنى كونه اصلا عمليّا محل الاتفاق بين العلماء فتبصّر وتدبّر جيّدا قوله

٥٠٩

مع كون الشكّ فيه نظير الشكّ فى الرّافع اه فانّ اقتضاء المقتضى فيه محرز لو لا الرّافع فالشكّ فيه يكون شكا في الرّافع فيكون نظير الشكّ فى الرّافع للحكم الشرعى مع انّهم قالوا بعدم حجّية الاستصحاب فيه قوله من بعض استدلال المثبتين مثل قولهم ان المقتضى موجود والمانع لا يصلح للمانعية اه بل يفهم منه ان محلّ النزاع انّما هو فى الشكّ فى الرافع فقط وان الشكّ فى المقتضى خارج عن حريم النّزاع بمعنى انّهم متفقون على عدم حجّية الاستصحاب فيه ومثل قولهم بانه لو لم يعتبر الاستصحاب لانسد باب الاستنباط للاحكام من الادلّة لتطرق احتمالات فيها لا يندفع الّا بالاستصحاب بضميمة ان الشكّ فى بقاء الاعدام يكون شكا في الرافع على ما ذكره المصنف فى بعض كلماته او ان الشكّ فى بقائها قد يكون من الشكّ فى الرّافع وقد يكون من الشكّ فى المقتضى كما انّ الامر فى الوجودى ايضا كذلك واصرح من ذلك ما نقله الوحيد فى محكى رسالته الاستصحابية حيث انّه قسم الاستصحاب الى العدمى والوجودى ثم نقل القول بالتفصيل بينهما والجواز مطلقا والعدم مطلقا بملاحظة الضّميمة المزبورة قوله والنافين مثل قولهم لو كان الاستصحاب معتبرا لزم ترجيح بينة النافى لاعتضاده بالاستصحاب وقولهم ان النافى يحتاج الى الدّليل بالضميمة المزبورة وقد اكثر المصنف قدّس سره سابقا من الادلّة على دخول العدميّات فى محل النزاع فاذا كان الشكّ فى الاعدام راجعا الى الشكّ فى الرّافع يتم المطلوب قوله هو عموم النّزاع لما ذكره المحقق ره يعنى ان ما ذكره المحقق من حجّية الاستصحاب فى الشكّ فى الرافع ليس اجماعيا بل هو محل النزاع بين العلماء فما ذكره صاحب المعالم من كون المحقق من المنكرين مطلقا لانّ محلّ النزاع هو الشكّ فى المقتضى لا الشكّ فى الرافع لاتفاقهم على حجّية الاستصحاب فى الشكّ فى الرافع ليس بالوجه لكن قد علمت ان مراد صاحب المعالم ليس انّ المحقّق متمسّك بالاستصحاب المعروف فى الشكّ فى الرّافع وانّه من المنكرين من جهة كون الشك فى الرّافع خارجا عن محلّ النزاع بل لانه متمسّك بالاصل اللّفظى لا بالاصل العملى ولأجل ذلك هو موافق للسيّد مرتضى المنكر للاستصحاب رأسا وان كان صاحب المعالم مخطئا فى هذا الفهم على ما سيمر عليك ايضا شرحه ثمّ من العجيب اصرار المصنّف قدس‌سره فى

٥١٠

هذا المقام وفيما سيأتي عن قريب من كون الشكّ فى الرافع ايضا محلّ النزاع فى باب الاستصحاب وعرفت اصراره عن قريب فى كون العدميّات ايضا محلّ النزاع فى باب الاستصحاب ثمّ يقول فى مقام الاستدلال على مختاره من حجّية الاستصحاب فى الشكّ فى الرافع دون المقتضى الاوّل ظهور كلمات جماعة فى الاتفاق عليه ويقول فى مقام بيان حجة التفصيل بين العدمى والوجودى بعد سوق شطر من الكلام فى ذلك وقوله ان التفصيل المزبور مساوق للتفصيل المتقدم المختار وهو التفصيل بين الشكّ فى المقتضى والشك فى الرّافع امّا على عدم حجّية الاستصحاب فى الوجوديات فيما تقدم فى ادلّة النافين واما على حجيته فى العدميّات فيما تقدم فى ادلّة المختار من الاجماع والاستقراء والأخبار بناء على انّ ابقاء الشيء المشكوك بقائه من جهة الرّافع انّما يحكم ببقائه لترتبه على استصحاب عدم وجود الرافع لا لاستصحابه فى نفسه ويقول فى مقام بيان حجة القول التاسع وهو التفصيل بين الشكّ فى المقتضى والشك فى الرافع بعد نقل استدلال المحقق ورده وان الاولى الرّجوع الى الرّوايات لكن لا بد من التامّل فى ان هذا المعنى جار فى المستصحب العدمى ام لا ولا يبعد تحققه فيفهم من مجموع كلماته قدّس سره تحيّره فى ذلك قوله بولا او وذيا يعنى مع معلومية حكم الوذى ايضا فى الشريعة قوله كالرّطوبة اه يعنى استصحاب بقاء الرّطوبة واليبوسة وعدم نقل اللفظ لكن الاخير اصل لفظى مبناه على الظهور لا اصل عملى قوله كالشكّ فى بقاء اه هذا من امثلة الشكّ فى المقتضى قوله بعد حدوث المذى منه من جهة عدم معلوميّة حكم المذى فى الشّريعة وهذا من امثلة الشك فى الرافع قوله حيث ينكرون كلا المثالين من الشبهة الموضوعيّة قوله حيث يستدلون بتوقف نظام اه وهذا منطبق فى الاغلب على الشبهة الموضوعيّة ومثله فى الدلالة على كون الشبهة الموضوعية داخلة فى حريم النزاع قولهم انه لو كان الاستصحاب حجة لكان بيّنة النفى اولى وارجح من بيّنة الاثبات قوله كلّ امر من الامور الشرعيّة اى الّذى تعلّق به حكم فى الشريعة او يكون حكما شرعيّا كالطّهارة والنجاسة والامثلة تشملها قوله وقد يكون قول الحجام المسلم ومن فى حكمه اه فاذا اخبر الحجام بتطهيره موضع الحجامة يقبل قوله وكذلك اذ اخبر القصار بتطهيره الثوب للمالك يقبل قوله والمراد بمن فى حكمه لعلّه المميز الغير البالغ اذا كان حجابا او قصّارا لأنّه فى حكم المسلم وان لم يكن مسلما حقيقة لعدم الاعتبار بتكلمه بالشهادتين ويمكن ان يكون المراد بمن فى حكمه كلّ ذى صفة وعمل فانه يؤتمن

٥١١

على عمله كما ورد فى الأخبار وافتى به المحدّث المزبور وقد نقل فى الحدائق عنه فى فوائده المدنية فى عدّ جملة من اغلاط الفقهاء ومن جملتها انّ جمعا من ارباب التدقيق منهم زعموا انا اذا علمنا بنجاسة ثوب مثلا لا نحكم بطهارته الّا اذا قطعنا بازالتها او يشهد بها شاهدان عدلان لانّ اليقين لا ينقض الّا باليقين او بما جعله الشارع فى حكم اليقين وهو شهادة العدلين فى الوقائع الجزئيّة وانا اقول لنا على بطلان دليلهم وجهان الاوّل القطع من تتبع الأخبار على ان كلّ ذى عمل مؤتمن على عمله ما لم يظهر خلافه وان شئت ان تعلم كلما علمنا فانظر الى الاحاديث الواردة فى القصارين والجزّارين وحديث تطهير الجارية ثوب سيّدها والحديث الصّريح فى ان الحجّام مؤتمن فى تطهير موضع الحجامة والثانى اصل البراءة فيما يعمّ به البلوى انتهى حاصل كلامه ثمّ فصّل صاحب الحدائق الكلام فى مقام تأييد ما ذكره المحدّث المذكور وقد يكون بيع ما يحتاج اه فانّ بيع اللحم والطعام ونحوهما ممّا يحتاج الى الذّبح او الغسل فى سوق المسلمين علامة للحكم بذبحه وطهارته قوله واشباه ذلك وهذا اشارة الى ما ذكر من الامثلة مثل كون الرّجل مالك ارض الى آخره قوله من حيث المانع وجودا اه يعنى من حيث الشكّ فى وجود المانع او مانعية الوجود قوله اعنى الشكّ فى النسخ وقد ذكرنا انّ الشك فى النسخ خارج عن محلّ النّزاع لا لاجل الاستصحاب بل لاجل دلالة اللفظ على العموم فى الأزمان قوله معنى استصحاب الحال هو اه فان كانت الصّغرى لبيان مورد الاستصحاب فتدلّ عبارته على خروج الظنّ بالخلاف عن محلّ النزاع وان كان الحدّ للاستصحاب هو خصوص الصّغرى لا انها لبيان المورد دلت ايضا على خروج الظن المزبور عن حريم الخلاف بل عن حقيقة الاستصحاب وان كان الحدّ هو المجموع دلّت على ما ذكر ايضا هذا ان صدقناه فى نقله او فهمه وإلّا فلا يبعد القول بعدم خروجه عن محل الخلاف قوله عمّ صورة الظن الغير المعتبر اه بل يشمل الظن المعتبر ايضا غاية الامر حكومة دليل اعتبار الظن على دليل الاستصحاب على ما سلف وسيجيء لا ان قوله ع لا تنقض اليقين بالشكّ لا يشمله موردا كما توهّمه العبارة نعم الاستصحاب المذكور ليس بحجة قطعا وليس محلّ الخلاف والظاهر انه مراد المصنّف قدّس سره قوله و

٥١٢

يمكن ان يحمل كلام العضدى اه يعنى يمكن حمل كلام العضدى على صورة ارادة الظن النوعى المقيد بعدم الظنّ الشخصى على الخلاف وح فتكون صورة الظن بالخلاف ايضا خارجة عن حريم النزاع كما ان حمله على افادة الاستصحاب للظن الشخصى يوجب خروج الصّورة المزبورة عن الخلاف قوله كالشكّ فى بقاء اللّيل والنّهار هذا من امثلة الشبهة الموضوعيّة وقوله وخيار الغبن من امثلة الشبهة الحكمية قوله كالشكّ فى حدوث البول الشك فى وجود الرّافع منحصر فى الشبهة الموضوعيّة ولذا لم يمثل الّا بها وامّا الشكّ فى النسخ فهو وان كان من الشبهة الحكمية الّا انّ العمل به ليس لاجل الاستصحاب كما تقدم قوله كفعل الطهر اه والشبهة فيه تكون شبهة حكميّة قوله كالمذى والشبهة فيه ايضا من الشبهة الحكمية قوله كالرطوبة المرددة هذا من الشبهة الموضوعيّة قوله او مجهول المفهوم فاذا شكّ فى كون شيء مصداقا للكلى الّذى لم يعلم مفهومه بالكنه بل كان له افراد واضحة وافراد خفية كماء السّيل الغليظ مثلا انه من افراد الماء المطلق ام لا تكون الشبهة فيه من الشبهة الحكمية لانّ منشأ الشكّ عدم فهم حقيقة الماء المطلق وقد ذكرنا مرارا ان مثل هذا الشكّ يكون ايضا من الشبهة الحكميّة قوله توهم الخلاف يعنى ان ظاهر الدليل المزبور يوهم خروج الشكّ فى المقتضى من حريم الخلاف وان الكل متفقون على عدم حجية الاستصحاب فيه حيث جعل فى الاستدلال وجود المقتضى مفروغا عنه لكن الدليل لا ينحصر فى هذا عندهم ـ فيمكن ان يكون هذا الدليل اخصّ من مدّعاهم وعلى فرض كون مراد المستدلّ المزبور ـ اختصاص الخلاف بالشكّ فى الرّافع لا ينافى الخلاف ايضا لجواز اشتباهه فى هذا الفهم مع ان الخلاف فى الشكّ فى المقتضى من اظهر الأشياء عند التتبع قوله فالظاهر ايضا وقوع الخلاف فيه قد عرفت توجه الاشكال عليه عن قريب وانه مناف لبعض كلماته الاخرى فى بعض الحواشى السّابقة فراجع قوله وان الاستصحاب لو كان حجّة بضميمة ان العدم السابق باق حتى يجيء رافعه وهو وجود علة الوجود وقد اشرنا اليه سابقا ايضا وسيجيء الاشكال فى كون الشكّ فى الاعدام كليّة من الشكّ فى الرافع فانتظر قوله الرّابع التفصيل بين الامور الخارجية اه يعنى التفصيل بين الامور الخارجيّة وبين الحكم الشرعى الاعمّ من الجزئى والكلّى بعدم الاعتبار فى الاوّل والاعتبار فى الثانى مطلقا وهو الّذى ذكر المصنّف سابقا بانه هو الظاهر ممّا حكاه

٥١٣

المحقق الخوانساري قال قدّس سره الاول اعتبار الاستصحاب فى الحكم الشّرعى مطلقا جزئيا كان كنجاسة الثوب او كلّيا كنجاسة الماء المتغيّر وهو الظاهر اه وعبارة المحقّق الخوانسارى الّتى سيأتى نقلها فى كلام المصنّف هكذا وهو ينقسم الى قسمين باعتبار الحكم المأخوذ فيه الى شرعى وغيره فالأوّل مثل ما اذا ثبت نجاسة ثوب او بدن فى زمان فيقولون بعد ذلك يجب الحكم بنجاسته اذا لم يحصل العلم برفعها والثانى مثل ما اذا ثبت رطوبة ثوب فى زمان ففى ما بعد ذلك الزّمان يجب الحكم برطوبته ما لم يحصل الجفاف فذهب بعضهم الى حجيته بقسميه وذهب بعضهم الى حجّية القسم الاوّل فقط اه فحمل المصنّف هذه العبارة على الاعمّ من الحكم الشّرعى الكلّى والجزئى وإن كان المثال منحصرا فى الثانى وهو الحكم الجزئى وقد صرّح بذلك عند ذكر مواقع التامّل فى كلام المحقق المزبور حيث قال ظاهره كصريح ما تقدم منه فى الحاشية الاخرى وجود القائل بحجّية الاستصحاب فى الاحكام الشرعيّة الجزئية والكليّة وعدم الحجّية فى الامور الخارجيّة وفيه نظر يعرف بالتتبع فى كلمات القائلين بحجّية الاستصحاب وعدمها وسيجيء منا نقل عدم صحّة ما حكاه المحقق المزبور عن السيّد المحقق الكاظمى فى شرح الوافية ايضا فانتظر لكن قد اشرنا فى مقام ذكر المصنّف ره التقسيم الثانى للمستصحب وهو التقسيم بين الحكم الشّرعى بالمعنى الاعمّ وبين الأمور الخارجيّة ان المحقق الوحيد البهبهانى قدس‌سره قد نقل القول المزبور عن بعضهم فى الفوائد العتيقة وفى محكى الرسالة الاستصحابيّة اذا عرفت ما ذكرنا فنقول ان كان مراد المصنّف قدّس سره فى هذا المقام نقل الاقوال الثابتة المحققة ولو بالنقل المعتبر فاللّازم عليه ان لا يعد هذا التفصيل فى الاقوال لانّ مستند ثبوت هذا القول عند المصنّف هو نقل المحقق الخوانسارى وسيأتى منه عدم صحة النقل المزبور ومنّا عن الشارح للوافية ايضا كما ستعرف ايضا وان كان الثابت عندنا وجود القول المزبور من جهة نقل الوحيد البهبهانى فى محكى الرّسالة وفى الفوائد العتيقة على ما عرفت ايضا فان قيل لعلّ القائل به هو شارح الدّروس نفسه اذ صرّح فى كلامه الآتي بعدم حجّية الاستصحاب فى الامور الخارجية مع قوله بحجّية الاستصحاب فى الجملة بملاحظة

٥١٤

تنزيله على الاستصحاب فى الحكم الشرعى كما هو واضح او السبزوارى بناء على ما ذكره المصنّف سابقا ان السبزوارى استظهر ذلك قلت مع ان هذا لا يصلح الخلل فى كلام المصنّف المكذب بوجود القائل بالتفصيل المزبور ان ظاهر هذا القول حجّية الاستصحاب فى الحكم الشّرعى مطلقا ومذهبهما حجية فى الحكم الشرعى فى الجملة مع ان المصنف ينسب فى هذا المقام القول العاشر والحادى عشر اليهما فكيف يصحّ نسبة القول المزبور اليهما وان كان مراده نقل الاقوال مطلقا سواء ثبت ولو بالنقل المعتبر ام لا فلا بد من ان ترتقى الاقوال الى اثنى عشر من جهة نقل المحقق القمّى ونقل المحقق الخوانسارى وهو العدد الميمون كما نقله صاحب الفصول كذلك قوله السّادس التفصيل بين الحكم الجزئى هذا ايضا كالرّافع من عدم ثبوته عند المصنّف ولذا قال فيما سيأتي حجة القول السّادس على تقدير وجوده (١) به اه (٢) قوله العاشر هذا التفصيل مع اه والمراد بالغاية فى كلامه هى الغاية الرافعة وسيأتي ممّا سينقله المصنّف عن الذخيرة اختياره لهذا القول وقد اشرنا فى بعض الحواشى السابقة انّ المستفاد من كلامه فى الذخيرة وممّا نقله عنه فى القوانين من ان المحقق السبزوارى ذكر فى موضع آخر عدم حجّية الاستصحاب فى الامور الخارجيّة مطلقا انّ المحقق المذكور مفصل فى باب الاستصحاب بين الشكّ فى الحكم الجزئى وغيره فيكون حجة فى الاوّل لكن لا مطلقا بل فيما اذا ثبت استمرار الحكم الى غاية رافعة وشك فى وجودها ولا يكون حجة فى غيره من الشكّ فى الحكم الكلّى وفى الامور الخارجيّة اصلا والظاهر ان المحقق القمّى قدّس سره فهم فى القوانين من عبارات المحقق المذكور ما فهمنا وح فيمكن نسبة القول السّادس اليه ان كان المراد حجّية فى الحكم الجزئى فى الجملة ويكون الفرق بين مختار المحقق على تقدير كون مختاره عين مختار المصنّف قدّس سره على ما سيجيء عن قريب وان ظهر من المصنّف نوع تامّل فيه عند ذكر حجة القول التّاسع والكلام فيها وبين مختار السّبزوارى من وجوه احدها حجّية الاستصحاب عند المحقق فى الشكّ فى الحكم الشرعى الكلّى فى الجملة وعدم حجّية عند السّبزوارى مطلقا وثانيها حجّية الاستصحاب فى الحكم الجزئى عند المحقق اذا كان الشك فى الرّافع مطلقا وعند المحقّق السّبزوارى يكون حجة فيه اذا كان الشكّ فى وجود الرّافع وفيه تامّل ثالثها حجّية الاستصحاب فى

__________________

(١) القائل

(٢) قوله الثامن التفصيل هذا ايضا مما لم يثبت عند المصنف وجود القائل به

٥١٥

الامور الخارجية اذا كان الشكّ فى الرّافع مطلقا (١) وعدم حجّيته عند السّبزوارى فيها مطلقا وفى هذا الفرق تأمّل ايضا وكيف كان فما ذكره المصنّف لقوله العاشر هذا التفصيل مع اختصاص الشكّ اه مشيرا الى تفصيل المحقق فى المعارج ليس فى محلّه هذا والمستفاد ممّا نقلنا عن الفوائد العتيقة ومما حكى عن الرّسالة الاستصحابية كون المحقق السّبزوارى موافقا للاخباريين بل فى مناهج الفاضل النراقى نسبته الى جمع من العلماء ان قول السّبزوارى متّحد مع مذهب الأخباريّين قوله الحادى عشر زيادة الشكّ اه قد عرفت الفرق بين الغاية والرافع وان النسبة بينهما العموم والخصوص مطلقا والمستفاد من عبارة المصنّف كون مذهب المحقّق الخوانسارى هو مختار المحقّق من التفصيل لكن مختار المحقّق الخوانسارى اخصّ من مختار المحقّق حيث انّ مختار المحقّق حجّية الاستصحاب فى الشكّ فى الرّافع مطلقا فى جميع الاقسام الاربعة لكن مختار المحقق الخوانسارى حجّيته فى قسمين منها ويرد عليه ان مذهب المحقق الخوانسارى وان كان اخص من مذهب المحقق من الجهة المزبورة لكنه اعمّ من جهة ان الغاية اعمّ من الرّافع فلا بدّ ان يكون بينهما عموما من وجه ولذا قال المصنّف فيما سيأتى وبين هذا وما اختاره المحقّق الخوانسارى تباين جزئى ومن العجيب انّ المصنّف مع ذكره هذا بعد نقل كلام المحقّق الخوانسارى وشرح القول فى بيان مطلبه والردّ عليه قد ذكر هذا هناك وذكر هنا ان مذهبه هو مذهب المحقق الّذى سيأتى عن قريب مع انّه قد عبر بعبارة تدلّ على العموم المطلق لا من وجه فى بيان نقل مذهبه هذا مضافا الى انه سيجيء وفاقا لما فهمه شيخنا المحقق انّ مذهب المحقق الخوانسارى حجية الاستصحاب فى ثلاثة مواضع لا فى موضعين كما ذكره المصنّف هذا ولا يخفى ما فى كلام المصنّف ره من المسامحة فى التعبير بقوله الحادى عشر زيادة الشك اه فتبصّر ثم ان من العجيب ايضا ما ذكره فى القوانين من ان ما ذكرنا عن المحقق الخوانسارى هو ظاهر ما اختاره المحقق فى آخر كلامه بعد ما اختار حجية الاستصحاب مطلقا قوله وهو الّذى اختاره المحقّق لا يخفى ان ما صرّح به المحقق هو حجية الاستصحاب فى الشكّ فى الرّافع اذا كان المستصحب حكما شرعيّا كلّيا ولا نظر فى كلامه الى الاحكام الجزئيّة فضلا عن الامور الخارجيّة ومذهب المصنّف ره هو حجّية الاستصحاب مطلقا

__________________

(١) عند المحقق

٥١٦

اذا كان الشكّ فى الرّافع فكيف يكون مذهبه هو عين مذهب المحقق الّا ان يقال كونه موافقا له فى الجملة او ان ذكر الحكم فى كلامه من باب المثال فيكون موافقا له مطلقا وسيجيء شطرا من الكلام فى ذلك عند ذكر حجة القول التاسع ومن العجيب ما فى المناهج حيث انه نسب الى المحقق فى اصول حجية الاستصحاب مطلقا ولعلّه قدس‌سره غفل عن قوله والّذى نختاره اه قوله كعقد النّكاح يظهر من كلامه ان المقتضى لحل الوطى والدّليل عليه هو العقد وليس فى كلامه اشارة الى ان الدّليل او المقتضى هو عموم اوفوا بالعقود او ما يجرى مجراه فما توهمه صاحب المعالم وغيره من ان كلامه راجع الى التمسّك بالعموم والإطلاق الذين هما من الأدلّة اللفظيّة ويكون التمسّك بهما تمسّكا بالدليل اللفظى وخارج عن الاصل العملى راسا فى غير محلّه نعم احراز كون العقد مثلا اذا وقع يكون اثره مستمرّا الى حين الرّافع لا بد من ان يكون من خارج من الاجماع والادلة العقلية والنقلية لكن لا دلالة فى كلام المحقق على ذلك قوله فليس هذا عملا بغير دليل اذ العمل انما هو بوجود المقتضى الّذى هو دال على الاستمرار نعم هو بمجرّده لا يكفى عندنا بل لا بدّ امّا من ضمّ بناء العقلاء او افادته الظنّ او الأخبار على اختلاف الآراء قوله ويظهر من صاحب المعالم اختياره اه وكذلك صاحب غاية المأمول قال فى المفاتيح فانّهما قالا بعد نقل كلام المحقق وهذا جيد لكنه عند التحقيق رجوع عمّا اختاره اولا ومصير الى القول الاخير قال فى المفاتيح بعد هذا النقل عنهما وفيه نظر اه ويظهر من كلام المصنف فيما تقدم وفى هذا المقام وفيما سيأتى انّه فهم من كلام المحقق حجية الاستصحاب بالمعنى المعروف فى الشكّ فى الرّافع دون المقتضى وان حجية الاستصحاب فى الشك فى الرافع متفق عليه بينهم وانّ المختار عند صاحب المعالم ايضا هو التفصيل المزبور وهذا غريب من المصنّف فانّ كلام صاحب المعالم صريح فى خلافه قال فى المعالم اصل اختلف النّاس فى استصحاب الحال ومحلّه ان يثبت حكم فى وقت ثم يجيء وقت آخر ولا يقوم دليل على انتفاء ذلك الحكم فهل يحكم ببقائه على ما كان وهو الاستصحاب ام يفتقر الحكم به فى الوقت الثانى الى دليل المرتضى وجماعة من العامة على الثانى ويحكى عن المفيد المصير الى الاول وهو اختيار الاكثر وقد مثلوا

٥١٧

له بالمتيمّم اذا دخل فى الصّلاة ثم رأى الماء فى اثنائها فالاتفاق واقع على وجوب المضى فيها قبل الرّؤية فهل يستمرّ على فعلها بعد استصحابا للحال الاوّل ام يستانفها بالوضوء فمن قال بالاستصحاب قال بالأوّل ومن اطرحه قال بالثّانى ثمّ ذكر حجة المرتضى واستدلاله بما هو صريح فى نفى الاستصحاب راسا ثم ذكر الوجوه الاربعة لحجّية الاستصحاب وقال انّ المحقّق ذكر فى اوّل كلامه انّ العمل بالاستصحاب محكىّ عن المفيد وقال انّه المختار واحتج له بهذه الوجوه الاربعة ثم ذكر حجّة المانع والجواب عنها وقال بعد ذلك والّذى نختاره نحن ثمّ نقل عبارته الى قوله ونحن مضربون عنه وقال بعد نقلها وهذا الكلام جيد لكنّه عند التحقيق رجوع عمّا اختاره اولا ومصير الى القول الآخر كما يرشد اليه تمثيلهم لموضع النّزاع بالمتيمّم ويفصح عنه حجة المرتضى فكانه ره استشعر ما يرد على احتجاجه من المناقشة فاستدرك الكلام وقد اختار فى المعتبر قول المرتضى وهو الاقرب انتهى كلامه وقد فهم فى الفصول وشيخنا المحقّق فى الحاشية ان صاحب المعالم من المنكرين لحجّية الاستصحاب راسا وحمل كلام المحقق اخيرا على ذلك ولم أر من فهم من كلام صاحب المعالم ما فهمه المصنّف ره فكانه قدّس سره لم يلحظ كلام صاحب المعالم حتى يقف على حقيقة الامر ثم على تقدير بطلان ما فهمه صاحب المعالم من كلام المحقّق فهل قول المحقق اخيرا رجوع عمّا ذكره اوّلا او هو بيان لمورد الادلّة السّابقة ذهب صاحب الفصول والمصنّف الى الثانى والمحقق القمّى فى القوانين الى الاوّل ولعلّ الاظهر هو ما ذكره المحقق القمّى ولا فائدة فى هذا النّزاع بعد الاتفاق فى ان المحقّق من المفصلين فى باب الاستصحاب بالحجّية فى الشكّ فى الرّافع وعدمها فى الشكّ فى المقتضى قوله الاوّل ظهور كلمات جماعة اه قد اورد عليه الاستاذ قدّس سره بان ما ذكره من الكلمات صريحة فى دعوى الاجماع لا ظاهرة فيها وهذا لا يرد على المصنّف لأنه قد ادّعى ظهور الكلمات فى الاتفاق لا فى دعوى الاجماع ووجه ظهورها فى الاتفاق بناء على ان يكون المراد به الاجماع انّ الاجماع حقيقة فى اتفاق الكل كما عرفت فى باب الاجماع المنقول ولا ريب انّ الاصل فى الاستعمال الحقيقة لكن يمكن ان يقال ان الإجماع صار حقيقة عرفيّة خصوصا عند

٥١٨

المتأخّرين على اتفاق جماعة يكشف عن قول المعصوم او رأيه او تقريره مع انه على تقدير التسليم لا يمكن الاخذ بالظهور المذكور بعد ما نرى من ذهاب جمع كثير من القدماء والمتأخّرين على عدم حجّية الاستصحاب بل قيل انه المشهور وان كان خلاف الواقع وكيف كان فالاجماع المنقول ليس بحجّة وعلى تقدير حجّيته فانما يكون كذلك حيث لا نعلم بمستند المجمعين او بعضهم وفساده ومن المعلوم انّ مستند حجّية الاستصحاب عند القدماء وبعض المتأخرين هو كونه مفيدا للظن وحجّيته وقد عرفت وستعرف فساد هذا الكلام صغرى وكبرى قوله فمنها ومنها ما ذكره العلّامة الطباطبائى فى استصحاب الملك فى المعاملات مطلقا فى فوائده حيث قال انّ الاجماع منعقد على بقاء الحكم فى المعاملات الى ان يثبت المزيل وان لم نقل به مطلقا فى فوائده حيث قال انّ الاجماع منعقد على بقاء الحكم فى المعاملات ولذلك قال بالبقاء فيه من لم يقل بحجّية الاستصحاب كيف ولو لا ذلك لزم ان لا يستقر الملك لأحد الى آخر ما قال لكن لا يخفى انّ الإجماع المذكور فى خصوص الشكّ فى الرّافع فى المعاملات فتدبّر قوله عن غاية البادى هو للعلامة ركن الدّين الجرجانى فى شرح المبادى للعلّامة على الاطلاق قوله ممنوع لعدم الملازمة يعنى لا ملازمة بين كون الاستصحاب فى الشكّ فى الرّافع حجّة ولا يكون مطلق الاستصحاب حجة اما عندنا فلدلالة الأخبار على حجّية الاستصحاب فى الشكّ فى الرّافع فقط وامّا عند غيرنا فلاحتمال كون بناء العقلاء مثلا على عدم الاعتناء بالشكّ فى الرّافع فقط ومنه يظهر عدم توجه ما اورده الاستاذ المحقق قدّس سره على المصنّف من ان كلامه محل تامّل لانّا نعلم من الرّجوع الى كلمات القائلين باعتبار الاستصحاب فى الشكّ فى الرّافع انّ الوجه عندهم ما ذكره الناقل وعدم انحصار الوجه عندنا لا يدل على تمسّك القائلين بالاعتبار بغيره انتهى وكانه غفل عمّا ذكره المحقق فى المعارج اوّلا وآخرا ثم انّ الاخذ باخبار شارح المبادى عن الاجماع المذكور وعدم الاخذ به عن كون الوجه اعتبار الحالة السّابقة مطلقا على تقدير قيام دليل خاص على اعتبار خبر العادل عن الاجماع واضح لامكان قيامه على الأخبار المخصوص لا عن كلّ اخباره الحدسى وعلى تقدير عدم قيام دليل كذلك فلا بدّ من ان يقال بافادته الظن وحجّية الظن المطلق مطلقا فى الفروع و

٥١٩

الاصول وح فالتفكيك بينهما مشكل والظاهران وجه التفكيك عدم الظن بعد ما نرى من كون الوجه غير ما ذكره لكن كلّ ذلك ممنوع عند المصنّف فلعلّه ذكره تاييدا لا استدلالا قوله ونظير هذا ما عن النهاية ظاهر عبارة المصنّف بل كاد يكون صريحه ان العلّامة قد استدلّ بالاجماع المذكور فى النّهاية وانه قد ارتضاه مع ان كلّ ذلك لم يكن وانما وقع فى ذلك لعدم وجود كتاب النّهاية عنده فلننقل كلام العلامة بلفظه ليتضح المطلب فنقول قال العلّامة فى النّهاية قيل القول بالاستصحاب لا بدّ منه فى الدّين والشّرع والعرف الى ان قال وامّا فى الشّرع فلانا اذا عرفنا ان الشّارع تعبدنا بحكم لم يمكننا العمل به الّا اذا علمنا او ظننا عدم طريان النّاسخ فلا بدّ من التمسّك بالاستصحاب وايضا الفقهاء باسرهم على كثرة اختلافهم الى آخر ما نقله المصنّف قال بعد نقل ذلك وفيه نظر لانّ الشرع اذا تعبّدنا بحكم فاما ان يدلّ على الاستمرار او على عدمه او يكون مطلقا فان كان الثّانى او الثالث لم يحكم بالاستمرار ولا ظنه وان كان الاوّل لم يكن ظن الاستمرار من حيث الاستصحاب بل باعتبار نصّ الشّارع عليه ولأنّه لا يزول الّا بالنّاسخ انتهى فظهر ان النقل للاجماع ليس من العلّامة وانّ دليل القائل المذكور باطل عنده وظاهر سياق كلامه عدم ثبوت الاتّفاق المذكور عنده او كونه فى صورة الشكّ فى النّسخ الّذى هو خارج عن محلّ النزاع بل هو تمسّك بالدّليل ولا ينافى ما ذكرنا حجّية الاستصحاب مطلقا عند العلّامة المصرّح بها فى الكتاب المذكور المعلوم من طريقته فى الفروع من جهة افادته الظنّ قوله ومنها تصريح صاحب المعالم اه هذا ايضا مبنى على ما فهمه المصنّف ره من كلام صاحب المعالم من فهمه ان المحقق مفصل فى باب الاستصحاب بين الشكّ فى الرّافع وبين الشكّ فى المقتضى وقد عرفت صراحة كلام صاحب المعالم فى خلاف ما فهمه المصنّف وانه لا موافق للمصنّف فيما فهمه وان خروج ما ذكره المحقّق عن محلّ النزاع عنده لانّه تمسّك بالعموم والاطلاق لا لأنّه من اقسام الاستصحاب ولكنّه متفق عليه وقد ذكرنا هذا مرارا ثم على تقدير كون ما ذكراه شهادة كيف يمكن تصديقهما مع ان المستفاد ممّا استدل به المحقق فى المعارج من ان المقتضى للحكم الاوّل موجود اه على ما سيأتى كون النزاع

٥٢٠