أبي زكريا يحيى بن زياد الفرّاء
المحقق: الدكتور عبد الفتاح إسماعيل شلبي
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: الهيئة المصريّة العامّة للكتاب
الطبعة: ٠
الصفحات: ٣٨٩
وفسر مجاهد : والرجز : الأوثان ، وفسره الكلبي : الرجز : العذاب ، ونرى أنهما لغتان ، وأن المعنى فيهما [١١٢ / ا] واحد.
وقوله عزوجل : (وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ) (٦).
يقول : لا تعط فى الدنيا شيئا لتصيب أكثر منه ، وهى فى قراءة عبد الله : «ولا تمنن أن تستكثر» فهذا شاهد على الرفع فى (تَسْتَكْثِرُ) ولو جزمه جازم على هذا المعنى كان صوابا (١) ، والرفع وجه القراءة والعمل.
وقوله عزوجل : (فَإِذا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ) (٨).
يقال : إنها أول النفختين.
وقوله عزوجل : (ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً) (١١).
[الوحيد (٢)] فيه وجهان ، قال بعضهم : ذرنى ومن خلقته وحدي ، وقال آخرون : خلقته وحده لا مال له ولا بنين ، وهو أجمع الوجهين.
وقوله تبارك وتعالى : (وَجَعَلْتُ لَهُ مالاً مَمْدُوداً) (١٢) :
قال الكلبي : العروض والذهب والفضة ، [حدثنا أبو العباس قال : (٣)] حدثنا محمد قال : حدثنا الفراء قال : وحدثنى قيس عن إبراهيم بن المهاجر عن مجاهد فى قوله : (وَجَعَلْتُ لَهُ مالاً مَمْدُوداً) ، قال : ألف دينار ، ونرى أن الممدود جعل غاية للعدد ؛ لأن الألف غاية العدد ، يرجع فى أول العدد من الألف. ومثله قول العرب : لك على ألف أقدع ، أي : غاية العدد.
وقوله : (وَبَنِينَ شُهُوداً) (١٣)
كان له عشرة بنين لا يغيبون عن عينيه (٤) فى تجارة ولا عمل ، والوحيد : الوليد بن المغيرة المخزومي.
وقوله : (إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ) (١٨).
__________________
(١) الجزم قراءة الحسن. المحتسب : ٢ : ٢٣٧.
(٢) التكملة من ح ، ش.
(٣) الزيادة من ش.
(٤) فى ب : عينه.
فذكروا أنه جمع رؤساء أهل مكة فقال : إن الموسم قددنا ، وقد فشا أمر هذا الرجل فى الناس ، ما أنتم قائلون فيه للناس؟ قالوا : نقول : مجنون. قال : إذا يؤتى فيكلّم ، فيرى عاقلا صحيحا ، فيكذبوكم ، قالوا : نقول : شاعر. قال : فهم عرب قد رووا الأشعار وعرفوها ، وكلام محمد لا يشبه الشّعر ، قالوا : نقول : كاهن ، قال : فقد عرفوا الكهنة [١١٢ / ب] ، وسألوهم ، وهم لا يقولون : يكون كذا وكذا إن شاء الله ، ومحمد لا يقول لكم شيئا إلا قال : إن شاء الله ، ثم قام ، فقالوا : صبأ الوليد. يريدون أسلم الوليد. فقال ابن أخيه أبو جهل : أنا أكفيكم أمره ، فأتاه فقال : إن قريشا تزعم أنك قد صبوت (١) وهم يريدون : أن يجمعوا لك مالا يكفيك مما تريد أن تأكل من فضول أصحاب محمد ـ صلّى الله عليه ـ فقال : ويحك! والله ما يشبعون ، فكيف ألتمس فضولهم مع أنى أكثر قريش مالا؟ ولكني فكرت فى أمر محمد (٢) ـ صلّى الله عليه ـ ، وماذا نرد على العرب إذا سألتنا ، فقد عزمت على أن أقول : ساحر. فهذا تفسير قوله : (إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ) القول فى محمد صلّى الله عليه.
وقوله : (فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ) (١٩).
قتل (٣) أي : لعن ، وكذلك : (قاتلهم الله) (٤) و (قُتل الانسان ما أكفره) (٥) ، ذكر أنهن اللعن.
وقوله : (ثُمَّ نَظَرَ (٢١) ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ) (٢٢).
ذكروا : أنه مرّ على طائفة من المسلمين فى المسجد الحرام ، فقالوا : هل لك إلى الإسلام يا أبا المغيرة؟ فقال : ما صاحبكم إلّا ساحر ، وما قوله إلّا السحر تعلّمه من مسيلمة الكذاب ، ومن سحرة بابل ، ثم قال (٦) : ولّى عنهم مستكبرا قد عبس وجهه وبسر : كلح مستكبرا عن (٧)
__________________
(١) كذا فى النسخ ، كأنه ملت وفتنت.
(٢) فى ح ، ش : فى محمد.
(٣) التكملة من ح ، ش.
(٤) سورة التوبة الآية : ٣٠.
(٥) سورة عبس الآية : ١٧.
(٦) فى ب : قال ثم.
(٧) فى ش : على.
الإيمان ، فذلك قوله : (إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ) (٢٤) يأثره (١) عن (٢) أهل بابل.
قال الله جل وعز : (سَأُصْلِيهِ سَقَرَ) (٢٦).
وهى اسم من أسماء جهنم ، فلذلك لم يجز ، وكذلك (لَظى).
وقوله : (لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ) (٢٩).
مردود على سقر بنية التكرير ، كما قال : (ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ) [١١٣ / ا](فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ) (٣)» وكما قال فى قراءة عبد الله : (وهذا بعلي شيخاً) (٤) ولو كان (لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ) كان صوابا.
كما قال : (إِنَّها لَإِحْدَى الْكُبَرِ (٣٥) نَذِيراً لِلْبَشَرِ) (٣٦). وفى قراءة أبى : «نذير للبشر» وكل صواب.
وقوله : (لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ) (٢٩).
تسوّد البشرة بإحراقها.
وقوله : (عَلَيْها تِسْعَةَ عَشَرَ) (٣٠).
فإن العرب تنصب ما بين أحد عشر إلى تسعة عشر فى الخفض والرفع ، ومنهم من يخفف العين فى تسعة عشر ، فيجزم العين فى الذّكران ، ولا يخففها فى : ثلاث عشرة إلى تسع عشرة (٥) ؛ لأنهم إنما خفضوا فى المذكر لكثرة الحركات. فأما المؤنث ، فإن الشين من عشرة ساكنة ، فلم يخففوا العين منها فيلتقى ساكنان. وكذلك : اثنا عشر فى الذكران لا يخفف العين (٦) ؛ لأن الألف من : اثنا عشر ساكنة فلا يسكن بعدها آخر فيلتقى ساكنان ، وقد قال بعض كفار أهل مكة وهو أبو جهل : وما تسعة عشر؟ الرجل منا يطبق (٧) الواحد فيكفه عن الناس. وقال رجل من بنى جمح
__________________
(١) سقط فى ح.
(٢) فى ش على ، تحريف.
(٣) سورة البروج الآية ١٦.
(٤) سورة هود الآية : ٧٢.
(٥) فى ش : تسعة عشر ، تحريف.
(٦) فى ش : لا يخفف.
(٧) سقط فى ش.
كان يكنى : أبا الأشدين (١) : أنا أكفيكم سبعة عشر ، واكفوني اثنين ؛ فأنزل الله : (وَما جَعَلْنا أَصْحابَ النَّارِ إِلَّا مَلائِكَةً) (٣١) ، أي : فمن يطيق الملائكة؟ ثم قال : (وَما جَعَلْنا عِدَّتَهُمْ) فى القلة (إِلَّا فِتْنَةً) (٣١) على الذين كفروا ليقولوا ما قالوا ، ثم قال : (لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ) (٣١) يقينا إلى يقينهم ؛ لأنّ عدة الخزنة لجهنم فى كتابهم : تسعة عشر ، (وَيَزْدادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيماناً) (٣١) لأنها فى كتاب أهل الكتاب كذلك.
وقوله : (وَاللَّيْلِ) [١١٣ / ا](إِذْ أَدْبَرَ) (٣٣).
قرأها ابن عباس : «والليل [١١٣ / ا] إذا دبر» ومجاهد وبعض أهل المدينة كذلك (٢) وقرأها كثير من الناس (وَاللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ) :
[حدثنا أبو العباس قال حدثنا محمد قال : (٣)] حدثنا الفراء قال : حدثنى بذلك محمد بن الفضل عن عطاء عن أبى عبد الرحمن عن زيد أنه قرأها : (وَاللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ) وهى فى قراءة عبد الله : «والليل إذا أدبر». وقرأها الحسن كذلك : «إذا أدبر» كقول عبد الله.
[حدثنا أبو العباس قال حدثنا (٤) محمد] قال حدثنا الفراء قال : وحدثنى (٥) قيس عن على بن الأقمر عن رجل ـ لا أعلمه إلّا الأغر ـ عن ابن عباس أنه قرأ : «والليل إذا دبر».
وقال : إنما أدبر ظهر البعير [حدثنا أبو العباس قال حدثنا محمد (٦)] قال حدثنا الفراء قال : وحدثنا قيس عن على بن الأقمر عن أبى عطية عن عبد الله بن مسعود أنه قرأ (أَدْبَرَ) [قال الفراء : ما أرى أبا عطية إلّا الوادعي بل هو هو ، وقال الفراء : ليس فى حديث قيس إذ ، ولا أراهما إلا لغتين (٧)]. يقال : دبر النهار والشتاء والصيف وأدبر. وكذلك : قبل وأقبل ، فإذا قالوا : أقبل الراكب وأدبر لم يقولوه إلا بألف ، وإنهما فى المعنى عندى لواحد ، لا أبعد أن يأتى فى الرجل ما أتى فى الأزمنة.
__________________
(١) كذا فى النسخ ، وفى الكشاف (٢ : ٥٠٤) : أبو الأشد بن أسعد بن كلدة الجمحي ، وكان شديد البطش
(٢) فى الإتحاف (٤٢٧). اختلف فى «والليل إذا أدبر» ، فنافع وحفص وحمزة ويعقوب وخلف بإسكان الذال ظرفا لما مضى من الزمان ، أدبر بهمزة مفتوحة ، ودال ساكنة على وزن أكرم ، وافقهم ابن محيصن والحسن.
والباقون بفتح الذال ظرفا لما يستقبل ، وبفتح دال دبر على وزن ضرب. لغتان بمعنى ، يقال : دبر الليل وأدبر.
(٣ ، ٤) ما بين الحاصرتين زيادة من ش.
(٥) فى ش : حدثنى.
(٦ ، ٧) ما بين الحاصرتين من ح ، ش ، والعبارة فى ب مضطربة وبها سقط.
وقوله : (نَذِيراً لِلْبَشَرِ) (٣٦).
كان بعض النحويين يقول : إن نصبت قوله : «نذيرا» من أول السورة يا محمد قم نذيرا للبشر (١) ، وليس ذلك بشىء والله أعلم ؛ لأنّ الكلام قد حدث بينهما شىء منه كثير ، ورفعه فى قراءة أبىّ ينفى هذا المعنى. ونصبه (٢) من قوله : (إِنَّها لَإِحْدَى الْكُبَرِ نَذِيراً) تقطعه من المعرفة ؛ لأن «إحدى الكبر» معرفة فقطعته منه ، ويكون نصبه على أن تجعل النذير إنذارا من قوله : (لا تُبْقِي وَلا تَذَرُ) [١١٣ / ب]» (٢٨) لواحة [تخبر بهذا عن جهنم إنذارا (٣)] للبشر ، والنذير قد يكون بمعنى : الإنذار. قال الله تبارك وتعالى : (كيف نذير) (٤) و (فكيف كان نكير) (٥) يريد : إنذارى ، وإنكاري.
وقوله عزوجل : (إِنَّها لَإِحْدَى الْكُبَرِ) (٣٥).
الهاء (٦) كناية عن جهنم.
وقوله : (إِلَّا أَصْحابَ الْيَمِينِ) (٣٩).
قال الكلبي : هم أهل (٧) الجنة [حدثنا أبو العباس قال (٨)] حدثنا الفراء قال : وحدثنى (٩) الفضيل بن عياض عن منصور (١٠) بن المعتمر عن المنهال رفعه إلى على قال : (إِلَّا أَصْحابَ الْيَمِينِ) قال : هم الولدان ، وهو شبيه بالصواب ؛ لأن الولدان لم يكتسبوا ما يرتهنون به وفى قوله : (يَتَساءَلُونَ (٤٠) عَنِ الْمُجْرِمِينَ (٤١) ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ) (٤٢) ما يقوى أنهم الولدان ؛ لأنهم لم يعرفوا الذنوب ، فسألوا : (ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ).
__________________
(١) كذا فى النسخ ، وفى العبارة غموض ، يوضحه قول الكشاف عن المراد بها : «وقيل : هو متصل بأول السورة ، يعنى : قم نذيرا ، وهو من بدع التفاسير». الكشاف : ٢ : ٥٠٥ ، ويمكن أن يقدر جواب إن.
(٢) كذا فى ش ، وفى غيرها : نصبها. ولفظ ش : أنسب.
(٣) ما بين الحاصرتين زيادة من ح ، ش.
(٤) سورة الملك الآية : ١٧ فى الأصل «فكيف كان نذير».
(٥) سورة الملك الآية : ١٨ ، واجتزأ فى ح بلفظ (نكير).
(٦) سقط فى ش.
(٧) فى ش : أصحاب.
(٨) زيادة فى ش.
(٩) فى ش : حدثنى.
(١٠) المنصور بن المعتمر هو أبو عتاب السلمى الكوفي ، عرض القرآن على الأعمش ، وروى عن إبراهيم النخعي ، ومجاهد. وعرض عليه حمزة ، وروى عنه سفيان الثوري وشعبة ت ١٣٣ (طبقات القراء ٢ / ٣١٤).
وقوله : (كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ) (٥٠).
قرأها عاصم والأعمش : (مُسْتَنْفِرَةٌ) بالكسر ، وقرأها أهل الحجاز (مُسْتَنْفِرَةٌ) بفتح (١) الفاء (٢) وهما جميعا كثيرتان فى كلام العرب ، قال الشاعر (٣) :
أمسك حمارك إنّه مستنفر |
|
فى إثر أحمرة عمدن لغرّب |
والقسورة يقال : إنها الرماة ، وقال الكلبي بإسناده : هو الأسد.
[حدثنا أبو العباس قال حدثنا محمد قال (٤)] حدثنا الفراء قال : (٥) حدثنى أبو الأحوص عن سعيد بن مسروق أبى سفيان الثوري عن عكرمة قال : قيل له : القسورة ، الأسد بلسان الحبشة ، فقال : القسورة ، الرماة ، والأسد بلسان الحبشة : عنبسة.
وقوله : (بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُؤْتى صُحُفاً مُنَشَّرَةً) (٥٢).
قالت كفار قريش للنبى صلّى الله عليه [١١٤ / ا] : كان الرجل يذنب فى بنى إسرائيل ، فيصبح ذنبه مكتوبا فى رقعة ، فما بالنا لا نرى ذلك؟ فقال الله عزوجل : (بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُؤْتى صُحُفاً مُنَشَّرَةً).
وقوله : (إِنَّهُ تَذْكِرَةٌ) (٥٤).
يعنى هذا القرآن ، ولو قيل : (إِنَّها تَذْكِرَةٌ) (٦) لكان صوابا ، كما قال فى عبس ، فمن قال : (إنها) أراد السورة ، ومن قال : (إنه) أراد القرآن.
__________________
(١) سقط فى ش.
(٢) قرأ نافع وابن عامر وأبو جعفر بفتح الفاء ، أي : منفرة مذعورة (الإتحاف : ٤٢٧).
(٣) غرب : جبل دون الشام فى بلاد بنى كلب ، وعنده عين ماء يقال لها : الغربّه والغربّه ، وقد أورد القرطبي البيت ـ فى تفسيره ـ ولم ينسبه (١٩ / ٨٩) ، ورواية البحر المحيط : عهدن العرب ، تحريف (البحر المحيط ٨ / ٣٨٠)
(٤) الزيادة من ش.
(٥) سقط فى ش : حدثنى.
(٦) الآية : ١١.
ومن سورة القيامة (١)
بسم الله الرحمن الرحيم
قال أبو عبد الله [: سمعت الفراء يقول : وقوله] (٢) : (لا أُقْسِمُ) (١) كان كثير من النحويين يقولون (٣) : (لا) صلة (٤) قال الفراء : ولا يبتدأ بجحد ، ثم يجعل صلة يراد به الطرح ؛ لأن هذا الوجاز لم يعرف خبر فيه جحد من خبر لا جحد فيه. ولكن القرآن جاء بالرد على الذين أنكروا : البعث ، والجنة ، والنار ، فجاء الإقسام بالرد عليهم فى كثير من الكلام المبتدأ منه ، وغير المبتدأ : كقولك فى الكلام : لا والله لا أفعل ذاك ؛ جعلوا (لا) وإن رأيتها مبتدأة ردّا لكلام قد (٥) كان مضى ، فلو ألقيت (لا) مما ينوى (٦) به الجواب لم يكن بين اليمين التي تكون جوابا ، واليمين التي تستأنف فرق. ألا ترى أنك تقول مبتدئا : والله إن الرسول لحق ، فإذا قلت : لا والله إن الرسول لحق ، فكأنك أكذبت قوما أنكروه ، فهذه جهة (لا) مع الإقسام ، وجميع الأيمان فى كل موضع ترى فيه (لا) مبتدأ بها ، وهو كثير فى الكلام.
وكان بعض من لم يعرف هذه الجهة فيما ترى (٧) [١١٥ / ا] يقرأ «لأقسم (٨) بيوم القيامة (٩)» ذكر عن الحسن يجعلها (لاما) دخلت على أقسم ، وهو صواب ؛ لأن العرب تقول : لأحلف بالله ليكونن (١٠) كذا وكذا ، يجعلونه (لاما) بغير معنى (لا).
وقوله عزوجل : (وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ) (٢)
__________________
(١) من أول سورة القيامة إلى آخر القرآن الكريم اعتمد فيه على النسخة ب ؛ إذ هو ليس فى ا.
(٢) ساقط فى ح ، ش.
(٣) فى ح ، ش : يقول.
(٤) فى ش : يقولون صلة ، سقط.
(٥) فى ح ، ش : لكلام كان.
(٦) فى ح ، ش : بنوا.
(٧) فى ش : نرى.
(٨) فى ح : لا أقسم ، تحريف.
(٩) هى قراءة الحسن ، وقد روى عنه بغير ألف فيما جميعا ، والألف فيهما جميعا (المحتسب ٢ / ٣٤١).
(١٠) فى ش : لتكونن ، تصحيف.
ليس من نفس برّة ولا فاجرة إلّا وهى تلوم نفسها إن كانت عملت خيرا قالت : هلا ازددت وإن كانت عملت سوءا (١) قالت : ليتنى قصرت! ليتنى لم أفعل!
وقوله عزوجل : (بَلى قادِرِينَ عَلى أَنْ نُسَوِّيَ بَنانَهُ) (٤) جاء فى التفسير : بلى (٢) نقدر على أن نسوى بنانه ، أي : أن نجعل (٣) أصابعه مصمّتة غير مفصلة كخف البعير ، فقال (٤) : بلى قادرين على أن نعيد أصغر العظام كما كانت ، وقوله : (قادِرِينَ) نصبت على الخروج من (نَجْمَعَ) ، كأنك قلت فى الكلام : أتحسب أن لن نقوى عليك ، بلى قادرين على أقوى منك. يريد : بلى نقوى قادرين ، بلى نقوى مقتدرين على أكثر من ذا. ولو كانت رفعا على الاستئناف ، كأنه قال : بلى نحن قادرون على أكثر من ذا ـ كان صوابا.
وقول الناس : بلى نقدر ، فلما صرفت إلى قادرين نصبت ـ خطأ ؛ لأن الفعل لا ينصب بتحويله من يفعل إلى فاعل. ألا ترى أنك تقول : أتقوم إلينا ؛ فإن حولتها إلى فاعل قلت : أقائم ، وكان خطأ أن تقول : أقائما أنت إلينا؟ وقد كانوا يحتجون بقول الفرزدق :
على قسم لا أشتم الدهر مسلما |
|
ولا خارجا من فىّ زور كلام (٥) |
فقالوا : إنما أراد : لا أشتم ، ولا يخرج ، فلما صرفها إلى خارج نصبها ، وإنما نصب لأنه أراد : عاهدت ربى لا شاتما أحدا ، ولا خارجا من فىّ زور كلام. وقوله : لا أشتم فى موضع نصب [١١٥ / ب].
وقوله عزوجل : (لِيَفْجُرَ أَمامَهُ) (٥).
[حدثنا أبو العباس قال : حدثنا محمد (٦)] قال حدثنا الفراء قال : وحدثنى قيس عن أبى حصين عن سعيد بن جبير (٧) فى قوله : (بَلْ يُرِيدُ الْإِنْسانُ لِيَفْجُرَ أَمامَهُ) قال : يقول : سوف أتوب [سوف أتوب] (٨). وقال الكلبي : يكثر الذنوب ، ويؤخر التوبة.
__________________
(١) فى ش : سواء ، تحريف.
(٢) فى ح : بل ، بدون : نقدر ، وفى ش : بل ، تحريف.
(٣) فى : ح أي نجعل.
(٤) فى ش : ويقال ، تحريف.
(٥) انظر ديوان الفرزدق. والكتاب : ١ : ١٧٣ ، وشرح شواهد الشافية : ٧٢
(٦) ما بين الحاصرتين زيادة فى ش.
(٧) هو سعيد بن جبير بن هشام الأسدى الوالبي مولاهم أبو محمد ، ويقال : أبو عبد الله الكوفي التابعي الجليل والإمام الكبير. عرض على عبد الله بن عباس ، عرض عليه أبو عمرو بن العلاء ، والمنهال بن عمرو. قتله الحجاج بواسط شهيدا فى سنة خمس وتسعين (طبقات القراء ١ / ٣٠٥).
(٨) سقط فى ح.
وقوله عزوجل : (فَإِذا بَرِقَ الْبَصَرُ) (٧) قرأها الأعمش وعاصم والحسن وبعض أهل المدينة (برق) بكسر الراء ، وقرأها نافع المدني «فإذ (١) برق البصر» بفتح الراء من البريق (٢) : شخص ، لمن فتح ، وقوله «برق» : فزع ، أنشدنى بعض العرب :
نعانى حنانة طوبالة |
|
تسفّ يبيسا من العشرق |
فنفسك فانع ولا تنعنى |
|
وداو الكلوم ولا تبرق (٣) |
فتح الراء أي : لا تفزع من هول الجراح التي بك ، كذلك يبرق البصر يوم القيامة.
ومن قرأ (بَرِقَ) يقول : فتح عينيه ، وبرق بصره أيضا لذلك.
وقوله عزوجل : (وَخَسَفَ الْقَمَرُ) (٨).
ذهب ضوءه.
وقوله عزوجل : (وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ) (٩).
[وفى قراءة عبد الله (٤)] وجمع بين الشمس والقمر يريد : فى ذهاب ضوئها أيضا فلا ضوء لهذا ولا لهذه. فمعناه : جمع بينهما (٥) فى ذهاب الضوء كما تقول : هذا يوم يستوى فيه الأعمى والبصير أي : يكونان فيه أعميين جميعا. [ويقال : جمعا] (٦) كالثورين العقيرين فى النار. وإنما قال : جمع ولم يقل : جمعت لهذا ؛ لأن المعنى : جمع بينهما فهذا وجه ، وإن شئت جعلتهما جميعا فى مذهب ثورين. فكأنك قلت : جمع النوران ، جمع الضياءان ، وهو قول الكسائي : وقد كان قوم
__________________
(١) فى ح ، ش : نافع المدني برق.
(٢) وهى أيضا قراءة أبان عن عاصم. معناه : لمع بصره من شدة شخوصه فتراه لا يطرف ، قال مجاهد وغيره : هذا عند الموت. وقال الحسن : هذا يوم القيامة. (تفسير القرطبي ١٩ / ٩٥).
(٣) الشعر لطرفة ـ كما فى اللسان مادة برق ٢١٥.
والطوبالة : النعجة لقبه بها ، ولا يقال للكبش : طوبال ، ونصب طوبالة على الذم له كأنه قال : أعنى : طوبالة ... والعشرق : شجر ينفرش على الأرض عريض الورق ، ليس له شوك. وانظر ديوان الشاعرة ٢١٨
(٤) ما بين الحاصرتين زيادة فى ش.
(٥) كذا فى ش وفى ب ، ح : بينها ، تصحيف.
(٦) سقط فى ش.
يقولون : إنما ذكرنا فعل الشمس لأنها لا تنفرد بجمع حتى يشركها غيرها ، فلما شاركها مذكر كان القول فيهما جمعا ، ولم (١) يجر جمعتا ، فقيل لهم : كيف تقولون الشمس [١١٦ / ا] جمع والقمر؟
فقالوا : جمعت ، ورجعوا عن ذلك القول.
وقوله عزوجل : (أَيْنَ الْمَفَرُّ) (١٠).
قرأه [الناس المفر] (٢) بفتح الفاء [حدثنا أبو العباس قال ، حدثنا محمد قال (٣)] وقال : حدثنا الفراء ، قال : وحدثنى يحيى بن سلمة (٤) بن كهيل عن أبيه عن رجل عن ابن عباس أنه قرأ : (أَيْنَ الْمَفَرُّ) وقال : إنما المفر مفر الدابة حيث تفر ، وهما لغتان : المفر والمفر (٥) ، والمدبّ والمدبّ. وما كان يفعل فيه مكسورا مثل : يدب ، ويفر ، ويصح ، فالعرب تقول : مفر ومفر ، ومصح ومصح ، ومدب ومدب. أنشدنى بعضهم :
كأن بقايا الأثر فوق متونه |
|
مدب الدّبى فوق النقا وهو سارح (٦) |
ينشدونه : مدب ، وهو أكثر من مدب. ويقال : جاء على مدب السيل ، [ومدب السيل] (٧) ، وما فى قميصه مصح ولا مصحّ.
وقوله عزوجل : (كَلَّا لا وَزَرَ) (١١).
والوزر : الملجأ.
وقوله عزوجل : (يُنَبَّؤُا الْإِنْسانُ يَوْمَئِذٍ بِما قَدَّمَ) (١٣).
يريد : ما أسلف من عمله ، وما أخر من سنة تركها يعمل بها من بعده ، فإن سن (٨) سنة حسنة
__________________
(١) كذا فى ش وفى ب ، ح : لم يجر.
(٢) سقط فى ش.
(٣) ما بين الحاصرتين زيادة من ش.
(٤) كذا فى ش ، وفى ب ، ح : عن ، تصحيف. انظر ميزان الاعتدال : ٤ : ٣٨١.
(٥) المفسّر : قراءة الجمهور ، والمفسّر ، قراءة مجاهد والحسن وقتادة (تفسير القرطبي ١٩ / ٩٨).
(٦) الدّبى : الجراد قبل أن يطير ، وعن أبى عبيدة : الجراد أول ما يكون سرو وهو أبيض ، فإذا تحرك واسود فهو دبى قبل أن تنبت أجنحته.
والنقا : الكثيب من الرمل. ورد البيت فى تفسير الطبري ١٩ : ٩٨ غير منسوب ، وفيه : فوق البنا مكان : فوق النقا. وهو تصحيف.
(٧) سقط فى ش.
(٨) فى ش : سن حسنة.
كان له مثل أجر من يعمل بها من غير أن ينتقصوا ، وإن كانت سنة سيئة عذب عليها ، ولم ينقص من عذاب من عمل بها شيئا.
وقوله عزوجل : (بَلِ الْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ) (١٤).
يقول : على الإنسان من نفسه رقباء يشهدون عليه بعمله : اليدان ، والرجلان ، والعينان ، والذكر ، قال الشاعر :
كأنّ على ذى الظن عينا بصيرة |
|
بمقعده أو منظر هو ناظره |
يحاذر حتى يحسب الناس كلّهم |
|
من الخوف لا تخفى عليهم سرائره (١) |
وقوله عزوجل : (وَلَوْ أَلْقى مَعاذِيرَهُ) (١٥).
جاء فى التفسير : ولو أرخى ستوره ، وجاء : وإن اعتذر فعليه من يكذب عذره.
وقوله [١١٦ / ب] عزوجل : (لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ) (١٦).
كان جبريل صلىاللهعليهوسلم إذا نزل بالوحى على محمد صلىاللهعليهوسلم بالقرآن قرأ بعضه فى نفسه قبل أن يستتمه خوفا أن ينساه ، فقيل له (لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ) فى قلبك (وَقُرْآنَهُ) وقراءته ، أي : أن جبريل عليهالسلام سيعيده عليك.
وقوله عزوجل : (فَإِذا قَرَأْناهُ [فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ]) (٢) (١٨).
إذا قرأه عليك جبريل (٣) عليهالسلام (فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ) ، والقراءة والقرآن مصدران ، كما تقول :
راجح بين الرجحان والرجوح. والمعرفة والعرفان ، والطواف والطوفان.
وقوله عزوجل : (كَلَّا بَلْ تُحِبُّونَ الْعاجِلَةَ) (٢٠). (وَتَذَرُونَ الْآخِرَةَ) (٢١).
رويت عن على بن أبى طالب ، رحمهالله : (بَلْ تُحِبُّونَ ، وَتَذَرُونَ) بالتاء ، وقرأها كثير : «بل يحبون» (٤) بالياء ، والقرآن يأتى على أن يخاطب المنزل عليهم أحيانا ، وحينا يجعلون كالغيب ،
__________________
(١) رواية القرطبي : العقل مكان الظن فى الشطر الأول من البيت الأول (انظر تفسير القرطبي ١٩ / ١٠٠).
(٢) الزيادة من ح ، ش.
(٣) سقط فى ح ، ش.
(٤) هى قراءة مجاهد والحسن وقتادة والجحدري وابن كثير وأبى عمر وبياء الغيبة فيهما (البحر المحيط / ٣٨٨٧)
كقوله : (حَتَّى إِذا (١) كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ (٢)).
وقوله عزوجل : (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ) (٢٢).
مشرقة بالنعيم (٣). (وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ باسِرَةٌ) (٢٤) كالحة.
وقوله عزوجل : (تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِها فاقِرَةٌ) (٢٥).
والفاقرة : الداهية ، وقد جاءت أسماء القيامة ، والعذاب بمعاني الدواهي وأسمائها.
وقوله عزوجل : (كَلَّا إِذا بَلَغَتِ التَّراقِيَ) (٢٦).
يقول : إذا بلغت نفس الرجل عند الموت تراقيه ، وقال من حوله : «من راق؟» هل [من (٤)] مداو؟ هل (٥) من راق؟ وظن الرجل (أَنَّهُ الْفِراقُ) ، علم : أنه الفراق ، ويقال : هل من راق إن ملك الموت يكون معه ملائكة ، فإذا أفاظ (٦) [١١٧ / ا] الميت نفسه ، قال بعضهم لبعض : أيكم يرقى بها؟ من رقيت أي : صمدت.
وقوله عزوجل : (وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ) (٢٩).
أتاه أول شدة أمر (٧) الآخرة ، وأشد آخر أمر الدنيا ، فذلك قوله : (وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ) ، ويقال : التفت ساقاه ، كما يقال للمرأة إذا التصقت فخذاها : هى لفّاء.
وقوله عزوجل : (يَتَمَطَّى) (٣٣).
يتبختر ؛ لأن الظهر هو المطا ، فيلوى ظهره تبخترا وهذه خاصة فى (٨) أبى جهل.
وقوله عزوجل : (مِنْ مَنِيٍّ يُمْنى) (٣٧).
__________________
(١) سقط خطأ فى ش.
(٢) سورة يونس ، الآية ٢٢.
(٣) فى ح ، ش كالنعيم ، تحريف.
(٤) الزيادة. من ش
(٥) فى ش : وهل.
(٦) أفاظ نفسه : أخرجها ولفظ آخر أنفاسها.
(٧) فى ش : آخر ، تحريف.
(٨) فى ش : إلى ، تحريف.
بالياء والتاء (١). من قال : يمنى ، فهو للمنى ، وتمنى للنطفة. وكلّ صواب ، قرأه أصحاب عبد الله بالتاء. وبعض أهل المدينة [أيضا] (٢) بالتاء.
وقوله عزوجل : (أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى) (٤٠).
تظهر الياءين ، وتكسر الأولى ، وتجزم الحاء. وإن كسرت الحاء ونقلت إليها إعراب الياء الأولى التي تليها كان صوابا ، كما قال الشاعر :
وكأنها بين النساء سبيكة |
|
تمشى بسدّة بيتها فتعىّ (٣) |
أراد : فتعيا (٤).
ومن سورة الإنسان
قوله تبارك وتعالى : (هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ) (١).
معناه : قد أتى على الإنسان حين من الدهر. «وهل» قد (٥) تكون جحدا ، وتكون خبرا. فهذا من الخبر ؛ لأنك قد تقول : فهل وعظتك؟ فهل أعطيتك؟ تقرره (٦) بأنك قد أعطيته ووعظته. والجحد أن تقول : وهل يقدر واحد على مثل هذا؟.
وقوله تبارك وتعالى : (لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً) (١).
يريد : كان شيئا ، ولم يكن مذكورا. وذلك من حين خلقه الله من طين إلى أن نفخ فيه الروح.
وقوله عزوجل : (أَمْشاجٍ نَبْتَلِيهِ) (٢).
__________________
(١) قرأ الجمهور : تمنى ، وابن محيصن والجحدري وسلام ويعقوب وحفص وأبو عمرو بخلاف عنه بالياء (البحر المحيط ٨ / ٣٩١).
(٢) زيادة من ح ، ش.
(٣) انظر الدرر اللوامع : ١ : ٣١. السبيكة : القطعة المذوّبة من الذهب أو الفضة.
والسدّة : الفناء ، جاء فى البحر المحيط : قال ابن خالويه : لا يجيز أهل البصرة : سيبويه وأصحابه ـ ادغام : يحيى ، قالوا : لسكون الياء الثانية ، ولا يعتدون بالفتحة فى الياء ، لأنه حركة إعراب غير لازمة.
وأمّا الفراء فاحتج بهذا البيت : تمشى بسدة بيتها فتعىّ ، يريد فتعيا (البحر المحيط ٨ / ٣٩١)
(٤) كذا فى النسخ والأشبه أن تكون فتعى مضارع أعيا ، فتكون مطابقة : ليحيى.
(٥) فى ش : وهل تكون.
(٦) كذا فى ش : وفى ب ، ح : تقدره ، تصحيف.
الأمشاج : الأخلاط ، ماء الرجل ، وماء المرأة ، والدم ، والعلقة ، ويقال للشىء من هذا إذا [١١٧ / ب] خلط : مشيج ؛ كقولك : خليط ، وممشوج ، كقولك : مخلوط.
وقوله : (نَبْتَلِيهِ) (٢) والمعنى والله أعلم : جعلناه سميعا بصيرا لنبتليه ، فهذه مقدّمة معناها التأخير. إنما المعنى : خلقناه وجعلناه سميعا بصيرا لنبتليه.
وقوله تبارك وتعالى : (إِنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ) (٣).
وإلى السبيل ، وللسبيل. كل ذلك جائز فى كلام العرب. يقول : هديناه : عرّفناه السبيل ، شكر أو كفر ، و (إما) هاهنا تكون جزاء ، أي : إن شكر وإن كفر ، وتكون على (إما) التي مثل قوله : (إِمَّا (١) يُعَذِّبُهُمْ وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ (٢)) فكأنه قال : خلقناه شقيا أو سعيدا.
وقوله عزوجل : سلاسلا وأغلالا (٤).
كتبت (سَلاسِلَ) بالألف ، وأجراها بعض (٣) القراء لمكان الألف التي فى آخرها. ولم يجر (٤) بعضهم. وقال الذي لم يجر (٥) : العرب تثبت فيما لا يجرى الألف فى النصب ، فإذا وصلوا حذفوا الألف ، وكلّ صواب. ومثل ذلك قوله : (كانَتْ قَوارِيرَا) (١٥) أثبتت الألف فى الأولى ؛ لأنها رأس آية ، والأخرى ليست بآية. فكان (٦) ثبات الألف فى الأولى أقوى لهذه الحجة ، وكذلك رأيتها فى مصحف عبد الله ، وقرأ بها أهل البصرة ، وكتبوها فى مصاحفهم كذلك. وأهل الكوفة والمدينة يثبتون الألف فيهما جميعا ، وكأنهم استوحشوا أن يكتب حرف واحد فى معنى نصب بكتابين مختلفين. فإن شئت أجريتهما جميعا ، وإن شئت لم تجرهما (٧) ، وإن شئت أجريت الأولى لمكان الألف فى كتاب أهل البصرة. ولم تجر الثانية إذ (٨) لم يكن فيها الألف.
وقوله عزوجل : (يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كانَ مِزاجُها كافُوراً) (٥).
__________________
(١) فى ش : وإما ، تحريف.
(٢) التوبة ، الآية ١٠٦.
(٣) منهم نافع والكسائي ، كما فى الإتحاف.
(٤) هم غير نافع والكسائي ومن وافقهما.
(٥) فى ش : لم يجر تحريف.
(٦) فى ش : فكأن ، تصحيف.
(٧) فى ش : لم يجرهما ، تصحيف.
(٨) كذا فى ش : وفى ب ، ح : إذا ، وإذا أثبت.
يقال : إنها عين تسمى الكافور ، وقد تكون (١) كان مزاجها كالكافور لطيب ريحه ، فلا تكون حينئذ اسما ، والعرب [١١٨ / ا] تجعل النصب فى أي هذين الحرفين أحبوا. قال حسان :
كأنّ خبيئة من بيت رأس |
|
يكون مزاجها عسل وماء (٢) |
وهو أبين فى المعنى : أن تجعل الفعل فى المزاج ، وإن كان معرفة ، وكل صواب. تقول : كان سيدهم أبوك ، وكان سيدهم أباك. والوجه أن تقول : كان سيدهم أبوك ؛ لأن الأب اسم ثابت والسيد صفة من الصفات.
وقوله عزوجل : (عَيْناً) (٦).
إن شئت جعلتها تابعة للكافور كالمفسّرة ، وإن شئت نصبتها على القطع من الهاء فى (مِزاجُها).
وقوله عزوجل : (يَشْرَبُ بِها) (٦) ، و «يشربها».
سواء فى المعنى ، وكأن يشرب بها : يروى بها. وينقع. وأما يشربونها فبيّن ، وقد أنشدنى بعضهم (٣) :
شربن بماء البحر ثمّ ترفّعت |
|
متى لجج خضر لهنّ نئيج |
ومثله : إنه ليتكلم بكلام حسن ، ويتكلم كلاما حسنا.
وقوله عزوجل : (يُفَجِّرُونَها تَفْجِيراً) (٦).
أيها أحب الرجل من أهل الجنة فجرها لنفسه.
وقوله عزوجل : (يُوفُونَ بِالنَّذْرِ) (٧).
__________________
(١) فى ش : يكون.
(٢) الخبيئة : المصونة ، المضنون بها لنفاستها. وبيت رأس : موضع بالأردن مشهور بالخمر.
ويروى البيت : كان سبيئة ، وهى كذلك فى ديوانه؟ والسبيئة : الخمر ، سميت بذلك. لأنها تستبأ أي : تشترى ؛ لتشرب ، ولا يقال ذلك إلّا فى الخمر. انظر الكتاب. ١ : ٢٣ ، والمحتسب : ١ : ٢٧٩.
(٣) لأبى ذؤيب الهذلي يصف السحابات. والباء فى بماء بمعنى من ، ومتى : معناها «فى» فى لغة هذيل. ونئيج أي سريع مع صوت. ديوان الشاعر : ٥١ ، و (تفسير القرطبي : ١٩ / ١٢٤).
هذه من صفاتهم فى الدنيا ، كأن فيها إضمار كان : كانوا يوفون بالنذر.
وقوله عزوجل : (وَيَخافُونَ يَوْماً كانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً) (٧).
ممتد البلاء ، والعرب تقول : استطار الصدع فى القارورة وشبهها ، واستطال.
وقوله عزوجل : (عَبُوساً قَمْطَرِيراً) (١٠).
والقمطرير : الشديد ، يقال : يوم قمطرير ، ويوم قماطر ، أنشدنى بعضهم :
بنى عمّنا ، هل تذكرون بلاءنا |
|
عليكم إذا ما كان يوم قماطر (١) |
وقوله عزوجل : (مُتَّكِئِينَ فِيها) (١٣).
منصوبة كالقطع. وإن شئت جعلته تابعا للجنة ، كأنك قلت : جزاؤهم جنة متكئين فيها.
وقوله عزوجل ذكره : (وَدانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلالُها) (١٤).
يكون نصبا على ذلك : جزاؤهم جنة متكئين فيها ، ودانية ظلالها. وإن شئت جعلت : الدانية تابعة للمتكئين على سبيل القطع الذي قد يكون رفعا على [١١٨ / ب] الاستئناف. فيجوز مثل قوله : (وَهذا بَعْلِي شَيْخاً) (٢) «وشيخ» ، وهى فى قراءة أبى : «ودان عليهم ظلالها» فهذا مستأنف فى موضع رفع ، وفى قراءة عبد الله : «ودانيا عليهم ظلالها» (٣) ، وتذكير الداني وتأنيثه كقوله : «خاشعا أبصارهم» (٤) فى موضع ، وفى موضع (خاشِعَةً أَبْصارُهُمْ) (٥). وقد تكون الدانية منصوبة على مثل قول العرب : عند فلان جارية جميلة ، وشابة بعد طرية ، يعترضون بالمدح اعتراضا ، فلا ينوون به النسق على ما قبله ، وكأنهم يضمرون مع هذه الواو فعلا تكون به النصب فى إحدى القراءتين : «وحورا عينا» (٦). أنشدنى بعضهم :
ويأوى إلى نسوة عاطلات |
|
وشعثا مراضيع مثل السعالى (٧) |
__________________
(١) (البيت فى تفسير الطبري : ٢٩ / ٢١١ ، والقرطبي : ١٩ / ١٣٣)
(٢) سورة هود ، الآية ٧٢.
(٣) وهى أيضا قراءة الأعمش ، وهو كقوله : خاشعا أبصارهم (البحر المحيط ٨ / ٣٩٦)
(٤) سورة القمر : ٧ ، و (خاشعا) قراءة أبى عمرو وحمزة والكسائي ومن وافقهم ، والباقون يقرءونها (خشّعا) الإتحاف ٢٥٠.
(٥) سورة القلم ، الآية : ٤٣.
(٦) فى قراءة أبى ، وعبد الله أي : يزوجون حورا عينا (المحتسب ، ٢ / ٣٠٩ والبحر المحيط ٨ / ٢٠٦)
(٧) البيت لأمية بن عائذ الهذلي ، ويروى :
له نسوة عاطلات الصدو |
|
عوج مراضيع مثل السّعالى |
ورواية اللسان : ويأوى إلى نسوة عطّل. والسعالى : جمع سعلاة ، وهى : الغول أو سحرة الجن ، تشبه بها المرأة لقبحها ، ديوان الهذليين : ٢ : ١٨٤.
بالنصب يعنى : وشعثا ، والخفض أكثر.
وقوله عزوجل : (وَذُلِّلَتْ قُطُوفُها تَذْلِيلاً) (١٤).
يجتنى أهل الجنة الثمرة قياما وقعودا ، وعلى (١) كل حال لا كلفة فيها.
وقوله عزوجل : (كانَتْ قَوارِيرَا) (١٥).
يقول : كانت كصفاء القوارير ، وبياض الفضة ، فاجتمع فيها صفاء القوارير ، وبياض الفضة.
وقوله عزوجل : (قَدَّرُوها) (١٦).
قدروا الكأس على رى أحدهم لا فضل فيه ولا عجز عن ريه ، وهو ألذ الشراب.
وقد روى بعضهم عن الشعبي : (قدّروها تقديرا) (٢). والمعنى واحد ، والله أعلم ، قدّرت لهم ، وقدروا لها سواء.
وقوله : (كَأْساً كانَ مِزاجُها زَنْجَبِيلاً) (١٧).
إنما تسمى الكأس إذا كان فيها الشراب ، فإذا لم يكن فيها الخمر لم يقع عليها اسم الكأس.
وسمعت بعض العرب يقول للطبق الذي يهدى عليه الهدية : هو المهدى ، ما دامت عليه الهدية ، فإذا كان [١١٩ / ا] فارغا رجع إلى اسمه إن كان طبقا أو خوانا ، أو غير ذلك.
وقوله عزوجل : (زَنْجَبِيلاً (١٧) عَيْناً) (١٨).
ذكر أن الزنجبيل هو العين ، وأن الزنجبيل اسم لها ، وفيها من التفسير ما فى الكافور.
وقوله عزوجل : (تُسَمَّى سَلْسَبِيلاً) (١٨).
ذكروا أن السلسبيل اسم للعين ، وذكر أنه صفة للماء لسلسلته وعذوبته ، ونرى أنه لو كان اسما للعين لكان ترك الإجراء فيه أكثر ، ولم نر أحدا من القراء ترك إجراءها وهو جائز فى العربية ، كما كان فى قراءة عبد الله : «ولا تذرنّ ودّا ولا سواعا ولا يغوثا ويعوقا (٣)» بالألف. وكما قال :
__________________
(١) فى ش : على.
(٢) وهى قراءة عبيد بن عمير ، وابن سيرين (تفسير القرطبي : ١٩ / ١٤١) ، وكذلك ، على وابن عباس والسلمى ، وقتادة ، وزيد بن على ، والجحدري ، وأبو حيوة ، والأصمعى عن أبى عمرو (البحر المحيط ٨ / ٣٩٧).
(٣) سورة نوح ، الآية : ٢٣.
«سلاسلا» ، و «قواريرا» بالألف ، فأجروا ما لا يجرى ، وليس بخطأ ، لأن العرب تجرى ما لا يجرى فى الشعر ، فلو كان خطأ ما أدخلوه فى أشعارهم ، قال متمم بن نويرة :
فما وجد أظار ثلاث روائم |
|
رأين مجرّا من حوار ومصرعا (١) |
فأجرى روائم ، وهى مما لا يجرى (٢) فيما لا أحصيه فى أشعارهم.
وقوله عزوجل : (مُخَلَّدُونَ) (١٩).
يقول : محلّون مسورون ، ويقال : مقرطون ، ويقال : مخلدون دائم شبابهم لا يتغيرون عن تلك السن ، وهو أشبهها بالصواب ـ والله أعلم ـ وذلك أن العرب إذا كبر الرجل ، وثبت سواد شعره قيل : إنه لمخلد ، وكذلك يقال إذا كبر ونبتت له أسنانه وأضراسه قيل : إنه لمخلد ثابت الحال.
كذلك الولدان ثابتة أسنانهم.
وقوله عزوجل : (وَإِذا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيماً) (٢٠).
يقال (٣) : إذا رأيت ما ثمّ رأيت نعيما ، وصلح إضمار (ما) كما قيل : (لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ) (٤). والمعنى : ما بينكم ، والله أعلم. ويقال : إذا رأيت [١١٩ / ب] ثم ، يريد : إذا نظرت ، ثم إذا رميت ببصرك هناك رأيت نعيما.
وقوله عزوجل : (عالِيَهُمْ) (٥) (ثِيابُ سُندُسٍ) (٢١).
نصبها أبو عبد الرحمن وعاصم والحسن البصري ، جعلوها كالصفة فوقهم (٦). والعرب تقول :
__________________
(١) فى ب : من خوار ، تصحيف.
ورواية البيت فى المفضليات :
وما وجد أظآر ثلاث روائم |
|
أصبن مجرا من ... |
إلخ والأظآر : جمع ظئر ، وهى العاطفة على غير ولدها المرضعة له من الناس والإبل ، والروائم : جمع رائم ، وهن المحبات اللائي يعطفن على الرضيع. الحوار : ولد الناقة ، المجر والمصرع : مصدران من : الجر والصرع ، انظر اللسان ، مادة ظأر و (المفضليات ٢ / ٧٠).
(٢) فى ش : مما يجرى ، سقط.
(٣) فى ش : فقال.
(٤) سورة الأنعام : الآية ٩٤.
(٥) فى ش : عليم ، خطأ.
(٦) عبارة القرطبي : قال الفراء : هو كقولهم فوقهم ، والعرب تقول : قومك داخل الدار على الظرف لأنه محل (القرطبي ١٩ / ١٤٦).
قومك داخل الدار ، فينصبون داخل الدار (١) ؛ لأنه محل ، فعاليهم من ذلك. وقد قرأ أهل الحجاز وحمزة : (عالِيَهُمْ) بإرسال الياء ، وهى فى قراءة عبد الله : «عاليتهم ثياب سندس» بالتاء. وهى حجة لمن أرسل الياء وسكنها. وقد اختلف القراء فى : الخضر والسندس ، فخفضهما يحيى بن وثاب أراد أن يجعل الخضر من صفة السندس ويكسر (٢) على الإستبرق ثياب سندس ، وثياب إستبرق ، وقد (٣) رفع الحسن الحرفين جميعا (٤). فجعل الخضر من صفة الثياب ، ورفع الإستبرق بالرد على الثياب ، ورفع بعضهم الخضر ، وخفض الإستبرق (٥) ورفع [الإستبرق] (٦) وخفض الخضر (٧) ، وكل ذلك صواب. والله محمود.
وقوله عزوجل : (شَراباً طَهُوراً) (٢١).
يقول : طهور ليس بنجس كما كان (٨) فى الدنيا مذكورا (٩) بالنجاسة.
وقوله عزوجل : (وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً) (٢٤).
(و) هاهنا بمنزلة (لا) ، وأو فى الجحد والاستفهام والجزاء تكون فى معنى (لا) فهذا من ذلك.
وقال الشاعر (١٠) :
لا وجد ثكلى كما وجدت ولا |
|
وجد عجول أضلّها ربع |
أو وجد شيخ أصلّ ناقته |
|
يوم توافى الحجيج فاندفعوا |
__________________
(١) ساقطة فى ش ، وكتبت كلمة الدار بين الأسطر فى ب.
(٢) سقط فى ش.
(٣) سقط فى ش وكتبت بين الأسطر فى ب.
(٤) وهى قراءة نافع وحفص (تفسير القرطبي ١٩ / ١٤٦).
(٥) قراءة ابن عامر ، وأبى عمرو ويعقوب «خضر رفعا نعت للثياب ، وإستبرق بالخفض نعت للسندس ، واختاره أبو عبيد وأبو حاتم لجودة معناه ، لأن الخضر أحسن ما كانت نعتا للثياب ؛ فهى مرفوعة وأحسن ما عطف الإستبرق على السندس عطف جنس على جنس ، والمعنى : عاليهم ثياب خضر من سندس وإستبرق أي من هذين النوعين (تفسير القرطبي ١٩ / ١٤٦).
(٦) سقط فى ش.
(٧) وهى قراءة ابن محيصن ، وابن كثير ، وأبى بكر عن عاصم : خضر بالجر على نعت السندس ، وإستبرق بالرفع نسقا على الثياب ، ومعناه : عاليهم ثياب سندس ، وإستبرق. (تفسير القرطبي ١٩ / ١٤٦).
(٨) فى ب كانت ، تحريف.
(٩) فى ش مذكورة تحريف.
(١٠) هو مالك بن عمرو (انظر الكامل للمبرد : ٢ / ٨٦) والعجول من النساء والإبل : الواله التي فقدت ولدها. سميت بذلك لعجلتها فى جيئتها وذهابها جزعا. وهى هنا الناقة.
والربع كمضر : الفصيل ينتج فى الربيع.
[أراد : ولا وجد شيخ] (١) وقد يكون فى العربية : لا تطيعن منهم من أثم أو كفر.
فيكون المعنى فى (أو) قريبا من معنى (الواو). كقولك للرجل : لأعطينك سألت ، أو سكتّ.
معناه : لأعطينك على كل حال.
وقوله [١٢٠ / ا] عزوجل : (وَشَدَدْنا أَسْرَهُمْ) (٢٨).
والأسر ؛ الخلق. تقول : لقد (٢) أسر هذا الرجل أحسن الأسر ، كقولك : خلق (٣) أحسن الخلق.
وقوله عزوجل : (إِنَّ هذِهِ تَذْكِرَةٌ) (٢٩).
يقول : هذه السورة تذكرة وعظة. (فَمَنْ شاءَ اتَّخَذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلاً) (٢٩) وجهة وطريقا إلى الخير.
وقوله عزوجل : (وَما تَشاؤُنَ) (٣٠).
جواب لقوله : (فَمَنْ شاءَ اتَّخَذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلاً).
ثم أخبرهم أن الأمر ليس إليهم ، فقال : (وما (٤) تشاءون) ذلك السبيل (إلا أن يشاء الله) لكم ، وفى قراءة عبد الله (وما تشاءون إلا أن (٥) يشاء الله) والمعنى (٦) فى (ما) و (أن) متقارب.
وقوله عزوجل : (وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ) (٣١).
نصبت الظالمين (٧) ؛ لأن الواو فى لها تصير كالظرف لأعدّ. ولو كانت رفعا كان صوابا ، كما قال : (والشعراء يتبعهم الغاوون) (٨) بغير همز (٩) ، وهى فى قراءة عبد الله : «وللظالمين أعد
__________________
(١) سقط فى ش.
(٢) فى ش : تقول : أسر.
(٣) سقط فى ش.
(٤) فى ش : فما ، تحريف.
(٥) كذا فى ش : وفى ب ، ح إلا ما ، تحريف.
(٦) كذا فى ش ، وفى ب ، ح : المعنى.
(٧) والظالمين : منصوب بفعل محذوف تقديره : ويعذب الظالمين ، وفسره الفعل المذكور ، وكان النصب أحسن ، لأن المعطوف عليه قد عمل فيه الفعل (إعراب القرآن ١٤٧)
(٨) سورة الشعراء ، الآية : ٢٢٤.
(٩) بغير همز : أى قيل (والشعراء) على الاستفهام.