إيضاح الفرائد - ج ٢

السيّد محمّد التنكابني

إيضاح الفرائد - ج ٢

المؤلف:

السيّد محمّد التنكابني


الموضوع : أصول الفقه
المطبعة: المطبعة الإسلاميّة
الطبعة: ٠
الصفحات: ١٠٦٩
الجزء ١ الجزء ٢

على التحقيق للزم الحكم بترتب الاثر من اوّل الامر مطلقا ولو بنى على عدمه لكان اللّازم الرّجوع الى التفصيل الّذى ذكره فى القسم الثالث فى الاوّل ايضا لاشتراك الدليل الذى ذكره للفرق بين ما يختص وغيره نعم اصل الفساد لا يجرى فى الاوّل لمكان قطعه ومنها انه جعل حكم الغافل المعتقد للمطابقة مع انكشاف مخالفة عمله لراى مجتهده بعد التنبه كمسألة تبدل راى المجتهد مع انه يمكن الفرق بينهما وان قلنا بانّ الحق فى مسئلة التبدّل التفصيل اذ المجتهد لما عمل فى السّابق بالدليل الظنى وامتثل الامر الظاهرى الشرعى فيمكن القول بعدم نقضه بالمعنى الاوّل وبالمعنى الثالث ويلتزم بعدم تجديد العقد مثلا وعدم الاعادة والقضاء وغير ذلك اما مطلقا او على التفصيل الّذى اختاره فى باب التبدّل وهذا بخلاف الغافل المذكور فانه لم يعمل بالامر الشرعى الكاشف عن التدارك عند المخالفة بل بالامر الخيالى مع كونه مقصّرا فى الاكثر فلا معنى لعدم نقضه ولو فى الجملة ولذا فرق جماعة فى باب الاجزاء بين الامر الشّرعى الظاهرى وبين الامر المذكور الّذى سمّاه بعضهم بالعقلى وبعضهم بالخيالى بالاجزاء فى الاوّل دون الثانى فتامل ومنها انه فرق بين الغافل المعتقد بالموافقة مع انكشاف مخالفته لراى مجتهده بعد التنبه وبين القسم الثانى مع انكشاف مخالفته للحكم القطعى الصّادر من الشّارع حيث جعل الاوّل من قبيل تبدّل راى المجتهد الّذى حكم بعدم النقض فيه على التفصيل والثانى من قبيل ما لم يترتب عليه اثر اصلا مع انّه ينبغى عدم الفرق بينهما اذ عمله فى السّابق على الاوّل لم يكن مامورا به بالأمر الشّرعى او العقلى وانّما كان خياليّا مثل عمله فى الثانى حيث كان خياليّا لم يدلّ دليل على اعتباره كما هو المفروض ومنها انه فرق بين القسم الثانى والقسم الثالث فى صورة المطابقة فحكم فى القسم الثانى بترتب الاثر عليه من اوّل الامر وفى الثالث بالتفصيل مع انه ينبغى على مذهبه الرّجوع الى التفصيل فى القسمين لاشتراك الدّليل وهو عدم اعتبار السّبب المنفصل ومنها انه لم يذكر فى القسم الثّانى اصل الفساد قبل انكشاف الموافقة او المخالفة بل المستفاد من كلامه انه يحكم بالصّحة من اوّل الامر وذكر فى القسم الثالث انّه يحكم بعدم ترتب الاثر ما دام باقيا على عدم التقليد مع عدم الفرق بين القسمين لانّ اصل الفساد يجرى فى كليهما مع عدم السّئوال وعدم الرّجوع وما ذكره فى بيان الفرق من قوله اذا المفروض عدم القطع بالوضع الواقعى اه غير فارق كما لا يخفى ومنها ان ما ذكره فى

٤٠١

مقام الفرق بين ما يختصّ وبين ما لا يختصّ من ان السّبب منفصل فى الاوّل ومذهب المجتهد كون العقد مثلا سببا من حين حصوله والسببيّة المنفصلة لا دليل عليها فيه ان مفاد التقليد كون الحكم ذلك من اوّل الامر لأنّ راى مجتهده ذلك على ما اشرنا سابقا فيكون السّبب فى كليهما متّصلا مع انّه لو كان منفصلا فيما يختصّ كان كذلك فى غيره فلم فرق بينهما ومنها عدم صحة الرّجوع الى اصل الفساد لأنّ الاصل لا يجرى مع الدليل وقد ذكرنا وجود الدليل من جهة ان مقتضى الامارات النظر الى الواقع اللّابشرط الّذى ليس فيه تقييد بزمان من الازمنة ومنها عدم جواز الرّجوع الى الاستصحاب بوجهين الاوّل عدم جريانه مع الدليل وهو التقليد بتقريب ما سبق الثّانى انه امّا ان يراد به استصحاب عدم ترتب الاثر الواقعى فيكفى فيه اصل الفساد وان اراد استصحاب الفساد الظّاهرى فهو غير مشكوك ومنها انّ ما يستفاد من كلامه من كون اصل الفساد اصلا على حدة غير الأصول الاربعة المعروفة داخلا فى اصل العدم او عدم الدليل مضعف فى محله اذ قد قرر فيه انه ليس لنا فى الشبهات الحكمية غير الاصول او عدم الدليل مضعف فى محله اذ قد قرر فيه انه ليس لنا فى الشبهات الحكمية غير الاصول الاربعة المعروفة وقد فصّلنا الكلام فى ذلك فى اوّل الكتاب قوله خلافا لجماعة اه وقد فصل فى هداية المسترشدين بين ما اذا كان الانكشاف بطريق قطعى فيحكم بنقض الآثار وبين ما اذا كان بالظنّ الاجتهادى فلا يحكم به وفيه انه لا فرق بين الظنّ والقطع بعد كونهما متساويين فى نظرهما الى الواقع اللابشرط الذى ليس فيه تقييد بزمان حال او استقبال او ماض وكون الراى السّابق ملغى من جهة قيام الدّليل على خلافه فى الآن اللّاحق والترجيح بلا مرجّح لا يلزم بعد كون المناط هو الرّأي الثانى الّذى مقتضاه بطلان ما ادّى اليه الامارة فى الزّمان الاوّل قوله اذا كان مبنيا على الدوام والاستمرار اه لا فرق بين ما اذا كان مبنيّا على الدّوام والاستمرار وبين ما لم يكن بعد ما ذكرنا من ان مقتضى الامارة الثانية خلاف الحكم السّابق وانه لا بدّ من العمل بمقتضى ما انكشف له من الامارة الثانية من اوّل الامر مع انّ الدوام ليس منضبطا فلعل الدوام فى العبادات اكثر مع انه يلزم الفرق بين الزوجية الدائمة والمنقطعة والملكية الدائمة والموقتة على المذهب المذكور مع ان كثيرا من البيوع مثلا ليست مبنيّا على الدّوام كما هو المشاهد فى حال التجار وامثالهم حيث انّهم يبيعون ما يشترون بلا تخلل مدة كثيرة قوله وفيه ان قصد الانشاء اه وقد ردّ التوهّم

٤٠٢

المذكور فى القوانين ايضا بمثل ما ذكره المصنّف ره فراجع قوله بانيا على الاقتصاد عليه لا بانيا على السّئوال والفحص بعد الفراغ قوله لانّ الشاك فى كون المأتيّ به اه والفرق بينه وبين العامل بالبراءة بعد الفحص مع ان اصل البراءة لا يعين ماهيّات العبادات فيبقى الشكّ معه ايضا ان العامل بالبراءة معذور وله ان يلقى احتمال جزئية السّورة ولا يعتنى به بخلاف الجاهل فانه ليس بمعذور ولا يخفى ان قصد التقرب فى الاوّل انّما هو بملاحظة الامر الظاهرى وهذا مبنى على كون الامر الظاهرى مقربا قوله فالاقوى صحته او انكشفت مطابقته للواقع يعنى مطلقا سواء قصر فى تحصيل العلم بان كان مترددا او شاكا فى اول الامر فلم يتفحص حتّى حصل له الغفلة او الاعتقاد بعدم وجوب السّورة مثلا من جهة قول الابوين او غيرهما او لم يقصر بان كان غافلا او معتقدا من اوّل الامر بل قيل ان الامر فى الاعتقاديات ايضا كذلك وانه يكفى ما اعتقده دليلا واوصله الى المطلوب وان كان تقليدا كما يفهم من كلام المحقق نصير الدين قدس‌سره قوله لبيان الطرق الشرعيّة الّتى لا يقدح اه يعنى ادلّة رجوع المقلّد الى المجتهد انّما هى لبيان معذورية العامل بالتقليد وسقوط العقاب وعدم وجوب القضاء والاعادة مع عدم انكشاف الخلاف بل مع انكشافه ايضا فيما اذا ثبت دليل على الاجزاء فيه كما قرر فى موضعه لا الاجزاء مطلقا اذ ليس هو مذهبه او انه مبنى على مذهب الغير قوله لا لبيان اشتراط الواقع بها يعنى ليس التكليف الواقعى مقيدا بالطّريق لا فى مرتبة الواقع ولا فى مرتبة الفعلية امّا الاوّل فلزوم الدّور كما ذكر مرارا وامّا الثانى فلما ذكره قدّس سره فى ردّ الشيخين المحققين صاحب هداية المسترشدين وصاحب الفصول فى باب دليل الانسداد وغيره مشبعا ويشير اليه عن قريب ايضا قوله ان العبرة فى باب المؤاخذة والعدم اه هنا صور اربع مطابقة الواقع والطريق فى الحكم الالزامى مطابقتهما فى غيره وكون الواقع حكما الزاميّا والطّريق دالّا على عدمه وبالعكس ولا اشكال فى الاوليين وانما تظهر ثمرة الخلاف فى الاخيرتين قوله فيعاقب فى الصّورتين فى الصّورة الاولى لمخالفة الواقع وفى الصّورة الثانية لمخالفة الطريق قوله فلا عقاب فى الصّورتين اما فى الصّورة الاولى فلموافقة الطّريق الدال على الاباحة وامّا فى الصّورة الثانية فلموافقة الواقع الّذى هو الاباحة قوله وليس التكليف بالطّريق الظّاهرية الّا لمن عثر عليها ليس التكليف بالطريق الظاهريّة مقيدا بالعثور عليها لان التكليف بالطّرق

٤٠٣

الظاهرية كالتكليف الواقعى لا يمكن ان يكون مقيدا بالعلم للزوم الدّور وسيشير الى عدم التقييد عن قريب فلا بدّ من حمل العبارة على الفرق بين الواقعى والظاهرى وان موافقة الواقع موجبة للامتثال بخلاف موافقة الطّرق فانّها بمجرّدها ليست كذلك بل لا بدّ فيه من الاستناد لأنّ الامر الظاهرى انّما تعلّق بهذا الموضوع فالمقصود انه لا يصدق العمل بالحكم الظّاهرى الّا بعد الاطّلاع عليه والاستناد اليه بخلاف العمل بالحكم الواقعى فانه لا يلزم فى صدقه الاستناد فانه يصدق بمجرد الموافقة الاتفاقية فتدبّر قوله ومن ان الواقع لما كان فى علم الله اه ليس البحث منحصرا بصورة الانسداد الّذى لا يمكن فيها الوصول الى الواقع بل المورد اعمّ من صورة الانسداد والانفتاح كليهما ثم لا يخفى انه فى مورد الانسداد ايضا يمكن الوصول الى الواقع بالاحتياط ـ فالمقصود انه لا يمكن الوصول اليه تفصيلا او ان الكلام بعد فرض بطلان الاحتياط وحجّية الظنّ ومع هذا لا تخلو العبارة عن شيء قوله ومن ان كلّا من الواقع ومؤدّى الطريق اه تعليل للوجه الثالث وهو ان مخالفة واحد من الواقع او الطريق كافية فى استحقاق العقاب قوله اما اذا كان التكليف ثابتا اه يعنى يكون الحكم الثابت فى الواقع الزاميا مع كون مؤدّى الطّريق هو الاباحة مثلا قوله وامّا اذا كان التكليف ثابتا بالطريق الشّرعى يعنى يكون الحكم الثابت فى الواقع غير الزامى ويكون مؤدّى الطريق هو الحكم الالزامى قوله فلانّه قد ترك موافقة اه هذا بناء على ان مخالفة الحكم الظاهرى موجب للعقاب قوله فان ادلّة وجوب الرجوع اه لما ذكرنا من لزوم الدّور قوله لعدم القدرة اه يعنى تفصيلا مع عدم دليل على وجوب الاحتياط كما سلف قوله لكونه ثابتا فى حق من اطّلع عليه من باب حرمة التجرى يعنى ان من اطّلع على الطّريق الّذى مؤدّاه تكليف الزامى حرم عليه عدم العمل به من جهة ان ترك العمل به تجرّ والتجرى حرام عند البعض فاذا كان تركه تجرّيا حراما فلا بد من الحكم بوجوب العمل به لمن اطلع عليه ففى العبارة ادنى مسامحة قوله فالمكلّف به فعلا اه يعنى اذا كان فى الواقع وجوب او تحريم وكان الطّريق على طبقه فيعاقب على تركه فى الاوّل وفعله فى الثانى سواء قيل بكون العقاب على مخالفة الواقع او على مخالفة الطريق او على مخالفة كليهما واذا لم يكن تكليف الزامى فى الواقع فلا مؤاخذة على التحقيق سواء كان الطّريق دالّا على الإلزام ام لا اذ المفروض عدم اطلاعه عليه او لأنّه لا يوجب المؤاخذة عليه وان اطلع عليه بعد فرض كونه مخالفا للواقع اذ الامر به غيرى لا يوجب

٤٠٤

العقاب كما سيأتي فى دليل المختار نعم اذا اطلع على الطريق الدالّ على الالزام يجب العمل به فى الظاهر لفرض عدم العلم بمخالفته فيكون ترك العمل به تجريا فاذا لم يطلع عليه فلا تجرى ايضا من اجل مخالفة الطريق هذا ولكن مقتضى الدّليل الذى ذكره المستدل عدم العقاب فى الصّورة الاولى ايضا لعدم التكليف بالواقع لعدم القدرة ولا بالطّريق لعدم العثور عليه فتدبّر قوله فاذا لم يكن وجوب ولا تحريم اه يعنى فى الواقع سواء كان الطريق دالا على الالزام ام لا كما ذكرناه عن قريب قوله فلا تجرى ايضا اى لا تجرى بالنّسبة الى مخالفة الطريق والّا فالتّجرى ثابت فى جميع الصّور المزبورة لان المفروض عدم العذر فى الغاء احتمال الحرمة فى الواقع وتقصيره فى ترك الفحص او لا تجرى اصلا على مذهب القائل المزبور قوله عدم التمكن من الوصول الى الواقع يعنى تفصيلا كما سبق قوله وان احتمل التكليف وتردد فيه يعنى اذا فحص وبحث عن الدّليل المثبت للحكم الالزامى الواقعى وعجز عن ادراكه فيحكم العقل والنقل ببراءة ذمّته عن التكليف فى مرحلة الظاهر والمفروض فى المقام تقصيره فى الفحص فاذا كان الحكم الإلزامي ثابتا فى الواقع مع ثبوت التقصير للمكلّف فلا مانع من عقابه ولا مقتضى لسقوطه لانّ المقتضى له امّا العثور على الطريق الشرعى الّذى يكون نافيا للتكليف وامّا الاصل العملى الّذى يكون نافيا للعقاب مع عدم البيان سواء كان من باب العقل او من باب النقل والمفروض عدم العثور على الاوّل وعدم جريان الثانى لانّه مشروط بالفحص والفرض عدمه قوله فهو فى الحقيقة نوع من التجرى هذا وجه آخر غير السّابق للحكم بالمعصية اذ فى السابق يحكم بالمعصية الظاهريّة من جهة كون مفاد الطريق الظن بالواقع فاذا كان مفاده الالزام فيظن بكون الواقع كذلك فعدم العمل بالطّريق يلازم عدم العمل بالواقع ظنا فيحكم بالمعصية بحسب الظاهر فاذا انكشف مخالفة الطريق للواقع فلا معصية اصلا بناء على الوجه السّابق وامّا بناء على التجرّى وكونه معصية كما هو مذهب جماعة وان توقف المصنّف فيه فى اوّل الكتاب فيحكم بالمعصية الواقعية لا الظّاهرية سواء انكشف مخالفة الطريق للواقع ام لم ينكشف ومن هذا يعلم انّ فى العبادة مسامحة ايضا قوله وهذا المعنى مفقود اه يعنى وجوب العمل مفقود مع عدم الاطّلاع وليس المراد انّ التجرّى مفقود مع عدم الاطّلاع اذ قد اشرنا الى ان التجرى حاصل فى جميع الصّور المفروضة

٤٠٥

من جهة عدم الفحص قوله فاذا رجع وصادف الواقع وجب اه يعنى اذا رجع المقلّد الى المفتى وكان راى المفتى مطابقا للواقع بان كان كلاهما واجبين مثلا وجب ترتيب آثار الوجوب الواقعى على ما افتى به بلا شرط عدم انكشاف الخلاف لعدم معقوليته على الفرض المزبور قوله وان لم يصادف الواقع لم يكن الرّجوع اليه اه يعنى اذا لم يصادف رأى المفتى للواقع بان كان الواقع هو الاباحة وكان راى المفتى هو الوجوب مثلا لم يكن الرجوع اليه واجبا فى الواقع ولم يترتب عليه آثار الوجوب الواقعى مطلقا وبلا شرط بل يترتب عليه آثار الوجوب الواقعى ظاهرا لكن بشرط عدم انكشاف الخلاف اذ بعد انكشاف الخلاف يحكم بان ما رتّبه من آثار الوجوب كان فى غير محلّه من جهة ان الامر بالطّريق كان غيريا ولاجل الإيصال الى الواقع فاذا علم بمخالفته له لا يترتب عليه شيء قوله فانه يثبت واقعا من باب التجرى يعنى ترتيب جميع آثار الوجوب مشروطة بعدم انكشاف الخلاف الا اثر العقاب على الترك الثابت من باب التّجرى بناء على كونه موجبا للعقاب فانه ليس مشروطا بعدم كشف الخلاف بل هو ثابت مطلقا على القول بكونه كذلك قوله نعم لو قلنا بان مؤدّيات الطرق الشرعيّة اه يعنى لو اخترنا مذهب صاحب الفصول واخيه قدس‌سرهما من ان المكلّف به الفعلى هو مؤدّى الطريق وان الواقع بما هو واقع ليس مكلفا به لزم من ذلك انقلاب التكليف بمؤدّيات الطرق وكان الاوجه هو الاحتمال الثانى وهو انّ العقاب انما يكون بمخالفة الطريق فيعاقب فى صورة العكس دون الاصل هذا ولكن فيه نظر اذ مذهبهما كون فعلية الواقع وتنجزه مشروطا بالطّريق لو وجد واطلع عليه فهما لا يجعلان الطريق فى عرض الواقع ولا يلتزمان بعدم وجود الواقع مع كون الطريق مخالفا اذ هو التصويب الباطل عندهما ايضا بل يقولان بكون الطريق مجعولا لأجل طريقية الى الواقع غاية الامر انهما يجعلان الظن بالطريق موجبا للظن ببراءة الذمّة بخلاف الظن بالواقع ويدل على ما ذكرنا انّهما يقولان بعدم الاجزاء اذا انكشف مخالفة الواقع بالطريق القطعى كما صرّح به فى الحاشية فى مسئلة تبدل الراى وكذا فى الفصول بل قال فيه فكما يجب التدارك اذا انكشف المخالفة لواقع الفعل كذا يجب التدارك لواقع الطريق مع عدم ظهور واقع الفعل فاذا كان المناط فى القضاء والإعادة هو الواقع

٤٠٦

فيمكن ان يكون المناط فى الثواب والعقاب ايضا هو ذلك بل هو الظاهر من مذهبهما وكلماتهما مع ان تقيد الواقع بالطّريق مع عدم العثور عليه كما هو المفروض غير سديد كما انّه مع عدم وجوده غير متصوّر ولذا يقولان ببطلان عبادة الجاهل المقصّر مطلقا ولو مع عدم الطريق لامكان الاحتياط ولو فى بعض الموارد نعم لو لم يظهر مخالفة الطريق للواقع يحكم بحسب الظّاهر انّ العقاب على مخالفة الطريق لا من حيث هو بل لاستكشاف كون مؤداه هو الواقع واذا ظهر مخالفته للواقع فلا معنى لكون العقاب على مخالفة الطريق مع بطلان التّصويب وقد اشبعنا الكلام فى ذلك فى مقام رد المصنّف لهما فى باب دليل الانسداد فراجع والله هو العالم بالاحكام قوله قد عرفت ان الجاهل العامل بما يوافق البراءة اه ويشمل كلامه ما اذا لم يستند الى اصل البراءة فيشمل الجهل المركّب ايضا لانه ايضا عامل بما يوافق البراءة قوله وقد استثنى الاصحاب من ذلك اه يعنى المشهور بين الاصحاب ذلك وليس المقصود اتفاق جميعهم على ذلك ومقصودهم من الاستثناء استثناء صورة كون المكلّف جاهلا مركّبا مع التقصير او غافلا اذ مع الجهل البسيط لا يمكن قصد القربة فكيف يحكم بالصّحة وعدم وجوب القضاء والاعادة ومع القصور كيف يمكن الحكم بثبوت المؤاخذة والعقاب على ما ذكره المصنّف ره وقد يقال بانّ اقتصارهم فى الاستثناء على موضعين مناف لما دلّ عليه صحيحة عبد الرّحمن بن الحجاج حيث حكم ع فيها بان وقوع التزويج بجهالة سواء كانت بالعدة او بالتحريم لا يكون سببا لحرمتها عليه ابدا ويجاب بان الحصر انما هو فى الصّلاة او فى العبادات او مع التقصير وان الصّحيحة واردة فى صورة القصور من جهة قوله ع لأنه لا يقدر معها على الاحتياط وفيه تامل لأن كلماتهم مطلقة ودلالة التعليل على كون الجاهل قاصرا غير سديد لانّه مع الغفلة او الجهل المركّب ولو كان عن تقصير لا يقدر على الاحتياط ايضا كما لا يخفى وقول المصنّف بان مرادهم العذر من حيث الحكم الوضعى وهى الصحة بمعنى سقوط الفعل ثانيا لا يدلّ على كون كلامهم مخصوصا بالعبادات بل الحق ومقتضى صريح كلامه فيما سبق عدم كون الجاهل معذورا فى المعاملات ايضا من حيث العقاب ومن حيث الفساد اذا كان مخالفا للواقع كما هو المفروض نعم التخصيص بالمقصّر ممّا لا بدّ منه كما عرفت لو اريد بعدم المعذورية عدمها مطلقا من حيث العقاب ومن حيث غيره اذ لا معنى

٤٠٧

للعقاب مع القصور ثم ان مرادهم من المعذورية فى القصر والاتمام فعل التمام بدل القصر دون العكس وفى الجهر والاخفات مطلقا قوله وهو الّذى يقتضيه دليل المعذوريّة نعم يقتضيه بعض ادلّتهم ممّا يتضمّن لفظ تمت صلاته ونحو ذلك لكن فى بعض الأخبار لفظ لا شيء عليه فيمكن ادّعاء شموله لنفى العقاب ايضا وفيه تامّل قوله اما بمنع تعلق التكليف فعلا بالواقعى المتروك وهذا قد يتحقق بمنع تعلق التكليف الواقعى بالمتروك وقد يتحقق بمنع تعلق التكليف الظاهرى به لكن لا بد من التزام تعلق الامر بالمأتى به فى هذا الفرض على كلا التقديرين قوله اما بدعوى كون القصر واجبا على المسافر العالم وقد نسب هذا الى علم الهدى ولا يخفى استلزامه للدور المحال ولذا قال الشهيد الثانى ان مرجعه الى النصّ الدالّ على معذورية الجاهل وهو حسن وقد عرفت فى اوّل الكتاب نقل كلام الرّسى والسيّد الرضى وجواب علم الهدى لهما ونقل كلام الشهيد الثّانى فراجع وفى الجواهر على ما حكى عنه وكانه يريد ان الجاهل هنا ايضا غير معذور بالنسبة للإثم وعدمه وإن كان فعله صحيحا وعلى هذين الحملين يرجع هذا الوجه الى احد الوجوه الثلاثة الاخرى او الى الوجه الثالث الذى سينقله عن كاشف الغطاء ويؤيّد الحملان المزبوران قول علم الهدى تارة فى جواب ـ السّئوال بانّه يجوز تغيير الحكم الشرعى بسبب الجهل وإن كان الجاهل غير معذور وتارة بان الجهل وان لم يعذر صاحبه وهو مذموم يجوز ان يتغير معه الحكم الشرعى ويكون حكم العالم بخلاف حكم الجاهل اذ المستفاد منهما عدم المعذورية بحسب المؤاخذة والعقاب فتامّل وعلى تقدير وجود القائل بما ذكره المصنف ره لا يخفى ان ظاهره بل صريحه عدم العقاب اذ مع كون القصر واجبا على العالم فى الواقع يكون التمام واجبا على الجاهل فى الواقع ولا معنى للالتزام بالعقاب ح قوله وهذا الجاهل وان لم يتوجه اه لكونه معتقدا بوجوب التمام او غافلا عن وجوب القصر فكيف يحكم بالحكم الظاهرى الّذى يكون مجعولا فى مورد الشكّ قوله باعتقاده لوجوب اه اذ يتمشى فيه قصد القربة لمكان الاعتقاد والاحتياج الى الحكم الظاهرى انما هو لتصحيح قصد القربة قوله فهو معاقب حين الغفلة على ترك اه من جهة انه حين الالتفات كان مكلّفا بالتعلّم وتركه حتى صار سببا لغفلته عن الواقع فهو معاقب على الواقع حين ترك المقدمة من غير انتظار لزمان ترك الواجب الواقعى كما تقدم بيانه وهذا كما ان من توسط ارضا

٤٠٨

مغصوبة معاقب حين الخروج ايضا لأجل الغصب (١) وان لم يكن منهيّا عنه بالفعل ثم انّ الفرق بين الوجوه الأربعة انّ فى الوجه الاوّل على تقدير وجود القائل به وجوب القصر غير ثابت فى الواقع بخلاف ساير الوجوه والظاهر عدم المؤاخذة فيه ايضا والفرق بين الوجه الثانى منها وبين الوجهين الاخيرين على تقدير كون مقتضاه عدم المؤاخذة كما هو ظاهر الحكم بالمعذورية فيه وتشبيهه بالجاهل بالموضوع فى كلام المصنّف وعلى تقدير كون مقتضاه هو الالتزام بالمؤاخذة والعقاب كما هو مقتضى كلامه السّابق حيث قال وظاهر كلامهم الى قوله وهو الّذى يقتضيه دليل المعذورية فى الموضعين يشكل الفرق بينه وبين الاخيرين اذ مع ثبوت وجوب القصر فى الواقع مع عدم كونه مكلّفا به فعلا ومنجزا كما يدل عليه قوله قدس‌سره هذا كلّه خلاف ظاهر المشهور اه حيث ان مقتضاه كون مراده اشتراك الوجوه الاربعة فى عدم الالتزام بتنجز التكليف بالقصر على الجاهل فعلا وثبوت العقاب فامّا ان يكون العقاب على ترك الواقع المجهول وهو الوجه الرابع او على ترك التعلّم وهو الوجه الثالث فلا وجه لجعله وجها على حدة هذا ويستفاد من شيخنا المحقق قدس‌سره فى الحاشية الفرق بين الوجه الثانى والاخيرين بان فى الوجه الثانى الخطاب الواقعى موجود لكنه يرتفع فعليته نظير الشاك فى السفر من جهة الشبهة الموضوعية بخلاف الاخيرين لانقطاع الخطاب فى الواقع عنه للغفلة او لعدم القدرة عليه مع كونه معاقبا على ترك التعلّم كما فى الوجه الثالث او على مخالفة الواقع كما فى الوجه الرابع وضعفه يظهر بالتامّل ممّا قرّرنا وممّا ذكرنا يظهران جعل الوجوه اربعة كما يظهر من المصنّف ره ليس بالوجه بعد ما عرفت من عدم القائل بالوجه الاوّل وكونه محالا وتصويبا ورجوع الوجه الثانى الى احد الوجهين الاخيرين هذا ولكن الوجوه الاربعة مردودة فان الشأن فى اثبات الامر بالتمام فان موضوع هذا الامر اما للمكلّف الغافل فهو محال لأنه يرتفع الغفلة عنه عند الخطاب واما ذات المكلّف المسافر فهو ايضا باطل اذ يلزم انتفاء التكليف القصرى راسا واما المكلّف الملتفت الى التمام وهو ايضا باطل والا لكان المسافر المعتقد بوجوب القصر الملتفت الى التمام مكلّفا بالتمام وهو باطل اجماعا وهذا الاشكال سار فى جميع الوجوه الثلاثة الاخيرة نعم لو كان الوجه الاول صحيحا لاستقام المطلب فى الجملة لكن عرفت انه تصويب ودور

__________________

(١) على قول المصنف وبعض آخر

٤٠٩

محال قوله لكن هذا كله خلاف ظاهر المشهور اه قد عرفت عدم امكان النسبة الى المشهور جواز تكليف الغافل مع انه قبيح بالضّرورة وان كان بسوء اختياره وقد عرفت مراد المشهور فى بحث العامل بالبراءة قبل الفحص فراجع قوله ولذا يبطلون صلاة الجاهل بحرمة الغصب اه قد يقال بانّه يمكن الفرق بين المقام والغصب بان المكلّف هناك ملتفت الى الغصب وان كان معتقدا بعدم حرمته فيمكن ان يتعلق به نهى بخلاف المقام فانه غافل عن القصر وعن وجوبه فلا يمكن تعلّق الامر به فالقول بالتكليف الواقعى هناك لا يستلزم القول به فى المقام فتامّل قوله لم يكن وجه للبطلان بل كان كناسى الغصبية كما تقدم سابقا ثم ان ما انكرنا عن قريب نسبته الى المشهور كون التكليف متوجّها الى الغافل ومنجزا عليه وامّا وجوده واقعا فلا مسرح لانكاره عند المشهور لانّه قضية كون الحكم الواقعى ثابتا فى الموضوع اللابشرط فلا محيص عن الحكم بوجوده واقعا ولو مع الغفلة او القطع بخلافه ويظهر ممّا ذكره شيخنا قدّس سره فى هذا المقام فى الحاشية بطولها انكاره لوجوب القصر واقعا قال فاذا لم يكن القصر واجبا عليه فى نفس الامر من جهة العجز عن الامتثال فلا يكون هناك نهى عن اضداده حيث انّه يتبعه وجود او عدما هذا ما يقتضيه التحقيق فى المقام وصرّح فى وجه التامّل بذلك ايضا قلت ما ذكره هناك مناف لما اختاره من الوجه الثانى الّذى ذكره المصنّف من كون غير المامور به مسقطا عن المامور به بل لسائر كلماته الدالة على ذلك فى هذا المقام بل ما ذكره يرجع الى القسم الثانى من التصويب الذى ذكره المصنّف فى اوّل الكتاب وقد ذكر قدس‌سره انّه لا يبعد الإجماع على خلافه بل هو مناف للاشكال الّذى اورده على المصنّف وغيره فى اوّل اصل البراءة حيث ذكروا انّ وجود الحكم الواقعى فى الواقع لا ينافى ثبوت الحكم الظاهرى على خلافه بانه مستلزم لاجتماع الضدين وبالجملة فلا ارى وجها لما ذكره قدّس سره وهو اعلم بما قال قوله والثانى منع تعلق الامر بالمأتى به اه دفع الاشكال بهذا الوجه بل بالوجهين الآخرين لا ينحصر فى صورة الاتيان بالتمام فى موضع القصر مثلا فى حال ضيق الوقت بل يشمل حال السعة ايضا كما هو ظاهر اطلاق الأخبار وكلمات العلماء الاخيار ثم ان هذا الوجه هو المتعين فى دفع الاشكال بعد البناء على بطلان الوجه الاوّل والثالث ومبناه على الالتزام بمقدار من المصلحة يتدارك به مفسدة فوت الواقع وقد اوضحنا ذلك بحسب ما ادّى اليه فهمى القاصر فى بيان الوجه الثالث

٤١٠

الّذى ذكره المصنّف فى اوّل بحث حجّية الظنّ من كون الامر بالعمل بالأمارة مشتملا على مصلحة قوله بناء على دلالة الامر بالشيء اه هذا البناء على غير اساس لمنع مقدميّة ترك احد الضّدين لفعل الضدّ الآخر بل كل منهما مستند الى الصادف وقد تقرر فى محلّه شرح ذلك قوله ويرد هذا الوجه ان الظاهر اه قد ذكرنا ان الوجه الثانى هو المتعيّن بعد البناء على بطلان الوجهين الاخيرين وكون الظاهر هو ذلك الذى ذكره لا يمنع ذلك بعد قيام البرهان على امتناع كون التمام مامورا به فلا بد من صرف الظاهر عن ظهوره لاجل ذلك قوله فتامّل وجه التامّل انّ البدلية والاسقاط لا يستلزمان الامر بالبدل ألا ترى ان صلاة الناسى مسقطة للمامور به مع عدم امكان تعلق الامر بالناسى لامتناع التنويع وقبح خطاب الغافل وقد سبق فى الكتاب شرح ذلك وكذلك ركوب الدابّة المغصوبة مسقط لركوب الدابة المباحة مع انّه ليس مامورا به قوله والثالث ما ذكره كاشف الغطاء من انّ التكليف اه اوّل من قال بالترتب لكن فى مسئلة الضدّين بناء على انّ الامر بالشيء مقتض للنهى عن ضده الخاص هو المحقق الثانى فى جامع المقاصد على ما ذكره شيخنا قدّس سره وتلميذ المصنّف فى مطارح الانظار وتبعه فى ذلك كاشف الغطاء فى المسألة المزبورة وفى مسئلة الضدّين المضيقين مع كون احدهما اهم وفى مسئلتى القصر والاتمام والجهر والاخفات وقرّره على ذلك المحقق المحشى الاصفهانى واخوه صاحب الفصول وجمع آخر ممن عاصرناهم منهم المحقق المدقق العلّامة الحاج ميرزا محمّد حسن الشيرازى رفع الله مقاماتهم الشريفة لكن لم يصرحوا بتسريته الى المقام وقد نقل شيخنا قدس‌سره فى الحاشية عبارات المحقق الثانى وكاشف الغطاء والمحقق المحشى من ارادها راجع اليها وتقرير الترتب فى المقام يمكن بوجهين الاوّل ان يقال بان المكلّف مامور بالقصر مثلا اولا ثم بالتمام على تقدير عصيانه للامر بالقصر وهو الّذى يستفاد من كلام المصنف فى مقام تقرير كلام الشيخ فى الكشف وقد عبر بالمعصية الشيخ المحقق المحشى فى حاشية المعالم فى مسئلة الضدّين وفى مسئلة الاهم وغير الاهم اذا كانا مضيقين لكن عبر فى الكشف بارادة المعصية حيث قال واى مانع لان يقول الامر المطاع لماموره اذا عزمت على معصيتى فى ترك كذا فافعل كذا كما هو اقوى الوجوه فى حكم جاهل الجهر والاخفات والقصر والاتمام فاستفادته من مقتضى الخطاب لا من دخوله تحت الخطاب فالقول بالاقتضاء وعدم الفساد

٤١١

اقرب الى الصّواب والسّداد انتهى الثانى ما يستفاد من كلام صاحب الجواهر فى مقام توجيه كلام السيّد المرتضى حيث قال بجواز تغيّر الحكم الشّرعى بسبب العلم والجهل فى مسئلة القصر والاتمام قال بعد نقل كلام السيّد وكانّه يريد انّ الجاهل هنا ايضا غير معذور بالنسبة للاثم وعدمه وان كان فعله صحيحا للدليل اذ لا بأس بترتيب الشارع حكما على فعل او ترك للمكلّف عاص به كما فى مسئلة الضد الّتى مبناها ان الشّارع اراد الصّلاة من المكلّف وطلبها منه بعد عصيانه بترك الامر المضيق الّذى هو إزالة النجاسة مثلا فهنا ايضا ياثم هذا الجاهل ايضا بترك التعلم والتفقه المأمور بهما كتابا وسنّة الّا انّه لو صلّى بعد عصيانه فى ذلك صحت صلاته للدليل فتامّل انتهى وهذا التقرير فيه نظر ظاهر اذ قد عرفت انّ التعلم ليس واجبا نفسيّا بل انّما هو للمقدمية للعمل فالعقاب انّما هو على ترك الواقع لا عليه مع ان تجويز الترتب على الوجه المذكور مخالف لصريح كلام شيخه فى الكشف ويرد على القول بالترتب ان العزم على المعصية لا يكون موجبا لسقوط الامر بالضّرورة والّا لكان العزم على ترك الصّلاة والصّوم موجبا لسقوطهما الموجب لكون الارادة شرطا فى وجوبهما وهو باطل اجماعا وضرورة فاذا كان الامر بالاهم مثلا موجودا مع العزم على معصية والمفروض وجود الامر بالمهمّ ايضا لوجود شرطه وهو العزم على معصية الامر بالاهم فيلزم الامر بالمتضادّين فى زمان واحد وهو محال ويرد عليه ثانيا على تقدير تسريته الى المقام كما هو صريح الشيخ فى كشفه بانه لا يمكن اعتبار المعصية او العزم عليهما فى الخطاب فلا يمكن ان يقال ايها العاصى بترك القصر او العازم على المعصية بتركه يجب عليك التمام فانه يوجب رفع موضوع الخطاب وهو الجاهل فانه لم يقل احد بصحّة صلاة المسافر مع علمه بوجوب القصر فى السفر اذا عزم على معصية الامر بالقصر بل هو خلاف صريح اخباره ايضا حسب ما عرفت هكذا قرره شيخنا ره فى مجلس البحث وفى الحاشية قلت ويمكن ان يورد على القائل بالترتب فى المقام بوجه آخر وهو ان الشرط اما ان يكون هو العزم على المعصية وان لم يتحقق فى الخارج واما ان يكون هو المعصية اما الاوّل فهو غير متصوّر فى حق الجاهل المعتقد بالخلاف او الغافل وامّا الثانى فمقتضى القاعدة ان لا يتحقق الا مع الترك فى جميع اجزاء الوقت لكن دلّ اطلاق مثل قوله ع تمّت صلاته وقوله ع

٤١٢

لا شيء عليه على تحقق المعصية بفعل الصّلاة تماما فى اوّل الوقت ايضا ولو انكشف الخلاف فى ثانى الحال وقد اشرنا الى ذلك سابقا ففى مثل الفرض يكون فعل الصّلاة تماما فى اوّل الوقت موجبا بضميمة التقصير الحاصل له حين الالتفات الى انّ فى الشريعة احكاما لا بد من تعلمها فلم يتعلم حتى حصل له العلم بالخلاف او الغفلة لتفويت الواقع بحيث لا يمكن تداركه خصوصا مع ملاحظة الاجماع ان ليس عليه الا صلاة واحدة فيكون فعل الصّلاة فى الفرض المزبور جزءا اخيرا لحصول المعصية فاذا كان هو موجبا للمخالفة والمعصية ومحققا لها فكيف يكون موجبا للامتثال والإطاعة الحاصلين من موافقة الامر ثم انه قد اجرى بعضهم نظير ما ذكرنا فى المقام فى مسئلة الضدّين وفى مسئلة تصحيح فعل غير الاهم بل جعل كلام المصنّف فى مقام الردّ مبنيا عليه فقال وحاصل ما اورده عليه المصنف من عدم تعقل ذلك انّه اذا فرض ترتب الامر بغير الاهم على مخالفة الامر بالاهم فلا شك ان مخالفته لا يتحقق بمجرد عزم على المخالفة اذا طاعة الاوامر ومخالفتها ليستا دائرتين مدار الارادة والعزم فمخالفة الامر بالاهم فى المضيقين لا يتحقق الّا بالشروع فى غير الاهم والفرض انّ الشّروع فيه على وجه الاطاعة والامتثال الّذى هو فرع تحقق الامر به لا يمكن الّا بعد تحقق مخالفته الامر بالاهم قبله لفرض عدم تعلق الامر بغير الاهم الّا بعد تحقق مخالفته فليس هنا زمان يفرض فيه مخالفة الامر بالاهم حتى يتحقق الامر فيه بغير الاهم فيمكن الشروع فيه على وجه الاطاعة والامتثال انتهى كلامه ويمكن ان يورد عليه بان الشّرط عند القائل بالترتب هو ترك الاهم بحسب الخارج فاذا علم المكلف من نفسه عدم صدور الاهم منه من جهة الصادف الذى له يكون الشّرط متحققا فى الخارج فيكون الترك مستندا اليه ولا يحتاج الى الشروع فى غير الاهم اصلا فما ذكره من ان مخالفة الامر بالاهم لا يتحقق الا بالشّروع فى غير الاهم منظور فيه بل قد ذكر بعضهم فى المقام ايضا مثل ذلك قال ان قلت فعلى هذا يكون ما اتى به مبغوضا فيما اذا انكشف الحال فى الوقت لتفويته الواجب عليه ومعه لا يكون مقربا وهو مما لا بدّ منه فى صحة ما يكون مطلوبا على نحو العبادة قلت ليس التفويت فى هذه الصّورة ايضا بسببه لما تحقق فى محله من انتفاء التوقف والعلية بين وجود احد الضدين وعدم الآخر وقضية التضاد انما هو التلازم بين وجود احدهما

٤١٣

وعدم الاخير فيكون عدم الواجب كوجود الماتى به فى هذه الصّورة كسائر الصّور مستندا الى تقصيره فلا يقع الماتى به الّا محبوبا لما هو عليه من المصلحة الثابتة فى نفسها ولو انكشف الخلاف فى الوقت انتهى كلامه رفع مقامه وفيه ان مجرّد التقصير فى الفرض المزبور لم يصر سببا لتفويت الواقع بل بانضمام فعله فى اوّل الوقت حيث لا يمكن بعده التّدارك بعد كشف الخلاف فى ثانى الحال اذ فى الفعل المزبور احراز معظم المصالح الّتى فى الواجب الواقعى بحيث لا يمكن فيه احراز الباقى بعده ففوت احراز الباقى انما حصل من احراز معظم المصالح فعل فان قلت اذا كان فعله مفوتا للواقع من جهة عدم امكان احراز باقى المصالح بعده يكون مبغوضا فلا يكون مسقطا مع ان الامام عليه‌السلام قال تمت صلاته قلت كونه مبغوضا لا ينافى كونه مسقطا وقوله ع قد تمت صلاته لا بدّ من تاويله لعدم امكان العمل بظاهره كما عرفت مع انا نمنع كونه مبغوضا مع عدم التفاته الى تفويت الواقع به بل اعتقاده بحصول الواقع به وتمشى قصد القربة منه من جهة اعتقاده هذا ويمكن ان يورد على القائل بالترتب فى المقام باستلزامه لتعدد العقاب لو لم يصلّ اصلا لا قصرا ولا تماما مع انه باطل قطعا مع انعقاد الاجماع على انّه ليس على المسافر الّا صلاة واحدة وخروج واحدا واثنين غير مضرّ بانعقاد الاجماع وقد يورد بمثل ما ذكرنا على القائل بالترتب فى مسئلة الضّدين اذا كان احدهما مضيقا وفى مسئلة الاهم وغيره اذا كانا مضيقين قال بعض المحققين ثم انه لا اظنّ ان يلتزم القائل بالترتب بما هو لازمه من الاستحقاق فى صورة مخالفة الامرين لعقوبتين ضرورة قبح العقاب على ما لا يقدر عليه العبد ولذا كان سيدنا الاستاد قدّس سره به هو السيد المحقق العلامة لولى ميرزا محمد حسن شيرازى طاب ثراه لا يلتزم به على ما هو ببالى انتهى وذكر مثل ذلك فى حاشية على الكتاب وانت خبير بانّ القائل بالترتب لا بد ان يقول بتعدد المعصية الموجب لتعدد العقاب فكيف ينسب اليه القول بعدم تعدد العقاب وما علله به من قوله ضرورة قبح العقاب على ما لا يقدر عليه العبد عليل اذ القائل به لا يقول بعدم قدرة العبد فى صورة كون التكليف مرتبا وما ذكرنا من تعدد العصيان كاد يكون صريح كلام المحقق المحشى على المعالم قال قدّس سره فى ردّ الشيخ البهائى قدس‌سره حيث ذكران الامر بالشيء يقتضى عدم الامر بضدّه فيبطل اذا كان من العبادات لتوقف صحتها على الامر ما هذا لفظه وانت اذا احطت خبرا بما قررناه تعرف ضعف ما ذكره ره فان

٤١٤

المسلم من اقتضاه الامر بالشيء عدم الامر بضدّه هو ما اذا كان الامر ان فى مرتبة واحدة فيريد من المكلّف الاتيان بهما معا وامّا لو كان التكليفان مرتبين بان يريد منه الاتيان باحدهما على سبيل التعيين فان اتى به المكلّف فلا تكليف عليه سواه وان بنى على عصيانه وعلم باخلاء ذلك الزّمان عن ذلك الفعل تعلّق به الامر الآخر فيكون تكليفه بالثانى على فرض عصيان الاوّل حسبما مر بيانه فلا مانع منه اصلا وكما يصح ورود تكليفين على هذا الوجه يصح ورود تكاليف شتّى على الوجه المفروض بالنّسبة الى زمان واحد فان اتى بالاوّل فلا عصيان وان ترك الاوّل واتى بالثانى استحق عقوبة لترك الاوّل وصحّ منه الثانى واثيب عليه ولا عصيان بالنّسبة الى البواقى وهكذا انتهى فتامل فيه جيدا ثم ان بعض افاضل المعاصرين نقل عن السيّد المحقق العلّامة المذكور وعن تلميذه السيّد المحقق الاصفهانى طاب ثراهما تصحيح الترتب فى المسألتين المزبورتين ونقل كلامهما بطوله من أراده راجع الى كتابه قوله ويدلّ عليه اطلاق الأخبار بل فى بعض الرّوايات التصريح بنفى وجوب السّئوال وانه ليس عليكم المسألة وانّ الخوارج ضيقوا على انفسهم فضيق الله عليهم بل فى بعضها ذم الفحص والسّئوال حيث قال لم سألت وقد سبقت فى باب البراءة قوله ع حتى يستبين لك غير هذا فان ظاهره حصول الاستبانة من الخارج مع عدم الفحص وان لم يكن ظاهرا فى ذلك فالاطلاق كاف قوله حتى العقل قد يستشكل فى حكم العقل بالبراءة فى الشبهة الموضوعيّة الوجوبية قبل الفحص بل فى الشبهة الموضوعيّة التحريمية ايضا قبله لو لا الاتفاق واطلاق الأخبار وانت خبير بان اطلاق مثل قوله الناس فى سعة ما لم يعلموا وقوله ما حجب الله علمه عن العباد فهو موضوع عنهم يدلّ على عدم وجوب الفحص فيها ايضا مضافا الى امكان ادّعاء الحرج مع ايجاب الفحص مضافا الى ورود بعض الأخبار فيها ايضا مضافا الى امكان ادّعاء الحرج ففى صحيحة زرارة الآتية فى باب الاستصحاب قلت فهل على ان شككت انه اصابه شيء ان انظر فيه قال ع لا ولكنّك انّما تريد ان تذهب بالشكّ الّذى وقع من نفسك قوله ومقتضى ذلك ارادة السّئوال والفحص اه ان اراد ان مقتضى تعلق الوجوب بنفس الوصف وجوب الفحص فهو ممنوع لانّه انّما يثبت الكبرى الكلّية ولا شكّ ان الكبرى لا تثبت الصّغرى وان اراد ان وجوب الفحص من جهة المقدمة العلميّة فمع كونه خلاف ظاهر

٤١٥

العبارة ممنوع ايضا اذ مع عدم العلم بوجود ذى المقدّمة كيف يثبت وجوب المقدّمة بداهة كون الشكّ فى اصل التكليف من جهة الشكّ فى الموضوع قوله مع كون الزّائد على تقدير وجوبه اه بل اذا كان الاقل والاكثر ارتباطيين يجرى فيهما اصل البراءة عند المصنّف وقد نسبه الى المشهور سابقا وان نسب غيره خلافه اليهم قوله وظاهره جريان الاصل اه مع ان تعذر الفحص لا يوجب الرجوع الى البراءة مع وجود العلم الاجمالى قوله لان ردّ خبر مجهول الحال ليس مبنيا اه يمكن ان يكون مراد صاحب المعالم وصاحب القوانين على تقدير كون وجوب التبيين شرطيا كما هو الظاهر من الامر الوارد فى امثال المقام مضافا الى الاجماع عليه كما ذكره المصنّف فى بحث حجّية خبر الواحدان فى مجهول الحال يتبيّن فى بعض الموارد احدهما التبين فى انه فاسق واقعى او عادل واقعى فان ظهر بعد التبين انه فاسق يبقى التبين الّذى سنذكره فى الفاسق وان ظهر كونه عادلا فلا يجب التبين الثانى وان لم يظهر شيء فهو لا يكون أسوأ حالا من الفاسق فيكون العمل به ايضا مشروطا بالتبين وظهور صدقه بعده وثانيهما التبين فى حال خبره وانه صادق او كاذب وثبوت التبين الاوّل من جهة تعليق الحكم على الفاسق الواقعى والتبين الثانى من جهة قوله تعالى فتبيّنوا فظهر الفرق بين الآية وبين المثال اذ ليس فى الثانى الّا التبين الاوّل الّذى ذكرنا ثبوته فى الآية وممّا ذكرنا يظهر النظر فى قول المصنّف والّا لجاز الاخذ به اه اذ لا يقولون بجواز الاخذ بل ردّه كما هو مقتضى التبين الثّانى بل ما فى ذيله من الرّجوع الى اصالة عدم الحجّية فى صورة الشكّ من جهة قيام الادلّة الاربعة عليه اذ مقصودهما هو التمسّك بالآية فى رد خبر مجهول الحال من جهة المقدّمة القائلة بوجوب الفحص من جهة تعليق الحكم على الفاسق الواقعى فلا يحتاج الى الرّجوع الى الاصل المزبور بل لا يجرى مع دلالة الآية على عدم الحجّية نعم يرد عليهما عدم تمامية المقدّمة الخارجيّة وعدم اقتضائها لوجوب الفحص كما سيورده وهو مطلب آخر نعم يمكن ان يقال بوجوب الفحص فى خبر مجهول الحال اذا كان فى سند الروايات الدالّة على الاحكام الكلّية الالهيّة وان كان الشكّ فيه شكا فى الموضوع ابتداء الّا انّه يرجع الى الشكّ فى الحكم لان مضمون خبر المخبر حكم كلّى الهى فكما انه يجب الفحص فى صورة الشكّ فى الحكم كذلك فى موضوعه مع ان اصالة عدم الحجّية ايضا لا تجرى الا بعد الفحص والياس

٤١٦

وبعبارة اخرى الشكّ فى الحكم الاصولى كالشكّ فى الحكم الفرعى من جهة وجوب الفحص وقد نبّه بهذا شيخنا ره قوله لكن الشأن فى صدق هذه الدّعوى يعنى فى تشخيص مصاديق هذه الدعوى التى هى بمنزلة كبرى كلية وان اضافة علماء البلد واعطائهم من مصاديق هذه الكبرى الكلّية ام لا فعلى هذا تكون الدعوى مسلّمة عنده وانّما الاشكال فى انطباقها على المورد ويمكن ان يريد ولعلّه الظاهر بان اصل الدعوى غير صادقة فان العلم الاجمالى انما يكون منجزا للتكليف اذا كانت جميع اطراف الشبهة محلّا لابتلاء المكلّف فوقوع كثير من المكلّفين فى مخالفة الواقع كثيرا لا يوجب تنجز العلم الإجمالي على غيرهم ممن لا يعلم بوقوعه (١) او صاحبه فى مخالفة الواقع فى الثوب المشترك لا توجب تنجز التكليف على احدهما بل وقوع شخص واحد من الازمنة المتدرجة مع عدم ابتلائه بالوقائع دفعة لا يوجب وجوب الاجتناب عنه كما عرفت من المصنّف فى باب الشبهة المحصورة قوله ففيه انه مسلم ولا بجدى اه والعجب منه قدس‌سره انه قال فى باب الادلة العقلية بجواز الارتكاب حيث لا يلزم المخالفة القطعيّة فى الشبهة المحصورة بل وان استلزم كما يستفاد من بعض كلماته وقال بخلافه فى باب وجوب الفحص عن المخصص حيث استدل بادلّة متعدّدة منها العلم الاجمالى بوجود المخصّص والمقيّد وقد ذكر ذلك فى مواضع حتى آل امره الى وجوب الفحص فى الشبهة الموضوعية فى مثل المثال المزبور ولعله يقول بل هو الظاهر بوجوب الاحتياط مع عدم الفحص قوله فينفى بالاصل الرّجوع الى اصل البراءة مع كون وجوب الفحص شرطيّا لا معنى له بل لا بد فى مثل المقام الرّجوع الى اصالة عدم الحجّية كما نبه عليه الاستاد قدّس سره فلعله اورده على راى الغير قوله عن وجدان الدليل بل عن كلّ ما يصلح ان يكون دليلا حتى الظن المطلق على القول به قوله ويختلف ذلك باختلاف الاعصار بل بالنسبة الى شخص واحد فى وقتين فى وقت وجدان الكتب وفقدانها قوله فى الكتب الاربعة وقد صار الفحص فى زماننا سهلا بالرجوع الى الكتب الجامعة لاخبار الكتب الاربعة وغيرها كالبحار والوافى والوسائل بل لعلّه يكفى الرّجوع الى بعض كتب الفقه المفصلة الجامعة للاخبار والاقوال كالجواهر ثم انه لا يكفى الرّجوع الى الكتب المزبورة مطلقا بل على تقدير حجّية الظنون الخاصّة فقط والّا فعلى تقدير حجّية الظنّ المطلق لا بدّ من الرّجوع اليه على تقدير فقد الظنون الخاصّة المطلقة او المقيّدة بل على تقدير حجّية الظن الخاصّ فقط لا بدّ من الرّجوع الى ساير الظنون

__________________

(١) مخالفة الواقع كما ان العلم بوقوعه

٤١٧

الخاصّة غير الأخبار كالاجماع المنقول والشهرة على تقدير حجّيتهما من باب الخصوص ولا بدّ من الرّجوع الى ساير الادلة ايضا كالاجماع ودليل العقل والكتاب المجيد وذلك ظاهر قوله الاوّل ان لا يكون اعمال الاصل موجبا اه لا يخفى ان هذه الشروط ليست لأصل البراءة فقط بل للاصول الثلاثة اصل البراءة واصل العدم واصل عدم التقدم ويدلّ على ما ذكرنا صريح كلامه فى الوافية كما سننقله عن قريب ومراده باصالة البراءة اما استصحابها او اصالة النفى والظاهر هو الثانى قال قدس‌سره فى الوافية الباب الرابع فى الادلة العقليّة وهى اقسام الاوّل ما يستقل بحكمه العقل كوجوب قضاء الدّين اه القسم الثانى استصحاب حال العقل اى الحالة السّابقة وهى عدم شغل الذمّة الى ان قال ووجه حجّيته ح ظاهر اذ التكليف بالشيء مع عدم الاعلام به تكليف الغافل وتكليف بما لا يطاق ايضا ويدلّ عليها الأخبار ايضا كما سيجىء مع ما فيه الثالث اصالة النفى وهو البراءة الأصلية قال المحقق الحلى اعلم ان الاصل خلو الذمّة الى آخر ما نقله المصنّف فى باب اصل البراءة ثم قال ان بيان هاتين المقدمتين مما لا سبيل اليه الّا فيما يعم به البلوى ثم قال بعد بيان عدم السّبيل فى غير عام البلوى وبيان السّبيل اليهما فى عام البلوى ونقل جملة من الأخبار فى ذلك رغما منه ان مراد القوم من اصالة البراءة نفى الحكم فى الواقع وانّه يحصل الظنّ بعدمه فى الواقع فى الثانى دون الاوّل ما هذا لفظه والفرق بين هذا القسم يعنى القسم الثالث والقسم الثانى بناء الاستدلال فى القسم الثانى على انتفاء الحكم فى الزمان السّابق واجرائه فى اللّاحق بالاستصحاب فيرد عليه ما يرد على حجّية الاستصحاب فى نفس الحكم الشّرعى ولهذا اعترضت الشافعية على الحنفية بان قولكم بالاستصحاب فى نفى الحكم الشرعى دون نفسه تحكم وبنائه فى هذا القسم على انتفاء الدّليل على ثبوت الحكم فى الحال سواء وجد فى السّابق ام لا نعم لمّا اعتبر فى القسم الثانى عدم العلم بتجدد ما يوجب ثبوت الحكم اللاحق بعد الفحص المعتبر فى الحكم ببراءة الذمّة كان كلّ موضع يصح فيه الاستدلال بالقسم الثانى يصح بهذا القسم ايضا فلذا لم يفرق جماعة بينهما وعدّوهما واحدا ثم قال والمراد من الاصل فى قولهم الاصل براءة الذمّة هذا المعنى اى الراجح اقول وقد عرفت انه مبنىّ على عدم الدليل وكونه دليلا على العدم وقد فصل فيه بين عام البلوى وغيره كما هو صريح كلامه ومراده من اصل العدم واصالة عدم التقدم هو هذا المعنى اعنى الراجح او بمعنى القاعدة والدّليل على

٤١٨

حجّية الاصلين المزبورين عنده هو الدّليل على حجّية اصل البراءة وهو قبح تكليف الغافل على ما سيظهر والفرق بينهما ان مورد اصل العدم هو الشكّ فى وجوده ومورد اصل عدم التقدم هو الشكّ فى تقدّمه مع احراز وجوده وليس هذان الاصلان مبنيان على الاستصحاب عنده كما اشرنا اليه اذا عرفت هذا فلنشرع فى نقل عبارته الّتى تتعلّق بالمقام قال قدس سرّه اعلم ايضا ان هاهنا قسما من الاصل كثيرا ما يستعمله الفقهاء وهو اصالة عدم الشيء واصالة عدم تقدم الحادث بل هما قسمان والتحقيق انّ الاستدلال بالاصل بمعنى النفى والعدم انما يصح على نفى الحكم الشرعى بمعنى عدم ثبوت التكليف لا على اثبات الحكم الشّرعى ولهذا لم يذكره الاصوليّون فى الادلة الشّرعية وهذا يشترك فيه جميع اقسام الاصل المذكورة مثلا اذا كان اصالة براءة الذمّة مستلزمة لشغل الذمّة من جهة اخرى فح لا يصح الاستدلال بها كما اذا علم بنجاسة احد الإناءين مثلا بعينه واشتبه بالآخر فان الاستدلال باصالة عدم وجوب الاجتناب من احدهما بعينه لو صح يستلزم وجوب الاجتناب من الآخر وكذا فى الثوبين المشتبه طاهرهما بنجسهما والزّوجة المشتبهة بالاجنبيّة والحلال المشتبه بالحرام المحصور ونحو ذلك وكذا اصالة العدم كان يقال الاصل عدم نجاسته هذا الماء او هذا الثّوب فلا يجب الاجتناب عنه لا اذا كان شاغلا للذمّة كان يقال فى الماء الملاقى للنجاسة المشكوك كريته الاصل عدم بلوغه كرا فيجب الاجتناب عنه وكذا فى اصالة عدم تقدم الحادث فيصح ان يقال فى الماء الذى وجد فيه نجاسة بعد الاستعمال ولم يعلم هل وقعت النجاسة قبل الاستعمال او بعده الاصل عدم تقدم النجاسة فلا يجب غسل ما لاقى ذلك الماء قبل رؤية النجاسة ولا يصح اذا كان شاغلا للذمّة كما اذا استعملنا ماء ثم ظهر انّ ذلك الماء كان قبل ذلك فى وقت متنجّسا ثم طهر بإلقاء الكرّ عليه دفعة ولم يعلم انّ الاستعمال كان قبل التطهير او بعده فلا يصحّ ان يقال الاصل عدم تقدم تطهيره فيجب اعادة غسل ما لاقى ذلك الماء فى ذلك الاستعمال لانّه اثبات حكم بلا دليل فان حجّية الاصل فى النفى باعتبار قبح تكليف الغافل ووجوب اعلام المكلّف بالتكليف فلذا يحكم ببراءة الذمّة عند عدم الدليل فلو ثبت حكم شرعى بالاصل يلزم اثبات حكم شرعى بلا دليل وهو باطل اجماعا ثم ذكر انه لا بد من الرّجوع فى الشبهة الى التوقف والاحتياط وذكر اخبارهما فاجاب عن الأخبار بوجوه متعددة ثم قال واعلم

٤١٩

ان لجواز التمسك باصالة براءة الذمّة وباصالة العدم وباصالة عدم تقدم الحادث شروط احدها ما مرّ من عدم استلزامه لثبوت حكم من جهة اخرى وسنذكر بقية كلامه إن شاء الله الله واعلم انّ المستفاد من كلمات صاحب الوافية ممّا نقلنا عنه وممّا لم ننقل عنه ان اصل البراءة العقلية بمعنى الاستصحاب لا حجّية فيه وان اصل البراءة الّذى سمّاه باصالة النفى حجة من باب قبح تكليف ما لا يطاق وقبح تكليف الغافل وانه حجة فى النفى لا فى الاثبات وكذلك اصل العدم واصل عدم التقدم وان القسم الرّابع من الادلّة العقلية وهو الاخذ بالاقل عند فقد دليل على الاكثر راجع الى اصل البراءة وانه ذكر فى الذكرى ان مرجع القسم الخامس وهو التمسّك بعدم الدّليل الى اصالة البراءة قال قدّس سره ردّا عليه والظاهر ان الفقهاء يستدلّون بهذه الطريقة يعنى بعدم الدّليل على نفى الحكم الواقعى وباصالة البراءة على عدم تعلّق التكليف وان كان هناك حكم فى نفس الامر فلذا عدّا قسمين اقول هذا ينافى ما ذكره سابقا من ابتناء اصل البراءة على عدم الدّليل وانّه حجّة من باب الظنّ الا ان يحمل على عدم ارتضائه لطريقة الفقهاء وهو الظّاهر ثم قال والحق عندنا انه لا يوجد واقعة الّا وله مدرك شرعى ببركات ائمّة الهدى عليهم السّلم ولا اقل من اندراجها فيما حجب الله علمه عن العباد فهو موضوع عنهم وفى كلّ شيء مطلق حتى يرد فيه نهى وفى اخبار التوقف وغير ذلك فلا تغفل ثم ذكر ان القسم السّادس من الادلّة العقليّة استصحاب حال الشّرع وتكلّم فيه واختار فيه ما سينقله المصنّف عنه فى باب الاستصحاب وقال السيّد الصّدر فى شرحها ثم انت اذا فتشت وجدت مرجع هذا القسم يعنى عدم الدليل والبراءة الاصليّة الى عدم وجدان الدليل لكنهم اختلفوا فمنهم من يقول بعدم الملازمة بين عدم الوجدان وعدم الوجود ومنهم من يدعيها فواحد يقول لم اجد الدليل فلا تكليف والآخر يقول لم اجد فلا دليل فى الواقع فلا تكليف وقد اعترف المصنّف بان القسم الرّابع يعنى اصالة الاخذ بالاقلّ عند دوران الامر بينه وبين الاكثر من اقسام اصل البراءة وقال فى القسم الثالث بعد ما فرق بينه وبين الثانى لم يفرق جماعة بينهما فعدّوهما واحدا فليت المصنّف يعد الجميع واحدا ويتكلم عليه والحاصل ان اصالة العدم هى الّتى يدور عليها رحى الاقسام الاربعة بل الخمسة لان مرجع الاستصحاب الى اصالة عدم تجدد الرافع والغاية انتهى كلامه وقد عرفت

٤٢٠