إعراب القراءات السبع وعللها - ج ٢

الحسين بن أحمد بن خالويه الهمذاني النحوي الشافعي

إعراب القراءات السبع وعللها - ج ٢

المؤلف:

الحسين بن أحمد بن خالويه الهمذاني النحوي الشافعي


المحقق: الدكتور عبدالرحمن بن سليمان العثيمين
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مكتبة الخانجي
الطبعة: ١
ISBN الدورة:
977-5046-07-6

الصفحات: ٦٧٣
الجزء ١ الجزء ٢

اللهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ) ورفعنا ذكرك [٤] إذا قال المؤذن أشهد أن لا إله إلّا الله قال : أشهد أنّ محمّدا رسول الله.

حدّثنى أبو الأزرق قال : حدّثنى حميد بن الرّبيع قال : حدّثنا سفيان عن ابن أبى نجيح عن مجاهد فى قوله تعالى : (وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ) قال : لا أذكر إلا ذكرت معى أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمّدا رسول الله.

١ ـ وقوله تعالى : أنّ (مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً) [٥].

اتّفقت القراّء السّبعة على تسكين السّين ، وإنّما ذكرته لأنّ أبا جعفر المدنىّ ويحيى بن وثاب قرءا (١) : مع العُسُر يُسُرا بضمتين ضمتين فى كلا الحرفين. وقال ابن عباس : لا يغلب يسرين عسر واحد ، فأنبا أن هاهنا يسرين اثنين ، وعسرا واحدا ، وإن كانت فى اللّفظ أربعة ، ومعنى ذلك فى العربية وتقديره : أن العرب إذا ذكرت اسم المنكور ثم أعادته بالألف واللام كقولك : كسبت درهما وأنفقت الدّرهم الذى كسبته. فلو كان اليسر الثانى هو الأول لأدخلت عليه الألف واللام فكنت قائلا : وإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا. إن مع العسر اليسر ، فلما كرر بغير ألف ولام دل على أن الثانى غير الأول. وهذا دقيق من علم القرآن. وإنما فتقها ترجمان القرآن ببركة دعاء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم / له وبأن يعلمه كتاب الله.

وقال ابن مجاهد : ما قرأ أحد إلا (فَإِذا فَرَغْتَ فَانْصَبْ) [٧] بفتح الزّاى. فأمّا العرب فمنهم من يقول فرغ يفرغ مثل سجد يسجد ، وفرغ يفرغ مثل دبغ يدبغ ، وفرغ يفرغ مثل قبل يقبل ، وفرغ يفرغ مثل ضرب يضرب ، (١) تفسير الطبرى : ٣٠ / ٣٣٥ ، وزاد المسير : ٩ / ١٦٣ والدر المنثور : ٦ / ٣٦٤.

__________________

(١) القراءة فى إعراب القرآن للنحاس : ٣ / ٧٢٩ ، والبحر المحيط : ٨ / ٤٨٨ ، والنشر : ٢ / ٢١٦.

٥٠١

وفرغ يفرغ مثل شرب يشرب كلّ ذلك صواب بحمد الله. والمعنى : فإذا فرغت من الصلاة فانصب للدّعاء وارغب إلى ربّك. وكان شريح يذهب إلى أن العبد يجب عليه أن يرغب إلى ربه وينصب فى كل حال إذا كان فارغا من صلاة وغيرها.

حدّثنى ابن مجاهد عن السّمّرىّ عن الفراء ، قال (١) : حدّثنى قيس [بن الربيع] عن أبى حصين ، قال : مرّ شريح برجلين يصطرعان فقال : ليس بهذا أمر الفارغ ، إنّما قال تعالى : (فَإِذا فَرَغْتَ فَانْصَبْ). حدّثنى أحمد بن عبدان عن على عن أبى عبيد (٢) : «أنّ النّبي عليه‌السلام مرّ بقوم يربعون حجرا ، فقال : ما هذا؟ قالوا : حجر الأشدّاء قال : أولا أدلكم على أشدكم ، من ملك نفسه عند الغضب». قال : أبو عبد الله وصدق رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم. ومثله إنّ العرب تقول (٣) : (الغضب غول الحليم) أى : هلاكه ، ومعنى يربعون حجرا : الربع : الإشالة ليعلم بذلك قوة الإنسان من ضعفه ، ويقال للعصا الذى تحمل بها الجوالق : المربعة ، وينشده (٤) :

أين الشّاظان وأين المربعه

وأين وسق النّاقة المطبّعه

__________________

(١) معانى القرآن : ٣ / ٢٧٦ ، وتفسير القرطبى : ٢٠ / ١٠٩ ، وشريح المذكور هنا : لعله شريح ابن الحارث بن قيس بن الجهم الكندىّ قاضى الكوفة (ت ٨٠ ه‍). أخباره فى طبقات ابن سعد : ٦ / ١٣١ ، وأخبار القضاة لوكيع : ٢ / ١٨٩ ، وتهذيب التهذيب : ٤ / ٣٢٨.

(٢) غريب الحديث لأبى عبيد : ١ / ١٣٤ (مجمع اللغة).

(٣) مجمع الأمثال : ٢ / ٦١ ، والمستقصى : ١ / ٣٣٧.

(٤) أنشدهما ابن دريد ـ رحمه‌الله ـ فى الاشتقاق : ٦٧ ، ٣١٢ ، والجمهرة : ٣١٧ ، ١١٨٤ ، ـ

٥٠٢

ويروى : (الجلنفعه) (١) وتفسير هذا البيت فى كتاب [......](٢).

* * *

__________________

ـ وينظر. العين : ٢ / ١٣٤ وغريب الحديث : ١ / ١٧ ، ومعجم المقاييس : ٢ / ٤٨١ ، ٣ / ١٦٧ ، ٤٣٩ ، والمخصص : ٧ / ٥٩ ، والصحاح واللسان والتاج : (شظظ ، ربع ، طبع) والأول فى المجمل : ٤٩٧ ويروى : (هات) بدل (أين) فيهما.

(١) هى رواية ابن دريد وهى فى اللسان (جلفع).

(٢) كلمتان لم أحسن قراءتهما.

٥٠٣

(ومن سورة التين)

قال أبو عبد الله : اختلف الناس فى تفسير هذه السورة وأقسام الله تعالى أقسم فقال / قائلون هو تينكم هذا ، وزيتونكم هذا.

وقال آخرون (١) : التّين : جبل ينبت التّين ، والزّيتون : جبل ينبت الزّيتون.

وقال آخرون : هما جبلان بالشّام (٢).

وقال آخرون : مدينتان بالشّام دمشق وفلسطين (٣).

وقيل فى قوله تعالى (٤) : (وَآوَيْناهُما إِلى رَبْوَةٍ ذاتِ قَرارٍ وَمَعِينٍ) قال : دمشق.

وحدّثنى أحمد بن العبّاس عن محمد بن هارون بن يحيى بن زياد فى قوله تعالى : والتّين والزّيتونَ [١] قال : هى جبال ما بين حلوان وهمذان (٥).

__________________

(١) معانى القرآن : ٣ / ٢٧٦ ، فى زاد المسير : ٩ / ١٦٩ «قاله عكرمة فى رواية ، وروي عن قتاده.

(٢) معانى القرآن : ٣ / ٢٧٦ ، فى زاد المسير : ٩ / ١٦٩ «والخامس : أنهما جبلان قاله عكرمة فى رواية ، وروى عن قتادة قال : التين : الجبل الذى عليه دمشق ، والزيتون : الجبل الذى عليه بيت المقدس».

(٣) معانى القرآن : ٣ / ٢٧٦ ، فى زاد المسير : ٩ / ١٦٩ ، «التين مسجد دمشق والزيتون بيت المقدس قاله كعب وقتاده وابن زيد».

(٤) سورة المؤمنون : آية : ٥٠ ، وقد تقدم ذلك

(٥) فى إعراب ثلاثين سورة : ١٢٨ : «حدثنى ابن مجاهد قال : حدّثنا محمد بن هارون عن الفرّاء قال : والتين والزّيتون جبلان ما بين همذان إلى حلوان» وفى معانى القرآن للفرّاء : ٣ / ٢٧٦ : «التين : جبال ما بين حلوان إلى همذان. والزيتون : جبال الشام ...» ـ

٥٠٤

فأقسم الله بهما ، والاختيار أن يكون الإقسام يقع على اسمه تعالى ، والتقدير : ورب التّين والزّيتون. وطور سينين : وهو الجبل الذى كلّم الله عليه موسى عليه‌السلام وسينين : وهو الحسن ، وكلّ حسن عندهم : سينين.

وقال آخرون : كلّ جبل مثمر يقال له : سينين.

واجتمع القراء السّبعة على كسر السّين من (سِينِينَ). وكان أبو عمرو يحتج بأن سينين وسيناء واحد ، وإنما زادوا النون لرؤوس الآى.

وقرأ : وطور سَيْنين [٢] عبد الله بن أبى إسحق ، وعيسى الثّقفى (١).

وفيها قراءة ثالثة (٢) : وطور سينا* (وَهذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ) [٢ ، ٣] يؤثر ذلك عن عمر بن الخطاب رضى الله عنه لقد خلقنا الإنسانٍ [٤] جواب القسم ، والإنسان ـ هاهنا ـ محّمد عليه‌السلام ، وقيل : آدم عليه‌السلام وقيل : كلّ إنسان لأنّ الله تعالى خلق الجماد والحيوان من طائر وبهيمة فأحسن ما خلق الإنسان فى أحسن صورة (ثُمَّ رَدَدْناهُ أَسْفَلَ سافِلِينَ) [٥] قيل : الكفار ، وقيل : أبو جهل بن هشام وقيل : كلّ إنسان إذا هرم وشاخ فقد رد إلى أرذل العمر ، وهو تفسير أسفل سافلين ، ويقال : كلّ مسلم وإن رد إلى

__________________

ـ وينظر : زاد المسير : ٩ / ١٦٩.

قال الفرّاء ـ رحمه‌الله ـ فى أول شرح هذه الآية : «قال ابن عباس هو تينكم هذا وزيتونكم ...» وينظر : معانى القرآن وإعرابه للزجاج : ٥ / ٣٤٣ ، وتفسير القرطبى : ٢٠ / ١١٣.

(١) البحر المحيط : ٨ / ٤٧٩ ، ٤٨٠.

(٢) القراءة فى معانى القرآن وإعرابه : ٥ / ٣٤٣ ، وزاد المسير : ٩ / ١٧٠ ، وتفسير القرطبى : ٢٠ / ١١٣ ، والبحر المحيط : ٨ / ٤٩٠.

٥٠٥

أرذل العمر / فنقص عمله من أعمال البر كتب له ذلك مثل ما كان يعمل فى شبيبته ؛ لأنه أسير الله فى أرضه ، فلذلك استثنى ، فقال : (إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ) [٦] ، أى : لا يمن عليهم ، والكافر إذا شاخ وختم له بالشرك ولج النار ؛ لأنه يموت والله عليه غضبان (أَلَيْسَ اللهُ بِأَحْكَمِ الْحاكِمِينَ) [٨] بأن يحكم بينك يا محمد وبين كفّار أهل مكة حين آذوك حتى أخرجوك من وطنك. فكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إذا قرأ هذه الآية : أليس الله بأحكم الحّاكمين قال : سبحانك اللهمّ بلى (١).

* * *

__________________

(١) الدّر المنثور : ٦ / ١٦٧.

٥٠٦

(ومن سورة العلق)

قال أبو عبد الله : خمس آيات من أول هذه السّورة أول ما أنزل من القرآن ، وآخر ما نزل من القرآن (١) : (وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللهِ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ) [١] جزم بالأمر ، [والسّكون] علامة الجزم وسكون الهمزة (بِاسْمِ رَبِّكَ) يا محمد الواحد (الَّذِي خَلَقَ) يعنى الإنسان ، خلقه من علق ، وهى النّطفة تكون عشرين ليلة ، ثم تكون علقة هذا قول.

وقال آخرون : النّطفة تصير فى البدن أربعين ليلة ، ثم تصير علقة ، وجمعها علق ، وهو الدّم ، ثم أربعين مضغة. وقد ذكرت فى أول قد أفلح.

فإن قيل لك : لم قيل فى هذه السّورة (مِنْ عَلَقٍ) وقيل هناك (الْعَلَقَةَ)؟

فقل : خزلت الهاء من آخر هذه لتوافق رؤوس الآى (بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ).

١ ـ وقوله تعالى : (أَنْ رَآهُ اسْتَغْنى) [٧].

فيه أربع قراءات :

قرأ حمزة والكسائى وأبو بكر عن عاصم وابن عامر برواية ابن ذكوان بالخلف أن رِآه استغنى / بكسر الراء.

وقرأ أبو عمرو برواية الدّورى بفتح الراء وكسر الهمزة.

__________________

(١) سورة البقرة : آية : ٢٨١.

٥٠٧

وقرأ الباقون : (أَنْ رَآهُ) بالفتح ، والأصل : رأيه على وزن رعيه ، فصارت الياء التى هى لام الفعل ألفا ؛ لانفتاح ما قبلها ، فصارت (أَنْ رَآهُ اسْتَغْنى) على وزن رعاه.

والقراءة الرابعة : قراءة ابن كثير فى رواية قنبل : أن رَّأه على وزن رعه.

قال ابن مجاهد : هو غلط ؛ لأنه حذف لام الفعل التى كانت ألفا مبدلة من الياء ، ويجوز أن الذى سمع ابن كثير يقرأ هذا الحرف لم يضبط عنه ، ولا ترجم عنه باستواء ، وكانت قراءته : (أن راءه استغنى) بتقديم الألف على الهمزة ثم يخفف الهمزة ويحذفها لالتقاء الساكنين. وهذه لغة مشهورة ، تقول العرب : راءنى وشاءنى ، وأنشد (١) :

[وكلّ خليل] راءنى [فهو قائل]

من اجلك هذا هامة اليوم أو غد

وقال آخر (٢) :

وسهو الفؤاد حتّى كأنّى

شارب علّ من رحيق مدام

أو وليد معلّل راء رؤيا

فهو يهذى بما يرى فى المنام

فهذا أشبه بقراءة الأئمة من أن يغلّط ؛ لأنّ القراءة والأئمة يختار لهم أو يحتجّ لهم لا عليهم.

__________________

(١) البيت لكثيّر فى ديوانه : ٤٣٥. وهو من شواهد كتاب سيبويه : ٢ / ١٣٠ ، والنكت عليه للأعلم : ٩٣٨. وأمالى ابن الشجرى : ٢ / ١٩ ، ومفردات القرآن : ٢٠٨ ، وعمدة الحفاظ.

(٢) الحجّة المنسوبة إلى ابن خالويه : ٣٤٦ الثانى منهما ، وتراجع قراءة الأول منها هكذا قرأته والله أعلم.

٥٠٨

وأجمع القراء فى هذه السّورة على تخفيف النون فى لنسفعن [١٥] والوقف (لَنَسْفَعاً) وإنّما ذكرته لأنّ ابن مجاهد حدّثنى عن الجمّال عن الحسن ، قال : حدّثنا أحمد عن شبل عن محبوب عن أبى عمرو ، وقال : حدّثنا سليمان عن أبى حاتم عن محبوب لنسفعنّ بالنّاصية (١) بتشديد النّون ، وهما لغتان تقول : اضربن زيدا ، أو اضربنّ زيدا ، فمن شدّد النون أثبتها فى الوقف ، وفى التّثنية والجمع ، فتقول : اضربان / واضربن. ومن خفّف النّون وقف بألف فقال : اضربا وحذفها فى التثنية. فأمّا النّون المشدّدة فى فعل جميع النّساء فإنك تحجز بين النونات بألف فتقول : اضربنانّ يا نسوة ، ومعنى (لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ) أو ليسوّدن وجهه. وقيل : لنأخذن بناصيته. وإنّما كنّى عن جميع الوجه بالنّاصية ؛ لأنّها فى مقدم الوجه كما قال تعالى (٢) : (فَيُؤْخَذُ بِالنَّواصِي وَالْأَقْدامِ) أى : يجعل وجهه بين رجليه ثم يقذف فى النّار ، نعوذ بالله منها.

* * *

__________________

(١) القراءة فى البحر المحيط : ٨ / ٤٩٥.

(٢) سورة الرحمن : آية : ٤١.

٥٠٩

(ومن سورة القدر)

١ ـ قوله تعالى : (حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ)

قرأ الكسائىّ وحده : حتّى مطلِع الفجر [٥] بكسر اللّام ، أراد به الموضع والاسم.

وقرأ الباقون : (مَطْلَعِ) بالفتح أرادوا المصدر حتّى طلوع الفجر ، تقول العرب : طلعت الشّمس مطلعا وطلوعا.

فإن قيل : بم خفضت حتّى مطلع الفجر وقد رأيت «حتّى» تنصب فى نحو قوله (١) : (حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ)؟

فالجواب فى ذلك أن «حتّى» إذا كانت غاية خفضت الاسم بإضمار «إلى» ونصب الفعل بإضمار «إلى» كقولك : دخلت البلاد حتّى الكوفة أى : حتّى انتهيت إلى الكوفة ، وإلى مطلع الفجر.

وأمّا الفعل فقولك : أسير حتّى أدخلها أى : إلى أن أدخلها وإلى أن يقول الرّسول. ولها وجوه قد بيّنتها فى سورة (البقرة) فالوقف على قوله : (مِنْ كُلِّ أَمْرٍ) [٤] ثم تبتدىء (٢) : (سَلامٌ) أى : هى سلام حتّى مطلع.

وقرأ ابن عبّاس (٣) : من كلّ امرىء سلام بالياء ، ويروى عن عكرمة مولاه أيضا كذلك.

__________________

(١) سورة البقرة : آية : ٢١٤.

(٢) إيضاح الوقف والابتداء : ٩٨١.

(٣) القراءة فى معانى القرآن للفراء : ٣ / ٢٨٠ ، وإعراب القرآن للنحاس : ٣ / ٧٤٥ ، والمحتسب : ٢ / ٣٦٨ ، وتفسير القرطبى : ٢٠ / ١٣٥.

٥١٠

وقال أهل التّفسير : (إِنَّا أَنْزَلْناهُ) [١] الهاء كناية عن القرآن وإن لم يتقدم ذكره ؛ لأنّ المعنى مفهوم أنزله الله من اللّوح المحفوظ إلى السّماء إلى / السّفرة [وهم] الكتبة من الملائكة. وكان ينزل جبريل عليه‌السلام إلى النّبى عليه‌السلام فى السنة كلها إلى مثلها من قابل حتى نزل القرآن كلّه فى شهر رمضان (إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ) ثم عظّم تعالى شأن هذه اللّيلة فقال : (وَما أَدْراكَ) يا محمد (ما لَيْلَةُ الْقَدْرِ) [٢] ثم قال : (لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ) [٣] ليس فيها ليلة القدر.

وقال الضّحّاك عن ابن عبّاس : (تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ) [٤] قال : الرّوح على صورة الإنسان. وهو قوله (١) : (يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ صَفًّا).

وقال آخرون : (تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ) الرّوح : جبريل عليه‌السلام ، كما قال تعالى (٢) : (نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ) لأنّه وإن كان من الملائكة فإنّه أفرد بالذّكر تعظيما له.

وقال آخرون : (تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ) يقال : إنّ جبريل عليه‌السلام تنزّل ومعه الملائكة فى ليلة القدر فلا يلقون مؤمنا ولا مؤمنة إلّا سلّموا عليه ، فعلى هذا التّفسير نصحح قراءة ابن عبّاس.

حدّثنا ابن مجاهد عن السّمرى عن الفرّاء (٣) عن حيّان عن أبى صالح عن ابن عبّاس أنه كان يقرأ : من كلّ امرىء بالياء.

* * *

__________________

(١) سورة النبأ آية : ٣٨.

(٢) سورة الشعراء آية : ١٩٣.

(٣) معانى القرآن : ٣ / ٢٨٠.

٥١١

(ومن سورة المنفكين)

قال أبو عبد الله : قوله تعالى : (لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ) [١] ، يعنى اليهود والنّصارى (وَالْمُشْرِكِينَ) يعنى مشركى العرب (مُنْفَكِّينَ) أى : منتهين عن الكفر ، والشّرك. وذلك أنه قال : أهل الكتاب متى يبعث الذى نجده فى كتابنا ، وتقول العرب (١) : (لَوْ أَنَّ عِنْدَنا ذِكْراً مِنَ الْأَوَّلِينَ لَكُنَّا عِبادَ اللهِ الْمُخْلَصِينَ).

١ ـ وقوله تعالى : (حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ) [١] محمّد صلى الله عليه (وَما تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ) [٤] فى / أمر محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم (إِلَّا مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ) [٤] لأنّه عليه‌السلام كان معهم فى كتبهم. فلما بعثه الله من غير ولد إسحق حسدوه ، واختلفوا (٢)(فَلَمَّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ).

٢ ـ و [قوله تعالى] (مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ) [٥].

إجماع القرّاء على كسر اللّام أى : أخلص الله الدّين فهم مخلصون ، وإنما فتح اللّام فى (مُخْلِصِينَ) الحسن البصرى فى رواية الأشهر عنه ، فيكون معناه : أخلصهم الله فهم مخلصون بالدّين ، وجعلهم الله مخلصين بالدين. والقراءة هى الأولى.

ومن الشّواذّ أيضا فى هذه السّورة (٣) أولئك هم خيار البريّة [٧] كذلك قرأها أبو الأسود الدّؤلىّ بالجمع.

__________________

(١) سورة الصافات : الآيتان : ١٦٨ ، ١٦٩.

(٢) سورة البقرة : آية : ٨٩.

(٣) القراءة فى المحتسب : ٢ / ٣٦٩ ، والبحر المحيط : ٨ / ٤٩٩ وقرأ بها عامر بن عبد الواحد وحميد.

٥١٢

٣ ـ ومنها قوله [تعالى] : (خَيْرُ الْبَرِيَّةِ) [٧] (شَرُّ الْبَرِيَّةِ) [٦].

قرأ نافع وابن عامر : البريئة بالهمز من برأ الله الخلق يبرؤهم ، والله البارىء المتعالى ، والخلق مبرؤون.

وقرأ الباقون : (الْبَرِيَّةِ) بتشديد الياء ، فيجوز أن يكونوا أرادوا الهمز فتركوا. ويجوز أن يأخذه من البرى وهو التّراب ، كما قال (١) :

* بفيك من سار إلى القوم البرى*

تقول العرب : «بفيه الحجر» (٢) و «بفيه التّراب» (٣) و «بفيه التّورب» ، و «التّيرب» ، و «البرى» ، و «الكثكث» (٤) و «الكلحم» (٥) ،

__________________

(١) جاء فى المستقصى : ٢ / ١٢ ، «... أى : التّراب ... قال مدرك بن حصن الأسدىّ :

ماذا ابتغت حبّى على حلّ العرى

أحسبتنى جئت من وادى القرى

بفيك من سار إلى القوم البرى

وينظر : مجمع الأمثال : ١ / ٩٦ ، وآخر سمط اللآلى (الاستدراكات) : ٢٩ وتمثال الأمثال : ٣٨٢ ، وفى مجمع الأقوال لابن العكبرى : ورقة ٦٦ «بفيه البرى وعليه الدّبرى وحمى خيبرى وشرّ ما يرى فإنه خيسيرى». وينظر : اللسان (برى.

(٢) المستقصى : ٢ / ١٢ ، وتمثال الأمثال : ١ / ٣٨٢.

(٣) أنشد ابن العكبرىّ فى مجمع الأقوال :

كلانا يا معاذ يحبّ ليلى

بفىّ وفيك من ليلى التّراب

والتّورب والتّيرب : لغات فى التّراب ، ويقال أيضا : التّوراب والتّيراب.

(٤) المستقصى : ٢ / ١٢ ، وتمثال الأمثال : ٣٨٢ ، ومجمع الأقوال لابن العكبرى : ٦٦ ، وأنشد :

منّوك أن تطلقى أو تربثى

بفيك من ذاك تراب الكثكث

وينظر اللّسان : (كثث).

(٥) تهذيب اللّغة : ٥ / ٣٠٧ «وقال اللّحيانى : الكلحم والكلمح هو التّراب». ـ

٥١٣

و «الأثلب» (١) ، أى : التّراب.

والاختيار لمن قرأ هذه السّورة أن يقف عند رأس كلّ آية نحو (الْبَيِّنَةُ) ، و (مُطَهَّرَةً) و (الْقَيِّمَةِ) و (الْبَرِيَّةِ) ونحوها إلّا حرفا. فإنى رأيت الحذّاق من القراء يقفون عليه بسكتة خفيفة ، ثم يصلونه ، (وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ) [٥]. وإنّما فعلوا ذلك لأنّ الوقف عليه حسن لا تامّ.

* * *

__________________

ـ وزاد صاحب اللسان : «وحكى اللّحيانى : بفيه الكلحم والكلمح فاستعمل فى الدّعاء كقولك وأنت تدعو عليه : التّرب له».

(١) المستقصى : ٢ / ١٢ ، وتمثال الأمثال : ١ / ٣٨٢ ، وفى مجمع الأقوال لابن العكبرى : ٦٦ «فتات الحجارة».

٥١٤

(ومن سورة الزّلزلة)

١ ـ قوله تعالى : (إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزالَها) [١].

زلزالها : يوم القيامة من شدّة / صوت إسرافيل عليه‌السلام فيضطربون حتى ينكسر كلّ شىء من شدّة الزّلزلة. فقرأ (زِلْزالَها) لأنّه مصدر (فعلل) وكلّ فعل رباعى نحو هملج ، وقرطس ، وسرهف ووسوس ، ودحرج مصدره على وجهين فعللة ، وفعلال لا ينكسر. وتقول إذا زلزلت الأرض زَلزالها.

وقرأ بذلك عاصم الجحدرى (١) بفتح الزّاى جعله اسما لا مصدرا ، وليس فى كلام العرب (فعلال) إلّا مضاعف نحو الزّلزال ، وهى البلاء والبلبال والكلكال ، وهو الصدر إلّا قولهم : ناقة بها خزعال أى : ضلع وغمز فى رجلها.

٢ ـ وقوله تعالى : (خَيْراً يَرَهُ) [٧] ، و (شَرًّا يَرَهُ) [٨].

بفتح الياء إجماع ، والأصل : يراه. فذهب الألف للجزم و (خَيْراً) تنصب على التّفسير. ومعناه : فمن يعمل مثقال ذرّة من شرّ من الكفار يره يوم القيامة. فأمّا الموحّد فإن الشر إذا عمله مثقال ذرة فالصغار من الذنوب يكفر عنه لاجتنابه الكبائر كما قال تعالى (٢) : (إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ) أى : الصغائر من الذّنوب.

واختلف الناس فى الكبائر (٣) : فقيل : الشّرك بالله ، وقتل النّفس التى

__________________

(١) القراءة فى إعراب القرآن للنحاس : ٣ / ٧٥٢ ، وتفسير القرطبى : ٢٠ / ١٤٧ ، والبحر المحيط : ٨ / ٥٠٠.

(٢) سورة النساء : آية : ٣١.

(٣) تقدم مثل هذا.

٥١٥

حرم الله ، وشرب الخمر ، وعقوق الوالدين ، والفرار من الزّحف. وقيل : ما نهى الله عنه فى كتابه فهو كبيرة ، وما سكت عنه فهو صغيرة.

وقال آخرون : ما أشبه من الذّنوب الكبائر فهو كبيرة ، وما أشبه الصغائر فهو صغيرة ، فأكبر الكبائر الشّرك بالله ، وأصغر الصّغائر النّظرة ، واللّمحة. ويجب على هذا القياس أن يكون بإزاء الكبائر ، والصّغائر أعلى / البر فأعلى ذلك شهادة أن لا إله إلا الله ـ وأصغره ـ إماطة الأذى عن الطّريق.

وسمعت القاضى أبا عمران يقول : أكبر من الشرك بالله ادّعاء فرعون الرّبوبية حيث قال (١) : (أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى).

٣ ـ وأما قوله : (لِيُرَوْا أَعْمالَهُمْ) [٦].

فقرأه النّاس جميعا بضمّ الياء على ما لم يسمّ فاعله ، واسم ما لم يسم فاعله الواو ، وأعمالهم خبر ما لم يسمّ فاعله ، كما تقول : ليعطوا درهما ، وليكسوا ثوبا ، وإنما ذكرته لأنّ ابن مجاهد قال : قرأ قتادة ، وحمّاد بن سلمة ليَروا أعملهم بفتح الياء فجعل الفعل لهم ، ووزنه من الفعل ليفعلوا والأصل : ليرأيوا فحذفوا الهمزة تخفيفا بعد أن نقلوا فتحتها إلى الراء ، واستثقلوا الضمة على الياء فحذفت فالتقى ساكنان الواو ، والياء فذهبت الياء لالتقاء الساكنين ، والأصل فى (لِيُرَوْا) يرأيوا فعمل به ما عمل بالأول.

٤ ـ وقوله تعالى : (شَرًّا يَرَهُ) [٨].

قرأ ابن كثير وحمزة والكسائى ونافع وأبو عمرو وابن عامر يرهو مشبعا. وكذلك حفص عن عاصم.

وروى هشام ابن عامر ، وعاصم فى رواية الكسائى عن أبى بكر شرّا يرْه ساكنا ، وخيرا يرْه مثله جزما وقد ذكرت علة ذلك فى (آل عمران).

* * *

__________________

(١) سورة النازعات : آية : ٢٤.

٥١٦

(١) وحدّثنى محمّد بن عبد الواحد عن ابن الطّوسى عن أبيه عن اللّحيانى عن الكسائى قال : سمعت أعرابيا يقرأ إنّ الإنسن لربهْ لكنود بجزم الهاء.

وسمعت آخر يقرأ : (لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ) باختلاس الحركة.

قال الكسائىّ : والإشباع والاختلاس والسّكون فى الهاء لغات ثلاث كلّهن صواب والا / ختيار : الإشباع (٢).

* * *

__________________

(١) (١ ـ ١) هذا الكلام حقه أن يكون فى موضعه من سورة العاديات ولا أدرى لماذا أورده المؤلف أو الناسخ هنا؟!

(٢) (١ ـ ١) هذا الكلام حقه أن يكون فى موضعه من سورة العاديات ولا أدرى لماذا أورده المؤلف أو الناسخ هنا؟!

٥١٧

(ومن سورة العاديات)

قرأ أبو عمرو وحده : والعادّيتْ ضَّبحا فالمغيراتْ صُّبحا [١ ، ٣] بإدغام التّاء عند الضّاد ، والصّاد.

والباقون يظهرون ذلك. فمن أدغم مال إلى التّخفيف ؛ لقرب التّاء من هذه الحروف ، وسكون الثّاء ، ومن أظهر فعلى الأصل والعاديات : الخيل.

وسئل ابن عبّاس عن العاديات ، فقال : الخيل ، فقال له علىّ رضى الله عنه : إنّها الإبل ، فأىّ خيل كان معنا يوم بدر؟ إنّما كان فرس كان عليها المقداد (١).

قال ابن عبّاس : فنزعت عن قولى ، ورجعت إلى قول علىّ و (ضَبْحاً) تنصب على المصدر أىّ : تضبح ضبحا ، ومن جعل العاديات الإبل قال : والعاديات ضبعا أى : قد ضبعها فى السّير فأبدلت من العين حاء.

__________________

(١) الخبر أكثر تفصيلا فى تفسير الطبرى : ٣٠ / ٢٧٧ ، وتفسير القرطبى : ٢٠ / ١٥٥. وينظر سبب نزول هذه السورة فإن ظاهره يعارض روى عن عليّ رضي الله عنه والله تعالى أعلم وما ذهب إليه ابن عباس رضى الله عنه من أنها الخيل قال عنه البغوى فى تفسيره : هذا قول أكثر المفسرين ، وقال الطبرى : قال عامة المفسرين وأهل اللغة. واحتج بكثير من الشواهد الشرعية على أن : العاديات الخيل لا الإبل وأن الضّبح : صوت أجواف الخيل .. والتى تثير النقع هى الخيل ، قال حسان :

عدمنا خيلنا إن لم تروها

تثير النّقع موعدها كداء

وما ذكره المؤلّف فى آخر السّورة أنها سرية إلى خيبر يعارض هذا ...؟! والله تعالى اعلم.

٥١٨

كما قرأ ابن مسعود (١) : أفلا يعلم إذا بحثر ما فى القبور [٩] وفى قراءاتنا (بُعْثِرَ) قال الطّائىّ (٢) :

عدتنى عنكم غربة النّأى والنّوى

لها طربة فى أن تمرّ ولا تحلى

إذا لحظت حبلا من الحىّ محصدا

رمته فلم يسلم بقتل على قتل

أتت بعد هجر من حبيب تبعثرت

صبابة ما أبقى الصّدود من الوصل

__________________

(١) القراءة فى معانى القرآن : ٣ / ٢٨٦ ، وتفسير القرطبى : ٢٠ / ١٦٣ ، والبحر المحيط : ٨ / ٥٠٥.

(٢) هو أبو تمام حبيب بن أوس الطائى ، والأبيات فى ديوانه بشرح التّبريزى : ٤ / ٥٢٢ ، من قصيدة يصف تعذر الرزق عليه بمصر أولها :

أصب بحميّا كأسها مقتل العذل

تكن عوضا إن عنّفوك من التّبل

وكأس كمعسول الأمانى شربتها

ولكنّها أجلت وقد شربت عقلى

إذا عوتبت بالماء كان اعتذارها

لهيبا كوقع النّار فى الحطب الجزل

إذا هي دبّت بالفتى خال جسمه

لما دبّ فيه قرية من قرى النّمل

إذا ذاقها وهى الحياة رأيته

يعبّس تعبيس المقدّم للقتل

ثم قال :

فجاد دمشقا كلّها جود أهلها

بأنفسهم عند الكريهة والبذل

سقاهم كما أسقاهم فى لظى الوغى

ببيض صفيح الهند والسّمر الذّبل

فلم يبق من أرض البقاعين بقعة

وجاد قرى الجولان بالمسبل الوبل

بنفسى أرض الشّام لا أيمن الحمى

ولا أيسر الدّهنا ولا وسط الرّمل

فلم أر مثلى مستهاما بمثلكم

له مثل قلبى فيه ما فيه لا يغلى

عدتنى عنكم مكرها .........

 ....................... الأبيات

٥١٩

وكما قرأ (١) : فتربّصوا به عتّى حين بالعين وقراءتنا (حَتَّى) ، والموريات قدحا [٢] وهى التى تورى بسنابكها نار الحباحب ، فقيل : إنّ الحباحب (٢) كان رجلا بخيلا لا يوقد ناره لبخله إلا بالحطب الشّخت الدّقيق لئلا يأتيه الضّيفان (٣)(فَالْمُغِيراتِ صُبْحاً) وهى الخيل التى تغير وقت السّحر لأنها تسير ليلتها جمعاء ، ثم يصبح الحى فإذا غنمت ، وأتوا أهلهم نحروا وأطعموا النّاس / عشاء.

قالت الخنساء (٤) :

يذكّرنى طلوع الشّمس صخرا

وأذكره [لكلّ] مغيب شمس

(فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً) [٤] أى : أثرن بالوادى غبارا.

(فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً) [٥] قرأه النّاس بتخفيف السّين إلا على بن أبى طالب ـ كرّم الله وجهه ـ فإنه قرأ (٥) : فوسَّطن به جمعا مشدّدا.

(إِنَّ الْإِنْسانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ) [٦] أى : لكفور ينسى النّعم ، ويذكر المصيبة ، قال النّمر (٦) :

__________________

(١) سورة المؤمنون : آية : ٢٥.

(٢) فى شرح ديوان النابغة الذبيانى : ٤٦ : «الحباحب : دويبة تضىء باللّيل كالنار». وهى كذلك فى اللسان ... وغيره من معاجم اللّغة. وحباحب ، وأبو حباحب : ما تطاير من الشّرر فى الهواء من تصادم الأحجار. وذكر أبا حباحب اسم رجل ، وقال : من محارب بن خصفة وكان بخيلا ...» اللّسان (حبحب. وينظر : ثمار القلوب : ١١ / ٥ ، والوسيط فى الأمثال : ١٧٢ ، والمثل السائر : ٢ / ٣٣٢.

(٣) زاد الثعالبى فى ثمار القلوب : «فإذا أبصر مستضيئا بها أطفأها».

(٤) ديوانها بشرح أبى العباس ثعلب : ٣٢٦ ، وقد تقدم ذكره.

(٥) القراءة فى معانى القرآن للفراء : ٣ / ٢٨٥ ، والمحتسب : ٢ / ٣٧٠ وتفسير القرطبى : ٢٠ / ١٦٠ ، والبحر المحيط : ٨ / ٥٠٤.

(٦) شعره : ٣٩١ (شعراء إسلاميّون) من قصيدة أولها : ـ

٥٢٠