إيضاح الفرائد - ج ٢

السيّد محمّد التنكابني

إيضاح الفرائد - ج ٢

المؤلف:

السيّد محمّد التنكابني


الموضوع : أصول الفقه
المطبعة: المطبعة الإسلاميّة
الطبعة: ٠
الصفحات: ١٠٦٩
الجزء ١ الجزء ٢

يحكم بعدم وجوب اقامة الحدّ عليه لا من جهة انّ الاصل عدم موجب الحد كما ذكره المصنّف قدس سرّه حتى يقال بتعارضه مع اصالة عدم موجب الحد بشرب ما فى الإناء الآخر ايضا وان كان التعارض المذكور غير صحيح من جهة انّ اصالة عدم تحقق شرب الخمر بخصوص شرب الاناء الآخر لا اثر له بل لأنّه مع الشكّ فى تحقق شرب الخمر فى الخارج يكون الشكّ فى اصل التكليف بوجوب الاقامة فيكون الأصل البراءة كما فى شرب مشكوك الخمرية فى الشبهات البدويّة فالحكم للشكّ لا للمشكوك بل لا يحتاج الى الاصل المذكور فى مثل اقامة الحدّ لانّ المستفاد من الادلّة حرمة الايذاء من دون المجوّز الشرعى وممّا ذكرنا ظهر انه كما لا يجب بل لا يجوز على الحاكم اقامة الحدّ فى الفرض لا يجب بل لا يجوز على الشّارب من احد الإناءين مثلا تسليم نفسه للقصاص والحدود والتعزيرات وممّا ذكرنا ظهر ان ما فى بعض الحواشى من انه يمكن ان يقال بكون اصالة عدم حدوث سبب الحدّ بشرب احد الإناءين معارضة باصالة عدم كون الآخر سببا على تقدير شربه وبعد تعارض الاصلين وان لم يبق مقتضى لوجوب اقامة الحد على شارب احدهما الّا انّه لا يبقى دليل ايضا على نفيه عنه كما هو المدّعى فلا بدّ من التوقف انتهى فى غير محلّه خصوصا ما ذكره اخيرا من التوقف اذ لا بدّ من الرّجوع الى اصالة البراءة مع الإغماض عن وجوب الرّجوع الى عمومات حرمة ايذاء المسلم قوله وجهان بل قولان فذهب المشهور الى طهارة ملاقى الشبهة المحصورة وذهب العلامة فى المنتهى فى كتاب الطّهارة الى نجاسته قال قدس ووجب عليه غسل ما اصاب المشتبه بماء متيقّن الطّهارة كالنجس وهو احد وجهى الحنابلة والآخر لا يجب غسله لانّ المحلّ طاهر بيقين فلا يزول بشكّ النّجاسة والجواب لا فرق فى المنع بين يقين النجاسة وشكها هنا بخلاف غيره انتهى وفى مفتاح الكرامة بعد ان نقل عن العلّامة فى المنتهى بانه الحق الملاقى بالمشتبه فى لزوم الاجتناب قال وايّده بعضهم انّه لو لم يلزم الاجتناب لزم فكّ المتلازمين فانه لو توضّأ لزم الحكم بطهارة اليد وهو لازم لطهارة الماء اللّازم لصحّة الوضوء فتامّل ونقل عن مجمع البرهان فى باب ما يسجد عليه بانّه اذا كان سبب وجوب الاجتناب هو النجاسة والاشتباه كان حكم الملاقى حكم احدهما نعم لو كان الاجتناب على خلاف الاصل لا يتعدى الى غيرهما وقال ايضا فى مفتاح الكرامة وقال الأستاذ وقول المنتهى لا يخلو عن قوّة لانّه من البعيد عدم الحكم بطهارة احد الماءين مع الحكم بطهارة الظرفين والاحتياط لازم

٢٤١

والاستصحاب انّما يقضى بطهارة المصاب وهو لا ينافى عدم جواز الاستعمال انتهى ولا يخفى انّهم لم يحكموا لطهارة الظّرفين كليهما لأنّهما يكونان من قبيل الشبهة المحصورة بل حكموا بطهارة ملاقى احد الإناءين وفى الحدائق وح فما ذكره العلّامة فى المنتهى من انّ المشتبه بالنّجس حكمه حكم النجس ان اراد به من جميع الوجوه فمردود اذ لا تكرر الصّلاة فى الثوبين النجسين ولا الطّاهرين وان اراد به من بعض الوجوه الّتى من جملتها ملاقاته برطوبة فصحيح وبالجملة فانّ للمشتبه فى هذه المسألة وامثالها حالة متوسطة فمن بعض الجهات كالاكل والشّرب والملاقاة برطوبة حكمه حكم النّجس ومن بعض الجهات كالصّلاة فى الثوبين المشتبهين باعتبار تكرارها فيهما له حالة ثالثة والى ذلك يميل كلام المحدث الأسترآبادي فى كتاب الفوائد المدنية انتهى قلت ويحتمله كلام العلامة فى القواعد حيث قال وحكم المشتبه بالنّجس حكمه لكن ظاهر كلمات الشارحين عدم شموله لما نحن فيه ففى جامع المقاصد اى حكم النجس فى وجوب اجتنابه فى الصّلاة وازالة النجاسة وعدم جوازه فى الاكل والشرب اختيار او قريب منه ما فى كشف اللثام ومفتاح الكرامة وفى شرح الدّروس نقل عن العلّامة فى المنتهى ما نقلناه ثم قال والظاهر ان لم يكن اجماع هو نفى وجوب الغسل لما حكى عن بعض العامة وما اجاب به العلّامة غير تام لمنع عدم الفرق فى المنع بين يقين الطهارة وشكها اذ غاية ما يلزم من الحديثين اهراقهما ووجوب التيمّم وامّا كونهما بمنزلة النّجس فى جميع الاحكام فلا انتهى وما احتمله من الاجماع على الطهارة غريب مع كون الشهرة المحققة على خلافهما قوله وهذا معنى ما استدلّ به العلامة فى المنتهى على ذلك اه ليس فى المنتهى سوى ما نقلناه عنه عن قريب وقوله لو استعمل الإناءين واحدهما نجس مشتبه وصلّى لم تصح صلاته ولم يرتفع حدثه سواء قدم الطّهارتين او صلى بكلّ واحدة صلاة لانّه ماء يجب اجتنابه فكان كالنّجس انتهى ولعله استنبطه من قوله فكان كالنّجس نعم قد ذكر فى الحدائق انّ المستفاد من اخبار الشبهة المحصورة انّ الشارع اعطاهما حكم النجس الّا فى تكرر الصّلاة فى الثوبين المشتبهين قوله وحاصله منع ما فى الغنية اه مع انّ تسليم ما فيه لا يضرّنا لأنّ المراد بالزجر عنوان النجس الذّاتى الواقعى ولا ربط له بالمقام قوله من جهة استظهار انّ الشارع جعل هذا المورد اه

٢٤٢

فيكون المستفاد من الأخبار حجّية الظّاهر وانه طريق الى الواقع فيتشخّص الواقع بهذا الطريق فيترتب على مؤداه جميع آثار الواقع الّتى منها تنجّس ملاقيه كما اذا قامت البيّنة على نجاسة شيء فانه يترتب عليه جميع آثار النجس الواقعى بل وكذلك اذا كان شيء نجسا بالاستصحاب فانه ينجس ملاقيه ولذا قال قدّس سره فى باب الاستصحاب اذا لم يكن النجس بالاستصحاب منجّسا ولا الطاهر بالاستصحاب مطهّرا فكان كلّما يثبت بالاستصحاب لا دليل على ترتيب آثار الشيء الواقعى عليه بخلاف المقام فانّ المستفاد من العقل والنّقل وجوب الاحتياط فيه وهجر المشتبهين فى الطّهارة والاكل والشّرب فهو اصل تعبدى لا دلالة فى الدليل المثبت له على كونه بمنزلة النّجس فى جميع الاحكام الّتى منها نجاسة ملاقيه وذلك ظاهر هذا مع انّه على تقدير عدم اشارة فى الأخبار الى حجّية الظاهر فى مسئلة البلل وكون الحكم فيه تعبّديا من باب الاصل لا من باب الظاهر نقول انّه لا خلاف كما فى الحدائق على نجاسة البلل ووجوب غسل ما اصابه بل نقل عن ابن ادريس دعوى الاجماع على الحكمين وجوب غسله ونقضه للطّهارة مع دلالة لاخبار عليهما لقوله ع بعد خروج البلل وقبل الاستبراء لكن يتوضّأ ويستنجى ولذا قال فى الجواهر بعد ذكر اخبار البلل انّ المستفاد منها خبثيته كحدثيته للامر بالاستنجاء منه وغيره بخلاف المقام لعدم دلالة الأخبار على نجاسة المشتبهين بحيث يترتب عليهما نجاسة الملاقى فظهر الفرق بين المقامين بلا اشكال فى البين قوله وبه يندفع تعجب صاحب الحدائق اه يعنى بما ذكر من اختلاف مفادي الأخبار فى المسألتين وانّ الأخبار المتعلّقة بالبلل تدلّ على ترتيب جميع آثار النّجس الواقعى عليه بخلاف اخبار الشبهة المحصورة انّها لا تدلّ الّا على وجوب هجر المشتبهين فى الطّهارة وغيرها ولا تدلّ على النّجاسة وفرض المصنّف من هذا الكلام الرّد على صاحب الحدائق ودفع تعجّبه على طريقته من استفادة لا الحكمين من الأخبار باختلاف مفادي الأخبار ومنه يظهر فساد ما ذكره بعض المحققين فى هذا المقام فى حاشيته هذا الكلام حيث قال بل يندفع بان دلالة الخطاب بوجوب الاجتناب عن شيء على نجاسته ووجوب الاجتناب عن ملاقيه لا يقتضى ان يكون وجوب الاجتناب عقلا فيما نحن فيه مقتضيا لهما كما ذكر اشرنا فى الحاشية السّابقة ومنه انقدح

٢٤٣

اندفاع تعجبه حتّى من مثل صاحب الغنية بخلاف ما بنى اندفاعه عليه كما لا يخفى انتهى اذ فيه انّ غرض المصنّف الرّد عليه على مذهبه لا على مذهبه من ثبوت وجوب الاجتناب فى المشتبهين من باب العقل وما يشعر به كلامه من عدم صحّة ما ذكره المصنّف وعدم اندفاع التعجّب به على تقدير استفادة كلا الحكمين من الأخبار غير وجيه لما عرفت من المصنّف ومنا من اندفاعه على التقدير المذكور وامّا ما ذكره بقوله ومنه انقدح اندفاع تعجبه اه ففيه ان مثل صاحب الغنية امّا ان يكون موافقا لصاحب الحدائق ومخالفا للمشهور على ما يشعر به كلام المصنف ره فلا يتوجّه تعجب صاحب الحدائق اليه حتى يحتاج الى الاندفاع وإن كان موافقا للمشهور مخالفا لصاحب الحدائق بناء على ما ذكرنا من ان كلامه فى نجاسة ملاقى النجس الواقعى لا الظّاهرى فيمكن اندفاع تعجّب صاحب الحدائق من مثل صاحب الغنية ايضا بما ذكره المصنّف كما لا يخفى قوله كما ترى اذ فيه تخصيص للاكثر بل لا يبقى فيه الّا النّجس قوله فالملازمة بين نجاسة اه يعنى ان الملازمة بين نجاسة الشّيء فى الواقع وبين نجاسة ملاقيه وامّا الملازمة بين نجاسة الشيء فى مرحلة الظاهر بمعنى ترتب بعض احكام النّجس عليه وان كان الحكم بوجوب ترتيب البعض المذكور من جهة الشّرع ونجاسة ملاقيه فلم يثبت فاللّازم الرّجوع الى اصالة الطّهارة فى الملاقى قوله لانّ اصالة الطّهارة والحل فى الملاقى اه لا يخفى ان مفروض كلام المصنّف قدّس سره فيما اذا لم يوجد شيء من اجزاء الملاقى بالفتح فى الملاقى بالكسر اذ على تقديره لا اشكال فى كون الملاقى من اطراف الشبهة ووجوب الاجتناب عنه وهذا مع وضوحه قد نبّه عليه شيخنا قدّس سره فى الحاشية وقد تقرر فى محلّه انّ الاصل فى الشكّ السببى اه وسيأتي فى باب الاستصحاب من المصنّف ذكر الوجوه الثلاثة فى ذلك على تقدير حجّية الاستصحاب من باب الاخبار بل وسيأتي تقدم الاستصحاب السببى على المسببى على تقدير كونه من باب الظنّ ايضا وسيأتي منا توضيح المطلب إن شاء الله الله تعالى فانتظر قوله واذا لم يجر الاصل الحاكم لمعارضته اه ويستثنى من ذلك ما اذا كان السّبب والمسبّب من قبيل الموضوع والحكم فانّه لا يجرى الاصل فى المسبّب مطلقا سواء جرى فى السّبب ام لا امّا على تقدير جريانه فى السّبب فواضح لزوال الشكّ عن ابقاء الحكم مع جريان الاصل فى الموضوع اذ هو بمعنى

٢٤٤

ترتيب الحكم الشّرعى وامّا على تقدير عدم جريانه فيه فلعدم جريان الاستصحاب مع الشكّ فى الموضوع قوله لانه كالاصل بالنّسبة الى المتعارضين يعنى مع تعارض الاصول وتساقطها لا بدّ من الرّجوع الى الاصل ولو كان الاصل المرجع جاريا فى المسبّب لعدم المانع من الرّجوع اليه اذ كما يرجع الى الاصل المذكور مع عدم وجود الاصل فى السّبب اصلا كذلك يرجع اليه مع تعارض الاصلين وتساقطهما اذ هو بمنزلة عدم وجودهما اصلا والامر فى ذلك ظاهر قوله عند تتميم الماء النجس كرا بطاهر اه فقد تعارض فيه استصحاب بقاء نجاسة المتمم واستصحاب طهارة المتمم فيرجع الى قاعدة الطّهارة قوله وعند غسل المحل النّجس بماءين مشتبهين اه فقد تعارض فيه اصالة عدم تقدم الغسل بالماء الطّاهر واصالة عدم تقدم الغسل بالماء النجس فيرجع الى قاعدة الطّهارة قوله سواء كان هذا الاصل مجانسا لهما كاستصحاب الطهارة فى ملاقى احد المشتبهين المجانس لاستصحابى الطّهارة فى المشتبهين فانه بعد تعارض الاستصحابين فى المشتبهين وتساقطهما يرجع الى استصحاب طهارة الملاقى وهو من جنسهما لكون كلّ واحد منها استصحابا وان لم يكن فى مرتبتهما لجريانهما فى السّبب وجريان هذا فى المسبّب على ما سلف قوله كقاعدة الطّهارة فى المثالين لانّ الاصلين المتعارضين فى المثالين من جنس الاستصحاب والاصل المرجع هو قاعدة الطهارة فيهما ومن المعلوم انه لو جرى الاستصحاب وكان سليما عن المعارض فيهما لم يرجع الى قاعدة الطّهارة لتقدم الاستصحاب على القاعدة بحسب الدّرجة كما تقرر فى محلّه قوله ولو كان العلم الاجمالى قبل فقد الملاقى اه يعنى لو كان العلم الاجمالى بنجاسة احد الإناءين فاصلا قبل الملاقاة وقبل فقد الملاقى بالفتح ثم وقعت الملاقاة ثم فقد الملاقى بالفتح الحكم فيه هو طهارة الملاقى بالكسر والاجتناب عن صاحب الملاقى بالفتح ووجهه انّ العلم الاجمالى قد اثر فى المشتبهين قبل الملاقاة فصار الاجتناب عنهما معلوما من جهة تعارض الاصلين الموجب للاحتياط فى الشبهة المحصورة وبعد ملاقات شيء لأحد الطّرفين قبل فقده قد صار الرّجوع الى اصالة الطهارة فيه سليما عن المعارض لما تقدم من انه مع عدم جريان الاصل فى الشكّ السّببى او تعارض الاصلين فيه يكون الأصل المسبّب سليما عن المعارض فلا بد من الرّجوع اليه وبالجملة الحكم بوجوب الاجتناب

٢٤٥

عن صاحب الملاقى بالفتح قد كان ثابتا قبل فقد الملاقى بالفتح فيكون ثابتا بعد فقده اذ لا موجب لتغييره وكذلك الحكم بطهارة الملاقى قد كان ثابتا قبل فقد الملاقى فيكون ثابتا بعد فقده ايضا اذ لا موجب لانتفائه ولا يخفى انّ الحكم كذلك ايضا لو فقد صاحب الملاقى فى الصّورة المزبورة لجريان الدليل المذكور فيه ايضا قوله فتامل جيدا وجه التامّل انه قد يتوهّم ثبوت العلم الاجمالى بمخالفة احد الخطابين اما خطاب اجتنب عن النّجس او اجتنب عن المتنجّس وهو غير جائز لكن التوهّم المذكور مندفع بادنى تأمّل فانّ العلم الإجمالي بوجوب الاجتناب كان مؤثرا فى الاجتناب عن صاحب الملاقى بالفتح قبل فقد الملاقى بل قبل الملاقاة والشكّ فى حدوث الخطاب بالاجتناب عن المتنجّس وهو شك بدوى وليس طرفا للعلم الاجمالى فيجرى اصالة الطّهارة والاباحة فى ارتكاب الملاقى بالكسر قوله إن كان الاضطرار قبل العلم الاجمالى او معه امّا الاوّل فظاهر لأنّ حكم الاضطرار الى شيء معين يجعله كالتلف قبل العلم الاجمالى اذ لو كان المعلوم بالاجمال متحقّقا فى ضمن المضطر اليه لا يكون مؤثر الارتفاع التكليف فيما اضطرّوا اليه فيكون العلم الاجمالى مؤثّرا على بعض التقادير كما اذا كان فى ضمن الطرف الآخر وغير مؤثر على بعضها الآخر كما اذا كان فى ضمنه ومن المعلوم انّ مثل هذا العلم الاجمالى الغير المؤثّر على جميع التقادير لا يكون موجبا للاجتناب فيرجع الشكّ بالنّسبة الى الطّرف الآخر الى الشكّ فى اصل التكليف فيرجع فيه الى البراءة وامّا الثانى فلعدم تأثير المقتضى مع الاقتران بالمانع قوله وان كان بعده اه وذلك لأنّ العلم الاجمالى كان مؤثرا على جميع التقادير والاضطرار الى ارتكاب احدهما المعيّن انّما اوجب ارتفاع اثره بالنّسبة الى ما اضطروا اليه واذن الشارع فى ارتكابه وامّا الطرف الآخر فلا موجب لارتفاع اثره بالنسبة اليه فيجب الحكم ببقاء اثره بالنسبة اليه لأنّ الضّرورات تتقدّر بقدرها وهذا معنى قوله لأنّ الأذن فى ترك بعض المقدّمات العلميّة اه وان شئت قلت انّ الاضطرار بعد العلم الاجمالى كالتلف بعده فكما ان التلف بعده لا يمنع عن تاثير العلم الاجمالى فى الباقى كذلك الاضطرارى فان قلت ان امر الآمر مع العلم بانتفاء الشرط غير جائز ومن جملة شرائط تنجز الامر عدم الاضطرار فكيف يكون منجزا مع حصول الاضطرار قلت انّ الاضطرار قد حصل بعد العلم الاجمالى

٢٤٦

وبعد تاثيره فى اجتناب جميع الاطراف فلا يؤثر الّا فى رفع اثره بقدر ما تعلق به وهو المضطرب اليه دون غيره وبعبارة اخرى الاضطرار يكون مانعا فى الجملة فيكون عدمه شرطا كذلك لا مطلقا نعم لو حصل الاضطرار بعد العلم الاجمالى بلا فصل معتدّ به بحيث لم يكن متمكّنا من ارتكاب احد الطّرفين او الاطراف بحسب حاله قبله لأمكن الحكم بعدم تأثير العلم الاجمالى فى الطرف الآخر بل الظاهر ان حاله حال حصول الاضطرار مع العلم الاجمالى والظّاهر انّ مراد المصنّف ره غير هذه الصّورة ونظير ذلك فى الجملة ما ذكروا من انه اذا دخل الوقت ومضى منه بمقدار يتمكّن من فعل الصّلاة مع الشّرائط ثم عرض المانع من الحيض والنّفاس وغيرهما يجب قضاء الصّلاة المزبورة بخلاف ما اذا لم يتمكن بحسب حاله وكذلك الحكم فى آخر الوقت اذا تمكن من فعلها مع الشرائط قوله ولو كان المضطرّ اليه بعضا غير معيّن وجب اه لأنّ مناط تأثير العلم الاجمالى انّ المعلوم بالإجمال لو انقلب الى المعلوم بالتفصيل وعلم تفصيلا بوجود الحرام فى هذا الإناء او ذلك الإناء مثلا كان منجّزا للتكليف ولا شكّ انّه مع العلم التفصيلى فى المقام بوجود الحرام فى واحد منهما يحكم بتنجز التكليف وعدم جواز ارتكابه وبوجوب ارتكاب الطرف الآخر لدفع الاضطرار لفرض انّ الاضطرار يحصل بارتكاب واحد منهما من غير خصوصيّة فى احدهما المعيّن ألا ترى انّه لو اضطرّ الى اكل شيء لسدّ الرّمق ودار الامر بين ماله ومال الغير لا يجوز له دفع الضّرورة بمال الغير بل وكذلك اذا دار الامر بين محرّمين يكون واحد منهما اشد واضطرّ الى ارتكاب احدهما لا يجوز له ارتكاب الاشد فلو دار الامر بين شرب المتنجّس بالبول او النّجس به وبين شرب الخمر لا يجوز له شرب الخمر وهكذا فى غير المثال على ما فصّلوه فى الفقه قوله فان قلت ترخيص ترك بعض المقدّمات دليل على عدم اه يعنى كما ان التّصريح بجواز ترك ذى المقدّمة دليل على عدم وجوب مقدمته كذلك التصريح بجواز ترك المقدّمة يكون كاشفا عن عدم وجوب ذى المقدّمة لعدم جواز تخلف المعلول عن العلّة التامّة فيكشف جواز ارتكاب بعض الأطراف فى مفروض المقام على عدم ارادة الشارع الحرام الواقعى ووجوب الاجتناب عنه فاذا لم يجب الاجتناب عنه لا معنى للاجتناب عن الطّرف الآخر لتحصيل الاطاعة الاحتمالية قوله قلت المقدّمة العلميّة مقدّمة للعلم اه توضيح الجواب المذكور

٢٤٧

انّ ما رخص فى تركه من المقدّمات ليس مقدّمة للواجب الواقعى لعدم توقّف وجوده عليه لاحتمال وجوده فى الطّرف الآخر فجواز تركه ليس كاشفا عن جواز ترك الواجب الواقعى راسا بل هو مستلزم لعدم العقاب على تركه لو حصل فى ضمنه نعم عدم وجوبه مستلزم لعدم وجوب ما هو مقدمة له وهو تحصيل العلم لا لعدم وجوب الواجب الواقعى فلا بدّ من الحكم بلزوم الاجتناب عن الطرف الآخر لوجوب اطاعة امر المولى بقدر الامكان قوله وهذا نظير جميع الطّرق الشرعيّة المراد بالطّرق هنا هو الاعمّ من الأمارات والاصول لقوله كما فى الاخذ بالحالة السّابقة كالاستصحاب اه ويمكن ان يكون من باب الاكتفاء باحد الشّيئين عن الآخر لكونه معلوما بالمقايسة مثل قوله تعالى (وَإِنَّها لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخاشِعِينَ وَلا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللهِ سَرابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ) قوله ومرجعه الى القناعة عن الواقع سواء كان فيه ترتيب جميع آثار الواقع ايضا كما فى الامارات أو لا كما فى الاصول قوله عند انسداد باب العلم التفصيلى المراد به الاعمّ منه ومن الظنّ الخاصّ او اكتفى بذكر احد الفردين عن الآخر كالسّابق قوله اعنى موارد الظنّ مطلقا او فى الجملة يعنى موارد الظنّ بعدم التكليف مطلقا يعنى سواء كان اطمينانيّا ام لا وقوله او فى الجملة هو خصوص الظنّ الاطمينانى بعدمه ومناط الاحتمال الثّانى اندفاع الحرج الحاصل من العمل بالاحتياط برفع اليد عنه فى خصوص الظن الاطمينانى بعدم التكليف ومناط الاحتمال الاول عدم اندفاعه الّا برفع اليد عنه فى مطلق الظنّ بعدم التكليف قوله الى الاحتياط فعلى الاحتمال الثّانى يرفع اليد عنه فى صورة الظنّ الاطمينانى بعدم التكليف ويرجع اليه فى صور اربع صورة الظنّ الغير الاطميناني بعدم التكليف وصورة الشكّ وصورة الظنّ الغير الاطميناني بالتكليف وصورة الظنّ الاطميناني بالتكليف وعلى الاحتمال الاوّل يرفع اليد عنه فى صورتين صورة الظنّ الاطمينانى بعدم التكليف وصورة الظنّ الغير الاطمينانى بعدمه ويرجع اليه فى ثلاث تصور فى صورة الشكّ وفى صورة الظنّ الاطميناني بالتكليف وفى صورة الظنّ الغير الاطمينانى به والعمل بالظنّ بالتكليف مطلقا او فى الجملة على التقديرين ليس من جهة انّه ظنّ بل من جهة مطابقته الاحتياط ولذا لا يرجع الى الأصول مع فقده على ما هو مقتضى القاعدة الّتى ذكرها

٢٤٨

المصنّف فلو كان الظنّ حجّة فلا بدّ من الرّجوع اليه مع وجوده سواء كان قائما على التكليف او على عدمه ومع عدمه فلا بدّ من الرّجوع الى الاصول الموجودة بخلاف ما اذا كان العمل بالظنّ بالتكليف من جهة الاحتياط والعمل بالظنّ النافى من جهة كون العمل بالاحتياط فيه موجبا للحرج لا من جهة حجّية الظنّ فى المقامين فانّه لا بدّ من الرّجوع الى الاحتياط ايضا فى مورد فقد الظنّ كما سبق تفصيل ذلك فى باب دليل الانسداد قوله ووجوب العمل بالظنّ مطلقا او فى الجملة يعنى وجوب العمل بالظنّ النافى للتكليف سواء كان اطمينانيا ام لا او فى الجملة يعنى اذا كان اطمينانيا فقط على ما ذكره شيخنا قدس سرّه فى الحاشية او وجوب العمل بالظنّ نافيا كان او مثبتا للتكليف سواء كان اطمينانيا ام لا او فى الجملة يعنى اذا كان الظن النّافى او المثبت اطمينانيّا بناء على القولين فى كون النتيجة حجّية الظنّ مطلقا او حجّية الظنّ الاطميناني مطلقا وهذا المعنى اظهر لأنّ بناء اهل الاستدلال على الرّجوع الى الاصول الموجودة فى صورة فقدان الظنّ راسا لا فى صورة فقدان الظنّ النّافى للتكليف فعلى القول الاوّل يرجعون الى الاصول فى صورة واحدة وهى صورة الشكّ فى التكليف ويرجعون الى الظنّ فى صور اربع وعلى القول الثانى يرجعون الى الاصول فى صور ثلث فى صورة الشكّ وفى صورة الظنّ الغير الاطمينانى بالتكليف وفى صورة الظنّ الغير الاطمينانى بعدمه ثم انّ العبارة لا تخلو عن مسامحة فى التعبير وحقّها ان يقال انّ مقتضى القاعدة التبعيض فى الاحتياط وعدم الحكم بحجّية الظنّ والرّجوع الى الأصول مع فقده مع انّ بناء اهل الاستدلال على حجّية الظنّ والرّجوع الى الاصول مع عدمه قوله فى غير موارد الظنّ المعتبر يعنى على زعمهم والاولى عدم ذكره فى هذا المقام قوله الى الاصول الموجودة يعنى الاصول الموجودة فى الموارد الجزئيّة من غير نظر الى العلم الاجمالى الكلّى فان اقتضى العلم الاجمالى الخاصّ الاحتياط عملوا به وان كان الشكّ فى التكليف رجعوا الى البراءة وهكذا سائر الأصول قوله على كون الظنّ مطلقا او فى الجملة حجة اه يعنى سواء كان نافيا او مثبتا اطمينانيّا او غيره او سواء كان نافيا ام مثبتا مع كونه اطمينانيّا على طبق المعنى الّذى ذكرناه فى سابق هذا الكلام قوله حجة وطريقا اه فانّه مع كونه حجّة وطريقا يتشخّص المعلوم بالإجمال فى ضمن المظنونات ويحكم بانحلال العلم الاجمالى كالقطع وإن كان بينهما فرقا وهذا

٢٤٩

المعنى هو الّذى ذكرنا سابقا ان عبارات المصنّف فى المقامات المختلفة مختلفة فيه وذكرنا شطرا من عباراته المختلفة فى مقام دليل الانسداد فراجع قوله او منعوا اصالة وجوب الاحتياط اه بان يرجع الى اصالة البراءة فى الشبهة المحصورة الى ان يلزم المخالفة القطعيّة وقد ذكرنا فى مطاوى كلماتنا السّابقة انّه لا يخلو عن وجه قوله وعدم جواز ترجيح المرجوح عطف على قوله بطلان الاحتياط يعنى عدم جواز ترجيح المرجوح يعنى الموهومات على الرّاجح يعنى المظنونات فانّهم قد استدلّوا به على وجوب اتباع الظنّ دون الوهم لأنّ ترجيح المرجوح على الرّاجح قبيح بل محال باحد المعنيين على ما سلف ومقصود المصنّف الاستدلال على وجوب اتباع الظنّ بمجموع الامرين اعنى بطلان الاحتياط وعدم جواز ترجيح المرجوح على الرّاجح لا بكلّ واحد بل يحتاج الى مقدّمات اخرى على ما سلف وسبق تحقيقه فعلى هذا يمكن ان تكون الواو بمعنى مع قوله بموافقة الطرف الرّاجح فى المظنون اه يعنى فى مظنون عدم التكليف قوله دون الموهوم يعنى ما كان عدم التكليف فيه موهوما بان يكون احتمال التكليف فيه مظنونا قوله لزوم الاحتياط فى غير المظنونات يعنى فى غير مظنونات عدم التكليف فى الصّور الثلث او الاربع على ما سبق عن قريب ايضا قوله عمّا لا يعرف حكمه من المعاملات يعنى عمّا لا يعرف حكمه الجزئى من جهة الشكّ فى المصداق بان تكون الشبهة موضوعيّة لا عمّا لا يعرف حكمه الكلّى الإلهي مثل ان يعلم ان الرّبا هو الزّيادة فى المتجانسين بشرط كونهما مكيلين او موزونين وشكّ فى اتّحاد الجنسين فى بعض الموارد او كونهما مكيلين او موزونين من جهة اشتباه الأمور الخارجيّة لا من جهة الشكّ فى الموضوع المستنبط الرّاجع الى الشبهة الحكميّة وانّما حملنا العبارة على ذلك لأنّ صريح كلامه الآتي حيث قال وان قلنا بجواز الرّجوع الى العام عند الشكّ فى مصداق ما خرج عنه كون كلامه هنا فى الشبهة المحصورة الموضوعيّة لا الحكميّة قوله ولكن الاظهر هنا وجوب الاحتياط ولعلّ الفارق عند المصنّف قدّس سره هو العرف بان يدعى ان اهل العرف لا يقبحون الخطاب المنجّز فى مثال النّذر وشبهه بخلاف غيره وهو مشكل واشكل منه فرقه بين المثال الثّانى وهو مثال التاجر والمثال الاوّل وهو مثال الحيض مع انّه مثله من جميع الجهات قوله الى استصحاب الطّهر الرّجوع اليه بناء على المسامحة فى الموضوع وعدم الرّجوع الى الدّقة

٢٥٠

الفلسفية ولو فرض عدم جريانه يجرى اصل الاباحة ايضا واصل البراءة قوله الى ان يبقى مقدار الحيض فيرجع فيه الى اصالة الاباحة يعنى الى ان يبقى مقدار ثلاثة ايّام فى آخر الشهر بناء على ما فرضه من العلم بكون الحيض ثلاثة ايّام فى الشهر والسرّ فى عدم جريان الاستصحاب العلم بانتقاض الحالة السّابقة اما فى زمان الشكّ او فى سابقه وكما لا يجرى الاستصحاب المذكور لا يجرى استصحابات أخر كاصالة عدم المانع وعدم الحدث وعدم خروج دم الحيض مع كون الاصل مثبتا فى بعضها فلا بدّ من الرّجوع فى الزّمان المزبور الى اصالة الاباحة وامّا فى الصّلاة فيجرى اصالة البراءة لا اصالة الاباحة وفى بعض الحواشى انّه اذا بقى من الشّهر مقدار ثلاثة ايّام فاذا مضى جزء من هذا المقدار يحصل للمرأة القطع بكونها حائضا امّا فى هذا الزمان او فى سابقه فيتعيّن عليها استصحاب الحيض ولا معنى للرّجوع الى اصالة الاباحة وفيه انّه لا بدّ فى الاستصحاب من القطع بثبوت المستصحب فى الزّمان السّابق المتصل بزمان الشكّ ومن المعلوم عدم القطع به كذلك لاحتمال كونها حائضا فى اوّل الشهر الى ثلاثة منه مثلا وذلك ظاهر هذا ولكن يمكن الخدشة فيما ذكره المصنّف بانّه اذا كان العلم الاجمالى وجوده كالعدم بحيث يجوز المخالفة القطعيّة فيه فلا مانع من الرّجوع الى الاستصحاب المذكور ايضا فى زمان بقاء مقدار الحيض فى آخر الشّهر ايضا وح فلا معنى للرّجوع الى اصالة الاباحة والبراءة لتقدم الاستصحاب عليهما قوله الى اصالة الاباحة والفساد الرّجوع الى اصالة الاباحة فيما اذا شكّ فى كون ايقاع العقد الرّبوى حراما ذاتيّا فيرجع فيه الى اصالة الاباحة بخلاف ما اذا شكّ فيه من حيث الحرمة التشريعيّة فانه لا يجرى فيه اصالة الاباحة واما اصالة الفساد فهى الاصل المسلم بينهم فى كلّ ما شكّ فى صحّته وفساده وهو راجع الى استصحاب عدم ترتب الأثر كالنّقل والانتقال وغير ذلك قوله لأنّ فساد الرّبا ليس دائرا مدار الحكم التكليفى يعنى حرمة ايقاع العقد لجواز كون ايقاع العقد جائزا مع عدم ترتب الأثر عليه نعم هو والصّحة دائران مدار جواز التصرّف وعدمه بل منتزعان منهما بناء على عدم مجعوليّة الاحكام الوضعيّة كما هو المشهود قوله والصغر على وجه يعنى بناء على صحّة معاملات الصّبى فى الجملة فانّ البيع الرّبوى وغيره من المحرّمات الصّادرة منه فاسدة لا يترتب عليها الاثر مع عدم كونه معاقبا على

٢٥١

ايقاع المعاملات المزبورة من جهة رفع القلم عنه وكذلك اذا كان جاهلا قاصرا او ناسيا قوله وان قلنا بجواز الرّجوع الى العام اه يعنى فيما اذا شكّ فى شيء يصدق عليه عنوان العام قطعا انه من مصاديق الخاصّ ايضا ام لا من جهة اشتباه الأمور الخارجية كما اذا ورد اكرم العلماء مثلا ولا تكرم فسّاقهم وشكّ فى زيد العالم انّه فاسق ام لا من جهة عدم الاطّلاع بحاله لا من جهة عدم العلم بمفهوم الفسق وامّا اذا شكّ فى زيد انّه عالم او جاهل فاسق او غير فاسق فلم يقل احد فيه بالتمسّك بعموم العام قوله لكنّ الظاهر الفرق بين الأصول اللفظيّة والعمليّة لأنّ اصل الاباحة مثلا حجّة من باب التعبّد وقوله ع كلّ شىء لك حلال اه وهذا ليس مقيّدا الّا بعدم العلم بالحرام المنجّز فاذا كان وجود العلم الاجمالى كعدمه من جهة عدم كونه منجزا للتّكليف من جهة خروج بعض اطرافه عن محلّ الابتلاء كان المعلوم بالاجمال داخلا فى المغيّا ومحكوما بالحليّة الظاهريّة بخلاف الاصول اللفظيّة فانّ حجّيتها من باب الظهور اللّفظى ومع وجود العلم الاجمالى وان كان غير منجز لا يبقى ظهور لكن يمكن ان يقال فى المشتبهات التدريجيّة الّتى كلامنا فيها بعدم اعتناء العرف باحتمال خروجها عن العمومات وعدم مصادمتها للظهور العرفى فى العموم وكان قوله قدس‌سره فتامل اشارة الى هذا قلت ولم يذكر فى بعض النسخ قوله وان قلنا بجواز الرّجوع الى العام عند الشكّ فى مصداق ما خرج عنه وعليه فيمكن ان يكون وجه التامّل عدم جواز التمسّك بالعموم فى الشبهات الموضوعيّة ولو كان الشكّ بدويا كما اشار اليه شيخنا قدس‌سره قوله كما فى الخنثى العالم اجمالا يعنى على تقدير عدم كونها ـ طبيعة ثالثة لعدم العلم الاجمالى على تقدير كونها كذلك قوله لأصالة الحل وان استشكل فيه فى اوائل الكتاب بانّه نقض لغرض الشارع وحفظ النظام يقتضى عدم اختلاط الخنثى بالنّساء والرّجال قوله على عدم العموم فى آية الغض فان الظّاهر انّ المحذوف المتعلّق بالغض فى آية غض المؤمنين هو النساء خاصة وفى آية غض المؤمنات هو الرّجال خاصّة فليس حذف المتعلّق فيهما للتعميم مع الاختصار انه لو حكم بالعموم يلزم تخصيص الاكثر وفى بعض النسخ فى آية الغض للرّجال قوله وعدم جواز التمسّك بعموم آية ابداء الزينة صريح عبارته تسليم العموم فى آية ابداء الزينة دون آية الغضّ ولعلّ تسليم العموم فى الآية المذكورة لاجل انّه قد استثنى

٢٥٢

فيها قوله تعالى او نسائهنّ بناء على ان يكون المراد منه المسلمات الحرّات فيفهم منه كون المراد من حرمة ابداء الزّينة على النّساء وحرمته للرّجال والنّساء معا الّا ما استثنى فاذا شكّ فى الخنثى انّها امرأة حرّة مسلمة او رجل فلا يجوز التمسّك بالعموم لأنّ الشكّ فى مصداق المخصّص وهو قوله تعالى او نسائهنّ ولا يجوز التمسّك بالعموم فى الشبهات الموضوعيّة الّا على مذهب بعضهم المضعّف فى محلّه او لخروج المماثل فى الايتين والشكّ فى مصداقه ولا يحتاج الى ما ذكرنا من التّوجيه ولا يخفى انّه يمكن تصوّر العموم فى صدر الآية قل للمؤمنات يغضضن من ابصارهنّ ايضا بان يكون المراد الامر بغضّ النّساء البصر عن الرّجال والنّساء الّا ما استثنى بالقرينة المزبورة فتدبّر ولا يجوز التمسّك بالعموم المذكور ايضا فى مسئلة الخنثى لما ذكر فقول المصنّف وعدم جواز التمسّك بعموم آية حرمة ابداء الزّينة المشعر بعدم التزام العموم فى سابقها لا يخلو عن شيء ويزيد الأشعار لو ضرب قوله للرّجال فى السّابق كما هو كذلك فى نسختنا بل يمكن تصوير العموم فى آية غضّ المؤمنين ايضا على البيان المزبور هذا على تقدير كون المراد بالشبهة الموضوعية هو الشكّ فى مصداق المخصّص الّذى جوّز بعضهم التمسّك بالعموم فيه وهو المستفاد من كلام المصنّف وامّا على تقدير كون الشكّ فى مصداق العام الّذى لا يجوز التمسّك بالعموم فيه قولا واحد كما يظهر من بعض المحشّين فلا يخفى فرض العموم والشكّ فى مصداقه فى آيتى الغضّ وحرمة ابداء الزّنية جميعا ويرد المناقشة على هذا فى كلام المصنّف بانّ المقصود اثبات حرمة نظر كلّ من الرّجال والنّساء اليها والآية لا تدلّ عليها فتدبّر والله العالم قوله لوجوب احراز الرّجوليّة اه ولا يجرى اصالة عدم الرجوليّة ولا الأنوثيّة لعدم الحالة السّابقة قوله بعلم المكلف بتوجه الخطاب اليه تفصيلا بان يكون التوجه اليه بطريق التفصيل بان لا يكون المكلّف مشتبها وان تردد التكليف قوله فانّ دعوى عدم شمول اه تعليل لضعف الدّعوى الاولى وقوله كما ترى امّا من جهة ما يستفاد من المصنّف عن قريب من العلم بوجوب حفظ الفرج من النظر والزّنا على كلّ احد وامّا لما قيل من انّ ندرة الوجود لا يوجب الانصراف ما لم ينضم اليها ندرة الاستعمال وهى غير معلومة قوله انّ ظاهر كلام الاصحاب التسوية اه تفصيل الكلام فى ذلك انّه

٢٥٣

اذ اقتضى الاصل الحرمة فى كلّ واحد من المشتبهين فى نفسه بان كانا مسبوقين بالنّجاسة او الحرمة فهناك احتمالان الاوّل كونه داخلا فى محل النّزاع وهو ظاهر كلام الأصحاب حيث انّهم لم يفضلوا بين المقامين فالقائل بوجوب الاجتناب فى غير المقام يقول به فى المقام ايضا كما انّ القائل بالاباحة يقول بها فى المقامين امّا القول بوجوب الاجتناب فى المقام فلاحد وجوه ثلاثة اما لأنّ اصالة الحرمة فى احد المشتبهين معارضة باصالتها فى الآخر فيتساقطان فيبقى الاحتياط لاجل العلم الاجمالى بوجود الحرام الموجب له كما فى غير المقام وهذا الوجه هو الّذى اشار اليه المصنّف وامّا لجريان الاستصحابين كليهما من جهة ان جريانهما لا مانع فيه اذ العلم الاجمالى بوجود المباح لا يثمر شيئا ولا يكون مانعا عن الجريان لعدم لزوم المخالفة القطعيّة فى العمل والمخالفة الالتزاميّة لا ضير فيها وهذا الوجه مشترك مع الاول فى وجوب الاجتناب عن المشتبهين لكن من باب الاحتياط فى الأوّل ومن باب الاستصحاب فى الثانى والفرق بينهما غير خفى ويمكن استفادة هذا الوجه ايضا من قوله فى مقام بيان الاحتمال الثانى ولا يلزم هنا مخالفة قطعيّة فى العمل اه وكذلك فى غير موضع من كلماته فى باب فروع العلم الاجمالى وفى دوران الأمر بين المحذورين وفى باب الاستصحاب وامّا من جهة الاحتياط فى الحكم الظّاهرى من جهة العلم الاجمالى بانتقاض احد الاستصحابين لانّ العلم الاجمالى بحلية احد المشتبهين ناقض له ونعلم بجريان احد الاستصحابين فى الواقع فنحتاط بالعمل بكلا الاستصحابين مقدمة للادراك الاستصحاب الجارى فى الواقع وهذا اضعف الوجوه وامّا القول بالرّجوع الى البراءة فلاجل انّ الاستصحابين كالعدم لأجل التعارض الموجب للتساقط فيجمع بين قوله ع كلّ شىء لك حلال حتى تعلم بعد حمل الغاية على العلم التفصيلى وحكم العقل بحرمة المخالفة القطعيّة فيرجع الى اصالة الاباحة تخييرا كما ذكرنا او يجتنب ارتكاب الجميع لاستلزامه العلم بارتكاب الحرام وهو حرام كما نقله السّابق عن بعضهم او لأجل الأخبار الدالّة على حلّية المال المختلط بالحرام حيث انّها تدلّ على الرّجوع الى الاباحة والبراءة فى مورد كان الاصل فى المشتبهين الحرمة الاحتمال الثانى كون القائلين بالبراءة والاباحة فى الشبهة المحصورة الى ان تلزم المخالفة القطعيّة موافقين للقائلين بوجوب الاجتناب فى المقام من جهة عدم المانع من جريان

٢٥٤

الاصلين لعدم المخالفة القطعيّة فى العمل وجواز المخالفة الالتزاميّة وهذا هو الّذى اشار اليه المصنّف ره بقوله ويمكن الفرق لكن هذا خلاف ظاهر كلماتهم لعدم تفصيلهم بين المقامين كما اشار اليه المصنّف ايضا وانقدح ممّا ذكر احتمال ثالث وهو انّ القائل بالبراءة إن كان مستندا الى الأخبار الواردة فى المال المختلط او ذاهبا الى كون المخالفة الالتزاميّة مضرة فلا بدّ له من رجوعه الى البراءة فى المقام وان لم يستند اليها ولم تكن المخالفة الالتزامية مضرة عنده فلا بدّ له من القول بوجوب الاجتناب من جهة جريان الأصلين فتامل قوله لأنّ المفروض عدم جريان الاصل فيهما يمكن حمله على كونه علة للتسوية بين المقامين على كلا القولين الاحتياط والبراءة وقد عرفت فى الحاشية السّابقة تطبيق التعليل عليهما ويمكن كونه تعليلا على التسوية على القول بالبراءة فقط بل هو الصق به لانّ القول بوجوب الاجتناب فى صورة كون الأصل فى المشتبهين الحلية يستلزم القول به فى صورة كون الاصل فيهما الحرمة بل هو كالبديهىّ فلا يحتاج الى التنبيه عليه بالتعليل المزبور فيكون الغرض من التعليل دفع توهّم عدم امكان الرّجوع الى البراءة من جهة وجود الاصلين الموجبين للاجتناب بان وجودهما كالعدم فيمكن الرّجوع الى البراءة قوله خصوصا اذا وافق الاحتياط يعنى فى وجوب الاجتناب فى مرحلة الظاهر وان كان بين الرّجوع الى الاستصحاب والرّجوع الى الاحتياط فرقان عظيم من جهة ترتيب آثار الواقع الّتى منها نجاسة الملاقى على الاوّل دون الثانى قوله ربّما يظهر منه التعميم بناء على كون الاصل فى المشتبهين فى المال المختلط التّحريم من جهة كون الحلية محتاجة الى السّبب والاصل عدمه قوله وعلى التخصيص فيخرج اه يعنى على تقدير تخصيص النزاع فى البراءة والاحتياط بصورة كون الاصل فى المشتبهين الحلية والطهارة وخروج مورد كون الاصل فى المشتبهين الحرمة والنجاسة عن محل النزاع يخرج الامثلة ـ المذكورة عنه بمعنى انّهم متفقون فيها وفى امثالها على الاحتياط ففى المثال الاوّل الاصل عدم وجود سبب الحلّ وهو النكاح الصّحيح او ملكيّة اليمين وفى المثال الثانى عدم التذكية وفى المثال الثالث عدم وجود سبب الحلّ وفى الرّابع عدم وجود سبب حقن الدّم وفى الخامس استصحاب النجاسة قوله وربما يقال اه نسبه شيخنا الى المحقق المحشى على المعالم فى آخر بحث مقدّمة الواجب وبعضهم الى المحقق السّبزوارى فى رسالته فى مقدمة الواجب قوله وفيه نظر لأنّ

٢٥٥

كلماتهم مطلقة شاملة لجميع الصّور قوله المحقق البهبهانى فى فوائده حيث قال على ما حكى الاجماع واقع على عدم وجوب الاجتناب عن غير المحصور ولا ريب فيه ومدار المسلمين فى الاعصار والامصار كان على عدم وجوب الاجتناب وفى محكى حاشيته على المدارك الاجماع وضرورة الدّين وطريقة المسلمين فى الاعصار والامصار (١) وزاد بعضهم دعوى الضّرورة وقد عرفتها عن المحقق البهبهانى فى حاشية المدارك ايضا قوله وهو كاف فى المسألة بناء على القاعدة الّتى ذكرها فى باب الاجماع المنقول تبعا لبعض المحقّقين فى رسالته من انه قد يكون مجموع المحصل والمنقول لو حصّل مستلزما عادة لقول المعصوم ع او وجود دليل معتبر فيكون حجّة بادعاء كون المقام من ذلك ولا ريب فيه بل يمكن كون الاجماع محصّلا وقد اعترف المصنّف فى باب اصل البراءة وفى باب خبر الواحد بتحصيل الاجماع من الاجماعات المنقولة المستفيضة فيهما فكان عليه ذلك فى المقام وقد ناقشنا المصنّف فى باب حجّية الظنّ الحاصل من قول اللغويين حيث استشكل فيها بانّه لا وجه للاستشكال مع انّ الاجماعات المنقولة فيها فوق حد الاستفاضة وقد ظهر مما ذكرنا ان وجه الكفاية ما ذكرنا ولا فرق فى الكفاية بين كون المسألة فرعيّة كما هو الظاهر او اصوليّة وقد ذكر بعض المحشّين بل يوجد فى حاشية الاستاد ايضا ان وجه الكفاية كونه مستفيضا معتضدا بغيره وكون المسألة فقهيّة ولا يخفى عدم كفاية ذلك وإن كانت المسألة فرعيّة الّا ان يرجع الى ما ذكرنا قوله وليس فيه امتنانا على احد يعنى ليس فى ارتفاعه عمّن هو عليه فى غاية السهولة امتنانا على احد لا عليه ولا على غيره امّا على غيره فواضح اذ ليس فى ارتفاعه عنه امتنانا على غيره وامّا عليه فلكونه سهلا عليه فلا معنى لتفويت الواقع عليه مع عدم كونه عسرا عليه مع ما تقرر من تبعية الاحكام للمصالح والمفاسد ولو جاز تفويت الواقع عليه لأجل السّهولة لجاز ارتفاع جميع الاحكام على الجميع لأجل السّهولة وفى ذلك ابطال للتكليف راسا قوله ولا يرد منه حرج على الاغلب يعنى اذا كان معلوما تفصيلا وكذلك اذا كان مشتبها بالشبهة المحصورة قوله فى صورة اشتباهه ايضا يعنى مع عدم الانحصار او مطلقا مع حمل الاول على ما اذا كان معلوما تفصيلا قوله الّا دليل حرمة ذلك الموضوع يعنى بضميمة حكم العقل بوجوب الاحتياط قوله يقتضى الدليل المتقدم يعنى العقل الحاكم

__________________

(١) قوله

٢٥٦

بوجوب الاجتناب مطلقا مع العلم بوجود العنوان الواقعى قوله وان عمّمت الشبهة المحصورة يفهم من المحدّث البحرينى فى الحدائق اختصاص اخبار الحلية مثل صحيحة عبد الله بن سنان وغيرها بغير المحصور واخبار وجوب الاجتناب بالمحصور بل صرّح بذلك فى الدرّة النجفيّة وصرّح فيها فى الجواب الثانى بانّ اخبار الحلية على تقدير شمولها لمطلق الشبهات تخصّص بالاخبار الدالة على وجوب الاجتناب المختصة بالمحصور من جهة لزوم تخصيص العام بالخاصّ قوله وبين ما دلّ على وجوب الاجتناب بقول مطلق يحتمل ان يريد به الأخبار العامّة او الخاصّة الدالّة على وجوب اجتناب الشبهات المقرونة بالعلم الاجمالى فقط سواء كانت محصورة او غير محصورة مثل قوله ما اجتمع الحرام والحلال اه وقوله ع حتى يجيئك شاهدان انّ فيه الميتة وغيرهما ممّا ذكره المصنّف وغيره ويحتمل ان يريد به الأخبار الدالة على التّوقف والاحتياط فى كلّ شبهة ويحتمل ان يريد به الجميع وهو اولى قوله وفيه اولا ان المستند فى وجوب الاجتناب فى المحصور اه يعنى ان المقتضى لوجوب الاجتناب هو ادلّة الاجتناب عن المحرمات الواقعيّة مثل اجتنب عن النّجس والخمر وغيرهما بضميمة حكم العقل بوجوب الاجتناب عن جميع اطراف الشبهة من باب المقدّمة العلميّة وهذا الحكم العقلى لا يعارضه اخبار حل الشبهة مثل قوله ع كلّ شىء لك حلال وغيرها اذ قد عرفت عدم امكان شمولها لصورة العلم الاجمالى لاستلزامه جواز المخالفة القطعيّة الممنوع قطعا فلا معنى للجمع بينهما بما ذكر فى الاستدلال لأنّ الاحتياج الى الجمع فرع المعارضة المتوقفة على شمول اخبار الحليّة لصورة العلم الاجمالى ولا يخفى انه مع عدم شمول اخبار الحليّة لصورة العلم الاجمالى يتم الجواب على تقدير كون دليل وجوب الاجتناب عن الشبهات المقرونة بالعلم الاجمالى هو الأخبار الخاصّة الواردة فى الشبهات المحصورة فى الموارد الخاصّة الّتى قد سمعت انّ صاحب الحدائق جعلها دليلا مستقلا على المطلب او الأخبار العامة الواردة فى صورة العلم الاجمالى فقط مثل صحيحة عبد الله بن سنان ورواية ضريس وقوله ع ما اجتمع الحرام والحلال وغيرها او الأخبار الدالة على وجوب التوقف والاحتياط فى كلّ شبهة وح فبناء الجواب على كون الدليل هو حكم العقل المزبور فقط ليس على ما ينبغى ويمكن دفعه بانّ المعتمد عنده قدّس سره لما كان فى وجوب الاجتناب

٢٥٧

هو حكم العقل فاقتصر عليه وامّا الأخبار الدالّة على التوقف والاحتياط فقد عرفت انّها محمولة على القدر المشترك الارشادى فلا دلالة فيها على وجوب الاحتياط فى الشبهة المحصورة لعدم دلالة العام على الخاصّ وامّا الأخبار الواردة فى موارد الخاصّة فلا يفيد استقرائها القطع بوجوب الاجتناب عن جميع الموارد والاستقراء الظنى لا دليل على حجيّته وامّا الأخبار المختصّة بصورة العلم الاجمالى فهى وان كانت ما بين معتبرة بحسب السّند وضعيفة منجرة بالشّهرة على ما سمعت الّا انّه لم يظهر للمصنّف كثير اعتماد بها ولذا قال فى السّابق سيما مع اعتضاد القاعدة بوجهين آخرين هما كالدّليل على المطلب وساق الأخبار المذكورة ومنه يظهر انّ ما ذكره شيخنا قدّس سره فى الحاشية من ان قصر شيخنا على حكم العقل لعلّه مبنىّ على المناقشة فى سند الرّواية من حيث ارسالها فتدبّر ليس على ما ينبغى ولعله لذا امر بالتدبّر ثم انّ الاولى عدم ذكر قوله فى المحصور لأنّ حكم العقل بوجوب الاجتناب لا يفرق فيه بين المحصور وغيره كما يأتى فى بيان وجه التأمّل الآتي عن قريب غايته الأمر خروج غير المحصور بالاجماع وغيره قوله وثانيا لو سلمنا شمولها لصورة العلم اه هذا الجواب مبنىّ على الاغماض عمّا ذكر من عدم شمول اخبار الحليّة لصورة العلم الاجمالى سواء كانت الشبهة محصورة او غيرها وعلى كون الدليل على وجوب الاجتناب عن الشبهة المقرونة بالعلم الاجمالى هو الأخبار الآمرة بالتوقف والاحتياط بحملها على الوجوب الشّرعى المولوى وتوضيحه ان بين الدليلين المزبورين وان كان تباينا كليّا من جهة دلالة الاولى على البراءة كليّة والثانية على الاحتياط كل لكن بعد اخراج الشبهة الابتدائيّة الوجوبيّة والموضوعيّة مطلقا عن الثانية اجماعا حتى من الأخباريّين او مطلقا عنها اجماعا بناء على عدم قدح خروجهم تنقلب النسبة وتصير اخبار الاحتياط والتوقف اخصّ فتخصّص الأخبار الاوّلة بها فتكون النتيجة الاحتياط فى الشبهة الغير المحصورة ويمكن المناقشة فيه بانّ الشّبهات الابتدائية الحكمية بعد الفحص والموضوعيّة مطلقا داخلان فى اخبار الحلّية وخارجان عن الثانية بالاجماع والشبهات الحكمية مطلقا قبل الفحص وفيما اذا كان الشخص متمكّنا من الرّجوع الى الامام ع وغير ذلك داخلة فى اخبار التوقف والاحتياط وخارجة عن اخبار الحلّية بالاجماع ايضا ويقع التعارض بينهما فى صورة العلم الاجمالى مطلقا فيكون بينهما عموما من وجه بعد تخصيص الطرفين بما ذكر فلا بدّ من الرّجوع الى المرجّحات هذا مع انه لا داعى

٢٥٨

فى ملاحظة اخبار التوقف والاحتياط المقدوحة دلالتها على الوجوب عنده فالاولى جعل المعارض لأخبار الحلّية هو الأخبار الواردة فى صورة العلم الاجمالى فقط عموما خصوصا وقد ذكر انّها كالدّليل على المطلب ولا شبهة فى كونها اخصّ من اخبار الحليّة لاحرازه فيخصص اخبار الحليّة بها وتكون النتيجة وجوب الاجتناب فى صورة العلم الاجمالى مطلقا قوله والحاصل ان اخبار الحل نص اه هذا الكلام اشارة الى الجواب الثالث ومبنىّ الى الإغماض عمّا ذكره فى الجواب الاوّل والثّانى وعلى كون التعارض بين اخبار الحلّية والأخبار العامّة الدالّة على التوقّف والاحتياط لا الأخبار المخصوصة بصورة العلم الاجمالى وعلى كون التعارض بينهما تباينيّا وح فالتعبير بقوله والحاصل فى غير محلّه وتوضيح ذلك انّ اخبار الحل نصّ فى الشبهة الابتدائية بمعنى انّ القدر المتيقّن منها تلك ليس المراد النصّ المعروف وهو ان لا يحتمل غيره واخبار الاحتياط والتوقّف نصّ فى شبهة المحصورة بالمعنى المزبور وكلاهما ظاهران فى الشبهة الغير المحصورة ولا يخفى انّه لا بدّ فى التعارض المذكور الى الرّجوع الى المرجّحات المنصوصة وغيرها وعلى تقدير عدمها التخيير ومن المعلوم ان الترجيح لاخبار الحلّية من جهة الشهرة الفتوائية والاجماع المنقول غيرهما فلا بدّ من الحكم بعدم وجوب الاجتناب فى الشبهة الغير المحصورة فقوله بل ترجيحا بلا مرجّح ليس على ما ينبغى نعم ليس ما ذكر جمعا بل ترجيحا بالمرجّح الشرعى نعم على القول بالتساقط التوقّف فى تعارض الخبرين مطلقا لا بدّ ان يرجع الى الاصل مع عدم وجود العامّ الاعمّ فيكون المرجع حكم العقل بوجوب التوقف والاحتياط فى كلّ شبهة مقرونة بالعلم الاجمالى لكنه مجرد فرض غير واقع قوله الّا ان يقال ان اكثر افراد الشبهة اه فانه يعلم غالبا وجود الحرام او النّجس فى الوقائع المجهولة مع عدم الحصر فيرجع اكثر افراد الشبهة الابتدائية الى الشبهة الغير المحصورة وما بقى من الشبهات الابتدائية الّتى لا ترجع الى الشبهة الغير المحصورة قليل فى الغاية فلو كانت الشبهات الغير المحصورة خارجة عن اخبار الحل وداخلة فى اخبار وجوب الاجتناب لزم تخصيص اخبار الحل بالموارد النادرة وهو ينافى كثرة الأخبار المذكورة الموجبة لكثرة الاهتمام بها فلا بدّ من الحكم بدخول الشبهات الغير المحصورة فى اخبار الحل لئلا يلزم المحذور المذكور قوله فتدبّر وجهه عدم رجوع الشبهة البدويّة

٢٥٩

الى الشبهة الغير المحصورة اصلا لأنّ الشكّ فى الشبهات المقرونة بالعلم الاجمالى انما حصل منه وفى الشبهات البدويّة منشأ الشك بشيء آخر لا وجود العلم الاجمالى بحيث لو لم يكن علم اجمالى اصلا حصل الشكّ لوجود منشئه كاحتمال ملاقاته للنّجاسة مثلا فلو علم اجمالا بوجود قطرة من البول فى احد الإناءين بحيث لا يحتمل وقوعه فى غيرهما ثم شك فى اناء ثالث فى وقوع قطرة اخرى من البول فيه لا يشكّ احد فى انّ الشكّ الاخير بدوى لعدم كون العلم الاجمالى سببا له كما لا شكّ فى انّ الشكّ فى احد الإناءين ليس كذلك لكونه سببا له ويمكن ان يكون وجهه ما اشار اليه شيخنا قدّس سره بعد ان اشار الى الاول وذكره غيره ايضا من خروج بعض الاطراف عن محلّ الابتلاء ومعه لا يكون العلم الاجمالى منجزا مع الحصر فكيف مع عدمه لكن هذان الوجهان انّما يتوجّهان على تقدير اختصاص الكلام فى المقام بالشّبهة الموضوعيّة والّا فقد سبق من المصنّف ومن شيخنا ايضا فى مقام نقل استدلال الأخباريّين على وجوب الاحتياط فى الشبهة التحريميّة التكليفة وفى مقام الجواب عنه برجوع الشكّ فيها الى الشكّ فى المكلّف به من جهة العلم الاجمالى بوجود محرّمات فى الشّريعة غاية الامر ان المصنّف ادّعى انحلال العلم الاجمالى بعد قيام الامارات الظنّية ولا مساغ لادعاء خروج بعض الأطراف فيها عن محلّ الابتلاء لأنّ الشّبهات الحكميّة كلّها محلّ الابتلاء ولو من جهة لزوم حفظ الأحكام فتدبر والله العالم قوله مثل ما عن محاسن البرقى رواه فى الدرّة ـ النجفيّة والحدائق عن المحاسن عن ابى الجارود عنه ع والانصاف ظهور الرّواية فى عدم وجوب الاجتناب عن الشبهة الغير المحصورة لظهورها فى انّ منشأ الشكّ جعل الميتة فى الجبنّ فى بعض الاماكن فيكون المشكوك من اطراف الشبهة الّتى كان العلم الاجمالى سببا لها وهو المناط فى تميز الشبهة المقرونة والشبهة الابتدائية كما سمعت عن قريب ويدلّ على ذلك كثرة السّئوال عن الجبنّ فى الروايات وورود روايات متعددة فى ذلك والاهتمام بشأنه بل جعل فى الدرّة النجفيّة ورود قوله عليه‌السلام كلّ شىء فيه حلال وحرام فهو لك حلال فى روايات الجبنّ قرينته على حمله على الشبهة الغير المحصورة فيدلّ كثرة السّئوال والجواب على كونه من قبيل الشبهة (١) المحصورة اذ كون الحكم فى الشبهات الابتدائية

__________________

(١) الغير

٢٦٠