إعراب القراءات السبع وعللها - ج ٢

الحسين بن أحمد بن خالويه الهمذاني النحوي الشافعي

إعراب القراءات السبع وعللها - ج ٢

المؤلف:

الحسين بن أحمد بن خالويه الهمذاني النحوي الشافعي


المحقق: الدكتور عبدالرحمن بن سليمان العثيمين
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مكتبة الخانجي
الطبعة: ١
ISBN الدورة:
977-5046-07-6

الصفحات: ٦٧٣
الجزء ١ الجزء ٢

المرعى ، وأنشد (١) :

جدّنا قيس ونجد دارنا

ولنا الأبّ به والمكرع

وأنشد ابن عرفة لشاعر يمدح النبيّ عليه‌السلام (٢) :

له دعوة ميمونة ريحها الصّبا

بها ينبت الله الحصيدة والأبّا

قال ابن دريد (٣) أبّ الرّجل : إذا نزع إلى وطنه. وأبّ الرّجل : إذا ردّ يده إلى سيفه ليبستلّه.

* * *

__________________

(١) جمهرة اللغة : ١ / ٥٣. وينظر : معجم مقاييس اللّغة : ١ / ٦ واللسان : (أبب).

(٢) أنشده المؤلف فى كتاب الريح : ٦١ وفى شرح مقصورة ابن دريد : ٣١٦ وأنشده السّمين الحلبى فى عمدة الحفاظ فى تفسير أشرف الألفاظ (النسخة غير مرقمة). وهو فى تفسير القرطبى : ١٩ / ٢٢٢.

(٣) جمهرة اللّغة : ١ / ٥٣ قال : «والأبّ : النزاع إلى الوطن قال هشام بن عقبه أخو ذو الرّمة.

وأبّ ذو المحضر البادى إبابته

وقوّضت نيّة أطناب تخييم

... وأبّ الرّجل إلى سيفه : إذا ردّ يده إليه ليستلّه».

٤٤١

(ومن سورة إذا الشّمس كوّرت)

قال أبو عبد الله : هذه السّورة التى كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول (١) : «شيّبتنى هود وأخواتها» ، فأخواتها (الواقعة) ، و (إذا الشّمس كوّرت) وهو جميع ما وعظ الله فيه عباده ، وأنذرهم يوم الحسرة ، والنّدامة ، وذلك أنّه جاء فى الخبر : «اعملوا لله فى الأيّام الّتى هى خالصة ثلاثمائة وستّون يوما». فذهب بعضهم إلى أيّام السّنة. وقال بعض العلماء بالقرآن : إنّما عنى بذلك اعملوا ليوم القيامة الذى هو خالص لله ، كما قال تعالى (٢) : (وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ) لأنّ الدّنيا يملّكها قوم ، وذلك اليوم خالص لله فقط ، وأمّا ما ذكر (٣) الله من ذكر القيامة نحو : الطّامة ، والصّاخة ، ويوم الحشر ، فوجد ثلاثمائة وستّين يوما.

فإن قيل لك : لم ذكرت أنّه قال النّبىّ عليه‌السلام : «شيّبتنى هود وأخواتها» وقد حدّثنا ابن عرفة عن محمّد بن عبد الملك عن يزيد بن هارون عن حميد عن أنس (٤) أنه سئل هل اختضب النّبىّ عليه‌السلام فقال ما شانه الشّيب ، فقيل : أوشين هو يا أبا حمزة؟ قال : كلّكم يكرهه.؟

فقل : فى ذلك جوابان :

أحدهما : أنّ عليّا كرّم الله وجهه لمّا غسله بعد وفاته قال : فتّشت

__________________

(١) أخرجه الترمذي فى سننه : ٥ / ٤٠٢ كتاب التفسير (باب ومن سورة الواقعة) حديث رقم (٣٢٩٧).

(٢) سورة الانفطار : آية : ١٩.

(٣) كذا فى الأصل ولعلها : «وأمّا ما كرر».

(٤) مسند الإمام أحمد : ٣ / ١٠٨.

٤٤٢

فوجدت (١) شعرات فى لحيته صلى‌الله‌عليه‌وسلم كقضبان الفضّة ، فلمّا كان ذلك ولا يظهر منه إلا بعد التّفتيش لم يكن شائنا.

والوجه الثّانى : / أنه لم يشب البتّة ، ومعنى «شيبتنى» أى : لو كان شىء يشيّب المرء لكانت هذه السّورة. كما قال (٢) : (وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ ، أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتى) معناه : لكان هذه القرآن. ومعنى : (إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ) وانُفطرت و (انْشَقَّتِ) لفظه ماض ، ومعناه المضارع ، لأنّ الله تعالى إذا أخبر بشىء كان واقعا لا محالة ، لأنّ الخلف إنّما يقع فى أقوال المخلوقين إذ كانت نواصيهم بيد غيرهم. فالفعل يكون بمعنى المستقبل فى ثلاثة مواضع فى الشّرط والجزاء ، وفى أفعال الله تعالى ، وفى الدّعاء إذا قلت : رحمك الله ، وأطال الله بقاءك فلفظه (٣) ماض ومعناه الاستقبال ؛ لأنّه دعاء (٤). ومعنى كوّرت : ذهب ضوؤها (وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ) [٢] أنهارت ، وتناثرت (وَإِذَا الْجِبالُ سُيِّرَتْ) [٣] أى : سيرت من أماكنها ، فاستوت بالأرض وإذا العشار عطلّت [٤] أى : أهملت ؛ وذلك أن العشراء من النّوق التى قد أتى عليها من حملها عشرة أشهر النّاقة أحبّ إلى أحدكم من مفروح من الدّنيا. فلذلك قال الله تعالى : (وَإِذَا الْعِشارُ عُطِّلَتْ).

وروى عن ابن كثير : عُطِلَت مخففا.

قال : ابن مجاهد وهو خطأ ٤.

فإن سأل سائل فقال : لم اتّفقت القراء على تخفيف (حُشِرَتْ) [٥]

__________________

(١) فى الأصل : «وجد».

(٢) سورة الرعد : آية : ٣١.

(٣) مكررة فى الأصل.

(٤) مكررة فى الأصل.

٤٤٣

واختلفوا فيما عدا ذلك فشدّدوا وخفّفوا نحو (نُشِرَتْ) [١٠] ونشِّرت وسجِرت [٦] و (سُجِّرَتْ) وسعِرت و (سُعِّرَتْ) [١٢]؟.

فالجواب فى ذلك : أن البحر يسجر مرة بعد مرة ، والوحوش حشرها فناؤها ، ولا يتكرّر ذلك.

حدّثنى ابن مجاهد عن السّمّرىّ عن الفراء (١) عن أبى الأخوص [سلام ابن سليم] عن سعيد بن مسروق عن عكرمة (وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ) قال : حشرها : موتها.

وقال آخرون : بل تحشر كما يحشر سائر الخلائق فيقتص الجمّاء من / القرناء ثم يقال : كونى ترابا فعند ذلك يتمنى الكافر فيقول : (يا لَيْتَنِي كُنْتُ تُراباً)(٢) :

١ ـ وقوله تعالى : (وَإِذَا الْبِحارُ سُجِّرَتْ) [٦].

خفّفها ابن كثير وأبو عمرو.

وشدّدها الباقون. فشاهد من خفّف (الْبَحْرِ الْمَسْجُورِ)(٣) ولم يقل المسجّر ، ومعنى المسجور : المملوء ، وينشد (٤) :

إذا شاء طالع مسجورة

يرى حولها النّبع والسّأسما

__________________

(١) معانى القرآن : ٣ / ٢٣٩.

(٢) سورة النبأ : آية : ٤٠.

(٣) سورة الطور : آية : ٦.

(٤) البيت للنّمر بن تولب فى شعره : ٣٨٠ (شعراء إسلاميون) جمع الدكتور نورى حمودى القيسى. وينظر : الأضداد لابن الأنبارى : ٥٤ ، وشرح القصائد السبع له : ٥٥٣ ، وأضداد ـ

٤٤٤

يعنى : شجر الآبنوس.

وقال الفرّاء (١) : (وَإِذَا الْبِحارُ سُجِّرَتْ) أفضى بعضها إلى بعض فصارت بحرا واحدا.

٢ ـ وقوله تعالى : (وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ) [١٠].

قرأ ابن كثير وأبو عمرو وحمزة والكسائى مشدّدا ، لأنّ الصّحف جماعة وهى تنشر مرة بعد أخرى ، وشاهد التّشديد قوله تعالى (٢) : (أَنْ يُؤْتى صُحُفاً مُنَشَّرَةً) ولم يقل منشورة.

وقرأ الباقون مخففا ؛ لأنّ العرب تقول : مررت بكباش مذبوحة ومذبّحة ، وقد قال الله تعالى (٣) : فى رِقّ منشور.

خففها نافع وحفص وابن ذكوان.

٣ ـ وقوله تعالى : (سُعِّرَتْ) [١٢].

خففها أهل الكوفة وابن كثير وأبو عمرو.

وشدّدها الباقون.

والتّشديد والتخفيف على ما قد بيّنت لك حجتهما فيما قبله ، والسّعير : وقود النار ، فأمّا قوله (٤) : (زِدْناهُمْ سَعِيراً) فقيل : جنونا ، وقيل : وقودا ، يقال :

__________________

ـ أبى الطيب : ١ / ٣٦٢ ، ومفردات القرآن : ٢٢٤ ، وتفسير القرطبى : ١٧ / ٦١ وعمدة الحفاظ فى تفسير أشرف الألفاظ. واللسان والتاج (سسم).

(١) معانى القرآن : ٣ / ٢٣٩.

(٢) سورة المدثر : آية : ٥٢.

(٣) سورة الطور : آية : ٣.

(٤) سورة الإسراء : آية : ٩٧.

٤٤٥

ناقة مسعورة : إذا كان بها كالجنون من النّشاط.

٤ ـ وقوله تعالى : (وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ) [٧] أى : قرنت بنظيرها ، وقيل : بشياطينها.

(وَإِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ) : هى البنت التى كان بعض العرب يئدها أى : يدفنها وهى حيّة خشية العار عليها.

(بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ) مخفّفا جماع إلا أبا جعفر المدنىّ (١) فإنه ثقّله. ومعنى سئلت أى : طلب قتلها.

وقرأ عشرة من الصّحابة والتّابعين أحدهم ابن عبّاس : وإذا الموودة سألت بأىّ ذنب قتلت وكان عبد الله بن مسعود / إذا قرأ هذه السّورة فبلغ (عَلِمَتْ نَفْسٌ ما أَحْضَرَتْ) قال : وانقطاع ظهراه ، وكان ابن مجاهد إذا قرأها فى الصّلاة قرأها بنفس واحد من أولها ووقف (عَلِمَتْ نَفْسٌ ما أَحْضَرَتْ).

٥ ـ وقوله تعالى : (وَما هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ) [٢٤].

قرأ ابن كثير وأبو عمرو والكسائىّ : بظنين بالظاء أى : بمتّهم يقال : بئر ظنين : إذا كان لا يوثق بها.

قرأ الباقون : (بِضَنِينٍ) بالضّاد أى : ببخيل أى : ليس بخيل بالوحى بما أنزل الله من القرآن فلا يكتمه أحدا ، تقول العرب : ضننت بالشّىء أضنّ به : إذا بخلت به ، وينشد (٢) :

مهلا أعاذل قد جرّبت من خلقى

إنّى أجود لأقوام وإن ضننوا

__________________

(١) البحر المحيط : ٨ / ٤٣٣.

(٢) البيت لقعنب بن أمّ صاحب ، وهو قعنب بن ضمرة الغطفانى ، شاعر أموى ، أخباره فى «من نسب إلى أمّه من الشعراء : (نوادر المخطوطات) : ١ / ٩٢. ـ

٤٤٦

والغيب فى القرآن أشياء : فقوله (١) : (الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ) بما غاب عنهم مما أنبأهم الرّسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم من أمر الآخرة.

وقيل : (يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ) أى : بالله. وقيل : الغيب : القيامة. والعرب تسمّى الليل غيبا لظلمته وستره ، وأنشد يصف صائد الضبّ :

حتّى إذا الغيب واراه وقد قدرت

كفّ عليه وكان اللّيل قد قدرا

أى : كان اللّيل مقدارا لنجاته. والغيب : القلب ، فقيل (يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ) أى : بقلوبهم لا بألسنتهم كالمنافقين وينشد (٢).

وبالغيب آمنّا وقد كان قومنا

يصلّون للأوثان قبل محمّدا

* * *

__________________

ـ وهو من شواهد الكتاب : ١ / ١١ ، ٢ / ١٦١ ، وشرحه للسيرافى : ١ / ١٠٦ ، وشرح أبياته لابن السيرافى : ١ / ٣١٨ ، ونوادر أبى زيد : ٢٣٠ ، والمقتضب : ١ / ٢٥٣ ، ٣ / ٣٥٤ ، والخصائص : ١ / ١٦٠ ، والمنصف : ١ / ٣٣٩ ، وضرائر الشعر : ٢٠ وشرح شواهد الشافية : ٤ / ٤٩٠.

(١) سورة البقرة : آية : ٣.

(٢) أنشده الفارقى فى الإفصاح : ١٦٢ ، ونسبه إلى العبّاس بن مرداس السّلمى ولم أجده فى ديوانه. وينظر : شرح القصائد السبع : ١٤٩ وأمالى ابن الشجرى : ١ / ١١٢ ، وسفر السعادة : ٧١٩ وتفسير القرطبى : ١ / ١٦٤ ، والأشباه والنظائر : ٣ / ٤٣٧ ((ط) المجمع).

٤٤٧

(ومن سورة انفطرت)

قرأ ابن كثير وأبو عمرو ونافع وابن عامر : فعدلَّك [٧] مشدّدا ، أى : قوّمك ، قال : ابن الجهم قال أبو طلحة الناقد للفراء ، حدّثنا [....](١) ذكر سندا أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم كان إذا رأى الهلال قال : «الحمد لله الّذى خلقك فسوّاك فعدلّك» فعرّفه الفرّاء الحديث. وقال كنت أقرأ بالتّخفيف إتّباعا للأعمش ولا ترانى / أقرؤها بعد يومى هذا إلا بالتّشديد إذا كانت قد ذكرت عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، قال ابن الجهم : فسألت الفرّاء بعد ثلاث سنين فى طريق مكّة كيف يقرأ هذا الحرف (فَعَدَلَكَ) فقال : بالتّشديد.

وقرأ الباقون : (فَعَدَلَكَ) مخففا ، ومعناه : فصرفك إلى أى صورة شاء ، إما حسن وإما قبيح ، وإما طويل وإما قصير ، وذلك أن النّطفة إذا وقعت فى الرحم طابت فى البدن أربعين صباحا ، ثم تصير علقة أربعين ، ثم مضغة أربعين ، ثم يبعث الله ملكا ومعه تراب هى تربة العبد ، فيعجنه بتلك النّطفة ويقول : يا رب أطويل أم قصير ، أغنىّ أم فقير ، أشقىّ أم سعيد ، فذلك قوله (٢) : (هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحامِ كَيْفَ يَشاءُ) وقال ابن أبى نجيح (٣) : (فَعَدَلَكَ فِي أَيِّ صُورَةٍ) قال : فى صورة عمّ ، فى صورة أب ، فى صورة بعض القرابات.

__________________

(١) لعلها : «فلان».

(٢) سورة آل عمران : آية : ٦.

(٣) فى معانى القرآن للفراء : ٣ / ٤٤ : «وحدّثنى بعض المشيخة عن ليث عن ابن أبى نجيح أنه قال : ...».

٤٤٨

وقال بعض النحّويين : الاختيار التّشديد ، والتّقدير : فعدّلك ، أى : جعلك معدّل الخلق معتدلا :

١ ـ وقوله تعالى : (وَما أَدْراكَ) [١٧].

قرأ ابن كثير وعاصم مفخّما.

وقرأ نافع بين بين.

وقرأ الباقون بالإمالة.

٢ ـ وقوله تعالى : (يَوْمَ لا تَمْلِكُ) [١٩].

قرأ ابن كثير وأبو عمرو : يومُ لا تملك بالرّفع على الاستئناف.

وقرأ الباقون : (يَوْمَ) جعلوه ظرفا ، ويجوز لمن رفع أن يجعله بدلا مما قبله ، ومن نصبه جاز أن ينصبه بإضمار فعل أى : يقول : (يَوْمَ لا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ) وقد علمنا أنّ الأمر فى الدّنيا والآخرة لله عزوجل. غير أن الدّنيا قد ملّكها الله قوما فصاروا مالكين لها ، وذلك اليوم خالص لله ، كما قال (١) : (لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ) قال : (لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ) وكما قال (٢) / (مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) أى : يوم الحساب والجزاء ، وهو ملك يوم الدين ، وغير يوم الدين ولكنه على ما أنبأتك.

* * *

__________________

(١) سورة غافر : آية : ١٦.

(٢) سورة الفاتحة : آية : ٤.

٤٤٩

(ومن سورة المطفّفين)

١ ـ قوله تعالى : (وَيْلٌ) [١] قيل : ويل : واد فى جهنّم قعره سبعون سنة ، وقيل : دعاء عليه. وإنما نزلت هذه السّورة (١) حين خرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى المدينة. وكان بسوق الجاهليّة لهم كيلان وميزانان معلومة لا يعاب عليهم ، فكان الرّجل إذا اشترى اشترى بالكيل الزّائد ، وإذا باع باعه بالنّاقص وكانوا يربحون بين الكيلين والوزنين فلمّا قدم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم المدينة ، قال : ويل لكم ما تصنعون فأنزل الله تصديقا لقوله : (وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ).

٢ ـ وقوله تعالى : (وَإِذا كالُوهُمْ) [٣].

اتفقت القراء السّبعة على (كالُوهُمْ) أن يجعلوا الهاء والميم مفعولا ، وإنما ذكرته ، لأنّ حمزة روى عنه عيسى بن عمر كالوا هم أو وزنوا هم جعلاه من كلمتين فتكون الهاء والميم على هذه القراءة فى موضع رفع تأكيدا للضّمير كما تقول : قمت أنت ، وقاموا هم.

وحجة الآخرين أنّ العرب تقول : كلتك ، ووزنتك بمعنى : كلت لك ، ووزنت لك.

٣ ـ وقوله تعالى : كلّا بلْ رّان على قلوبهم [١٤].

اتّفقت القراء على إدغام اللّام فى الرّاء هاهنا لقرب اللام من الرّاء ، ومثله

__________________

(١) فى أسباب النزول للواحدى ... وغيره : لما قدم النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم المدينه كانوا من أخبث الناس كيلا فأنزل الله تعالى ... وينظر : تفسير الطبرى : ٣٠ / ٥٨ ، وزاد المسير : ٩ / ٥٢ ، وتفسير القرطبى : ١٩ / ٣٤٨ ، وتفسير ابن كثير : ٤ / ٤٨٣ ، والدر المنثور : ٦ / ٣٢٣.

٤٥٠

الرّحمن ؛ لأنّها لام ساكنة صادفت راء. إلا حفصا فإنه روى عن عاصم : (بَلْ رانَ) يقف على «بل» وقفة خفيفة ، ليبين أن «بل» من كلمة «وران» من كلمة. ومعنى الرّين ـ فى اللّغة ـ : الذّنب على الذّنب حتى يسودّ القلب. فأما الإمالة فى بل رين فإن أهل الكوفة يميلون ذلك.

والباقون يفخّمون. وقد ذكرت علة ذلك فيما سلف /.

٤ ـ وقوله تعالى : (خِتامُهُ مِسْكٌ) [٢٦].

قرأ الكسائىّ وحده : خاتَمَه مسك أى : آخر شرابهم مسك بفتح التاء فى خاتَمَه. وقد روى عن إبراهيم النّخعى عن الكسائى خاتِمه مسك بكسر التاء ، والعرب تقول : خاتم وخاتم ، وخيتام ، وخاتام ، وأنشد (١) :

يا خدل ذات الجورب المنشقّ

أخذت خيتامى بغير حقّ

وقرأ الباقون : (خِتامُهُ مِسْكٌ) ومعناه : آخر شرابهم مختوم بالمسك : (وَفِي ذلِكَ فَلْيَتَنافَسِ الْمُتَنافِسُونَ).

٥ ـ وقوله تعالى : (إِنَّ كِتابَ الْأَبْرارِ لَفِي عِلِّيِّينَ) [١٨].

قرأ أبو عمرو وحمزة والكسائىّ الأبرير بالإمالة.

وقرأ الباقون بالتّفخيم. وقد أنبأت عن علّته فيما سلف ، والأبرار : واحدهم برّ ، ويجوز أن يكون جمعا لبارّ ؛ لأنّ أفعالا يكون جمعا كصاحب وأصحاب ، ولفعل كعنب وأعناب ، ولفعل كأطم وآطام ، ولفعل كحمل وأحمال ، ولفعل

__________________

(١) ينظر : المقتضب : ٢ / ٢٥٨ ، وشرح ابن يعيش : ٥ / ٥٣ واللسان (ختم) وشرح شواهد الشافية : ١٤١. وتقدّم ذكرهما فى هذا الجزء ص ٢٠٢.

٤٥١

كجمل وأجمال ، ولفعل كجذع وأجذاع ، ولأشياء كثيرة قد ذكرتها فى غير هذا الموضع ويقال : رجل بارّ وبرّ ، وبارّ جمعه بررة ، ويقال : خرجت إلى برّ ولا يقال : إلى برّا ، والبرّ بالكسر برّ الوالدين ، والبرّ : القلب ، والبرّ : الفارة (١).

٦ ـ وقوله تعالى : (انْقَلَبُوا فَكِهِينَ) [٣١].

روى حفص عن عاصم (فَكِهِينَ).

وقرأ الباقون : فاكهين.

فحدّثنى ابن مجاهد عن السّمّرىّ عن الفرّاء قال (٢)(فَكِهِينَ) وفاكهين لغتان كطمعين وطامعين ، وبخلين وباخلين ومعنى فاكهين : معجبين لاعبين. والفكاهة المزاح. فأمّا قولهم (٣) : (فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ) فإنّه / قرىء تفكنون ، ومعناه : تندمون قرأ به أبو حزام العكلىّ (٤). وقد روى (فَكِهِينَ) فى كل القرآن بغير ألف عن أبى جعفر ، وكذلك فى هذه السّورة. وروى عنه تعرف فى وجوههم نضرةُ النّعيم [٢٤] على ما لم يسم فاعله ، والنّضرة : الحسن والجمال.

قال ابن مجاهد قرأ ابن عامر : إلى أهلهُمُ برفع الهاء والميم خلاف ما أصّل فى سائر القرآن.

وروى على بن نصر عن أبى عمرو : هلْ ثُّوّب الكفّار بإدغام اللّام فى الثّاء كحمزة والكسائى لقرب اللام من الثاء.

وقرأ الباقون بالإظهار لأنّهما من كلمتين.

__________________

(١) فى اللّسان : «البر : الفؤاد .... والبرّ : الفأرة فى بعض اللّغات ، أو دويبة تشبهها».

(٢) معانى القرآن : ٣ / ٢٤٩ قال : ... وقرىء (فَكِهِينَ) وكلّ صواب مثل طمع وطامع».

(٣) سورة الواقعة : آية : ٦٥ ، والقراءة فى البحر المحيط : ٨ / ٢١٢.

(٤) هو غالب بن الحارث من بنى عكل بضمّ العين وسكون الكاف.

٤٥٢

فإن قيل : هل [«هل»] هنا مبتدأ بها أو صلة لما قبل؟

فالجواب فى ذلك : أن الوقف ـ هاهنا ـ على قوله : (فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ عَلَى الْأَرائِكِ) ثم تبتدىء (يَنْظُرُونَ هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ ما كانُوا يَفْعَلُونَ) والوقف على الأرائك التى قبل هذه غير تامّ حتى تقول : (عَلَى الْأَرائِكِ يَنْظُرُونَ) ف (يَنْظُرُونَ) فى أول الآية صلة للأرائك وفى الثّانى من صلة «هل» والأرائك : واحدها أريكة ، وهى السّرير فى الحجال فإن لم يكن فى الحجال لم يسمّ أريكة.

* * *

٤٥٣

(ومن سورة الانشقاق)

حدّثنى ابن مجاهد قال : حدّثنى أحمد بن على القطعى ، عن عبيد عن أبى عمرو أنه قرأ : (إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ) [١]. شمها شيئا من الجرّ ، وكذلك (حُقَّتْ) و (مُدَّتْ) لأنّ الحرف المشدّد كالسّاكن ، والثّاء ساكنة فكسرها لذلك ، وإنّما الحرف الأوّل فى المشدد هو السّاكن على الحقيقة ، ومعنى (إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ) أى : انشقت لنزول الملائكة تنشق حتى يرى / طرفاها (وَحُقَّتْ) أى : وحقّ لها أن تسمع ، (وَأَذِنَتْ لِرَبِّها) [٢ ، ٥] أى : سمعت وطاعت ربّها. وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : (١) «ما أذن الله لشىء كإذنه لنبىّ حسن الصّوت بالقرآن». وقال عدىّ بن زيد (٢) :

أيّها القلب تعلّل بددن

إنّ همّى فى سماع وأذن

(وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ) [٣] كما يمدّ الأديم.

فإن قيل فأين جواب «إذا»؟

ففى ذلك أقوال ، قال : قوم الواو مقحمة فى قوله : (وَأَذِنَتْ) والتّقدير : إذا السّماء أنشقت أذنت لربّها وحقّت والجواب محذوف بعلم المخاطب.

__________________

(١) تقدم ذكره فى الجزء الأول : ٤٥.

(٢) البيت فى ديوانه : ١٧٢. وينظر : أمالى ابن الشجرى : ٢ / ٣٦.

٤٥٤

وقال آخرون : ـ وهو الاختيار ـ فاء مضمرة ، والتّقدير : (إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ) إلى قوله : (وَحُقَّتْ) ف (يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ إِنَّكَ كادِحٌ إِلى رَبِّكَ كَدْحاً) [٦] أى : ساع إلى ربّك سعيا ، يقال فلان يكدح لمعايشه أى : يسعى.

١ ـ وقوله تعالى : (وَيَصْلى سَعِيراً) [١٢].

قرأ ابن كثير ونافع والكسائىّ وابن عامر : ويُصلّى سعيرا بالتّشديد صلّى يصلّى تصلية ، وشاهدهم (تَصْلِيَةُ جَحِيمٍ) لأنّ (تفعلة) لا يكون مصدرا إلا لفعّل بالتّشديد.

وقرأ الباقون : (وَيَصْلى) بفتح الياء والتّخفيف من صلى يصلى صليا فهو صال ، وشاهدهم (إِلَّا مَنْ هُوَ صالِ الْجَحِيمِ)(١).

وفيه قراءة ثالثة (٢) روى خارجة عن نافع وهارون عن أبى عمرو ويُصلى بضمة الياء مخفّفا. فهذه القراءة يجوز أن تكون من أفعل ومن فعّل ؛ لأنّ المضارع من الثّلاثى يستوى فيه ما لم يسم فاعله مع الرّباعى إلّا أنّ الأختيار أن يقول صلّى زيد : إذا لم تعده ، وأصلى غيره ، وإنما جاء صلّاه غيره شاذا. قرأ الأعمش (٣) فسوف نَصليه بفتح النّون فعلا / للثلاثى.

٢ ـ وقوله تعالى : (لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ) [١٩].

قرأ ابن كثير وحمزة والكسائىّ : لتركبَن بفتح الباء على خطاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أى : لتركبنّ يا محمد أنت حالا بعد حال ، وسماء بعد سماء ، والطّبق : أطباق السماء ، والطّبق ـ فى غير هذا ـ : طبق الرّطب ، وغيره ، والطبق : ساعة من اللّيل. تقول العرب : مضى طبق من اللّيل ، وطبق ، وطبيق.

__________________

(١) سورة الصافات : آية : ١٦٣.

(٢) سورة النساء : آية : ٣٠ ، والمحتسب : ١ / ١٨٦.

(٣) والقراءة فى معانى القرآن للفراء : ١ / ٢٦٣.

٤٥٥

وقرأ الباقون : (لَتَرْكَبُنَ) بضمّ الباء على خطاب الجميع ، والأصل : لتركبون فسقطت الواو لسكونها وسكون نون التأكيد ؛ لأنّ كلّ حرف مشدّد حرفان ، الأول ساكن ، واللّام لام التأكيد وجواب القسم ، والنّون للتأكيد.

وقرأ عمر بن الخطّاب : ليركبنّ طبقا عن طبق بالياء ، أى : ليركبن يا محمّد سماء بعد سماء.

وصليت خلف ابن مجاهد فوقف على (فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ) وابتدأ (إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا) فقلت له : ـ لما انفتل ـ وقفت على الاستثناء. قال : لأنّه استثناء منقطع بمعنى لكن الّذين آمنوا.

وصلّيت خلف محمد بن القاسم الأنبارىّ فوقف عليه أيضا (١) فسألته فأجاب (٢) بمثل جواب ابن مجاهد.

* * *

__________________

(١) إيضاح الوقف والابتداء : ٢ / ٩٧٢.

(٢) فى الأصل : «فأجابه».

٤٥٦

(ومن سورة البروج)

أقسم الله تعالى بالسّماء ذات البروج ، وهى النّجوم ، كما قال (١) : (تَبارَكَ)(٢)(الَّذِي جَعَلَ فِي السَّماءِ بُرُوجاً)(وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ) [٢] : يوم القيامة الذى وعد الله أولياءه الجنة وأوعد أعداءه النار (وَشاهِدٍ وَمَشْهُودٍ) [٣]. قيل النّحر والفطر والجمعة. وقيل : الشّاهد يوم عرفة ، وهو أجلّ الأعياد الذى أنزل الله تعالى فيه (٣) : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً) والمشهود : يوم القيامة. هذا قول الحسن بن على رضى الله عنهما ، وشاهده : (ذلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ)(٤).

١ ـ وقوله تعالى : ذو العرش المجيدِ [١٥].

قرأ حمزة والكسائىّ بالخفض جعلاه نعتا للعرش أى ذو العرش الرّفيع.

وقرأ الباقون بالرّفع نعتا ل «ذو» وهو الله تعالى وهو أحقّ بأن يوصف بالمجاهدة والمجد حيث وصف نفسه فى قوله (٥) : (إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ) ، والمجيد ـ أيضا ـ : المصحف قالت عائشة لبريرة ائتينى بالمجيد أى : بالمصحف.

__________________

(١) سورة الفرقان : آية : ٦١.

(٢) فى الأصل : «وهو الذى ...».

(٣) سورة المائدة : آية : ٣.

(٤) سورة هود : آية : ١٠٣.

(٥) سورة هود : آية : ٧٣.

٤٥٧

وما خلق الله تعالى أعظم من العرش ؛ لأنّ السّموات والأرضين تحت العرش كالحلقة فى أرض فلاة وقال المفسرون : ذو العرش المجيد أى : الجواد الكريم (فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ) [١٦] لأن المخلوق يفرق العبد من سيده ، والسيد من أميره ، والأمير من مالكه ، والمالك من الله فليس فوقه أحد فهو فعال لما يشاء. والعرش : سرير الملك أيضا خاصة. والعرش أيضا : عرش القدم وهو ظاهره.

فأمّا قوله فى هذه السّورة : (بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ) جماع إلا ما حدّثنى ابن مجاهد عن أحمد بن إسحق عن أبيه عن محبوب عن إسماعيل أنّ اليمانى محمد ابن السميفع قرأ (١) : (بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ) مضافا. وتقديره عندى : بل هو قرآن ربّ مجيد ، فنابت الصفة عن الموصوف كما قال (٢) غفور :

* ولكنّ الغنى ربّ غفور*

على تقدير : ولكنّ الغنى غنى ربّ غفور.

٢ ـ وقوله تعالى : (فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ) [٢٢].

قرأ نافع وحده : محفوظٌ بالرّفع جعله نعتا للقرآن ، بل هو قرآن محفوظ فى لوح.

وقرأ الباقون : (مَحْفُوظٍ) بالجر جعلوه نعتا للّوح قالوا : لأنّ الآثار كلّها تواترت / بأن يقال : فى اللوح المحفوظ.

وقرأ يحيى بن يعمر (٣) : فى لُوح محفوظ بضم اللام أى فى هواء.

__________________

(١) القراءة فى تفسير القرطبى : ١٩ / ٢٩٩. والبحر المحيط : ٨ / ٤٥٢.

(٢) صدره :

* قليل غيبه والغيب جمّ*

(٣) والبيت لعروة بن الورد العبسى فى ديوانه : ٩٢.

٤٥٨

تقول العرب : فلان فى السّكاكة ، والسّكاك ، واللّوح والهوا بمعنى واحد. واللّوح أيضا فى غير هذا العطش ، يقال للعطش : الظّمأ ، والغيم ، واللّوح ، واللّوح بالضمّ ، والإلتياح ، والغلة ، والغليل ، والصّدى.

وجاء فى الحديث (١) : «كان رسول الله عليه‌السلام يتعوّذ بالله من خمس : من العيمة ، والغيمة ، والأيمة ، والكدم ، والقرم». فالعيمة : شهوة اللّبن ، والغيمة : شدّة العطش ، والأيمة : موت الأزواج ، والكدم : كثرة الأكل ، والقرم : شهوة اللّحم.

وحدّثنى أبو عمر عن ثعلب عن ابن الأعرابى أنّ أعرابيا دعا على آخر فقال : ما له أم وعام ، وألّ قال ، وغام وغلّ ، وسقى بلزز ضاح. اللّزز : المكان الضيّق ، والضّاحى : الظاهر للشمس وأل : أى ضرب بالألة ، وهى الحربة ، والأليل : أنين المريض ، وكذلك الألل. وغلّ من العطش ، ويجوز أن يكون من الغلّ : القيد.

* * *

__________________

(١) النهاية : ٣ / ٣٣١.

٤٥٩

(ومن سورة الطارق)

قال أبو عبد الله : الطارق ، النّجم ، سمّى طارقا لطلوعه ليلا ، قالت هند تفتخر (١) :

نحن بنات طارق

نمشى على النّمارق

أى : إنّ أبانا كالنّجم فى شرفه. هذا قول النّاس كلّهم إلا ما ذكر أبو حنيفة الدّينورىّ أنّ بنات طارق هنّ بنات ملك من الملوك فى الزّمان الأول يوصفن بالجمال. أى : إنّا فى شرفنا مثل بنات طارق. والطّارق أيضا : أحد الكواكب الأحد عشر التى رآها يوسف عليه‌السلام ، ومنها الوثّاب / والعمودان. وقد ذكرتها فى سورة (يوسف) (٢).

١ ـ وقوله تعالى : (إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْها حافِظٌ) [٤].

__________________

(١) أنشدهما المؤلّف فى إعراب ثلاثين سورة : ٣٨ ونسبهما أيضا إلى هند ، وهى هند بنت عتبة ، أو هند بنت بياضة. وإليك التفصيل عن الأئمّة : أنشد البيت ابن قتيبة فى أدب الكاتب ص ٩٠ : قال ابن السّيد فى شرحه فى (الأقتضاب) : ٣ / ٧٦ «هذا الشعر لهند بنت عتبه قالته يوم بدر تحرض المشركين على قتال النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ؛ وبعده :

المسك فى المفارق

والدّرّ فى المخانق

إن تقبلوا نعانق

أو تدبروا نفارق

ونفرش النّمارق

(٢) لم يذكرها فى هذا الكتاب. ـ

٤٦٠