محاضرات في أصول الفقه - ج ٣

آية الله الشيخ محمّد إسحاق الفيّاض

محاضرات في أصول الفقه - ج ٣

المؤلف:

آية الله الشيخ محمّد إسحاق الفيّاض


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مؤسسة أنصاريان للطباعة والنشر
المطبعة: الصدر
الطبعة: ٤
الصفحات: ٣٦٣

١
٢

٣

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين.

٤

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

مسألة الضد

هل الأمر بالشيء يقتضى النهي عن ضده؟!

يقع الكلام في هذه المسألة من جهات :

الأولى ـ قد تقدم منا في بحث مقدمة الواجب ان البحث عن ثبوت الملازمة بين وجوب شيء ووجوب مقدمته لا يختص بما إذا كان الوجوب مدلولا لفظياً ، فان ملاك البحث يعم مطلق الوجوب سواء أكان مستفاداً من اللفظ أو الإجماع أو العقل ، ولذلك قلنا انها من المسائل الأصولية العقلية ، لا من مباحث الألفاظ.

وهكذا الشأن في مسألتنا هذه فان جهة البحث فيها ـ في الحقيقة ـ ثبوت الملازمة بين وجوب شيء وحرمة ضده.

ومن الواضح ان البحث عن تلك الجهة لا يختص بما إذا كان الوجوب مدلولا لدليل لفظي ، بل يعم الجميع ، ضرورة ان ما هو المهم في المقام هو البحث عن ثبوت تلك الملازمة وعدمه ، ولا يفرق فيه بين أن يكون الوجوب مستفاداً من اللفظ أو من غيره ، وان كان عنوان البحث في المسألة ـ قديماً وحديثاً ـ يوهم اختصاص محل النزاع بما إذا كان الوجوب مدلولاً لفظياً ، إلا ان ذلك من جهة الغلبة ، وان الوجوب في الغالب يستفاد من دليل لفظي ، لا من جهة اختصاص محل النزاع بذلك ، كما هو واضح.

٥

ولأجل ذلك تكون المسألة من المسائل الأصولية العقلية لا من مباحث الألفاظ ، لعدم صلتها بتلك المباحث أصلا ، كما انه لا صلة لغيرها من المسائل العقلية بها.

الثانية ـ هل هذه المسألة من المسائل الأصولية أو الفقهية أو المبادئ الأحكامية؟ قالوا في ذلك وجوه :

١ ـ انها من المسائل الفقهية ، بدعوى ان البحث فيها عن ثبوت الحرمة لضد الواجب ، وعدم ثبوت الحرمة له ، وهذا بحث فقهي لا أصولي.

ويدفعه : ما ذكرناه ـ في أول بحث الأصول ـ من ان هذا التوهم قد ابتنى على كون البحث بحثاً عن حرمة الضد ابتداء ، لتكون المسألة فقهية ، إلا ان الأمر ليس كذلك ، فان البحث فيها عن ثبوت الملازمة بين وجوب شيء وحرمة ضده ، وعدم ثبوتها ، ومن الواضح ان البحث عن هذه الناحية ليس بحثاً فقهياً له صلة بأحوال فعل المكلف وعوارضه بلا واسطة.

٢ ـ انها من المبادئ الأحكامية :

ويدفعه : أيضا ما ذكرناه في بحث مقدمة الواجب من أن المبادئ لا تخلو من التصورية والتصديقية ولا ثالث لهما ، والمبادئ التصورية هي لحاظ ذات الموضوع أو المحمول وذاتياته. ومن الواضح أن البحث عن مسألة الضد لا يرجع إلى ذلك. والمبادئ التصديقية هي المقدمة التي يتوقف عليها تشكيل القياس ، ومنها المسائل الأصولية ، فانها مبادئ تصديقية بالإضافة إلى المسائل الفقهية ، لوقوعها في كبرى قياساتها التي تستنتج منها تلك المسائل والأحكام. ولا نعقل المبادئ الأحكامية في مقابل المبادئ التصورية والتصديقية.

٣ ـ والصحيح : انها من المسائل الأصولية العقلية.

أما كونها من المسائل الأصولية : فلما قدمناه في أول بحث الأصول من أن المسائل الأصولية ترتكز على ركيزتين :

٦

الأولى ـ ان تكون استفادة الأحكام الشرعية من الأدلة من باب الاستنباط والتوسيط ، لا من باب التطبيق ، أي تطبيق مضامينها بأنفسها على مصاديقها ، كتطبيق الطبيعي على افراده ، والكلي على مصاديقه.

الثانية ـ أن يكون وقوعها في طريق الحكم بنفسها من دون حاجة إلى ضم كبرى أصولية أخرى ، فكل مسألة إذا ارتكزت على هاتين الركيزتين فهي من المسائل الأصولية ، وإلا فلا.

وعلى هذا الأساس نميز كل مسألة ترد علينا انها أصولية ، أو فقهية ، أو غيرها ، وحيث أن هاتين الركيزتين قد توفرتا في مسألتنا هذه فهي من المسائل الأصولية لا محالة ، إذ انها واقعة في طريق استفادة الحكم الشرعي من باب الاستنباط والتوسيط بنفسها ، بلا توسط كبرى أصولية أخرى.

وتوهم خروج هذه المسألة عن علم الأصول ، لعدم توفر الركيزة الثانية فيها ، إذ لا يترتب أثر شرعي على نفس ثبوت الملازمة بين وجوب شيء وحرمة ضده ، لتكون المسألة أصولية ، واما حرمة الضد فهي وان ثبتت من ناحية ثبوت تلك الملازمة ، إلا انها حرمة غيرية فلا تصلح لأن تكون ثمرة للمسألة الأصولية. نعم هذا التوهم مندفع :

بما ذكرناه ـ في أول علم الأصول ـ من انه يكفي لكون المسألة أصولية ترتب نتيجة فقهية على أحد طرفيها ، وان لم تترتب على طرفها الآخر ، بداهة ان ذلك لو لم يكن كافياً في اتصاف المسألة بكونها أصولية ، للزم خروج كثير من المسائل الأصولية عن علم الأصول ، حتى مسألة حجية خبر الواحد ، فانه على القول بعدم حجيته لا يترتب عليها أثر شرعي أصلاً ، ومسألتنا هذه تكون كذلك ، فانه تترتب عليها نتيجة فقهية على القول بعدم ثبوت الملازمة ، وهي صحة الضد العبادي ، واما الحكم بفساده على القول الآخر فهو يتوقف على استلزام النهي

٧

الغيري ، كما يستلزمه النهي النفسيّ ، وسنتعرض إلى ذلك إن شاء الله تعالى بشكل واضح.

فالنتيجة الكلية هي : أن الملاك في كون المسألة أصولية وقوعها في طريق الاستنباط بنفسها ، ولو باعتبار أحد طرفيها ، في مقابل ما ليس له هذا الشأن ، وهذه الخاصة كمسائل سائر العلوم.

واما كونها عقلية : فلان الحاكم بالملازمة المزبورة إنما هو العقل ، ولا صلة لها بدلالة اللفظ أبداً.

الثالثة ـ ان المراد من الاقتضاء في عنوان المسألة ليس ما هو ظاهره ، بل الأعم منه ومن الاقتضاء بنحو الجزئية والعينية ، ليعم جميع الأقوال ، فان منها قول بان الأمر بالشيء عين النهي عن ضده. ومنها : قول بان النهي عن الضد جزء من الأمر بشيء. ومنها : قول بان الأمر بالشيء يستلزم النهي عن ضده كما هو ظاهر لفظ الاقتضاء ، فالتعميم لأجل أن لا يتوهم اختصاص النزاع بالقول الأخير.

الرابعة ـ ان المراد بالضد في محل البحث مطلق ما يعاند الشيء وينافيه ، سواء أكان أمراً وجودياً كالأضداد الخاصة ، أو الجامع بينها ، وقد يعبر عن هذا الجامع بالضد العام أيضاً ، أم كان أمراً عدمياً ، كالترك الّذي هو المسمى عندهم بالضد العام ، فان من الأقوال في المسألة قول بان الأمر بالشيء يقتضى النهي عن ضده العام وهو الترك.

وبعد بيان ذلك نقول :

ان الكلام يقع في مقامين :

الأول : في الضد الخاصّ.

والثاني : في الضد العام.

اما الكلام في المقام الأول : فقد استدل جماعة على اقتضاء الأمر بالشيء

٨

النهي عن ضده ، سواء أكان المراد به أحد الأضداد الخاصة أو الجامع بينها بوجهين :

الأول ـ ان ترك أحد الضدين مقدمة للضد الآخر ، ومقدمة الواجب واجبة ، فإذا كان الترك واجباً فالفعل لا محالة يكون محرماً ، وهذا معنى النهي عنه

أقول : هذا الدليل مركب من مقدمتين : إحداهما صغرى القياس والثانية كبراه ، فلا بد من درس كل واحدة واحدة منهما.

اما المقدمة الأولى فبيانها : ان العلة التامة مركبة من أجزاء ثلاثة : (١) المقتضى وهو الّذي بذاته يقتضى التأثير في مقتضاه. (٢) الشرط وهو الّذي يصحح فاعلية المقتضى. (٣) عدم المانع وهو الّذي له دخل في فعلية تأثير المقتضى. ومن الواضح ان العلة التامة لا تتحقق بدون شيء من هذه المواد الثلاث ، فبانتفاء واحدة منها تنتفي العلة التامة لا محالة.

ونتيجة ذلك : هي ان عدم المانع من المقدمات التي لها دخل في وجود المعلول ، ويستحيل تحققه بدون انتفائه. ويترتب على ذلك ان ترك أحد الضدين مقدمة لوجود الضد الآخر ، لأن كلا منهما مانع عن الآخر ، وإلا لم يكن بينهما تمانع وتضاد ، فإذا كان كل منهما مانع عن الآخر فلا محالة يكون عدمه مقدمة له ، إذ كون عدم المانع من المقدمات مما لا يحتاج إلى مئونة بيان ، وإقامة برهان.

واما المقدمة الثانية : فهي أن مقدمة الواجب واجبة ، وقد تقدم الكلام فيها.

فالنتيجة ـ من ضم المقدمة الأولى إلى هذه المقدمة ـ هي : ان ترك الضد بما انه مقدمة للضد الواجب ـ كما هو المفروض في المقام ـ يكون واجباً ، وإذا كان تركه واجباً ففعله حرام لا محالة ـ مثلا ـ ترك الصلاة بما انه مقدمة للإزالة الواجبة فيكون واجباً ، وإذا كان واجباً ففعلها ـ الّذي هو ضد الإزالة ـ يكون حراماً. وهذا معنى ان الأمر بالشيء يقتضى النهي عن الضد.

ولكن كلتا المقدمتين قابلة المناقشة :

٩

أما المقدمة الأولى : فقد أنكرها جماعة من المحققين منهم شيخنا الأستاذ (قدس‌سره) وقال : باستحالة المقدمية ، وأفاد في وجهها أمرين :

الأول : ان المعلول وان كان مترتباً على تمام اجزاء علته التامة ، إلا ان تأثير كل واحد منها فيه يغاير تأثير الآخر فيه ، فان تأثير المقتضى فيه بمعنى ترشحه منه ، ويكون منه الأثر والوجود ، كالنار بالإضافة إلى الإحراق ، فان الإحراق يترشح من النار ، وانها فاعل ما منه الوجود والأثر ، لا المحاذاة ـ مثلا ـ أو بقية الشرائط. واما تأثير الشرط فيه بمعنى انه مصحح لفاعلية المقتضى وتأثيره أثره ، فان النار لا تؤثر في الإحراق بدون المماسة والمحاذاة وما شاكلهما ، فتلك الشرائط مصححة لفاعلية النار ، وتأثيرها فيه. لا ان الشرط بنفسه مؤثر فيه. ومن هنا إذا انتفى الشرط لم يؤثر المقتضى.

أو فقل : ان الشرط في طرف القابل متمم قابليته ، وفي طرف الفاعل مصحح فاعليته ، فلا شأن له ما عدا ذلك. واما عدم المانع فدخله باعتبار ان وجوده يزاحم المقتضى في تأثيره ، كالرطوبة الموجودة في الحطب ، فان دخل عدمها في الاحتراق باعتبار ان وجودها مانع عن تأثير النار في الإحراق. وهذا معنى دخل عدم المانع في وجود المعلول ، وإلا فلا يعقل أن يكون العدم بما هو من اجزاء العلة التامة ، بداهة استحالة أن يكون العدم دخيلا في الوجود ومؤثراً فيه.

ومن ذلك البيان يظهر طولية اجزاء العلة التامة ، فان مانعية المانع متأخرة رتبة عن وجود المقتضى ، وعن وجود جميع الشرائط ، كما ان شرطية الشرط متأخرة رتبة عن وجود المقتضى ، فان دخل الشرط في المعلول إنما هو في مرتبة وجود مقتضية ، ليكون مصححاً لفاعليته ، لما عرفت ـ آنفاً ـ من أن الشرط في نفسه لا يكون مؤثراً فيه. ودخل عدم المانع إنما يكون في ظرف تحقق المقتضى مع بقية الشرائط ، ليكون وجوده مزاحماً له في تأثيره ، ويمنعه عن ذلك.

وعلى ضوء ذلك قد اتضح استحالة اتصاف المانع بالمانعية إلا في ظرف

١٠

وجود المقتضى مع سائر الشرائط ، كما انه يستحيل اتصاف الشرط بالشرطية إلا فيما إذا كان المقتضى موجوداً. ـ مثلا ـ الرطوبة في الجسم القابل للاحتراق لا تتصف بالمانعية إلا في ظرف وجود النار ومماستها مع ذلك الجسم ، ليكون عدم الاحتراق مستنداً إلى وجود المانع ، واما إذا لم تكن النار موجودة ، أو كانت ولم تكن مماسة مع ذلك الجسم فلا يمكن أن يستند عدم الاحتراق إلى وجود المانع.

ولنأخذ مثالا لتوضيح ذلك : إذا فرضنا ان النار موجودة والجسم القابل للاحتراق مماس لها ، ومع ذلك لم يحترق ، إذاً نفتش عن سبب ذلك وما هو ، وبعد الفحص يتبين لنا ان سببه الرطوبة الموجودة في ذلك الجسم وهي التي توجب عدم قابليته للاحتراق ، وتأثير النار فيه ، فيكون عدمه مستنداً إلى وجود المانع. وكذا إذا فرض ان اليد الضاربة قوية والسيف حاد ، ومع ذلك لا أثر للقطع في الخارج ، فلا محالة عدم قبول الجسم للانقطاع والتأثر بالسيف من جهة المانع ، وهو صلابة ذلك الجسم لوجود المقتضى المقارن مع شرطه.

وأما إذا فرض ان النار موجودة ، ولكن الجسم القابل للاحتراق لم يكن مماساً لها ، أو ان اليد الضاربة كانت قوية ولكن السيف لم يكن حاداً ، فعدم المعلول عندئذ لا محالة يستند إلى عدم الشرط ، لا إلى وجود المانع ، فالمانع في هذه اللحظة يستحيل ان يتصف بالمانعية فعلا ، فان أثره المنع عن فعلية تأثير المقتضى ، ولا أثر له في ظرف عدم تحقق الشرط.

وكذلك إذا لم تكن النار موجودة ، أو كانت اليد الضاربة ضعيفة جداً أو مشلولة ، فعدم المعلول عندئذ لا محالة يستند إلى عدم مقتضية ، لا إلى عدم المماسة ، أو الرطوبة ، أو إلى عدم حدة السيف ، أو صلابة الجسم كل ذلك لم يكن.

وهذا من الواضحات خصوصاً عند المراجعة إلى الوجدان ، فان الإنسان إذا لم يشته أكل طعام فعدم تحققه يستند إلى عدم المقتضى ، وإذا اشتهاه ولكن

١١

لم يجد الطعام فعدم الأكل يستند إلى عدم الشرط ، وإذا كانت الشروط متوفرة ولكنه منع عن الأكل مانع ، فعدمه يستند إلى وجود المانع ، وهكذا.

وبعد بيان ذلك نقول : انه يستحيل أن يكون وجود أحد الضدين مانعاً عن وجود الضد الآخر ، لما سبق من أن المانع إنما يتصف بالمانعية في لحظة تحقق المقتضى مع بقية الشرائط.

ومن الواضح البين ان عند وجود أحد الضدين يستحيل ثبوت المقتضى للضد الآخر ، ليكون عدمه مستنداً إلى وجود ضده ، لا إلى عدم مقتضية. والوجه في ذلك هو ان المضادة والمنافرة بين الضدين والمعلولين تستلزم المضادة والمنافرة بين مقتضييهما ، فكما يستحيل اجتماع الضدين في الخارج ، فكذلك يستحيل اجتماع مقتضييهما فيه ، لأن اقتضاء المحال محال.

أو فقل : ان عدم الضد إنما يستند إلى وجود الضد الآخر في فرض ثبوت المقتضى له ، وهذا غير معقول كيف فان لازم ذلك هو أن يمكن وجوده في عرض وجود ذلك الضد ، والمفروض انه محال ، فالمقتضى له أيضاً محال ، بداهة ان استحالة اقتضاء المحال من الواضحات الأولية ، وإلا فما فرض انه محال لم يكن محالا. وهذا خلف.

ولنأخذ مثالاً لذلك : ان وجود السواد مثلا في موضوع لو كان مانعاً عن تحقق البياض فيه فلا بد أن يكون ذلك في ظرف ثبوت المقتضى له ، ليكون عدمه (البياض) مستنداً إلى وجود المانع ، وهو وجود السواد ، لا إلى عدم مقتضية. وثبوت المقتضى له محال وإلا لكان وجوده (البياض) في عرض وجود الضد الآخر (السواد) ممكناً ، وحيث انه محال فيستحيل ثبوت المقتضى له ، لأن اقتضاء المحال محال.

وعليه فإذا كان المقتضى لأحدهما موجوداً فلا محالة يكون المقتضى للآخر معدوماً ، إذاً يكون عدمه دائماً مستنداً إلى عدم مقتضية ، لا إلى وجود المانع.

١٢

هذا بالإضافة إلى إرادة شخص واحد في غاية الوضوح ، بداهة استحالة تحقق إرادة كل من الضدين في آن واحد من شخص واحد ، فلا يمكن تحقق إرادة كل من الصلاة والإزالة في نفس المكلف ، فان أراد الإزالة لم يمكن تحقق إرادة الصلاة ، وان أراد الصلاة لم يمكن تحقق إرادة الإزالة فترك كل واحدة منهما عند الاشتغال بالأخرى مستند إلى عدم المقتضى له ، لا إلى وجود المانع مع ثبوت المقتضى.

واما بالإضافة إلى إرادة شخصين للضدين فالأمر أيضاً كذلك ، لأن إحدى الإرادتين لا محالة تكون مغلوبة للإرادة الأخرى ، لاستحالة تأثير كلتيهما معاً ، وعندئذ تسقط الإرادة المغلوبة عن صفة الاقتضاء ، لاستحالة اقتضاء المحال وغير المقدور ، لفرض ان متعلقها خارج عن القدرة فلا تكون متصفة بهذه الصفة ، فيكون وجودها وعدمها سيان.

وقد تحصل من ذلك : ان المانع بالمعنى الّذي ذكرناه ـ وهو ما يتوقف على عدمه وجود المعلول في الخارج ـ ما كان مزاحماً للمقتضى في تأثيره أثره ، ومانعاً عنه عند وجدانه الشرائط ، وهذا المعنى مفقود في الضدين كما مر.

فالنتيجة اذن : انه لا وجه لدعوى توقف أحد الضدين على عدم الآخر إلا تخيل ان المنافاة والمعاندة بينهما تقتضي التوقف المزبور. ولكنه خيال فاسد ، ضرورة ان ذلك لو تم لكان تحقق كل من النقيضين متوقفاً على عدم الآخر أيضاً لوجود الملاك فيه ، وهو المعاندة والمنافاة ، مع ان بطلان ذلك من الواضحات فلا يحتاج إلى مئونة بيان وإقامة برهان.

ونلخص ما أفاده ـ قده ـ في عدة نقاط :

الأولى ـ ان مانعية المانع في مرتبة متأخرة عن مرتبة وجود المقتضى ووجود الشرط ، فيكون استناد عدم المعلول إلى وجود المانع في ظرف ثبوت المقتضى مع بقية الشرائط ، وإلا فالمانع لا يكون مانعاً كما سبق.

١٣

الثانية ـ ان وجود كل من الضدين بما انه يستحيل في عرض الآخر ويمتنع تحققه في الخارج ، فثبوت المقتضى له في عرض ثبوت المقتضى للآخر أيضاً محال ، لأن اقتضاء المحال محال كما عرفت.

الثالثة ـ ان المعاندة والمنافاة بين الضدين لو كانت مقتضية للتوقف المذكور لكانت مقتضية له بالإضافة إلى النقيضين أيضا ، وبطلانه غني عن البيان.

ولنأخذ الآن بدرس هذه النقاط :

اما النقطة الأولى فهي في غاية الصحة والمتانة على البيان المتقدم.

واما النقطة الثانية : فللمناقشة فيها مجال واسع وذلك : لأنه لا مانع من ثبوت المقتضى لكل من الضدين في نفسه ، مع قطع النّظر عن الآخر ، ولا استحالة فيه أصلا.

والوجه في ذلك هو : ان كلا من المقتضيين إنما يقتضى أثره في نفسه مع عدم ملاحظة الآخر ، فمقتضى البياض مثلا إنما يقتضيه في نفسه سواء أكان هناك مقتض للسواد أم لم يكن ، كما ان مقتضى السواد إنما يقتضيه كذلك ، وإمكان هذا واضح ، ولا نرى فيه استحالة ، فان المستحيل انما هو ثبوت المقتضى لكل من الضدين بقيد التقارن والاجتماع لا في نفسه ، أو اقتضاء شيء واحد بذاته لأمرين متنافيين في الوجود ، وهذا مصداق قولنا اقتضاء المحال محال ، لا فيما إذا كان هناك مقتضيان كان كل واحد منهما يقتضى في نفسه شيئاً مخصوصاً وأثراً خاصاً مع قطع النّظر عن ملاحظة الآخر.

والبرهان على ذلك انه لو لا ما ذكرناه من إمكان ثبوت المقتضى لكل منهما في نفسه لم يمكن استناد عدم المعلول إلى وجود مانعه أصلا ، لأن أثر المانع كالرطوبة ـ مثلا ـ لا يخلو من أن يكون مضاداً للمعلول ـ وهو الإحراق ـ وان لا يكون مضاداً له ، فعلى الفرض الأول يستحيل ثبوت المقتضى للمعلول والممنوع ليكون عدمه مستنداً إلى وجود مانعه ، لفرض وجود ضده وهو أثر المانع ، وقد

١٤

سبق ان عند وجود أحد الضدين يستحيل ثبوت المقتضى للآخر ، فيكون عدمه من جهة عدم المقتضى ، لا من جهة وجود المانع مع ثبوت المقتضى له. وعلى الفرض الثاني فلا مقتضى لكونه مانعاً منه ، بداهة ان مانعية المانع من جهة مضادة أثره للممنوع ، فإذا فرض عدم مضادته له فلا موجب لكونه مانعاً أصلا.

وقد تبين لحد الآن انه لا مانع من أن يكون أحد الضدين مانعاً عن الآخر ليستند عدمه إليه ، لا إلى عدم مقتضية ، لفرض إمكان ثبوته في نفسه ، بحيث لو لا وجود الضد الآخر لكان يؤثر أثره ، ولكن وجوده يزاحمه في تأثيره ويمنعه عن ذلك ، مثلا إذا فرض وجود مقتض لحركة شيء إلى طرف المشرق ووجد مقتض لحركته إلى طرف المغرب فكل من المقتضيين انما يقتضى الحركة في نفسه إلى كل من الجانبين ، مع عدم ملاحظة الآخر ، فعندئذ كان تأثير كل واحد منهما في الحركة إلى الجانب الخاصّ متوقفاً على عدم المانع منه ، فإذا وجدت إحدى الحركتين دون الأخرى فلا محالة يكون عدم هذه مستنداً إلى وجود الحركة الأولى لا إلى عدم مقتضيها ، فان المقتضى لها موجود على الفرض ، ولو لا المانع لكان يؤثر أثره ولكن المانع هو «وجود تلك الحركة» يزاحمه في تأثيره.

على الجملة فلا ريب في إمكان ثبوت المقتضيين في حد ذاتهما ، حتى إذا كانا في موضوع واحد أو محل واحد ، كإرادتين من شخص واحد ، أو سببين في موضوع واحد ، فضلا عما إذا كان في موضوعين أو محلين ، كإرادتين من شخصين ، أو سببين في موضوعين إذ لا مانع من ان يكون في شخص واحد مقتض للقيام من جهة ، ومقتض للجلوس من جهة أخرى ، وكلا المقتضيين موجود في حد ذاتهما ، مع الغض عن الآخر ، فعندئذ إذا وجد أحد الفعلين دون الآخر فعدم هذا لا محالة يكون مستنداً إلى وجود ذاك ، لا إلى عدم مقتضية ، لفرض ان المقتضى له موجود ، وهو يؤثر أثره لو لا مزاحمة المانع له.

ونتيجة ما ذكرناه هي : ان ما أفاده شيخنا الأستاذ (قده) من أن أحد

١٥

الضدين إذا كان موجوداً يستحيل ثبوت المقتضى له ـ لا يتم ، ومنشأ ذلك غفلنه ـ قده ـ عن نقطة واحدة هي تخيل ان المقام من موارد الكبرى المتسالم عليها وهي ان اقتضاء المحال محال ، مع ان الأمر ليس كذلك ، فان المقام أجنبي عنه فان اقتضاء المحال إنما يتحقق في أحد موردين :

الأول ـ ما إذا كان هناك شيء واحد يقتضى بذاته امرين متنافيين في الوجود.

الثاني ـ ما إذا فرض هناك ثبوت المقتضى لكل من الضدين بقيد الاجتماع والتقارن ، ومن الواضح انه لا صلة لكلا الموردين بالمقام ، وهو ما إذا كان هناك مقتضيان كان كل واحد منهما يقتضى شيئاً مخصوصاً ، وأثراً خاصاً في نفسه ، بلا ربط له بالآخر. وهذا هو مراد القائلين ب «ان الأمر بالشيء يقتضى النهي عن ضده» فانهم بعد ما تسالموا على الكبرى ـ وهي وجوب مقدمة الواجب ـ قد نقحوا الصغرى ـ وهي ـ كون عدم أحد الضدين مقدمة للضد الآخر ـ بالشكل الّذي بيناه ثم أخذوا النتيجة بضم الصغرى إلى الكبرى وهي حرمة الضد.

واما النقطة الثالثة : فيرد عليها ان المعاندة والمنافرة بين الضدين لو سلم اقتضاؤها للتوقف المزبور فلا يسلم اقتضاؤها له بين النقيضين إذ لا يعقل التوقف بين النقيض وعدم نقيضه بداهة أن عدم الوجود عين العدم البديل له فكيف يعقل توقف ذلك العدم على عدم الوجود ، لأنه من توقف الشيء على نفسه وهو محال ، ـ مثلا ـ عدم الإنسان عين العدم البديل له فلا يكاد يمكن توقف العدم البديل له على عدمه ، بداهة ان توقف شيء على شيء يقتضى المغايرة والاثنينية بينهما في الوجود ، فضلا عن المغايرة في المفهوم. ومن الظاهر انه لا مغايرة بين عدم الإنسان ـ مثلا ـ والعدم البديل له لا خارجاً ولا مفهوماً.

نعم المغايرة المفهومية بين عدم العدم والوجود ثابتة لكنه لا تغاير بينهما في الخارج ـ مثلا ـ الإنسان مغاير مفهوماً مع عدم نقيضه وهو العدم البديل له

١٦

ولكنهما متحدان عيناً وخارجاً فان عدم عدم الإنسان عين الإنسان في الخارج ، إذاً لا معنى لتوقف تحقق أحد النقيضين على عدم الآخر.

وهذا بخلاف الضدين ، فانه لمكان المغايرة بينهما مفهوماً وخارجاً لا يكون توقف أحدهما على عدم الآخر من توقف الشيء على نفسه.

فما أفاده شيخنا الأستاذ (قده) من ان المعاندة والمنافرة بين الضدين لو اقتضت توقف أحدهما على عدم الآخر لثبت ذلك في النقيضين أيضا ـ لا يرجع إلى معنى محصل أصلا.

الوجه الثاني ـ ان عدم أحد الضدين لو فرض ثبوت المقتضى له أيضا يستند عدمه إلى وجود مقتضى الآخر ، لا إلى وجود نفسه :

بيان ذلك : ان الصور المتصورة في المقام ثلاثة لا رابع لها.

الأولى ـ ان يكون المقتضى لكل من الضدين موجوداً.

الثانية ـ ان لا يكون المقتضى لشيء منهما موجوداً «عكس الأولى».

الثالثة ـ أن يكون المقتضى لأحدهما موجوداً دون المقتضى للآخر.

اما الصورتان الأخيرتان فالامر فيهما واضح ، فان عدم ما لا مقتضى له مستند إلى عدم مقتضية ، لا إلى وجود الضد الآخر.

وإنما الكلام في الصورة الأولى ـ فنقول : ان المقتضيين الموجودين في عرض واحد لا يخلو ان من أن يكونا متساويين في القوة ، وان يكون أحدهما أقوى من الآخر.

اما على الأول : فلا يوجد شيء من الضدين لاستحالة تأثير كل منهما أثره معاً ، وتأثير أحدهما المعين فيه دون الآخر ترجيح من دون مرجح ، أو خلف أن فرض له مرجح. ومن ذلك يعلم ان المانع من وجود الضد مع فرض ثبوت مقتضية إنما هو وجود المقتضى للضد الآخر ، لا نفس وجود الضد. وفي هذا الفرض بما ان كلا من المقتضيين يزاحم الآخر في تأثيره ، ويمنعه عن ذلك ، فان

١٧

تأثير كل منهما منوط بعدم المانع عنه ، ووجود مقتضى الضد الآخر مانع ، فلا محالة يكون عدم كل من الضدين مستنداً إلى وجود المقتضى للآخر لا إلى نفسه.

واما على الثاني ـ فيؤثر القوى في مقتضاه ، ويكون مانعاً عن تأثير المقتضى الضعيف ، والضعيف لا يمكن أن يكون مانعاً من القوى.

بيان ذلك ان القوى لمكان قوته يزاحم الضعيف ويمنعه من التأثير في مقتضاه ، فنفس وجوده موجب لفقد شرط من شرائطه وهو عدم المزاحم ، فانه شرط تأثيره ومصحح فاعليته ، فيكون عدم القوى شرطاً لتأثير الضعيف ، ووجوده مانعاً منه.

وعلى هدى ذلك يعلم ان عدم تمامية علية الضعيف مستند إلى تمامية علية القوى ووجوده ، وبما ان الضعيف لا يمكن أن يزاحم القوى في تأثيره يكون تام الاقتضاء والفاعلية ، فهو بصفته كذلك يزاحم الضعيف ويمنعه عن تأثيره في معلوله ، فعدم مزاحمة الضعيف ـ بالتالي ـ منته إلى ضعف في نفسه بالإضافة إلى المقتضى الآخر ، إذ لو كان قوياً مثله لزاحمه في تأثيره لا محالة ، فعدم قابليته لأن يزاحم الآخر وقابلية الآخر لأن يزاحمه لأجل عدم قوته بالإضافة إليه وان كان قوياً في نفسه وتام الفاعلية والاقتضاء مع قطع النّظر عن مزاحمة الآخر له ، ولذا لو لم يكن القوى في البين لأثر الضعيف في مقتضاه ، ففي هذا الفرض يستند عدم الضد إلى وجود المقتضى القوى للضد الآخر ، لا إلى نفس وجوده ، ولا إلى عدم مقتضى نفسه ، فانه موجود على الفرض ، ولكن المانع منعه عن تأثيره وهو وجود المقتضى القوى.

وعلى الجملة : ففي ما إذا كان المقتضيان متفاوتين بالقوة والضعف ، فيستحيل ان يؤثر الضعيف في مقتضاه ، لأن تأثير كل مقتض مشروط بعدم المانع المزاحم له ، والقوى لمكان قوته مزاحم له ومع ذلك لو أثر الضعيف دون القوى للزم انفكاك المعلول عن علته التامة ، وصدوره عن علته الناقصة ، فان علية القوى

١٨

ـ كما عرفت ـ تامة فلا حالة منتظرة فيه أصلا ، إذ الضعيف لمكان ضعفه لا يمكن أن يزاحمه ، وعلية الضعيف ناقصة لوجود المانع المزاحم له ، إذاً يستند عدم الضد الّذي يقتضيه السبب الضعيف إلى وجود السبب القوى ، فانه مانع عن تأثير الضعيف ومزاحم له ، وإلا فالمقتضى له موجود. وقد سبق ان عدم المعلول إنما يستند إلى وجود المانع في ظرف تحقق المقتضى وبقية الشرائط.

ولنأخذ لذلك مثالين :

الأول ـ ما إذا فرض ثبوت المقتضى لكل من الضدين في محل واحد ، كإرادة الضدين من شخص واحد وكانت إرادته بالإضافة إلى أحدهما أقوى من إرادته بالإضافة إلى الآخر ، كما لو كان هناك غريقان وقد تعلقت إرادته بإنقاذ كل واحد منهما في نفسه ، ولكن إرادته بالإضافة إلى إنقاذ أحدهما أقوى من إرادته بالإضافة إلى إنقاذ الآخر ، من جهة ان أحدهما عالم والآخر جاهل أو كان أحدهما صديقه والآخر أجنبياً عنه ، وغير ذلك من الخصوصيات والعناوين الموجبة لكثرة الشفقة والمحبة بالإضافة إلى إنقاذ أحدهما دون الآخر ، ففي مثل ذلك لا محالة يكون المؤثر هو الإرادة القوية دون الإرادة الضعيفة ، فانها لمكان ضعفها تزاحمها الإرادة القوية ، وتمنعها عن تأثيرها في مقتضاها ، وتلك لمكان قوتها لا تزاحم بها ، إذاً عدم تحقق مقتضى الإرادة الضعيفة غير مستند إلى وجود الضد الآخر ، ولا إلى عدم مقتضية ، فان مقتضية وهو الإرادة الضعيفة موجود على الفرض ، بل هو مستند إلى وجود المانع والمزاحم له ، وهو الإرادة القوية.

الثاني ـ ما إذا فرض ثبوت المقتضى لكل من الضدين في محلين وموضوعين ، كما إذا كان كل منهما متعلقاً لإرادة شخص ، ولكن كانت إرادة أحدهما أقوى من إرادة الآخر كما إذا أراد أحد الشخصين ـ مثلا ـ حركة جسم إلى جانب وأراد الآخر حركة ذلك الجسم إلى جانب آخر ، وهكذا ففي مثل ذلك أيضا يكون المؤثر هو الإرادة الغالبة دون الإرادة المغلوبة ، فعدم أثرها أيضاً غير مستند إلى

١٩

وجود أثر تلك الإرادة ، بل هو مستند إلى مزاحمتها بها لمكان ضعفها وعدم مزاحمة تلك بها لمكان قوتها.

فالنتيجة ـ اذن ـ لا يمكن فرض وجود صورة يستند عدم الضد في تلك الصورة إلى وجود الضد الآخر ، لا إلى وجود سببه ، أو عدم مقتضى نفسه.

أقول : هذا الوجه في غاية المتانة والاستقامة ، ولا مناص من الالتزام به ولا سيما بذلك الشكل الّذي بيناه.

وذكر المحقق صاحب الكفاية (قده) وجهاً ثالثاً لاستحالة مقدمية عدم الضد للضد الآخر. وإليك نصه :

«وذلك لأن المعاندة والمنافرة بين الشيئين لا تقتضي إلا عدم اجتماعهما في التحقق ، وحيث لا منافاة أصلا بين أحد العينين وما هو نقيض الآخر وبديله ، بل بينهما كمال الملاءمة كان أحد العينين مع نقيض الآخر وما هو بديله في مرتبة واحدة ، من دون أن يكون في البين ما يقتضى تقدم أحدهما على الآخر كما لا يخفى ، فكما ان قضية المنافاة بين المتناقضين لا تقتضي تقدم ارتفاع أحدهما في ثبوت الآخر كذلك في المتضادين».

أقول : توضيح ما أفاده ـ قده ـ ان المنافرة والمعاندة بين الضدين كما تقتضي استحالة اجتماعهما في التحقق والوجود في زمن واحد كذلك تقتضي استحالة اجتماعهما في مرتبة واحدة ، فإذا استحال اجتماعهما في مرتبة واحدة كان عدم أحدهما في تلك المرتبة ضرورياً وإلا فلا بد أن يكون وجوده فيها كذلك ، لاستحالة ارتفاع النقيضين عن الرتبة ـ مثلا ـ البياض والسواد متضادان وقضية مضادة أحدهما مع الآخر ومعاندتهما استحالة اجتماعهما في الوجود في موضوع ، وفي آن واحد ، أو رتبة واحدة ، فكما ان استحالة اجتماعهما في زمان واحد تستلزم ضرورة عدم أحدهما في ذلك الزمان ، كذلك استحالة اجتماعهما في رتبة واحدة تستلزم ضرورة عدم واحد منهما في تلك الرتبة لاستحالة ارتفاع النقيضين عن المرتبة

٢٠