إيضاح الفرائد - ج ١

السيّد محمّد التنكابني

إيضاح الفرائد - ج ١

المؤلف:

السيّد محمّد التنكابني


الموضوع : أصول الفقه
المطبعة: المطبعة الإسلاميّة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٦٩٧
الجزء ١ الجزء ٢

الآتي عن قريب قوله امور غير مضبوطة كثير المخالفة ومن المعلوم انّ العقل انّما يحكم بتقديم الظنّ لكونه اقرب الى الواقع واذا كان ظن كثير المخالفة للواقع فهو والموهوم سواء لا يحكم العقل بحجّية مثله وبمثل هذا يجاب عن القياس وشبهه ممّا ورد المنع عنه ولا يكون تخصيصا فى حكم العقل كما سيأتى شرحه فى كلام المصنّف ره قوله فالمثال المطابق لما نحن فيه اه توضيح ذلك انّه امّا ان تكون الظنون المعمولة فى تعيين الطّرق حاصلة من امارات منضبطة كثيرة المطابقة بخلاف الظّنون المعمولة لتعيين الواقع وامّا ان تكون بالعكس وامّا ان تكون كلتاهما حاصلتين من امور منضبطة كذلك فعلى الاوّل لا بدّ من العمل بالاولى دون الثّانية مع عدم مانع خارجىّ من اجماع وغيره سواء فيه المجتهد والمقلّد وعلى الثانى لا بدّ من العمل بالثانية دون الاولى مطلقا مع عدم مانع خارجى كذلك وعلى الثالث لا بدّ من التخيير بين الاولى والثانية مع عدم مانع كذلك وكلامنا انّما هو فى الثالث وما ذكره المورد انّما يتمشّى فى القسم الاوّل فان قلت انّ صاحب الفصول قدّس سره كما صرّح به فى كتابه يرجع فى تعيين الطّريق وتمييز ما هو الحجّة من غيره الى الامارات المنضبطة الكثيرة المطابقة للواقع الّتى يحتمل وجود الأمارات المنصوبة من الشّارع فيها كخبر الواحد والإجماع المنقول والاستقراء والشهرة وغيرها فلا بدّ عنده ان تكون القائمة والمقوم عليها من قبيلها ولا يرجع فى التعيين الى كلّ ظنّ وامارة غير منضبطة او كثيرة المخالفة للواقع كالقياس والاستخارة والرّمل وشبهها وامّا القائل بالظنّ المطلق فيرجع الى كلّ ظنّ بالواقع فيكون كلامه منزّلا على القسم الاوّل وقد عرفت انّ فيه لا بدّ من العمل بالظنّ فى الطريق دون الواقع قلت انّ القائل بالظنّ المطلق فى الأحكام ايضا لا يرجع الى كلّ ظنّ ولو كان ممّا علم عدم اعتباره او كان كثير المخالفة كيف ومن المعلوم عدم حجّية القياس والاستحسان وامثالهما عنده فهو ايضا يرجع الى ظنّ يحتمل اعتباره عند الشّارع كخبر الواحد والإجماع المنقول وغيرهما فالمرجع عنده ايضا الظنون الحاصلة من امارات منضبطة واللّازم ح الحكم بعدم الفرق بين الاصول والفروع والطريق والاحكام لما ذكر من مساواتهما من جميع الجهات فثبت ما رامه المصنّف ره فى مقام الردّ عليه فتبصّر قوله واذا اخبره هذا العادل مثلا اذا اخبره العادل بانّ المعصوم ع قال انّ البيّنة او النكول او اليمين او غيرها طريق لقطع المخاصمة يعمل به بناء على حجّية خبر العادل و

٥٠١

لا يعمل به اذا شهد فقط بالحق الواقعى قوله فتامّل لعلّه اشارة الى انّ مقتضى ما ذكر وإن كان جواز عمل المقلّد والقاضى بالظنّ فى الحكم اذا كان حاصلا من امور مضبوطة كثيرة المطابقة للواقع مثل الظنّ الحاصل لهما فى الطريق الا انّ الإجماع القائم على عدم جواز عملهما بالظنّ فى الحكم اذا كان حاصلا من امور غير مضبوطة قام ايضا على عدم جواز عملهما به اذا كان حاصلا من امور مضبوطة قوله مع امكان ان يقال اه ذكر هذا على سبيل الاحتمال واستقصاء الوجوه ويومي اليه قوله ص انّما اقضى بينكم بالبيّنات والأيمان وقولهم ع نحن نحكم على الظّاهر وغير ذلك ومن هنا ذهب بعض الى عدم جواز قضاء القاضى بعلمه لكن الاحتمال المذكور مع انّه خلاف مذهبه بل خلاف مذهب المشهور ضعيف جدّا ويدلّ على عدم اعراض الشارع عن الواقع فى باب القضاء ظواهر الكتاب والسنة مثل قوله تعالى (يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِ) وقوله تعالى (وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ) وقوله ع رجل قضى بالحقّ وهو يعلم وغير ذلك وما ذكر من عدم جواز حكم القاضى بعلمه ضعيف جدّا اذ ليس وراء عبّادان قرية وما ذكره من حصر موازين قطع الخصومة فى الطّرق التعبدية وحصر موازين استنباط الأحكام فى الطرق الكاشفة اضعف لوجود كليتهما فى كليتهما لانّ مثل الاقرار والبيّنة ليس مبنيا على التعبّد قطعا بل اعتبارهما لاجل الكشف عن الواقع ولو نوعا نعم مثل القرعة والنكول مبنى على التعبد وكذلك الحال فيما يرجع اليه فى استنباط الاحكام فانّ بعضها امور تعبدية لا نظر لها الى الواقع او لم تعتبر للنظر اليه كالاصول التعبّدية وما يشبهها وبعضها امور اعتبرت للكشف ولو نوعا عن الواقع فكما ان وجود القسم الاول فى الثانى لا يوجب اعراض الواقع فيه فكك وجود القسم الاوّل فى الاول لا يوجب اعراض الواقع فيه قوله بل غالب المخالفة للواقع يفهم من هذا الكلام ان الظّنون الّتى لم يعتبرها الشارع لا بدّ ان تكون غالب المخالفة للواقع وهو غير جيد بل المعتبر هو عدم كونها غالب المطابقة سواء كانت غالب المخالفة ام لا بان تكون الموافقة والمخالفة فيها متساوية نعم مثل القياس الّذى ورد فيه ما ورد ممّا ذكره هنا ولم يذكره قد استكشف من اخباره كونه غالب المخالفة لكن دعوى العموم ليست بيّنة ولا مبيّنة قوله ثم انسدّ باب العلم بذلك الطّريق اه قد يفهم من مجموع كلماته فى هذا المقام مثل قوله وكون غيرها غير غالب المطابقة بل غالب المخالفة وهذا الكلام الى قوله والتجأ الى اعمال ساير الأمارات الّتى لم يعتبرها الشارع فى نفس الحكم انّ المرجع فى صورة الانسداد امارات غير غالب المطابقة للواقع بل غالب المخالفة للواقع وهو مع انّه خلاف ما يفهم من كلماته الاخرى التى منها ما

٥٠٢

سبق عن قريب خلاف التحقيق ايضا بداهة ان حكم العقل بالرّجوع الى الظنّ لكونه اقرب الى الواقع من الشكّ والوهم ومن المعلوم انّ الظنّ الّذى يكون غالب المخالفة حاله حال الشكّ بل الوهم فكيف يحكم العقل بحجّيته بقيت فى العبارة خرازة اخرى من جهة انّ المستفاد منها انّ القائل بحجّية الظنّ المطلق فى الطّريق يرجع الى طائفة من الظنون الّتى لم يعتبرها الشارع وكانت مباينة للظنون المعتبرة سنخا وهو ممنوع فانّ صاحب الفصول قدّس سره انّما يرجع فى تعيين الظنّ الى الأمارات الّتى يحتمل اعتبار الشّارع لها وعلم بوجود الامارات المنصوبة فيها اجمالا بل القائل بالظنّ المطلق فى الأحكام ايضا انّما يرجع الى ظنّ يحتمل اعتبار الشّارع له غاية الامر انّ الحجّة عنده فى حال الانسداد هو الظنّ الفعلى الشخصى منها فقط كما انّ الحجّة عند صاحب الفصول هو الظنّ الفعلى ايضا ثم الاقرب فالاقرب اليه قوله بل الظاهر انّ اعمالها فى نفس الواقع اولى الاولويّة استحسانية لا وجوبيّة لمنافاته لما هو مفروض كلماته من التسوية بين الظنّ المتعلّق بالواقع والظنّ المتعلّق بالطّريق قوله قلت اوّلا انّ هذا خروج عن الفرض اه لا يخفى انّه ليس مبنى كلام المستدلّ على وجوب العمل بالطّريق وان لم يكن مفيدا للظنّ بالواقع اصلا ولو نوعا كيف وكلامه الّذى نقله سابقا وغيره صريح فى كون الواقع ملحوظا حيث ادّعى العلم بثبوت التّكليف بالأحكام الواقعيّة وبقاء ذلك التكليف لنا لكنّه ادّعى انّ العلم ايضا حاصل بنصب الطّرق لها وبقاء التكليف بالعمل بها وانّ مرجع القطعين هو كوننا مكلّفين تكليفا فعليا بالعمل بمؤدّى الطّرق وهذه عبارة اخرى عمّا ذكر فى السّؤال بانّ العمل بالظنّ فى الطريق عمل بالامتثال الظّاهرىّ والواقعى اه وليس مبنى كلامه على الاعراض عن الواقع كيف ومعنى الطّريق كونه كاشفا عن الواقع ولو ظنّا ولا ريب لاحد انّه انّما نصب لكونه موصلا الى الواقع دائما او غالبا فكيف يمكن ان ينسب الى صاحب الفصول بانّه يقول انّه لا بدّ من العمل بالطّرق ولو لم تكن كاشفة ظنّا عن الواقع ولو نوعا مع انّه قدّس سره قد اختار فى باب الاوامر عدم الأجزاء ومن المعلوم انّ المعتبر عنده ان يقصد المصلّى وغيره امتثال الامر الواقعى لا الظّاهرى الغيرى كما اشرنا الى جميع ذلك فيما سلف وقد صرّح اخوه فى الحاشية بما ذكر فى السّؤال قال قدس‌سره فى ذيل ما يتعلّق بالوجه الثانى لتقرير دليل الانسداد فى مقام دفع الايراد الّذى اورده

٥٠٣

على نفسه ما هذا لفظه ويدفعه انّ المطلوب لما كان اداء الواقع لكن من الطريق الّذى قرّره الشّارع فان حصل العلم بذلك الطّريق وادّاه كذلك فلا كلام وكذا ان ادّاه على وجه يقطع معه باداء الواقع فانّ العلم طريق اليه قطعا وامّا اذا انسدّ سبيل العلم بالامرين تعيّن الأخذ بالظنّ بالطّريق دون الظنّ بالواقع لاداء التكليف المتعلّق بالطّريق لأداء التكليف المتعلق بالطريق واداء الواقع على حسب الطريق وامّا الاخذ بالظن بالواقع فليس فيه اداء التكليف المتعلّق بالطريق لا علما ولا ظنّا الى آخر ما ذكره وقد جعل المصنّف ره فيما سيأتى هذا الوجه الثّانى الّذى ذكره المحقق المحشّى وما ذكره صاحب الفصول واحدا فكيف يقول هنا بان ما ذكره فى السّؤال خروج عن الفرض وبالجملة هذا الجواب غير متوجّه على صاحب الفصول واحدا قدس‌سره نعم يرد عليه ما سبق وما سيجيء عن قريب قوله وثانيا ان هذا يرجع الى ترجيح بعض الامارات الظنيّة الى قوله بعد الاعتراف اه لا يخفى انّ مرجع ما ذكره فى السّؤال الى ما ذكر من ان نتيجة القطع بكوننا مكلّفين بالواقع وبنصب الطّرق لها كوننا مكلّفين بالعمل بمؤدّى الطّرق وان لم تفد الظنّ الشّخصى بالواقع والى انّ دليل الانسداد جار فى الاصول لا الفروع وليس مرجعه الى ترجيح بعض الأمارات على بعض بظنّ الاعتبار ولا الى الاعتراف بكون مقتضى دليل الانسداد حجّية الظنّ بالواقع مع انّ صاحب الفصول قد صرّح بحكم العقل بحجّية كلّ ظنّ متعلّق بالطّريق والترجيح انّما يتأتى على تقدير الكشف والإهمال وقد صرّح ايضا فى كتابه بانّ الظنّ بالاعتبار لا يكون مرجّحا فى مسئلة الظنّ فى الطّريق وانّ الترجيح انّما يتصوّر فى مقام التّعارض وهو امر آخر وكيف يرجع كلامه الى الاعتراف بذلك مع انّ الأمارات قد لا تفيد الظنّ الشّخصى بالواقع ونتيجة دليل الانسداد هى حجّية الظنّ ـ الشخصىّ لا غير وبالجملة هذا ايضا غير متوجّه على صاحب الفصول قدّس سره فالاولى الاقتصار على ما سيذكره بقوله وقد عرفت ممّا ذكرنا ان نصب هذه الطّرق ليس اه قوله قدس‌سره وقد عرفت انّ نصب هذه الطرق ليس الّا لأجل اه توضيح ذلك انّ الطرق انّما نصبت لكونها كاشفة عن الواقع فوجوب العمل بها غيرى توصّلى فلا يعتمل كون نصبها للاغناء عن الواقع وكون الواقع مهملا وتقيّد الواقع من حيث انه واقع بالطّريق غير معقول لأنّ المقيّد لا بدّ ان يكون فى مرتبة المقيّد به ومرتبة الواقع الاوّلى مقدّمة على مرتبة الطريق فلو اعتبر تقيّده به لزم الدّور كما سبق شرحه فى اوّل الكتاب نعم يعقل كون الطّريق سببا لتنجزه وفعليّته لكن لا موجب للحكم بحصر تنجّزه فيه فكما انّ العمل بالطّريق مع العلم به مبرئ للذمّة

٥٠٤

يقينا كذلك العمل بالواقع بعنوان الاحتياط واحرازه به مع العلم الاجمالى مبرئ للذمّة يقينا على ما سلف ايضا نعم العمل بالطريق المجعول لكونه مبرئا للذمّة يقينا مقدّم على العمل بالظنّ المطلق الّذى لا يوجب القطع ببراءة الذمّة بل غاية ما يفيده الظنّ ببراءة الذمّة والعقل لا يجوز الرّجوع اليه مع امكان تحصيل القطع ببراءة الذمّة وامّا فى صورة عدم العلم التفصيلى بالطّريق المجعول كما هو المفروض فكما ان العمل بالطريق المظنون الاعتبار موجب للظنّ ببراءة الذمّة كذلك العمل بالظنّ المطلق بالواقع ومع عدم تيسّر تحصيل القطع ببراءة الذمّة لا بدّ من الرّجوع الى الظنّ ببراءة الذمّة من غير فرق بين الامرين بل العمل بالظنّ بالواقع اولى من جهة انّ فيه ظنّ بتحصيل المصالح الاولويّة بخلاف العمل بالطّريق المظنون الاعتبار مع عدم افادته الظنّ الشخصىّ بالواقع لانّ فيه ظنّ بتحصيل المصالح الثانويّة الّتى هى موجبة لتدارك المصالح الاوّلية عند فوتها وبالجملة كما انّ العلم الإجمالي بنصب الطّرق موجب لتنجّز التكليف بالعمل بها كذلك العلم الإجمالي بوجود الاحكام الواقعيّة يوجب تنجّز التكليف بها غاية الامر التخيير بين تحصيل الواقع الاوّلى ظنا وبين تحصيل الواقع الثانوى ظنّا من غير ترتب بين الامرين فما ذكر فى السّؤال من كون العمل بالطّريق موجبا للظنّ بالامتثال الظّاهرى والواقعى لا يجدى شيئا بعد التامّل فيما ذكرنا قوله وبذلك ظهر ما فى قول بعضهم هو المحقق المحشّى على المعالم ذكر ذلك فى ذيل الوجه الثّانى الّذى ذكره لاثبات حجّية الظنّ فى الطّريق دون الحكم فى عداد الوجوه السّبعة الّتى اقامها على ذلك قوله الوجه الثانى ما ذكره بعض المحقّقين من المعاصرين مع الوجه الاوّل وبعض الوجوه الأخر هذا الوجه هو الوجه الاوّل الّذى ذكره المحقق المحشى على المعالم طاب ثراه والوجه الاوّل الّذى ذكره اخوه صاحب الفصول هو الوجه الثانى فى كلامه وفى الكلام المذكور اشارة الى الردّ عليه فى قوله الوجه الاوّل وهو المعتمد وان لم يسبقنى اليه احد بانّ اخاه المحقق قد سبقه وقد ذكر سابقا ما يشعر بذلك حيث قال احدهما وهو الّذى اقتصر عليه بعضهم ما هذا لفظه اه قلت المسلكان وان كانا متشابهين فى الجملة الّا انّ الأنصاف الفرق بين المسلكين من وجوه وبعد بيانها يظهر لك صحّة ما ذكره صاحب الفصول من انّه لم يسبقه اليه احد الاوّل انّ دليل الانسداد الّذى اقامه المحقق المحشّى قدّس سره على اختلاف وجوهه لاثبات حجّية الظنّ المطلق فى الطّريق غير تامّ عنده والمختار عنده وجود الظنون المخصوصة الكافية الوافية بمعظم الاحكام على ما هو مؤدّى الوجه الثامن

٥٠٥

من الوجوه الّتى ذكرها وقد صرّح بذلك فى ذيل الوجه الاوّل حيث قال والمختار عندنا حصول الدّرجة الاولى وعدم انسداد سبيل العلم بالتفريغ كما سيأتى الإشارة اليه فى الوجه الاخير لكن نقول انّه بعد تسليم انسداد سبيله انّما يتنزّل الى الوجه الثانى اى الظنّ بتفريغ الذمّة فى نظر الشّارع الحاصل بالعمل بالظنّ بالطّريق ليس الّا دون الثّالث اى الاخذ بمطلق الظنّ بالواقع وامّا صاحب الفصول فدليل الانسداد المذكور عنده تامّ كما يظهر بالتدبّر فى كلماته على طولها وان أوهم بعض كلماته خلاف ما ذكرناه لكن المتدبّر فيها يكاد يحصل له القطع بذلك وممّا ذكرنا ظهر انّ نسبة حجّية الظنّ المطلق فى الطّريق دون الاحكام الى المحقق المحشّى قدس‌سره ايضا بل قد يستشم من بعض كلمات المصنّف قدّس سره ايضا فيما سبق ليست بالوجه الثّانى انّ صاحب الفصول قد ادّعى ان الشارع نصب طرقا مخصوصة للاحكام فلا بدّ ان يكون الظنّ المتعلّق بها حجّة فقط وامّا المحقق صاحب الحاشية فقد ادّعى بان الشّارع قرّر طريقا للاحكام امّا للعلم بالواقع او مطلق الظنّ او غيرهما فعلى تقدير تماميّته لا بدّ ان يكون الظنّ المتعلّق بها حجّة فعلى مذهبه على تقدير تماميّة دليل الانسداد يكون الظنّ المتعلّق بمطلق الطّريق سواء كان شرعيّا او عقليا منصوبا او غير منصوب حجّة بخلاف مذهب صاحب الفصول الوجه الثّالث انّ مقتضى دليل الانسداد عند المحقق المحشّى ره حجّية ما قام الظنّ الفعلى على حجّيته فقط وعند صاحب الفصول ما قام الظنّ الفعلىّ على حجّيته يكون حجّة ثم الاقرب فالاقرب اليه قال وجب الرّجوع فى معرفة التفاصيل الى ما يقتضيه العقل من العمل بالظنّ الّذى لا دليل على عدم حجّيته ثم ما يقرب اليه بالتفصيل المتقدّم وفى موضع آخر فثبت ممّا قرّرنا جواز التعويل فى تعيين ما يعتبر من تلك الطّرق على الظنّ الّذى لا دليل على عدم حجّيته ثم على ما هو الاقرب اليه كذلك بل قال فى موضع آخر انّ انسداد باب العلم الى الاحكام الفرعيّة كما يقتضى بحكم العقل عند عدم العلم بنصب الشارع طرقا خاصّة لها وجوب التعويل على كلّ ظنّ لا دليل على عدم حجّيته ان تيسّر والّا فكلّ امارة لا علم بعدم حجّيتها لقرب مفادها الى الظنّ كذلك يقتضى ذلك عند علمنا بنصب الشّارع لها طرقا خاصّة الى آخر ما افاد ويستفاد من هذا الكلام وغيره انّ مؤدّى دليل الانسداد سواء قرّر فى الاحكام او فى الطّريق ليس هو الظنّ الشّخصى فقط بل الاعمّ منه وممّا يقرب

٥٠٦

منه وهو خلاف التحقيق ومن العجيب انّه ره قد ذكر فى مقام الردّ على المحقق القمّى فى توجيه خروج القياس واشباهه انّ الدّليل المذكور لو تمّ فانّما يدلّ على وجوب العمل بما يفيد الظن الفعلى من حيث كونه مفيدا له لا ما له شأنيّة افادة الظنّ اذ لا فرق فى نظر العقل بين الظنّ الشّأني وبين الشكّ والوهم الى آخر ما افاده ره فبملاحظة هذا الوجه يكون كلام صاحب الفصول اضعف من كلام اخيه المحقق ره كما انّ بملاحظة الفرق الثّانى المذكور يكون كلام المحقّق ره اضعف من كلام اخيه اذ لا معنى للتّرديد بين مطلق الظنّ والظّنون المجعولة وجعل الاوّل فى عرض الثّانى وجعل الظنّ المتعلّق بكليهما حجّة وقد اوضحه المصنّف سابقا فى ردّ كلام صاحب الفصول بقوله قلت هذه مغالطة ومن هذا علم انّ قوله فان قلت قلت المذكور فى ذيل كلام صاحب الفصول كان مناسبا لكلام المحقق المحشى دون صاحب الفصول فليتنبّه له هذا مضافا الى انّ المحقق المحشّى فى مقام اثبات حجّية الظنّ المتعلّق بالظنون الخاصّة فى الاحكام واقام الوجوه الثمانية للغرض المذكور واثبات حجّية الظن المتعلّق بالظنّ المطلق فى الاحكام لا يجدى فى ذلك شيئا وهذا ظاهر الوجه الرابع من وجوه الفرق بينهما انّ نتيجة دليل الانسداد مهملة عند المحقّق المحشّى قدس‌سره على ما اقتضاه اكثر وجوهه وقد صرّح بذلك فى الوجه الثّالث والرّابع والخامس وكلّيته عند صاحب الفصول قدس‌سره والاوّل مبنى على الكشف والثانى على الحكومة ومن هذه الجهة يكون كلام صاحب الفصول امتن من كلام اخيه لما سيأتى من بطلان تقرير الكشف وان الحق تقرير الحكومة الوجه الخامس انّ مقتضى كلام صاحب الفصول اجراء دليل الانسداد فى الطّريق والحكم بحجّية مطلق الظنّ فيه من اجله وكلام المحقّق المحشّى مختلفة فمقتضى الوجه الثالث والرّابع والخامس اجراء دليل الانسداد فى الاحكام او فى الاعمّ وترجيح بعض الظّنون المتعلّقة ـ بالواقع على بعض بظنّ الاعتبار او بتيقّن الاعتبار بالحقيقة او بالإضافة ومقتضى الوجه الثانى اجراء دليل الانسداد فى الطّريق الوجه السّادس انّ الظنّ بالاعتبار مرجّح لبعض الظّنون المتعلّقة بالواقع على بعض عند المحقّق كما صرّح به بخلاف صاحب الفصول فانه قد صرّح بعدم اعتبار الظنّ بالاعتبار فى الظنّ القائم على تعيين الطرق وهو وان صرّح بعدم اعتباره فى المسألة الأصوليّة فقط كما انّ المحقق قد صرّح باعتباره فى الظنّ القائم فى المسألة الفرعيّة

٥٠٧

فقط الّا انّ المصنف يشهد بعدم الفرق من هذه الجهة بين المسألتين وهذا الفرق مبنىّ على مسئلة الإهمال والكليّة والكشف والحكومة وسيجيء بطلان كون الظنّ بالاعتبار مرجّحا على تقدير الإهمال الّذى يتصوّر فيه التّرجيح به الوجه السّابع انّ مقتضى كلام صاحب الفصول قدّس سره حجّية كلّ ظنّ متعلّق بالطّرق الّتى لها نظر الى الواقع ولو نوعا ومقتضى بعض كلمات المحقق المحشّى قدس‌سره حجّية الظنّ المتعلّق بالاعمّ من الامارات والاصول التعبّدية قال فى ضمن ما يتعلّق بالوجه الثّانى وامّا ثانيا فبانّه لا مانع من تقرير الشّارع طرقا تعبّدية للوصول الى الاحكام كما قرّر طريقا بالنّسبة الى الموضوعات بل نقول انّ ادلّة الفقاهة كلّها من هذا القبيل بل وكذا كثير من ادلّة الاجتهاد حسب ما فصّلنا القول فيها فى محلّ آخر انتهى كلامه زاد الله فى اكرامه قوله قدس‌سره انتهى بالفاظه قلت ويرد على ما ذكره فى الدّليل المذكور وغيره وجوه من الاشكالات الاوّل انّه قد ذكر فى الدّليل المذكور انّه لا يكفى الظنّ باداء الواقع فى الواقع والظنّ ببراءة الذمّة فيه بل لا بدّ من الظنّ بفراغ الذمّة فى حكم الشّارع والظن باداء الواقع وان كان يستلزم الظنّ بفراغ الذمّة فى الواقع الّا انّه لا يستلزم الظنّ بفراغ الذمّة فى نظر الشّارع اذ قد يظنّ بالواقع مع القطع بعدم فراغ الذمّة فى نظر الشّارع كما اذا حصل الظنّ بالواقع ممّا قطع بعدم اعتباره عند الشّارع كالقياس وشبهه ولا يخفى انّه آت فى الطّريق المظنون الاعتبار اذ قد يحصل الظنّ بالاعتبار من طريق يعلم بعدم اعتبار الشّارع ايّاه كالقياس وح فنقول لا بدّ فى حصول الظنّ بفراغ الذمّة بالعمل بظنّ الطّريق ان يكون هو ايضا مظنون الاعتبار وكذلك الظنّ القائم عليه ايضا وهكذا فيلزم الدّور او التّسلسل الثّانى ان تقدّم الظنّ بالطّريق على الظنّ بالواقع وصرف الدليل الى الاوّل دون الثّانى موقوف على الرّكون الى تقدير الكشف الموجب لإهمال النتيجة وح فيمكن ارجاع المهملة المذكورة الى الظنّ بالطّريق دون الظنّ بالواقع لا الى تقرير الحكومة الّذى لا يفرق فيه بين الاسباب والموارد من جهة كون نتيجة المقدّمات على تقديره كليّة مطلقة وسيجيء ان تقرير الكشف فاسد وانّ الحق هو تقرير الحكومة الثالث انّه على تقدير الكشف بل الحكومة لا عموم فى النتيجة بحسب المراتب فاذا كان الظنّ المشكوك الاعتبار او موهومه ظنا اطمينانيا بالواقع فلا وجه لترجيح الظنّ الضّعيف

٥٠٨

به اذا كان مظنون الاعتبار عليه فمن اين يثبت ما رامه من حجّية الظنّ فى الطّريق فقط دون الواقع مطلقا الرابع انّه يلزم على مذهبه كون الطريق الخاصّ المحتمل الحجّية مع عدم افادته الظنّ الشخصىّ بالواقع فى عرض الظنّ بالواقع اذ فى كلّ منهما احتمال براءة الذمّة عند الشّارع بحسب احتمال اعتبار الظنّ مع انّه قد صرّح فى كلامه بانّه مع عدم الظنّ بالطّريق يرجع الى الظنّ بالواقع مطلقا الخامس انّ المحقّق قد ذكر فى الوجه الثّانى التّرديد بين العلم ومطلق الظنّ والظنون الخاصّة وقرّر حجّية الظنّ المتعلّق بالطّريق مع انّ التّرديد بين الظنّ المطلق والظنّ الخاصّ ممّا لا معنى له وقد اوضح فساده المصنّف ره فيما يتعلّق بكلام صاحب الفصول فراجع مع انّه مناف لما هو بصدده من حجّية الظّنون الخاصّة كما اشرنا اليه عن قريب فى مقام الفرق بين مسلكى المحقق واخيه صاحب الفصول فتامّل السّادس انّ كلماته فى الوجوه السّبعة متهافتة اذ مقتضى اكثرها الاهمال ومقتضى بعضها الكليّة ومقتضى بعضها اجراء دليل الانسداد فى الطريق ومقتضى بعضها اجرائه فى الاحكام وترجيح بعض الظنون على بعض بظنّ الاعتبار وتيقّنه بالحقيقة او بالإضافة ويمكن دفع هذا الأشكال بانّ مختاره بعد الاغماض عن الوجه الثامن جريان دليل الانسداد فى الطريق وحجّية الظن المطلق المتعلّق به وعلى تقدير التنزّل عن ذلك واجراء دليل الانسداد فى الاحكام لا يكون النتيجة ما اختاره القائلون بحجّية الظنّ المطلق فيها بل الثابت به على تقديره حجّية بعض الظّنون المتعلّقة بها لا جميعها فغرضه قدّس سره من ابداء الوجوه المذكورة الدالّة على ترجيح بعض الظنون على بعض ليس اثبات مذهبه من حجّية الظنّ المتعلّق بالطّريق وان لم يفد الظنّ بالواقع بل الردّ عليهم فيما ذكروه هذا لكن هذا التّوجيه ممّا يأباه بعض كلماته قدس‌سره السّابع ان ادّعاء الإهمال فى النتيجة وترجيح بعض الظّنون على بعض بظنّ الاعتبار ليس بجيّد نعم يتيقّن الاعتبار مرجّح لكنّه ليس بقدر الكفاية وسيأتى توضيح ذلك فى كلام المصنّف قدس‌سره الثّامن انّه قد صرّح فى بعض كلماته الرّجوع الى الاصول العمليّة كالاستصحاب وغيره اذا ظنّ حجّيتها وتقديمها على الظنّ بالواقع نظرا الى حصول الظنّ بتفريغ الذمّة فى نظر الشارع ولو فى الظاهر فمطلق الظنّ بتفريغ الذمّة فى نظره ولو فى الظاهر يكون عنده حجّة مقدّما على الظنّ بالواقع مع انّه قد فرض تماميّة دليل الانسداد وقد عرفت انه لا يكون

٥٠٩

تامّا الّا مع بطلان الرّجوع الى الاصول العمليّة فتامّل وهذه الإشكالات بعضها متوجّه على الوجه الاوّل الّذى نقله فى الكتاب وبعضها على الوجه الثانى الّذى جعله المصنّف عين ما ذكره صاحب الفصول وقد عرفت ما فيه وبعضها متوجّه على مجموع كلماته بعد ملاحظة بعضها مع بعض على ما دريت قوله لا من حيث انّه شيء مستقلّ فى مقابل المراد الواقعى قد يشعر كلامه هنا بانّ هذا مع كونه مقدّمة لما سيأتى ايراد آخر على المحقق المحشّى وهو محلّ تامّل اذ ليس مراد المحقق المحشّى كون الطّريق امرا مستقلّا فى مقابل المراد الواقعى ضرورة انّ الطّريق انّما جعل لكونه مرآة للواقع وناظرة اليه ولو نوعا فلا يعقل كونه شيئا مستقلّا فى قبال الواقع وقد ذكرنا شطرا من الكلام فى ذلك فى مقام بيان مراد صاحب الفصول ودفع بعض الايرادات الّتى اوردها المصنّف ره عليه مع انّ تفريغ الذمّة كما يحصل بالعمل بالطّريق الّذى ظنّ حجّيته مقدّما على الظنّ بالواقع عند المحقّق قدس‌سره كذلك يحصل بالعمل بالاصل الّذى ظن حجّيته مقدّما على الظنّ بالواقع عند المحقق قدس‌سره كذلك يحصل بالعمل بالاصل الّذى ظن حجّيته مقدّما على الظنّ بالواقع عنده ايضا كما صرّح به فى بعض كلماته ومن المعلوم انّ العمل بالاصل ليس لاجل البناء على انّه الواقع لعدم نظره اليه اصلا نعم يرد على المحقّق قدس‌سره انّه لا شكّ فى انّ الواجب اوّلا هو تحصيل اليقين بالواقع على ما هو عليه لاجل الوصول الى المصالح الواقعيّة والاجتناب عن المضارّ الواقعيّة وهو الغرض من جعله وانّ تشريع الظّنون انّما هو لأجل تسهيل الامر على المكلّفين ولئلّا يقعوا فى عسر وحرج مع الالتزام باشتمالها على المصالح الّتى يتدارك بها فوت الواقع فالّذى يحكم به العقل والنّقل هو تحصيل الواقع وانّما يعدل عنه لدليل ويدلّ على ذلك تطابق العقل والنّقل على اصالة حرمة العمل بالظنّ فى زمان الانفتاح بل الانسداد ايضا وما ذكره قدس‌سره فى بيان ذلك بانّه لم يبن الشّريعة من اوّل الامر على تحصيل اليقين بالأحكام الاوليّة بل كان قول الثقة حجّة من اوّل الشّريعة لا يدلّ على مرامه اذ هو لا ينافى كون الاصل تحصيل اليقين بالاحكام الاوليّة والعدول عنه لدليل لا ينافيه كما اعترف به ولعلّ مقصود المصنّف هو ما اوردناه عليه وان قصر كلامه فى بيان مرامه كما لا يخفى والله العالم قوله فاداء كلّ من الواقع الحقيقى او الجعلى لا يكون بنفسه اه توضيح الجواب عن كلام المحقق المحشّى قدس‌سره بحيث يحيط ببيان جميع الشقوق انّه اذا حصل ظنّ شخصىّ بالواقع فقد يظنّ اعتباره وقد يشكّ فى اعتباره وقد

٥١٠

يظنّ عدم اعتباره وقد يقطع بعدم اعتباره وعلى التقادير قد يأتى بالمظنون احتياطا فى المسألة الفرعيّة وقد ياتى به احتياطا فى المسألة الاصولية فى غير الصّورة الاخيرة وقد ياتى به استناد الى الظنّ وعلى التقادير قد يكون الواقع المظنون واجبا توصليّا مثلا وقد يكون واجبا تعبّديا وعلى التقادير نتكلّم تارة فى حكم المسألة بالنظر الى الواقع وتارة فى حكمها بالنّظر الى الطّريق والحكم الظاهرىّ وعلى التقادير قد نتكلّم فيها مع قطع النظر عن دليل الانسداد وقد نتكلّم فيها مع ملاحظته فهناك اقسام عديدة وحاصل حكمها انّه مع كون الواقع المظنون واجبا توصليّا مثلا مع كون التكلّم فى المسألة من جهة الحكم الواقعى مع قطع النظر عن دليل الانسداد اذا اتى به احتياطا فى المسألة الفرعيّة فلا اشكال فى براءة الذمّة عن الواقع اذا صادفه وكذا لا اشكال فى حصول الظنّ بفراغ الذمّة فى الواقع وفى نظر الشّارع ايضا سواء فيه الأقسام الاربعة المذكورة وكذلك اذا اتى به احتياطا فى المسألة الاصوليّة فى غير الصّورة الاخيرة واذا اتى به استنادا الى الظنّ فكما انّه يحصل الظنّ باداء الواقع فى الواقع فى الصّورة المزبورة كما اعترف به يحصل الظنّ بتفريغ الذمّة فى نظر الشّارع ايضا حتّى فى صورة الظنّ بعدم حجّية الظنّ المزبور بل فى صورة القطع بعدمها ايضا بداهة انّ الظنّ بالعلّة مستلزم للظنّ بالمعلول فمع الظنّ باداء الواجب الواقعىّ لا بدّ ان يحصل الظنّ بفراغ الذمّة مطلقا حتى فى نظر الشّارع وكون ذمّته مشغولة من جهة ارتكابه الحرام فى امر الطّريق لا ينافى براءة ذمّته بالنّسبة الى الواقع مع كون وجوب الواقع والطريق كليهما توصّليين كما هو المفروض والمقام نظير غسل الثّوب بالماء المغصوب وركوب الدابّة الغصبيّة فى طريق الحج فانّ اشتغال ذمّته من جهة ارتكابه الغصب لا ينافى حصول التوصّل الى ذى المقدّمة وقد ذكروا انّه يجتمع الواجب التوصّلى مع الحرام بمعنى انّه يسقط الواجب به فدعوى المحقق المحشّى انّ الظنّ باداء الواقع لا يستلزم الظنّ بفراغ الذمّة فى نظر الشّارع والّا فربّما يظن باداء الواقع من طريق يعلم بعدم حجّيته كالقياس وشبهه ممنوعة اذ نحن نقول بانّه يحصل الظنّ بفراغ الذمّة فى نظر الشارع فى الصّورة المزبورة ايضا مع كون مؤدّى القياس مثلا واجبا توصليّا كما هو المفروض هذا كلّه فى التكلّم بالنّسبة الى الواقع مع كون المظنون واجبا توصّليا مثلا مع قطع النظر عن دليل الانسداد وامّا بالنّسبة الى التكليف المتعلّق بالطّريق فى الفرض المزبور فان اتى بالمظنون

٥١١

احتياطا فى المسألة الفرعيّة فلا تعلق له بمسألة الطريق اذ ليس عملا به اصلا حتى يتكلم فى حكمه وان اتى به احتياطا فى المسألة الاصوليّة فى غير الصّورة الاخيرة فهو وان لم يكن عملا بالطّريق حقيقة لأنّ العمل لا بدّ فيه من الاستناد على ما صرّح به فى صدر الكتاب الّا انّه لا شكّ فى حسنه وارتفاع موضوع التشريع به وان استند وتديّن به فقد عمل حراما من جهة التشريع سواء فيه الاقسام الاربعة المذكورة بناء على كون التّشريع ادخال ما لم يعلم انّه من الدّين بقصد انّه منه فيشمل ما علم انّه ليس من الدين كالقياس وما ظنّ انّه ليس من الدّين وما شكّ فيه كذلك وما ظنّ انّه من الدّين مع عدم الدّليل على اعتباره كما هو المفروض وكذلك اذا قلنا بانّه ادخال ما ليس من الدّين فيه بقصد انّه منه غاية الامر انّ العمل بالقياس وشبهه على تقديره يكون تشريعا واقعيّا وحراما كذلك والعمل بالاقسام الثلاثة الاخرى يكون تشريعا ظاهريّا وحراما كذلك من جهة الاحتياج الى الاصل فى احراز العنوان المذكور نعم اذا قلنا بانّه ادخال ما علم انّه ليس من الدين فيه بقصد انه منه فينحصر فى مثل القياس وقد بسطنا الكلام فى ذلك فى اوائل حجّية الظنّ وذكرنا ما عندنا فيها فراجع هذا كلّه اذا كان الواقع المظنون واجبا توصّليا مثلا وامّا اذا كان واجبا تعبّديا مثلا مع قطع النظر عن دليل الانسداد وكون التكلّم بالنّسبة الى الحكم الواقعى فان اتى بالمظنون احتياطا فى المسألة الفرعيّة فلا شكّ فى حصول الظنّ ببراءة الذمّة لإمكان قصد القربة ح وان اتى به احتياطا فى المسألة الاصوليّة فى غير الصّورة الاخيرة فان قصد الامر الظاهرىّ الغيرىّ فلا شكّ فى عدم حصول الامتثال وعدم البراءة عن الواقع لعدم كون الامر الغيرىّ مقربا وان قصد الامر الواقعى المحتمل احتياطا رجع الى الاوّل وان اتى بالمظنون استنادا الى الظنّ فى الفرض المزبور المحرّم من جهة التشريع فى جميع الصّور المذكورة فلا شكّ فى عدم حصول الظنّ ببراءة الذمّة لا فى الواقع ولا فى نظر الشارع بل يقطع بعدم براءة الذمّة لعدم تاتى قصد القربة فى الفرض المزبور وما ذكره المحقق قدس‌سره من الفرق لا يتمّ فى الفرض المزبور ايضا على ما دريت وامّا اذا كان واجبا تعبّديّا مثلا مع قطع النظر عن دليل الانسداد وكان التكلّم بالنّسبة الى الامر المتعلّق بالطّريق لا بالنّسبة الى الحكم الواقعى فيظهر الكلام فيه ممّا سبق هذا كلّه مع قطع النظر عن دليل الانسداد وامّا مع ملاحظته فلا شكّ فى حجّية الظنّ المتعلّق بالواقع والظنّ المتعلّق بالطريق كذلك اذا لم يكونا حاصلين من مثل القياس ولذا احتاج

٥١٢

الفريقان فى التفصّى عنه الى حيص وبيص ولا ريب ايضا فى عدم حجّية الظنّ الّذى ظنّ عدم اعتباره او شكّ فيه ما دام كون احد الظنّين المظنون الاعتبار او كليهما كذلك بقدر الكفاية على اشكال فيه ويعرف الكلام فى الظنّ النّوعى المتعلّق بالواقع ايضا بالتامّل فيما ذكرنا والله الهادى الى سواء السّبيل فتامّل قوله فلا يحصل الّا مع العلم او مع الظنّ المعتبر القائم مقامه وسيأتى التّصريح به منه قدس‌سره قوله فكذلك سلوك الطّريق المجعول بل قد يقال بالفرق بين الواقع اذا كان توصليّا وبين الطّريق بان براءة الذمّة تابعة عقليّة لنفس الواقع فان علم بالواقع وعمل بمقتضى العلم كان قطعا بالبراءة وان ظن بالواقع كان ظنّا بالبراءة وهكذا وان لم يعلم ولم يظن ايضا بل قطع بعدمه وكان عمله مصادفا للواقع فى علم الله يحصل براءة ذمّته منه لعدم اعتبار الاستناد والتديّن فيه بخلاف الطّريق فانّه لا بدّ فيه من الاستناد والتديّن والّا فمجرّد تطبيق العمل عليه لا يكون عملا به اذا لم يكن معلوما ولا مظنونا بالظنّ المعتبر ولذا قالوا انّ المقلّد اذا وافق عمله راى مجتهده الّذى كان تكليفه الرّجوع اليه بدون التديّن والاستناد اليه لا يكون عمله صحيحا ويلزمه الاعادة او القضاء بخلاف ما لو صادف عمله الواقع مع جهله به وكون الموافقة اتّفاقيّة فانّ عمله يكون صحيحا مسقطا للقضاء والاعادة نعم اذا كان الحكم الواقعى تعبّديا فهو كالطّريق لا يسقط القضاء والاعادة ولا يحصل الامتثال فيه الّا مع العلم او الظنّ المعتبر او الاحتياط ولا يكفى الموافقة الاتفاقيّة الّا اذا وقع منه قصد القربة مع الغفلة فان عمله يكون صحيحا مع المطابقة قوله وان لم يعلم بحصوله اه لفرض كونه توصليّا لا يعتبر فى سقوطه العلم ولا الظنّ بل ولا الالتفات به كما هو ظاهر قوله لأنّ نفس اداء الواقع ليس سببا تامّا يعنى فى مقام الامتثال وتعبّديّة الحكم لا مطلقا فانّه اذا كان توصّليّا يكون سببا تامّا للبراءة كما سلف قوله تحكم صرف مضافا الى انّ الظنّ بحجّية شيء قد يحصل من طريق يعلم بعدم حجّيته فكيف يحصل من العمل به الظنّ بالبراءة مطلقا قوله لا يتصف بالطريقيّة فعلا اذ موضوع الحكم الظّاهرى مثل وجوب تصديق العادل هو خبر العادل لا بشرط العلم والجهل بالحكم المزبور ايضا والّا فيلزم فيه الدّور ايضا مثل الحكم الواقعى فالحكم الظاهرى ايضا فى موضوع الجهل بالواقع له واقعيّة غاية الامر انّها ثانويّة وطريقيّته فعلا انّما يكون بالعلم او الظنّ المعتبر كالواقع الاوّلى وقد اشرنا الى ذلك فى اوائل الكتاب قوله لغو صرف

٥١٣

يعنى فى مقام حصول الامتثال وتعبديّة الحكم لا اذا كان توصليّا فان تطبيق الاعمال عليه كاف فى سقوطه كما سلف قوله من امكان منع جعل الشارع اه هذا الإيراد مبنىّ على ما تكرّر فى كلماته فى بيان هذا الوجه من انّ حصول الظنّ بتفريع الذمّة فى حكم الشارع انما يحصل من الظنّ بحجّية طرق مخصوصة والّا فاصل الدّليل لا يتوقف على الالتزام بجعل الطّرق اذ الظن ببراءة الذمّة فى نظر الشّارع قد يحصل بحكمه التّاسيسى وقد يحصل بحكمه الإمضائي وقد صرّح فى الوجه الثّانى بانّ المعلوم الإجمال انّ الشّارع قرّر طريقا الى الاحكام سواء كان هو العلم او الظنّ المطلق او الظنون الخاصّة كما عرفت ممّا سبق قوله ثم على الظنّ الاطميناني وهكذا الى آخره المراتب على تقدير عدم كفاية السّابقة كما نقل سابقا قوله كصاحب القوانين قد صرّح قدّس سره بالتعميم فى باب حجّية خبر الواحد حيث قال ثم انّه قد ظهر لك ممّا حقّقنا المقام انّه لا فرق بين مسائل اصول الفقه وفروعه فى جواز البناء على الظنّ ولكنّه قدس‌سره فى باب مقدّمة الواجب ذكر انّ الإجماع المنقول فى المسائل الاصوليّة غير ثابت الحجّية فبين كلاميه تهافت الّا ان يراد بهذا الكلام عدم ثبوت حجّيته من طرق مخصوصة بان يكون ظنّا خاصّا وقد اشرنا الى ما ذكرنا سابقا فى بعض الحواشى ايضا قوله ويدفعه انّ المسألة ليست من التوقيفيّات اذ اتّفاق العلماء فى المسألة العقليّة لا يكشف عن قول المعصوم عليه‌السلام وانّما يكشف عنه فى المسائل التعبديّة الّتى شأن الشّارع بيانها ويكون عنوان الرّئاسة والمرءوسيّة محفوظة فيها وان كان المعصوم رئيس العقلاء بل العقل الكلّ الّا انّه ليس شانه من حيث انّه شارع بيان المسائل العقليّة وقد اوضحنا ذلك عند شرح قوله فى اوّل الكتاب امّا الإجماع فالمحصّل منه غير حاصل والمسألة عقليّة فراجع قوله مع انّ دعواه فى مثل هذه المسائل فمع عدم عنوان هذه المسألة فى كلامهم كيف يستكشف اقوال العلماء وآرائهم خصوصا بملاحظة ان اكثر العلماء الّا ما شذّ منهم من اهل الظنون الخاصّة والقائلون بالظنّ المطلق جماعة قليلون كالمحقق البهبهانى والمحقّق الكاظمى وصاحب الرّياض وبعض آخر وعلى تقدير اتفاق جميعهم مع انّهم قليلون بالنّسبة الى غيرهم على عدم حجّية الظنّ فى الطريق فقط كيف يستكشف من ذلك قول الإمام فظهر من ذلك ضعف الدّعوى المذكورة غايته قوله فى خصوصها كما عرفته منّا يعنى انّ سبيل ردّ القائل بحجّية الظنّ فى الطّريق

٥١٤

فقط منحصر فى امرين الامر الاوّل منع حكم العقل ومنع جريان المقدّمات فى خصوص مسئلة بيّن الطّرق على ما ادّعاه القائل المذكور ومنعهما فى خصوصها يتصوّر على وجهين الوجه الاوّل جريان مقدّمات الانسداد فى خصوص الأحكام الفرعيّة وجعل النتيجة اعمّ من الظنّ فى المسألة الفرعيّة والظنّ فى المسألة الاصوليّة والحكم بحجّيتها كليهما لأنّ المناط فى حجية الظنّ بالواقع عند الانسداد وحكم العقل بها كونه موجبا للظنّ ببراءة الذمّة وهذا المناط موجود فى الظنّ فى الطّريق ايضا وهذا هو الّذى عرفته من المصنّف وقد صرّح به فى اوّل المبحث الوجه الثّانى اجراء مقدّمات الانسداد فى مطلق الاحكام الشرعيّة فرعيّة اصوليّة وجعل النتيجة هى حجّية مطلق الظنّ فيها كذلك ان امكن القول بهذا وقيل به ولا يجوز نسبة هذا الى المصنّف وتنزيل العبارة على هذا اذ قد صرّح سابقا بعدم تمامية المقدمات بالنّسبة الى الطّريق من جهة المنع عن نصب الطرق الكافية ومنع بطلان الرّجوع الى الاصول وغير ذلك الامر الثّانى منع حكم العقل وجريان المقدّمات فى مسئلة تعيين الطّرق فى ضمن مطلق الاحكام الشرعيّة وهذا هو الّذى فعله غير واحد من مشايخه كصاحب الرّياض وشريف العلماء وغيرهما حيث انّهم قرّروا مقدّمات الانسداد فى خصوص الاحكام الفرعيّة وجعلوا النتيجة حجّية الظنّ المطلق فيها فقط ولم يعتبر والظنّ فى الطّريق اصلا فهم قدّس الله اسرارهم يجعلون النتيجة موافقة للمقدّمات ولمّا كان مذهبهم حجّية الظنّ المطلق فى الاحكام الفرعيّة خاصّة فلا بدّ لهم من التزام جريان مقدّمات الانسداد فيها خاصّة وقد حمل بعض المحشّين الفقرة الثانية وهى قوله او فيها فى ضمن اه على الظّنون الخاصّة ومذهب القائلين بها وهو بعيد بل لا مساغ له الثانى : فى أنّ نتيجة دليل الانسداد هل هو الاهمال أو التعيين والكلام فى مقامات قوله هل هى مهملة من حيث اسباب الظنّ اه يحتمل ان يريد المصنّف قدس‌سره بالمهملة ما هو المعروف عند اهل الميزان من انّها ما لم يبيّن فيه كميّة الافراد ويشهد لارادته هذا المعنى قوله فيما سيأتى كما يحتمل ان يكون الشّارع قد جعل لنا مطلق الظنّ او الظنّ فى الجملة المتردد بين الكلّ والبعض المتردد بين الابعاض اه ويحتمل ان يريد بالمهملة للجملة فيشمل ما ذكر وما لو علم جزئيّة الظنون الكافية الّتى تكون حجّة ولكنّها تكون مردّدة بين الابعاض الّتى يكون كلّ بعض منها كافيا بمعظم الاحكام ويمكن ان يستكشف من بعض عباراته الآتية هذا المعنى وكيف كان قد يكون الإهمال وعدمه بحسب الأسباب فقط وقد يكون

٥١٥

بحسب المراتب وقد يكون بحسب الحيثيتين والمصنّف ذكر فيما سيأتى ان النتيجة تكون مهملة بحسب الأسباب والمراتب على القول بالكشف وبحسب المراتب فقط على القول بالحكومة المقام الاول : فى كون نتيجة دليل الانسداد مهملة او معينة قوله وقد سلك هذا المسلك صاحب القوانين يعنى انّ صاحب القوانين قد اختار جريان دليل الانسداد فى كلّ مسئلة مسئلة انسدّ فيها باب العلم مع عدم ملاحظة الانسداد فى غيرها من جهة انّه لم يبطل الرّجوع الى البراءة من جهة كثرة المخالفة القطعيّة المعبّر عنها بالخروج عن الدّين الّتى لازمها عدم امكان الرّجوع الى البراءة من حيث اجرائها فى معظم المسائل ضرورة انّ الرّجوع اليها فى بعض المسائل القليلة لا يكون خروجا من الدين ومن جهة انّه قدس‌سره لم يبطل الرّجوع الى الاحتياط من جهة لزوم الحرج البالغ اختلال النظام الّتى لا تتأتّى الّا بالرّجوع اليه فى معظم المسائل ومن المعلوم انّ الرّجوع الى الاحتياط فى بعض المسائل القليلة لا يستلزم ما ذكر من اختلال النظام بل لا يستلزم الحرج وان لم يبلغ حدّ اختلال النّظام قلت قد ابطل المحقق القمّى ره الرّجوع الى البراءة فى دليل الانسداد بوجوه الاوّل انّ الظنّ الخبرى وظاهر الكتاب وما يجرى مجراهما اقوى من الظنّ الحاصل من اصل البراءة وما يجرى مجراه ولا ريب انّه مع التّعارض لا بدّ من تقديم الظنّ القوي بل لا يحصل الظنّ من الضّعيف اصلا ويكون وهما قال قدّس سره بعد ذكر انسداد باب العلم فى غالب الموارد وانّه يجب الاعتماد على الظنّ والّا لزم التكليف بما لا يطاق ويندرج فى ذلك الظنّ الحاصل من خبر الواحد فانّه لا فارق بين افراد الظنّ من حيث هو فاذا حصل منه ظنّ اقوى من غيره فيجب متابعته بل لا معنى ح لكونه اقوى بل الظنّ انّما هو من جهته وملاحظة القوّة والضّعف انّما هو بملاحظة كلّ منهما على حدّه لا مجتمعا وقد صرّح فى غير مقام بعدم حصول الظنّ من اصل البراءة مع وجود الخبر الصّحيح على خلافه بل ذكر فى بعض كلماته انّ الظنّ لا يحصل من اصل البراءة اصلا بعد ورود الشّرع قال فى مقام رد المحقق الخوانسارى مع انه اى حصول الظنّ من اصل البراءة ممنوع بعد ورد الشّرع ثم بعد ورود خبر الواحد على خلافه اذا حصل من خبر الواحد ظنّ اقوى منه انتهى ويستفاد من هذا الكلام انّ الرّجوع الى اصالة البراءة فى بعض المسائل بعد ورود الشّرع ليس لاجل افادته الظنّ بل لقاعدة قبح العقاب بلا بيان وهو الحق المطابق لبعض كلماته فى مبحث اصل البراءة ايضا وان كان صريح بعض كلماته هنا وفى مبحث اصل البراءة كون الرّجوع اليه لاجل الظنّ هذا بل قد ذكر المحقق المزبور عدم الرّجوع الى اصل البراءة مع

٥١٦

قيام مطلق الظنّ الاجتهادىّ على ثبوت التّكليف الإلزامي قال فى مقام دفع الايراد عن الدليل الثالث على حجّية الظنّ من وجوب دفع الضّرر المظنون اقول مراد المستدلّ انّه اذا علم بقاء التكليف ضرورة وانحصر طريق معرفة الحكم الشّرعى فى الظنّ فيجب متابعته ولا يجوز تركه بان يقال الاصل براءة الذمّة عن هذا التكليف اذ ما ظنه واجبا او حراما فيظنّ ان الله تعالى يؤاخذه على مخالفته وظنّ المؤاخذة موجب لوجوب التحرّز عقلا ولا وجه لمنع ذلك والوجه الثّانى من وجوه ابطال البراءة الإجماع على عدم الرّجوع اليه فى مقابل خبر الواحد قال والإجماع على الرّجوع الى اصالة البراءة فيما ورد فى خلافه خبر الواحد اوّل الكلام ان لم ندّع الإجماع على خلافه حيث يفهم منه امكان ادعاء الاجماع على عدم الرّجوع الى اصل البراءة وقد تمسّك المصنّف قدّس سره سابقا فى مقام ابطاله بالإجماع ايضا وان كان بينهما فرق فى الجملة والوجه الثالث من وجوه ابطال البراءة عدم امكان الرّجوع اليها مع العلم الاجمالى قال قدّس سره فى مقام رد المحقق الخوانساري الّذى اورد على دليل الانسداد ما نقله المصنّف سابقا اقول فيه نظر من وجوه امّا اوّلا فلانّ قوله وما لم يحصل العلم به يحكم فيه باصل البراءة ان اراد منه عدم حصول العلم الاجمالى ايضا فهو كذلك لكنه خلاف المفروض وان اراد منه عدم حصول العلم التفصيلى ففيه انّ عدم العلم التفصيلى لا يوجب البراءة مع ثبوت التكليف بالمجمل سيّما مع التمكّن من الاتيان به بان يأتى بالمحتملات بحسب القدرة والاستطاعة الى آخر ما افاد وما ذكره من عدم الرّجوع الى البراءة من جهة العلم الإجمالي المستلزم للمخالفة القطعيّة بل الكثيرة منها المعبّر عنها بالخروج عن الدّين لو رجع اليها فى موارد وجود خبر الواحد وغيره الدالّين على التّكليف الإلزامي على تقدير عدم الدّليل على حجّيتهما بالخصوص كما هو المفروض هو الّذى ذكره المصنّف فى مقام ابطال الرّجوع الى البراءة وهو المطابق لكثيرة من كلماته فى المواضع المتفرّقة قال فى باب عدم جواز العمل بالعام قبل الفحص عن المخصّص قلت اجراء الاصل مع العلم بوجود المعارضات لا معنى له الى ان قال قلت انّ هذا يصير من باب الشبهة المحصورة الّتى حكموا بوجوب الاجتناب فيها مع انّا لو قلنا بجواز الارتكاب فى الشبهة المحصورة ايضا الى ان يلزم منه العمل بالحرام لا يتمّ الكلام هنا لانّ فتح باب الرّخصة فى ذلك لآحاد المكلّفين يقتضى تجويز الارتكاب فى الجميع فاين اعتبار ملاحظة المعارض ثم ذكر بعد ذلك ما يدلّ عليه ايضا وقال فى باب مقدّمة الواجب فالّذى نمنع

٥١٧

وجوبه هو اجتناب الجميع وامّا اذا بقى منه بمقدار نجزم بارتكاب الحرام فلا نجوّزه لكنّه قدس‌سره فى باب الأدلّة العقليّة قد مال بعض الميل الى جواز ارتكاب جميع الأطراف حتّى فى الشبهة المحصورة تدريجا فراجع اليه هذا وقد ابطل المحقق المذكور فى مقام بيان دليل الانسداد وغيره الرّجوع الى الاحتياط بوجوه ايضا الاوّل عدم وجوب العمل بالقطعيّات فى الفرعيّات قال فى مقام ردّ من اورد على الدّليل الثّانى الّذى اقيم على حجّية الظنّ مطلقا من بطلان ترجيح المرجوح على الراجح بانّه انّما يلزم لو ثبت وجوب الافتاء وهو ممنوع لامكان التوقف والاحتياط ما هذا لفظه فانّا نقول وجوب العمل بالمقطوع به فى الفرعيّات اوّل الكلام وما دلّ عليه من ظواهر الآيات مع انّ ظواهرها ليست بحجّة عند الأخباريّين ليست الّا ظنونا مع انّ الظاهر منها اصول الدّين والثّانى عدم امكانه فى كثير من الموارد وبيّن ذلك مستوفى قال وبالجملة من سلك سبيل الفقه واطّلع على احكامه وعاشر النّاس ولاحظ وقائعهم المختلفة ومقتضياتهم المتناقضة وتتبع الادلّة ومؤدّاها وعرف الفرق بين زمان المعصوم ع وغير زمانه يعلم انّ ما ذكره الاخباريّون محض كلام بلا محصّل والثّالث عدم دليل على وجوب الاحتياط وهذا ممّا صرّح به فى مقام دليل الانسداد وغيره وقد نقلنا شطرا من كلماته الدالّة على ذلك وصرّح به فى باب الأدلّة العقليّة مرارا ومبناه على عدم وجوب دفع الضّرر ولو كان اخرويّا سواء كان فى الشكّ فى التّكليف او فى المكلّف به من الشبهة المحصورة او غيرها والرّابع كون الاحتياط مستلزما للعسر والحرج المنفيّين فى الشّريعة وهذا هو الّذى ذكره المصنّف ره لأبطال الاحتياط وقد تكرّر ذكر هذا الوجه فى كلمات المحقق المزبور فى هذا المقام بل يظهر من بعض كلماته انّ بطلان الرّجوع الى الاحتياط اظهر من بطلان الرّجوع الى البراءة حيث قال اقول وهذا الايراد فى جانب المقابل من الايراد المتقدّم فى الدّليل الاوّل فكما انّه افراط فهذا تفريط واذ قد ابطلنا العمل باصل البراءة ثمة فبطلان التوقّف والاحتياط هنا اولى انتهى وهذا هو المستفاد من اكثر كلمات العلماء الّتى نقلها المصنّف سابقا فى مقام ابطال الرّجوع الى البراءة حيث لم يتعرّضوا لأبطال الاحتياط لكونه مفروغا عنه عندهم وقد اشار الى هذا المصنّف ايضا فيما سبق اذا عرفت هذا فنقول انّ لازم اجراء دليل الانسداد فى مسئلة مسئلة هو الالتزام باجرائه فيها مع فرض انفتاح باب العلم فى معظم المسائل ايضا كما صرّح

٥١٨

بهذا الالتزام شيخنا المحقّق قدس‌سره فى الحاشية وغيره ايضا وح فنسبة ما ذكر الى المحقّق القمىّ قدس‌سره غير صحيح قطعا امّا اوّلا فلأنّ اجرائه فيها موقوف على جريان مقدّمات الانسداد فيها ومن المعلوم عدم تاتّى المقدّمات الّتى منها بقاء التكليف بالواقع وبطلان الرّجوع الى البراءة والاحتياط اذ لا يخفى ان الرّجوع الى البراءة فيها ليس على خلاف الإجماع ولا يوجب المخالفة القطعيّة ايضا اذ ليس هناك علم اجمالى بعد احراز المعلومات الإجماليّة بالعلم وانحلالها به وكذلك مع الالتزام بانفتاح الظنّ الخاصّ فى معظم المسائل اذ يحصل الانحلال ايضا به ولا يلزم الحرج ايضا من الالتزام بالاحتياط فيها وبالجملة ما ذكره من الأدلّة على بطلان الرّجوع الى البراءة والاحتياط لا يتأتّى فى الفرض المزبور كما هو واضح مضافا الى صراحة كلمات المحقّق فى انّ حجّية الظنّ المطلق فى صورة الانسداد فقط قال فى مقام اثبات حجّية الظنّ المطلق الاوّل انّ باب العلم القطعىّ فى امثال زماننا منسدّ فى غير الضّروريّات غالبا وفى موضع آخر الخامس الادلّة الدالّة على حجّية ظنّ المجتهد فى امثال زماننا المتباعدة عن زمان الأئمّة ع وفى موضع آخر فهو يحتاج الى دليل آخر من اجماع او غيره من الأدلّة الّتى اقيمت على حجّية ظنّ المجتهد فى امثال زماننا وغير ذلك من العبارات الصّريحة فى ذلك ويفهم من تصريحاته فى هذا المقام وفى باب الاجتهاد والتقليد وغيره انسداد باب الظنّ الخاصّ ايضا فى امثال زماننا غالبا من جهة انّ ظواهر الكتاب وخبر الواحد وامثالهما ليست حجّة عنده لنا بالخصوص بل من باب الظنّ المطلق والإجماع على حجّيتها مخصوص بزمن المشافهين وعلى فرض ثبوت حجّيتها فى امثال زماننا به او بغيره فانّما يثبت به حجّيتها فى الجملة وامّا التفصيلات فلا بدّ من اثباتها بالظنّ المطلق وقد نقلنا شطرا من كلماته المتعلّقة بالمطلب المذكور فى باب ظواهر الالفاظ نعم ما نقلناه عن قريب من قوله بانّ وجوب العمل بالقطعيّات فى الفرعيّات اول الكلام ربما يستفاد منه قوله قدّس سره بوجوب العمل بالظنّ المطلق مع امكان تحصيل العلم ايضا لكن لا بدّ من القطع ببطلانه ويلزم الاخذ بما هو صريح كلامه دون ما هو مشبه مشتبه ملبّس نعم هو قائل بحجّية كلّ ظنّ فعلىّ شخصىّ فالظّاهر انّه يقول بالحكومة والتعميم بحسب الأسباب والمراتب والموارد لعدم انضباط المرتبة الخاصّة او عدم كفايتها وعدم كفاية القدر المتيقّن الحقيقى او الاضافى وما يشعر به بعض كلماته فى مقام التفصّى عن القياس من القول بالظنّ الشّأني ولذا ردّ عليه

٥١٩

صاحب الفصول بما سمعت سابقا لا ينبغى ان يعرّج عليه والوقوف عنده وممّا عرفت ظهر النظر فيما نسب اليه المصنّف من جهات عديدة فتامّل جيّدا حتّى تقف على مرّ الحقّ والله الهادى قوله ويظهر ايضا من صاحب المعالم والزّبدة يعنى ويظهر المسلك المذكور من جريان دليل الانسداد فى مسئلة من صاحب المعالم وصاحب الزّبدة بناء على ظهور كلاميهما فى حجّية الظنّ المطلق اذ القول بالمسلك المزبور لا يجتمع مع عدم حجّية الظن المطلق كما صرّح به المصنّف عن قريب من انّه اذا جرت المقدّمات فى مسئلة تعيّن وجوب العمل باىّ ظنّ حصل فى تلك المسألة من اىّ سبب وهذا الظنّ كالعلم اه ويمكن استفادة حجّية الظنّ المطلق من كلمات صاحب المعالم فى مواضع منها قوله واذا انسدّ باب العلم فى حكم شرعى كان التكليف فيه بالظنّ قطعا ومنها قوله ويستوى الظن الحاصل من ظاهر الكتاب ومن غيره بالنظر الى اناطة التكليف به ومنها قوله والاكتفاء بالظن فيما يتعذّر فيه العلم ممّا لا شكّ فيه ولا نزاع ولا ينافى هذا قوله والعقل قاض بانّ الظنّ اذا كان له جهات متعدّدة تتفاوت بالقوّة والضّعف فالعدول عن القوي منها الى الضّعيف قبيح اه اذ من المعلوم انّه اذا تعارض الضّعيف والقوىّ فى مسئلة واحدة لا يبقى الظنّ الضّعيف بل يصير وهما وفى الحقيقة لا يتحقق التّعارض وامّا صاحب الزّبدة فقد قال بعد اقامة الادلّة الخاصّة على حجّية خبر الواحد واصالة البراءة ضعيفة بعده حيث انّه يفهم منه انّ عدم العمل باصالة البراءة لأنّها ضعيفة بعد خبر الواحد وانّها لا تفيد الظنّ فى مقابل خبر الواحد فيفهم منه العمل بمطلق الظنّ وانّ التكليف منوط به ويمكن انّ يستفاد هذا من عبارة صاحب المعالم ايضا هذا ولكن مجرّد القول بالظنّ المطلق لا يكفى فى نسبة المسلك المزبور اليهما بل لا بدّ فيها من امر آخر ايضا وهو انّهما قد ابطلا الرّجوع الى البراءة من جهة عدم افادتها الظنّ فى مقابل خبر الواحد لا من جهة انّ الرّجوع اليها يستلزم الخروج عن الدّين فيستكشف من ذلك كونهما قائلين بالمسلك المزبور ويرد على المصنّف فى نسبة ذلك اليهما بعض ما عرفت فى نسبة ذلك الى المحقق القمىّ فراجع الى الحاشية السّابقة مع انّه يمكن ان يقال انّ غرضهما فى مقام الاشارة الى دليل الانسداد هو حجّية خبر الواحد فقط على ما يستفاد من بعض كلمات صاحب المعالم مضافا الى انّ ذكر دليل الانسداد فى المعالم انّما هو من باب المماشاة

٥٢٠