في إجتماع الأمر والنهي

الشيخ موسى الخوانساري

في إجتماع الأمر والنهي

المؤلف:

الشيخ موسى الخوانساري


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مطبعة الحكمة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤١

١

بسم الله الرّحمن الرّحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف انبيائه محمّد وآله الطاهرين ولعنة الله على اعدائهم اجمعين.

(وبعد) فيقول العبد المحتاج الى رحمة ربه البارى موسى بن محمد الخوانسارى هذا ما استفدته ممن انتهت اليه رئاسة الامامية الاثنى عشرية فى القرن الرابع عشر حجة الاسلام وكهف الانام آية الله الملك العلام الشيخ ميرزا محمّد حسين النائينى متع الله العلماء ببقائه فى اجتماع الامر والنهى فحررته على طبق ما افاده إلّا ما فاته منى لقصور الباع فقال مد ظله العالى.

المبحث الاول

اذا اجتمع عنوانان ايجادا او وجودا وتعلق باحدهما الامر وبالآخر النهى فهل يقتضى تعلق احدهما بعين ما تعلق به الآخر أم لا.

وقبل الخوض فى المقصود لا بد من رسم ايضاح واضح وهو ان النزاع فى المقام ليس فى الكبرى كما يتوهم من عنوان البحث فى كلام جماعة وهو قولهم فى البحث عن اجتماع الامر والنهى فان هذا النزاع بعد الفراغ عن تضاد الاحكام باسرها حتى من اجتماع الحرمة والاباحة ولذا يكون مثل اكرم عالما ولا تكرم الفاسق فى العالم الفاسق من باب التعارض كما فى الشموليين

٢

مثل اكرم العالم ولا تكرم الفاسق فالنزاع هنا فى تعلق احد الخطابين بعين ما تعلق به الآخر وعدمه ومع عدم التعلق كذلك يقع نزاع آخر بين المشهور والمحقق الكركى بانه هل يكفى المندوحة فى رفع تعلق التكليف بغير المقدور او لا يكفى بل يعتبر القدرة فى جميع الافراد والفرد المزاحم مع الغصب غير مقدور شرعا فليس بمأمور به.

فالبحث فى المقام تقع من جهتين الاولى فى كفاية تعدد الجهة وعدمها الثانية فى كفاية المندوحة وعدمها وتوضيح الجهة الاولى بتوقف على رسم امور

(الاول) ان المسألة ليست مسئلة كلامية ولا من المبادى التصديقية ولا المبادى الاحكامية للمسألة الاصولية بل مسئلة عقلية ملازمية اصولية وذلك لان المسألة الاصولية هى الكبرويات التى بانضمام الصغرويات اليها يستنبط الحكم الفرعى ومسئلتنا هذه كذلك فلا وجه لعدها من المبادى مع ان النزاع ليس فى الكبرى وفى امكان اجتماع الحكمين ولو بالاطلاق فى متعلق واحد وامتناعه حتى تعد من المسائل الكلامية وتذكر فى الاصول لانها من مباديها الاحكامية (واما) كونها عقلية لا لفظية لعدم اختصاص النزاع بالحكمين المستفادين من الالفاظ فذكرها فى مباحث الالفاظ انما هو لكون استفادة اغلب الاحكام منها (واما) كونها ملازمية لا عقلية مستقلة فلوضوح انها ومسئلة الضد ومقدمة الواجب ليست من باب الحسن والقبح بل من لوازم الحكم غاية الامر انها من لوازم حكمين واقتضاء الامر بالشيء النهى عن الضد ووجوب المقدمة من لوازم حكم واحد (ثم) انه ظهر انه لا مجال لتوهم امكان التفصيل فى الامتناع والجواز بالعرف والعقل لانها عقلية وليست مستفادة من الالفاظ حتى يكون نظر العرف متبعا فيها.

٣

(الثانى) ان اختلاف المتصورات والمفاهيم لا يجدى فى الباب شيئا لان المفاهيم وهى المدركات العقلانية ليست متعلقا للاحكام بانفسها بل متعلقاتها هى المعنونات والمحكيات والمفاهيم آليات ومرائى فاختلاف المفاهيم لا يوجب اجتماع الحكمين فى موضوع اذا لم يكن هو متعددا (وبالجملة) متعلق الحكم هو الكلى الطبيعى لا المدرك العقلائى

(الثالث) ان العناوين على قسمين متأصلات ومنتزعات والمتاصل ما كان بحذائه وازائه شيء فى الخارج والمراد بالخارج هنا اعم من عالم العين والاعتبار فالاول كالانسان والثانى كالملكية والزوجية الحاصلة بين الزوج والزوجة والمنتزع ما لم يكن بازائه شيء بل كان لمنشا انتزاعه سواء كان منشأ انتزاعه عينيا او اعتباريا كالزوجية المنتزعة من جوزين والمنتزعة من زوجين وقد يعبر عن العنوان المتاصل بما اصدق وانطبق على معنونه وكل من المتاصل والمنتزع بما هو حاك ومرآة قابل لتعلق الامر والنهى به (ثم) ان بين كل عنوان وعنوان آخر بلحاظ معنونهما يتحقق النسب الاربع ولا شبهة ان العنوانين الذين بينهما عموم من وجه لهما جهة مغايرة وجهة اتحاد فانه لو لم يكن بين معنونيهما جهة افتراق لم يمكن صدق عنوانين كذلك عليهما وبعبارة اخرى المعنون الواحد من جميع الجهات لا يمكن ان يكون له عنوانان مختلفان ولا يقاس بالواجب تبارك وتعالى لان جميع صفاته الكمالية راجعة الى العلم والقدرة وهما فيه بمعنى لان كمال العلم واعلى مرتبته المقولة بالتشكيك وهو العلم الحضورى وهو احاطة العالم بذات معلومه واحاطته به كمال استيلائه عليه الذى هو عين القدرة وبالجملة ما للتراب ورب الارباب فما كان قابلا لادراكنا فى صفاته عزّ اسمه هو هذا المقدار وهذا لا يوجب تعدد الوجه حتى يقال لا يوجب تعدد الوجه تعدد المعنون ولا تنثلم به وحدته فالاولى السكوت عن كيفية

٤

انطباق العناوين وصدقها عليه عزّ اسمه وجل ثنائه والتكلم فى صفات الخلق وعناوينهم ونرى بالعيان انه لو لم يكن للانسان جهة علم وفسق لا يمكن انطباق العالم والفاسق عليه ولو لم يكن جهة الفسق غير جهة العلم لكان بين الوصفين تلازما دائميا فصدق العالم على غير الفاسق والفاسق على غير العالم يكشف عن مغايرة بين العنوانين والمغايرة ناشية عن مغايرة معنونيهما لا محالة

(الرابع) ان العنوانين المجتمعين فى واحد اما ذاتيان كالحيوانية والناطقية او عرضيان كالحلاوة والبياض المجتمعان فى السكر واحدهما ذاتى والآخر عرضى كالقيام لزيد وكل من العنوانين فى هذه الاقسام الاربعة له جهة اللابشرطية وله جهة بشرط اللائية اى لو لوحظا اللابشرط عما يتحد به الذى هو معنى الاشتقاقى فى المشتق فكل عنوان قابل للحمل على الآخر وكل منهما على المعنون بهما كحمل الجنس على الفصل والفصل على الجنس وكليهما على الانسان وهكذا حمل الحلو على الابيض ولو لوحظا بشرط لا عما يتحد به الذى هو معنى مبدإ الاشتقاق فلا يقبلان الحمل كلحاظ الهيولى والصورة والحلاوة والبياض

(ثم ان) هذين العنوانين لو لوحظا بجهة انفسهما فهما جهتان تقييديتان ولو لوحظا بجهة عروضها او انطباقها على الموجه بهذين الجهتين والمعنون بهذين العنوانين فهما تعليليتان اى لو لوحظ نفس الحيوانية او الناطقية او نفس الحلاوة والبياض فهما جهتان متغايرتان وعنوانان مختلفان ولو لوحظ الموجه بالجهتين وهو الانسان فهما تعليليتان اى عروضهما علة لصدق الناطقية والحيوانية على الانسان وعمدة النزاع فى مسئلتنا هذه انه هل متعلق التكليف نفس الجهة او الموجه بها اى كما لا اشكال فى ان الجهتين بالنسبة الى الفاعل تعليليتان والمكلف شخص واحد متصف بعنوانين فهل

٥

كذلك بالنسبة الى الفعل الصادر منه وهو الحركة فى المقام التى هى الحالة الواحدة المتصفة بوصفين فيكون متعلق الامر والنهى هى الحالة الشخصية والجهتان تعليليتان او ليس كك بل متعلقهما نفس الجهتين اللتين هما بانفسها تقييديتان ومتغايرتان.

(الخامس) ان اجتماع العنوانين تارة على نحو التلازم كاستقبال القبلة واستدبار الجدى فى العراق واخرى على نحو التركيب والاجتماع التركيبى على قسمين انضمامى واتحادى.

اما المتلازمان فهما مختلفان بالهوية والوجود بحيث يمكن الاشارة الحسية الى كليهما غاية الامر لا ينفكان فى الخارج فصارا كذى حقوقين واما الانضمامي فكتركيب المادة والصورة فهما بانفسها كالممزوجين وان لم يكن الاشارة الحسية اليهما الا ماهيتان متغايرتان وفى عالم الايجاد والوجود منضمان ومختلطان هذا حال الذاتيين وكذلك العرضيين والذاتى والعرضى فان حلاوة السكر وان لم تكن ممتازة عن بياضها ولا يمكن الاشارة الحسية بشخصها إلّا انها متغايرة بالهوية عن البياض (نعم) فى عالم الايجاد موجودان فى وجود واحد وكل منهما من مشخصات الآخر وحدوده.

واما الاتحادى فكتركيب الجنس والفصل فان الجنس عين الفصل والفصل عين الجنس والانسان هو الحيوان وهو الناطق والسكر هو الحلو وهو الابيض والنزاع فى مسئلتنا هذه ان متعلقى التكليفين الذين هما من باب الاجتماع التركيب هل من باب الانضمامي حتى يكون كباب التلازم فيختلف متعلق الامر والنهى او من باب الاتحادى حتى يكون من باب اكرم العالم ولا تكرم الفاسق الذى يتحد متعلق التكليف فيه لاعتبار الذات فى متعلق الامر والنهى اى موضوع التكليف الامرى هو العالم الذى هو بشخصه موضوع التكليف النهى

٦

ولذا يصير مسئلة اكرم العالم ولا تكرم الفاسق فى مادة الاجتماع من باب التعارض ولا يخفى ان كون التركيب انضماميا او اتحاديا يرجع الى ان متعلق التكليف نفس الجهتين الموجه بهما فلا تغفل.

(السادس) قد يبتنى مسئلة جواز الاجتماع وامتناعه على اصالة الماهية والوجود واخرى يبتنى على تعلق الاحكام بالطبائع او الافراد وهذا على وجهين فقد يقال ان الجواز والامتناع يبتنى على القول بتعلق الاحكام بالطبائع واما على القول بتعلقها بالافراد فيمتنع قطعا ولكنه بعد ما عرفت ان روح النزاع مبنى على ان متعلق الاحكام هل نفس الجهتين او الموجه بهما يظهر لك ان النزاع لا يبتنى على اصالة الوجود او الماهية لان الجهتين ماهيتان متغايرتان او وجودان كذلك والموجه بهما امر واحد كان الاصل الوجود او الماهية نعم الاشكال فى ابتنائه على مسئلة تعلق الحكم بالطبائع او الافراد فنقول لو قيل بابتناء تلك المسألة على وجود الكلى الطبيعى وعدمه فنزاع مسئلتنا هذه لا يبتنى على النزاع فى تلك المسألة لانه لو قيل بتعلق الاحكام بالطبائع لانها بانفسها موجودة او بالافراد لان وجود الطبيعى بمعنى وجود اشخاصه وإلّا هو منتزع عن الاشخاص فلو قيل بان الجهتين متعلقتان للتكاليف فيجوز الاجتماع لانهما اثنان كانتا طبيعتين موجودتين او فردين موجودين ولو قيل بان الموجه متعلق للتكليف فيمتنع لانه واحد كان فردا واحدا وطبيعة واحدة واما لو قيل فى تلك المسألة بعدم ابتناء نزاع تعلق الاحكام بالطبائع والافراد على وجود الطبيعى وعدمه بل النزاع فيها بعد الفراغ عن وجود الكلى الطبيعى بنفسه لا بمعنى وجوده بوجود اشخاصه فالنزاع فى مسئلتنا هذه لا محالة يبتنى على ذاك لا معنى للقول بتعلق الاحكام بالافراد مع القول بوجود الكلى الطبيعى الا كون لوازم الفردية ومشخصات الوجود داخلة فى المطلوب فاذا دخلت تحت الطلب

٧

فلا محالة يمتنع الاجتماع لانه لو كان الفرد متعلقا للتكليف مع الخصوصية فالخصوصيتان وإن كانتا متباينتين إلّا انهما حيث كانت كل واحدة منهما من مشخصات الاخرى اى من لوازم الوجود لهذا الفرد لا المشخص الاصطلاحى فان العرض لا يمكن ان يكون مشخصا لغرض آخر إلّا اذا كانا طوليين كالحركة والسرعة او البطؤ وكيف كان فبالأخرة يتعلق كل من الامر والنهى بكلتا الخصوصيتين وبعبارة واضحة لو قلنا بان متعلق الحلاوة ومتعلق النهى البياض لا الموجه بهما إلّا ان الحلاوة وإن كانت متغايرة مع البياض إلّا ان البياض حيث انه من مشخصات الحلاوة فالامر بالحلاوة امر بمشخصاتها التى منها البياض فالبياض يدخل تحت الامر وهكذا فى طرف النهى اى النهى لو تعلق بالبياض وفرض ان الحلاوة من مشخصاته فالحلاوة داخلة تحت المطلوب فيتعلق بها النهى فاجتمع كل من الامر والنهى فى الحلاوة والبياض لا محالة واما لو قلنا بتعلق الاحكام بالطبائع والمشخصات خارجة عن المطلوب فلا يمتنع الاجتماع إلّا اذا قلنا بان الموجه بالجهتين متعلق للتكليف دون الجهتين ان دخول المشخصات تحت الطلب وعدمه وإن كان خارجا عن البحث إلّا انه حيث لم نحققه فى باب تعلق الاحكام بالطبائع او الافراد فلا بأس بالاشارة اليه اجمالا فنقول لا شبهة ان كل فاعل ذي شعور ومريد مختار لا يتعلق غرضه غالبا الا بنفس الطبيعة ولا نظر له الا اليها من دون نظر الى خصوصياتها الخارجية والمشخصات الفردية ولو تعلق غرضه احيانا بخصوصية خاصة فهى مطلوب مستقل فى قبال اصل الطبيعة بل لا يمكن ارادة جميع الخصوصيات بنحو العموم لان لوازم الفردية غير محصورة وبنحو البدلية اى ارادة خصوصية واحدة بنحو الابهام كاحدى الخصوصيات لا يوجب تخصيص الطبيعة بخصوصية لان ضم الكلى الى الكلى لا يوجب تشخصه فكيف يعقل

٨

تعلق الارادة بالخصوصيات فاذا كان هذا حال الفاعل فكيف يامر الامر بالخصوصية لان كل ما لا يمكن ان يتعلق ارادة الفاعلى لا يمكن ان يتعلق به ارادة الامرى نعم لو قيل بتعلق الارادة بها بنحو تعلق الامر التخييري بالخصال بمعنى ان للخصوصيات مدخلية فى الاغراض المتعلقة بالطبائع ولكن لدخل إحداها فى الملاك على سبيل التخيير لا إحداها معينا ولا جميعها كذلك فله وجه إلّا انه يلزم بناء عليه ان مثل الصلاة التى هى بالنسبة الى افرادها الطولية والعرضية تخير عقلى يكون تخيرا شرعيا بالنسبة الى خصوصية كل فرد وهذا مع انه لا دليل عليه يلزم جعل التخيير الشرعى بلا ملاك لان احدى الخصوصيات قهرا توجد مع الفرد فلا موجب للامر بها تخييرا وبالجملة لا يقاس اللوازم الفردية بمسألة المقدمة فانها تتبع ارادة ذى المقدمة مرادة حيث انها ملتفت اليها ومترشح ارادتها مع انه مع ارادته وهذا بخلاف اللوازم القهرية التى لا يشعر الفاعل بلزومها فضلا عن ارادتها مع انه مع الالتفات اليها لا يحتاج ارادة الفرد الى ارادتها تحققها بانفسها قهرا بخلاف المقدمة فانها لا تتحقق من ارادة ذيها قهرا بل فى مقام الايجاد مقدمة على وجود ذيها واين هذا من اللوازمات والمشخصات فتامل جيدا

(السابع) انه جعل (فى الكفاية) محل النزاع فى المسألة فيما كان مناط كل واحد من متعلقى الايجاب والتحريم موجودا مطلقا حتى فى مورد التصادق واما لو لم يكن فى مقام الثبوت إلّا مناط احد الحكمين فلا يكون من هذا الباب وذكر فى تحت هذا العنوان الذى هو ثامن الامور امورا ثلاثة (الاول) ما ذكرناه (الثانى) ان فى مقام الاثبات اذا احرز ان كلا المقتضيين غير موجودين فالروايتان الدالتان على الحكمين متعارضتان فيجب اعمال مرجحات باب التعارض وإلّا يجب اعمال مرجحات باب التزاحم إلّا اذا كان كل من الروايتين متكفلا للحكم الفعلى فيقع بينهما التعارض ايضا وهو ثالث

٩

الامور (وبالجملة) فى مقام الثبوت النزاع فى المسألة مبنى على ثبوت المقتضى لكلا الحكمين وفى مقام الاثبات لو كان الخبران فى مقام بيان الحكم الاقتضائى فيجب اعمال مرجحات التزاحم ولو كانا فى مقام بيان الحكم الفعلى فيجب اعمال مرجحات باب التعارض.

(ولا يخفى ما فيه) اما فى الامر الاول فلانه لو كان مراده (قده) من ثبوت المناط فى كلا الحكمين يعنى انه يشترط فى مسئلة الاجتماع ان يكون العنوان الذى اخذ متعلقا لكل من الايجاب والتحريم باقيا على حاله وغير مقيد بالآخر لكان الامر كما ذكره (قده) لان مفروض النزاع انما هو على عدم تقييد الصلاة بإباحة المكان اى لم يؤخذ العضب مانعا او الاباحة شرطا كما اخذ غير المأكولية مانعا وكذا لم يقيد الغصب بالصلاة ولم يجعل حرمته فى غير مورد الصلاة ولكن ليس مراد من ثبوت المناط إلّا ثبوت المقتضى ولا يخفى ان مسئلة الاجتماع لا يبتنى على مذهب المشهور من العدلية بل يجرى النزاع على مذهب الاشاعرة وبعض العدلية المكتفى بالمصلحة فى نفس الحكم.

(ثم) لا يخفى ان فى مقام الثبوت جعل الحكم على طبق المقتضى المعبر عنه فى اصطلاحه (قده) بالحكم الانشائى تارة والقانونى اخرى فى مقابل الحكم الفعلى مما لا نتعقله اذ لا يمكن ان يكون موضوع الحكم فى عالم اللب مهملا لا سيما اذا كان الجاعل عالما بالعواقب فجعل الحرمة لكذب المهمل مع قطع النظر عن طرو الطوارى لا يعقل بالنسبة الى الحكم حتى ينشأ فى مقام الاثبات الحكم على هذا الموضوع المهمل بل فى عالم الثبوت الموضوع اما هو الكذب المطلق او المضر (وبالجملة) الحكم الاقتضائى لا يصح برأسه حتى يكون موضوعا للبحث فى المقام وعلى فرض امكانه فجعل هذا الحكم

١٠

مع انه فى مقام الفعلية يضيق موضوعه او يوسع لغو لا يمكن صدوره من الحكيم لامكان جعله على طبق ما يصير فعليا فليس الاقتضائى بهذا المعنى من مراتب الحكم اصلا وليس الحكم الانشائى على طبق المقتضى مقابلا للفعلى لان السالبة بانتفاء الموضوع تعم الانشائى بمعنى الشأنى المقابل للفعلى ولكن لا بهذا المعنى بل بنحو جعل الاحكام على طبق القضايا الحقيقية المقدرة بوجودات موضوعاتها كقوله عزّ اسمه مثلا البالغ العاقل يجب عليه الصلاة فان الحكم قبل البلوغ والعقل شأنى وفعليته بوجود شرطه وموضوعه ولكن فى عالم الثبوت الحكم مختص بالبالغ العاقل وفى عالم الانشاء ايضا انشاء للبالغ العاقل ولو استفيد قيد البلوغ والعقل من دليل آخر واما فى الامر الثانى والثالث فنحن استوفينا البحث فيهما فى باب التزاحم واجماله ان الفرق بين التعارض والتزاحم ليس بثبوت المقتضيين فى التزاحم وعدم ثبوتهما فى باب التعارض لان كل حكم كاشف عن ملاكه بل الفرق بينهما ان الحكمين اذا امتنعا فى نفس الامر جعلهما فهما متعارضان واذا امتنعا فى مقام الفعلية فهما متزاحمان (ثم) ان مرجحات الاقتضائى تكون مرجحا فى اصل الجعل لا فى باب التزاحم يعنى ان الطبيب اذا رأى فى الفلوس مصلحة للصدر ومفسدة للرأس فيجب ان يراعى فى مقام الجعل اقوى الملاكين واما تزاحم الحكمين فى مقام الفعلية مع تمامية الملاك لكليهما فترجيح احدهما ليس إلّا لاهميته مع تمامية ملاك المهم للجعل ولذا فى غير مورد التزاحم يجب الاتيان به (وبالجملة) فى مقام الاثبات ايضا لا يمكن ان يكون حكم متكفلا للاقتضاء وحكم آخر متكفلا للفعلية نعم قد يكون الخطاب فى غير مقام البيان اصلا وقد يكون فى مقام البيان بالنسبة الى بعض القيود دون الآخر لاتكاله على الادلة المنفصلة وقد يكون فى مقام بيان تمام القيود فيجب ذكر ما له دخل فى متعلق

١١

غرضه او موضوعه فتدبر جيدا.

(الثامن) ان محل النزاع انما هو فيما لو كان بين نفس العنوانين الذين باحدهما تعلق الامر وبالآخر النهى عموم من وجه كالصلاة والغصب لا فيما لو كان بين متعلقى المتعلقين عموم من وجه فنحو اكرم العالم ولا تكرم الفاسق داخل فى باب التعارض وذلك لما عرفت ان محل النزاع صغروى لا كبروى اى النزاع راجع الى ان نفس الجهتين اللتين هما تقييديتان متعلقتان للامر والنهى او الموجه بهما الذى هو مجمع الجهتين اللتين هما بالنسبة اليه تعليليتان متعلق بهما فالنزاع راجع الى ان تركيب الجهتين اتحادى حتى يكون المقام من صغرويات باب التعارض حتى يمتنع الحكمان او انضمامى حتى يكون من باب التلازم وهذا لا يجرى فى مسئلة اكرم العالم ولا تكرم الفاسق لان متعلق الاكرام فى كلا الخطابين اخذ الذات فيه فالجهتان لا محالة تعليليتان لان العالم هو الفاسق فى المجمع والفاسق هو العالم فيه وليس متعلق الاكرام نفس العلم والفسق حتى يكونا تقييديتين

(التاسع) ان محل النزاع انما هو فيما كان بين العنوانين عموم من وجه دون العموم المطلق كان الامر عاما والنهى خاصا او بالعكس وذلك لان العام يشمل جميع الافراد والخاص هو العام مع خصوصية زائدة فاذا تعلق الامر بالحركة المطلقة والنهى بالتدانى الى موضع مخصوص فيجتمع الامر والنهى فى الحركة الى الموضع المخصوص وليست فى الحركة الخاصة جهتان حتى تدخل فى محل النزاع فلا بد من تخصيص الامر بغير مورد النهى واخراج الحركة الى الموضع المخصوص من عموم الامر كما يعامل كذلك فى عكس المسألة كما اذا قيل لا تكرم الفاسق واكرم زيدا (وبالجملة) ملاحظة تعارض العام والخاص المطلق وتخصيص العام بالخاص

١٢

كاشف عن ان محل النزاع يختص بالعامين من وجه فى نفس متعلقى الخطابين نعم قد يتوهم فى بعض الموارد ان بين نفس المتعلقين عموما من وجه مع انه خارج عن مسألة النزاع كما فى مثل لا تغصب وانفق الزوجة او الارقاب فان الانفاق بمال الغصب لا يجوز ولو قلنا بجواز الاجتماع فلا بد من تقييد زائد فى عنوان البحث اى فى مسئلة العموم من وجه بين المتعلقين حتى يخرج مسئلة لا تغصب وانفق من محل النزاع او يقال بان الانفاق مباين مع الغصب بالهوية لاعتبار كونه من مال المنفق ولكن الوجه الثانى يمكن المناقشة فيه بعدم اعتبار قيد كونه من مال المنفق فى حقيقة الانفاق مع ان المناقشة فى المثال لا يرفع الاشكال فان بين لا تغصب واشرب الماء مثلا عموما من وجه مع ان الظاهر انه لا يعامل هنا الا التعارض فنقول ان محل النزاع انما هو فيما كان بين نفس متعلق الامر والنهى عموم من وجه ولكن كان وجه المغايرة بين الجهتين اللتين باعتبارهما صار بين المتعلقين عموم من وجه ناشئا من نفس الفعل الصادر من المكلف اى كان الفعل الاختيارى الذى هو مجمع العنوانين موجها بجهتين بحيث يوجد ماهيتان مختلفتان بايجاد واحد واما لو وجد ماهية واحدة بايجاد المكلف فى الموضوع الواحد المعنون بعنوانين فهذا خارج عن محل النزاع وداخل فى باب التعارض وبعبارة اخرى كما ان مسئلة اكرم العالم ولا تكرم الفاسق خارج عن مورد النزاع لان نفس متعلق الامر والنهى واحد ولو اختلف متعلق المتعلق فكذلك لو اختلف نفس المتعلق ولكن لا فى الماهية بل اختلف من جهة تعلق المتعلق احدهما بموضوع خارجى كما فى اشرب الماء فلا تغصب او انفق المال ولا تغصب فان بين متعلق الامر وهو الشرب او الانفاق ومتعلق النهى وهو الغصب وان كان عموما من وجه إلّا ان المكلف فى مقام الايجاد يوجد ماهية واحدة فان شرب ماء الغير عين

١٣

الغصب وفى حيثية الاصدارية لا يوجد شرب ماء الغير الا بالغصبية وهذا بخلاف الحركة الصادرة من المكلف فى حال الصلاة فان فعل المكلف يوجه بجهتين متغايرتين بالذات كما انه لو امر بالشرب المطلق وينهى عن الغصب كذلك يدخل فى محل فان الفعل الصادر وهو الشرب موجه بجهتين متغايرتين من حيث ذات متعلق الامر والنهى فان متعلق الامر هو الشرب لا شرب الماء فاذا جمع المكلف العنوانين المتغايرتين بذاتهما فى مصداق واحد فاوجد الماهيتين بوجود واحد (وبالجملة) محل البحث يجب ان يكون موردا امكن دخوله فى تركيب الانضمامي حتى يصير من قبيل المتلازمين فيجوز ودخوله فى الاتحادى حتى يكون من قبيل المتعارضين فيمتنع فكما ان الشخص المتصف بالعلم عين المتصف بالفسق فكك شرب ماء الغير عين التصرف الغصبى والانفاق بمال كك ايضا.

(العاشر) انه ظهر مما قدمنا فى صدر البحث ان النزاع فى الجهة الاولى انما هو نزاع صغروى ومحل البحث انه نحو صل ولا تغصب هل من المتعارضين اى ان الجهتين تعليليتان او ليسا منهما بل الجهتين تقييديتان فلا تعارض بين الخطابين والنزاع فى الجهة الثانية من صغرويات التزاحم اى لو قلنا بالجواز وان الصلاة ملازم مع الغصب لا متحد معه فيقع النزاع فى ان هذا الفرد الملازم للغصب المتزاحم مع خطاب لا تغصب فى مقام الامتثال هل يكفى اعتبار المندوحة لصحة تعلق الامر بهذا الفرد او لا يكفى بعبارة اخرى لو بنينا فى الجهة الاولى بالجواز وقلنا ان الجهتين تقييديتان فهل الصلاة فى سعة الوقت فى الدار المغضوبة صحيحة لو امكنه الصلاة فى خارج الدار او لا لمزاحمته مع الغصب والمحقق الثانى ومن وافقه يقول بالصحة لان القدرة على الطبيعة تكفى لتعلق الامر بهذا الفرد الغير المقدور شرعا لان الانطباق قهرى والاجزاء عقلى والمشهور

١٤

يقولون يجب فى تعلق الامر بكل فرد دخول شخص هذا الفرد تحت القدرة والقدرة على الفرد الآخر الغير المتزاحم لا تكفى لتعلق الامر بالفرد المزاحم.

(وبالجملة) النزاع فى الجهة الاولى راجع الى ان اجتماع العنوانين فى مصداق هل يوجب دخول المجمع تحت اطلاق دليل كل واحد من العنوانين فيعارضان فيخصص اطلاق الامر بغير مورد النهى لان النهى شمولى والامر بدلى والشمولى اظهر فى المجمع او لا يوجب (كك) لان الجهتين تقييديتان والنزاع فى الجهة الثانية انه لو بنينا على الجواز لان الجهتين تقييديتان فهل يجوز ايضا مع ملازمته مع المحرم لوجود افراد آخر غير ملازمته للمحرم او لا يجوز وجود المندوحة كعدمها فيكون حال هذا الفرد المزاحم مع المندوحة كحاله مع عدمها كالمحبوس فى المكان الغصبى فى انه يجب ان يكون محكوما باحد الحكمين فيرجح فى مقامنا هذا جانب النهى والحرمة فى صورة العلم بالغصب لعدم البدل له بخلاف الوجوب فان له البدل ويرجح جانب الوجوب فى مورد الجهل لان تزاحم الحكمين اذا كان من جهة القدرة فيه علم المكلف بهما لانه لو علم بهما فيتزاحم الخطابان فى قدرة المكلف وكل منهما يجر قدرة المكلف الى نفسه ويشغله عما عداه بخلاف ما لو جهل باحدهما فان المجهول غير قابل للشاغلية من نفسه فضلا عن شاغلية عما عداه ومن هذا البيان ظهران الحكم بصحة الصلاة فى الدار المغصوبة مع الجهل بالغصب لا وجه له الا بعد البناء على الجواز من الجهة الاولى اى الجهتان تقييديتان وإلّا لو قلنا بالامتناع فلازمه التقييد الواقعى وخروج الجمع عن اطلاق الامر لانه من صغرويات النهى فى العبادة ولا فرق بين علم المكلف وجهله بين ان يكون هنا بدل عرضى او طولى او لم يكن له بدل كك فترجيح ما ليس البدل والحكم بالصحة فى مورد الجهل يناسب ان يكون النزاع فى الجهة الثانية

١٥

(وبالجملة) الفرق بين علم المكلف وجهله يصح فى باب تزاحم الحكمين فى خصوص القدرة لا فى تزاحمهما مطلقا ولو من غير جهة القدرة كتزاحم الزكاتين او الخمس والزكاة ولا فى تزاحم الملاكين فان فيه بين علم الجاهل وجهله فرق فى تأثير الملاك كان مكلف فى العالم او لم يكن كان عالما او جاهلا فتدبر فى اطراف ما ذكرنا ليظهر لك ما ذكره الاعلام كما فى التقرير والكفاية.

اذا عرفت ذلك فنقول الاقوال فى الجهة الاولى ثلاثة الامتناع مطلقا والجواز كذلك والجواز عقلا والامتناع عرفا اما التفصيل فلا وجه له اصلا لانه بعد تسليم القائل بالجواز عقلا اى ان الجهتين تقييديتان فلا وجه للامتناع عرفا لانه رجع كلامه الى ان العرف يعدون المجمع واحدا ففيه ان نظر العرف متبع فى المفاهيم لا فى تعين المصاديق ولو رجع الى ان العرف يفهمون من الخطاب كذلك اى المجمع خارج من اطلاق الامر ففيه مع تسليم اختلاف متعلق الامر مع متعلق النهى عقلا لا وجه لاخراجه من اطلاق الامر بلا قرينة الا عدهم اياه واحدا فيرجع الى تعين المصاديق بانظارهم فالعمدة ذكر ادلة القولين الآخرين وقد ذكر للجواز ادلة غير صحيحة لا باس بالاشارة اليها اجمالا وذكر ما فيهما منهما ما بنى عليه المحقق القمى قده من ان متعلق الاحكام هو الطبائع والطبيعتان مختلفتان والفرد الجامع مقدمة للطبيعة المأمور بها ومقدمة الواجب لبست واجبة فلم يجتمع الامر والنهى فى شيء واحد اصلا وفيه ما لا يخفى لان الفرد هو المامور به سواء قلنا بوجود الكلى الطبيعى او لم نقل اما بناء على وجوده لان الفرد عين الكلى واما بناء على عدم وجوده لان الامر المتعلق بالطبائع انما هو بلحاظ منشإ انتزاعها وليس منشأ انتزاعها إلّا الفرد وبالجملة المقدمة ما يتوقف عليه غيره فى الوجود الخارجى فلا بد لهما من وجودين متغايرين يترتب احدهما على الآخر واين هذا مما هو متحد مع الفرد او منتزع

١٦

منه بحيث يصح حمل كل منهما على الآخر ومنهما ما يظهر منه ايضا ومن غيره ان متعلق الامر طبيعة الصلاة ومتعلق النهى طبيعة الغصب وقد اوجدهما المكلف بسوء اختياره فى شخص واحد ولا يرد من ذلك قبح على الامر لتغاير متعلق المتضادين وفيه ان اصل الاشكال هو اجتماع الحكمين فيما يوجده المكلف لان الاوامر والنواهى لا يمتثلهما نفس المولى الآمر والناهى فاذا كان ما اوجده المكلف واحدا وكان الامر المطلق على الفرض متعلقا بهذا ايضا وكان النهى المطلق كذلك فيتعلق الامر بعين ما يتعلق به النهى وبالعكس.

ومنها ما يقال من ان الاحكام من قبيل الاعراض الذهنية فمتعلقها امر ذهنى كتعلق الكلية والنوعية بالانسان المعبر عنها بالمعقولات الثانوية التى ظرف اتصافها وعروضها فى الذهن والاعراض الذهنية متغايرات فى العامين من وجه وان كانت متحدات فى الاعم المطلق فان الخاص هو العام مع زيادة.

وبالجملة بين العامين من وجه تباين ، تباين فى الذهن والاجتماع والتصادق فيما هو الخارج عن متعلق الحكم وفيما يوجده المكلف وليس هو متعلق الحكم بل هو مسقط عنه ؛ وفيه ما لا يخفى فان متعلقات الاحكام ليست هو المفهوم المتصور والمدرك العقلانى المجرد سواء اريد منه بوصف وجوده فى الذهن الذى هو جزئى ذهنى او اريد منه المجرد من حيث وجوده فى الذهن المعبر عنه بالكلى العقلى الذى هو مجموع العارض والمعروض من الطبيعى والمنطقى لان المفاهيم يؤخذ فى متعلقات الاحكام بما هى حاكيات عن الخارجيات لا بما هى بانفسها فمتعلقات الاحكام هى الخارجيات.

(ومنها) ما ذكره بعض الاساطين من ان متعلق الحكم هو المفاهيم بلحاظ حكايتها عن الخارجيات قبل الوجود اى الماهية المعراة عن الوجود لان الآمر يأمر بما هو غير حاصل ففى ظرف الحكم لا اجتماع وفى ظرف السقوط ايضا

١٧

كذلك فاين اجتماع وبعبارة واضحة ماهية الانسان لها لحاظات متعددة لحاظ انها متصفة بالكلية ولحاظ وجودها فى الذهن ولحاظ وجودها فى الخارج وفى هذا اللحاظ ايضا لها لحاظان لحاظ حملها على افرادها ولحاظ نتيجة الحمل وفى لحاظ الحمل لا بد ان يتجرد عن المتحد معها لان حمل شيء على شيء لا بد ان يكون بينهما متغايرة فى الجملة فالانسان المحمول على زيد هو الانسان المجرد عن انه زيد فهو غير زيد والاحكام وإن كانت متعلقة بالماهيات بلحاظ حكايتها عن الخارجيات إلّا ان متعلقاتها هى الخارجيات لكن بلحاظ تجردها عنها.

(وفيه اولا) ان هذا التجريد انما هو فى طرف الموضوع لا فى المحمول اى يجرد الزيد عن هويته ويحمل عليه الانسان لا ان الطبائع تجرد عن هويتها فتحمل على الافراد

(وثانيا) ان متعلقات الاحكام ليست إلّا ما هو نتيجة الحمل كما سيجيء

(ومنها) ما ذكره استاذ استاذنا من ان متعلقات الاحكام وإن كانت الطبائع بلحاظ حكايتها عن الخارجيات إلّا انها متعلقات لها بوصف اللامتحصلية اى مع قطع النظر عن وجوداتها لانه يؤمر لتوجد ففى ظرف الحكم لا وجود لها حتى يجتمع مع ماهية اخرى التى بينهما عموم من وجه وبعد سقوطها بامتثال العبد ايضا لا اجتماع وفيه بعد ما ظهر ان متعلق الحكم نتيجة الحمل اى ارادة الامر تتعلق بما تتعلق به ارادة الفاعل وارادته تتعلق بما يصدر عنه بالارادة والامر الخارجى الصادر منه هو متعلق ارادته وهو بهذا المعنى نتيجة الحمل اى متعلقات الاحكام بعينها هى متعلقات الارادات الفاعلية وما هو متعلق ارادته فاعلا ما هو بالحمل الشائع الصناعى انه فعله فمتعلق ارادته انشاء كذلك.

(فنقول) ان كون متعلق الحكم هو الغير المتحصل ليس بمعنى كونه

١٨

مقيدا بعدم تحصله بل بمعنى فى حال عدم تحصله ولا ينافى ان يتعلق الامر بما هو غير حاصل وان يكون ما يحصل من العبد هو المامور به بل لا بد ان يكون كذلك لان ارادة العبد يجب ان تكون ناشئة من ارادة المولى ويجب ان يكون العبد منبعثا عن بعثه فلو لم يتعلق بعث المولى بما يوجده العبد فمن اين ينبعث العبد وبعبارة واضحة هو (قده) اسقط حال امتثال العبد واكتفى بمغايرة المتعلقين قبل امتثاله وبعده الذى هو ظرف السقوط فنقول حال الامتثال لا محالة يكون الخطاب موجودا لان الخطاب فى حال عصيانه وامتثاله موجود اى الحال الذى هو الحال فى باب المشتق يجب ان يكون الخطاب موجودا فالخطابان فى حال الاتيان بالمجمع موجودان ويكفى للامتناع اجتماعهما فى هذا الحال وان تفارقا قبل الامتثال وبعد السقوط وقد ذكر للامتناع وجوه احسنها ما فى الكفاية فانه (قده) بنى الامتناع على اربع مقدمات لو تمت لتم المدعى لكن الكلام فى تماميتها.

(اما المقدمة الاولى) فلا اشكال فيها لان الاحكام باسرها متضادة ولا يمكن اجتماع حكمين منها ولو بالاطلاق فى متعلق واحدة.

(واما المقدمة الثانية) فعدم كون متعلق الاحكام اسما لافعال المكلف ففى غاية الوضوح واما عدم كونه عناوين افعاله مطلقا فغير تام اما العناوين المتأصلة كعنوان الطبيعى كالانسان فليس إلّا هو المتعلق للتكليف لان عنوان الشىء عبارة عن حقيقة وهويته واما العناوين الانتزاعية المنتزعة عن ذوات الاشياء كالعلية والمعلولية او عن قيام عرض بمحل كعنوان التقدم والتاخر والقبلية والبعدية والاولية والآخرية التى لو لا انتزاعها لما كانت بحذائها شيئا فى الخارج وكانت خارج المحمول فيمكن ان تكون هى متعلقا بالأحكام لانها داخلة تحت قدرة المكلف لقدرته عن منشإ انتزاعها ولذا

١٩

يتعلق التكليف بالتقدم والتاخر وامثالهما وبالجملة الشاهد على هذا قولهم ان متعلق التكليف لو كان العنوان الانتزاعى لكان اجراء الاستصحاب فى منشإ انتزاعه بالنسبة اليه مثبتا.

(اما المقدمة الثالثة) وهى ان تعدد الوجه والعنوان لا يوجب تعدد المعنون فقد ذكرنا ما فيه فى الامر الثالث.

(واما الرابعة) فنقول ان الموجود الواحد بالعدد له ماهية واحدة عددية واما ان كل واحد بالعدد فهو واحد بالهوية فهو اول الكلام لامكان اجتماع ماهيتين متباينتين موجودتين فى وجود واحد عددى فيكون تركيبهما فيه انضماميا ويمكن ان يكون التركيب اتحاديا فاخذ محل النزاع هو المدعى لا يفيد فى اثبات الدعوى.

(والحق هو الجواز) وتنقيحه يتوقف على رسوم امور (الاول) ان العنوانين المجتمعين من حيث الايجاد والوجود فى مجمع واحد اللذين بينهما عموم من وجه من حيث الايجاد والاصدار لا من حيث الوقوع اذا كانا عرضين فاما يكونا من مقولة واحدة او من مقولتين فاذا كانا من مقولة واحدة فيجب ان يكون بينهما ترتب وطولية واذا كانا من مقولتين فيجب ان يكون احدهما من مقولة النسبية وتوضيح ذلك ان اهل المعقول قسموا الممكن الى جوهر وعرض وقسموا الاعراض الى تسع الكم والكيف والفعل والانفعال والاين والمتى والوضع والجدة وهو الملك والاضافة بالمعنى الاخص وجعلوا منها ما لا يتوقف تعقله وتصوره على امر آخر كالكم والكيف ومنها ما يتوقف تعقلها على تعقل ماهية اخرى وعبروا عن القسم الاول بالاعراض الغير النسبية وعن الثانى بالاعراض النسبية.

ثم ان الماهية التى يتوقف تصور العرض النسبى الى تصورها اعم من ان

٢٠