إيضاح الفرائد - ج ٢

السيّد محمّد التنكابني

إيضاح الفرائد - ج ٢

المؤلف:

السيّد محمّد التنكابني


الموضوع : أصول الفقه
المطبعة: المطبعة الإسلاميّة
الطبعة: ٠
الصفحات: ١٠٦٩
الجزء ١ الجزء ٢

الطّرح فيه من حيث الالتزام او العمل احتمالا او قطعا لأنّه لا بدّ فيه من الطّرح وكونه مستلزما له دائما ومن المعلوم اجتماع ذلك مع الحكم بالتخيير الظاهرى وسيأتى توضيحه عن قريب قوله وان انتصر للشيخ بعض اه هو سلطان المحقّقين فى حاشية على المعالم وتبعه فى القوانين والفصول قال فيها هذا مم فى العمل اذ كلّ طائفة حكمت بحكم يمنع صحّة قول الآخر ولا ينافى ذلك تجويزها العمل بما قال الآخر لمن لا يظهر عليه الخطاء وان كان خطاء فى الواقع والحاصل انّ التخيير فى العمل ليس قولا ثالثا فى المسألة بل ليس قولا اصلا فى المسألة وانّما هو طريق العمل وكيفيته مع الجهل بالحكم نعم لو قال الشيخ انّ الحكم الواقعى فى المسألة التخيير لكان منافيا لقول الإمام ع فى حكم المسألة لأنّه ع حكم معينا قطعا فى المسألة والظاهر انّ مراد الشيخ التخيير فى العمل كما ذكرنا كيف وقد صرّح به فى عبادته المنقولة فتامّل انتهى قلت يمكن تقرير اولوية التخيير الظاهرى من الرّجوع الى الأصل من خطر او اباحة ببيان النسب وهو ان الصّور ثلث إحداها صورة دوران الامر بين الوجوب وغير التّحريم وثانيتها صورة دوران الامر بين التحريم وغير الوجوب وثالثتها صورة دوران الامر بين الوجوب والتّحريم ففى الصّورة الاولى لو رجعنا الى اصل الاباحة وحصل منا الفعل فى بعض الوقائع الأخر والترك فى بعض الوقائع حصلت الموافقة الاحتمالية التزاما وعملا والمخالفة ايضا كذلك فان قلنا بالإباحة بالمعنى الأخصّ حصلت المخالفة القطعيّة الالتزاميّة فى بعض صورها كما لا يخفى وان قلنا بالحظر فى الصّورة المزبورة حصلت المخالفة الالتزاميّة القطعيّة فى جميع صورها والمخالفة العملية الاحتماليّة وهذا بخلاف ما اذا رجعنا الى التخيير فان فيه المخالفة الالتزاميّة والعمليّة الاحتمالية فى جميع صورها وامّا فى الصّورة الثانية فلو رجعنا الى الاباحة حصلت الموافقة الاحتمالية والمخالفة الاحتمالية التزاما وعملا لكن لو قلنا بالاباحة الخاصة حصلت المخالفة الالتزاميّة القطعيّة فى بعض صورها كالسّابقة ولو رجعنا الى الخطر كان فيه الموافقة الاحتمالية التزاما وعملا والمخالفة ايضا كذلك وكذلك اذا رجعنا الى التخيير وامّا فى الصّورة الثالثة فلو اخذنا بالتخيير كان فى كلّ واقعة موافقة احتمالية التزاميّة وعمليّة وفى الواقعتين مع الفعل فى إحداها والترك فى الأخرى مخالفة

٢٠١

عمليّة قطعيّة مع الاخذ بما يمكن الاخذ به من قول الإمام عليه السّلم بخلاف ما لو اخذنا بالإباحة فان فيه الاخذ بالمخالفة الالتزاميّة القطعيّة فى كلّ واقعة والمخالفة القطعيّة العمليّة فى واقعتين من غير تعبد بما يمكن الأخذ به واذا رجعنا الى الخطر كان فيه الموافقة الاحتماليّة فى كلّ واقعة والمخالفة القطعيّة العمليّة فى واقعتين من غير تعبد بما يمكن الاخذ به هذا على تقدير شمول كلام الشيخ كما هو مقتضى اطلاقه تخييرا ورجوعا الى الاباحة والخطر لجميع الصّور المزبورة قوله قال فى العدّة واذا اختلفت الامة اه عبادة العدة هكذا واعلم ان الطّائفة اذ اختلفت على قولين وجوزنا كون المعصوم ع داخلا فى كل واحد من الفريقين فانّ ذلك لا يكون اجماعا ولأصحابنا فى ذلك اه قوله ووجب التمسّك بمقتضى العقل من خطر او اباحة اه اشار بذلك الى ما ذكروا فى مسئلة انّ الاشياء على الخطر او الاباحة قبل العثور على الشّرع وفرضوا ذلك فى الاشياء الخالية عن امارة المضرة والمشتملة على منفعة ما فلا بدّ من فرضها فى صورة الدّوران بدوا بين الاباحة والخطر فقيل بالاباحة وقيل بالخطر وقيل بالتوقف ولا ريب ان ذلك انّما ينطبق على الصّورة الثانية من الصّور الثلث الّتى قدمنا ذكرها وهى صورة دوران الامر بين التّحريم وغير الوجوب دون غيرها من الصّور مع ان كلام الشيخ مطلق شامل لجميع صور اختلاف الطّائفة على قولين ويمكن دفع الأشكال المزبور بان مقصود القائل انه يطرح القولان راسا وتفرض المسألة كان لم يكن فيها قول اصلا فيتحقق موضوع المسألة المتنازع فيها ولذا اورد عليه الشيخ ان الفرض لا يغير الواقع فمع العلم بانّ الامام ع مع احدى الطّائفتين كيف يمكن اسقاطهما وفرض المسألة كان لم يكن فيها قول اصلا قوله وهذا القول ليس بقوى قال فى العدّة وهذا المذهب ليس بقوى عندى لأنّهم اذا اختلفوا على قولين علم ان قول الإمام موافق لأحدهما لا محالة لأنّه لا يجوز ان يكون قوله خارجا عن القولين لأنّ ذلك ينقض كونهم مجمعين على قولين واذا علمنا دخول قول الإمام فى جملة القولين كيف يجوز اطراحهما والعمل بمقتضى العقل ولو جاز ذلك لجاز ايضا ان يتعيّن قول الامام ع ومع ذلك يجوز لنا تركه والعمل بما فى العقل وذلك باطل بالاتفاق قوله وذلك يجرى مجرى خبرين اذا تعارضا قال فى العدة بعد ذلك ولا

٢٠٢

يكون لأحدهما مزيّة على الآخر فانا نكون مخيّرين فى العمل بهما وهذا الّذى يقوى فى نفسى قوله وما ذكره من التفريع اقوى شاهد اه لا يخفى ان فيه وان كان شهادة على ما ذكره من التخيير الواقعى لكن تنظيره بالخبرين اذا تعارضا شاهد قوى على ارادة التخيير الظّاهرى مع انه لا يعقل التخيير الواقعى مع القطع بانّ الواقع امّا الوجوب وامّا الحرمة مثلا وقد فرض فى كلامه كون الإمام ع مع احدهما قطعا وح فلا بدّ من حمل التفريع على الغفلة اذ هو اهون من ارتكاب التخيير الواقعى الغير المعقول هذا ولكن المستفاد من بعض كلمات الشيخ فى العدّة هو ارادة التخيير الواقعى قال فى هذا المقام بعد التّفريع المذكور فامّا اذا اجمعوا على قول فلا يجوز ان يراعى الخلاف الّذى بعده لأن بالإجماع الأوّل على قول الامام ع فى تلك المسألة واذا علم علم انّه الحجّة فكلّ قول يخالفه يجب ان يحكم بفساده وكذلك اذا اجمعوا على قولين فاحداث القول الثالث والرّابع ينبغى ان يكون فسادا لأنّ قول المعصوم موافق للقولين والقول الثالث والرّابع بخلافه وقال فى مقام بيان كيفيّة العلم بالإجماع فان كان فى الفريقين اقوام لا نعرف اعيانهم ولا انسابهم وهم مع ذلك مختلفون كانت المسألة من باب ما يكون فيها مخيّرين باىّ القولين شئنا اخذنا ويجرى ذلك مجرى الخبرين المتعارضين الّذين لا ترجيح لاحدهما على الآخر وانّما قلنا ذلك لأنّه لو كان الحق فى احدهما لوجب ان يكون ممّا يمكن الوصول اليه فلما لم يمكن دلّ على انّه من باب التخيير ومتى فرضنا ان يكون الحق فى واحد من الاقوال ولم يكن هناك ما يميّز ذلك القول عن غيره فلا يجوز للإمام المعصوم الاستتار ووجب عليه ان يظهر ويبيّن الحق فى تلك المسألة اه وقال فى موضع آخر من المقام المذكور ولا ينقض هذا ما قدّمناه من اختلاف الطّائفة على قولين ولا يكون لأحد القولين ترجيح على الآخر ولا دليل على ان المعصوم مع احدهما بان قلنا نكون مخيّرين من العمل باىّ القولين شئنا لأنّ هذه المسألة مفروضة فيما اذا كان الحقّ فيما عند الإمام ع دون غيره من الأقوال ويكون من الامور المضيقة وانّما يجوز ما قدّمناه اوّلا اذا كان من باب ما يجوز التخيير فيه ولا تنافى بين المسألتين انتهى وانت خبير بانّ الالتزام بالتخيير الواقعى فى غاية الأشكال بل هو غير معقول ولا يمكن تصويره الّا من باب التّصويب وقد عرفت ممّا نقلنا من كلماته

٢٠٣

فى اوائل حجّية الظنّ عدم إباء بعض كلماته عن ذلك وتأويل هذه الكلمات ممكن والعلم عند الله تبارك وتعالى قوله فتأمّل وجه التامّل منع كون ظاهر كلماتهم ذلك بل اطلاقهما يشمل الطّرح من حيث الالتزام ايضا ويمكن ان يكون اشارة الى ما اشار اليه فى اوّل الكتاب من انّه يلزم ارتكاب المخالفة القطعيّة فى واقعتين من غير تعبد لحكم ظاهرى والعقل كما يحكم بقبح المخالفة القطعيّة فى واقعة واحدة كذلك يحكم بقبحها فى واقعتين مع عدم التعبّد بحكم ظاهرى ولا يرد ذلك على التخيير فانّه وان كان مستلزما للمخالفة القطعيّة لكنّه مع التعبّد به فى مرحلة الظاهر يتدارك فوت الواقع به كالتخيير الظّاهرى بين قولى مجتهدين تخييرا مستمرا وان قلنا بالتخيير البدوى دون الاستمراري لا يلزم ذلك اصلا قوله ولكن الانصاف انّ ادلّة الاباحة فى (١) الحرمة اه لا يخفى ان مفاد قوله ع كلّ شيء لك حلال اه ان ما اشتبه حليته وحرمة ويحتمل ان يكون حلالا ويحتمل ان يكون حراما فهو حلال فى مرحلة الظاهر فلا يجرى فيما لا يحتمل حليته اصلا واصرح منه قوله ع كلّ شيء فيه حلال وحرام فهو لك حلال بل وكذلك قوله ع كلّ شيء مطلق حتى يرد فيه نهى فان مفاده انّ ما احتمل اطلاقه وتحريمه يحكم باطلاقه فلا يشمل المقام اصلا حتّى على رواية الشيخ اوامر اذ يكون مفاده ان ما يحتمل اطلاقه وحرمته فهو لك مطلق حتى يرد نهى وما يحتمل اطلاقه ووجوبه فهو مطلق حتى يرد فيه امر ويمكن شموله لما احتمل اطلاقه ووجوبه وحرمته فيكون مفاده انه يحكم باطلاقه حتّى يرد فيه نهى اوامر بخصوصه وعلى اىّ تقدير فلا يشمل المقام بل وكذلك قوله ع النّاس فى سعة ما لا يعلمون او لم يعلموا فانه انّما يجرى فى موضع تحمل فيه السّعة والاباحة وامّا الدّليل العقلى الدالّ على نفى التكليف عما لا يعلم نوع التكليف فيه فلا يجرى فى المقام بل يحكم العقل بالعقاب على المخالفة القطعيّة مع عدم الالتزام بما يمكن الأخذ به من قول الشارع ويحكم ايضا بقبح انشاء الشارع الرّخيص والإباحة فى مرحلة الظاهر من جهة ادائه الى الأذن فى المعصية والمخالفة القطعيّة فى واقعتين فلا بدّ من الاخذ (٢) به من قول الشارع من الوجوب فى صورة الفعل والتحريم فى صورة الترك فرارا عن المخالفة القطعيّة القبيحة مع عدم الالتزام بما يمكن الاخذ به مضافا الى ما عرفت من مطابقته للاحتياط من وجه من حيث ان فى الاخذ بالتّخيير

__________________

(١) محتمل

(٢) بما يمكن الاخذ

٢٠٤

الظاهرى موافقة عمليّة والتزاميّة احتمالية فى كلّ واقعة بخلاف ما لو اخذ بالاباحة قال فى الضّوابط فى مسئلة افتراق الأمة على قولين والتحقيق انّه إن كان احد القولين موافقا للاصل يؤخذ به كمسألة الفسخ بالعيوب وعدمه والّا فينبغي التفصيل بانّه ان لم يكن احد القولين متعلّقا بحكم المجتهد وعلمه لم يجب عليه الإفتاء بل وجوازه غير معلوم وإن كان احدهما متعلقا بعلمه فامّا ان يمكن الاحتياط فينبغى الاحتياط والجمع كالظهر والجمعة وان لم يمكن الحكم بالاحتياط فالحكم فيه هو التخيير البدوى لأنّ ظاهر الاصحاب الاتفاق على التخيير فى المسألة فان القائل بالرّجوع الى الاصل غير معلوم وان نسب الى بعض الاصحاب مضافا الى انّ الحكم بالتخيير موافق للاحتياط ح من جهة ان الرّجوع الى الاصل طرح لقول الامام قطعا بخلاف التخيير فلا يقطع فيه بالمخالفة والموافقة وعليه بناء العقلاء ايضا فيما نحن فيه انتهى وممّا ذكر يفهم عدم امكان التمسّك باخبار نفى المؤاخذة عمّا لا يعلم وانّها مختصة بما اذا احتمل الحلية والوجوب او الحلية والحرمة او الحلية والوجوب والحرمة ولا يشمل ما نحن فيه قوله نعم هذا الوجوب يحتاج الى دليل اه قد عرفت الدّليل على التخيير فلا محيص عن الالتزام به قوله فاللّازم هو التوقّف اه قد عرفت انّ اللّازم هو التخيير مضافا الى عدم ذهاب احد اليه كما صرّح به شيخنا المحقّق فى الحاشية وقد ذكر المصنّف فى اوائل الكتاب انّهم فى المسألة على قولين لا ثالث لهما التخيير وتعيين الأخذ بالحرمة وقد عرفت ما نقله الشيخ فى العدّة فى مسئلة افتراق الطائفة على قولين من انّ لهم قولين الرّجوع الى الاصل والتخيير وعرفت ما فى الضوابط وفى المناهج والتحقيق انّه ان اندرج احدهما تحت الآخر تعين اختياره للإجماع عليه واصالة عدم الزّائد والّا فان كان المقام مقام اشتغال الذمّة تعيّن الاحتياط لاستدعائه العلم بالبراءة والّا فالتخيير لعدم امكان الجمع ولا الطّرح ولا التعيين قوله لما عن النهاية من انّ الغالب فى الحرام اه قال فى النّهاية إذا اقتضى احدهما الخطر والآخر الوجوب فالاوّل راجح لأنّ الغالب فى الحرمة دفع مفسدة ملازمة للفعل او تقليلها وفى الوجوب تحصيل مصلحة ملازمة للفعل او تكميلها واهتمام الشارع والعقلاء بدفع المفاسد اتم ولأنّ افضاء الحرمة الى مقصودها اتم من افضاء لوجوب الى مقصوده لأنّ مقصود الحرمة يتاتى بالترك سواء كان مع قصد او غفلة بخلاف

٢٠٥

فعل الواجب انتهى ثم ان قوله لانّ الغالب فى الحرمة اه لعلّه مبنى على انّ المفسدة اللازمة للفعل فى الحرام اشد من المصلحة الّتى فى تركه بخلاف الواجب فان المصلحة فى فعله اشد من المفسدة الّتى فى تركه وهذا المعنى مع كونه رجما بالغيب لا يلائمه ما ذكره فى القوانين فى دفعه بانّ فى ترك الواجب ايضا مفسدة اذا تعيّن وما سيذكره المصنّف هنا فى دفعه ايضا فانّ المستفاد من الجوابين انّ مقصود المستدلّ انّ فى ترك الحرام دفع مفسدة فقط وفى فعل الواجب احراز مصلحة فقط فيكون الدّوران بينهما ويمكن ان يريد بقوله لأنّ الغالب اه انّ المصلحة قد تكون فى نفس التكليف من دون ان يكون فى الفعل مصلحة فى الامر ومفسدة فى النّهى وقد يكون حسن التكليف تابعا للمصلحة والمفسدة فى الفعل والغالب هو الثّانى وقد ذكر قدّس سره فى باب الاوامر وغيره ان المصلحة قد يكون فى نفس التكليف وقد تكون فى المكلّف به وعلى تقدير ارادته هذا المعنى يرد عليه ما ذكره المصنّف وغيره فى ردّه قوله ويشهد له ما ارسل عن اه وقد استشهد ايضا بقولهم عليهم‌السلام ما اجتمع الحرام والحلال الّا وغلب الحرام الحلال وفيه انّ ظاهره وجود الحرام والحلال مع الاشتباه لا وجود احتمال الحلية والحرمة فينطبق على الشبهة المحصورة التحريميّة الّتى حكموا بوجوب الاجتناب منها مع انّ ما نحن فيه من احتمال الوجوب والحرمة خارج عن مدلول الخبر المذكور وقد اجاب فى القوانين عن ذلك فقال وكذلك ما دلّ من الاخبار على تغليب الحرام على الحلال معارض بما دلّ على اصل الاباحة فيما تعارض فيه النّصان وفيه نظر ظاهر ولعلّه اراد باصل الاباحة التخيير الّذى دلّ عليه اخبار العلاج ولا يخلو عن بعد ويضعّف الأخير بمنع الغلبة مع انه على تقدير ثبوت الغلبة لا دليل على حجّيتها قوله ليس على سبيل الوجوب عند المشهور لكن فى كشف اللثام ثم ظاهر الاكثر وصريح الاستبصار والسّرائر وجوب الاستظهار عليها لظاهر الاخبار والاحتياط فى العبادة وغيرها فان ترك العبادة عزيمة عليها على سبيل الوجوب نعم فى المدارك الاستحباب مذهب عامة المتاخرين ونسبه الى المحقق ومن تاخر عنه وفى مفتاح الكرامة بعد نقله فتامّل فيه قال ونسبه فى شرح المفاتيح الى المشهور ولعلّ المصنّف اراد المشهور بين المتاخّرين قوله اصالة بقاء الحيض وحرمة العبادة ليس المراد اجراء الاصلين فانّ الاصل الحكمى لا يجرى مع جريان الاصل الموضوعى وعدم الحيض هى المرجع ان لم يكن مثبتا قوله فليس من دوران الامر

٢٠٦

بين الواجب والحرام ومن المعلوم انّ ما نحن فيه من قبيل دوران الامر بين الوجوب والحرمة الذاتيين ولذا ذكر فى اوّل الكتاب ان مورد التخيير انّما هو فيما لا يمكن الاحتياط فيه ولا شكّ انّه فى صورة دوران الامر بين الوجوب والحرمة الشريعيّة يمكن الاحتياط بالفعل اذ يرتفع موضوع التشريع به كما لا يخفى ومن الغريب ما فى كشف اللثام فى باب صلاة الجمعة قال على ان الجمعة انّما تجب فى الغيبة تخييرا ففعلها مردد بين الحرمة والجواز وكلّ امر تردّد بينهما وجب الاجتناب عنه حتّى نعلم الجواز وهو ضرورى عقلا ودينا وغاية الامر ان يتردّد فعلها بين الوجوب عينا والحرمة والواجب فى كلّ امر كذلك ايضا الاجتناب لانّ الاصل عدم الوجوب والنّاس فى سعة ممّا لا يعلمون فالتارك لأحتمال الحرمة والجهل بالوجوب معذور بخلاف الفاعل لاحتماله الوجوب او ظنّه مع احتماله الحرمة انتهى قوله ويضعف ما قبله وهو قوله لان افضاء الحرمة الى مقصودها اتم ولعلّ مقصود المستدل ان عدم ارتكاب المنهىّ عنه اسهل من فعل الواجب ولما كان بناء الشرع على التسهيل فلا محالة يرجح الاسهل وفيه مع انّه قد يكون الوجوب المحتمل توصليّا يتاتى مع الغفلة ايضا منع كون الاسهليّة مرجّحة ولذا ذهب الاكثر الى ترجيح الخبر الناقل على المقرّر نعم قد ورد فى بعض اخبار العلاج الّتى ذكرها السيّد الصّدر فى شرح الوافية تقديم الاسهل والأهنأ وان غفل عنه المصنّف قدّس سره وسيأتي فى بابه إن شاء الله الله قوله فظاهرة فيما لا يحتمل الضّرر بملاحظة قوله ان الوقوف عند الشبهة خير من الاقتحام فى الهلكة فانه كالصّريح فى ان عدم الدخول فى الشبهة وعدم ارتكاب المشتبه ليس اقتحاما فى الهلكة اصلا وان ارتكاب المشتبه اقتحام فيه ومن المعلوم ان هذا لا يتاتى الّا فيما احتمل فيه الحرمة وغير الوجوب قوله وظاهر كلام السيّد الشارح للوافية جريان اخبار الاحتياط ايضا اه قال السيّد قدّس سره فى شرح الوافية وامّا اذا لم يكن كذلك كما اذا دلّ دليل على وجوب شيء ودليل آخر على حرمته من غير ترجيح وهذا مثل صلاة الجمعة والظهر والقصر والإتمام فى اربعة فراسخ والصّوم والافطار مع رؤية هلال شوال قبل الزّوال مع عدم الترجيح وحكم العقل والنقل فى مثل هذه الصّورة ـ التخيير بين الفعلين اما العقل فلعدم الترجيح وامّا النقل فلموثقة سماعة الى ان قال فان

٢٠٧

قلت يجب كلا الفعلين وانّ اشتغال الذمّة يقينى وتحصيل البراءة اليقينية لازم فيكون احد الفعلين هو الواجب بالاصالة والاخرى مقدّمة لتحصيل البراءة الواجب عند الامكان قلت القدر المسلم هو اليقين باشتغال ذمّته المتحير باحد الامرين تخييرا لما قدمناه واما اشتغالها بالواجب المعيّن فى الواقع المجهول عند المكلّف فلا نعم وبما يزعم ان الجمع هو الاحتياط وفيه نظر لأن فائدة الجمع ان كانت تحصيل اليقين بفعل ما هو الواجب الواقعى فيعارضه اليقين يفعل الحرام الواقعى على هذا التقدير وان كانت تحصيل اليقين بالبراءة فقد قلنا ان المتيقن اشتغال الذمّة باحدهما تخييرا واليقين بالبراءة من هذا التكليف يحصل بفعل واحد منهما وبالجملة الجمع امّا ممكن من غير لزوم الجرح المنفى فى الدين كالقصر والإتمام وفعل الصّلاتين وامّا ممتنع كالصّوم والافطار واما الثانى فلا ريب ان حكمه التخيير وامّا الاوّل فعلى تقدير الجمع يحصل القطع بارتكاب المحرّم الواقعى وعلى تقدير فعل واحد منهما يكون فعل الواجب وترك المحرم محتملا معا كما ان عدمها ايضا محتمل ولا ريب ان العاقل يختار الثانى على الاوّل الى ان قال وقد ظهر ممّا قرّرنا انّه لا يجوز التمسّك باحاديث الاحتياط لوجوب الجمع او لاستحبابه لأنّه موقوف على كونه احتياطا حتى يكون مندرجا تحت مثل قوله ع خذ بالحائط وغيره وقد اتضح خلافه انتهى وما ذكره من التمثيل وغيره وإن كان محلّ نظر لكنّه على كلّ تقدير صريح فى ان الحكم التخيير وان اخبار الاحتياط لا يجرى فى دوران الامر بين المحذورين ولا ادرى من اين نقل المصنّف عنه ذلك قوله إلّا ان يقال ان احتمال ان يرد اه هذا على راى الغير اذ قد سبق منه فى اوّل الكتاب فى باب التجرى وفى باب وجوب دفع الضرر المظنون وفى باب دليل الانسداد المعروف ان الاحتمال لا يصادم حكم العقل وانّما المانع هو وجدان المانع قوله فله العدول مطلقا يعنى سواء كان باينا من اوّل الامر على التخيير الاستمرارى ام لا او سواء كان بانيا من اوّل الامر على استمرار على ما اختار ام لا والظاهر هو الاوّل ويظهر من بعضهم الثانى ولعلّ وجه التفصيل بناء على المعنى الأوّل انه مع البناء على التخيير الاستمراري يجوز له العدول لعدم بنائه على بقائه على ما اختاره اولا فلا يجوز له استصحاب المختار بل لا بد له من التمسّك باستصحاب التخيير ولا يخفى ضعفه ووجه التفصيل على المعنى الثانى ما قيل من انه لو لم يكن بانيا عليه بل لا يبالى بعد وله عمّا

٢٠٨

اختاره اولا او بنى عليه لم يكن مباليا بمخالفة الواقع تدريجا فى واقعتين والعقل لا يتفاوت عنده فى قبح القصد الى المخالفة بين التدريجى منها والدّفعى بخلاف ما لو بنى على الاستمرار ابتداء ثم بدا له فعدل فانه وان خالف تدريجا الّا انه ليس عن عمد وبدونه لا قبح فيها اه ولا يخفى ضعفه ايضا ويظهر من شيخنا المحقّق ره ان القول بالتفصيل هو جريان استصحاب المختار اذا بنى على الاستمرار على ما اختاره قال ره فيجرى استصحاب المختار مطلقا او اذا كان بانيا على الأخذ والاستمرار على ما اختاره او استصحاب التخيير وانت خبير بانه خلاف صريح العبارة حيث قال او مستمر فله العدول مطلقا او بشرط البناء على استمرار ولعلّه حمل العبارة على البناء على الاستمرار على التخيير لا البناء على الاستمرار على ما اختاره لكنه خلاف ما يظهر من عبارته فليتامل فى ذلك قوله بقاعدة الاحتياط يعنى قاعدة الاشتغال عند الشك فى التخيير وتعيين الحكم المختار فان مقتضاها الحكم بتعيين الحكم المختار اذ هو موجب لبراءة الذمّة يقينا بخلاف الاخذ بالتخيير الاستمرارى قوله فى مثل ذلك يعنى فى مورد الالتزام بالحكم الظاهرى قوله بمعارضة باستصحاب التخيير الحاكم اه وجه الحكومة كون الشكّ فى بقاء الحكم المختار مسبّبا عن الشكّ فى بقاء التخيير فاذا جرى الاصل فى السّبب لا يجرى فى المسبّب وسيأتى تحقيقه فى باب الاستصحاب انشاء الله قوله لما ذكرنا سابقا ولما هو اضعف منه واشار بقوله لما ذكرنا سابقا الى ما نقل عن العلّامة من انّ الغالب فى النّهى وجود مفسدة اه وان افضاء الحرمة الى مقصودها اتم من افضاء الواجب اه والمراد بقوله ولما هو اضعف منه ما ذكره بعضهم فى وجه ترجيح النّهى انّ دلالة النّهى على التحريم اقوى من دلالة الامر على الوجوب وضعفه ظاهر ويمكن ان يكون اشارة الى ما نقله فى القوانين من ان النهى اقوى دلالة لاستلزامه انتفاء جميع لافراد بخلاف الامر قال وقد مر ما يضعفه فى مبحث تكرار النّهى واشار به الى ما ذكره هناك من ان المسلم هو استلزام النّهى انتفاء جميع الافراد فى الجملة وفى زمان يمكن فعله فيه واما استلزامه لترك الجميع فى جميع الاوقات والازمان فلا كما لا يخفى قوله لا ان يدعى اه قد ذكر هذا الوجه لتوهين التمسّك باستصحاب التخيير فى باب التعادل الترجيح من غير ان يعقّبه بالتامل فيظهر منه كون هذا الاشكال مرضيّا عند المصنّف

٢٠٩

قدس‌سره قوله فتامل وجه التامل ان مبنى الاستصحاب على المسامحة العرفية لا على المداقة الفلسفية فيمكن الحكم بعدم تغيير الموضوع بحسب العرف ولو لا ذلك لأشكل التمسّك بالاستصحاب فى كثير من الموارد قوله وعليه فاللازم الاستمرار لعدم جريان استصحاب التخيير من جهة التغيير فى الموضوع على ما هو مبنى الاشكال مضافا الى ان الشكّ فيه شك فى المقتضى ولا يجرى الاستصحاب فيه على مذهبه على ما سيأتى فى باب الاستصحاب فلا بدّ من الاستمرار على ما اختار لأنّ حجّيته فعلا مقطوع بها فيكون الشكّ فى حجّية الآخر والاصل عدم حجّية بالمعنى المزبور فى اوائل حجّية الظنّ ويمكن التمسّك فيه باستصحاب بقاء الحكم المختار لما تقرر فى محلّه من انّه مع عدم جريان الاصل فى السبب اذا لم يكن من قبيل الموضوع للآخر يجرى الاستصحاب فى المسبّب الا ان يستشكل فيه ايضا بكونه شكا فى المقتضى لا فى الرّافع قوله لأصالة عدم الزوجية اه ومع جريان الأصل الموضوعى يرتفع الشكّ فى الحكم فى مرحلة الظاهر فيحكم بتحريم الوطى فقوله واصالة عدم وجوب الوطى ليس اصلا على حدة بل الحكم بعدم الوجوب من جهة الاصل الموضوعى المذكور او انه على راى الغير قوله جمعا فباصالة عدم الحلف على شربه ينتفى الوجوب فيبقى الشكّ فى التحريم فيرتفع باصل البراءة والاباحة وهذا بخلاف المثال الاول لانّ معنى اصالة عدم الزوجيّة كونها اجنبيّة بناء على ان معناها كونها غير مزوّجة قوله واشتبه حال زيد اه ويشترط فى المثال عدم العلم بالحالة السابقة اذ مع العلم بها يجرى الاستصحاب ولا يترتب عليه الحكم الّذى سيذكره من التوقف وعدم وجوب الاخذ باحدهما فى الظاهر قوله وليس فيه مخالفة عمليّة لأنّ الواقعة واحدة والمخالفة القطعية انّما تحصل مع تعدد الوقائع وكونه فاعلا فى بعضها وتاركا فى البعض الآخر قوله الّا ان اجراء ادلّة البراءة نعم لو شكّ فى حكم مترتب على خصوص الاستحباب او الكراهة بل الاباحة الخاصة يجرى فيه اصل العدم وان لم يجر اصل البراءة قوله وحكى عن ظاهر بعض جوازها ولعلّه صاحب القوانين قال قدس‌سره فى باب الادلة العقلية فى مبحث اصل البراءة فان قلت اذا جعلت المعيار عدم العلم بارتكاب الحرام الواقعى فلم لا تقول بجواز ارتكاب الجميع على التدريج الى ان قال قلت اولا نقول به اذ لا دليل عقلا ولا شرعا يدل على الحرمة والعقاب ولا اجماع

٢١٠

على بطلانه والقائل به موجود كما سنشير اليه لكن ذكر فى الجواب الثانى نعم يثبت اشتغال الذمة بحق الغير وحصول النجاسة بعد استعمال الجميع ويترتب عليهما آثارهما وان لم يحصل العقاب بالارتكاب فليتامّل وجعل وجهه فى الحاشية امكان القول بان جعل الذمّة مشغولة ايضا حرام فيتم القول بالحرمة ح وقال فى باب مقدمة الواجب فى التنبيه الثانى وكيف ما كان فالّذى نمنع وجوبه هو اجتناب الجميع وامّا اذا بقى منه مقدار نجزم بارتكاب الحرام فلا نجوزه وتمام التحقيق فى ذلك يجيء فى اواخر الكتاب إن شاء الله الله وفى الدّرة النجفيّة نقل عن المولى محمّد باقر الخراسانى فى الكفاية والمحدّث الكاشانى حلّ الجميع ونقل فى القوانين عن العلّامة المجلسى اقوالا فى ذلك منها جواز ارتكاب الكلّ قال قال العلامة المجلسى فى الاربعين بعد ذكر هذه الرّواية يعنى رواية قطيع الغنم المتضمّنة للقرعة ان هذا الخبر يدلّ على انّ الحلال المشتبه بالحرام يجب التخلّص عنه بالقرعة كما اختاره بعض الاصحاب وهو مؤيّد بالاخبار المستفيضة ان كلّ مشكل فيه القرعة وقيل يجب الاحتراز عن الجميع من باب المقدّمة وقيل يجوز التصرّف فيه اجمع الّا الاخير فانّه عند التصرف فيه يعلم انه اكل الحرام او وطئ بالحرام وامثالهما وقيل يحلّ له الجميع لما ورد فى الاخبار المستفيضة اذ اشتبه عليك الحلال والحرام فانت على حل حتى تعرف الحرام بعينه وهذا اقوى عقلا ونقلا ويمكن حمل هذا الخبر على الاستحباب او العمل به فى خصوص تلك المادّة والعمل بتلك الأخبار فى سائر الموارد والاحوط اجتناب الجميع فى المحصور ولتفصيل الكلام فيه مقام آخر انتهى كلامه ومنه يعلم ان اقتصاد المصنّف على قوله وحكى عن ظاهر بعض جوازها ليس بجيّد وفى الضّوابط ذكر فى المسألة احتمالات قال فنقول فى كلا القسمين من المزجى وغيره انه يحتمل ان لا يكون تكليف ح سواء ارتكب دفعة او تدريجا ويحتمل جواز الارتكاب تدريجا لا دفعة ويحتمل وجوب القرعة وجوبا شرطيّا لا نفسيّا حتى يستلزم العقاب وان ترك الجميع ويحتمل وجوب الاجتناب عن قدر الحرام وجواز ارتكاب الباقى ويحتمل وجوب الاجتناب عن الجميع تحصيلا لترك الحرام الواقعى من باب المقدّمة العقليّة المحضة فلا يعاقب اذا ارتكب البعض الّا اذا صادف الحرام الواقعى ويحتمل وجوب الاجتناب عن الجميع من باب المقدّمة الشرعيّة فلو ارتكب البعض

٢١١

كان معاقبا وان لم يصادف الحرام الواقعى ثم قال فالاظهر فى النّظر هو الاحتمال الاخير وما سواه فاسد انتهى قوله مع انه لو اخصّ الدليل بالمعلوم تفصيلا خرج اه لا يخفى انّ القائل بكون الألفاظ اسامى للمعانى النفس الأمريّة لا المعلومة لو قال بعدم وجوب الاجتناب عن الخمر مع عدم العلم التفصيلى لا يلزمه الحكم بكونها حلالا واقعيّا لإمكان كون العلم التفصيلى عنده شرطا للتنجز فمع عدمه يكون حراما فى الواقع ولا يكون منجزا نعم يمكن تتميم المطلب بما سيأتى عن قريب ولعلّه مراده وان كان خلاف ظاهر هذه العبارة قوله فلا يدل على ما ذكرت اه لا يخفى ان ظاهر هذا الحديث الشريف مثل الحديث الآتي الّذى اعترف المصنّف بظهوره كون الشيء المشكوك حلالا حتّى تعلم حرمته بشخصه فتدل على كون كلّ واحد من المشتبهين حلالا حتى يكون الحرام منهما معلوما فمعروفية الإناء بكونه اناء زيد لا يكفى فى كون الحرام معروفا بشخصه مع انّ الشبهة المحصورة لا تنحصر فى كون النجس معنونا بعنوان كونه لزيد وغير ذلك من العنوانات قوله والنصّ على خلافه يعنى اجتنب عن الخمر مثلا فان الخمر مثلا اسم للخمر النفس الامرى فلا بد من الحكم بثبوت الحرمة لها مع قطع النظر عن العلم والجهل قوله حتى نفس هذه الأخبار لانّ الحليّة فيها مغيّاة بغاية العلم فلا بد ان تكون حكما ظاهريّا والحكم الظاهرى لا يثبت الّا فى مورد الشكّ فى الحكم الواقعى فلا بد ان يكون للمشكوك حكما فى مرحلة الواقع فيلزم الحكم بالحرمة الواقعيّة لما هو خمر فى الواقع ولا يمكن الحكم بحلية كلا المشتبهين فى الواقع قوله الى معذورية المحكوم الجاهل كما فى اصل البراءة ان قلنا به من باب حكم العقل بقبح العقاب بلا بيان فانه انّما يحكم بالمعذوريّة على التقدير المزبور وليس فيه انشاء اباحة بخلاف ما اذا قلنا به من باب الاخبار فانّ فيها انشاء الاباحة فلا بد من الحكم فيه على التقدير المزبور بالبدلية كما هو مفاد الوجه الثانى قوله والى بدلية الحكم الظّاهرى بمعنى كون المصلحة فى سلوكه بحيث يتدارك بها فوت الواقع كما فى اصل البراءة على التقدير الثانى وكما فى الاستصحاب وكما فى الطرق الظاهرية بناء على حجّيتها من باب السببيّة المحضة او من باب السببيّة وو الطريقية معا قوله او كونه طريقا مجعولا اليه بمعنى كون حجّيته من باب كونه دائم المطابقة او غالب المطابقة او اغلب مطابقة من العلوم الحاصلة للمكلّف فى نظر الشارع العالم

٢١٢

بالغيب وهذا احد الاقوال فى الطّرق الظاهريّة المجعولة قوله على الوجهين الاولى عدم ذكر هذا الكلام لانه يوهم خروج مثل الاستصحاب عن الوجوه المذكورة مع انّ مفاده حكم ظاهرى ولا بدّ فيه من الالتزام بالوجه الثانى وهو بدلية الحكم الظّاهرى عن الواقع هذا على تقدير كونه اصلا تعبّديا حجّة من باب الاخبار كما هو الحق وامّا على تقدير كونه امارة ناظرا الى الواقع فيكون داخلا فى الوجه الثانى او الثالث المتطرقين فى الادلّة والامارات قوله فيقبح من الجاعل جعل كلا الحكمين فلا بد من رفع اليد عن احدهما والالتزام بوجود الآخر فان رفع اليد عن الحكم الظاهرى وقيل بعدم انشائه كان هو المطلوب وان رفع اليد عن الحكم الواقعى المزبور فلا بد من الالتزام بكون الحكم بالاباحة واقعيّا لعدم معقوليّة ثبوت الحكم الظاهرى المجعول فى مورد الشكّ مع عدم الحكم الواقعى وهو التزام بكون وجوب الاجتناب عن الخمر غير ثابت فى الواقع وهو ما ذكره من اللّازم قوله فاذن الشارع فى فعله ينافى حكم العقل اه فجعل الاباحة لكلا المشتبهين وان لم يناقض الحكم الواقعى اعنى وجوب الاجتناب عن اناء زيد من حيث هو لعدم اتحاد المرتبة لكن مع العلم الاجمالى بنجاسة اناء زيد يحكم العقل بوجوب اجتناب احدهما فرارا عن المخالفة القطعيّة وحكم الشّارع بجواز ارتكاب كليهما مناف لهذا الحكم العقلى القطعى قوله قلت اذن الشّارع فى احد المشتبهين الاولى ان يقال ان حكم العقل بحرمة المخالفة القطعية حكم تنجيزى لا تعليقى لا يفرق فيه بين المخالفة دفعة او تدريجا وليس هذا الحكم مبنيّا على حكم العقل ـ بوجوب دفع الضّرر المحتمل كما يوهمه العبارة ولعل مقصود المصنف ان العقل يحكم بوجوب الاحتياط وتحصيل الموافقة القطعية من جهة وجوب دفع الضّرر المحتمل فكيف ان كان الضرر مقطوعا به ومع ملاحظته يرتفع السؤال فيكون محصّل مطلبه التنبيه بالادنى على الاعلى قوله نعم لو اذن الشّارع غرض المصنّف من هذا الكلام ان حكم العقل بوجوب الاجتناب عن كلا المشتبهين تعليقى قابل لورود حكم من الشارع على خلافه بخلاف حكمه بحرمة المخالفة القطعيّة فانه حكم تنجيزى ليس قابلا لورود حكم من الشارع على خلافه قوله لا يحسن الّا بعد الامر بالاجتناب من الآخر بدلا ظاهريا اه لا يحتاج الى

٢١٣

حكم الشارع بالاجتناب بامر آخر وجعله بدلا بل العقل الحاكم بوجوب دفع الضّرر يحكم به فانه يحكم بوجوب الاجتناب عن كليهما دفعا للضّرر المحتمل فاذا ثبت حكم الشارع بجواز ارتكاب احدهما انتفى موضوع حكم العقل المزبور وبقى حكمه بوجوب دفع الضّرر المقطوع فيجب الاجتناب عن احدهما فرارا عن المخالفة القطعيّة وح يحكم العقل باجتزاء الشّارع باجتناب احدهما وكونه بدلا عن الواقع من غير احتياج الى حكم الشارع بذلك ولعلّ مراد المصنّف من حكم الشّارع هو الاعمّ من التأسيس والإمضاء قوله ومعناه المنع عن فعله بعده اه يعنى ومعنى المنع عن الآخر بدلا عن المحترم الواقعى هو المنع عن فعله دائما بعد ارتكاب احدهما ولا يكفى المنع عن فعله حين ارتكابه قوله فى مثل ذلك يعنى فى التكليف بالتّرك قوله والمسلم منه ما اذا لم يبق بالتكليف المعين اه مثال الاوّل صورة دوران الامر بين المحذورين من الوجوب والحرمة ومثال الثانى صورة كون التكليف الوجوبى معلوما وشكّ فى تعلقه بالظهر او الجمعة مثلا فانه يمكن الحكم بالتخيير الاستمرارى فى الصّورتين وجعل المأخوذ به فعلا او تركا فى الاولى وظهرا او جمعة فى الثانية بدلا عن الحكم الواقعى الفائت على تقدير فوته بل لا بد ان يكون كل والّا لغى جعل الحكم الظاهرى بالتخيير الاستمراري بخلاف المقام فان المتروك فى زمان فعل الآخر لا يمكن ان يكون بدلا عن الحرام الواقعى على تقدير ثبوته وانّما الصّالح لها الترك بعد فعل الآخر مستمرّا دائما لكن يشكل بان المانع ليس الّا المخالفة القطعيّة وهى حاصلة فى المقامين وان صلح الحكم الظاهرى لرفع قبحها فلا يفرق بينهما ايضا ويمكن ان يقال بالفرق بين المقامين فانه فى الصّورتين حصل من المكلّف فى كلّ واقعة اطاعة احتمالية ومخالفة احتمالية بخلاف المقام فان الحاصل منه فى كلّ واقعة مخالفة احتمالية من دون حصول اطاعة احتمالية لعدم تحقق الاطاعة فى المباح وكذا الحاصل منه فى الواقعتين مخالفة قطعيّة من دون حصول اطاعة قطعيّة لما ذكر وفيه انّه لا يصلح فارقا بين المقامين لانّ فى كلّ واقعة موافقة احتمالية ومخالفة احتمالية وان لم تصدق الاطاعة فى المقام وفى الواقعتين مخالفة قطعيّة فلا فرق وقد يفرق بين المقامين ايضا بانّ الالتزام بالتخيير فى مرحلة الظاهر يرفع قبح المخالفة القطعيّة ولكن لا دليل فى المقام من الشبهة التحريميّة المحصورة على التخيير وبدونه يمنع العقل من

٢١٤

جواز الارتكاب وفيه ما سيجيء من امكان الالتزام بالتخيير فتامل قوله فان قلت هذا ايراد على اصل المطلب لا على ما ذكره عن قريب كما هو واضح قوله واىّ فرق بين قوله اقرار العقلاء اه مع انّ المقام اولى لسقوط الطريقين المتعارضين عن الطّريقيّة مع العلم الاجمالى بخلاف الاصل التعبّدى قوله فى موضع نحكم بتنصيفهما اذا تحالفا او نكل كلاهما عن (١) ولم يكن لاحدهما بينة او كان لكليهما بينة مع عدم الترجيح قوله وانفساخ البيع قد ذكرنا فى اوّل الكتاب ان ذكر انفساخ البيع فى مقام الأشكال ليس بجيّد لأنّه مع انفساخه يرتفع الأشكال ولذا ذكر الانفساخ فى اول الكتاب من جملة المحامل لرفع الاشكال قوله بل تفصيلى فى بعض الفروض فى اخذ المشترى للثمن فى صورة الاختلاف فى المبيع وفى اخذ البائع المبيع فى صورة الاختلاف فى الثمن قوله فسيجىء وجه جواز المخالفة فيها امّا بادعاء خروج بعض اطراف الشبهة الغير المحصورة عن محل الابتلاء دائما وامّا بادّعاء تنزيل العرف العلم الإجمالي فيها منزلة عدمه فى التاثير وامّا لغير ذلك ولكن سيجيء ان التحقيق عدم جواز ارتكاب الكلّ فى الشبهة الغير المحصورة فلعلّ ما ذكره هنا مبنى على مذهب الغير وسيجيء نسبة المصنف جواز ارتكاب الكلّ فى الشبهة الغير المحصورة الى ظاهرهم قوله وامّا الحاكم فوظيفته اه اذا الحاكم معين لتكليف كلّ واحد منهما والاقرار طريق الى ثبوت الحق وانفاذه فى بعض دون بعض ترجيح بلا مرجّح والمرتّب للآثار فى الحقيقة هو المقرّ له والفرض احتمال صدقه وعدم العلم التفصيلى بكذب المعين من الشخصين المقرّ لهما وليس الحاكم هو الاخذ لنفسه حتى يخالف علمه الاجمالى غاية الأمر ان الاقرار الاوّل لما كان اقرارا بلا معارض حكم بالعين للمقر له الاول والاقرار الثانى اقرار مع المعارض حكم بقيمته جمعا بين الحقين الظاهريّين الثابت لهما بالاقرار نعم لو علم الحاكم بكذب احد المقر لهما معينا او علم احدهما بكذبه ولم يحتمل كونه محقا لا يجوز للحاكم الإعطاء دلالة الأخذ قوله فى دخول المسجد وفى غيره من الآثار الشرعيّة فما ذكره من باب المثال قوله فلا نسلم جواز اخذه لهما لعدم جواز المخالفة القطعيّة قوله ولا لشيء منهما لوجوب الموافقة القطعيّة والاحتياط بناء على ما يحققه فى المقام الثانى قوله الّا اذا قلنا اه بان يكون موضوع البيع والصلح وسائر النواقل الشرعيّة وغيرها هو الاعمّ

__________________

(١) اليمين

٢١٥

من الملك الظاهرى والواقعى فما يكون ملكا للبائع بحسب الظاهر يكون بعد البيع ملكا واقعيّا للمشترى ويترتب عليه جميع آثار الملكيّة الواقعية وكذلك المشترى وكذا فى غير موارد النقل والانتقال كالاقتداء والزوجيّة وغيرهما قوله او يحمل على حصول الشركة اه او يحمل على الانفتاح حين يجوز قوله ومنه يظهر ان الزام القائلين اه ردّ على صاحب الفصول حيث قال اذ فتح هذا الباب تؤدّى الى رفع العصمة عن الاموال والفروج والاماء الى ان قال وكذا لو اراد وطى اجنبية جازان يحدث الاشتباه بينها وبين زوجته ثم ياتى إحداهما فان صادفها ـ كرّر ذلك الى ان يصادفها ومثله الكلام فى المال والنفس او على صاحب الحدائق فى الدرّة النجفيّة حيث قال فى مقام الزام القائلين بجواز الارتكاب وهذا من قبيل ما ذهب اليه ابو حنيفة من انّ السّارق والغاصب يملكان ما اخذاه بتغييره عمّا كان عليه كجعل الحنطة دقيقا ثم ذكر اشتباه الاجنبيّة بزوجة الرّجل اه قوله وفى المدارك انه مقطوع بين الاصحاب لكنه قدّس سره اختار فيها عدم وجوب الاجتناب عن كلا المشتبهين تبعا لشيخه المقدّس الاردبيلى وتبعهما جماعة من المتاخرين على ما فى الدّرة النجفيّة قوله وعن المحقق المقدّس الكاظمى اه قد نقل فى الدّرة النجفيّة عن الشيخ فى الخلاف والمحقّق فى المعتبر والعلّامة فى المختلف دعوى الاجماع صريحا فى مسئلة الإناءين المشتبهين لا مطلقا قوله قلت اصالة الحل غير جارية هنا بعد فرض اه قد اعترف المصنّف قدس‌سره بان حكم العقل بوجوب الموافقة القطعية ليس مثل حكمه بحرمة المخالفة القطعيّة فى كونه تنجيزيا غير قابل للتدارك وعليه فيمكن للشّارع الحكم بالاباحة فى واحد من المشتبهين للاشتمال على مصلحة يتدارك بها فوت الواقع لو اتفق ونحن ندعى ان اخبار الحليّة مثل قوله ع كلّ شيء لك حلال ونحوه تدل على حلّية كلّ ما لم يعلم حكمه بالتفصيل كما اشرنا اليه فى بعض الحواشى السّابقة غاية الامر عدم امكان الحكم بحلية كلا المشتبهين لأجل حرمة المخالفة القطعيّة الّتى دلّ عليها العقل منجزا والحكم الإجماع فيحكم بالاباحة تخييرا لأجل الجمع بين قوله ع كلّ شيء لك حلال وحكم العقل بحرمة المخالفة القطعيّة فالحكم بالتخيير ليس لأجل استعمال قوله ع كلّ شيء لك حلال فى التخيير والتعيين بالنّسبة الى الشبهة المجرّدة والشبهة المقرونة بالعلم الإجمالي حتّى يقال انه غير جائز فى استعمال واحد ولا لما ذكره المصنّف فى قوله فان قلت

٢١٦

قوله كلّ شيء لك حلال ونحوه يستفاد منه حلية المشتبهات بالشبهة المجرّدة له حتى يرد بما ذكره بقوله قلت الظاهر من الاخبار المذكورة البناء اه بل لأنّه نتيجة الجمع بين قوله ع كلّ شيء لك وحكم العقل بحرمة المخالفة القطعيّة ونظير ذلك ما سيذكره فى باب التّعادل والترجيح ان الخبر مثلا اذا كان حجّة من باب السببيّة يكون الحكم فى صورة التعارض هو التخيير لاشتمال كلّ من المتعارضين على مصلحة ملزمة وانّما منع من الجمع بينهما عدم القدرة عليه وانّه ليس التخيير من جهة استعمال الامر فيه بل من جهة انه نتيجة وجوب العمل بكلّ منهما مع القدرة ومنه قوله اكرم العلماء وانقذ كلّ غريق فى صورة التزاحم وعدم القدرة على الجمع ونظيره من بعض الجهات ما ذكروا انّ الواجب الكفائى يصير عينيا مع الانحصار والتخييرى تعينيا بالعرض وغير ذلك ولعلّ هذا كلّه من باب الدّلالة الالتزامية اللفظية او العقليّة ولعلّنا نوضحه فى ذلك المبحث إن شاء الله الله قوله لان مقتضى العقل فى الاشتغال اليقينى اه لا خفاء فى ان اخبار البراءة على تقدير ظهورها فى العلم التفصيلى واردة على قاعدة الاحتياط موجبة لتدارك فوت الواقع ان اتفق اذ حكم العقل فى موضوع احتمال الضّرر الغير المتدارك على ما مرّ غير مرة غاية الامر رفع اليد عن الاباحة فى واحد من المشتبهين لأجل الحكم القطعى المنجز على حرمة المخالفة القطعيّة وامّا الحكم بوجوب الاحتياط فلا يمكن كونه مانعا بعد فرض كونه تعليقيّا بالنّسبة اليه كما اعترف به المصنّف قدس‌سره هذا على تقدير حمل كلام المصنّف على كون حكم العقل بالاحتياط مانعا عن الرّجوع الى ادلّة البراءة والاباحة وامّا على تقدير حمله على كون الغاية اعم من العلم الإجمالي والتفصيلى فلا يجوز الرّجوع الى اصل الاباحة لا فى احدهما معنيّا ولا فى احدهما مخيّرا كما هو الظاهر بقرينة ما سلف منه وسيأتي التصريح به فى باب الاستصحاب فيرده ما سلف منا فى الحاشية السّابقة فراجع قوله وسيجيء فى باب الاستصحاب ايضا انّ الحكم اه الظاهران هذا جواب آخر كما صرّح به شيخنا قدّس سره فى مجلس البحث والحاشية فيكون الجواب الاوّل اشارة الى منع كون المقام من قبيل تعارض الاصلين من جهة منع العلم الإجمالي عن جريانه مطلقا حتّى يتطرق فيه احتمال التخيير والثانى الى انه على تقدير كونه من قبيله من جهة فرض عدم منع العلم الإجمالي عن جريانه لا يجرى فيه التخيير لما ذكره فى

٢١٧

باب الاستصحاب ان الحكم فى تعارض الاصلين مع عدم كون احدهما سببيّا والآخر مسببيّا الموجب لحكومة الاول على الثانى هو التساقط وفيه انّه سيجيء فى باب الاستصحاب وغيره ان الحكم فى تعارض كلّ شيئين يكونان حجّتين من باب السببيّة سواء كانا اصلين او دليلين هو التخيير لا التساقط وان الحكم بالتساقط فى الاستصحابين المتعارضين من جهة انّ اليقين فيه اعمّ من الاجمالى والتفصيلى المانع من الرّجوع الى الاستصحاب مطلقا قال فى باب الاستصحاب الثانية انه اذا لم يكن مرجّح فالحقّ التساقط دون التخيير لا لما ذكره بعض المعاصرين من انّ الاصل فى تعارض الدليلين التساقط لعدم تناول دليل حجّيتهما لصورة التعارض لما تقرر فى باب التعارض من انّ الاصل فى المتعارضين التخيير اذا كان اعتبارهما من باب التعبد لا الطريقيّة بل لأنّ العلم الاجمالى هنا بانتقاض احد اليقينين يوجب خروجهما عن مدلول لا تنقض لانّ قوله لا تنقض اليقين بالشكّ ولكن تنقضه بيقين مثله يدل على حرمة النقض بالشكّ ووجوب النقض باليقين فاذا فرض اليقين بارتفاع الحالة السّابقة فى احد المستصحبين فلا يجوز ابقاء كلّ منهما تحت عموم حرمة النقض بالشكّ ولا ابقاء احدهما المعين وامّا احدهما المخيّر فليس من افراد العام انتهى الملخص منه وذكر فى باب التّعادل والترجيح انّ الخبر اذا كان حجّة من باب السببيّة يكون الحكم فى مقام التعارض هو التخيير لا التّساقط ولا يخفى ان ما ذكره فى باب الاستصحاب مخالف للجواب الثّانى الّذى ذكره هنا مع فرض عدم كون العلم الإجمالي مانعا من جريان الأصل فالحوالة ليست فى محلّها وظهر النظر فيما ذكره شيخنا المحقّق قدس سرّه فى هذا المقام ايضا قوله فان قلت قوله ع كلّ شيء لك حلال اه هذا السؤال انّما يقرر على تقدير عدم منع العلم الإجمالي عن الرجوع الى اصالة البراءة فى الجملة وتوضيحه انه لا مانع من الرّجوع الى اصالة الإباحة فى واحد من المشتبهين على سبيل التخيير على التقدير المزبور الّا كون اللفظ مستعملا فى المعنيين اليقين فى الشبهات البدويّة والتخيير فى الشبهات المحصورة وهو ليس بلازم لأنا ندعى كون اللّفظ مستعملا فى معنى واحد ومدلول فارد وهو البناء على كون محتمل الحرمة والحلية حلالا وكونه موضوعا محللا بحيث يترتب عليه جميع آثار الحلّية الواقعيّة غاية الامر انّ البناء على كون المشكوك حلالا والغاء احتمال الحرمة فيه فى الشبهة المحصورة مستلزم عقلا

٢١٨

للبناء على كون الطّرف الآخر حراما لأجل العلم الإجمالي وكون الشكّ فيه واحدا اذ ليس فيها الا احتمال كون هذا حلالا وذاك حراما وبالعكس فالمستعمل فيه فى كلا الموضعين هو البناء على الحلّية والغاء احتمال الحرمة والبناء على حرمة الطّرف الآخر انّما جاء من الخارج من جهة الاستلزام العقلى من جهة العلم الإجمالي ولما لم يكن البناء على الحلية فى احدهما المستلزم للبناء على الحرمة فى الطرف الآخر اولى من العكس فلا محالة يحكم بالتخيير قوله قلت يمكن الجواب بثلاثة اوجه الاوّل ان مفاد البراءة ليس ترتيب جميع آثار الواقع والبناء على كون المشكوك خلّا مثلا اذ من الواضح انه مفاد الدليل دون الاصل اذ معنى حجّية الخبر مثلا ترتيب جميع آثار الواقع على مؤدّاه وجعله الواقع بناء وتنزيلا بخلاف مثل اصل البراءة بل ليس مثل الاستصحاب الّذى فيه ترتيب آثار الواقع وان كان غير ناظر اليه او غير معتبر من جهته وان كان ناظر او الثانى انّه على تقدير كون مفاده ترتيب آثار الواقع اجمع فلازمه البناء على ذلك فى كلّ شكّ ولا شكّ ان فى الشبهة المحصورة شكّين لا شكّ واحد لأنّ فى كلّ واحد من الطّرفين احتمال الحلّية والحرمة والبناء على ترتيب آثار الحلّية الواقعيّة فى كلا الطرفين يستلزم المخالفة القطعيّة وهو مع انّه غير جائز لا يلتزمه الخصم ايضا والثالث انّه على تقدير كون الشكّ واحدا وكون مفاد اخبار البراءة ترتيب جميع الآثار فلا شكّ ان المراد ترتيب جميع الآثار الشرعيّة ولا ريب ان استلزام حليّة احدهما لحرمة الآخر ليس من جهة الشّرع بل من باب حكم العقل والاثر العقلى لا يترتب على مجرى البراءة وانطباق هذه الاجوبة على العبارة لا يخلو عن اشكال فلعلّه اراد من الاول هو الاوّل ومن قوله لو سلم فظاهرها البناء اه الجواب الثانى اذ هو لا يكون جوابا حتى ينزّل على ما ذكرنا من منع وحدة الشكّ ومن قوله وليس الامر بالبناء فى كون احد المشتبهين اه هو الجواب الثالث الّذى ذكرنا فليتدبر فى ذلك هذا ولكن الحق فى الجواب على مذاقه قدّس سره انّ ما ذكر فى السّئوال مبنى على عدم كون العلم الإجمالي مانعا وقد تقرر سابقا كونه مانعا من الرّجوع الى الاصل مطلقا من جهة كون الغاية اعم من العلم الإجمالي والتفصيلى وقد سبق عن قريب ما عندنا فى بعض الحواشى السابقة فراجع قوله اما ان لا يشتمل شيئا من المشتبهين اه توضيحه ان اخبار البراءة اما ان لا تشتمل شيئا من المشتبهين فيكون الحكم هو

٢١٩

وجوب الاحتياط والاجتناب عن كلا المشتبهين وهو المطلوب وامّا ان يكون شاملا لكلا المشتبهين فيلزم جواز المخالفة القطعيّة الّتى دلّ العقل والنقل على حرمتها واعترف به الخصم ايضا وفيه انا نقول بانّها تكون شاملة لكلا المشتبهين لكنّا نرفع اليد عنها بالنّسبة اليهما لحكم العقل بحرمة المخالفة القطعيّة ولكن نعمل بها فى غير موردها لعدم المعارض فتكون النتيجة الرّجوع الى الاباحة تخييرا كما هو الحكم فى كلّ شيئين تعارضا وكانا حجّتين من باب السببيّة والتعبّد ولعلّ المستدلّ اراد ذلك فلا يرد عليه ما ذكره قدس‌سره قوله فلم يدلّ دليل عليه لأن ارتكاب الحرام الواقعى اذا لم تكن حراما فتحصيل العلم بارتكابه بعده لم يدل دليل عليه ألا ترى انّه يجوز فى الشبهات الموضوعيّة تحصيل الجزم بالحرمة بعد الارتكاب بل قبله ايضا غاية الامر عدم جواز الارتكاب بعد حصول الجزم والظّاهر انه اراد الشق الثانى الّذى ذكره بقوله وان اريد ان الممنوع منه عقلا اه وح لا غبار عليه كما سنبيّن قوله ففيه مع اطباق العقلاء بل العلماء كما حكى اه لا يخفى ان القائل بجواز الارتكاب يقول بان تحصيل العلم بالاجتناب عن الحرام الواقعى غير واجب حتى يجب اجتناب الجميع من باب المقدّمة بل المسلم حرمة المخالفة القطعيّة فاين وجوب ذى المقدّمة حتى يجب الاجتناب عن الجميع مقدّمة فاطباق العقلاء بل العلماء على وجوب المقدّمة العلميّة لا يمنع القول المذكور مع انّ الإجماع على وجوب المقدّمة العلميّة على تقدير كون صورة العلم الاجمالى الّتى مفروض المقام من قبيلها ممنوع فقد عرفت ذهاب جمع على عدم وجوب الموافقة القطعيّة وذهب السيّد ابن طاوس فى باب الصّلاة مع اشتباه القبلة وفى المقام كما حكى الى وجوب القرعة قال فى مطارح الانظار وهل المقدّمة العلميّة داخلة فى حريم الخلاف مطلقا او فيما اذا كانت خارجة عن حقيقة الواجب كغسل جزء من الرّأس ومسح جزء من الكعبين وغير ذلك وامّا اذا كانت مما يحتمل مدخليتها فى حقيقة الواجب شرطا او شطرا او من جهة احتمال كونها نفس الواجب فلا خلاف فيها او تكون خارجة عن النّزاع مطلقا لقطع العقل بوجوبها مطلقا وجوه بل اقوال ثم قال والتحقيق ان المراد لو كان هو الطلب الحتمى الّذى يكشف عنه العقل من دون مدخلية للثواب والعقاب فلا ينبغى النّزاع فى وجوبها بهذا المعنى انتهى وبالجملة فالمقام ليس من قبيل ما ذكر عند القائل

٢٢٠