إيضاح الفرائد - ج ٢

السيّد محمّد التنكابني

إيضاح الفرائد - ج ٢

المؤلف:

السيّد محمّد التنكابني


الموضوع : أصول الفقه
المطبعة: المطبعة الإسلاميّة
الطبعة: ٠
الصفحات: ١٠٦٩
الجزء ١ الجزء ٢

هذا الاصل حكم العقل بوجوب دفع الضّرر المحتمل فيرجع اليه الدّليل الآتي الّذى ذكره بقوله ومثل وجوب دفع الضّرر المحتمل وبعبارة اخرى المقدّمة العلميّة وان كان يغايره بنوع من الاعتبار وكذلك الاستدلال بدليل الاشتراك لا يتم الّا بان يقال بوجوب الاحتياط على الحاضرين لأجل وجوب دفع الضرر المحتمل ولا يخفى انه لو حكم العقل به فى حقهم يحكم به فى حق الحاضرين ايضا فمرجع هذا ايضا الى قاعدة الاشتغال المذكورة قوله مضافا الى منع جريانه حتى فى مورد وجوب الاحتياط اه وجه المنع حكم العقل بوجوب الاتيان بالاكثر بعد الاتيان بالاقل كحكمه على تقدير تسليمه بوجوب اتيانه به قبله من جهة وجوب دفع الضّرر والمحتمل فليس هناك شكّ حتّى يحتاج الى الاستصحاب وان شئت قلت انّ الحكم للشكّ لا للمشكوك ولا يجرى الاستصحاب الّا فى الثّانى قوله بان بقاء وجوب الامر المردّد بين الاقل اه يمكن ان يريد به انّ وجوب تحصيل اليقين بالبراءة او وجوب الاكثر حتى يترتب عليه وجوب الاتيان به او كون الواجب هو الأكثر حتى يترتّب عليه ذلك ليس اثرا للمستصحب السّابق اعنى وجود الامر المردّد ووجوبه اذ من المعلوم انّ الوجوب المردّد ليس لازمه ذلك اذ العام لا يلازم الخاصّ فكيف يترتّب ما ذكر على بقاء المستصحب المذكور فى اللّاحق ويمكن ان يريد ان وجوب تحصيل اليقين بالبراءة بالاتيان بالاكثر وان سلّمنا كونه لازما للمتيقّن السّابق وللمشكوك اللّاحق لكنّه بحكم العقل لا بحكم الشّرع ولا يمكن ان يترتب ما الاستصحاب الاثر العقلى فمعنى قوله بعد فرض كون وجود المتيقّن قبل الشكّ غير مجد فى الاحتياط انه ليس أثرا شرعيّا ولازما كذلك له وان كان لازما من جهة العقل ويمكن ان يريد به انّ وجوب الاتيان بالأكثر موقوف على اثبات كون الواجب هو الاكثر او على اثبات وجوب الاكثر ولا يمكن ان يترتب على الاستصحاب واحد منهما امّا الاوّل فلانّه امر غير شرعىّ ولا يثبت بالاستصحاب الاحكام الغير الشرعيّة من الاحكام العقليّة والعادية وامّا الثانى فلانّه ليس حكما شرعيّا يكون لازما شرعيّا له بان يكون لزومه من جهة الشّرع ولا يثبت بالاستصحاب الّا ما يكون حكما شرعيّا يكون لازما شرعيّا ومن المعلوم انّ القطع بوجود الوجوب المردّد بين الاقل والاكثر لا يلازم وجوب الاكثر لا شرعا ولا عقلا ولا عادة نعم بقائه بعد الاتيان بالاقل واقعا لو فرض او ظاهر او بالاستصحاب كما هو المفروض يلازم وجوب الاكثر لكنّه ليس

بحسب الشّرع بل بحسب العقل والعادة وقد اوضحنا فى باب المتباينين انّ استصحاب بقاء وجوب الواجب الواقعى او بقاء

٣٠١

عدم الإتيان به لا يثبت وجوب الباقى الّا على تقدير القول بالاصل المثبت وقد ظهر بهذا التقرير معنى قوله بعد فرض كون وجود المتيقن قبل الشكّ غير مجد فى الاحتياط وهذا المعنى الصق بقوله نعم لو قلنا بالاصل المثبت وان استصحاب الاشتغال بعد الاتيان بالاقل يثبت كون الواجب هو الاكثر اه ولعلّه اظهر الاحتمالات لكن لم يظهر من كلامه قبل الاستدراك وبعده امكان اثبات وجوب الاكثر بالاستصحاب او عدم امكانه وانّه مثل اثبات كون الواجب هو الاكثر وقد ظهر ممّا ذكر فى هذا المقام وفيما تقدم عدم امكانه قوله لكن يمكن ان يقال يعنى قبل الشّروع فى اتيان الاقلّ بمجرّد الشكّ فى وجوب الاكثر يجرى اصالة البراءة عن وجوب الاكثر فيرتفع الشكّ والتحيّر فى مرحلة الظاهر فلا يجرى الاستصحاب وهذا لا ينافى ما سيأتى فى باب الاستصحاب من تقدّم الاستصحاب على الاصول الثلاثة الّتى منها اصالة البراءة لانّه انما يتأتّى فى مورد الاجتماع والتعارض وفى هذا المقام لا تعارض ولا اجتماع فتامّل والله العالم قوله وامّا الثالث ففيه ان مقتضى الاشتراك حاصل الجواب انّ الدليل المذكور لا يثبت الا الكبرى فلا بدّ من احراز الصّغرى من الخارج فلو ثبت انّ تكليف الحاضرين مع الشكّ فى وجوب الاكثر وجوب الاحتياط جاء الاشتراك ولكنّه عين الدعوى فدليل الاشتراك انّما يثمر مع احراز ان تكليفهم ما ذا فلو كان مجرّد الاشتراك مقتضيا لوجوب الاحتياط لاحتمال كونهم مكلّفين بالاكثر لجاء ذلك فى الشكّ فى التكليف ايضا مطلقا ولم يقل به احد قوله انّ التكليف بالاجتناب عن هذا الخمر اه قد عرفت انّ التمثيل بالخمر ليس على ما ينبغى بل قد عرفت الاشكال فى غيره من الامثلة قوله ويمكن تقريب الاستدلال كان تقريب الاستدلال السّابق بالنّسبة الى نفى الوجوب الغيرى للجزء المشكوك وهذا تقريب لأجل نفى الوجوب النفسى للاكثر قوله وكان بعض مشايخنا قدس الله هو استاده المحقّق شريف العلماء طاب ثراه قوله لأنّ ترك الجزء عين ترك الكلّ لا يخفى انّ الجزء الخارجى وجوده فى الخارج غير وجود الكلّ فيه كما انّ الجزء الذّهنى كالجنس والفصل وجوده الذّهنى ولو بنحو من الاعتبار غير وجود النّوع فيه فيكون عدم الجزء الخارجىّ الّذى هو عدم مصنّف له حظّ من الوجود باعتبار المضاف اليه غير عدم الكلّ الّذى له حظّ من الوجود فيه فيكون حال الجزء الخارجى حال المقدّمات الخارجيّة فى كون عدمه سببا لترك الكلّ لا انّه عينه ومنه يظهر المناقشة فيما ذكره المصنّف فى هذا المقام وممّا ذكره شيخنا قدّس سره

٣٠٢

تبعا له ومصدقا لما بين يديه قوله هذا كلّه ان جعلنا المرفوع والموضوع اه لا يخفى انّ اخبار البراءة لا تنحصر فيما ذكر فيه الرفع او الوضع ففى غيره كقوله النّاس فى سعة ممّا لا يعلمون وغيره كفاية اذ مدلوله اثبات السّعة ورفع الضّيق ولا يخفى ان الوجوب الغيرى ضيق على المكلّف واى ضيق قوله كانت الدّلالة اوضح لانّ مدلولها ح رفع الآثار الشرعيّة مطلقا ومن جملتها الوجوب الغيرى المبحوث عنه فى المقام فيرتفع بمقتضى حديثه ويوضع بمقتضى حديثه قوله حاكمة على ذلك الدليل العقلى لا يخفى انّه لا بدّ فى الحكومة من النظر والتفسير فهى تخصيص بلسان التفسير وكلّ ذلك غير متطرق فى الدّليل العقلى اذ لا معنى للتخصيص ولا يكون شيء مفسّرا له اذ لا بدّ فيه من احتمال ارادة خلاف مدلوله وهذا شان الدّليل اللّفظى فلا بدّ ان يكون مراده من الحكومة هنا الورود الّذى هو رفع الموضوع وكثيرا ما يستعمل المصنّف الحكومة فى هذا المعنى ايضا قوله وقد توهّم بعض المعاصرين هو الشيخ المحقّق صاحب الفصول قدّس سره قوله فقال لا نسلم اه يعنى فى باب الصّحيح والاعمّ قوله لانّ ما كان لنا طريق اليه اه فيه انّ الظاهر من الحجب هو الحجب بحسب الواقع ويكون المراد من الوضع عنهم الوضع بحسب الظّاهر فيكون المراد من الحديث ان كلّ حكم واقعىّ لم يعلم به فهو موضوع عنهم بحسب الظّاهر وقد اعترف به فيما سننقله من كلامه حيث قال انّ المراد رفع فعليّة الحكم ووضعها او انّ كلّ فعل لم يعلم حكمه الواقعى فهو موضوع عنهم بحسب الظاهر فيعارض اخبار الاحتياط على تقدير دلالتها او يقدّم عليها كما سيأتى ويؤيّده ثبوت الحكم الظّاهرى لكلّ واقعة بناء على عدم امكان خلوها عن الحكم الظاهرىّ فيكون معلوما غير محجوب مع انّه يمكن ان يقال انّ المراد حجب حكم الفعل من حيث هو (١) بل هو حكم له بعنوان الاحتياط ورجاء الواقع فتدلّ الرّواية على انّه مع عدم معلوميّة حكم الفعل من حيث هو يتعين الحكم بالبراءة واخبار الاحتياط على تقدير تماميّة دلالتها تدلّ على انّه مع عدم معلوميّة حكم الفعل من حيث هو يتعين الحكم بوجوب الاحتياط فيتعارضان او يقدم اخبار البراءة قوله ثم قال لفظة ثمّ من غلط النسّاخ اذ عبارته هكذا ووجوب المقدّمة العلميّة بل التحقيق التمسّك بهذه الأخبار اه فيكون قوله بل التحقيق متصلا بما قبله قوله التمسّك بهذه الأخبار على نفى الحكم الوضعى قد ذكر هنا صلاحيّة الأخبار المذكورة لنفى الحكم الوضعى من الجزئية والشرطيّة وقد ذكر

__________________

(١) واقعا وظاهرا على تقدير عدم ظهور الرّواية فيما ذكرنا اوّلا ولا يخفى ان الحكم بوجوب الاحتياط ليس حكما للفعل من حيث هو

٣٠٣

فى صدر كتابه كون الجزئيّة والشرطيّة من الاحكام الوضعيّة فيفهم منهما كونهما من الاحكام الشرعيّة المجعولة وقد صرّح فى باب البراءة والاحتياط من الادلّة العقليّة كونهما امرين اعتباريّين وانّهما ليسا من الاحكام الشرعيّة المجعولة قال فيه ثم نؤكّد الكلام فى منع دلالة هذه الأخبار على اصالة عدم الجزئيّة والشرطيّة بان يرجع عدم وضع الجزئيّة والشرطيّة فى الجزء والشرط المشكوك فيهما الى عدم وضع المركّب من ذلك الجزء والمشروط بذلك الشّرط ولا ريب فى عدم جريان اصل العدم بالنّسبة الى المركّب والمشروط لاجل العلم الاجمالى سلّمنا مغايرتهما بغير المفهوم لكن لا خفاء فى انّ الجزئيّة والشرطيّة لا يستدعيان وضعا مغاير الوضع الكلّ والمشروط بل هما اعتباران عقليان متفرعان على وضع الكلّ والمشروط وعدمها من الحكم الشّرعى مبنى على مراعاة هذا الاعتبار والّا فليسا عند التحقيق منه الى آخر ما افاد وقد نقلنا شطرا من كلماته فى اوّل الكتاب وذكرنا ما يرد عليه ممّا ادّى اليه فهمى القاصر قوله انّ استصحاب الاشتغال لا يثبت لزوم الاحتياط قد ذكر اوّلا عدم جريانه لعدم الشكّ فى الحكم العقلى وانّ الحكم للشكّ لا للمشكوك وانّما لم يذكره هنا اعتمادا على ما سلف قوله لا نقول به وفاقا لهذا الفاضل الّا انه لا يقول بحجّية من جهة تعارض الاصل فى الثابت والمثبت فيتساقطان وهو غير مرضى عند المصنّف لعدم معارضة الاصل فى المسبّب للاصل فى السّبب فهو يقول بانّ عدم حجّيته من جهة قصور اخبار الاستصحاب عن اثبات حجّيته وعدم وجود دليل آخر يدلّ على ذلك وسيأتى شرحه فى باب الاستصحاب إن شاء الله الله قوله فلا يجرى فيه حكم العقل بوجوب دفع العقاب المحتمل اه قد ذكر قدّس سره ان قاعدة وجوب دفع الضّرر المحتمل لا يمكن ان يكون واردة على قاعدة قبح العقاب بلا بيان لانّ ورودها عليها موقوف على ان تكون بيانا حتى يرتفع قاعدة القبح بها وكونه بيانا مستلزم للدّور فراجع ما ذكره فى اوائل اصل البراءة وقد ذكرنا بعض المناقشات فى عبارته هناك قوله وجه اشرنا اليه فى الشبهة التحريميّة اه وهو ان يكون اخبار الاحتياط دالّا على الطّلب المولوى لا على القدر المشترك الارشادى وان يكون مفادها الوجوب الشّرعى المولوى لا القدر المشترك المولوى وان تكون فى مورد احتمال التحريم لا فى مورد احتمال العقاب وان يكون مفاد اخبار البراءة ثبوت الاباحة فى مورد عدم العلم بالحكم

٣٠٤

اصلا لا واقعا ولا ظاهرا لا بالخصوص ولا بالعموم وان يغمض عن مثل قوله ع كلّ شيء مطلق حتى يرد فيه نهى ممّا ظاهره ورود النّهى فيه بخصوصه اذ على تقدير انتفاء التّقادير المزبورة لا تكون اخبار الاحتياط حاكمة أو واردة على اخبار البراءة ودليل عقلها على ما سبق ذكره مفصّلا وقد عرفت ان التقادير المذكورة كلّها او جلّها ممنوعة قوله كما اشرنا اليه سابقا وقد اشار اليه بقوله ولكن يمكن ان يقال انّا نفينا فى الزّمان السّابق وجوب الاكثر لقبح المؤاخذة من دون بيان فتعين الاشتغال بالاقل فهو منفى فى الزمان السّابق فكيف يثبت فى الزّمان اللّاحق قوله انّه عدل من اجل اه يعنى انه ذكر انّ ادلّة الاحتياط حاكمة على ادلة البراءة لو كان مفادها نفى الحكم التكليفى فقط زعما منه ان الحكم غير محجوب فيما اذا كان لنا طريق اليه فى الظّاهر لكن ذكر ان اخبار البراءة تكون على التحقيق ظاهرة فى نفى الحكم التكليفى والوضعىّ معا فتكون بالملاحظة المزبورة حاكمة على ادلّة الاشتغال ويكون استدلال المشهور بها فى مقام الشكّ فى الجزئيّة والشرطيّة تاما قال قدّس سره بعد قوله بل التحقيق التمسّك بهذه الأخبار على نفى الحكم الوضعىّ نظرا الى حجب العلم وانتفائه بالنّسبة الى جزئيّة الجزء المشكوك وشرطيّة الشرط المشكوك فيكون بمقتضى النصّ مرفوعا وموضوعا فى الظّاهر فلا تكليف به لأنّ ما ثبت عدم جزئيّة او شرطيّة فى الظاهر لا يجب الاتيان به فى الظاهر قطعا كما لو قام نص بالخصوص واصل الاشتغال ووجوب مقدّمة العلم لا يثبتان الجزئيّة والشرطيّة فى الظاهر بل مجرّد بقاء الاشتغال وعدم البراءة فى الظّاهر بدونهما وبالجملة فمقتضى عموم الرّوايات انّ ماهيّة العبادات عبارة عن الاجزاء المعلومة بشرائطها فتبيّن موارد التكليف ويرتفع عنها الابهام والإجمال وينتفى الاشكال قوله ثم ايّد هذا المعنى بل استدل عليه اه قال قدس‌سره بعد قوله وينتفى الاشكال ولو تشبث مانع بضعف عموم الموصولة وادّعى انّ المتبادر منها بقرينة ظاهر الوضع والرّفع انّما هو الحكم التكليفى فقط لأمكن دفعه اوّلا بانّ الوضع والرّفع لا اختصاص لهما بالحكم التكليفى فانّ المراد رفع فعلية الحكم ووضعها وهو صالح للتعميم الى القسمين فيكون التخصيص تحكما وثانيا بان من الاصول المعروفة المتداولة الى آخر ما نقله فى الكتاب قال ولك ان تقول بان ضعف شمول الرّواية للمقام منجبر بالشهرة العظيمة الّتى كادت ان تكون اجماعا كما حكاه الفاضل المعاصر الى آخر ما افاد وثم ان مقصود صاحب الفصول من العبادة المذكورة انّ هناك

٣٠٥

اصلان معروفان متداولان يسميان باصالة العدم وعدم الدليل دليل العدم ويستعملونهما فى نفى الحكم التكليفى والوضعىّ معا ولم نجد للاصلين المزبورين دليلا يدلّ على حجّيتهما ومستندا يستند اليه فيهما بعد الفحص والتتبع الّا عموم اخبار البراءة فيستكشف من ذلك كون الأخبار المذكور دالة على نفى الحكم التكليفى والوضعىّ معا وفهم العلماء منها الدّلالة المذكورة والّا لما استعملوهما كذلك اذ مع عدم دلالة المستند على نفى الحكم الوضعى لا معنى لاستعمالهما كذلك فاذا كان الأخبار المذكورة دالة على نفى الحكم التكليفى والوضعى بالنّسبة الى الاصلين المزبورين الّذين تكون مستندا لهما فلا بدّ من دلالتهما على نفى الحكم التكليفى والوضعى بالنّسبة الى اصل البراءة ايضا اذ لا مستند له ايضا غير الأخبار المذكورة بالفرض ولا يمكن الالتزام بدلالتها على التعميم بالنّسبة الى الاصلين المزبورين دون الاخير كما هو واضح قوله لنفى غير الحكم الالزامى التكليفى يعنى لنفى الحكم الوضعى كالجزئيّة والشرطيّة والمانعيّة وغير ذلك قوله فلو لا عدوله عنه اه قد ذكرنا عباراته الدالّة على عدم كون الجزئيّة والشرطيّة ـ مجعولا على حدة حتى يتطرق اليهما الرفع والوضع قال وعلى تقدير مجعوليتهما يكون عدمهما ايضا من الاحكام ونسبته عدم العلم الى كلّ منهما بالخصوص سواء فلا وجه لترجيح اعمال الاصل بالنّسبة الى احدهما بالخصوص مع العلم بانتقاض الاصل بالنّسبة الى احدهما لا على التعيين اه وضعف الاخير كتهافت الاوّل مع سائر كلماته واضح قوله من منع العموم اولا بل هى مختصّة بالشكّ فى الحكم التكليفى من جهة ظهورها فى نفى المؤاخذة الّتى لا تجرى الّا فى نفيه كما سيصرّح به المصنّف قدّس سره قوله ومنع كون الجزئية امرا مجعولا شرعيّا وسيأتي فى باب الاستصحاب انّ مذهب المصنّف بل الّذى استقر عليه راى المحقّقين انّ الاحكام الوضعيّة ليست مجعولة قوله فى غير الاحكام الشرعيّة ايضا من الاحكام اللفظيّة لا يخفى انّ مقصود صاحب الفصول ره التمسّك فى اصل العدم الّذى هو من الاصول العمليّة التعبّديّة بالاخبار المذكورة والاصل العدم الجارى فى الاحكام اللفظيّة كاصالة عدم القرنية وغيرها ليس مبناه على التعبد بل على الظهور اللفظى الّذى هو حجّة اجماعا ومن المعلوم انّ الاجماع المذكور لا يصلح مستندا لحجّية اصل العدم التعبّدى فلا بدّ من حجّية من التمسّك بشيء آخر قوله وامّا عدم الدليل دليل العدم اه قد ذكر صاحب الفصول قدّه

٣٠٦

فى باب اصل البراءة من الادلة العقليّة انّ الفرق بينه وبين الاصل الآخر المعروف بينهم من انّ عدم الدّليل دليل العدم هو انّ الثانى اعمّ باعتبار جريانه فى الحكم الوضعى دون الاوّل كما انّ الاوّل اعمّ باعتبار جريانه فى الموضوعات دون الثّانى فالنّسبة بينهما عموم من وجه قال وان خصّصنا اصل البراءة بنفى الوجوب والتحريم او بنفى الاوّل فالفرق اظهر وجعل الشهيد فى الذكرى مرجع الثانى الى الاوّل وهو غير واضح واستظهر بعض المتاخّرين فى الفرق بينهما انّ المقصود بالاوّل نفى الحكم الظاهرى وبالثّانى نفى الحكم الواقعىّ وضعفه ظاهر فانّ مقتضى الاصلين فى نفسهما ليس الا النفى فى الظاهر ثمّ قال فى باب اصل العدم عند عدم الدليل انّ اقسام هذا الاصل كاقسام اصل البراءة وموارد حجّيته كموارد حجّيتها ويدلّ على حجّيته فى موارد حجّيتها امّا بالنّسبة الى الحكم التكليفى فما دلّ على حجّيته اصل البراءة من العقل والنّقل وامّا بالنّسبة الى نفى الحكم الوضعى فامران الاوّل الاستصحاب قال واعلم انّ اصل العدم المستفاد من هذا الدّليل وان جرى فى نفى الجزئيّة والشرطيّة الّا انّه لا يصحّ تعيين الماهيّة واثبات كونها هى المجرّدة من ذلك الجزء وذلك الشّرط لعدم حجّية ـ الاصل المثبت الى ان قال الثّانى عموم ما دلّ على انّه دفع عن هذه الامّة ما لا يعلمون وان ما حجب الله علمه عن العباد فهو موضوع عنهم الى غير ذلك من الأخبار وتخصيصها بالحكم التكليفى خروج عمّا يقتضيه وضع اللّفظ من غير دليل الى ان قال هذا تحقيق ما ادّى اليه نظرى سابقا والّذى ادّى اليه نظرى لاحقا فساد هذا الوجه فان الظاهر من اخبار الوضع والرفع انما هو وضع المؤاخذة والعقوبة فيدلّ على رفع الوجوب والتحريم الفعليين فى حقّ الجاهل خاصة دون غيرهما الى قال فاتّضح مما حققنا انّ المستند على حجّية اصل العدم فى احكام الوضع منحصر فى الاستصحاب وقد بينا عدم مساعدته على جريانه بالنّسبة الى وضع الجزئيّة والشرطيّة فالتحقيق اذ القول بوجوب الاحتياط فيهما حيث لا يقوم دليل على نفيهما انتهى ما اردنا نقله من كلامه والمقصود من نقل الكلام المزبور اعتراف صاحب الفصول بعدم المستند الصّحيح لقاعدة عدم الدليل فى نفى الحكم الوضعى وانّه عدل عمّا ذكره فى باب الصّحيح والاعمّ حتى بالنّسبة الى نفى عدم الدليل للحكم الوضعىّ فلا وجه لاطالة الكلام هنا فى ردّه كما فعلها المصنّف قدّس

٣٠٧

سرّه قوله فالمستند فيه عندهم شيء آخر وهو انّ المجتهد الخبير بالمدارك الشرعيّة اذا بذل جهده فى تحصيل الدّليل فلم يحصله يحصل له القطع او الظنّ بعدم وجوده ـ فيظن منه عدم وجود الحكم فى الواقع وقد ذكر المصنّف شطرا من الكلام فى ذلك عند نقل كلام المحقق فى المعتبر والمعارج ونقل كلام المحدّث الأسترآبادي وانّه لا يفيد الظنّ بطريق الكلّية وعلى تقديره فلا دليل على حجّيته وقد ذكرنا ما وصل اليه فهمى القاصر فى مقام تحقيق كلمات المحقق والمحدّث والمصنّف فراجع قوله ولا اختصاص له بالحكم التكليفى والوضعى بل يجرى فى مسئلة النبوّة وامثالها فاذا لم يات مدعى النبوّة بمعجزة تدل على صدقها يحصل من عدم الدليل على نبوّته القطع بعدم نبوّته قوله اما رواية الحجب ونظائرها فظاهرة لانّها ظاهرة فى ان الحكم الواقعى التكليفى المحجوب مرتفع فى الظاهر عن المكلّفين وان شئت قلت ان ظهورها فى نفى المؤاخذة ما لا ينبغى الارتياب فيه قوله وهو المحكى عن اكثر الاصوليّين وقد اختاره المصنّف قدّس سره فيما سبق وذكر ان الظاهر منه رفع المؤاخذة قوله لكن فى موارد وجود الدليل اه لا يخفى انّه فى موارد وجود الدليل على ثبوت الحكم كما لا يجرى الاصلان المزبور ان لعدم جريان الاصل مع وجود الدليل كذلك لا يجرى اصل البراءة لعين ما ذكر وما ذكره قدس‌سره من حكومة حديث الرّفع بالنّسبة الى الادلة المثبتة للتكاليف فهو انّما يتصوّر بالنّسبة الى بعض فقرات حديث الرّفع مثل ما استكرهوا عليه وما اضطروا اليه وما لا يطيقون بناء على المعنى الّذى ذكره سابقا لا بالنّسبة الى ما لا يعلمون لانّه مستلزم للتنويع بالنّسبة الى العلم والجهل وقد ذكر كرارا امتناعه وكذلك لا يتصوّر الحكومة بالنّسبة الى الحكم الظّاهرى اعنى وجوب الاحتياط لما ذكر سابقا من الاشكال فيه ومنافاته لما اسّسه سابقا وعلى تقدير تصوّره كما يتطرق احتمال الرّجوع الى اصل البراءة كذلك يتطرق احتمال الرّجوع الى الاصلين مع انّه خارج عمّا ذكره هنا من اعتبار وجود الدّليل على ثبوت ذلك الحكم وبالجملة مقصود صاحب الفصول قدّس سره التمسّك بحديث الرّفع من جهة قوله ع ما لا يعلمون لاثبات الاصول الثلاثة فما ذكره قدّس سره اجنبى عن ذلك بالمرّة لأنّ المنساق من عبارته كون الرّواية صالحة لاثبات اصل البراءة دون

٣٠٨

الاصلين فالاولى الاقتصار على ما سيذكره بقوله نعم يمكن التمسّك به ايضا اه لكن ذكر شيخنا قدّس سره فى الحاشية انّ مقصود المصنّف ره ان الحكومة لا تتصور بالنّسبة الى ما لا يعلمون ضرورة عدم امكان رفع ما له دليل علمى ولو على وجه العموم على ثبوته بما دلّ على رفع الحكم عند عدم العلم به اه وح فلا تجرى الاصول حتى اصل البراءة ايضا على القول الاخير وح لا يرد عليه ما اوردناه عليه فان الايراد انّما يرد عليه على التقدير الّذى ذكرنا من ان يكون مراده التفكيك بين جريان اصل البراءة وبين جريان الاصلين لكن ذكر المصنّف قدّس سره فى اوائل اصل البراءة فى مقام التكلّم فى حديث الرّفع ما هذا لفظه قد عرفت انّ المراد برفع التكليف عدم توجيهه الى المكلّف مع قيام المقتضى له سواء كان هناك دليل يثبته لو لا الرفع ام لا فالرفع هنا نظير رفع الحرج فى الشّريعة وو ح فاذا فرضنا انّه لا يقبح فى العقل ان يوجه التكليف بشرب الخمر على وجه يشمل صورة الشكّ فيه فلم يفعل ذلك ولو بوجوب تحصيل العلم ولو بالاحتياط ووجه التكليف على وجه يختصّ بالعالم تسهيلا على المكلّف كفى فى صدق الرفع اه حيث يفهم منها تمامية دلالة الرّواية على تقدير العموم لجميع الآثار على اصل البراءة وتصوّر الحكومة بالنّسبة الى ما لا يعلمون ايضا بالمعنى الّذى ذكره وقريب منه ما ذكره فى هذا المقام بقوله نعم يمكن التمسّك اه وح فيجرى الاصول الثلاثة قوله وعدم جريان الاصلين عطف على قوله وجود الدّليل على ثبوت ذلك يعنى فى موارد عدم جريان الاصلين المزبورين قوله المتفق عليهما كونهما متفقا عليهما على زعم صاحب الفصول او المحقّق القمّى وامثالهما فانّهما قد صرّحا بكونهما متفقا عليهما وامّا عند المصنّف ره فاما ان يكون عدم الدليل راجعا الى البراءة او لا يكون حجة اصلا وكذلك اصالة العدم فى غير مباحث الالفاظ امّا ان يكون راجعا الى الاستصحاب وامّا ان لا يكون حجّة وقد سبق شرح ذلك فى اوّل الكتاب قوله ذهب الاكثر اه الاولى ان ينضمّ اليه والآخرون وان ذهبوا الى نفى الاختصاص ونفيها الحكم الوضعى ايضا لكن فى موارد وجود الدليل وعدم جريان الاصلين المزبورين قوله وهنا يجرى الاصلان يعنى فى مورد لا يعلمون لا فى مورد الاستكراه والاضطرار وامثالهما كما لا يخفى على من تدبّر قوله مع تباينهما الجزئى والمراد بالتباين الجزئى هو العموم

٣٠٩

والخصوص من وجه فمورد الاجتماع هو مورد ثبوت الاصلين والاكتفاء بتوهم ثبوت المقتضى وان لم يكن هناك مقتض محقق ولا دليل مثبت للحكم ومورد افتراق الرّواية عن الاصلين حسب ما دامه قدّس سره هو مورد وجود الدليل على ثبوت ذلك الحكم بحيث لو لا النبوى لقالوا بثبوت ذلك الحكم وقد عرفت الاشكال فيه ومورد افتراق عدم الدّليل عن الرّواية هو مورد ففى غير الحكم التكليفى والوضعىّ كمسألة النبوّة ومورد افتراق اصل العدم حسب ما زعمه هو مورد غير التعبّديات من الاحكام اللّفظيّة ثمّ انّ الوجه فى انّ التصادق مع التباين الجزئى لا يدلّ على الاستناد لهما بها بل على العدم هو انّ الدليل لا بدّ ان يكون خاصّا بالمدلول مساويا له او يكون اعم منه مطلقا ولا يجوز ان يكون اخصّ منه ولو من وجه لكن لا يخفى انّه بناء على المعنى الّذى ذكره شيخنا فى الحاشية من عدم تصوّر الحكومة بالنّسبة الى ما لا يعلمون وعدم شموله لمورد وجود الدّليل على ثبوت ذلك الحكم لا يكون للرّواية مورد افتراق عن الاصلين وحمل العبارة على كون مورد الافتراق بالنّسبة الى سائر فقرات الرّواية او حمل التباين الجزئى على العموم والخصوص مطلقا بعيد قوله واعلم انّ فى الملازمة الّتى اه وجه المنع ان الامارات ناظرة الى الواقع ويكون مفادها ترتيب آثار الواقع على مؤدّياتها وعدم الاعتناء باحتمال الخلاف ويكون معنى الاعتناء باحتمال الخلاف الرّجوع الى الاصول الجارية ومعنى عدم الاعتناء به عدم الرّجوع الى الاصول فتكون الامارات بهذه الملاحظة حاكمة على الاصول الشرعيّة على ما سبق شرحه فى اوّل اصل البراءة وسيأتي فى باب الاستصحاب فعدم معارضته اصل البراءة للامارات لا ينافى معارضته لاصل الاشتغال الّذى معناه رفع العقاب المحتمل بل يمكن الحكم بتقدمه عليه بل يجب ذلك على ما سبق شرحه ايضا فى اصل البراءة ثم انّ منع الملازمة غير صحيح بناء على ما ذكره فى اوّل اصل البراءة من حكومة ادلة حجّية الامارات على ادلّة الاصول فانّها تخصيص ايضا وان كان بلسان التفسير فكان على المصنّف منع الملازمة الثانية فى قوله ولو التزم تخصيصها اه دون الاولى قوله واعلم انّ هنا اصولا كلّها داخلة فى استصحاب العدم قوله وقد عرفت سابقا حالها من انه ان اريد به نفى استحقاق العقاب فهو ليس اثرا شرعيّا مترتبا على المستصحب مع انّ الحكم المذكور للشكّ لا للمشكوك وان اريد به نفى الوجوب

٣١٠

النفسى للاكثر فهو معارض باصالة عدم الوجوب النّفسى للاقل فلم يبق الّا نفى الوجوب المطلق الشامل للنفسى والغيرى لو كان له اثر شرعىّ اذ هو الّذى لا يعارضه استصحاب الوجوب فى الاقل لكون مطلق الوجوب فيه قطعيّا فيكون الاستصحاب قليل الفائدة على ما سبق قوله هو وجوب المركب يعنى يرجع الى اصالة عدم وجوب الاكثر التى قد عرفت حالها قوله لازم له غير حادث بحدوث مغاير يعنى انّه امر انتزاعىّ اعتبارى لا يمكن ان يكون مورد الاستصحاب او انه ليس حكما شرعيّا ولا ممّا يترتب عليه الحكم الشّرعى فلا يجرى فيه الاستصحاب او انّها ليست لها حالة سابقة متيقنة وتوهم انّها عدم كونه مقدّمة حين عدم المركّب فى الازل غير ملتفت فى المقام فانه لا بدّ فيه من عدم كونه مقدّمة عند ثبوت المركّب فى ان من الآنات مثل اصالة عدم حيضية الدّم او عدم استحاضته وغير ذلك فانه لا بدّ فيهما من وجود الدّم فى ان من الاناث مع عدم كونه حيضا او استحاضة فيه فلا يمكن فيهما استصحاب حال عدم وجود الدّم اصلا كما هو واضح قوله وبمعنى الطّلب الغيرى حادث مغاير اه والمراد منه هو الطّلب الشّرعى التّبعى الّذى هو محلّ النّزاع فى باب مقدّمة الواجب قوله لكن لا يترتب عليه اثر اه مضافا الى امكان ان يقال بمعارضة اصالة عدم الوجوب الغيرى للجزء المشكوك باصالة عدم الوجوب النفسى للباقى الاقل فان قلت ان اصالة عدم وجوبه النفسىّ معارضة باصالة عدم الوجوب النفسى للاكثر فيبقى اصالة عدم الوجوب الغيرى للجزء المشكوك بلا معارض قلت لا ينظر فى تقدم الاصول وتاخّرها الى الكثرة والقلّة بل الى السببيّة والمسببيّة ومن المعلوم ان منشأ الشكوك فى الاصول المذكورة هو العلم الاجمالى وعليه فلا ضير فى تعارض اصل واحد مع اصلين او اصول وتوضيح ما ذكره المصنّف انّ المقصود من الرّجوع الى اصالة عدم الوجوب الغيرى للجزء المشكوك ان كان دفع العقاب فلا ريب ان الحكم المذكور للشكّ لا للمشكوك فلا بدّ من الرّجوع الى اصل البراءة كما فعله لا الى الاستصحاب وان كان المقصود اثبات كون الماهيّة هى الأقل فلا ريب فى عدم حصول المقصود الا على القول بالاصل المثبت وهو لا يجرى على اصولنا من كون الاستصحاب حجّة من باب الأخبار ولا يخفى ان الاحتياج الى اثبات كون الماهيّة هى الاقلّ فلا يجرى الاستصحاب لعدم امكانه انما هو على مذهب الخصم من لابدية اثبات كون الماهية هى الاقل ولذا رجع

٣١١

الى اصالة الاشتغال حيث لا مثبت له براءة واستصحابا وامّا على القول المنصور الّذى اختاره المصنّف من كفاية رفع العقاب فى المقام باصل البراءة وكونه مقدما على الاستصحاب فى المقام وعدم الاحتياج الى اثبات كون الماهيّة هى الاقل فالرّجوع الى الاستصحاب ساقط بالمرّة قوله وفيه انّ جزئيّة الشّيء المشكوك اه اراد قدس‌سره بالجزئيّة هو المعنى الوضعى المعروف الّذى اختلف فى كونه مجعولا بجعل على حدة او هو منتزع من الحكم التكليفى ولمّا كان هو غير مجعول عند المصنّف اجاب اوّلا بانّه ليس امرا حادثا له وجود على حدة وجعل كذلك حتى يمكن كونه مورد الاستصحاب واجاب ثانيا بانّه على تقدير كونه موجودا ومجعولا ليس حادثا مسبوقا بالعدم يعنى ليس له حالة سابقة متيقنة لعدم العلم بعدم كونه جزء حين وجود الكلّ وعدم الجزئيّة فى الازل حين لا يكون كلّ هناك لا يصحّح الحالة السّابقة على ما عرفت توضيحه عند شرح قوله لازم له غير حادث بحدوث مغاير فمقصوده بقوله ليست امرا حادثا مسبوقا بالعدم الاشارة الى الجوابين المذكورين ومقصوده بقوله وان اريد به اصالة عدم صيرورة السّورة جزء الى تصحيح كونه مجرى للاستصحاب بالالتزام بكونه حادثا مسبوقا بالعدم ولما لم يمكن ذلك مع حمل الجزئيّة على المعنى المعروف ارجعه الى اصالة عدم الامر حيث قال ومرجعه الى اصالة عدم الامر بما يكون هذا جزء منه هذا هو الظّاهر من عبارات المصنّف ره وقد حمل شيخنا قدّس سره العبارة الاولى على الجزئيّة بمعنى التوقف والمقدمية لا المعنى الوضعىّ المعروف وجعل قوله ليست امرا حادثا مسبوقا بالعدم منطبقا عليه وحمل العبارة الثانية اعنى وان اريد اصالة عدم صيرورة السّورة جزء اه على الحكم الوضعى المعروف ولا يخفى على المتأمّل ان ما ذكرنا احسن قوله ومرجعه الى اصالة عدم الامر بما يكون هذا اه الاولى ان يقول ومرجعه الى اصالة عدم الامر بالجزء المذكور او الى اصالة عدم الامر بالمركّب من هذا الجزء وغيره ولا يخفى انّ الاوّل راجع الى اصالة عدم وجوب الجزء والثّانى الى اصالة عدم وجوب الاكثر وقد عرفت انّ الاوّل اصل مثبت والثانى قليل الفائدة ومنه يظهر انّ ما ذكره بقوله ففيه انه اصل مثبت غير سديد لعدم تفرع كون الاصل مثبتا على ما ذكره بقوله ومرجعه الى

٣١٢

اصالة عدم الامر بما يكون هذا جزء منه بل على اصالة عدم الامر بالجزء كما عرفت ممّا ذكره قدس‌سره عن قريب فان قلت يمكن توجيه كون الاصل المذكور مثبتا فان اصالة عدم الامر بالمركّب من هذا الجزء ومن غيره لو لم يثبت بها كون الماهيّة المامور به هى الاقلّ لا يكون فيه فائدة ولو اريد اثباتها تكون مثبتة مضافا الى معارضها بالمثل فانّ الأصل عدم الامر بمركّب لا يكون هذا جزء منه بان يكون هو الاقل قلت نعم ولكن لم يذكر هذا فى السّابق فلا معنى لقوله ففيه ما مرّ من انّه اصل مثبت فتدبّر قوله واعتبارها مع هذا الشيء امرا واحدا يعنى لا بدّ فى جزئيّة شيء لشيء من ملاحظته فيه ولا يكفى ذلك بل لا بدّ من ملاحظته مع المركّب شيئا واحدا فيحدث فيه اتصال اعتبارى هو مناط الوحدة فى جميع الموجودات اذ لو لم يحصل الاتصال والوحدة المزبورة لم يعقل تعلق الامر بالمركّب ولزم ايضا كون جميع العبادات باسرها مركّبا واحدا قوله فله وجه جواب للشرط السّابق وهو قوله وان اريد به اصالة عدم دخل هذا المشكوك فى المركّب اه ثم ان لهذا وجها بالنّسبة الى ما تقدم من جهة كون الملاحظة امرا حادثا مسبوقا بالعدم والّا فلا وجه له على التحقيق لانّ اثبات احد جزئى الماهيّة سيّما الفصل الّذى هو علّة لتحصّل الجنس فى المركّبات الحقيقية بالاصل غير جائز وسيأتي فى باب الاستصحاب ما يستفاد منه انّ مثل هذا اصل مثبت وقال فى بعض كلماته وقد عرفت حال الموضوع الخارجى الثابت احد جزئى مفهومه بالاصل يعنى انه اصل مثبت قوله فتامّل اشارة الى دقة المطلب او الى انّه يمكن اجراء اصالة عدم الالتفات فى حقّ الشّارع بالنّسبة الى الخصوصيّة فانّ الالتفات الى الشيء بحيث يكون مانعا عن تركه غير الالتفات اليه مع عدم المنع عنه لكنّه لا يخرجه عن كونه مثبتا كالسّابق والله العالم قوله قد يكون فى المعنى العرفى المراد به المقابل للمعنى الشّرعى فيشمل العرف العام والعرف الخاصّ بل اللّغة قوله او عكنة البطن فى القاموس العكنة بالضّم ما انطوى وتثنى من لحم البطن سمنا ج كصرد قوله بناء على ان هذه الالفاظ موضوعة للصّحيحة ذكر الوضع فقط مع ان النّزاع فى الصحيح والاعمّ لا يتفرّع على القول بثبوت الحقيقة الشرعيّة فقط لاجل انّه قدّس سره ليس هنا فى مقام تحقيق المطلب حتّى يحوم حوله توضيح ذلك ان النزاع على تقدير عدم ثبوت الحقيقة الشرعيّة يمكن ان يتصوّر

٣١٣

على وجهين الاوّل ان ما اخترعه الشّارع هل هو هو الصّحيح بمعنى تام الاجزاء والشّرائط او تام الاجزاء فقط او الاعمّ نعم ما اخترعه الشّارع متصف بالصّحة بمعنى كونه جامعا للاجزاء المقوّمة للصّدق وهى المأخوذة فى ماهيّة الشّيء وهذا هو مراد المحقّق القمّى قدس سرّه فى القوانين حيث قال ولا شكّ ان ما احدثه الشارع متّصف بالصّحة لا غير بمعنى انه لو اتى به على ما اخترعه يكون موجبا للامتثال للامر بالماهيّة من حيث هو امر بالماهيّة وعلى هذا فلا يرد عليه ايراد المحقق الاصفهانى فى هداية المسترشدين بانّا لا نسلّم كون ما احدثه الشّارع متصفا بالصّحة لا غير بل النّزاع انّما هو فيه او انّ قيد الحيثية غير مفهوم المراد اذ قد عرفت انّ مقصود المحقق القمىّ ان صحّة الماهيّة بمعنى كونها جامعة للاجزاء المقوّمة للصّدق خارجة عن محل النزاع بحيث لو فرض ورود الامر بالماهيّة من حيث هى من غير اعتبار امر زائد لقيل بحصول الامتثال فالقائل بالصّحيح والقائل بالاعمّ كلاهما قائلان باعتبار حصول الاجزاء المقوّمة الّتى سمّى المحقق القمىّ الماهيّة المشتملة عليها بالماهيّة الصّحيحة وصحّتها بصحّة الماهيّة والثّانى ان يقال بانّ المعنى المجازى الاوّل الّذى استعمل فيه اللّفظ اوّلا بمناسبة المعنى الحقيقى هل هو الصّحيح او الاعمّ فالقائل بالصّحيح يقول بأن المعنى المجازى الاوّل هو الصّحيح ثم استعمل فى الفاسد بتوسطه فيكون الصّحيح اقرب المجازات والواقع فى الدّرجة الاولى فلا بدّ ان يحمل اللّفظ عليه عند عدم القرنية على عدم ارادة المعنى الحقيقى والقائل بالاعمّ يقول بخلافه ولا يخفى ان جعل هذا وجها ثانيا مبنى على تغاير مرتبة الاختراع والاستعمال الاوّل وامّا على تقدير العدم وكونى الثانى لازما للاوّل فيرجع الوجه الثانى الى الاوّل وهو المستفاد من كلام بعض الافاضل قوله يعنى الجامعة لجميع الاجزاء الواقعيّة ذكر الاجزاء فقط لأجل انه قدّس سره ليس هنا فى صدد تحقيق المسألة وانّما محلّه باب الصّحيح والاعمّ مع انّ الاجزاء هو القدر المتيقّن لان القائلين بالصّحيح فرقتان فرقة قائلة به بمعنى تام الاجزاء والشرائط وفرقه بمعنى تام الاجزاء فقط وهو المنسوب الى الوحيد البهبهانى قدّس سره قوله والاقوى فيه ايضا جريان اصالة البراءة اه ويمكن المناقشة فيه بانه لا شكّ فى انّا مكلّفون بفعل الصّلاة مثلا فمع القول بالصّحة لا يعلم صدق الصّلاة على الاقلّ واصل البراءة لا يصير الصّلاة هى الاقل لكونه مثبتا وهذا هو الّذى دعى جمعا منهم الى الذهاب الى اصل الاشتغال فى المسألة السّابقة ايضا وقد عرفت بعض

٣١٤

الكلام فى ذلك فليتامّل قوله فيجب الاحتياط بالجمع بين محتملات اه الجمع بين المحتملات حقيقة انّما هو فى المتباينين وفيما نحن فيه يجب الاتيان بالاكثر ويمكن تكلف ادراجه فى الجمع بين المحتملات وانّما اتى بهذه العبارة لانّ غرضه بيان الحكم كلّية بدون اختصاصه بما نحن فيه قوله فلا محيص عن اه وقد عرفت انّ الباعث للعقل فى حكمه بوجوب الاتيان والزامه به انّما هو التخلّص عن العقاب سواء كان على تركه او على ترك ما هو سبب لتركه قوله عدم جريان ادلّة البراءة اه فيكون الضّرر محتملا فيجب دفعه فيجب الاحتياط قوله لمعارضة لجريانه فى الآخر او لكون العلم الاجمالى مانعا عن الرّجوع الى اصل البراءة كما هو مسلك التحقيق ومذهب المصنّف وانّما لم يصر العلم الاجمالى هنا مانعا لانحلاله الى معلوم تفصيلى ومشكوك بدوى كما عرفت شرحه فيما سبق قوله بين وجود خطاب تفصيلى كما فى المقام قوله وبين وجود خطاب مردد كما فى المتباينين قوله فنفس متعلق التكليف مردّد لا مصداقه فان متعلق التكليف والمكلّف به مصداق المفهوم والمراد لا انه نفس المفهوم والمراد حتى يكون مبيّنا ويكون مصداقه مردّدا بين الاقل والاكثر فتكون الشبهة شبهة مصداقية فى الاقل والاكثر الارتباطيين وتوجب ذلك الاحتياط كما سيجىء فى المسألة الرابعة توضيح الحال فى ذلك وانه يجب فيه الاحتياط بل نفس المامور به فى المقام مردد بين الاقل والاكثر والمتعيّن فيه الرّجوع الى اصل البراءة لا الاحتياط قوله ويندفع بانه خلط فان الالفاظ العبادات موضوعة بازاء مصداق الصّحيح المردّد بين الاقلّ والاكثر لا بازاء مفهومه المردّد مصداقه بينهما حتى يوجب الاحتياط قوله واما ما ذكره بعض متأخّرى المتأخّرين هو الوحيد البهبهانى قدس سرّه قال قدس‌سره فى الفوائد العتيقة قد عرفت انّ الموقوف على النصّ ليس الّا نفس الحكم الشّرعى وماهيّة العبادات لكن ثبوت ماهيّتها من النصّ لا يكاد يمكن الّا بالنّسبة الى قليل منها الى ان قال فلا يثبت الّا باجماع او نصّ والثانى مفقود فتعين كون البيان بالاجماع وان الّتى وقع الاجماع على كونها عبادة يكون العبادة المطلوبة فانّ الخطاب انّما تعلّق بما هو مثل المجمل والامتثال ميسّر باتيان كلّ ما هو محتمل فيصحّ التكليف وتعيّن ذلك الامتثال قال قدّس سره ومنهم من يثبتها بضميمة اصل العدم مع انّ الامور التوقيفيّة لا تثبت به ألا ترى انّهم لا يثبتون معنى اللّفظ به مثلا لا يقولون الامر حقيقة فى الاذن لاصالة عدم مدخليّة غيره فى معناه وكذا الحال

٣١٥

فى غيره من الالفاظ وكذا معاجين الاطبّاء وادويتهم المركّبة مع ان التمسّك بالأصل ايضا موقوف على حجّية الاستصحاب حتى فى نفس الحكم الشّرعى لانّ حال العبادات حال نفس الحكم الشّرعى مع انّه انما يعارضه اصالة عدم كونها العبادة المطلوبة وان شغل الذمّة اليقينى مستصحب حتّى يثبت خلافه وهذا يعارض اصل البراءة ايضا لو تمسّك به انتهى وممّا نقلنا عنه اخيرا يمكن استظهار ما ذكره المصنّف من ان غرضه لابديّة الرّجوع الى قاعدة الاشتغال على مذهبه من لزوم التمسّك بها لا انّ كلّ من قال باجمال العبادات قال بالرّجوع الى قاعدة الاشتغال وقال فى فوائد الجديدة فائدة صرّح الاصوليّون والفقهاء بانّ اللغة لا تثبت الّا بالدليل بل كذا مقصودة على السّماع ونصّ الواضع ومن جملة اللغات الفاظ العبادات والمعاجين والأدوية المركّبة والبسيطة ولذا صرّح فى الاصول المبسوطة بان اصل العدم لا يجرى فى ماهيّة العبادات فى كتب الفقه والاستدلال بان العبادات توقيفيّة موقوفة على نصّ الشارع وتمسّكهم باصل العدم فى بعض المقامات انّما هو بالنّسبة الى الشّرط الخارج بناء على توجيههم كون اللّفظ اسما للاعمّ من الصّحيحة والفاسدة وكون الاعم معلوما بالنصّ والاجماع لا فى ماهيّة العبادات ولذا منعهم الّذين يقولون بان اللّفظ اسم لخصوص الصّحيحة وهذا واضح الدّلالة على انّهم متفقون على عدم الجريان فى ماهيّة العبادة انتهى ولا يخفى انه يستفاد من هذا الكلام عدم صحّة التوجيه الّذى ذكره المصنّف فانه يدلّ على انّ كلّ من قال بالصّحة قال بعدم جواز الرّجوع الى اصل البراءة ثم ان التوجيه المذكور كما يجرى فى كلام الوحيد البهبهانى على زعم المصنّف كذلك يجرى فى كلام غيره ممّن جعل ثمرة النّزاع ذلك دينية على ذلك ما نقله فى هداية المسترشدين عن بعض الاعلام انّه حكم باجراء اصل البراءة فيما يشك فيه من الاجزاء والشرائط على القولين واسقط الثمرة المذكورة فى البين وفى القوانين ان الظاهر انه لا اشكال فى جواز اجراء اصل العدم فى ماهيّة العبادات كنفس الاحكام والمعاملات والظاهر انّه لا خلاف فيه كما يظهر من كلمات الاوائل والاواخر ولم نقف على تصريح بخلافه فى كلمات الفقهاء الى ان قال فمن يعمل بالاصل لا يفرق بين العبادات وغيرها قوله وعدمه على القول بالوضع الاعمّ عدم وجوب الاحتياط بناء على الاعمّ قد يكون بالرّجوع الى الاصل اللّفظى الّذى لا يجرى معه الاصل العملى ولو كان

٣١٦

موافقا له وهو اصل الاطلاق وعدم التقييد وقد يكون بالرّجوع الى اصل البراءة بالتزام الخلل فى الاصل اللّفظى المذكور وهو الّذى استقرّ رأى المصنّف عليه اخيرا وان خصّه فى مقام التوضيح بالاوّل قوله محلّ نظر وقد سبقه الى ذلك بعض الاعلام حيث انّه اسقط الثمرة فى البين وحكم باجراء اصل البراءة على القولين على ما سمعت عن قريب والمستفاد من القوانين ايضا على ما سمعت تعين الرّجوع الى اصل البراءة ولو على القول بالصّحيح وجه النظر على ما يستفاد من كلام المصنّف بطوله انه على القول بالصّحيح لا يلزم القول بالاحتياط بل مبنى على الخلاف فى الرّجوع الى الاشتغال او البراءة فى التكليف بالمجمل فالمشهور على الثانى وجماعة على الاوّل وعلى تقدير القول بالاعمّ ليس للالفاظ اطلاق بل هى فى مقام الاهمال او فى مقام بيان حكم آخر فيكون لها حكم المجمل فالمشهور على البراءة وجماعة على الاحتياط قوله امّا القدر الّذى يتوقف عليه صدق الصّلاة كالاجزاء المقوّمة الركنية قوله ولا يجوز فيه الرّجوع الى البراءة يعنى على ما اعتقدوه من عدم جواز الرّجوع الى البراءة فى صورة الشكّ فى الصّدق واجمال اللّفظ وامّا على التحقيق فيجرى فيه البراءة بناء على جريانه فى كلّ ما يكون مجملا لانّ مناط ـ الرّجوع الى البراءة فى صورة فقد النصّ موجود فى صورة اجماله ايضا كما سبق توضيحه سابقا قوله فحكم هذا المشكوك عند القائل بالاعمّ حكم جميع الاجزاء لأنّ الاجزاء المقوّمة على الاعمّ على تقدير الشكّ فيها موجبة للشكّ فى صدق الصّلاة كما انّ جميع الاجزاء ولو كانت غير ركنية على تقدير الشكّ فيها توجب الشكّ فى صدق الصّلاة ايضا على القول بالصّحيح فلا يجوز الرّجوع فيها الى البراءة كما لا يجوز فيها الرّجوع الى البراءة على ما اعتقدوه من عدم جواز الرّجوع على تقدير الشكّ فى الصّدق قوله يرجع فيه الى اصالة الاطلاق وعدم التقييد المراد به الظّهور العرفى او النّوعى المطلق او المراد به استصحاب العدم المبنى على الظهور المجمع على حجّيته فى باب الالفاظ على ضعف والحاصل انه بعد فرض صدق المسمّى وكون المشتمل على الاجزاء الركنيّة المقوّمة للصّدق صلاة يؤخذ باطلاق ويحكم بعدم جزئيّة الشيء المشكوك فيكون اطلاق اللّفظ مبيّنا لمراد الشّارع وامّا اذا لم يصدق المسمّى لو يشك فيه كما اذا شكّ فى الاجزاء الركنيّة المقوّمة على القول بالاعمّ او مطلقا اذا قلنا بوضع الالفاظ للصّحيحة فلا يعقل الاخذ بالاطلاق لعدمه بل اللّفظ مجمل ليس له ظاهر

٣١٧

حتّى يتمسّك بالاطلاق المبنى عليه قوله ودفعه يظهر مما ذكرناه اه يعنى ان الصّلاة لم يقينا بمفهوم الصّحيحة حتّى يرجع الشك الى الشك فى المصداق ويجب فيه الاحتياط كما سيجيء فى المسألة الرّابعة بل قيد بمصداقها المردّد بين الاقلّ والاكثر فقد قيدت بما علم من الادلة الخارجية اعتباره فقيّدت الصّلاة الصّادقة على المعنى الاعمّ من واجدة السّورة وفاقدتها بواجدتها من جهة دليل اعتبارها وكذلك قيدت بواجدة الفاتحة من جهة دليل اعتبارها مع صدقها على فاقدتها بمقتضى الوضع وامّا بالنسبة الى القنوت مثلا لو شكّ فى كونه جزء فلم يعلم التقييد به فيؤخذ بمقتضى الاطلاق ويحكم بعدم كونه جزء وكذا كلّ ما يكون من هذا القبيل والحاصل انه يحكم بمقتضى الاطلاق بعد صدق الاسم بان الصّحيح الّذى هو مطلوب الشارع هو هذا اذ لو كان مراده غيره لبيّنه وقيده وحيث لم يثبت البيان والتقييد يحكم بكون المطلوب هو ما دلّ عليه الاطلاق لا غير وان ثبت من الدّليل الخارج ان مطلوب الشارع هو الصّحيح لا غير إلّا انّه ان دلّ على تقيد المامور به بذلك وكون القيد معتبرا فى متعلق الامر فقد ذكرنا انه يمكن التمسّك باطلاق المأمور به على القول بالاعمّ كونه هو الصّحيح من غير اعتبار الشّارع شيئا فيه خرج ما خرج وبقى الباقى ولو كان الخارج اضعاف الباقى لان المطلق ليس مثل العام حتّى يضر فيه خروج الاكثر بعنوانات متعددة او بعنوان واحد ايضا على مذهب الاكثر بخلاف ما اذا قلنا بكون اللّفظ اسما للصحيح للاجمال الذّاتى الّذى فيه اذ ليس هناك اطلاق وصدق على شيء حتى يتمسّك به وان استكشف من الدليل الخارجى الّذى دلّ على انّ المطلوب هو الصّحيح لا غير كون الصّحة معتبرة فى مقام الطّلب والامر من دون ان يكون المامور به مقيدا وبالجملة فى مرتبته متاخرة عن مرتبة المامور به فلا يمكن كونها مقيدة للمامور به فح يكون التمسّك بالاطلاق فى المأمور به بلا مزاحم فيكون ما ذكرنا من بعض الوجوه مثل قصد الوجه او قصد القربة معتبره فى مقام الامتثال والاطاعة من حيث عدم امكان كونها معتبرة فى اصل الصّلاة شطرا او شرطا ويكون نظير الفهم الصّحة من اوفوا بالعقود ونحوه حيث ان الشّارع لا يأمر بوجوب الوفاء بالعقد الفاسد الّا ان هذا المراد الّذى يكشف عنه الامر متاخر عنه وليس فى مرتبة الموضوع بل يتفرع عليه متاخّر عنه فلا يعقل تقييد الموضوع به ضرورة لزوم كون المقيد فى مرتبة المطلق وكذلك المخصّص فى مرتبة العام

٣١٨

ثم ان ما ذكره المصنّف ره فى هذا المقام قد تبع فيه المحقّق الاصفهانى ره قال قدّس سره فان قيل العلم الاجمالى بكون مطلوب الشّارع هو خصوص الصّحيحة يوجب تقييد الاطلاقات بذلك قلت قبل ظهور ما يقضى بالفساد من ضرورة او اجماع او رواية ونحوها فلا علم هناك بفساد شيء من الاقسام ليلتزم بالتقييد فلا بدّ من الحكم بصحّة الكلّ وبعد ثبوت الفساد فى البعض يقتصر فيه على مقدار ما يقوم الدّليل عليه ويحكم فى الباقى بمقتضى الاصل المذكور فلا تقييد هناك بالمجمل من الجهة المذكورة ويتضح ذلك بملاحظة الحال فى المعاملات فان حكمه تعالى بحل البيع فامره بالوفاء بالعقود ليس بالنّسبة الى الفاسدة قطعا ومع ذلك لا اجمال فى ذلك من تلك الجهة لقضائه بصحة كلّ من البيوع ووجوب الوفاء بكلّ من العقود فلا يحكم بفساد شيء منها الّا بعدم قيام الدّليل على اخراجه من الاطلاق والعموم المذكورين وح تقصير على القدر الّذى ثبت فساده من الدليل انتهى كلامه رفع مقامه قوله بحيث لا يكون المقام مقام بيان يمكن تطبيق هذا الكلام على فقد شرطين من شروط التمسّك بالاطلاق احدهما ان لا تكون القضيّة فى مقام البيان بل فى مقام الإهمال كما فى مثال شرب الدّواء وثانيهما ان لا تكون القضيّة فى مقام بيان حكم آخر كما فى مثال ومن ترك الصّلاة فهو كذا وهكذا فالقضيّة وان كانت فى مقام البيان فى المثال المذكور لكنها ليست فى مقام تمام البيان فمعنى قوله ان لا يكون المقام مقام البيان ان لا يكون المقام مقام تمام البيان وان كان فيه بيان فى الجملة لكن هذا المعنى خلاف ظاهر العبارة فان الظاهر منها هو المعنى الاوّل فقط قوله والّذى يقتضيه التدبّر فى جميع المطلقات اه فيه ان الكلام ليس منحصرا فى الاطلاقات الواردة (١) فى مقام تحديد العبادات كقوله ع انما الصّلاة ركوع وسجود ومثل قوله ع أليس قد اتممت الركوع والسّجود وغير ذلك مع انه قد ذكر فى مقام ردّ الفاضل النراقى فى باب حجّية الكتاب اجتماع شروط التمسّك بالاطلاقات فى بعض آيات العبادة كآيات التيمّم والوضوء والغسل وما ذكره هنا لا يخلو عن منافات لذلك فتدبّر جيّدا قوله كلّها على احد الوجهين يعنى امّا فى مقام الاهمال وعدم البيان مثل قوله تعالى (أَقِيمُوا الصَّلاةَ* وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ) وغير ذلك امّا فى مقام بيان حكم آخر مثل حافظوا على الصّلوات والصّلاة الوسطى وقوله انّ الصّلاة نهى عن الفحشاء والمنكر والصّلاة خير موضوع وغير ذلك والمستفاد منه فى هذا الكتاب

__________________

(١) فى كتاب بلّ يعمّها والاطلاقات الواردة فى الأخبار وح فما المانع من التمسّك بالاطلاقات الواردة

٣١٩

كون مثل اقيموا الصّلاة واردا على الوجه الثّانى دون الاوّل وان صح فالمثال غير عزيز والاظهر فى معنى العبارة انّ المراد بالوجهين قبل بيانه وبعد بيانه فيكون اشارة الى ما سيفصّله حين العمل فى الاوّل ويكون اشارة الى ما ذكره سابقا فى الثانى لانّه المذكور قبل هذا الكلام صريحا قوله وقد ذكر موانع لسقوط اطلاقات العبادة اه مثل انّ المطلق منصرف الى الافراد الشّائعة بحسب الاستعمال او بحسب الوجود فلا بدّ من حمل تلك الاطلاقات على الصّحيح وقد عرفت عدم وجود الاطلاق المثمر على التقدير المزبور وفيه منع الاشتهار بحسب الاوّل وبحسب الثّانى ايضا مع عدم كفاية الثّانى لو سلّم الانصراف المذكور ومثل ان المطلقات المزبورة مقيدة بقيد مجمل مثل قوله صلوا كما رايتمونى اصلّى وخذوا عنّى مناسككم وغير ذلك وفيه مع عدم الاطراد فى جميع الاطلاقات عدم العلم بكونها مقيدة حتّى توجب الاجمال لاشتمال فعل النبىّ ص على المستحبّات فلا يمكن حملها على الوجوب حتّى يصلح للتقييد ومثل انّ الاطلاقات المذكورة قد قيدت بمقيّدات كثيرة موهنة للتمسّك بها وفيه ما عرفت بانّ ذلك على تقدير كونه معتبرا انّما يكون كذلك فى العمومات لا فى الاطلاقات الى غير ذلك قوله فالّذى ينبغى ان يقال اه هذه ليست ثمرة ينتفع بها فى الفقه اذ لا فرق بين الاجمال الذّاتى وبين الاجمال العرضى فى عدم الانتفاع به قوله ما اذا لم يكن هناك اطلاق اه الحكم بثبوت الاطلاق المذكور موقوف على القول بالاعمّ وفرض اجتماع شروط التمسّك به وقد عرفت انّ المشهور صحيحيون وان الشرائط ليست بموجودة عند المصنّف فظهر أنّ حمل الحكم المزبور على ما ذكره المصنّف من عدم وجود اطلاق يقتضى عدم الجزئيّة غير سديد الّا ان يقال انّ الكلام فى خصوص المقام ليس مبنيّا على خصوص العبادات بل يشملها والمعاملات ولم يعلم ذهاب المشهور فيها الى الصّحة ويمكن الالتزام بوجود شرائط صحّة التمسّك فيها بالاطلاقات ولذا ترى الفقهاء يستدلّون بعموماتها واطلاقاتها فى موارد متفرّقة كثيرة قوله حتّى تكون موردا للاصول العمليّة وان لم تجرى الاصول المذكورة فى المقام عند المشهور لمانع عن الرّجوع اليها حيث ان وجود الخبرين مانع عن الرّجوع بناء على ما هو الحقّ من ثبوت التخيير مع التكافؤ فتامّل قوله فى صورة عدم وجود المطلق الّتى حكم فيها بالتّخيير اه يعنى فى الصّورة المزبورة الّتى حكم المشهور فيها بالتخيير لا القائلون بالتّساقط اذ القول بالتساقط الّذى هو الحكم بسقوط الخبرين عن الحجّية امّا مطلقا واما فى غير نفى الثالث

٣٢٠