إيضاح الفرائد - ج ١

السيّد محمّد التنكابني

إيضاح الفرائد - ج ١

المؤلف:

السيّد محمّد التنكابني


الموضوع : أصول الفقه
المطبعة: المطبعة الإسلاميّة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٦٩٧
الجزء ١ الجزء ٢

بمنزلة الخبرين المتعارضين الّذين يكونان حجّتين شأنا ويدلّ على ذلك مع ما ذكرنا من القرينة انّ قوله مع عدم المرجّح ان كان بمعنى المرجّح الدلالى فلا معنى لقوله او مطلقا اذ لا شبهة فى وجوب الرّجوع الى الجمع الدلالى فى كلّ دليلين متعارضين وكذلك ان كان بالمعنى الاعمّ من الدّلالى وغيره لا معنى ايضا لقوله او مطلقا مع انّه خلاف ظاهر قوله والّا فانّ ظاهره وان لم يثبت جواز الاستدلال بكلّ قراءة وقد ذكر قدس‌سره فى مجلس البحث ان معنى قوله فان ثبت جواز الاستدلال اه جواز الاستدلال بكلّ قراءة فعلا وان معنى قوله والّا عدم جواز الاستدلال بكلّ قراءة فعلا بل شأنا وهو كما ترى قوله فيحكم باستصحاب الحرمة قبل الاغتسال اه التّرديد بين الاستصحاب والعموم مبنىّ على العموم الزّمانى الافرادى فى قوله تعالى (فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ) وعدمه فان قلنا بالعموم الزّمانى فيه بان يكون معنى قوله تعالى (أَنَّى شِئْتُمْ) فى اىّ زمان شئتم فلا بدّ من التمسّك بالعموم بعد النّقاء من الحيض قبل الغسل مع الشكّ فى الحرمة بعده لانّ الشكّ ح فى التّخصيص الزّائد فكما يتمسّك بالعام فى صورة الشكّ فى اصل التّخصيص كذلك يتمسّك به فى صورة الشكّ فى التخصيص الزّائد لأنّ العامّ المخصّص حجّة فى الباقى كما تبيّن فى محلّه فهو كما اذا قيل اكرم العلماء فى كلّ يوم فحرّم اكرام زيد فى يوم الجمعة وشكّ فى حرمة اكرامه فى يوم السّبت فانّه يتمسّك بالعموم فيه ولا مجال للتمسّك فيه بالاستصحاب حتّى لو فرض عدم جريان العموم لما ذكرنا من كون الشكّ فى التّخصيص الزّائد المنبعث من كون الزّمان قيدا لا ظرفا وكون كلّ يوم فردا مستقلّا ومن المعلوم انّه مع الشكّ فى الموضوع فضلا عن القطع بعدمه لا يجرى الاستصحاب وان قلنا بعدم العموم الزّمانى فى قوله تعالى (أَنَّى شِئْتُمْ) وانّه بمعنى كيف شئتم او بمعنى من اين شئتم وان استفيد منه الاستمرار بحسب الزّمان فلا مجال فيه الّا للاستصحاب ولا يجرى العموم لعدم كون الشكّ ح فى التّخصيص الزّائد حتّى لو لم يجرى الاستصحاب ايضا لا يجرى العموم لما ذكرنا ثم ان استشكل فى الاستصحاب فى الفرض المزبور من جهة التّغيير فى الموضوع او احتماله من جهة كون الحرمة ثابتة فى الحائض المتلبّس بالحيض فلا معنى لاستصحابها حال كونها طاهرة فلا بدّ من الرّجوع الى اصالة الإباحة والتّحقيق فى مبنى الوجهين المزبورين يأتى مشروحا فى باب الاستصحاب فى الأمر العاشر من تنبيهاته إن شاء الله الله تعالى ثم انّ ظاهر كلام المصنّف حيث ذكر اذ لم يثبت تواتر التّخفيف كون قوله فيحكم اه متفرّعا على الوجه الثّالث او عليه وعلى الوجه الثّانى

٢٠١

ايضا لكن لا خفاء فى جريان التّفريع على كلّ من الشقوق الثلاثة ثم انّ الأولى ان يذكر ايضا وو لم يثبت تواتر التشديد ايضا اذ مع ثبوت تواتره لا معنى للرّجوع الى الاستصحاب والله العالم الثالث : وقوع التحريف فى الكتاب لا يمنع من التمسك بالظهور قوله الثالث انّ وقوع التّحريف اه اختلفوا فى وقوع التّحريف بمعنى التغيير بالنقيصة بالمعنى الاعمّ من وقوعه عمدا او سهوا او نسيانا او من جهة عدم الوصول الى ما نزل اعجازا لعدم الحضور وقت نزوله او غير ذلك وعدمه فالمشهور بين الاصوليّين عدمه مطلقا وهو الّذى ذهب اليه جمع من المحدّثين كالصّدوق فى اعتقاداته وغيره وذهب الى التّحريف جمع من قدماء المحدّثين كالكلينى وشيخه علىّ بن ابراهيم والنّعمانى وسعد بن عبد الله الاشعرى والعيّاشى وبنو نوبخت وفضل بن شاذان ومحمّد بن الحسن الشّيبانى وعلىّ بن الحسن بن فضال والشيخ حسن بن سليمان الحلّى تلميذ الشّهيد ومحمّد بن علىّ بن شهرآشوب والشيخ احمد بن ابى طالب الطّبرسى فى كتاب الاحتجاج وذهب اليه المفيد فى المسائل السّروية والمولى محمّد صالح فى شرح الكافى والمجلسيّان والسيّد عليخان فى شرح الصّحيفة والمولى مهدى النّراقى على ما نقل عنهم وذهب اليه صاحب المستند الحاج ملّا احمد النّراقى على ما حكى عنه ايضا وظاهر السّيد الجليل علىّ بن طاوس فى فلاح السّائل وسعد السّعود على ما حكى عنه ايضا وهو ظاهر المصنّف فى بحث القراءة من الصّلاة وذهب اليه اكثر الاخباريّين وذهب المحقّق البهبهانى فى محكىّ فوائده الى وقوع التّحريف بالنقصان فى غير آيات الأحكام وهو مذهب المحقّق القمىّ فى القوانين بل قال فيه بل الظّاهر من بعض الاصحاب دعوى الاجماع على عدم وقوع تحريف وتغيير فى الكتاب يوجب تغييرا فى الحكم وقال شيخنا المحقق قدّه فى الحاشية وكان شيخنا الأستاد العلّامة يميل الى هذا القول اى وقوع النقيصة فى غير الأحكام بعض الميل اذا عرفت هذا فننقل بعض كلماتهم فى هذا المقام واستدلالاتهم فنقول قال السيّد علم الهدى قدس‌سره على ما نقله عنه فى مجمع البيان انّ العلم بصحّة نقل القرآن كالعلم بالبلدان والحوادث الكبار والوقائع العظام والكتب المشهورة واشعار العرب المسطورة فانّ العناية اشتدّت والدّواعى توفّرت على نقله وحراسته وبلغت حدّا لم تبلغه فيما ذكرنا لأنّ القرآن معجز النبوّة ومأخذ العلوم الشّرعيّة والاحكام الدّينيّة وعلماء المسلمين قد بلغوا فى حفظه وحمايته الغاية حتّى عرفوا كلّ شيء اختلف فيه من اعرابه وقراءته وحروفه وآياته فكيف يجوز ان يكون مغيّرا

٢٠٢

او منقوصا مع العناية الصّادقة والضّبط الشّديد وقال ايضا قدس الله روحه انّ العلم بتفسير القرآن وابعاضه فى صحّة نقله كالعلم بجملته وجرى ذلك مجرى ما علم ضرورة من الكتب المصنّفة ككتاب سيبويه والمزنى من اهل العناية بهذا الشّأن يعلمون من تفصيلها ما يعلمونه من جملتها حتّى لو انّ مدخلا ادخل فى كتاب سيبويه بابا فى النّحو ليس من الكتاب لعرف وميّز وعلم انّه ملحق وليس من اصل الكتاب وكذلك القول فى كتاب المزنى ومن المعلوم انّ العناية بنقل القرآن وضبطه اصدق من العناية بضبط كتاب سيبويه ودواوين الشّعراء وذكر ايضا انّ القرآن كان على عهد رسول الله ص مؤلّفا ما هو عليه الآن واستدلّ على ذلك بانّ القرآن كان يحفظ ويدرس جميعه فى ذلك الزّمان حتّى عيّن على جماعة من الصّحابة فى حفظهم له وانّه كان يعرض على النبىّ ص ويتلى عليه وانّ جماعة من الصّحابة مثل عبد الله بن مسعود وأبيّ بن كعب وغيرهما ختموا القرآن على النبىّ ص عدّة ختمات وكلّ ذلك يدلّ بادنى تامّل على انّه كان مجموعا مرتّبا غير منبور ولا مبثوث وذكر انّ من خالف ذلك من الاماميّة والحشوية لا يعتد بخلافهم فانّ الخلاف فى ذلك مضاف الى قوم من اصحاب الحديث نقلوا اخبارا ضعيفة ظنّوا صحّتها لا يرجع بمثلها عن المعلوم المقطوع على صحّته وقال شيخ الطّائفة فى محكىّ تبيانه وامّا الكلام فى زيادته ونقصانه فممّا لا يليق به لأنّ الزّيادة فيه مجمع على بطلانه والنقصان منه فالظّاهر ايضا من مذهب المسلمين خلافه وهو الأليق بالصّحيح من مذهبنا وهو الّذى نصره السيّد المرتضى قدس‌سره وهو الظّاهر فى الرّوايات غير انّه رويت روايات كثيرة من جهة الخاصّة والعامّة بنقصان كثير من اى القرآن ونقل شيء منه من موضع الى موضع طريقها الآحاد الّتى لا توجب علما فالاولى الاعراض عنها ترك التشاغل بها لأنّها يمكن تأويلها ولو صحّت لما كان ذلك طعنا على ما هو موجود بين الدفتين فانّ ذلك معلوم صحّته لا يعترضه احد من الامّة ولا يدفعه ورواياتنا متناصرة بالبحث على قراءته والتمسّك بما فيه وردّ ما يرد من اختلاف الاخبار فى الفروع اليه وعرضها عليه فما وافقه عمل عليه وما خالفه يجنّب ولم يلتفت اليه وقد رووا عن النبىّ ص رواية لا يدفعها احد انّه قال انّى مخلّف فيكم الثّقلين ما ان تمسّكتم بهما لن تضلّوا كتاب الله وعترتى اهل بيتى وانّهما لن يفترقا حتّى يردا على الحوض وهذا يدلّ على انّه موجود فى كل عصر لأنه لا يجوز ان يأمرنا بالتمسّك بما لا نقدر على التمسّك به كما انّ اهل البيت

٢٠٣

ومن يجب اتباع قوله حاصل فى كلّ وقت واذا كان الموجود بيننا مجمعا على صحّته فينبغى ان يتشاغل بتفسيره وبيان معانيه وترك ما سواه وقال ابو على فى مجمع البيان امّا الزّيادة فيه فمجمع على بطلانه وامّا النقصان فيه فقد روى جماعة من اصحابنا وقوم من حشوية العامّة انّ فى القرآن تغييرا ونقصانا والصّحيح من مذهب اصحابنا خلافه وهو الّذى نصره المرتضى واستوفى الكلام فيه غاية الاستيفاء فى جواب المسائل الطرابلسيّات الى آخر ما ذكره وقال الصّدوق فى محكىّ اعتقاداته انّه نزل من الوحى الّذى ليس من القرآن ما لو جمع الى القرآن لكان مبلغه مقدار سبع عشر الف آية وذلك مثل قول جبرئيل للنبىّ ص انّ الله تعالى يقول لك دار خلقى مثل ما ادارى ومثل قوله اتق شحناء النّاس وعداوتهم ومثل قوله عش ما شئت فانّك ميّت وأحبب ما شئت فانّك مفارقه واعمل ما شئت فانّك ملاقيه وشرف المؤمن صلاته باللّيل وعزّه كفّ الاذى عن النّاس ومثل قول النبىّ ص ما زال جبرئيل يوصينى بالسّواك حتّى خفت ان أدرد او احفى وما زال يوصينى بالجار حتّى ظننت انّه سيورث وما زال يوصينى بالمرأة حتّى ظننت انّه لا ينبغى طلاقها وما زال يوصينى بالمملوك حتّى ظننت انّه سيضرب له أجلا يعتق فيه ومثل قول جبرئيل للنبىّ ص حين فرغ من غزوة الخندق يا محمّد انّ الله تبارك وتعالى يأمرك ان لا تصلّى العصر الّا ببنى قريظة ومثل قوله ص انّ الله امرنى بمداراة النّاس كما امرنى باداء الفرائض ومثل قوله ص انّا معاشر الأنبياء امرنا ان لا نتكلّم النّاس الا بمقدار عقولهم ومثل قوله ص انّ جبرئيل ع اتانى من قبل ربّى يأمرنى بما قرّت به عينى وفرح به صدرى وقلبى قال انّ الله تعالى يقول انّ عليّا امير المؤمنين وقائد الغرّ المحجّلين ومثل قوله ص نزل علىّ جبرئيل فقال يا محمّد ص انّ الله تبارك وتعالى قد زوّج فاطمة عليّا من فوق عرشه واشهد على ذلك خيار ملائكته فزوّجها منه فى الأرض واشهد على ذلك خيار امّتك ومثل هذا كثير كلّه وحى وليس بقران ولو كان قرانا لكان مقرونا به وموصولا اليه غير مفصول عنه كما انّ امير المؤمنين ع جمعه فلمّا جاءهم به قال هذا كتاب ربّكم كما انزل على نبيّكم لم يزد فيه حرف ولم ينقص منه حرف فقالوا لا حاجة لنا فيه عندنا مثل الّذى عندك فانصرف وهو يقول فنبذوه الآية انتهى وقال المحدّث الكاشانى قدس‌سره فى الصّافى بعد نقل جملة من اخبار التّحريف وايراد اشكال عليها من جهة انّه يحتمل ان يكون كلّ آية محرّفة ومغيّرة فتنتفى فائدته وفائدة

٢٠٤

الامر باتباعه والوصيّة به والتمسّك به مع انّهم ع قد حثّونا على عرض اخبارهم على كتاب الله والعرض على المحرّف المغيّر لا معنى له مع انّ خبر التّحريف مخالف لكتاب الله فيجب ردّه ما هذه عبارته ويخطر بالبال فى دفع هذا الاشكال والعلم عند الله ان يقال ان صحّت هذه الاخبار فلعلّ التغيير انّما وقع فيما لا يخلّ بالمقصود كثير اخلال كحذف اسم علىّ وآل محمّد ص وحذف اسماء المنافقين عليهم لعاين الله فانّ الانتفاع بعموم اللّفظ باق وكحذف بعض الآيات وكتمانه فانّ الانتفاع بالباقى باق مع انّ الاوصياء كانوا يتداركون ما فاتنا منه من هذا القبيل ويدلّ على هذا قوله ع فى حديث طلحة ان اخذتم بما فيه نجوتم من النّار ودخلتم الجنّة فانّ فيه حجّتنا وبيان حقّنا وفرض طاعتنا ولا يبعد ايضا ان يقال بعض المحذوفات كان من قبيل التّفسير والبيان ولم يكن من اجزاء القرآن فيكون التّبديل من حيث المعنى اى حرّفوه وغيّروه فى تفسيره وتاويله اعنى حملوه على خلاف ما هو به فمعنى قولهم ع كذا نزلت انّ المراد به ذلك لا انّها نزلت مع هذه الزّيادة فى لفظها فحذف منها ذلك اللّفظ وممّا يدلّ على هذا ما رواه فى الكافى باسناده عن أبي جعفر ع انّه كتب فى رسالته الى سعد الخير وكان من نبذهم الكتاب ان اقاموا حروفه وحرّفوا حدوده فهم يروونه ولا يرعونه والجهّال يعجبهم حفظهم للرّواية والعلماء يحزنهم تركهم للرّعاية وما رواه العامّة انّ عليّا ع كتب فى مصحفه النّاسخ والمنسوخ ومعلوم انّ الحكم بالنّسخ لا يكون الّا من قبيل التّفسير والبيان ولا يكون جزء من القرآن فيحتمل ان يكون بعض المحذوفات ايضا كذلك هذا ما عندى من التفصّى عن هذا الأشكال انتهى وقال فى محكىّ كشف الغطاء وما ورد من اخبار النقيصة تمنع البديهة من العمل بظاهرها ولا سيّما ما فيه نقص ثلث القرآن او كثير منه فانّه لو كان ذلك لتواتر نقله لتوفّر الدّواعى ولاتّخذه غير اهل الإسلام من اعظم المطاعن على الاسلام واهله فلا بدّ من تاويلها باحد وجوه الاوّل النقص ممّا خلق لا ممّا انزل الثّانى النّقص ممّا نزل من السّماء لا ممّا وصل الى خاتم الأنبياء ص ثالثها النقص فى المعانى رابعها انّ النّقص من الاحاديث القدسيّة ثم قال والّذى اختاره ان المنزل من الاصل ناقص فى الرّسم وما نقص منه محفوظ عند النبىّ ص وامّا ما كان للإعجاز الّذى شاع فى الحجاز وغير الحجاز فهو مقصود على ما اشتهر بين النّاس انتهى الى غير ذلك من كلماتهم واستدلالاتهم على ما صاروا اليه من عدم التّحريف وقال بعضهم بالتّحريف بالنّقيصة فى غير آيات الأحكام ليس لنا مجال لذكر كلماتهم وتحقيق

٢٠٥

القول فيها وامّا الزّيادة فلا ينبغى احتمالها بل لا يجوز لادّعاء جمع من الأصحاب الاجماع على عدمها وما فى بعض الاخبار عن ابى جعفر ع لو لا انّه زيد فى كتاب الله ونقص ما خفى حقنا على ذى حجى ولو قد قام قائمنا فنطق صدّقه القرآن فلا بدّ من تأويله ويمكن تأويله بانّ المراد زيادة بعض الحروف فى بعض الموارد ممّا لا يقدح فى المعنى ولا يوجب تغييره وقد ذكرنا فى باب تواتر القراءات وعدمه انّ ذلك ليس بعزيز مع انكار تواتر القراءات بل هو واقع كثيرا ويدلّ على المعنى المزبور ما نقلنا سابقا عن الصّادق ع انّ القرآن قد طرح منه اى كثيرة ولم يزد فيه الّا حروف قد اخطأت به الكتبة وتوهّمتها الرّجال وفى بعض النّسخ وقوّمتها الرّجال قوله مع انّه لو كان من قبيل الشّبهة المحصورة امكن القول بعدم قدحه اه قد ذكرنا انّ اصل وقوع التّحريف فى آيات الاحكام ممنوع وانّ الاخبار الواردة فى ذلك لم تبلغ مبلغ الحجّية وانّ المتيقّن من الاخبار المذكورة الّتى هى عمدة دليل القائلين بالتّحريف هو سقوط اسماء الائمّة عليهم‌السلام خصوصا امير المؤمنين ع واسماء المنافقين او هو مع سقوط بعض الكلمات او الآيات فى القصص والامثال فقط لا الاحكام مع انّ الأئمّة عليهم‌السلام قد امروا بالعمل بهذا القرآن فى رواية سالم بن سلمة وغيرها بل قد نقلنا عن العلّامة المجلسىّ انّ اذنهم عليهم‌السلام بل آمرهم بالعمل بهذا القرآن معلوم متواتر مع انّ اخبار العرض على الكتاب المتضمّنة لأمر الأئمّة بعرض مطلق الاخبار او الاخبار المتعارضة على الكتاب الموجود بايدينا تدلّ على حجّيته بل على عدم اختلال ظواهره بسبب من الاسباب والّا فلا معنى للعرض على المجمل كما هو واضح بادنى التفات الرابع : توهم ودفع قوله وفيه ان فرض وجود الدّليل اه يمكن ان يقرّر الجواب المذكور بوجهين الأوّل ثبوت الدّليل القطعى على اعتبار ظواهر الكتاب فليس العمل بالظّواهر والحكم باعتبارها عملا وحكما بغير دليل وبغير علم فيخرج عن موضوع قوله تعالى (وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ) والثّانى انّ الاجماع قائم على حجّية الظّواهر وقد ذكرنا سابقا عدم الاعتداد بخروج جماعة من الأخباريّين فى الإجماع المبنى على الحدس كما هو مصطلح المتأخّرين والإجماع المذكور يصير قرينة لصرف الآيات النّاهية عن ظواهرها فان قلت فليجعل حجّية الآيات النّاهية بالإجماع قرينة على عدم حجّية ساير الظّواهر دون العكس قلنا لا يجوز لأنّ لسان الآيات النّاهية عدم العمل بظواهر الكتاب وغيره فصرف الاجماع الى الآيات النّاهية يئول الى الاجماع على عدم

٢٠٦

حجّية ظواهر الكتاب فيصير الإجماع المذكور كاللّغو ويمكن ان يجاب عن اصل التّوهم ايضا بوجه آخر وهو انّ الآيات النّاهية عن العمل بالظنّ واردة فى اصول الدّين والإجماع على حجّية الظّواهر متخصّص بغير مواردها من الفقه واصوله وعلى هذا لا يلزم من ثبوت الاجماع على وجوب العمل بظواهر الكتاب عدم جواز العمل بها ولكن قد ثبت فى محلّه انّ العبرة بعموم اللّفظ لا بخصوص المحلّ مع عدم ورود مثل قوله تعالى (وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ) فى اصول الدّين فانّه قد ورد بعد ذكر جملة من الاحكام الفرعيّة من النّهى عن قتل النّفس والامر بوجوب الوفاء بالكيل والعهد وغير ذلك فلاحظ والآية فى سورة بنى اسرائيل قوله فتامّل اه وجه التامّل ان عدم الشّمول اللّفظى من جهة القصور فى العبارة لا ينافى شمولها انفسها من جهة وجود المناط القطعى مع انّه يمكن القول بعدم القصور فى العبارة ايضا بعد كون التّحريم معلّقا على الظنّ الواقعى الّذى من جملة افراده الظنّ الحاصل من الآيات المشار اليها وسيأتى الوجهان فى نظير المقام فى كلامه قدس‌سره عند الاستدلال بآية النّبإ فانتظر قوله وفيه ما لا يخفى اه لأنّ القطع بالاعتبار لا يمكن ان يصير سببا لكون الظنّ قطعا كما انّ القطع بعدم الاعتبار لا يجعله شكّا ولا وهما لعدم معقوليّة ذلك وهو واضح جدّا الّا ان يريد به ما ذكرنا من الوجه الاوّل عن قريب فلا غبار عليه ح الخلاف الثانى فى حجية الظواهر بالنسبة إلى من لم يقصد افهامه تفصيل صاحب القوانين قوله وامّا التّفصيل الآخر فهو الّذى يظهر من صاحب القوانين اه قد ذكر المحقّق القمىّ قدس‌سره فى باب الاجتهاد والتّقليد فى القوانين انّ الظنّ المطلق حجّة فى زمان الانسداد وانّ الأصل فى زماننا وما ضاهاه هو حجّية ظنّ المجتهد لأجل دليل الانسداد ثم اعترض على نفسه بانّ ظواهر الآيات النّاهية تدلّ على حرمة العمل بالظنّ وهى حجّة للإجماع على حجّية ظواهر الكتاب فاجاب عنه بما يرجع حاصله الى وجوه الأوّل انّ المسلّم من الإجماع هو حجّيته ما هو مراد من الكتاب لا ما هو ظاهر منه فانّ حجّية ظواهر الكتاب مسئلة اجتهادية وانعقاد الاجماع عليها ممنوع لمخالفة الأخباريّين اعتمادا على الاخبار المذكورة فى محلّها الثانى سلّمنا عدم الاعتناء بشأنهم لكن نقول المسلّم منه حجّية متفاهم المشافهين والمخاطبين ومن يحذو حذوهم لأنّ مخاطبته كانت معهم والظنّ الحاصل للمخاطبين من جهة اصالة الحقيقة او القرائن المجازية حجّة لانّ الله ارسل رسوله بلسان قومه والمراد بلسان القوم هو ما يفهمونه وكما انّ الفهم يختلف باختلاف اللّسان كذلك يختلف باختلاف الزّمان وان توافق اللّسان

٢٠٧

فحجّية متفاهم المتأخّرين عن زمان الخطاب وظنونهم يحتاج الى دليل آخر غير ما دلّ على حجّية متفاهم المخاطبين المشافهين لمنع الإجماع عليه بالخصوص ولا يمكن اثبات ذلك الّا بوجهين الأوّل دليل الانسداد وهو الّذى قصدناه والثانى ان يكون الكتاب العزيز من قبيل تأليف المصنّفين الّذين يقصدون بكتابهم بقائه أبد الدّهر ليفهم منه المتأمّلون على مقدار فهمهم ويعملون عليه وكذلك المكاتيب والمراسيل الواردة من البلاد البعيدة وهو ممنوع سيّما فيما اشتمل على الأحكام الفرعيّة ولا ينافى ذلك تعلّق الغرض ببقائه أبد الدّهر لحصول الأعجاز وساير الفوائد اذ ذلك يحصل بملاحظة البلاغة والأسلوب مع قطع النظر عن الاحكام الفرعية الّتى هى قطرة من بحار فوائده والحاصل انّ دعوى العلم بانّ وضع الكتاب انّما هو على وضع تأليف المصنّفين سيّما فى الأحكام الفرعيّة دعوى لا يفى باثباتها بيّنة فان قلت ان اخبار الثقلين وما دلّ على عرض الاخبار على الكتاب يدلّ على انّ الكتاب من هذا القبيل قلت بعد قبول علميّة تلك الأخبار صدورا كما هو ظاهر بعضها نمنع اوّلا دلالتها على التمسّك بمتفاهم اللّفظ من حيث هو لم لا يكون المراد لزوم التمسّك بالاحكام الثّابتة والمرادات المعلومة عنه كما هو ثابت فى اكثرها وكذلك ما دلّ على عرض الأخبار على الكتاب وثانيا بعد تسليم ذلك نقول انّ دلالتها على التمسّك بالألفاظ والعرض عليها يعنى بظواهرها على ظواهرها ظنيّة اذ ذهب جماعة من الأخباريّين الى انّ المراد التمسّك بما فسّرها الأئمّة بها والعرض على ما فسّروه به وإن كان خلاف الظّاهر فح ننقل الكلام الى هذه الأخبار ونقول ان دلالتها على ما نحن فيه انّما يتمّ لو قلنا بالعلم بانّ تلك الأخبار ايضا من قبيل تأليف المصنّفين او ندّعى العلم بان متفاهم المخاطبين بها علما او ظنّا كان ذلك وانّى لك باثبات العلم فى المقامين الثالث سلّمنا ان الكتاب العزيز من باب تصنيف المصنّفين لكن مقتضى ذلك ان يكون الظنّ الحاصل منه حجّة من جهة انّه ظنّ حاصل منه والمفروض انّ الظّنون الحاصلة منه اليوم ليست ظنونا حاصلة منه فقط بل هى حاصلة بعد ملاحظة المعارض والعلاج والسّوانح الّتى حصلت فى الشّريعة فهى ظنون حاصلة للمجتهد بنفس الأمر بعد ملاحظة المجتهد للأدلّة وجرحها وتعديلها لا ظنّ حاصل من الكتاب الرّابع ان عموم هذه الآيات مخصّص ببعض الظنون كالبيّنة والإقرار وقد وقع النّزاع فى حجّية العامّ المخصّص فكيف يمكن دعوى الاجماع

٢٠٨

على حجّية هذه الآيات لا يقال هذا النّزاع راجع الى النّزاع فى انّ العام المخصّص ظاهر فى الباقى ام لا والقائل بالحجية يدّعى ظهوره كما انّ المنكر يمنع ظهوره فيه ولا قائل بعدم الحجّية مع تسليم الظّهور فالمنكر يقول انّه لا يحصل الظنّ منه بدلالته على الباقى ولو فرض حصول الظنّ فهو حجّة باتّفاق منى لأنّا نقول المنكر يقول انّه لا يمكن حصول الظنّ منه ولو فرض حصول الظنّ منه فى نفس الامر فهو حجّة لا انّه لا يحصل لى منه ظنّ ولو فرض حصوله لخصمى فهو حجّة عليه حتّى يصير بذلك اجماعا والحاصل انّ القدر المسلّم من الاجماع الفرضى الّذى يمكن ان يدّعى فى هذا المقام هو ان يقول المنكر للحجّية انّ العامّ المخصّص لا يحصل منه الظنّ فى نفس الأمر ولو حصل منه ظنّ فى نفس الامر فهو حجّة وليس فليس الخامس انّ الإجماع المدّعى على حجّية الظواهر إن كان على الجملة فهو لا يجدى نفعا وان كان على كلّ الظواهر ففيه انّه مستلزم لحجّية الظنّ الحاصل من الآيات النّاهية فالاجماع على حجّية الظّواهر حتّى الظاهر الدّالّ على حرمة العمل بالظنّ عموما يثبت عدم حجّية الظنّ الحاصل من القرآن وما يثبت وجوده عدمه فهو محال فان قلت انّه مخصّص بالإجماع المتقدّم قلت انّه مردود امّا اوّلا فلأنّ التّخصيص يستلزم ان يكون المخصّص مغايرا للمخصّص لأنّ قضيّة كلّ منهما ما ينافى الآخر فلا يصحّ فرض كونهما امرا واحدا وهو الاجماع المدّعى فى المقام ولا سبيل الى دعوى اجماعين احدهما على المخصّص والآخر على المخصّص لانّ مرجع الثّانى الى الأوّل فلا يتعدد وامّا ثانيا فلأنّ تخصيص ذلك يوجب تخصيص الإجماع فيلزم ان يكون الإجماع ظنيّا اذ لا تخصيص الّا فى العامّ الظنىّ فان قيل قام الإجماع على حجّية كلّ ما هو ظاهر الكتاب فنجعل بعض مدلولات القاعدة كحجّية كلّ ظاهر من الكتاب غير هذا العموم قرينة على التجوّز فى بعض آخر وهو تخصيص العموم المذكور بغير تلك الظواهر قلنا ليس هذا اولى من العكس لوقوع الكلّ فى مرتبة واحدة فيحتاج الى دعوى اجماع آخر على هذا التّخصيص فيعود الأشكال المتقدم السّادس انّ الإجماع هو اجتماع الفرقة بحيث يوجب القطع براى الإمام ولم يتحقق لنا بعد هذا الاجتماع لأمة امّا من جهة ملاحظة فتاويهم صريحا وامّا من جهة حصول العلم برضاهم بذلك بحيث يحصل القطع برضا رئيسهم امّا الفتوى فغير متحققة عن اصحاب الرّسول والأئمّة وغيرهم على حجّية كلّ ظنّ حصل من الكتاب ولو بعد الف سنة وامّا ارباب التّصانيف من متأخّرى اصحابنا فتجويزهم للعمل بظاهر

٢٠٩

الكتاب وان كان معلوم الّا انّه لم يعلم من جهة كونه ظاهر الكتاب بل لعلّه من جهة حجّية الظنّ المجتهد وامّا حصول العلم برضاهم بتتبّع اقوال السّلف من حيث انّهم كانوا يستدلّون بظواهر الكتاب من دون نكير فهو لا يستلزم ان يكون ذلك من جهة اجماعهم على حجّية الظّواهر بل لعلّه كان لحصول القطع بها بسبب القرائن والأمارات والسّابع انّ الإجماع على حجّية الظواهر امّا ان يكون على ما هو ظاهر فى نفس الامر وامّا ان يكون على ما هو ظاهر بحسب ظنّ مدّعى الإجماع والأوّل ممنوع والثّانى لا ينفع فى حقيّة دعوى الإجماع اذ الإجماع على حجّية الظّواهر معناه انّها حجّة على كلّ احد وهو شيء واحد لا انّها تختلف باختلاف الأشخاص وهذا بخلاف دعوى الإجماع على حجّية ظنّ المجتهد فانّ معناه الإجماع على انّ ظنّ كلّ مجتهد حجّة عنده عليه وعلى مقلّده لا فى نفس الامر فان قلت لا يضرّ فى الإجماع على انّ العمل بالظّواهر واجب الاختلاف فى الظنّ لأنّ ذلك اختلاف فى الموضوع وهو لا ينافى انعقاد الإجماع على حجّية اصل الظنّ قلت انّا نجب عنه اوّلا بالمعارضة فنقول بعنوان القلب من باب الالتزام انّ الشّهرة حجّة بالإجماع فكما انّك تقول الإجماع على حجّية العمل بالظنّ من الكتاب يوجب كون العمل بآيات التّحريم اجماعيّا فنحن نقول انّ الإجماع على حجّية ظنّ المجتهد عليه وعلى مقلّده يوجب كون جواز العمل بالشهرة لمن ترجّح فى نظره اجماعيّا وثانيا نجيب عنه بالمناقضة ونقول لا ينفع الإجماع على الكلّى المجمل فى الافراد المحتملة الاندراج أتراك تقول اذا قال الشّارع انّ الكافر نجس وانعقد الإجماع عليه واختلف فى انّ المجسّمة كفّار ام لا انّ من يقول بكفرهم بظنّه واجتهاده يمكنه القول بانّ نجاستهم اجماعيّة او قطعيّة كلّا بل يقول انّى اظنّ نجاسته لظنّى انّه كافر ويحتاج فى اثبات حجّية هذا الظنّ الى دليل آخر ثم قال قدس‌سره فى مقام الإشارة الى دليل الانسداد واثباته معترضا عليه ومجيبا عنه فان قلت انّ العمل على اخبار الآحاد قطعى لدلالة الآيات والإجماع قلت دلالة الآيات غير واضحة والإجماع ممنوع ودعوى الإجماع مع ظنّيتها من السيّد والشّيخ متعارضة مع انّ المسلّم منهما فى الجملة لدعوى اجماعهم على اشتراط العدالة واختلافهم فى معنى العدالة ثم بعد ذلك الاشكال فى مخالفة الأخبار ومعارضة بعضها لبعض مع الاختلاف فى كيفيّة التّرجيح والمناص مع انّ كثيرا من المرجّحات لا نصّ عليها مثل علوّ الاسناد وموافقة الأصل وغيرهما واختلاف المرجّحات المنصوصة بحيث لا يرجى دفعه الّا بالرّجوع الى الظنّ الاجتهادي كما سنبيّنه فى الخاتمة

٢١٠

اقول مضافا الى ما سيأتى فى ردّه انّ مضمون الآيات هو حرمة التعبّد بغير العلم وبعبارة اخرى حرمة التّشريع وهذا المضمون قطعىّ قد دلّ عليه العقل والأدلّة الثلاثة الأخر فلا ثمرة لتفصيل الكلام فيه وليس داخلا فى الظواهر حتّى تتطرّق الوجوه المذكورة فيه وامّا الوجوه المذكورة فى الجواب عن هذا التفصيل فنقول قد اجيب عن الاوّل منها بانّ مخالفة الأخباريّة فى حجّية ظواهر القرآن غير قادحة لأنّ مثل هذا الخلاف النّادر لا يقدح فى تحقّق الإجماع وعن الثّانى بانّ الإجماع منعقد على حجّية ظواهر الألفاظ السّالمة عن المعارض من غير فرق فى ذلك بين المخاطب وغيره بدليل انّ السّامع يشهد على ظاهر الإقرار والوصيّة والعقد والإيقاع وغير ذلك وان لم يكن مخاطبا بها ولهذا ترى انّ الرّواة يعتمدون على ما سمعوه من المعصوم مخاطبا به غيرهم فمنع الإجماع على حجّية الظّواهر فى حقّ غير المخاطبين ناش عن قلّة التدبّر ولو شئت لادّعيت الضّرورة على ذلك بل الظّاهر انّه ممّا تسالم عليه جميع ارباب المذاهب والأديان وعن الثالث بانّا لا نقول بحجّية الظواهر مطلقا بل بعد الفحص عن المعارض من النّاسخ والمخصّص ونحوهما مع عدم العثور عليه بطريق معتبر ولا يلزم من ذلك خروج الظّاهر عن مورد الإجماع لأنّ الظنّ انّما يستند الى المقتضى له لا اليه والى عدم المانع والّا لم يتحقّق لنا ظنّ لفظىّ اصلا لاستناده دائما اليه والى عدم قرينة توجب الخلاف وهو واضح الفساد فالظنّ المستفاد من ظاهر الكتاب انّما يستند اليه بشرط عدم المعارض لا اليه والى عدم المعارض وعن الرّابع بانّ النّزاع فى حجّية العام المخصّص راجع الى النّزاع فى الظّهور كما اشار اليه والإجماع وان انعقد على حجّية ما هو ظاهر واقعا لكن لا سبيل الى تعيين الامور الواقعيّة الّا بالعلم او ما يقوم مقامه فاذا علمنا بانّ العامّ المخصّص ظاهر فى الباقى علمنا باندراجه فى محلّ الإجماع وكذا لو ظنّنا ذلك ظنّا قام قاطع عندنا على حجّيته فانّا نعلم بالدّخول ح ظاهرا فى مورد الإجماع وعن الخامس بانّ الاجماع انّما انعقد على حجّية كلّ ظاهر لا يعارضه ما هو اقوى منه وإن كان الأقوى ذلك الإجماع وبعبارة اخرى قام الإجماع على حجّية كلّ ظاهر ولا ينافى ذلك الإجماع ولا غيره من ساير الأدلّة الّتى هى اقوى من ذلك الظّاهر لامتناع قيامه على حجّية ظاهر يخالفه ويخالف ما هو اقوى منه فظهر من ذلك سقوط ما زعمه من انّ ذلك يوجب تخصيص الإجماع وامّا اشكاله بلزوم اتّحاد المخصّص والمخصّص فواضح الاندفاع اذ يكفى فيه المغايرة الاعتباريّة مع انّه لا تخصيص فى المقام اصلا

٢١١

اذ الحكم الثّابت بالإجماع فى نفسه خاصّ بمورد معيّن كما عرفت وعن السّادس بانّه لا يخفى ما فيه من التكلّف والاعتساف والخروج عن جادة الأنصاف اذ ما ذكره فى حقّ الأوائل من جمودهم فى التمسّك بالكتاب على ما كان مفيدا للقطع امر مقطوع بفساده كما يظهر بالتتبّع فيما حكى عنهم من مواضع الاحتجاج لأنّها لكثرتها ممّا يحيل العادة وقوفهم فيها فى محلّ الخلاف على القرائن المقتضية لاستفادة القطع مع انّا نريهم يقتصرون فى مقام الاحتجاج على دلالة الآية ولا ينتبهون الخصم على وجود القرائن ودعوى انّ القرائن كانت معلومة عند الخصم فى جميع موارد الاحتجاج مكابرة جليّة وامّا ما ذكره فى حقّ الأواخر فاوضح فسادا فانّ حجّية الكتاب عندهم من جهة الإجماع بل الضّرورة والأخبار المتواترة ولهذا تريهم اذا نبّهوا على دليل الحجّية ذكروا ذلك ولو كان الأمر كما زعمه لاحتجّوا عليه بانّ الكتاب مفيد للظنّ وكلّ ما يفيد الظنّ فهو حجّة قلت والجواب عن السّابع انّه لا ريب انّ الإجماع على حجّية الظّواهر تثبت كبرى كلّية فاذا احرز الموضوع بالوجدان يقطع بالنتيجة مثلا العامّ للمخصّص ظاهر فى تمام الباقى امّا من جهة كونه اقرب المجازات اذا تعذّرت الحقيقة او من جهة غير ذلك فيقال هذا ظاهر وكلّ ظاهر فهو حجّة امّا الصّغرى فوجدانيّة وامّا الكبرى فاجماعيّة ولا مساغ للظنّ المطلق هنا وكون الظّهور المذكور محلّ خلاف لا ينافى كونه حجّة من باب الظنّ الخاصّ لمن علم بالظّهور ولا ينافى ذلك كونه خطاء فى نفس الأمر ألا ترى انّه قدس‌سره قد تسلّم كون الظنّ الحاصل للمشافهين حجّة من باب الظنّ الخاصّ مع انّه قد يكون خطاء فى نفس الأمر وكذلك الظّنون الحاصلة للمدرّسين والمدرّسين فى فهم كتب المصنّفين ولم يقل احد بكون الإجماع على حجّية الظّواهر يوجب الإجماع على ظهور العامّ فى تمام الباقى وغير ذلك من مصاديقه حتّى يتوجّه عليه الجواب بالمعارضة والحلّ الّذى جعله جوابا بالمناقضة نعم لو ظنّ بالظّهور فلا دليل على حجّية عدا وجوه ذكروها فى جزئى من جزئيّات المسألة وهى حجّية قول اللّغويين فى الاوضاع وسيأتى شرح القول فيه فى كلام المصنّف فانتظر وامّا ما ذكره اخيرا من عدم دلالة الآيات على حجّية خبر الواحد فيرد عليه ما سنذكره وامّا ما ذكره من تعارض دعوى الإجماع مع ظنية من السيّد والشّيخ ففيه انّه قد ذكر فى باب حجّية خبر الواحد انّ الاشتباه قد حصل من السيّد وان دعوى الإجماع من الشيخ صحيحة وانّه قطعى لا ظنى و

٢١٢

وما ذكره فى العلاوة من انّ المسلّم منهما فى الجملة لدعوى اجماعهم على اشتراط العدالة ففيه انّ المفهوم من كلام الشيخ فى العدّة وغيره انّ العدالة المطلوبة فى الرّواية هى الوثاقة لا العدالة المصطلحة وسيأتى منا نقله ولنا ان ندّعى انّه مع حجّية الأخبار الموثوق بها ينفتح باب الظنّ الخاصّ بحيث يكون وافيا بمعظم الأحكام فلا مجال ح لحجّية الظنّ المطلق مع انّه لو قلنا بحجّية الظنّ المطلق فى باب العدالة والنّسب والوقف وما يجرى مجريها كما هو المشهور لا يلزمنا القول بحجّية الظنّ المطلق فى الأحكام اذ المشهور بين القائلين بالظنون الخاصّة ايضا ذلك كما هو ظاهر للمتتبّع فمن اين ما رامه من حجّية الظنّ المطلق من جهة ذلك وما ذكره من الأشكال فى تعارض الأخبار مع الاختلاف فى كيفيّة التّرجيح واختلاف الأخبار الدّالّة على المرجّحات المنصوصة فهو ايضا لا يستلزم القول بحجّية الظنّ المطلق من باب دليل الانسداد اذ يمكن الرّجوع الى كلّ مزيّة من باب الإجماع الّذى ادّعاه العلّامة وغيره على وجوب الأخذ باقوى الدّليلين بناء على كون معقد اجماعهم الاعمّ من القوّة الدّاخليّة والخارجيّة او من جهة عموم العلة المنصوصة او غيرهما ممّا سيذكر فى محلّه من غير ان يحتاج الى التمسّك بدليل الانسداد هذا ويرد على المحقق القمىّ ره امور أخر منها ان فرقه قدس‌سره بين كون الخطاب شاملا للغائبين وبين كونه غير شامل لهم بجعل الظنّ الحاصل للغائبين على التقدير الثانى غير حاصل منه بخصوصه بل من مجموع الأدلّة والأمارات فيكون حجّة من باب الظنّ المطلق بخلاف الظنّ الحاصل منه لهم على التقدير الأوّل فيكون حجّة بخصوصه غير سديد اذ على القول بشمول الخطاب للغائبين ايضا يكون الظنّ الحاصل منه حاصلا من مجموع الأدلّة والأمارات ايضا فلا بدّ ان يكون حجّة من باب الظنّ المطلق عنده لأنّ العلم الإجمالي بالمعارض والمخصّص والمقيّد وغيرها حاصل على التّقدير المذكور ايضا فلا بدّ من الفحص والبحث ومنها انّه لا يمكن جعل شمول الإجماع على حجّية الظواهر للآيات النّاهية قرينة على عدم جواز العمل بظواهر الكتاب بل المتعيّن العكس لأنّ جعل مورد الإجماع هى الآيات النّاهية يكون عبارة اخرى عن الإجماع على عدم حجّية الظّواهر فيصير الإجماع كاللّغو لأنّ الآيات النّاهية اقلّ من الآيات الأخر الّتى لها ظواهر فلا بدّ من جعل شمول الإجماع لسائر الظّواهر قرينة لصرف الآيات النّاهية عن ظاهرها ومنها انّه قدس سرّه قد اعترف فى باب حجّية خبر الواحد ان آية النبإ تدلّ من باب مفهوم

٢١٣

الوصف على حجّية خبر العادل فيكون الظنّ الحاصل من خبر العادل حجّة بالخصوص لنا فينثلم به ما ذكره فى باب الاجتهاد والتّقليد وغيره من عدم الدّليل على حجّية خبر الواحد بالخصوص بل يناقض ما ذكره فيه كما نقلناه عن قريب من عدم دلالة الآيات على حجّية خبر الواحد بل نقول انّه يفهم من آية النّبإ على تقدير دلالتها على ما ذكر حجّية ظاهر الكتاب لنا ايضا بالخصوص اذ لا يمكن اثبات الظنّ الخاصّ بالظنّ المطلق لتأخّر مرتبته عنه وكذلك قد استدلّ بالإجماع على حجّية خبر الواحد فيكون حجّة لنا من باب الظنّ الخاصّ فلم انكره فى المقام بل صرّح بخلافه كما دريت ممّا نقلناه عنه فان قلت هو قدس سرّه وان ذكر ذلك لكن ذكر فى باب السنّة ما يبيّن مراده بحيث لا يرد عليه الايراد حيث قال واعلم انّ ما تقدّم من الادلّة انّما يدلّ على حجّية المراد بخبر الواحد فانّه المتبادر من النّبإ والأنذار وهو المستفاد من الإجماع الّذى نقلناه وامّا حجّية ما يفهم من لفظ الخبر وان المظنون هو المراد او غيره مع تفاوت ذلك بحسب افهام النّاظرين والمعاصرين للأئمّة والمتباعدين فهو يحتاج الى دليل آخر من اجماع او دليل آخر على حجّية مطلق الظنّ فى امثال زماننا الى آخر ما ذكره قلت بعد التّأويل فى عبارته من جهة انّ بحث حجّية خبر الواحد انّما عقد لبيان حجّيته من حيث الصّدور لا من حيث المراد انّ كلامه المذكور يدلّ على حجّية خبر الواحد الظنّى اذا كان نصّا فى الدّلالة لنا من حيث الخصوص فيتم فى غيره بعده القول بالفصل وايضا المستفاد من كلامه هناك وفى باب الاجتهاد والتّقليد انّ الظّاهر اذا كان ظاهرا عند الجميع غير مختلف بحسب افهام النّاظرين يكون حجّة لنا من باب الظّنّ الخاصّ فيتم فى غيره بعدم القول بالفصل مع ان حمل اجماع مثل الشّيخ فى العدّة حيث ذكر اجماع العلماء على علمهم بهذه الأخبار الّتى رووها فى تصانيفهم ودوّنوها فى كتبهم على ما اذا كانت نصّة بحسب الدّلالة حمل محال مع انّ اكثر الأخبار ظاهرة فى معناها مع انّه يكون ح الإجماع المذكور قليل الفائدة جدّا مع انّ تسليم الإجماع الّذى نقله الشّيخ وغيره فى مسئلة حجّية خبر الواحد مع كونها معركة للآراء ودعوى السيّد ومتابعيه الإجماع على عدم حجّيته ودعوى بعضهم امتناع كون خبر الواحد متعبّدا به فى الشّريعة وعدم تسليم حجّية ظواهر الأخبار لنا من باب الظنّ الخاصّ مع عدم منازعة احد فيه حتّى الأخباريّين كما علمت سابقا فى غاية الغرابة ومنها انّه قدس‌سره قد استدلّ فى ردّ الأخباريّين فى باب حجّية الكتاب

٢١٤

على حجّية ظاهره بالأخبار الكثيرة الّتى استدلّ فيها الأئمّة بالكتاب لأصحابه مرشدين ايّاهم لذلك واستدلال بعض الأصحاب به على بعض ولا يخفى انّ جلّ مواضع استدلال الأئمّة بالكتاب او كلّها انّما كانت بظواهره لا بنصوصه فتدلّ على حجّية ظواهر الكتاب لغير المشافهين بالخصوص خصوصا فى مقام ارشاد الأئمّة للاصحاب كما صرّح به فكيف ينكره فى باب الاجتهاد والتّقليد وغيره ومنها دلالة الآيات الكثيرة بطريق القطع على حجّية الكتاب نصّا وظاهر الغير المشافهين ايضا مثل قوله تعالى (كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ مُبارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آياتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ) وقوله تعالى (لِتُنْذِرَ بِهِ وَذِكْرى لِلْمُؤْمِنِينَ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْعالِمِينَ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ* لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) فى اي من ذلك (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ) اه (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ) اه وغير ذلك ممّا ذكرنا فى ردّ السيّد الصّدر وغيره وممّا لم نذكره وهى كثيرة جدّا وقد اثبتنا سابقا انّ المحكم يشمل الظّاهر وانّ المتشابه غير متشابه فراجع وتدبّر ومنها انّه قدس‌سره قد اعترف فى باب عدم جواز العمل بالعام قبل الفحص عن المخصّص فى مقام الردّ على المدقق الشّيروانى والفاضل التّونى والسيّد الصّدر قدس‌سرهم القائلين بجواز العمل به قبل الفحص عن المخصّص من جهة عمل اصحاب الأئمّة ع بالأخبار مطلقا كذلك بانّ عمل اصحاب الائمّة وان كان كذلك لكن فرق بين زماننا وزمانهم من جهة عروض الاختلالات فى زماننا دون زمانهم ومقتضى ذلك كون ظواهر الكتاب والأخبار حجّة لأصحاب الأئمّة ع بالخصوص وان لم يكونوا مشافهين بالخطاب فكيف انكر ذلك فى المقام ومنها انّه لو كان ظواهر الكتاب والسّنة حجّة لنا من باب الظنّ المطلق لكان الحكم دائرا مدار الظنّ الشّخصى فى باب ظواهر الكتاب والسنّة ويمكن ادّعاء القطع من سيرة العلماء فى مقام تمسّكهم بالكتاب والسنّة وفتواهم على طبقهما فى انّهم لا يقتصرون على الظنّ الشخصىّ فيهما بل بنائهم على الظّهور العرفى او الظن النّوعى او التعبّد على ابعد الوجوه ومنها دلالة اخبار العلاج على حجّية الأخبار الظنيّة مطلقا فى زمان الأئمّة ع حيث انّها دلّت على كون حجّية الخبر الظنّى مفروغا عنها عند الرّواة وتقرير الامام ع ايّاهم على ذلك ويدلّ على ذلك ارجاع الإمام ع الى المرجّحات فى الصّدور كالشّهرة والاعدليّة وغيرهما اذ من المعلوم عدم تماميّتها فى مقطوع الصّدور والى المرجّحات فى المضمون

٢١٥

كموافقة الكتاب والسنّة وغيرهما والاخبار المذكورة متواترة بالمعنى ودلالتها ايضا قطعيّة فتدلّ على المطلوب من حجّية الخبر الظنّى بحسب الصّدور والدّلالة للاصحاب وان لم يكونوا مشافهين وهذا ظاهر جدّا وممّا ذكر ظهر انّ ما تفصّى به المحقّق المزبور قدس‌سره غير سديد قال قدس سرّه بعد ان اورد على نفسه انّ اخبار العلاج الّتى تكون مستفيضة بل قريبة من التّواتر كما دلّ على حجّية خبر الواحد فى الجملة تدلّ على جواز الاجتهاد فى النقد والانتخاب فى الاخبار واخذ الحجّة وترك غيرها قلت بعد تسليم تواترها بالمعنى بحيث يجدى لك نفعا انّها انّما تدلّ على الاجتهاد فيما ثبت جواز العمل به منها وترجيح بعضها على بعض لا فى اثبات ما يجوز العمل به منها وما لا يجوز فكما انّ الاخبار الواردة فى تعيين الإمام اذا تشاحّ الأئمّة او المأمومون انّما هو بعد صلاحيّته للإمامة فكذلك فيما نحن فيه انتهى مع انّ خبر الواحد الظنّى الصّدور حجّة عنده من باب الظنّ الخاصّ كما فهم ممّا نقلناه عنه في باب السنّة فالمحتاج اليه فى المقام انّما هو اثبات القطع من حيث الدّلالة وقد ذكرنا انّ دلالة الاخبار العلاج على ما نحن فيه قطعيّة فمنع تواترها لا يضرنا مع انّك دريت بانّ تواترها بالمعنى غير بعيد وممّا ذكر ظهر انّ كلماته قدس سرّه فى غاية الاضطراب ومنها ان المجتهدين مختلفون فى حجّية الظنون المطلقة فى زمان الانسداد والمشهور منهم قائلون بحجّية الظّنون الخاصّة لا المطلقة وقد ذكر فى القوانين ايضا انّ المشهور عدم حجّية الشّهرة والمشهور ايضا عدم حجّية الإجماع المنقول والاولويّة الظنيّة كما يظهر للمتتبع وعلى تقدير عدم كون القائلين بالظّنون الخاصّة مشهورين فلا شكّ انّ كثيرا منهم قائلون بذلك فعلى هذا فكيف يمكن انطباق الإجماع على حجّية ظواهر الكتاب والسنّة على حجّية الظنّ المطلق للمجتهد كما ذكره فى باب الاجتهاد والتّقليد هذا وامّا ما ذكره من كون الاصل هو حجّية الظنّ المطلق فى زمان الانسداد من جهة ما ذكر فهو موقوف على عدم وجود القدر الكافى الوافى بمعظم الاحكام عندنا وتماميّة دليل الانسداد وانتاجه حجّية الظن لا التّبعيض فى الاحتياط ثم حجّية الظنّ مطلقا وكلّ ذلك محلّ بحث ياتى ذكره فى محلّه إن شاء الله الله ثم انّ قوله سلّمنا انّ الكتاب العزيز من باب تصنيف المصنّفين اه صريح فى انّه اذا كان من قبيل تأليف المصنّفين ايضا يكون حجّة لنا من باب الظنّ المطلق فهو صريح فى خلاف التّفصيل الّذى نسبه اليه المصنّف كما نبّه بذلك شيخنا قدس‌سره فى الحاشية هم ذكر التفصيل

٢١٦

المذكور الّذى نسبه اليه المصنّف قدس‌سره فى باب السنة من غير ان يعدل عنه بما ذكر فليته بدّل قوله فى باب الاجتهاد والتّقليد بقوله فى باب السّنة وان كان لا يسلّم من الايراد على التقدير المذكور ايضا فراجع القوانين تجد صدق ما نقلنا عنه فى مواضع متعدّدة قوله احتمال مرجوع فى نفسه مع انّ عدم غفلة المتكلّم فى المقام مفروض لكونه هو الله او خلفائه عليهم‌السلام كما سيذكر فى الاحتمال الآخر وانّما لم يذكره هنا اعتمادا على ما سيأتى قوله بل لا يبعد دعوى العلم اه قد ذكرنا انّ هذا الكلام مناف لما ذكره سابقا حيث قال وامّا وجود مخالفات فى الواقع زائدة على ذلك فغير معلوم فراجع قوله مع انّا لو سلّمنا اه اذ من المعلوم انّه ما لم ينتف احتمال جميع القرائن ولو ظنّا لا يحصل الظن بالمطلوب ولا يكفى انتفاء القرائن المتّصلة فقط قوله لا ينفع فى ردّ هذا التّفصيل اه ولذا اعترف المفصّل المذكور فيما نقلنا عنه انّ الظّنون الحاصلة من المكاتيب والمراسيل الواردة من البلاد البعيدة حجّة بالخصوص لكلّ من حصلت له سواء فى ذلك المكتوب اليه وغيره وذلك لعدم عروض الاختلالات الموجبة لعدم حصول الظنّ منها كما هى كذلك فى ظواهر الكتاب والظنون الحاصلة لنا اليوم ليست ظنونا حاصلة من الكتاب العزيز من حيث هو كذلك بل هى حاصلة من اعمال الظّنون الاجتهاديّة كما دريت مفصّلا وممّا ذكر ظهر انّ تفصيل المحقق القمّى قدس سرّه ليس مبنيّا على ما ذكره المصنّف قدس‌سره من عدم حصول الظنّ لغير المشافهين وحصوله للمشافهين فانّه قدس‌سره يسلّم حصول الظنّ لغير المشافهين ايضا لكنّه يقول انّه ظنّ حاصل من الادلّة الاجتهاديّة الثابتة للمجتهد حجّيتها من جهة حجّية مطلق الظنّ له فلا يكون ظنّا خاصّا لعدم استناده الى ظاهر الكتاب العزيز والى ظاهر الاخبار من حيث هما كذلك ومن حيث كون ظنّهما ظنّا لفظيّا وما ذكر مستفاد من صريح كلماته قدس‌سره فالاولى للمصنّف الاقتصار على قوله فى مقام توجيهه ولو فرض حصول الظنّ من الخارج بارادة الظّاهر من الكلام لم يكن ذلك ظنّا مستندا الى الكلام لكن بجعله واقعا لا مفروضا قوله ودعوى كون ذلك منهم اه وهذه الدّعوى قد صرّح المحقق القمىّ فى باب السنّة بضعفها وفى باب الاجتهاد والتّقليد بكونها فى غاية الغرابة فالاولى عدم ذكرها فى مقام ردّه قوله لأنّ المفصّل معترف اه اعتراف المفصّل به انّما هو فى باب السنّة كما نبّهنا عليه سابقا حيث ذكر انّ الكتاب العزيز اذا كان من قبيل تأليف المصنّفين يكون حجّة بالخصوص من غير

٢١٧

ان يذكر ما يخالفه وامّا فى باب الاجتهاد والتّقليد فهو وان ذكره اوّلا ولكن صرّح فى قوله سلّمنا انّ الكتاب العزيز من باب تصنيفات المصنّفين لكن مقتضى ذلك ان يكون الظنّ المستفاد منه حجّة من جهة انّه ظنّ حاصل منه والمفروض انّ الظنون الحاصلة من القرآن العزيز ليست بظنون حاصلة منه فقط بل هو ظنّ حاصل للمجتهد بنفس الأمر بعد ملاحظة الأدلّة وجرحها وتعديلها لا ظنّ حاصل من الكتاب اه بانّ الظنّ الحاصل من الكتاب وان كان من قبيل تأليف المصنّفين ظنّ مطلق لا ظنّ خاصّ قوله بل يعمل بها من يدّعى الانفتاح اه وكذلك من يعمل بالظّنون الخاصّة ولا يعمل بالظنّ المطلق اصلا وكذلك من يعمل بظواهر الاخبار اذا كانت قطعيّة الصّدور من باب الظنّ الخاصّ وان كان عاملا بالظنّ المطلق فى الجملة وكذلك من يدّعى استحالة التعبّد بخبر الواحد كابن قبة وقد ذكرنا سابقا ان حمل اجماع العلماء فتوى وعملا على نصوصات الكتاب والسنّة مع ندرتها ممّا لا يجوز ارتكابه ومقطوع بفساده وكذلك تطبيق اجماع العلماء على حجّية ظواهر الكتاب والسنّة على حجّيتهما من باب الظنّ المطلق مع انّ المشهور منهم عاملون بالظّنون الخاصّة حمل لا يسوغ ارتكابه بل يمكن ان يدّعى انّ القائلين بالظّنون المطلقة ايضا لا يقولون بذلك وانّما يذهبون الى حجّية الظنّ المطلق من جهة عدم وفاء ظاهر الكتاب والسنّة المقطوع بحجّيتها بمعظم الأحكام ولذا لم ينسب هذا القول الى احد غير المحقق القمىّ قطعا وصاحب المعالم احتمالا كما ذكره المصنّف قوله ويدلّ على ذلك ايضا وقد ذكرنا ان حمل سيرة اصحاب الأئمّة على العمل بالأخبار الواردة اليهم سواء كانوا مخاطبين بها ام لا على ما اذا حصل القطع لهم من جهة القرائن والأمارات وان احتجاجهم بها من جهة القطع بها كما ذكره المحقق القمىّ قدس‌سره واضح الفساد مع اعترافه فى باب حجّية الكتاب فى مقام ردّ الأخباريّين باستدلال الأئمّة ع فى مواضع كثيرة بالكتاب مرشدين اصحابهم لذلك مع انّ جلّ مواضع استدلالهم بل كلّها انما كانت بظواهره لا بنصوصه فراجع قوله لا يفرقون بينهما الّا بالفحص وعدمه يعنى انّ اصحاب الأئمّة ع كانوا يعملون بالأخبار الواردة اليهم كما يعملون بالأخبار الّتى سمعوها منهم بعد الفحص فى الاوّل ومع عدم الفحص فى الثّانى لا يفرقون بينهما بغير ذلك فتدلّ على حجّية ظواهر الأخبار لغير المشافهين ايضا بالخصوص وهو المطلوب لكن ما ذكره انّما يصحّ فى الجملة اذ اصحاب الأئمّة فى مقام عملهم بالاخبار الواردة اليهم من غير سماع كانوا طائفتين طائفة منهم كانوا يعلمون

٢١٨

اجمالا بورود المعارض والمخصّص والمقيّد فى الأخبار وطائفة لم يكونوا كذلك والفحص انّما هو فى الصّورة الاولى دون الثّانية وقد اشرنا الى ذلك فى مقام ردّ السيّد الصّدر فراجع وقد اعترف المحقّق القمىّ قدس‌سره فى باب العمل بالعام بعد الفحص عن المخصّص بذلك الّذى ذكر من عمل اصحاب الائمّة ع بالعام قبل الفحص عن المخصّص ومع ذلك قد ذكر فى باب الاجتهاد والتقليد بانّ عملهم لعلّه بعد حصول القطع من جهة القرائن والأمارات وهو عجيب وقد ذكرنا ذلك سابقا فى مقام ردّه قدس‌سره فراجع قوله مع انّ التّوجيه المذكور للتّفصيل لابتنائه اه لا يخفى ان التّوجيه المذكور لم يكن مبنيّا على الفرق المذكور بل كان مبنيّا على حصول الظنّ للمشافهين من جهة جريان اصالة عدم الغفلة فى حقّهم وانّه لا يحصل الظنّ للغائبين من جهة عدم غفلتهم من حيث عدم انحصار سبب وقوعهم فى خلاف المقصود فى غفلتهم بل قد يحصل من جهة امور أخر وكذلك لا يحصل الظنّ للغائبين من جهة اصالة عدم القرينة لعدم جريانها فى حقّهم لأنّ الاصل المذكور لكونه اصلا لفظيّا مبنىّ على الظنّ ولو نوعا ولا يحصل الظنّ بعدمها حيث انّ كثيرا من القرائن قد اختفيت علينا بل لا يبعد دعوى العلم بكون ما اختفى اكثر بمراتب ممّا ظهر مع انّه على تقدير الظنّ بعدم القرائن المتّصلة كيف يحصل الظنّ بعدم القرائن المنفصلة الى آخر ما ذكره فعلم انّ التّوجيه المذكور لم يكن مبنيّا على انّ الظنّ ان حصل من جهة عدم الغفلة كان ظنّا خاصّا وان حصل من جهة عدم القرينة كان ظنّا مطلقا كما هو ظاهر الكلام هذا نعم قد ذكر فى آخر الكلام قوله مع امكان ان يقال انّه لو حصل الظنّ لم يكن على اعتباره دليل خاصّ ومثله قبل قوله وبالجملة وهما لا يصلحان خلل العبارة فتامّل جيّدا قوله لعدم جريان اصالة عدم الغفلة فى حقّهم مطلقا لأنّا نفرض الكلام فيما اذا كان الغائبون مشاهدين للكتاب مستحضرين ايّاه بحيث يقطع بعدم وجود الغفلة وبعدم وجود القرينة لهم فلا تجرى اصالة عدم الغفلة فى حقّهم المسبّبة عن احتمال غفلتهم ومع القطع المذكور لا يحصل الظنّ بالمراد فكيف مع الظنّ الحاصل من اصالة عدم الغفلة لو جرت وانّما يحصل الظنّ بالمراد من جهة الظنّ بعدم القرينة للمشافهين ومن المعلوم انّ هذا المقصود لا يمكن احرازه من القطع بعدم الغفلة فكيف من الظنّ به والظنّ الحاصل من اصالة عدم القرينة للمشافهين لا يكون ظنّا خاصّا على الفرض المزبور وقوله فى حقّهم مطلقا يعنى سواء قلنا بشمول الخطاب للغائبين ام لا قوله وان كان هو الحاصل من عدم القرينة قد عرفت ممّا استخرج من الوجوه السّبعة من كلام المحقّق

٢١٩

القمىّ قدّه انّه يفرق بين الظنّ الحاصل من اصالة عدم القرنية للمشافهين او من يحذو حذوهم وبين الظنّ الحاصل من اصالة عدم القرينة للغائبين الغير المقصودين بالإفادة بجعل الاوّل ظنّا خاصّا حجّة اجماعا والثّانى ظنّا مطلقا حجّة من باب الظن المطلق لأنّه ليس حاصلا من نفس اللّفظ بل من الأمارات الخارجيّة فاللّازم على المصنّف سدّ باب هذا الاحتمال نعم يرد على فرقه بين شمول الخطاب الشّفاهى للغائبين وبين عدم شموله ما ذكرنا سابقا فراجع قوله ما ورد من الأخبار المتواترة معنى والظّاهر انّ مراده قدس‌سره بالتّواتر المعنوى هو التّواتر الإجمالي بمعنى العلم اجمالا بصدور احد الاخبار المذكورة عن المعصوم ع وقد استعمل التواتر المعنوى على هذا المعنى فى هذا الكتاب فى غير موضع لا التواتر المعنوى بمعنى كون القدر المشترك يقينيّا كوقائع حروب امير المؤمنين ع ورستم اذ لا يجتمع هذا مع الحكم بكونها ظاهرة كما لا يخفى قوله فانّ هذه الظّواهر المتواترة حجّة اه اذ حجّية ظواهر الكتاب والسنّة للمشافهين مسلّم عند المحقّق القمىّ ره وقد امر الأئمّة اصحابهم المشافهين بخطابهم بالرّجوع الى الكتاب وعرض الاخبار عليه مع عدم كونهم مقصودين بخطاب الكتاب وكونهم غير موجودين فى زمان نزوله فنشترك نحن معهم ولا يمكن ان يكون حجّية ظواهر الأخبار الآمرة بالرّجوع الى الكتاب من باب الظنّ الخاصّ وحجّية ظواهر الكتاب من باب الظنّ المطلق لكون باب العلم مفتوحا فى ذلك الزّمان مع انّه لا معنى لعرض الظنّ الخاصّ على الظنّ المطلق مع تقدّم مرتبته عليه مع انّه لا معنى لاثبات حجّية الظنّ المطلق بالظنّ الخاصّ بل لا بدّ فيها من الاستناد الى دليل الانسداد كلام صاحب القوانين فيما يرتبط بالتفصيل المتقدم وجوابه قوله فان قلت انّ اخبار الثقلين اه قال المحقق القمىّ قدّه فى باب الاجتهاد فان قلت انّ اخبار الثّقلين وما دلّ على عرض الاخبار على الكتاب يدلّ على انّ الكتاب من هذا القبيل فاجاب عنه بما حاصله انّه بعد قبول علميّة تلك الأخبار صدورا نمنع دلالتها على التمسّك بالظواهر لاحتمال ان يكون المراد التمسّك بالأحكام الثابتة والمرادات المعلومة كما هو ثابت فى اكثرها ومع تسليم ذلك نقول يحتمل ان يكون المراد التمسّك بما فسّره به الأئمّة ع والعرض على ما فسّروه به كما ذكره الاخباريّون وان كان خلاف الظّاهر فح ننقل الكلام الى هذه الاخبار ونقول انّ دلالتها على ما نحن فيه انّما يتم لو قلنا بالعلم بانّ تلك الاخبار من قبيل تأليفات المصنّفين او قلنا بالعلم بانّ متفاهم المخاطبين بها علما او ظنّا كان ذلك وانّى لك باثبات

٢٢٠