إيضاح الفرائد - ج ١

السيّد محمّد التنكابني

إيضاح الفرائد - ج ١

المؤلف:

السيّد محمّد التنكابني


الموضوع : أصول الفقه
المطبعة: المطبعة الإسلاميّة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٦٩٧
الجزء ١ الجزء ٢

من عدم حجّية خبر الواحد مطروحا قوله ويمكن الجمع بينهما بوجه احسن قد سبق المصنّف الى هذا الجمع المحقّق السيّد الكاظمى ره فى شرح الوافية قال فان تأوّلنا القطع فى كلام السيّد بالعلم العرفى واطمينان النّفس كما هو الظّاهر من الأمارات الّتى لا تفيد الّا الظنّ كموافقة ظاهر الكتاب كان اوسع ممّا نقلنا ويكون وجه جمع بينه وبين الشيخ ره اه والفاضل النّراقى فى محكىّ المناهج وصاحب الفصول نقلا عن بعضهم ثمّ رده بانّه تكلّف بارد وتوجيه فاسد فانّ كلام الشيخ ره نصّ فى حجّية الأخبار الغير المفيدة للعلم حيث اعتبر تجرّدها عن القرائن المفيدة للعلم مع انّها لو كانت مقطوعة الصحّة عنده لما كان لاحتجاجه على حجّيتها بالإجماع معنى لتساويهما فى الظّهور والحجّية انتهى والوجه الاوّل من ردّه مردود بما ذكره المصنّف من انّ المراد بالقرائن هى القرائن الاربع المعهودة لا مطلق القرائن المفيدة للوثوق والاطمينان والوجه الثّانى من ردّه مردود ايضا بانّ الإجماع ليس فى مرتبة الخبر ولو مع الاطمينان بصدوره لأنّ الإجماع يفيد القطع بمعنى عدم احتمال الخلاف فلا ضير فى التمسّك به لحجّية الخبر مع الاطمينان بصدوره اذ احتمال الخلاف فيه قائم بل وجه تزييف الجمع المزبور انّ السيّد ره قد صرّح فيما نقله عنه فى المعالم بانّ معظم الفقه يعلم بالضّرورة من مذهب ائمّتنا عليهم‌السلام فيه بالأخبار المتواترة وما لم يتحقق ذلك فيه ولعلّه الأقلّ يعوّلون على اجماع الإماميّة وفى موضع آخر انّ اكثر الأخبار المدوّنة فى كتبنا معلومة مقطوع على صحّتها امّا بالتواتر او بامارة وعلامة تدلّ على صحّتها وصدق رواتها فهى موجبة للعلم مقتضية للقطع وان وجدناها مودعة فى الكتب بسند مخصوص من طرق الأصل انتهى ويدلّ على ذلك انّه قدس‌سره كثيرا ما يرد الأخبار وإن كانت صحاحا مستفيضة بانّها لا توجب علما ولا عملا ويكشف عن بطلان الجمع المزبور ايضا انّ الشيخ ره قال فى اوّل الفصل العاشر والّذى اذهب اليه انّ خبر الواحد لا يوجب العلم وانّه كان يجوز ان ترد العبادة بالعمل به عقلا وقد ورد جواز العمل به فى الشّرع الّا ان ذلك موقوف على طريق مخصوص وهو ان يرويه من كان من الطّائفة المحقّة ويختصّ بروايته ويكون على صفة يجوز معها قبول خبره من العدالة وغيرها فكيف يمكن مشاركته للسيّد فى حجّية الخبر المفيد للعلم بمعنى سكون النفس ويدلّ على ذلك ايضا قول الشيخ ره فى العدّة انّ حدّ العلم ما اقتضى سكون النّفس لأنّ الّذى يبيّن العلم من غيره من الأجناس هو سكون النفس دون كونه اعتقادا لأنّ الجهل ايضا

٤٠١

اعتقاد وكذلك التّقليد ولا يبين ايضا بقولنا للشّيء على ما هو به لأنّه يشاركه فيه التّقليد ايضا اذا كان معتقده على ما هو به والّذى يبين به هو سكون النّفس ثم قال والعلوم على ضربين ضرورىّ ومكتسب فحدّ الضّرورى ما كان من فعل غير العالم به على وجه لا يمكنه دفعه عن نفسه بشكّ او شبهة اه ويظهر منه انّ المراد من العلم عنده اعلى افراد القطع الّذى لا يحتمل الخلاف والظّاهر انّ مراده من سكون النفس ما لا يزول بتشكيك المشكّك وهو المراد بالثّابت فى التّعريف المشهور للعلم بانّه الاعتقاد الجازم الثّابت المطابق للواقع فالعلم عنده بمعنى القطع المخصوص المزبور وان تنزّل عن ذلك فليكن عنده بمعنى مطلق القطع الّذى لا يحتمل الخلاف فمن اين يمكن حمل العلم عنده على سكون النّفس بمعنى الظنّ الاطميناني وممّا يكشف عن فساد الجمع المزبور انّ السيّد ره جعل خطر العمل باخبار الآحاد كخطر العمل بالقياس عند الشّيعة ومن المعلوم انّ القياس قد يفيد الظنّ الاطميناني مع انّ العمل به باطلاقه ممنوع عند الشّيعة فكذلك لا بدّ ان يكون العمل بخبر الواحد وان افاد الظنّ الاطميناني ممنوعا عند الشّيعة على زعمه وبالجملة لا بدّ من القطع بفساد الجمع المزبور ونقل شيخنا المحقّق طاب ثراه عن الفاضل القزوينى فى شرح العدّة انّه قال ولا يخفى انّ مشاكثة الوهم لا ينافى سكون النّفس فلا يتوهّم من قوله تعالى حكاية عن ابراهيم ع و (لكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي) انّه ع لم يكن عالما بامكان احياء الموتى فانّه لدفع مشاكثة الوهم بانضمام المشاهدة الى البرهان الى آخر ما نقله عنه فيه قوله وهو الّذى ادّعى بعض الأخباريّين اه قال الوحيد البهبهانى ره فى بعض رسائله اعلم انّ بعض الفرقة الموجّهة من الأخباريّين قال لفظ العلم يطلق لغة على الاعتقاد الجازم الثابت المطابق للواقع وهذا يسمّى باليقين وعلى ما تسكن اليه النّفس وتقتضى العادة بصدقه ويسمّى العلم العادى ويحصل بخبر الثقة وغيره اذا دلّ القرينة على صدقه وهذا هو الّذى اعتبره الشّارع فى ثبوت الأحكام الشّرعيّة كما يرشد اليه موضوع الشّريعة السّمحة وقد عمل الصّحابة واصحاب الأئمّة بخبر العدل الواحد وبالمكاتبة على يد شخص بل وبخبر غير العدل اذا دلّت القرائن على صدقه ولا ينافى هذا الجزم تجويز العقل خلافه نظرا الى امكانه كما لا ينافى العلم بحياة زيد الّذى غاب بخطه تجويز موته فجأة ومن تتبع كلام العرب ومواقع لفظ العلم فى المحاورات جزم بانّ اطلاقه عليه عندهم حقيقة وانّ تخصيصه باليقين اصطلاح جديد من اهل المنطق وتحقّق انّ الظّنّ لغة هو الاعتقاد الرّاجح الّذى لا جزم معه اصلا والعلم بهذا المعنى اعتبره الاصوليّون والمتكلّمون

٤٠٢

فى قواعدهم وفى الذّريعة عرف العلم بانّه ما اقتضى سكون النّفس وهو يشمل اليقينى والعادى فهذا هو العلم الشرعى فان شئت سمّه علما وان شئت سمّه ظنّا ولا مشاحة بعد العلم بانّه كاف فى ثبوت الأحكام فالنزاع لفظىّ لانّ الكلّ اجمعوا على انّه يجب العمل باليقين ان امكن والّا كفى ما يحصل به الاطمينان والجزم عادة ولكن هل يسمّى علما حقيقة بانّ له افراد متفاوته اعلاه اليقين وادناه ما قرب من الظنّ المتاخم او حقيقة واحدة لا تتفاوت وهى اليقين وما سواه ظنّ وذلك خارج عمّا نحن فيه انتهى ملخّصا قال اقول ولا يخفى ما فيه اذ لا تأمّل للمجتهدين فى كون العلم عقليّا وعاديّا وان الثّانى حجّة كالاوّل مطلقا وبنفسه لا بعد العجز عن اليقين ولذا لا يستدلّ على حجّيته ولا يحتاج الى جعل من الشّرع او العقل وانّ خبر الواحد يفيد العلم بمعونة القرائن ممّا لا يتامّل فيه احد وكتبهم مشحونة بذلك وكلماتهم صريحة فيما ذكرنا ولم نجد فى اصطلاح احد تسمية هذا العلم ظنّا مضافا الى انّ العقل لا يجوز خلافه بملاحظة الواسطة ومن جهتها كما سنشير اليه وان كان يجوز مع عدم الملاحظة كما هو الحال فى كلّ العلوم النظريّة وجلّ العلوم البديهيّة الى آخر ما افاد قدّس سره قلت مع انّك قد عرفت عند نقل كلام الشيخ ره فى العدّة فى مقام تعريف العلم بانّه ما اقتضى سكون النّفس انّ العلم عنده من اعلى افراد اليقين وان اصطلاحه منطبق على اصطلاح اهل المنطق ولا وجه لحمل كلامه وكلام السيّد دعوى الاجماع من ابن طاوس فى الذّريعة على الظنّ الاطميناني وقد عرفت شرح ذلك مفصّلا قوله قدس‌سره وجد المسلمين والمرتضى اه قد ضرب فى بعض النسخ لفظ المرتضى ولعلّه الصّواب وعلى تقدير وجوده كما فى كثير من النّسخ فلعلّه اراد انّ المرتضى عمل به غفلة عمّا ذكره فى الأصول من عدم حجّية خبر الثّقة قوله وفيه دلالة على انّ غير الشيخ اه وجه الدّلالة انّه ره عطف غيره على محمّد بن الحسن الطّوسى وقد ذكر محمّد بن الحسن ره اجماع العلماء على العمل بخبر الواحد فى الشّريعة فلا بدّ ان يكون غيره ايضا كذلك قضاء لحق العطف المقتضى للاشتراك دعوى الاجماع من العلّامة قوله وممّن نقل الإجماع ايضا العلّامة اه عبارة العلّامة فيما عندنا من نسخة النّهاية هكذا فامّا الإماميّة فالأخباريّون منهم مع انّ قديم الزّمان ما كانت الّا منهم لم يعوّلوا فى اصول الدّين وفروعه الّا على اخبار الآحاد المرويّة عن الأئمّة ع والاصوليّون منهم كابى جعفر الطّوسى وغيره عملوا بها ولم ينكره سوى المرتضى واتباعه لشبهة حصلت لهم من اعتقاد الضّرورة انتهى ثم انّ المراد من الضّرورة الّتى ذكر العلّامة انّها دعتهم الى انكار العمل بخبر الواحد هى ضرورة الخطر من العمل بخبر الواحد عند الإماميّة كضرورة

٤٠٣

الخطر من العمل بالقياس وان خطر العمل به عند الاماميّة معلوم لكلّ موافق لهم ومخالف كما هو معلوم من العبادات الّتى نقلها فى المعالم والمصنّف فى هذا الكتاب عن السيّد ومما نقلنا ظهر المراد من الشّبهة فى عبارة العلّامة فى النّهاية وان ابداء المصنّف وجوها ثلاثة انّما هو لعدم وجود النّهاية عنده او لغفلته عن ذيل كلامه دعوى الاجماع من المجلسى قوله وممّن ادّعاه ايضا المحدّث المجلسىّ اه وحكى عنه قدس‌سره فى المجلّد الأوّل من البحار انّ عمل اصحاب الأئمّة عليهم‌السلام على اخبار الآحاد متواتر بالمعنى لا يمكن انكاره وفى موضع آخر انّ ما قيل من انّ مثل هذا التّناقض والتّنافى الّذى يوجد فى الإجماعات يكون فى الرّوايات ايضا قلنا حجّية الأخبار ووجوب العمل بها ممّا تواترت به الأخبار واستقرّ عليه عمل الشّيعة بل جميع المسلمين فى جميع الاعصار بخلاف الإجماع الّذى لا نعلم حجّيته ولا تحققه ولا مأخذه قال وفى الجملة من تتبع موارد الإجماعات وخصوصيّات اتّضح عليه امر السّائلين فيها انتهى قوله ثم انّ مراد العلّامة من الأخباريّين اه الظّاهر انّه ليس المراد من الأخباريّين فى كلام العلّامة الأخباريّين المعروفين فى زماننا الّذين لا يجوّزون العمل بالظنون الاجتهادية ويجعلون الأخبار قطعيّة كما قد توهّمه بعضهم زاعما استفادة كون القدماء اخباريّين من كلماتهم بل المراد منهم قوم قصر نظرهم عن تفريع الفروع الدقيقة والبحث عن الفروعات بالنّظر والاستدلال وكان كثيرا من القدماء كذلك يقتصرون فى الفتوى على متون الأخبار من غير ان يدوّنوا الفقه ويبحثوا فيه بالنظر الدقيق كما هو شأن المفيد والسيّد والشيخ والعلّامة وغيرهم قدّس الله ارواحهم وقد اشار الى ما ذكرنا بعض المحقّقين قوله ويكون ما تقدّم فى كلام الشيخ اه ينبغى القطع بعدم ارادة العلّامة هذا الاحتمال اذ مقابلة الأخباريّين بالأصوليّين فى كلامه وقوله مع انّ قديم الزّمان ما كانت الّا منهم يدلّان على انّ المراد من الأخباريّين قوم كثيرون من العلماء المعاصرين للأئمّة عليهم‌السلام او مقاربين لعصرهم والمفهوم من كلام الشيخ المنقول سابقا انّ المقلّدة قوم عاميّون من اهل الاسواق والعامّة الّذين لا يعرفون الدّليل ولو الإجمالي منه فى الاصول والفروع فمن اين يمكن ارادة هذا من ذاك قوله وان لم يطّلع عليها صريحة اه انّما قال وان لم يطّلع عليها صريحة اذ يمكن استفادة الإجماع من كلام المحقق فى المعتبر حيث قال وما من مصنّف الّا وهو يعمل بخبر المجروح كما يعمل بخبر الثقة قال فى القوانين ويظهر دعوى الإجماع ايضا من المحقق على ما نقل عنه ولعلّه اراد هذا الكلام اعتراف السيد بعمل الطائفة بأخبار الآحاد قوله بعمل الطّائفة

٤٠٤

باخبار الآحاد ولا يخفى انّ كلام السيّد دالّ على انّ شيوخ الطّائفة قد عملوا باخبار الثقات والآحاد لكن قال انّ معلوميّة عدم عمل الطّائفة بخبر الواحد المجرّد اوجبت حمل عملهم على خبر الواحد المحفوف بالقرينة فاستقام ما ذكره المصنّف ره واندفع ما اورد عليه من عدم دلالة كلام السيّد على عملهم باخبار الآحاد قوله على الأخبار الّتى رووها عن ثقاتهم اه قد فرض السيّد ره فى السّئوال كما ترى عمل الطّائفة باخبار الثقات والعدول واجاب قدس‌سره عن هذا الّذى فرض فى السّئوال بمنع كون عملهم باخبار الثقات مع التجرّد عن القرينة اذ العمل مجمل ولا بدّ من حمل عملهم على المحفوف لما علم من مذاهبهم عدم حجّية اخبار الآحاد المجرّدة كما علم عدم عملهم بالقياس ولا يخفى انّ اخبار الثقات قد تفيد الاطمينان والظنّ المتأخم للعلم بل لعلّها كثيرة فيفهم من جوابه عدم حجّية الخبر المفيد للاطمينان فبطل من ذلك الجمع الّذى اعتمده المصنّف ره عن قريب ومثل ذلك قوله فى محكى الذّريعة وقد نقلناه سابقا حيث قال اعلم انّ من يذهب الى العمل بخبر الواحد فى الشّريعة يكثر كلامه فى هذا الباب ويتفرّع لأنّه يراعى فى العمل بخبر الواحد صفة المخبر فى عدالته وامانته وامّا من لا يذهب الى ذلك ويقول انّ العمل فى الاخبار تابع للعلم بصدق الرّاوى فلا فرق عنده بين ان يكون مؤمنا او كافرا او فاسقا لأنّ العلم بصحّة خبره يستند الى وقوعه الى آخر ما قال قوله تبطل القياس فى الشّريعة اه بل قد نسب اليه عدم العمل بالقياس المنصوص العلّة لعدم القطع بالمناط لأحتمال مدخليّة الإضافة وان كان اللّفظ ظاهرا فيه لكن الاظهر فى تقرير مذهبه انّه قدس‌سره ينكر ظهور اللّفظ فى العلّة التامّة لا انّه مع الظّهور فيها ينكر حجّيته القرائن على صدق الاجماع المدّعى من الشيخ والعلّامة قوله فمن تلك القرائن اه قد ذكر المصنّف بعض القرائن الدالّة على صحّة الإجماعات المذكورة ولنذكر نحن بعض القرائن الأخرى الدالّة على ذلك فمن القرائن اعتماد القدماء على اخبار العلاج وعملهم بها ومن جملة المرجّحات المذكورة فيها ما تسمّى بمرجّحات الصّدور مثل الأخذ بالأعدليّة والاورعيّة والشّهرة الرّوايتيّة ومن المعلوم عدم امكان الاخذ بها فى مقطوعى الصّدور ومن القرائن ما اشار اليه الشيخ ره فيما سبق من كلامه المنقول فى الكتاب وسيجيء الاشارة اليه فى كلام المصنّف ايضا من انّ الطائفة وضعت علم الرّجال لبيان التمييز بين ما يعمل به وبين ما لا يعمل به من الرّوايات فيستفاد من كلماتهم فى الرّجال انّ الخبر الموثوق به معمول به بخلاف اخبار الضّعفاء والمجاهيل وغيرهم فلو لا عملهم بالخبر الغير العلمى لما كان

٤٠٥

لذلك معنى اذ المناط على تقدير الاقتصار على الاخبار القطعيّة هو الاحتفاف بالقرائن القطعيّة الخارجيّة والداخليّة سواء كان صحيحا او ضعيفا فربّ خبر ضعيف راويه مجروح ومطعون يحصل العلم بصدوره من المعصوم ع من جهتها وربّ خبر عادل موثوق به لم يحصل العلم بخبره من جهة عدمها فلا يكون الميزان ما ذكروه فى علم الرّجال فتنتفى فائدة علم الرّجال رأسا او يكون قليل الفائدة ومن القرائن انّ العلم بالعدالة والوثاقة اللّتين هما جزءا سبب فى الأغلب لحصول العلم بصدور خبر عنهم غير حاصل غالبا لأصحاب الأئمّة عليهم‌السلام بعضهم بالنّسبة الى بعض فكيف لمن كان فى الغيبة الصّغرى فكيف لمن بعدهم مع امكان ادّعاء العلم بانّ مدارهم على توثيق مثل النّجاشى والكشّى وغيرهما ممّا لا يفيد غالبا العلم بل يظهر من الصّدوق مع سعة باعه وقرب عهده بزمان الأئمّة ع انّ مداره فى التوثيق والرد على توثيق شيخه ابن الوليد ره وردّه مع انّه واحد فيلزم على تقدير قصر عملهم بالأخبار المعلومة عدم عملهم باغلب الاخبار الموثوق بها المرويّة فى الاصول المعروفة والكتب المشهورة والمعلوم من حالهم بل صرّح الصّدوق فى اوّل الفقيه على ما حكى حيث قال انّ جميع ما فيه مستخرج من الكتب الّتى عليها المعوّل واليها المرجع عملهم باكثر اخبار الكتب المعروفة ثم انّ ما ذكر مع عدم اختلافهم فى الجرح والتّعديل ومع الاختلاف فالامر فى عدم حصول العلم اظهر كما لا يخفى ومن القرائن انّه على تقدير العلم بعدالة الرّاوى او وثاقته لا مجال ايضا لافادة اخبارهم العلم غالبا اذ احتمال السّهو والغفلة والنّسيان الّذى هو لازم طبيعة الإنسان قائم غالبا بل يحتمل تعمّده الكذب اذ العدالة غير العصمة ويكشف عن ذلك ما قاله بعض اهل الرّجال انّ احمد بن محمّد بن عيسى مع جلالة قدره وغاية اشتهاره كيف نقل الثقاة مثل الكلينى والكشى وغيرهما انّه اخفى النصّ على امامة الهادى ع وجحده من جهة الحميّة الجاهليّة وقد نقل عن الشّيخ انّه طرح رواية الاعاظم مثل جعفر بن بشير وجميل بن درّاج وعمر بن يزيد ويونس بن عبد الرّحمن وغيرهم فى بعض الاوقات بناء على حصول الوهم منهم وغير ذلك من الامور الرديّة فيلزم على تقدير الاقتصار على الأخبار المعلومة ما ذكرنا عن قريب ومن القرائن انّه لو كان اخبار الكتب والاصول الأربعمائة قطعيّة للقدماء وكانوا متمكّنين من تحصيل كلّها او جلّها فما الّذى دعاهم الى التكلّف الشّديد فى تحصيل الاخبار الصّحيحة فقد نقل انّ ثقة الإسلام مع جلالته وعلوّ

٤٠٦

شانه واطّلاعه على الاصول قد صنّف الجامع الكافى فى مدّة عشرين سنة وذكر فى اوّل كتابه ارجو ان يكون بحيث توخّيت حين طلب السّائل منه جمع الأخبار الصّحيحة وذكر الصّدوق ره فى محكىّ الفقيه لم اقصد قصد المصنّفين فى ايراد كلّ ما رووا بل اورد ما احكم بصحّته واجعله حجّة فيما بينى وبين ربّى وبالغت فى ذلك جهدى ومن القرائن انّ الحديث الّذى له شاهد من الكتاب والسنّة كان صحيحا عند القدماء ومعمولا به عندهم غالبا مع عدم حصول القطع بالصّدور بل القطع يحصل بصدق متضمّنه كما صرّح به الشيخ فى العدّة على ما نقلنا سابقا بل لا يحصل القطع بصدق متضمّنه ايضا فى بعض الاوقات اذا كان الحديث موافقا لعموم القرآن او اطلاقه او ظاهر غيرهما ومن القرائن اهتمام الأئمّة عليهم‌السلام فى عرض الاخبار المتخالفة او مطلقا على الكتاب وانّ ما خالف كتاب الله فليس من حديثهم ولم يقولوا به وانّه زخرف وانّه يضرب على الجدار فهى تدلّ على ميزان يعلم به الأخبار الصّادرة عن غيرها والمكذوبة عن غيرها وانّه يجب البناء على عدم صدور ما خالف وانّه كذب وهو غير متأتّ فى الاخبار القطعيّة الصّدور فلو لا عمل الرّواة بالاخبار الظنيّة لم يكن محمل صحيح للاخبار المذكورة واهتمام الأئمّة عليهم‌السلام بها ومن القرائن الاختلاف الشّديد الحاصل بين القدماء فى باب الرّواة مع قرب عهدهم بزمان المعصوم ع فواحد منهم يوثق بعضا منهم وأخر يضعفه ومنهم من يدّعى اجماع الطائفة على العمل برواية مثل السّكونى واضرابه كالشيخ ومنهم من يقول لا اعمل برواية تفرّد بها السّكونى كالصّدوق وواحد منهم يدّعى اجماع الطّائفة على العمل بروايات الثقات من الفطحيّة وغيرهم كالشيخ وأخر يقول بانّا لا نعلم انّ الطّائفة عملت باخبار امثال هؤلاء كالمحقق وأخر يقول لا فسق اعظم من عدم الايمان كالعلّامة ومنهم من يستثنى من رجال نوادر الحكمة ما رواه محمّد بن عيسى وغيره وأخر يصوّب استثنائه الّا بالنّسبة الى محمّد بن عيسى بانّه كان على ظاهر العدالة وغير ذلك فاذا كان هذا حالهم فكيف يحصل القطع لهم بالاخبار غالبا فضلا عن غيرهم وقد اشبعنا الكلام فى ذلك فى مقام ردّ الأخباريّين سابقا وذكرنا فيه ممّا خطر بالبال وممّا استفيد من كلمات العلماء الاخيار ما لا يبقى معه ريب فى حقيّة ما ذكره المجتهدون وبطلان مذهب الأخباريّين فراجع اليه والله اعلم باحكامه واوليائه قوله ما ادّعاه الكشى اه قال فى الوسائل قال الكشى اجمعت العصابة على تصديق هؤلاء الاوّلين من اصحاب أبي جعفر وابى عبد الله عليهما‌السلام وانقادوا لهم بالفقه فقالوا

٤٠٧

افقه الاوّلين ستة زرارة ومعروف بن خربوذ وبريد وابو بصير الأسدى وفضيل بن يسار ومحمّد بن مسلم الطّائفى قالوا وافقه الستّة زرارة وقال بعضهم مكان ابى بصير الأسدى ابو بصير المرادى وهو ليث بن البخترى ثم قال تسمية الفقهاء من اصحاب ابى عبد الله ع اجمعت العصابة على تصحيح ما يصحّ عن هؤلاء وتصديقهم لما يقولون واقروا لهم بالفقه من دون اولئك الستّة الّذين عدّدناهم وسمّيناهم ستّة نفر جميل بن درّاج وعبد الله بن مسكان وعبد الله بن بكير وحمّاد بن عيسى وحمّاد بن عثمان وأبان بن عثمان قالوا وزعم ابو إسحاق الفقيه يعنى ثعلبة بن ميمون انّ افقه هؤلاء جميل بن دراج وهو احداث اصحاب ابى عبد الله ثم قال بعد ذلك تسمية الفقهاء من اصحاب ابى ابراهيم ع وابى الحسن الرّضا ع اجمع اصحابنا على تصحيح ما يصحّ عن هؤلاء وتصديقهم واقروا لهم بالفقه والعلم وهم ستة نفر آخر دون الستّة نفر الّذين ذكرناهم فى اصحاب ابى عبد الله ع منهم يونس بن عبد الرّحمن وصفوان بن يحيى بيّاع السّابرى ومحمّد بن ابى عمير وعبد الله بن مغيرة والحسن بن محبوب واحمد بن محمّد بن ابى نصر وقال بعضهم مكان الحسن بن محبوب الحسن بن على بن فضال وفضالة بن ايّوب وقال بعضهم مكان فضالة عثمان بن عيسى وافقه هؤلاء يونس بن عبد الرّحمن وصفوان بن يحيى انتهى قال فى الوسائل بعد نقل ذلك وذكر احاديث فى حقّ هؤلاء والّذين قبلهم تدلّ على مضمون الإجماع المذكور فعلم من هذه الأحاديث الشريفة دخول المعصوم بل المعصومين عليهم‌السلام فى هذا الإجماع الشريف المنقول بخبر هذا الثقة الجليل وغيره الى ان قال وناهيك بهذا الإجماع الشريف الّذى قد ثبت نقله وسنده قرينة قطعيّة على ثبوت كلّ حديث رواه واحد من المذكورين مرسلا او مسندا عن ثقة او ضعيف او مجهول لاطلاق النصّ والإجماع كما ترى والإجماع على صحّة رواية جماعة لا يدلّ على عدم صحّة روايات غيرهم لأنّه اعمّ منه انتهى ما اردنا نقله قوله بمعنى عملهم به سيجيء ما فيه عند ذكر قوله قدّس سره ان الصّحيح عندهم هو المعمول به فانتظر قوله لا القطع بالصّدور مع انّ الإجماع على القطع بالصّدور انّما يفيد لو كان محصّلا اما لو كان منقولا بخبر الواحد مثل الكشى او غيره فلا يفيد القطع بالصّدور والمفروض هو الثّانى لا الاوّل مع انّه لو كان محصّلا فانّما ينفع فى المتفق فيه لا فى المختلف فيه وقد سمعت ان بعضهم ذكر مكان ابى بصير الاسدى أبا بصير المرادى وبعضهم مكان الحسن بن محبوب حسن بن على بن فضّال وغير ذلك من الاختلافات

٤٠٨

مع انّ ملاحظة بعض الكلمات المنقولة عن اصحاب الائمّة وغيرهم فى شأن الأشخاص المذكورين وغيرهم ممّن ادّعى الإجماع على العمل برواياتهم تعطى عدم ثبوت الإجماع المذكور عندهم بل ثبوت خلافه وما هذا شأنه كيف يفيد القطع بصدور كلّ حديث رووه فقد نقل عن احمد بن محمّد بن عيسى الجليل القدر انّه قال لا اروى عن حسن بن محبوب يعنى الجليل النّبيل الّذى ادّعى الإجماع على تصحيح ما يصحّ عنه من اجل انّ اصحابنا يتّهمون ابن محبوب فى روايته عن ابن ابى حمزة وقد قيل قد ترى العلماء لا يقبلون رواية مثل زرارة وحريز وعبد العظيم بن عبد الله الحسنى وامثالهم من الاعاظم مع اعترافهم بكون الرّواية منهم معلّلين بانفرادهم بروايتها وقد نقل عن الشيخ طرح رواية بعض الاعاظم واصحاب الإجماع مثل يونس بن عبد الرّحمن وجميل بن درّاج وهشام بن سالم وعمر بن يزيد فى بعض الاوقات بناء على عدم كونها من المعصوم ع وتحقّق الوهم منهم وقد نقل عن الشيخ اجماع الإماميّة على العمل بروايات عمّار السّاباطى وعلى بن ابى حمزة والسّكونى مع انّ التتبع فى اخبار الاول ومشاهدة اضطراباتها يكشف عن سوء حفظه ونقص فهمه بل ربما يومي الى تسامحه ايضا كما قيل وقالوا فى حقّ الثانى انّه كذّاب متّهم وقال الصّدوق فى حق الثالث على ما حكى لا افتى بما تفرّد به السّكونى ومثل ذلك القدح الّذى نقل عن الشيخ وغيره فى حقّ حفص بن غياث وسماعة بن مهران وغيرهما مع انّ الشيخ قد ادّعى الإجماع على العمل بروايات الاوّلين حيث قيل انّهم سمّوا الاوّل كذّابا لنقل خبر للرشيد وقد نقل عن الشيخ طرح خبر الثّانى مكرّرا بعلّة الوقف وكذلك نقل عنه طرح خبر إسحاق بن عمّار ومحمّد بن إسحاق بن عمّار بنسبتهما الى الوهم وغير ذلك من الامور الرّدية وايضا ادّعاء الإجماع على تصحيح ما يصحّ عن جماعة خاصّة على ما حكى عن الكشى مشعر بعدم قطعيّة جميع اخبار الكتب الاربعة او مطلقا على اختلاف مذهب الاخباريّين اذ لو كانت الاخبار مطلقة او مقيّدة قطعيّة عند القدماء لوجب ادّعاء الإجماع على تصحيح ما يصحّ عن جميعهم لا عن جماعة خاصّة وما ذكره فى الوسائل وقد نقلناه فى الحاشية السّابقة من انّ الإجماع على صحّة رواية جماعة لا يدلّ على عدم صحّة روايات غيرهم فيه انّه وان لم يدلّ على عدم صحّة روايات غيرهم لكنّه يدلّ على عدم الإجماع على صحّة روايات غيرهم فمن اين ثبت كون روايات غيرهم ايضا مقطوعة الصّدور على تقدير دلالة الإجماع على القطع بالصّدور وما ذكره قدس‌سره من انّ الأحاديث الّتى ذكرها الكشى فى حقّ اصحاب الإجماع تدلّ

٤٠٩

على دخول المعصوم بل المعصومين فى هذا الإجماع الشّريف المنقول بخبر هذا الثقة الجليل وغيره ففيه انّه ان كان المراد الاستدلال بالاخبار ففيه عدم كون الأخبار المذكورة قطعيّة الصّدور وادّعائها مصادرة وعلى تقدير كونها كذلك لا تكون قطعيّة الدّلالة وعلى تقدير كونها قطعيّة الدّلالة فغاية الامر ثبوت وثاقتهم وعدالتهم بالاخبار المذكورة وذلك لا ينافى السّهو والنّسيان والغفلة اذ الأخبار بالعدالة غير الأخبار بالعصمة وعلى فرض التّسليم ففى الاخبار المذكورة كفاية فلا فائدة فى ذكر الإجماع وإن كان المراد التمسّك بالإجماع ففيه انّ مذهب الأخباريّين عدم حجّية القطع الحاصل من غير السنّة فمن اين ساغ له التمسّك بالإجماع المذكور وطرحه ساير الإجماعات الّتى ادّعوها فى الكتب الفقهيّة مع انّك قد عرفت حال الإجماع المذكور وساير الإجماعات الّتى ادّعى الشيخ وغيره فى العمل بروايات الرّوات الذين ذكروا فى معاقدها وانّ النّاقل للاجماع قد طرح رواياتهم فى بعض الموارد بعلّة الوهم والوقف وغيرهما فكيف بغيره قوله مع انّ الصحّة على ما صرّح به غير واحد ذكر المصنّف ره اوّلا انّ الإجماع وقع على التّصحيح لا الصحّة وهو مبنىّ على تسليم كون الصحّة بمعنى القطع بالصّدور فالاجماع المذكور انما ينفع الخصم لو وقع على الصحّة ولكنّه وقع على التّصحيح بمعنى عدّ خبره صحيحا لا الصحّة فلا يضرّنا ولا ينفعه وقوله مع انّ الصحّة اه مبنىّ على ما هو الحق الّذى صرّح به جمع من كون التّصحيح والصحّة كلاهما بمعنى الحكم بالوثوق والاطمينان فيثبت مطلبنا من كون الإجماع المذكور قرينة على عملهم بالخبر الغير العلمى على كلا التقديرين سواء وقع الإجماع على التصحيح او على الصحّة هذا ولكن الأنسب عدم ذكر قوله اذ الإجماع انّما وقع على التصحيح اه اذ مع انّه مبنى على التفكيك بين مادّتى التصحيح والصحّة ولا وجه له لم يتوهمه احد من الأخباريّين اذ هم يجعلون التصحيح والصحّة كلاهما بمعنى القطع بالصّدور وقد جعل صاحب الوسائل العبارة المذكورة قرينة على كون اخبار اصحاب الإجماع قطعيّة الصّدور مع انّ فيها التّصحيح لا الصحّة قوله والاتفاق المذكور اه بل ذكر ابلغ منه الشيخ ره فى العدّة قال ولذلك سوّت الطّائفة بين ما يرويه محمّد بن ابى عمير وصفوان بن يحيى واحمد بن محمّد بن ابى نصر وغيرهم من الثقات الّذين عرفوا بانّهم لا يروون ولا يرسلون الّا عمّن يوثق به وبين ما اسنده غيرهم ولذلك عملوا بمراسيلهم اذا انفردوا عن رواية غيرهم انتهى بل فى الوسائل بعد نقله عن الكشى اجماع العصابة على تصحيح ما يصحّ عن جماعة سمّاهم على ما نقلنا سابقا

٤١٠

ما هذا لفظه وقد ذكر نحو ذلك بل ما هو ابلغ منه الشيخ ره فى كتاب العدّة وجماعة من المتقدمين والمتأخّرين وذكروا انّهم اجمعوا بمراسيل هؤلاء الفضلاء وامثالهم كما اجمعوا على العمل بمسانيدهم انتهى فعلم ممّا نقلنا انّ الإجماع على العمل بالمرسل ليس مقصودا على مراسيل ابن ابى عمير او البزنطى بل يشمل مراسيل اصحاب الإجماع وغيرهم لكن من العجيب انّ صاحب الوسائل جعل اجماع الشّيخ فى العدّة على العمل بمراسيل الفضلاء المذكورين وغيرهم قرينة على القطع بالصّدور مع انّك قد عرفت ان كلامه فى الخبر المجرّد وقد ذكرنا قرائن كثيرة دالّة على ذلك فراجع قوله افرط الحشوية هم طائفة من اهل السنّة والجماعة قد وقعوا فى التشبيه والتجسيم وساير المفاسد من جهة جمودهم على ظواهر الآيات والاخبار وقد نسب الى اكثرهم ذلك الّذى ذكرنا الشّهرستانى فى كتاب الملل والنّحل قوله فما قبله الأصحاب او دلّت القرائن اه لا يخفى انّ فى كلامه المذكور تناقضا فى الجملة اذ قوله او دلّت القرائن اه يدلّ على وجوب العمل بما كان كذلك مطلقا سواء قبله الأصحاب او اعرضوا عنه او شذّ وقوله وما اعرض عنه الأصحاب اه يدلّ على عدم قبول ما اعرض عنه الاصحاب او شذ بحسب العمل او بحسب الرّواية او الاعمّ والظّاهر هو الاوّل سواء دلّت القرائن على صحّته ام لا فلا بدّ فى مقام الجمع امّا من تقييد قوله او دلّت القرائن اه بما اذا لم يعرض عنه الاصحاب ولم يكن شاذّ او بعبارة اخرى بما قبله الأصحاب كلّا او جلّا وامّا من تقييد قوله وما اعرض عنه الاصحاب بما اذا لم يقترن بقرائن تدلّ على الوثوق بصدوره والظّاهر هو الثّانى لوجهين الاوّل عطف قوله او دلّت القرائن اه على قوله فما قبله الاصحاب وذكره بعده اذ على الاحتمال الاوّل يكون ذكره لغوا اذ يكون المناط هو عمل الاصحاب سواء دلّت القرائن على الصحّة ام لا ويكون ما دلّت القرائن على صحّته على تقدير عدم قبول الأصحاب غير واجب العمل والثّانى قوله قدس‌سره فى محكىّ المعتبر فى مقام الاستدلال وامّا مع القرائن فلانّها حجّة بانفرادها فتكون دالة على صدق مضمون الحديث ويراد الاحتجاج به التاكيد هذا ولكن ذكر بعض المحقّقين انّ ما ذكره المحقّق ره فى المعتبر من الضّابط للعمل بالخبر غير معمول به له فى الفقه قال المحقق الخوانساري فى شرح الدّروس فى بحث الكرّ فى بيان كميته ونقل الأقوال فيها ونقل كلام المحقق فى المعتبر وميله الى القول السّادس الّذى لم يقل به احد وتمسّكه بصحيحة إسماعيل بن جابر قال قلت لابى عبد الله ع الماء الّذى لا ينجّسه شيء قال ع ذراعان عمقه فى ذراع وشبر

٤١١

سعته ما هذا لفظه انّ كلامه فى المعتبر فى بيان ضابط العمل بالاخبار يخالف ظاهرا ما عمل به فى هذا الباب وفى ساير الابواب كما لا يخفى على من راجعه وهو اعلم بمراده انتهى كلامه رفع مقامه فتأمّل قوله لم يكن وجه فى العمل لأنّ منشأ عملهم بالفتاوى ظنّ كون فتاويه على طبق متون الاخبار وانّما لم يعملوا بفتاويه مع وجود النّصوص لانّ ما اسند الى المعصوم ع صريحا وصدق عليه اسم الرّواية والحديث كذلك مقدم بصريح العقل على ما لم يكن كذلك لكن هذا انّما يرد به الاخباريّون الّذين يقولون بقطعيّة جميع ما فى الكتب المشهورة او مطلقا ويرجعون مع فقده الى الاصول الصّحيحة الثابتة عن المعصومين ع حتّى فى زماننا هذا وما ضاهاه ولا يرد به السيّد ره حيث يقول انّ الظنّ يقوم مقام العلم عند فقده على ما فى المعالم وسيأتى عن قريب نقل ذلك من المصنّف ره فتدبّر قوله وسيأتى انّ المحدّث اه قد نقل سابقا عنه فى الوسائل ادّعائه تواتر الاخبار بذلك وذكرنا انّه ذكر ذلك فى مواضع متعدّدة ونقلنا انّ الوحيد البهبهانى فى بعض رسائله ادّعى ايضا تواتر الأخبار بالمعنى على حجّية خبر الواحد عند الشّيعة هذا ولكن الظّاهر انّ ما ذكره المصنّف هنا وعد لم يف به قوله وذكر فيما يوجب الوثوق اه قال فى خاتمة الوسائل قال الشيخ بهاء الدّين محمّد العاملى فى مشرق الشّمسين بعد ذكر تقسيم الحديث الى الاقسام الأربعة المشهورة وهذا الاصطلاح لم يكن معروفا بين قدمائنا كما هو ظاهر لمن مارس كلامهم بل المتعارف بينهم اطلاق الصّحيح على ما اعتضد بما يقتضى اعتمادهم عليه او اقترن بما يوجب الوثوق به والرّكون اليه وذلك بامور منها وجوده فى كثير من الاصول الأربعمائة الّتى نقلوها عن مشايخهم بطرقهم المتّصلة باصحاب العصمة وكانت متداولة فى تلك الاعصار مشتهرة بينهم اشتهار الشّمس فى رابعة النّهار ومنها تكرّره فى اصل او اصلين منها فصاعدا بطرق مختلفة واسانيد عديدة معتبرة ومنها وجوده فى اصل معروف الانتساب الى احد الجماعة الّذين اجمعوا على تصديقهم كزرارة ومحمّد بن مسلم والفضيل بن يسار او على تصحيح ما يصحّ عنهم كصفوان بن يحيى ويونس بن عبد الرّحمن واحمد بن محمّد بن ابى نصر البزنطى او على العمل برواياتهم كعمار السّاباطى وغيرهم ممّن عدّهم شيخ الطّائفة فى العدّة كما نقله عنه المحقق فى بحث التراوح من المعتبر ومنها اندراجه فى احد الكتب الّتى عرضت على الأئمّة ع فاثنوا على مصنّفها ككتاب عبد الله بن علىّ الّذى عرضه على الصّادق ع وكتابى يونس بن عبد الرّحمن والفضل

٤١٢

بن شاذان المعروضين على العسكرىّ ع ومنها كونه مأخوذا من الكتب الّتى شاع بين سلفهم الوثوق بها والاعتماد عليها سواء كان مؤلّفوها من الفرقة النّاجية المحقّة ككتاب الصّلاة لحريز بن عبد الله وكتب ابنى سعيد وعلىّ بن مهزيار او من غير الاماميّة ككتاب حفص بن غياث القاضى وكتب الحسين بن عبد الله السّعدى وكتاب القبلة لعلىّ بن الحسن الطّاطرى وقد جرى رئيس المحدّثين على متعارف القدماء فحكم بصحّة جميع احاديثه وقد سلك ذلك المنوال جماعة من اعلام علماء الرّجال لما لاح لهم من القرائن الموجبة للوثوق والاعتماد انتهى وقد رام فى الوسائل الاستشهاد بالكلام المذكور لكون الخبر المقترن باحدى القرائن المزبورة قطعى الصّدور مع انّه لا شهادة فيه على ذلك بل فيه شهادة على خلافه كما ذكره المصنّف ره على اشكال فى بعض القرائن مثل اندراج الخبر فى الكتب المعروضة على الأئمّة عليهم‌السلام الّا ان يقال بانّ عرض الكتب المذكورة على الإمام ع ليس قطعيّا بل هو مروىّ بالطّرق الظنيّة الموثوق بها او ان ثنائهم عليهم‌السلام على مؤلّفيها انّما هو من باب الرّضا باجتهاد المجتهدين فى زمانهم عليهم‌السلام من جهة عدم تقصيرهم فى جمع الاخبار الصّحيحة بل بذلوا غاية جهدهم فى ذلك وهذا الاحتمال وإن كان بعيدا لكن ثبوته مانع من القطع بصدور الأخبار المذكورة والله العالم قوله ومعلوم انّ الصّحيح عندهم هو المعمول به هذه الدّعوى فاسدة الوضع لأنّهم قد لا يعملون برواية مثل زرارة وعبد العظيم بن عبد الله الحسنى ع وحريز وامثالهم معلّلين بانفرادهم بروايتها كما قيل ونقلناه سابقا مع انّ رواياتهم صحيحة عندهم وايضا قد ذكر ثقة الإسلام فى الكافى الاخبار الموهمة للجبر فقط كما قد صرّح به العلّامة المجلسىّ فى مرآة العقول وقد ذكر هو ورئيس المحدثين الاخبار الدالّة على التشبيه والتجسيم وغيرهما وقد ذكر انّ ما ذكر فى كتابيهما صحيح ومن المعلوم عدم عملهما ولا غيرهما بالأخبار المزبورة وقد ذكر الشّيخ فى العدّة انّ ذكر الرّواية لا يدلّ على عمل الذاكر بها بل يجوز ان يكون لاجل ان لا يشذ عنه شيء من الرّوايات وقد سمعت انّ الشّيخ قد يطرح رواية بعض الاعاظم مثل جعفر بن بشير وجميل بن درّاج ويونس بن عبد الرّحمن بناء على عدم تحقق كونها من المعصوم ع واحتمال تحقق الوهم منهم مع انّ احتمال الوهم مرجوح فى نفسه خصوصا من مثل الاعاظم المزبورين بل قد يطرح ما ادّعى الإجماع على العمل برواياته كبعض ما ذكر وسماعة وحفص بن غياث فكيف بغيره وغيرهم وقد سمعت انّ الصّدوق

٤١٣

قال لا افتى بما تفرّد به السّكونى مع ادّعاء الشّيخ الإجماع على العمل برواياته مع انّهم قد يطرحون بعض الصّحاح بالمعنى المزبور مع اعراض الاصحاب عنه وقد ذكر الصّدوق فى الفقيه انّه لم يورد فى الكتاب المزبور الّا ما اعتقد انّه صحيح وحجّة بينه وبين ربّه فبملاحظة ما ذكر يكون اخبار كتابه صحيحة بالمعنى المزبور مع انّه قد لا يفتى بمضمون بعض ما يورده من غير الجهة المزبورة سابقا ولذا قيل برجوعه عمّا ذكره فى اوّل الكتاب فتأمّل وممّا ذكر ظهر انّ الصّحيح عند القدماء مثل الصّحيح عند المتأخّرين فى انّه قد لا يعمل به لإعراض الأصحاب عنه او لخلل آخر فما ذكره انّ الصّحيح عندهم هو المعمول به غير صحيح وحمله على الغالب ينافى قوله وليس مثل الصّحيح اه قوله من زمان الصّدوق بل من زمان اصحاب الأئمّة عليهم‌السلام الى زماننا قوله كما صرّح به فى صلاة الغدير اه قال الصّدوق فى محكىّ الفقيه فى باب صوم التطوّع وامّا صلاة الغدير والثواب المذكور فيه لمن صامه فانّ شيخنا محمّد بن الحسن بن الوليد كان لا يصحّحه ويقول انّه من طريق محمّد بن موسى الهمدانى وكلّما لم يصحّحه ذلك الشيخ ولم يحكم بصحّته من الاخبار فهو عندنا متروك غير صحيح انتهى وفيه دلالة على عمل الصّدوق وشيخه بالخبر الغير العلمىّ اذا الصحّة عندهم كما ذكر الشيخ البهائى وغيره ما يفيد الاطمينان بالصّدور لا القطع به مع ركاكة المطلب على على تقدير ان يكون المعنى كلّما لم يحكم ابن الوليد بالقطع بصدوره فهو عندنا غير مقطوع الصّدور ويكشف عن ذلك انّ الصّدوق عدّ من جملة الكتب الّتى عليها المعوّل ناقلا عنها نوادر محمّد بن يحيى وقد طعن هو وغيره عليه بانّه لا يبالى عمّن اخذ وانّه كان يروى عن الضّعفاء والمراسيل وعدّ منها محاسن البرقى وهو نظير النّوادر فيما قلت وعدّ من جملتها رسالة ابيه ومن المعلوم عدم افادتها الّا الظنّ وقد ذكرنا شطرا من الكلام فى ذلك سابقا فى مقام الردّ على الأخباريّين ذهاب معظم الأصحاب إلى حجّية الخبر الواحد قوله ضمّت الى ذلك اه وضممت الى ذلك ما ذكرنا من القرائن فى بعض الحواشى السّابقة وضمّمت الى ذلك ما ذكرنا سابقا فى ردّ الاخباريين وضممت الى ذلك ما ذكره المحقق البهبهانى من انّك لو تأمّلت وجدت انّ اكثر الفرق الهالكة من الشيعة كانت ضلالتهم بسبب الاحاديث الموضوعة او المحرّفة وهذا يؤمى الى شيوع العمل باخبار الآحاد بين الشّيعة وايضا يظهر من الرّجال انّهم ع كثيرا ما يقولون احذروا فلانا واحذروا الكذابين فلانا وفلانا فلو كان العمل باخبار الآحاد ممنوعا عند الشّيعة لا يعملون بها لما كان المعصوم يقول كذا وكذا و

٤١٤

ضممت الى ذلك ما ذكره المصنّف فى الوجه الثالث من استقرار سيرة المسلمين طرّا على استفادة الأحكام من اخبار الثقات وفى الوجه الرّابع من استقرار سيرة العقلاء على ذلك وما نقل عن بعض المحقّقين من استقرار جميع الشّرائع من لدن آدم الى زماننا هذا لجزمت بما ذكر جزما لا يشوبه شكّ ولا ريب قوله والطّعن فى بعض بانّه يعتمد الضّعفاء والمراسيل مثل البرقى ومحمّد بن يحيى واحمد بن محمّد بن جمهور ومحمّد بن عمرو بن عبد العزيز ومحمّد بن حسّان ونصر بن مزاحم وغيرهم القدر المتيقن هو الخبر المفيد للاطمينان قوله لكن الأنصاف انّ المتيقّن من هذا اه قال شيخنا المحقق فى الحاشية المتيقن من الاجماع هو خبر العادل دون مطلق ما يفيد الاطمينان قلت المتيقن من الإجماع المذكور ما كان جامعا للشّروط الستّة الّتى ذكرناها فى باب نقل الاخبار الدالّة على حجّية خبر الواحد بل ازيد من ذلك وبالجملة ما يقتضيه الأخذ بالقدر المتيقّن فى موارد الاختلاف فيعتبر كونه مسندا متصلا بالمعصوم لا مرسلا ولا مضمرا ولا مقطوعا وغير ذلك كلام الفاضل القزوينى فى المقام قوله انّ ما نقل اجماع الشّيعة اه الظاهر انّ الفاضل المذكور اراد صرف اجماع السيّد على انكار الاماميّة للعمل بخبر الواحد على المعنى الاوّل فقط وهو غير وجيه بعد قوله وما انفرد السيّد بردّه هو الثّانى حيث يفهم منه انّ السيّد غير قائل بحجّية خبر الواحد بالمعنى الثانى ايضا ومن المعلوم انّه يدّعى الإجماع لاثبات تمام مذهبه لا لاثبات جزء مذهبه مع انّ قوله المنقول سابقا وقد علم كلّ موافق ومخالف انّ الشّيعة الاماميّة تبطل القياس فى الشّريعة حيث لا يؤدّى الى العلم وكذلك نقول فى اخبار الآحاد يشمل الثانى ايضا وقد نقل العلّامة عنه فى النّهاية انّه قال انّ النظام والإماميّة لا يعملون بخبر الواحد بخبر الواحد انتهى ويشمل الثّانى ايضا قوله وما انفرد السيّد بردّه هو الثّانى الظّاهر انّ الفاضل المذكور اراد بهذا الكلام انّ السيّد منفرد بردّ خبر الواحد بالمعنى الثانى وهو ما يقابل المحفوظ اه وانّ الشيخ وغيره قائلون بحجّية خبر الواحد بالمعنى الثانى وانّ اجماع الشيخ ره منزل عليه لا على المعنى الاوّل فاختلف مورد اجماع السيّد واجماع الشيخ رحمهما‌الله حيث انّ الإجماع الاوّل منزّل على الاوّل والثانى على الثّانى لكن فى الجملة ليجتمع مع اجماع الشيعة على انكار الاوّل على ما ذكره الفاضل المذكور ولعلّ هذا المعنى مراد المصنّف ره فى السّابق حيث قال بل ظاهر كلام بعض احتمال كون مراد السيّد من خبر الواحد غير مراد الشيخ يعنى انّ ظاهر كلامه احتمال كون مراد السيّد فى مقام نقل الإجماع غير مراد الشيخ فى مقام نقله لا انّ نزاعها يرتفع بذلك ضرورة بقاء النزاع بينهما بملاحظة قوله وما انفرد

٤١٥

السيّد بردّه هو الثّانى كما لا يخفى لكن قد عرفت ما فيه عن قريب قوله وامّا الثالث فلم يتحقق من احد نفيه على الإطلاق اه وفيه انّه ذكره السيّد من انّ معظم الفقه يعلم بالاخبار المتواترة او المحفوفة بالقرينة القطعيّة وانّه يرجع فى المسائل الخلافية الى التخيير وما نقله المصنّف ونقلناه عن قريب وما نقله فى النّهاية وقد نقلناه عن قريب ايضا مع انّ طريقته قدس‌سره ردّ الاخبار ولو كانت مأخوذة من الاصول محفوظة من الثقات بانّها لا توجب علما ولا عملا وغير ذلك ممّا ذكرنا سابقا فراجع قوله وهو كلام حسن لا حسن فيه بعد ما عرفت قوله واحسن منه ما قدّمنا قد قدّمنا سابقا بطلان الجمع الّذى ذكره نقلا وتحصيلا التقرير الثانى : الاجماع حتّى من السيد وأتباعه على العمل بالخبر الواحد قوله حتّى من السيّد واتباعه اه واورد عليه شيخنا المحقق فى الحاشية وفى مجلس البحث وغيره بانّ تسليم السيّد وغيره من المانعين لحجّية الظنّ عند انسداد باب العلم لا يفيد فيما نحن بصدده من اثبات حجّية الخبر بالخصوص ويمكن الجواب عنه بانّ السيّد انّما يكون قائلا بالظنّ المطلق لو اعتمد فى تقرير دليل الانسداد على سبيل الحكومة اذ على التقرير المزبور تكون النتيجة حجّية الظنّ مطلقا من غير فوق بين الاسباب والموارد ومناط الفرق بين الظنّ المطلق والظنّ الخاصّ هو انّ وصف الظنّ معتبر من غير فرق بين الظّنون على الاوّل دون الثانى وهو انّما يتحقق على التقرير المذكور وامّا على تقدير اعتماد السيّد فى مقام تقرير دليل الانسداد على سبيل الكشف فلا اذ تكون النتيجة عليه مهملة والتعميم بحسب الأسباب والمراتب موقوف على عدم المرجّح كما سيجيء فلعلّ السيّد يأخذ بخبر الواحد الجامع للشّروط الخمسة على ما سيذكره المصنّف او لأزيد منها وبالجملة ما يقتضيه الأخذ بالقدر المتيقّن من اخبار الآحاد فى موارد الاختلاف على ما ذكرنا فى باب الاخبار واشرنا اليه عن قريب لكونه قدرا متيقنا والاخذ بالقدر المتيقّن مرجّح او ياخذ بخبر الواحد دون ساير الظّنون لكون الظنّ الحاصل منه اقوى الظّنون على ما سلكه صاحب المعالم ره عند تمسّكه بدليل الانسداد على حجّية خبر الواحد والاخذ بالاقوى ايضا مرجّح وعلى اى تقدير فيكون السيّد قدّس سره من اهل الظنون الخاصّة وقد ذكرنا شطرا من الكلام فى ذلك عند نقل كلام صاحب المعالم فى باب ظواهر الألفاظ وقد اشار بعض الافاضل الى بعض ما ذكرنا فى مقام الجواب عن الايراد المزبور وفيه انّه مع عدم العلم بمسلك السيّد فى مقام الانسداد الفرضى لا يثبت ما هو المقصود فى المقام من اثبات حجّية الخبر

٤١٦

بالخصوص فلعلّه يقول بالحكومة عند فرض الانسداد ولعلّ ذلك ظاهر إن شاء الله الله قوله على ما فى المعالم بل فيه انّ السيّد ذكر ذلك فى غير موضع من كلامه التقرير الثالث : استقرار سيرة المسلمين على العمل بالخبر الواحد قوله كان ابعد عن الردّ فتامّل وجه التّأمّل انّ للخصم ان يقول ح بانّ الموارد المذكورة خرجت بالسّيرة القطعيّة ولا يقاس الاحكام عليها مع انّ المعترض لم يدّع الإجماع بل عدم الخلاف وبينهما فرق مضافا الى انّ السيّد لم يقل بانّ المواضع المذكورة خرجت بالإجماع بل قال باجماع وغيره وفى هذا الاخير نظر ظاهر التقرير الرابع : استقرار طريقة العقلاء على العمل بالخبر الواحد قوله يكفى فى ردعهم الآيات اه الآيات لا تكفى فى الرّدع لأنّها او معظمها واردة فى اصول الدّين مع معارضتها بالأخبار المتواترة الّتى تدلّ على حجّية خبر الثقة فكيف تكون رادعة ومن الاخير ظهر عدم كون الأخبار المتظافرة الدالّة على حرمة العمل بغير العلم رادعة قوله لانتفاء تحقّق التشريع اه قد عرفت انّ حرمة التّشريع ثابتة بالعقل ايضا فلا بدّ من التزام الورود لعدم جواز التخصيص فى حكم العقل والتزام العقلاء بخبر الثقة وجعلهم ايّاه طريقا معتبرا فى مقام الإطاعة والمعصية وكشفه عن امضاء الشارع ايّاه رافع لموضوع التّشريع الّذى هو ادخال ما لم يعلم انّه من الدّين فيه بقصد انه منه كما سلف تحقيقه قوله لأنّ الأصول الّتى مدركها اه اراد بها الاصول الثلاثة اصالة التّخيير فى صورة دوران الأمر بين المحذورين واصالة البراءة واصالة الاشتغال والاوّل عقلىّ صرف وما يتوّهم من دلالة اخبار التخيير عند التّعارض عليه ضعيف كما سلف فى اوّل الكتاب وسيأتى فى الجزء الثّانى من الكتاب ايضا وامّا الاصلان الاخيران فيمكن ان يكونا عقليّين ويمكن ان يكونا شرعيّين من جهة دلالة الاخبار على انشاء الإباحة الظّاهريّة فى مورد الشكّ فى التّكليف وعلى انشاء وجوب الاحتياط شرعا فى مورد الشكّ فى المكلّف به والاصل الاوّل لكونه عقليّا صرفا لا بدّ من التزام الورود فيه بان يقال ان موضوعه هو التحيّر والتردّد ومع بناء العقلاء على كون خبر الثقة طريقا يرتفع التحيّر والتردّد والاصلان الاخيران على تقدير كونهما عقليّين لا بدّ من الالتزام بالورود فيهما لانّ موضوع اصل البراءة عدم البيان وموضوع اصل الاشتغال احتمال العقاب ولا شكّ انّ خبر الثقة مع امضاء الشّارع لكونه طريقا يكون بيانا وموجبا للأمن من العقاب فيرتفع موضوعا اصل البراءة واصل الاشتغال وعلى تقدير كونهما شرعيين فلا بدّ من الالتزام بالحكومة بان يقال بانّ خبر الثقة مع بناء العقلاء على كونه طريقا

٤١٧

وامضاء الشّرع ايّاه يكون معنى حجّيته ترتيب آثار الواقع عليه وعدم الاعتناء باحتمال الخلاف فيه ومع عدم الاعتناء به عدم الرّجوع الى اصل البراءة والاشتغال وهذا البيان هو المستفاد من كلمات المصنّف ره فى مباحث اصل البراءة وغيره ومنه علم انّ فى عبارة المصنّف ره قصورا فى الجملة قوله لقصورها عن افادة اعتبارها لا ريب فى قصور الاخبار عن افادة التخيير فى مورده وقد اشرنا اليه عن قريب وكذا لا ريب فى عدم دلالة اخبار الاحتياط على الوجوب الشّرعى بناء على ما سيذكره المصنّف ره من ظهورها فى القدر المشترك الإرشادي وعدم عموم الأخبار الواردة فى الموارد الخاصّة الدالّة على حكم المشتبهين وامّا اخبار البراءة فهى على قسمين قسم منها دالّ على البراءة عند عدم البيان فيكون مؤكّدا لحكم العقل بالبراءة وقسم منها مثل قوله ع فى مرسلة الصّدوق كلّ شيء مطلق حتى يرد فيه نهى وغيره دالّ على انشاء الاباحة الظاهريّة فى مورد الشكّ وهذا حكم تأسيسىّ لا يدلّ عليه العقل اذ هو يدلّ على مجرّد عدم العقاب مع عدم البيان فقط ولا يفيد انشاء اباحة ظاهريّة كما سيأتى الإشارة اليه إن شاء الله الله ومنه يظهر الخلل فى قول المصنّف لقصودها اه ويمكن توجيه العبارة بانّ المراد على تقدير قصورها فهو مجرّد فرض غير واقع وغير مطابق لمذهبه او انّ المراد قصورها عن افادة جميعها اذ قد ذكرنا كونها قاصرة عن افادة التخيير واصل الاشتغال وقد اجاب شيخنا المحقّق قدس‌سره عن الأشكال بأنّ المراد قصورها عنها على وجه لا يرجع الى امضاء حكم العقل بها وتاكيدها لحكم العقل بها والّا فدلالة جملة من الآيات والاخبار بل الإجماع على البراءة بل الاحتياط ممّا لا شبهة فيها اه وفيه انّك قد عرفت دلالة كثير من اخبار البراءة على الحكم الإنشائي التّأسيسى فما ذكره قدس‌سره لا يصلح الخلل مضافا الى الأشكال فى دلالة الآيات والاخبار والإجماع على البراءة والاشتغال مع ما ستعرف من عدم دلالة الآيات على واحد منهما وعدم الإجماع فى الاشتغال بل وعدم دلالة الاخبار عليه اصلا كما عرفت وستعرف قوله فلا اشكال فى انّه لا يفيد الظنّ فى المقام سيأتى انّ المشهور بين القائلين بحجّية الاستصحاب من باب الظنّ كونه حجّة من باب الظنّ النّوعى المطلق او المقيّد وانّ القول بالظنّ الشخصى كما هو المستفاد من الشّهيد فى الذّكرى والشيخ البهائى فى حبل المتين ضعيف غايته فمنع افادة الاستصحاب الظنّ الشخصى مع كون خبر

٤١٨

الثقة على خلافه لا يفيد الّا ان يقال بعدم افادة الاستصحاب الظنّ النّوعى مع وجود خبر الثقة وفيه تأمّل فالصّواب ان يقال انّ الاستصحاب ولو كان من باب الظنّ تعليقى بالنّسبة الى الأمارات سواء كانت تاسيسيّة للشّارع او امضائيّة له ولذا لم يقل احد من القدماء القائلين بحجّية الاستصحاب من باب الظنّ وبعض المتأخّرين القائلين بها كذلك بتقدّمه على الامارات الشرعيّة ولو كانت فى غاية الضّعف الّا ما يستفاد من بعض كلمات المحقّق القمّى ره المزيّف فى محلّه على ما ستعرف قوله فغاية الامر حصول الوثوق اه ولا ريب فى انّه كما لا يمكن اثبات حجّية خبر الثقة بخبر الثقة كذلك لا يمكن رفع اليد عنه به لكن ذكر شيخنا المحقّق قدس‌سره فى الحاشية وفى مجلس البحث انّ المدّعى فى كلامه فى بابه كما ستقف عليه تواترها اجمالا فيخرج عن خبر الواحد وفيه انّ المصنّف لم يذكر ذلك فى باب الاستصحاب ولعلّه اراد انّه سمع ذلك منه فى مجلس البحث وهو خلاف ظاهر كلامه نعم ذكر فى المناهج والضّوابط انّ اخبار الاستصحاب متواترة معنى هذا مع انّ التواتر الإجمالي لا يفيد مع عدم دلالة اكثر اخبار الاستصحاب بل جميعها الّا باعتبار التجابر والتّعاضد كما سيجيء فالاولى فى وجه عدم جريان الاستصحاب على تقدير القول به تعبّد اما ذكره المصنّف فى باب الاستصحاب وغيره من حكومة الأمارات كلّية على الأصول كذلك وقد اشرنا الى تقريرها عن قريب قوله فتامّل لعلّ وجه التأمّل انّ اهل اللّسان لهم جهتان جهة كونهم من اهل العرف وجهة كونهم عقلاء وهذان الاعتباران متغايران وان كان يذكر كلّ واحد منهما فى مورد الآخر تسامحا وقد سبق انّ حجّية الاصول اللفظيّة من باب الظّهور العرفى فيمكن ان يقال لا يكفى فى رفع اليد عن الاصول اللفظيّة بناء العقلاء على طريقيّة خبر الثقة بل لا بدّ فى رفع اليد عنها من وجود طريق ثبت طريقيّته عند اهل العرف وفى هذا الوجه للتأمّل نظر ظاهر اذ كلّ واحد من بناء العقلاء وبناء العرف لا اعتداد به مع قطع النظر عن امضاء الشّارع له ومع ملاحظة امضاء الشّارع يكون كلّ منهما معتبرا فى مقام الأثبات والرّفع ويمكن ان يكون وجه التأمّل انّ المقصود حجّية خبر الواحد بالخصوص فى الجملة فيكفى كونه حجّة فى صورة عدم كون الاصول اللفظيّة على خلافه لحصول الغرض به ويمكن ان يكون وجه التأمّل ما ذكر من المناقشات فى عباراته السّابقة فى مقام ذكر الاستصحاب وساير الأصول والله العالم التقرير الخامس : اجماع الصحابة على العمل بخبر الواحد قوله وقد ذكر فى النّهاية مواضع

٤١٩

كثيرة منها احتجاج ابى بكر على الأنصار بقوله ع الأئمّة من قريش ومنها رجوعه الى خبر مغيرة بن شعبة فى بعض مسائل الحجّ ومنها انّه قضى بين اثنين بقضيّة فاخبره بلال انّ النبىّ ص قضى بخلافه فنقضه ومنها انّه جعل عمر فى الخنصر ستة وفى البنصر تسعة وفى كلّ من السّبّابة والوسطى عشرة وفى الابهام خمسة عشر فلمّا روى له فى كتاب عمرو بن خرام انّ فى كلّ اصبع عشرة رجع عن رأيه ومنها انّ عمر قال فى الجنين رحم الله امرأ سمع من رسول الله فى الجنين شيئا فقام اليه حمل بن مالك فاخبره انّ الرّسول ص قضى فيه بعشرة فقال عمر لو لم نسمع هذا لقضينا فيه بغيره ومنها انّ عمر قبل خبر الضّحاك فى توريث المرأة من دية زوجها وقبل خبر عبد الرّحمن بن عوف انّه ص قال فيهم سنّوا بهم سنّة اهل الكتاب فاخذ منهم الجزية واقرّهم على دينهم ومنها انّه رجع عثمان الى خبر قريعة بنت مالك ومنها ان على ع كان يحلف الرّاوى وقبل رواية ابى بكر من غير يمين ورواية المقداد فى امر المذى ومنها انّه رجع الجماعة الى قول عائشة فى الغسل عند التقاء الختانين والى خبر ابى سعيد ومنها انّه عمل اهل قبا فى التحول عن القبلة بخبر الواحد وعمل ابن عبّاس بخبر أبيّ بن كعب فى انّ موسى صاحب خضر هو موسى بنى اسرائيل قال فى النّهاية بعد نقل ما ذكرنا والاخبار بذلك كثيرة وان لم يكن كلّ واحد منها متواترا لكنّ القدر المشترك بينهما وهو العمل بمقتضى الخبر متواتر انتهى وقد ذكر فى العدّة بعض الموارد الّتى ذكر قوله وهذا الوجه لا يخلو عن تامّل قال فى العدّة بعد نقل اجماع الصّحابة وذكر بعض المواضع الّتى عملوا بها ما حاصله انّ الاستدلال بهذه الطّريقة لا يصحّ من وجوه احدها انّ هذه الاخبار الّتى رووها اخبار آحاد لا يجوز الرّكون اليها والثّانى انّ عملهم لعلّه لأجل حصول العلم لهم بصحّة مضمون الاخبار والثّالث انّه غير معلوم عمل جميع الصّحابة وعمل البعض ليس بحجّة وليس لهم ان يقولوا انّ بعضهم عمل بها وبعضهم لم ينكر فلو لم يكن صحيحا لكانوا اجمعوا على الخطاء وذلك لوجهين الاوّل عدم العلم بكون سكوتهم من جهة الرّضا بذلك فلعلّهم كارهون لذلك منكرون له بقلوبهم ومنع من ذلك بعض الموانع والوجه الثّانى انّه قد انكر جمع منهم العمل بخبر الواحد فقد روى عن ابى بكر انّه لم يقبل خبر مغيرة بن شعبة حتّى شهد معه محمد بن مسلمة وعن عمر انّه لم يقبل خبر ابى موسى فى الاستيذان وعن على ع انّه لم يقبل خبر ابن سنان الأشجعىّ وغير ذلك ممّا لا يحصى كثرة وليس لأحد ان يقول ان انكار من انكر لعدم وجود شرط القبول

٤٢٠