إيضاح الفرائد - ج ٢

السيّد محمّد التنكابني

إيضاح الفرائد - ج ٢

المؤلف:

السيّد محمّد التنكابني


الموضوع : أصول الفقه
المطبعة: المطبعة الإسلاميّة
الطبعة: ٠
الصفحات: ١٠٦٩
الجزء ١ الجزء ٢

تصحيحا للكلام على رفع الاعادة وان لم يكن اثرا شرعيّا الظاهر من هذا الكلام ان وجوب الاعادة وان لم يكن اثرا شرعيّا لكن لا بدّ من حمل قوله ان حكم الجزء الفلانى مرفوع وما يجرى مجريه على ذلك من جهة دلالة الاقتضاء وتوقف تصحيح الكلام على ذلك وهذا ممّا لا يمكن لامتناع ان يرتفع بحديث الرفع وما يجرى مجراه وما يثبت بالاستصحاب وما يجرى مجراه غير الحكم الشّرعى لأن شان الشارع بيان الحكم الشّرعى لا غير كما انّ الثابت بالامارات والمرتفع بها ايضا هو الحكم الشّرعى لا غير فلا بد من توجيه الكلام المزبور باحد وجهين احدهما انّ وجوب الاعادة وان كان حكما شرعيّا لكنه حكم شرعىّ مترتب على ترك السّورة والجزء الفلانى مع الواسطة والحكم الشّرعى مع الواسطة لا يمكن ان يكون مرتفعا بحديث الرّفع وأشباههم كما انّه لا يمكن ان يكون مثبتا بحديث لا تنقض واشباهه لقصورها عن رفعه واثباته كما اوضحناه عن قريب لكن اذا ورد حديث خاصّ وارد فى مورد خاصّ مثل قوله لا حكم لنسيان الجزء الفلانى وما يجرى مجراه وجب حمله على رفع الحكم الشّرعى المذكور وان كان ترتبه على نسيان الجزء مع الواسطة بل الوسائط والّا لزم كونه لغوا بلا مورد وهذه بخلاف الأخبار العامّة كحديث الرّفع المعروف اذ لو قيل بعدم شمولها لمسألة نسيان الجزء لا يلزم محذور اصلا وهذا المعنى وان كان محتملا فى العبارة ويكون مطابقا لكلماته السّابقة على ما نقلنا عن قريب لكنه فى غاية البعد كما اوضحناه وثانيهما انه اذا ورد حديث خاصّ فى نسيان الجزء الخاصّ بالعبارة المذكورة او ما يجرى مجراها لا بدّ من حمله على رفع الوجوب وبقاء الامر فى الزّمان الثّانى فانه وان لم يكن اثرا شرعيّا بلا واسطة لكنه اثر شرعى قطعا والمرتفع بحديث الرفع واشباهه وان كان هو الاثر الشّرعى بلا واسطة لكن لا بدّ من حمل الحديث الخاصّ المذكور عليه لأجل دلالة الاقتضاء وتوقف تصحيح الكلام عليه والظاهر من عبارة المصنّف فى الكتاب وان كان ابيّا عن ذلك لكن (١) كون مذهبه ان وجوب الاعادة اثر عقلى لا شرعىّ كما نقلناه عن قريب فى بعض الحواشى السّابقة وما ذكره قدّس سره من انه وجب حمله على رفع الاعادة وان لم يكن اثرا شرعيّا مبنى على ما ذكرنا سابقا من انّه اذا ارتفع بحديث الرفع بقاء الامر الاوّل يترتب عليه عدم وجوب الاعادة كما انه اذا ثبت بحديث بقاء الأمر يترتب عليه وجوب الاعادة قوله وزعم بعض المعاصرين الفرق بين اصالة عدم الجزئيّة ومضمون

__________________

(١) بقربه

٣٤١

النبوى والمراد ببعض المعاصرين هو صاحب الفصول والمراد باصالة عدم الجزئيّة هو استصحاب عدم الجزئيّة وفى بعض النسخ الفرق بينهما يعنى بين الاستصحاب وحديث الرّفع الّذى هو مستند اصل البراءة عندنا وهو مع اصل العدم الّذى هو فى قبال استصحابه بل ومع عدم الدليل ايضا عنده وعنده ان اصل العدم واصل البراءة واستصحاب العدم كلّها حجّة وانّها اصول متنافية ولو فى الجملة قال قدس‌سره فى بيان الفرق ان اخبار الاستصحاب لا يثبت الآثار الغير الشرعيّة ولا الشرعيّة مع الواسطة لوجود المانع عن اطلاقها كذلك وهذا المانع غير موجود فى حديث الرّفع الّذى هو مستند حجّية اصل العدم وقال انّ الوجه الّذى قرّرناه فى منع اطلاق اخبار الاستصحاب غير متطرق الى اطلاق هذه الأخبار ولو لا ذلك لالتزمنا بالاطلاق هناك ايضا انتهى وجعل المانع فى الاستصحاب عنده هو تعارض الاصلين فى جانب الثابت والمثبت فكما انّ الاصل بقاء الاوّل كذلك الأصل عدم الثانى وسيجيء نقل كلامه فى باب الاستصحاب وضعف التعليل المذكور وانّ الوجه فى عدم حجّية الاستصحاب المثبت قصور اخباره عن اثبات الآثار الشرعيّة مع الواسطة وهو جار ايضا فى الاصلين المذكورين بل فى سائر الاصول ايضا وبينا فى بعض كلماتنا ان ما ذكره من كون اصل العدم اصلا ثالثا فى قبال الاصلية المذكورين غير ثابت وان اخبار الباب لا تنهض حجة لاثبات الاصلين المذكورين فضلا عن الاصول الثلاثة بانضمام عدم الدليل قوله لا تعاد الصّلاة الّا من خمسة والقدر المتيقن من الرّواية هو النقصان السّهوى فتدلّ الرّواية على عدم وجوب الاعادة من غير جهة الخمسة فتثبت بها القاعدة المقتضية لعدم البطلان الّا من جهة الخمسة خرج ما خرج وبقى الباقى وقوله فى مرسلة سفيان بن سمط المرسل هو ابن ابى عمير والسفيان المذكور مجهول وهو سفيان بن السمط بكسر السّين وسكون الميم ولعل ارسال ابن ابى عمير لها جابر لضعفه لكن ابن ابى عمير لم ينقله عن سفيان بن سمط بل نقل عن بعض اصحابه عن سفيان بن السّمط وهى تدلّ على الصّحة بمطلق النقيصة والزيادة حتى لو قلنا بكون تسجد محمولا على الاستحباب اذ مع بطلان الصّلاة لا معنى للحكم بوجوب سجدتى السهو أو باستحبابه وخروج بعض المواضع بالاجماع او بغيره لا ينافى حجّيتها بالنسبة الى غيره

٣٤٢

اذا العام المخصّص حجة فى الباقى وكذلك الكلام فى قوله ع أليس قد اتممت الرّكوع والسّجود وغيره قوله وانما يتحقق فى الجزء الّذى لم يعتبر فيه اه الجزء مثل سائر الاشياء له اعتبارات اربعة كونه بشرط شيء وكونه بشرط لا وكونه لا بشرط بمعنى الطبيعة الصّادقة على القليل والكثير وكونه لا بشرط بمعنى اعتباره واخذه فى المامور به من دون شيء من الملاحظات حتى الملاحظة الاخيرة والفرق بين الرابع والثالث على ما تبيّن فى محلّه ان الرّابع لا بشرط مقسمى والثالث لا بشرط قسمى وانّ الماهيّة بالاعتبار الثالث تكون كلّيا طبيعيّا وهو الّذى قد اختلف فى كونه موجودا فى الخارج بعين وجود الافراد او فى ضمنه على ابعد الوجهين ام لا بخلاف الرّابع فان الماهيّة فى مرتبة ذاته ليست الّا هى وانّها ليست بموجودة ولا معدومة ولا جزئيّة ولا كليّة ولا واحدة ولا كثيرة بحيث يصح عنها سلب جميع المتقابلات وان قيد الحيثيّة فى المقسم بيان لاطلاقها وعدم تقييدها بشيء وعدم ملاحظة شيء فيه حتى قيد الحيثية المسطورة بخلاف الحيثية فى القسم الثالث فانها ملحوظة فيه وانه كونه كلّيا مع ملاحظة وجوده فى الذّهن لامتناع تصوّر الاشتراك فى الموجود الخارجى وان لم يمكن الاشتراك بشرط الوجود فى الذّهن ايضا لامتناع الاشتراك بشرطه واستحالة الانقلاب لكن يمكن تصوّر الاشتراك فى الماهيّة فى حال وجودها فى الذهن وبالجملة الماهية فى المقسم معرّاة عن جميع الملاحظات محذوف عنها جميع ما عداها لامتناع كون الماهيّة فى مرتبة الذّات موجودة او معدومة وكذلك سائر المتقابلات وإن كانت فى الواقع لا تخلو منها لامتناع كون الوجود او العدم او سائر المتقابلات فى مرتبة الذات ولذا قالوا بجواز ارتفاع النقيضين فى المرتبة ففرق بين الماهيّة لا بشرط الّتى ليست بحسب ذاتها لا كلّيا ولا جزئيّا ولا غيرهما من المفهومات الا نفسها لا ان تكون فى حد نفسها تحمل عليها نفسها حملا شايعا صناعيّا لأنّ ذلك انّما يكون بعد ان تكون موجودة وبين الكلّى الّذى يكون معروضا لاحد المعانى الّتى مفهوماتها كلّيات منطقية ومعروضاتها كلّيات طبيعيّة وهذا المعنى المنطقى لا يعرض الماهيّة الّا بعد وجودها وقال فى التّجريد فى بيان القسم الرّابع وهى اى الماهيّة ملحوظة من حيث هى ليست الّا هى فلو سئل بطرفى النقيض فالجواب السلب لكلّ شيء قبل الحيثية لا بعدها اذا عرفت هذه المقدمة فنقول

٣٤٣

قد جعل شيخنا قدّس سره فى الحاشية محل النّزاع هو القسم الرّابع وهو اللّابشرط المقسمىّ قال ووجهه ظاهر لا يحتاج الى البيان لكن يقوى فى النظر ان محلّ النّزاع ما شك فى كونه بشرط لا او اللّابشرط القسميّ وان علم اجمالا بكونه احدهما فى الواقع اذ الماهيّة فى مرتبة ذاتها لا يحمل عليها الاحكام الشرعيّة من الوجوب والنّدب وغيرهما اذ كما ان سائر الصفات المتقابلة تكون مسلوبة عنها كذلك الاحكام وموضوعاتها مع ان الماهيّة فى مرتبة الذات اذا لم تكن موجودة ولا معدومة فكيف تكون معروضة للاحكام الشرعيّة ويؤيّد ما ذكرنا قول المصنّف قدّس سره عن قريب من جهة الشكّ فى انضمام تمام ما يعتبر الى الاجزاء لعدم كون الزّيادة شرطا وعدم انضمامه لكون عدم الزّيادة شرطا حيث يفهم منه العلم باحدى الملاحظتين وانما الجهل بخصوصيّة إحداهما وقد ذكر المحقق القمّى ره فى القوانين فى باب الاشتراك اللفظى ان الوضع فى حال الانفراد لا بشرط الانفراد ولا لا بشرط الانفراد وان اصل عدم الاوّل معارض باصل عدم الثّانى وقد سلك هذا المسلك فى باب الاستثناء وغيره وذكر فى باب الاستصحاب ان استصحاب عدم النبوة المقيّدة معارض باستصحاب عدم النبوة المطلقة وسيأتى إن شاء الله الله فى باب الاستصحاب ما يمكن توجيهه به ودفع اعتراض المصنف قدّس سره عليه ووجّهنا ايضا فيما علّقنا على ذلك الباب المذكور انّ مقصوده قدّس سره عدم العلم بكونه بشرط لا او اللّابشرط القسميّ وان علم بان المقصود احدهما فى الواقع ودفعنا به ما اعترض به صاحب الفصول قدّس سره عليه قوله ويشترط فى صدق الزّيادة قصد كونه من الاجزاء بل يفهم من بعض الكلمات اشتراط قصد كون الزّائد من اجزاء تلك الصّلاة الّتى يكون المكلّف فيها فلو لم يقصد ذلك بل قصد غيره لم تبطل الصّلاة به ولو كان ركنا فلو نقص من الصّلاة ركعة وان تكلّم بزعم الفراغ بناء على المشهور من الصحّة فى الصّورة المزبورة لو نوى الصّلاة الثانية وكبّر لها ثم ذكر نقصان الصّلاة السّابقة ففيها وجوه بطلان الصّلاتين وصحّتهما وصحّة الاولى دون الثانية والعكس وغير ذلك فعن التذكرة ونهاية الاحكام والذكرى والرّوض والبيان عدم بطلان الاولى مع فرض الشّروع فى الثّانية قبل حصول ما يبطلها لعدم كون التكبير زيادة وركنا فى تلك الصّلاة بل احتمل فيها جعل ما شرع فيها من الصّلاة الثانية تتمة للاولى اذ وجود السّلام بعد ان وقع سهوا كعدمه بل

٣٤٤

لم يستبعده كاشف الغطاء فى كشفه بل عن الذكرى المروى العدول بل عن الروض وغيره ان الاصح عدم الاحتياج الى العدول لعدم انعقاد الثانية لكن فى الجواهر فى المسألة ـ المذكورة وامّا عندنا فيقوى فسادهما معا لزيادة تكبيرة الاحرام الّتى هى ركن فى اثناء الاولى فتفسدها وان لم يكن لها لاطلاق ما دلّ على الاعادة بالزيادة خصوصا بعد قول احدهما ع فى خبر زرارة لا تقرأ فى المكتوبة شيئا من العزائم فان السّجود زيادة فى المكتوبة الظاهر فى كونه زيادة فى الصّلاة وان كان للتّلاوة الى آخر ما قال ولا يخفى ضعفه بل الظاهر ضعف ما ذكره من بطلان الصّلاتين وانّ المتعيّن العدول والتفصيل فى محلّه من الفقه ويؤيد ما ذكره المصنّف من انّه يشترط فى صدق الزّيادة قصد كونه من الاجزاء ما ذكره فى الجواهر فى باب القران بين السّورتين فى مبحث القراءة من ان الظاهر كما اعترف به فى المدارك والحدائق وكشف الاستاد وعن البحار وغيرها ان محلّ البحث فى القرآن ما جيء بالسّورة الثانية على حسب السّورة الاولى من كونها قراءة للرّكعة كما يؤمى اليه التامّل فى النّصوص بل قوله لكلّ سورة ركعة فيها والتفصيل بين الفريضة والنافلة وغيرها كالصّريح فى ذلك فمن جاء بالثانية ح بعنوان قراءة قران ونحو ذلك لم يكن اشكال فى جوازه له لاطلاق ما دلّ على جوازه فى الصّلاة خلافا لما يظهر عن المحقق الثانى وبعض من تاخر عنه فجعلوا النزاع فى الاخير خاصّة دون الاوّل بل ادّعى القطع بالبطلان معه وانه لا يدخل فى كلامهم وكان الّذى اوهمهم تحقق الزّيادة بنية الجزئيّة الّتى قد نقل الاتفاق على البطلان معها ودلّت النّصوص عليه الى آخر ما قال وفى مفتاح الكرامة عند شرح قول العلّامة ولا يجوز الزّيادة على الحمد فى الثالثة والرّابعة بعد نقل الاجماعات الكثيرة ولعل معقد الاجماعات ما اذا فعل ذلك بقصد الجزئية قوله نعم ربما ورد فى بعض الأخبار اه حيث نهى ع فيه عن قراءة سورة فيها آية السّجدة معلّلا بان السّجود زيادة فى المكتوبة وما ذكره قدّس سره من الوعد للتعرض فى معنى الزيادة فى المكتوبة لم يف به على ما صرّح به شيخنا قدّس سره فى الحاشية ايضا قوله او تشريعا والمراد من الاعتقاد التشريعى المستند الى التقصير على ما نقل نحن المصنّف قدس‌سره الى التقصير على ما نقل عن المصنّف قدّس سره فى مجلس المذاكرة هو الاعتقاد

٣٤٥

الحاصل للعوام الّذين لا يرتدعون عنه ولا يزول عنهم مع نهيهم عنه وتنبيههم على فساد سلوك الطّريق الّذى يسلكونه من جهة عدم اعتنائهم بقول النّاهى فيقلّدون سلفهم ومن يحذو حذوهم بجبلتهم الغواصيّة قوله كما لو اعتقد ان الواجب فى كلّ ركعة ركوعان لا يخفى ان حكم المصنّف قدّس سره بالصّحة فى القسم الثانى والثالث فيما سيأتى بالنّسبة الى غير هذا المثال من امثلة القسم الثانى لأنّ زيادة الرّكوع مبطلة قطعا لكونه بشرط لا ومحلّ الكلام فيما اذا لم يعلم كون الجزء بشرط لا او لا بشرط كما سلف قوله ثم بدا له فى الاثناء او بعد الفراغ وقرء سورة اخرى اه ولا بدّ فى توضيح هذه العبارة من نقل بعض الكلمات فى المقام فعن جامع المقاصد والمقاصد العليّة والمسالك وفوائد القواعد والرّوض والارشاد ويتحقق القرآن بقراءة ازيد من سورة وان لم يكمل الثانية بل بتكرار السّورة الواحدة او بعضها وفى محكى البحار ان ما ذكره الشّهيد الثانى من تحقق القرآن بازيد من سورة فيه نظر لانّه لا ينافى تجويزهم العدول قبل تجاوز النصف وفى محكىّ كشف اللّثام ان اخبار جواز العدول من سورة الى اخرى تجوّز القرآن بين سورة وبعض سورة اخرى وكذا خبر الحميري حيث قال الكاظم عليه‌السلام يردد القرآن ما يشاء وخبر منصور يشمل النّهى عنه قيل ونحوه الاقتصاد والخلاف والكافى ورسالة عمل يوم وليلة بل يمكن تعميم القرآن بين السّورتين الواقع فى غيره وفى مجمع البرهان بعد ذكر اخبار جواز العدول من سورة الى اخرى ما لم يبلغ النصف او لم يتجاوز عنه وايضا فى هذه الأخبار دلالة على جواز القران لا بمعنى السّورتين وكذا فى اتفاقهم على جواز العدول فدلّ على ان النزاع فيهما لا فى مطلق قراءة شيء آخر مع السّورة حتّى تكرار كلمة من الفاتحة قبل السّورة كما قاله الثانيان وفى الجواهر والمناقشة فى اخبار العدول بانّ المراد بالقرآن الجمع بنيّة واحدة ومنه قران الحجّ بالعمرة يدفعها ان الظاهر من الفتاوى بل وبعض النّصوص السّابقة الاعمّ من ذلك ومن تجدد النّية ولو بعد تمام السّورة الى آخر ما قال ومع ذلك ذكر شيخنا قدس‌سره فى الحاشية فى هذا المقام ما هذا لفظه ولا يتوهم كون رفع اليد عن السّورة بعد الفراغ منها والإتيان بسورة اخرى من القرآن ضرورة اشتراط صدقه بعدم

٣٤٦

رفع اليد عن السّابقة وملخّص الكلام ان ما ذكره المصنّف فى هذا المقام اما ان يكون ممّا يشمله اخبار العدول واتفاق الاصحاب على ذلك فلا ريب انّ الحكم فيه الجواز اتفاقا ايضا وفتوى كما سمعت سواء قلنا بصدق القرآن عليه ام لا وامّا ان يكون ممّا يصدق عليه القرآن بالمعنى المتنازع فيه فان قلنا فيه بالكراهة كما هو المشهور بين المتأخّرين ولعله الاظهر فالامر واضح وان قلنا بالحرمة والأبطال فكذلك وان قلنا بالحرمة وعدم الابطال كما عن المبسوط والأصباح فكذلك وعلى اىّ تقدير ليس المقام من قبيل ما يتردد فيه فى البطلان وعدمه والشرطية وعدمها حتّى يكون من مفروض البحث فلا بدّ من حمل ما ذكره ولو فى الجملة على التردّد فى الكراهة والحرمة كما عن كشف الرموز ونهاية الاحكام وكشف الالتباس او على القول بالتّحريم والتردّد فى البطلان وعدمه كما عن العلّامة فى المنتهى وظاهر التحرير والتذكرة او على قطع النظر عن وضوح حكمه من جهة الدليل والاغماض عنه ثم انه لا بدّ من ان يحمل كلام المصنّف ثم بدا له فى الاثناء على عدم التجاوز عن النصف او عدم بلوغ النّصف على اختلاف فتاوى العلماء قدس الله اسرارهم بناء على اختلاف الأخبار فى ذلك وكذا على عدم التّوحيد والجحد لامتناع العدول منهما الى الغير ولو عند الشروع وغير ذلك من القيود التى ذكروها فى الفقه مع احتمال الحمل على العموم بل هو الظاهر لما ذكر من ان ما ذكره مبنى على الاغماض عن وضوح حكمه فى محلّه فى الفقه ثم ان قوله او لغرض دنيوى كالاستعجال لا بدّ من جملة على ما اذا بدا له فى الاثناء وامّا قوله لغرض دينى فيمكن حمله على ذلك ويحتمل الحمل على العموم قوله كان ياتى ببعض الاجزاء رياء هذا على تقدير عدم كون الريا فى بعض اجزاء الصّلاة مبطلا لها ففى المحكى عن نهاية الاحكام تبطل بالرّياء سواء كان ذلك البعض فصلا واجبا او ذكرا مندوبا او فعلا مندوبا مع الكثرة وعن فوائد الشرائع تبطل اذا كان ذلك البعض واجبا ومندوبا قوليّا غير وعاء ولا ذكر ولو كان مندوبا فعليّا لم تبطل الّا مع الكثرة وعن البيان لو نوى بالنّدب الرّياء فالابطال قوى مع كونه كلاما او فعلا كثيرا وقريب منه ما نقل عن الذكرى والتّذكرة قوله فلا اشكال فى فساد العبادة بها اه قال شيخنا قدس سرّه الحاشية حكمه بالبطلان فى القسم الاوّل بعد الفراغ عن عدم كون اعتبار الجزء بشرط

٣٤٧

شيء مستندا الى قصد القربة الاتيان بالعمل على وجه يعلم عدم الامر به على كلّ تقدير لأنّ واقعة لا يخلو امّا ان يكون مأخوذا بشرط لا او لا بشرط فقد قصد خلاف الامرين فيكون فاسدا انتهى وهذا الكلام يصرّح بانّ محل الخلاف والكلام فيما اذا علم كونه بشرط لا أو لا بشرط ولم يعلم احدهما المعيّن كما قرّرناه سابقا موافقا لما سيظهر من المصنّف عن قريب والعجب انه مع اعترافه بذلك قد جعل فى السّابق محلّ الكلام فى القسم الرّابع وهو اللّابشرط المقسمىّ مع انه على تقدير امكان تصوره لا ينبغى الاشكال فى الصّحة فى الاقسام الثلاثة فلا معنى للتفكيك قوله وامّا الاخيران اه لا يخفى انه اذا كان الدّوران بين كونه بشرط لا أو لا بشرط على ما قرّرنا استظهارا من كلامه قدس‌سره ايضا فلا بدّ من الرّجوع الى اصالة الاطلاق الّذى هو فى معنى اللّابشرط القسمى وهو الّذى جعلوه كلّيا طبيعيّا وعلى تقدير عدمه فلا بدّ من الرّجوع الى اصالة عدم اللّحاظ الزّائد المعتبر فى بشرط لا لا الى اصالة البراءة عن الشرطيّة كما صنعه قدّس سره الّا ان يقال بمعارضتها باصالة عدم اللحاظ المعتبر فى اللّابشرط القسميّ كما يدلّ عليه كون الاقسام متضادة فان قلت فعلى هذا لا يمكن وجود الكلّى الطّبيعى فى الخارج قلت وجوده فيه مع تجريده عن اللّحاظ الذّهنى وان كان باعتبار كليته قوله لأنّها بعد وقوعها مطابقة للامر بها لا تنقلب اه وفيه تامّل لان الامر الغيرى المتعلّق بالجزء تابع للامر النّفسى المتعلّق بالكلّ فمع عدم حصول الكلّ فى الخارج على ما هو المفروض كيف يحكم بوجود التابع وهذا نظير ما نسب الى صاحب الفصول فى باب مقدّمة الواجب من انّ وجوب المقدّمة للتوصّل الى ذيها فاذا لم يحصل التوصل الى ذيها فلا معنى لوجوب المقدّمة ح وسيصرح المصنّف فى الامر الثانى بما ذكرنا من عدم بقاء الامر الغيرى مع عدم الامر النفسى المتعلّق بالكلّ وح فاذا شكّ فى بقاء صحة الاجزاء السّابقة بمعنى مطابقتها للامر المتعلق بها فعلا من جهة الشكّ فى بقاء الامر المتعلّق بالكلّ من جهة الشكّ فى المانع وجودا او منعا فيجرى الاستصحاب بناء على ما سيجيء فى باب الاستصحاب من جريان الاستصحاب فى كلا القسمين بناء على الأخبار قوله لانّها بعد وقوعها اه بيان لبقاء الصّحة بالمعنى الاوّل قوله وهى بعد على وجه اه بيان لبقاء الصّحة بالمعنى الثانى يعنى ان الصّحة لذا جزاء تأهّليته وشأنيّة وهى باقية ازلا وابدا سواء اتى بباقى الاجزاء ام لا

٣٤٨

لأنّ الصّحة المزبورة بمعنى انّه لو اتى بباقى الاجزاء على الوجه المعتبر لحصل الكلّ ومن المعلوم انّ صدق الشّرطية لا يستلزم صدق الشّرط بل يجتمع مع صدقه وكذبه فلا يتطرق الشكّ فى بقاء هذه الصّحة ابدا حتى يجرى الاستصحاب فقوله قدّس سره فاستصحاب صحّة تلك الاجزاء غير محتاج اليه المراد به انّه غير جار ومثل هذا التعبير المراد منه ما ذكرنا فيه وقع منه قدس‌سره مرادا كثيرة فى هذا الكتاب مسامحة قوله قلت نعم اه الاولى ان يحمل ما فى النصوص والفتاوى من اطلاق المبطل والناقض على مثل الحدث بل على الزّيادة ايضا فى كثير من الموارد على ما ذكرنا من انّ الشكّ فى بقاء الصّحة الفعليّة للاجزاء المستلزمة لبقاء الامر بالكلّ الموجب لضمّ باقى الاجزاء ايضا وصحّة الصّلاة معه وما ذكره قدّس سره فى بيان البطلان لا يخلو عن تكلف ظاهر قوله وتلك الهيئة الاتصاليّة هذا استصحاب آخر غير الاستصحاب الاوّل فانه استصحاب بقاء القابليّة للاجزاء السّابقة وهذا استصحاب بقاء الهيئة الاتصالية وسيجيء فى بيان الخدشة والتوجيه تصريح المصنّف بهذا مع وضوحه قوله وحاصل الفرق بينهما توضيح الفرق انّ المانع ما يمنع اصل الفعل اوّلا وبالذّات ويكون عدمه معتبرا وشرطا للمأمور به ويكون فى عداد سائر الشّروط الّتى يكون معتبرا فيه وامّا القاطع فان عدمه ليس معتبرا اوّلا وبالذّات فى المأمور به فى عرض سائر الشّرائط بل هو انّما يقطع الهيئة الاتصالية اوّلا وبالذّات عند الشّارع العالم بالغيب وبتوسط قطع الهيئة الاتصالية المعتبرة عنده يمنع وجود الفعل على النّحو الصّحيح المطلوب عنده وامّا الفرق بينهما بان عدم المانع يكون شرطا معتبرا بخلاف عدم القاطع فليس على ما ينبغى لأنّ عدم الرّافع امّا ان يكون جزء للعلّة التامّة وسببا ناقصا او يكون شرطا فى التاثير وعلى اىّ تقدير يكون عدمه معتبرا كيف ولو لا ذلك لا تمنع تاثير عدمه فى صحة المأمور به ووجوده فى عدمها لامتناع تاثير ما ليس بجزء ولا شرط لا فى المأمور به ولا فى الامتثال للمأمور به ولذا ذكروا انّ النّهى اذا كان متعلّقا بالأمر الخارج مع عدم اتّحاده مع جزء من اجزاء المأمور به بحيث يرجع الامر الى اجتماع الامر والنّهى لا يوجب الفساد قوله حكم ببقاء تلك الهيئة اه قد ذكر فى هذا المقام الاستصحاب الثّانى فقط ولم يذكر الاستصحاب الاوّل لكونه معلوما بالبيان السّابق واللّاحق فاكتفى بهما عن ذكره هنا

٣٤٩

قوله لا يستلزم عدمها اه والسّر فى عدم الاستلزام ما ذكرنا سابقا من ان صحّة الاجزاء بمعنى مطابقة الامر وبمعنى ترتب الاثر باقية ابدا حتى مع القطع بوجود المانع وبمانعية الموجود فاذا لم تكن الصّحة بالمعنيين المزبورين مستلزمة لعدم المانعية لم يمكن اثباته بالاستصحاب المذكور حتى على القول بالاصول المثبتة لأنّ الثابت بالاستصحاب هو اللّوازم ولو كانت غير شرعيّة على القول المزبور لا ما يقارنه احيانا من دون ملازمة شرعيّة او عقلية او عادية ولا غير اللّوازم من الملزومات وإن كانت شرعيّة كما سيجيء توضيحه فى باب الاستصحاب إن شاء الله الله قوله فلا يبعد كونها من الاصول المثبتة لانّ الحكم بصحّة الصّلاة مترتب على فعليّة اتصال الاجزاء السّابقة بالاجزاء اللّاحقة لا على قابليّة الاتّصال فيكون اثبات الحكم المذكور بالاستصحاب موقوفا على ثبوت الفعليّة بمجرّد استصحاب القابليّة لكونه لازما عقليّا او عاديا له فيكون الاصل المزبور مثبتا قوله اللهم الّا ان يقال انّ استصحاب الهيئة الاتّصالية اه يعنى انّ الموضوع وان كان هو الاجزاء السّابقة لكن المستصحب هو مطلق الاتّصال من غير نظر الى تقومه فى السّابق بالاجزاء السّابقة او يدّعى انّ الاتّصال الثّابت فى السّابق والباقى فى اللّاحق هو شيء واحد فى العرف وممّا يتسامح فيه عندهم ونظيره استصحاب دم الحيض والكرية واليوم واللّيلة والتكلّم ونبع الماء فى العين وغير ذلك من استصحابات الزمان والزّمانيات حيث انّ الجزء السّابق من اليوم مثلا منعدم قطعا فى الزّمان المشكوك فى انه من اليوم فكيف يحكم باستصحاب بقاء ذلك الجزء وكذلك استصحاب كرية الماء فانّ الماء الموجود سابقا الّذى كان كرا قد انعدم قطعا والماء الموجود بشك فى كونه كرا فكيف يحكم باستصحاب كريته مع عدم كونه بشرط لا كرا وعدم العلم به والمسامحة فى هذا التقرير يكون فى البقاء ويمكن ان يكون المستصحب فى مثال الكرّية فى الماء المشكوك هو بقاء الكر الكلّى فى الحوض فيكون البقاء ح على الحقيقة ويكون المسامحة من جهة خفاء الواسطة حتى يخرج عن كونه اصلا مثبتا وكذلك اليوم واللّيلة وغيرهما حيث انه قد يتسامح فيها فى البقاء فلا بد فى التسامح المذكور من ادّعاء كون الجزء السّابق واللّاحق واجدا فى نظر العرف وقد يتسامح فيهما فى الواسطة ويدعى خفائها فى نظر العرف بان يكون المستصحب هو بقاء اليوم واللّيلة وهو ممّا يلازم

٣٥٠

كون الجزء المشكوك من اليوم واللّيلة عقلا وعادة فيكون البقاء على سبيل الحقيقة من غير تسامح فيه وانّما التسامح فى غيره وهذان الوجهان مما يتاتيان فى استصحاب الهيئة الاتّصالية فى المقام على ما اشرنا فى البيان لكن الظاهر من كلامه فى جواب الخدشة هو الحكم بالتسامح فى البقاء لا فى الواسطة وح يرد عليه اخلاله بذكر الوجه الآخر فى التفصى وقد ذكر الوجهين فى باب الاستصحاب فى غير موضع قوله ويقال فى بقاء الاجزاء السّابقة اه يعنى انّ الحكم بعدم لزوم الاستيناف وصحّة الصّلاة وان كان مترتبا على بقاء الاتّصال الفعلى لا على قابلية الاتّصال التى قد استصحب الا انّ الواسطة لما كانت خفية فى نظر العرف فيحكم من جهة خفائها بكون الحكم المزبور مترتّبا على القابلية المذكورة المستصحبة ولو لا هذه المسامحة العرفية لاختل الاستصحاب فى غالب الموارد قوله وبما ذكرنا يظهر سرّ ما اشرنا اليه اه موقع هذا الكلام قبل قوله اللهمّ الّا ان يقال كما فى بعض النسخ ووجهه ظاهر ولكن فى بعض النسخ المصحّحة ذكر هذا الكلام قبل قوله ولكن يمكن الخدشة ولا بدّ ح من تطبيق الكلام المزبور على الشق الاوّل الّذى ذكره فى مقام ردّ صاحب الفصول حيث قال وحاصله ان الشكّ ان كان فى مانعية شيء وشرطيّة عدمه للصّلاة اه بانّ الاستصحاب المذكور الّذى تمسّك به لاثبات صحة العبادة المنسى فيها بعض الاجزاء انّما تمسّك به لاثبات عدم مانعية النسيان وعدم شرطيّة عدمه للصّلاة ومن المعلوم انّ القطع بصحّة الاجزاء السّابقة لا يفيد فى اثبات الدّعوى المذكورة فضلا عن استصحابها فتدبّر قوله ضيق فم الرّكية على وزن الغنية البئر قوله الثالث ان يراد من ابطال العمل قطعه والنهى على هذا المعنى الاخير يكون نفسيّا مولويّا لا ارشاديّا لا يترتب على مخالفته شيء سوى فوت الواقع فى بعض الاحيان والتّجرى كذلك قوله ويمكن ارجاع هذا المعنى الى المعنى الاوّل فانّه اذا كان المراد بالعمل الاعمّ من المجموع والبعض ويكون المراد من النّهى عدم احداث الباطل بعده بمثل رياء او عجب او منّ او اذى او كفرا وشرك او غير ذلك على ما سيأتى فيشمل المقام من عدم جواز الزّيادة فى الصّلاة مثلا لأنّها موجبة لأحداث الباطل فيما مضى وجعله لاغيا باطلا وساقطا عن قابلية كونه جزء فعليا بعد ان كان قابلا لذلك قوله فجعل هذا المعنى مغاير الاوّل مبنىّ اه فان كان احداث

٣٥١

الباطل بعد العمل بمعنى المجموع المركّب بجعله لاغيا باطلا ساقطا يكون من المعنى الاوّل وإن كان احداث الباطل فى اثناء العمل بالمعنى المزبور بجعل الاجزاء السّابقة باطلة ساقطة عن درجة الاعتبار يكون من المعنى الثالث فيكون بين المعنيين تباينا كلّيّا قوله يناسب الاحباط اه فى الإحباط بمعنى حبط السّيئة ـ للحسنة فى قبال التكفير الّذى هو ستر الحسنة للسّيئة ثلاثة مذاهب الاوّل بطلانه مطلقا الّا فيما قام الإجماع عليه مثل الإحباط بالشّرك والكفر كما اشير اليه فى قوله تعالى (لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ أُولئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ وَلِقائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَزْناً) وغير ذلك من الآيات كما انّ التكفير ايضا باطل الّا بمثل الاسلام والتوبة لقوله ع الاسلام يجبّ عمّا سبق وقوله تعالى (تُوبُوا إِلَى اللهِ تَوْبَةً نَصُوحاً عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ) وغير ذلك والدّليل على بطلانهما كذلك مخالفته لما هو ضرورى المذهب من نصب الميزان فى القيامة ولا مثال قوله تعالى (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ) وغير ذلك من الآيات والأخبار الكثيرة والثانى صحّته فيما قام عليه آية او خبر ولو كان واحدا ظنيّا او دليل آخر وبطلانه فى غير ذلك اختاره العلّامة المجلسىّ قدّس سره فى البحار وبعض آخر والثالث صحّته مطلقا وهو لبعض المعتزلة وقد ذكرنا شطرا من الكلام فى ذلك فى اوائل الكتاب فى مقام نقل كلام الفاضل المحدّث السيّد نعمت الله الجزائرى قدّس سره فى شرح التهذيب فراجع قوله لا اتيان العمل على الوجه الباطل اه وهو المعنى الثانى وقوله لأنّها مخالفة لله وللرّسول (١) اذ قد ذكر ان النّهى فى الوجه الثانى للارشاد وليس فيه مخالفة لله وللرّسول الّا مع اقترانه ـ بالتجرى ويمكن ان يكون معنى العبادة انّ الابطال بالاحتياط مخالفة لله وللرّسول ص وهذا المعنى يتضمّن كون الاحباط مخالفة لله وللرّسول بخلاف الاتيان بالعمل على وجه باطل والمعنى الاوّل ايضا مما يستلزم ذلك ويرد على المعنيين انّ النهى عن الابطال بالاحباط بالشرك والكفر وغيرهما نهى مولوىّ لا ارشادى لا يترتب عليه غير فوت العمل الصحيح مع انّه قدس سرّه قد ذكر ان النهى على الوجه الاوّل والثّانى كليهما للارشاد قوله هذا كلّه مع ظهور الآية فى حرمة ابطال الجميع اه ادّعاء الظهور

__________________

(١) قيد للمنفى يعنى انه ليس المقصود من الآية اتيان العمل على الوجه الباطل من جهة ان الاتيان المذكور مخالفة الله والرّسول

٣٥٢

المذكور من جهة ظهور الجمع المضاف وهو قوله تعالى اعمالكم فى الاستغراق بمعنى الكلّ الافرادى ويمكن منعه بان الظاهر فى مثل التراكيب المذكورة هو جنس المفرد لا جنس الجمع ولا الاستغراق الافرادى ولا الاستغراق المجموعى ومثله قوله تعالى و (لا تَكُنْ لِلْخائِنِينَ خَصِيماً) وقوله تعالى (وَما هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ) وقوله تعالى (الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّساءِ) وقولهم والله لا اتزوج الثيبات بل الابكار وح فيمكن شمول الآية للمعنى الثالث بان يكون المراد حرمة ابطال العمل سواء كان فى الأثناء او بعده وظهر من ذلك انه لا داعى فى مقام ادّعاء شمول الآية للمعنى الثالث الى جعل العمل الاعمّ من المجموع ومن البعض وانّه اذا كان المراد من العمل المجموع لا بدّ من الالتزام بكون المعنيين متغايرين متباينين لا يكون مفاد الآية الّا احدهما كما يستفاد من كلام المصنّف قدّس سره ولا ينافى ما ادعينا من ظهور الآية فى جنس المفرد ما ورد فى تفسير الآية على تقدير صحّته من انّه الشرك اذ المورد لا يخصّص العموم فتدبر قوله لا ابطال شيء من الاعمال اه يعنى ان المطلوب المفيد فى مقام الاستدلال الحكم بحرمة ابطال العمل ولو كان واحدا وهو الّذى يعطيه المعنى الثالث فاذا كان الجمع المضاف مفيدا للعموم كما ادّعاه المصنّف ره يكون النتيجة حرمة ابطال جميعها لا ابطال شيء منها الّذى هو المطلوب مع انه اذا كان الجمع المضاف للعموم يكون المراد عموم النفى كما هو الظاهر من التراكيب المذكورة لا نفى العموم فيكون النتيجة عدم جواز ابطال شيء منها لا جميعها كما افاده قدّس سره قوله او بالنسبة الى بعض المعاصى يعنى غير الكفر والشرك لأن الإحباط بهما اتفاقى على ما ذكره المصنّف وهذا هو الّذى فقلناه عن المجلسى قدس‌سره قوله لعدم اعتبار مثله فى مثل المسألة لأنّ المسألة عقليّة كلاميّة يكون المطلوب فيها القطع واليقين (١) هذا مضافا الى حكم العقل بخلافه ومخالفة الاحباط ـ بالطّريق الكلّى للآيات الكثيرة والأخبار المتواترة ولضرورة المذهب من نصب الميزان فى القيامة قوله وببالى انى سمعت او وجدت اه فى مجمع البيان ذكر له معانى ثلاثة بالشكّ والنفاق بالرّياء والسّمعة بالمعاصى والكبائر ولم يذكر فى تفسير الصّافى الّا الحديث الّذى نقله المصنّف ره عن ثواب الاعمال والامالى وفى تفسير

__________________

(١) لا الظنّ والتخمين

٣٥٣

الرّازى ذكر له ايضا معانى ثلاثة دوموا على ما انتم عليه ولا تشركوا فتبطل اعمالكم قال الله تعالى (لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ) لا تبطلوا اعمالكم بترك طاعة الرّسول ص كما ابطل اهل الكتاب اعمالهم بتكذيب الرّسول وعصيانه لا تبطلوا اعمالكم بالمنّ والاذى وفى بعض تفسير العامة لا تبطلوا اعمالكم بما ابطل به هؤلاء اعمالهم من الكفر والنفاق والعجب والرّياء والمنّ والاذى ونحوها وليس فيه دليل على احباط الطّاعات بالكبائر وفى مجمع الفائدة فى باب جواز العدول من سورة الى اخرى وقيل معناه لا تبطلوا اعمالكم بالكفر فان الكفر هو المبطل لجميع الاعمال والغرض من نقل الاقوال فى ذلك ان تفسير الآية بالنّهى عن ابطال الاعمال بالكفر هو القدر المتيقن من بين المعانى فمع فرض عدم ورود رواية فى مقام التفسير بذلك لا بدّ من الاخذ به وعلى تقدير الإغماض عن ذلك تكون الآية مجملة لا يصحّ التمسّك بها على المطلوب قوله موجب لتخصيص الاكثر اه انه لا يبقى فى الآية الّا العبادات الواجبة مثل الصّلاة والصّوم والحج ونحوها ويخرج عنها تمام المعاملات بالمعنى الاعمّ والعبادات المستحبّة والاعمال المباحة ونحوها قوله فان كان المراد بالاعمال ما يعمّ بعض العمل المتقدم اه وكذلك اذا كان المراد بالعمل المجموع المركّب وكان المراد بالابطال هو الاعمّ من الابطال بعد العمل او فى اثنائه على ما ذكرنا قوله كان دليلا ايضا اه لكن مع قطع النظر عن ورود الرّواية فى مقام التفسير بالشرك والكفر ومع قطع النظر عن كون اعمالكم ظاهرا فى العموم الافرادى فلا بدّ من حمل الآية على ما يبطل جميع الاعمال من الكفر والشّرك على ما ذكره المصنّف ره ومع قطع النظر عن كون القدر المتيقن هو ذلك على ما ذكرنا ومع الاغماض عن انّه موجب لتخصيص الاكثر اذ لا فرق فى لزومه بين انحصار الآية فى المعنى الثالث او شمولها لذلك كما هو ظاهر قوله لانّ المدّعى فيما نحن فيه هو انقطاع العمل اه فالشكّ انّما هو فى القطع والانقطاع والبطلان والابطال ومن المعلوم انّه مع الشكّ فى الموضوع لا يمكن التمسّك بالعمومات لأنّه انّما يكون بعد احراز الموضوع كما هو ظاهر قوله واضعف منه استصحاب وجوب اتمام العمل الاولى ان يقال ومثله فى الضّعف والتعبير بالاضعف ليس بجيد قوله وربما يجاب عن حرمة الابطال اه هو الفاضل صاحب الرياض قدّس سره على ما نقل عنه ونظره قدّس سره الى ان حرمة القطع حرمة نفسية ولا نظر له الى حكم باقى الاجزاء والامر مردّد عنده بين المتباينين وهو وجوب اتمام هذا العمل او عمل آخر مستأنف

٣٥٤

يحصل بالاعادة ومن المعلوم ان فى صورة الدّوران المذكور لا بدّ بين الرّجوع الى قاعدة الاشتغال الموجبة للاحتياط بالجمع بين المحتملين قوله فانّ البراءة اليقينية على تقدير العمل اه فانّ آية حرمة الابطال على تقدير دلالتها عليها كما هو المفروض عند المجيب تدلّ على حكم باقى الاجزاء بالدّلالة العرفيّة فتدلّ على وجوب الاتمام والصّحة وعدم وجوب الاعادة والاستصحاب يثبت الآثار الثابتة من الآية للمشكوك فيدلّ على الصّحة وعدم وجوب الاعادة ايضا وبتقرير آخر الاستصحاب يفيد وجوب الاتمام ظاهرا ومع قطع النظر عن دلالة الآية نقول بالملازمة بينه وبين الصّحة وعدم وجوب الاعادة من جهة الاجماع المركّب وعدم القول بالفصل كما ذكره المصنّف ره فى مقام تقريب الاستدلال بالآية وبتقرير آخر ان هذا لوجوب الثابت بالاستصحاب يرجع الى ايجاب امتثال الامر بكلى الصّلاة فى ضمن هذا الفرد ولا معنى للامتثال عقيب الامتثال وهذا الوجه قد اشار اليه المصنّف حيث قال فان البراءة اليقينية على تقدير العمل باستصحاب وجوب الاتمام يحصل بالاتمام اه وفى كلّ من التقريرات الثلاثة نظر وتامّل امّا فى التقرير الاوّل فلانّه مع فرض دلالة الآية على الحكم فى مورد الشكّ واغمض عمّا ذكر من عدم جواز التمسّك بها مع الشكّ فى الموضوع وغير ذلك ممّا ذكره المصنّف وذكرنا لا معنى للرّجوع الى الاستصحاب اذ لا يجرى الاصل مع وجود الدليل الاجتهادى وامّا فى التقرير الثّانى فلانّ المسلم من الإجماع المركّب وعدم القول بالفصل انّما هو اذا ثبت حرمة القطع ووجوب الاتمام بالدليل الاجتهادى لا بالاصول العمليّة الّتى منها الاستصحاب ألا ترى انّه اذا لم يجر الاستصحاب وعملنا بقاعدة الاشتغال نحكم بوجوب الاتمام ولا نحكم بعدم وجوب الاعادة بل نحكم بوجوبها ايضا من جهة قاعدة الاحتياط فى الشبهة المحصورة وامّا فى التقرير الثالث فلأنّا لا نسلم ان مرجع الوجوب المذكور الى ايجاب امتثال الأمر بالكلى بل مرجع الايجاب المذكور الى وجوب ضمّ باقى الاجزاء الى السّابق فلا ينافى وجوب الاعادة ايضا وحصول الانقياد والامتثال الحكمى بعد الإتمام والاعادة كما ذكره المجيب الّا ان يقال انّ العلم الاجمالى المذكور منجز على تقدير وغير منجز على التقدير الآخر ومثل هذا العلم الاجمالى غير مؤثر فى وجوب الاحتياط بالجمع كما حققه المصنّف سابقا او ان المعلوم بالاجمال ينحل فى موارد الاصول ايضا كما انّه ينحل مع قيام الأمارات بمقدار المعلوم بالإجمال كما ادّعاه بعضهم فى موارد فيكون الشكّ بالنّسبة الى الطّرف الآخر شكّا فى اصل التكليف فيحكم بالبراءة بالنّسبة اليه وعدم وجوب الاعادة قوله وعلى

٣٥٥

تقدير عدم العمل به يحصل بالاعادة اه يعنى انّ القدر المتيقن موجود وهو الاستيناف اذ به يحصل براءة الذمّة قطعا فيكون الشكّ فى وجوب الاتمام وحرمة القطع شكّا فى اصل التكليف فيرجع فيه الى البراءة والحاصل انّ العلم الاجمالى انّما يوجب الاحتياط فى صورة عدم وجود القدر المتيقّن وفى مثل المقام يكون القدر المتيقن موجودا فلا يحكم من جهة وجوده بالاحتياط وهذا كثير النظائر وقد سبق فى دوران الامر بين الاقل والاكثر انّه يرجع الى البراءة من جهة وجود القدر المتيقن وان كان بين المقامين فرقا من جهة اخرى من جهة عدم كون المقام من قبيلهما حقيقة فتدبّر قوله لانّه موجب لإلغاء الاحتياط من جهة اخرى قد ذكر فى باب دليل الانسداد فى مقام ذكر ردّ وجوب الاحتياط بوجوه منها انّه موجب لإلغاء اعتبار معرفة الوجه والجواب عنه ما هذا لفظه اولا بانه يمكن للمتأمّل فى اطلاقات الادلّة وفى سيرة المسلمين وسيرة النّبى ص والائمّة عليهم السّلم معهم القطع بعدم اعتبارها فكيف يجعل الاحتياط من جهة اعتبارية الوجه معارضا للاحتياط فى المقام مع انّه يستلزم عدم مشروعيّة الاحتياط فى الشبهات المحصورة الوجوبيّة والتحريميّة وفساده غنى عن البيان قوله وهذا شكّ فى المكلّف به كونه شكّا فى المكلّف به انّما هو بحسب الظاهر والّا فقد عرفت ان مذهب المصنّف ره فى الاقل والاكثر الارتباطيين هو الرّجوع الى البراءة بارجاع الشكّ فيهما الى الشكّ فى اصل التكليف كما عرفت شرح القول فى ذلك مفصّلا ولا يخفى ان كونه من قبيل الشكّ فى المكلّف به بحسب الظاهر ايضا يصحّح ما ذكره المصنّف من اولويّة الاحتياط فيه من الاختراط فى الشكّ فى التكليف ولذا ذهب الى الاحتياط فيه جمع كثير من الاصوليّين ايضا بخلاف الشكّ فى التكليف ولذا ذهب الى الاحتياط فيه جمع كثير لكن قد عرفت من انه ليس مشكوكا اصلا وانّ القطع حاصل بعدم وجوب نية الوجه وعلى تقدير الشكّ فيه يجب الحكم بالاحتياط من جهة تعلقه بشروط الاطاعة والامتثال ولا بدّ من القطع بصدقهما ولذا قال سابقا انّه لو سلّمنا وجوب معرفة الوجه او احتمال وجوبها الموجب للاحتياط وح فيكون الحكم باولوية الاحتياط فيه غير وجيه ولا يخفى انّ نيّة الوجه سبيلها ايضا سبيل معرفة الوجه قوله والحاصل ان الفقيه اه انّما خصّ بالفقيه لانّ المقلد لو كان مقصّرا فى تحصيل المسائل وشكّ فى الاثناء وجب عليه الاتمام لأحتمال انّه الواقع ثمّ السّئوال او المراجعة قوله فالاولى له الحكم بالقطع اه وان جاز له الفتوى بالجمع بين الاتمام والاعادة ايضا قوله الّا ان الاشتغال بالواجب ذكره قد وعد المصنّف سابقا ان يبيّن معنى الزّيادة فى

٣٥٦

الصّلاة وهاهنا لما نظر الى انّه طويل الذّيل احاله على الكتب المفصّلة المبسوطة قوله لكن التفصيل بينهما غير موجود فى الصّلاة اه ما ادعاه قدّس سره من عدم القول بالفصل بين الابطال بالنّقص السهوى وبين الابطال بالزّيادة عمدا او سهوا غير محقق فقد ذكر جمع انّه لو شكّ فى الرّكوع فركع ثم ذكر انّه قد ركع ارسل نفسه ذكره جمع من القدماء والمتاخّرين وذكر جماعة ايضا انه اذا زاد ركعة وقد جلس فى الرابعة بقدر التشهّد كانت صلاته صحيحة وذكروا اغتفار زيادة الرّكوع فى الجملة وكذلك ذكروا انّ المسارعة اذا اتم صلاته جهلا كانت صلاته صحيحة وهو اجماع وكذلك ذكروا انّ زيادة القيام على القول بركنيّة مطلقا غير مضرّة وغير ذلك ممّا ذكر فى الكتب المفصّلة الفقهيّة فلعلّ ما ذكره المصنّف ره مبنىّ على التّلازم فى الجملة فى غير الموارد المستثناة قوله فانّ جوّزنا الفصل فى الحكم الظّاهرى اه كما ذهب اليه صاحب الفصول واختاره المحقق القمّى فى القوانين فى باب تعارض الاستصحابين ونقل ميل المصنّف اليه فى مجلس البحث ايضا قاله شيخنا على ما هو ببالى قوله والّا فاللّازم بترجيح قاعدة الاشتغال على البراءة كما لا يخفى قيل وذلك لارتفاع ما هو موضوع البراءة وملاكها من عدم البيان فى الزّيادة بملاحظة حصوله فى النقيصة مع عدم الفصل بينهما كما هو الفرض وهذا بخلاف العكس فان عدم البيان فى امر فى نفسه لا يقتضى رفع البيان عمّا لا فصل بينه وبينه بداهة انّ البيان واتمام الحجّة فى احد المتلازمين لا يرتفع بعدم البيان واتمام الحجّة فى الآخر بل يكفى ذلك بيانا واتماما للحجّة فيهما كما لا يخفى انتهى فتامّل فيه نعم لو فرض عدم الترجيح وسقوط القاعدتين من الطّرفين فانه يكفى فى الحكم بالاشتغال فيه مجرد عدم الاطمينان وعدم استقلال العقل بالامن من العقاب كما ذكره المحقق المزبور ايضا وامّا ما ذكره شيخنا المحقق اعلى الله مقامه من انّ الوجه فى تحكيم القاعدة على البراءة هو ان مرجع الشكّ فى مسئلة النقيضة السّهوية لما كان الى الشكّ فى الامر الوضعى حقيقة وبدلية الناقص عن التام وقناعة الشّارع به عنه فلا يصلح اصل البراءة لاثباته وهذا بخلاف الشكّ فى مانعيّة الزّيادة وحكم العقل بوجوب الاحتياط يصلح بيانا لحكم الشّارع بالبناء على شرطيّة عدمها فى الظاهر فيرتفع موضوع البراءة العقليّة حقيقة والشرعيّة حكما ففيه انّ الكلام هناك ليس فى البدليّة والاسقاط والّا لجرى اصل عدم الاسقاط كما هو ظاهر كلام المصنّف على ما تقدم سابقا ولا اشكال فى تقدّمه على اصل البراءة بل الكلام فى ثبوت العقاب وسقوط والحكم للشكّ لا للمشكوك ومن المعلوم انّه مع الشكّ فى سقوط العقاب لا بدّ من الحكم

٣٥٧

بعدم سقوطه مع كون المشكوك جزء فى حال النسيان ايضا لأجل قاعدة الاشتغال وقد استشكل شيخنا قدس سابقا فى كلام المصنّف حيث انّ ظاهره الرّجوع الى الاستصحاب لا الى اصل الاشتغال الّذى هو صريح كلامه هنا وفى بعض المواضع السّابقة مع انّ المثبت للقناعة والبدلية هنا ليس هو اصل البراءة الجارى فى الزّيادة بل المثبت هو عدم الفصل بين الصّحة فى الزّيادة والصّحة فى النقيصة فانّ لازمها هو البدليّة والأسقاط مع انّ الالتزام بانّ وجوب الاحتياط يصلح للبناء على شرطيّة عدم الزّيادة فى مرحلة الظّاهر بخلاف اصل البراءة فانّه لا يصلح للبناء على البدليّة والاسقاط فى مرحلة الظّاهر تحكم بحت والله العالم قوله وامّا بملاحظتها فمقتضى قوله لا تعاد اه هناك طوائف من الأخبار منها ما دلّ على البطلان بالزّيادة مطلقا ومنها ما دلّ على البطلان بالزّيادة السّهوية مطلقا مثل قوله ع اذا استيقن انه زاد فى صلاته المكتوبة استقبل استقبالا ومنها ما دلّ على الصّحة فى كلّ زيادة ونقيصة سهويتين مثل مرسلة ابن ابى عمير عن بعض اصحابنا عن سفيان بن سمط عن أبي عبد الله تسجد سجدتى السّهو لكلّ زيادة تدخل عليك ونقصان بناء على عدم القدح فى السّند من جهة ان سفيان بن سمط مجهول ولا يصلحه ما ذكروا من انّ مرسل ابن ابى عمير كمسنده لأنّ ذلك انّما ينفع بالنّسبة الى بعض اصحابنا لا بالنّسبة الى سفيان بن السّمط مع ان العلّامة قد رده فى المنتهى فى بعض كلامه بانّ مرسله لا يقبل فى خلاف الاصل ومنها ما دلّ على البطلان فى الخمسة فى كلّ زيادة ونقيصة وعلى الصّحة فى غيرها كذلك مثل صحيحة لا تعاد بناء على عمومه للزّيادة والنّقصان ولا يضرّ عدم تصوّر الزّيادة فى كثير من الخمسة لانّ الحكم انّما هو بالنّسبة الى المجموع اذا عرفت هذا فنقول فى الجمع بين الأخبار وعلاج تعارضها فى المقام مسالك متعدّدة احدها انّ اخبار الزّيادة لكونها مختصّة بصورة الزّيادة لا عن عمد تكون اخصّ من الصّحيحة كما انّه لو لم ندع الاختصاص من الطّرفين لكانت اخصّ من الصّحيحة فتخصّص بها وكذا تقدم اخبار الزيادة على المرسلة مع التصريح فيها بالعموم لانّ العموم المذكور وارد فى مورد حكم آخر فلا يمكن التمسّك به فى مورد الشكّ ولا منافاة بين العموم وبين ورود العام فى سياق حكم آخر غير الحكم المحمول على العام كما فى قولك اشرب الماء فوق كلّ غذاء فانّه لا يدلّ على جواز كل كلّ غذاء وهذا هو الّذى اختاره المصنّف ره فى كتاب الصّلاة وفيه انّ اخبار الزّيادة ليست مختصّة بما ذكر على سبيل الاطلاق فان كثيرا من اخبارها شاملة للعمد والسّهو مثل قوله ع من زاد فى صلاته فعليه الاعادة وغير ذلك بل يمكن ادّعاء ظهور مثل هذه الأخبار فى الزّيادة العمدية فقط من جهة ظهور نسبة الفعل الاختيارى الى الفاعل كونه صادرا عن عمد واختيار ولذا لو قال بعت دارى ثمّ ادّعى

٣٥٨

انّ بيعه كان سهوا بلا ارادة ولا اختيار لم يسمع نعم بعض اخبار الزّيادة ظاهرة فى السّهو مثل قوله اذا استيقن انّه زاد اه وفى كونه اخصّ من الصّحيحة كلام وسيجيء انّ النّسبة بينهما عموم من وجه ومنه يظهر النظر فى قوله كما انّه لو لم ندع الاختصاص من الطّرفين اه لأنّ النّسبة بينهما على التقدير المذكور ايضا عموم من وجه وامّا ما ذكره فى مقام تقديم اخبار الزّيادة على المرسلة بان العموم فيها وارد مورد حكم آخر كما فى اشرب الماء فوق كلّ غذاء ففيه انّ الشرب فى المثال لا يلازم حلية الغذاء ولا حرمته ولذا لا يدلّ على كيفية الغذاء من الحلّية والحرمة بخلاف قوله ع تسجد سجدتى السّهو اه فان وجوب سجدتى السّهو او استحبابهما يلازمان صحّة الصّلاة فيدلّان على الصّحة بالالتزام كما انّ مثل اوفوا بالعقود مع دلالته على اللّزوم بالمطابقة يدلّ على الصّحة بالالتزام اذ لا معنى لوجوب الالتزام بالعقد الفاسد هذا وبالجملة لا بدّ من تخصيص العموم فى الزّيادة والنقيصة بغير المبطل فكل ما ثبت ابطاله للصّلاة لا يجرى فيه الحكم المزبور من وجوب سجدتى السّهو أو استحبابهما فيدخل فيه كلّ ما لم يثبت ابطاله نظير تقييد الصّلاة فى مقام الطّلب بالصّحيح على الشرح المذكور سابقا فى مقام توضيح كلام المصنّف فتامّل ونتيجة ما ذكره المصنّف فى الكتاب هو ما ذكره فى كتاب الصّلاة من انّ المرجع هو اخبار الزّيادة السّهويّة الدالّة على البطلان لكنّه ذكر حكومة لا تعاد على اخبار الزّيادة المطلقة فى الكتاب ولم يذكرها فى كتاب الصّلاة وثانيها المسلك الّذى ذكره شيخنا قدّس سره فى الحاشية قال انّ التعارض بين الأخبار العامة للزيادة والمرسلة تعارض العموم والخصوص من حيث شمول اخبار الزّيادة للعمد والسّهو واختصاص المرسلة من جهة قوله ع تدخل عليك بالسّهو وإن كانت متضمنة للنقيصة ايضا فلا يحكم من اجله بالعموم والخصوص من وجه لأنّها بالنّسبة الى الزّيادة والنقيصة بمنزلة قضيتين وان شئت قلت بانّ النّسبة عموم من وجه وانّ المرسلة حاكمة على اخبار الزيادة وامّا النّسبة بين اخبار الزّيادة الدالّة وصحيحة لا تعاد فهى وإن كانت عموما من وجه من جهة شمول اخبار الزّيادة للعمد وعدم شمول الصّحيحة له ودلالة الصّحيحة على البطلان فى الخمسة على تقدير النقيصة ايضا بل القدر المتيقن منها ذلك مع خروجها عن اخبار الزّيادة فيتعارضان فى الزّيادة السّهوية فى غير الخمسة حيث انّ الصّحيحة تدلّ على صحّة الصّلاة معها واخبار الزّيادة على البطلان الّا انّ الصّحيحة حاكمة عليها شارحة ومفسرة لها فهى تدلّ على انّ ما دلّ على البطلان بالزّيادة او بالنقيصة انّما هو فى صورة العمد فى غير الخمسة وانّ الزّيادة او النقيصة اذا كانت فيه سهو لا تضر بالصّلاة وامّا النّسبة بين اخبار الزّيادة الدالّة على

٣٥٩

البطلان فى صورة السّهو فقط مثل قوله ع اذا استيقن اه مع المرسلة فلا شكّ انّها التباين لكن يحتمل كون المرسلة اظهر منها من جهة كون المرسلة نصّا فى الزيادة السّهوية بخلاف مثل قوله ع اذا استيقن اه فانّه يمكن حمله على العمد واما النّسبة بين اخبار الزّيادة السّهوية وصحيحة لا تعاد ففى العموم من وجه ضرورة ان التعارض بينهما فى العقد السّلبى وامّا الايجابى فلا تعارض بينهما فتكون مادة افتراق الصّحيحة هو النّقص السّهوى فى غير الخمسة ومادة افتراق اخبار الزّيادة زيادة الخمسة ومورد التعارض هو الزّيادة السّهوية فى غير الخمسة حيث انّ الصّحيحة تدلّ على صحة الصّلاة فيها واخبار الزّيادة على البطلان ولا يكون إحداهما اظهر من الاحراز اخبار الزّيادة وإن كانت نصّا فيها والصّحيحة ظاهرة فيها الّا انها ليست نصّا فى غير الخمسة لاحتمال ارادة الخمسة منها فكلاهما ظاهران فى غير الخمسة قال قدّس سره واجبا علاج الصّحيحة مع المرسلة فلا اشكال فى ان الصّحيحة اخصّ من المرسلة بالنّسبة الى النقيصة فان التعارض بينهما انّما هو فى العقد الايجابى من الصحيحة من المرسلة بالنّسبة الى النقيصة فان التعارض بينهما انّما هو فى العقد الايجابى من الصحيحة وهو اخصّ منها قطعا وامّا بالنّسبة الى الزّيادة فكذلك بناء على شمولها لها اذا لاخذ بالعقد الايجابى منها بالنّسبة الى النقيصة دون الزّيادة فيعمل فيها بالمرسلة كما ترى وان شئت قلت انّها وان كانت ظاهرة فى الزيادة والمرسلة نصّا فيها إلّا انّها اظهر منها بالنّسبة الى زيادة ما يتصور فيه الزيادة من الخمسة وامّا علاج الصّحيحة مع قوله ع أليس قد اتممت الركوع والسّجود فلا اشكال فى كون الصّحيحة اظهر حيث انّه بعمومه يقتضى عدم قدح ـ الاخلال بغير الركوع والسّجود والصّحيحة نص فى قدح الاخلال بالثلاثة ايضا فلا بدّ من العمل بالصّحيحة انتهى ما اوردنا نقله من كلامه زيد فى اكرامه قلت ما ذكره فى مقام تعارض اخبار الزيادة السّهوية الموجبة للبطلان للمرسلة الدالّة على صحة الصّلاة فى كلّ زيادة ونقيصة من كون المرسلة اظهر منها من حيث كونها نصّة فى الزّيادة السّهوية وهى ظاهرة فيها لأحتمال حمل قوله ع اذا استيقن اه فيه ان ظهور قوله فى المرسلة تدخل عليك فى السّهو ليس باكثر من ظهور قوله ع اذا استيقن انه زاد فى السّهو فضلا عن كونه نصّا فى الزّيادة السّهوية نعم القدر المتيقن من المرسلة تلك فالاولى ان يقال فى مقام بيان تقديم المرسلة على مثل قوله ع اذا استيقن انه يدلّ على البطلان فى العمد ايضا بالاولويّة القطعيّة والإجماع المركّب والمرسلة لكونها مختصة بالسّهو وكونها مشتملة على قضيتين تكون اخصّ منه فيخصص بها ويمكن المناقشة فيه بان مثل

٣٦٠