إعراب القراءات السبع وعللها - ج ٢

الحسين بن أحمد بن خالويه الهمذاني النحوي الشافعي

إعراب القراءات السبع وعللها - ج ٢

المؤلف:

الحسين بن أحمد بن خالويه الهمذاني النحوي الشافعي


المحقق: الدكتور عبدالرحمن بن سليمان العثيمين
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مكتبة الخانجي
الطبعة: ١
ISBN الدورة:
977-5046-07-6

الصفحات: ٦٧٣
الجزء ١ الجزء ٢

قال (١) : «شيّبتنى هود وأخواتها».

فأمّا ابن عرفة فحدّثنا عن محمد بن عبد الملك عن يزيد بن هارون عن حميد قال : سئل أنس : هل خضب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : ما شانه الشّيب. فقيل : أوشين هو يا أبا حمزة؟ قال : كلّكم يكرهه (٢).

والصّحيح : أن رسول الله بعث وهو ابن أربعين ، وبقى بمكة ثلاث عشرة سنة ، ثم هاجر إلى المدينة ، وبقى فيها عشر سنين فتوفى النّبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم وهو ابن ثلاث وستين سنة ، وليس فى رأسه ، ولحيته إلا شعرات بيض نحو بضع عشرة ، ويقال : أول من شاب خليل الرّحمن عليه‌السلام ، فأوحى الله إليه أشقل وقارا بالسّريانية تفسيره : خذ وقارا.

١٨ ـ وقوله تعالى : (كُنْ فَيَكُونُ) [٨٢].

قرأ الكسائىّ وابن عامر : فيكونَ نصبا نسقا بالفاء على (أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ) فيكونَ.

والباقون يرفعون على : فهو يكون ، وكن ، فكان ، لأنّه لا يصلح أن يجعله جوابا باللّام.

* * *

__________________

(١) الحديث فى المعجم الكبير للطبرانى : ١٧ / ٢٨٧ ، قال الهيثمى فى مجمع الزوائد : ٧ / ٣٧ رجاله رجال الصحيح.

(٢) أخرجه الإمام أحمد فى مسنده باختلاف لفظ (٣ / ١٠٨) من حديث أنس.

٢٤١

(ومن سورة الصافات)

١ ـ قرأ أبو عمرو وحمزة : والصّافاتْ صَّفا* فالزّاجرات زَّجرا* فالتالياتْ / ذِّكرا [١ ، ٢ ، ٣] والّذارياتْ ذُّروا مدغما كلّ ذلك لقرب التّاء من الصّاد والزّاي والذّال.

وقرأ الباقون بالإظهار ؛ لأنّ التاء قبلها حرف ساكن ، وهو الألف ، ولأنّ التّاء متحركة لا ساكنة نحو : (قالَتْ طائِفَةٌ)(١) ألا ترى أنّها لما تحرّكت كان الاختيار الإظهار نحو : (بَيَّتَ طائِفَةٌ)(٢) على أنّ أبا عمرو وحمزة قد أدغما ، وجرّت ذلك بواو القسم والنّسق ، وجواب القسم : (إِنَّ إِلهَكُمْ لَواحِدٌ) والتّقدير : وربّ الصّافات ورب هذه المذكورات : (إِنَّ إِلهَكُمْ لَواحِدٌ) والصّافات : الملائكة ؛ لأنّها مصطفة بين السماء والأرض طاعة لله لا يفترون عن عبادته كما قال : (وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ) [١٦٥] (وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ) [١٦٦] يعنى المصلّون.

وقال أبو عبيدة (٣) : كلّ مصطفّ لا ينظم قطراه ـ أى : جانباه ـ فهو صافّ والزّاجرات زجرا [٢] الملائكة ، وقيل : كلّ شىء زجر عن معاصى الله فهو زاجرات والتّاليات ذكرا التاليات القرآن.

__________________

(١) سورة آل عمران : آية : ٧٢.

(٢) سورة النّساء : آية : ٨١.

(٣) مجاز القرآن : ٢ / ١٦٦ بعبارة مختلفة.

٢٤٢

فإن سأل سائل فقال : لم لم يقل فالتّاليات تلوا كما قال والزاجرات زجرا؟

فالجواب فى ذلك : أن التّالى يكون التّابع يقال : تلوت فلانا : إذا تبعته أى : جئت بعده ، كما قال (١) : (وَالْقَمَرِ إِذا تَلاها) ويكون التّالى : القارىء فلما التبس بيّنه الله عزوجل أن التاليات ـ هاهنا ـ القارئات ذكرا ، لا التّابعات.

فإن قيل : لم أنّث؟

فقل : على تقدير الطّائفة التّاليات ، والجماعة الصّافات كما قال (٢) : (فَنادَتْهُ الْمَلائِكَةُ).

ولو قال قائل : إنّ التاليات وإن كانت على لفظ الجماعة يريد به جبريل صلى‌الله‌عليه‌وسلم وحده لكان جائزا ؛ لأن قوله : (فَنادَتْهُ الْمَلائِكَةُ) يراد به جبريل وحده.

وزاد أبو عمرو على حمزة : فالملقياتْ ذِّكرا (٣)(وَالْعادِياتِ ضَبْحاً)(٤)(فَالسَّابِقاتِ سَبْقاً)(٥)(وَالسَّابِحاتِ سَبْحاً)(٦).

٢ ـ وقوله تعالى : (بِزِينَةٍ الْكَواكِبِ) [٦].

__________________

(١) سورة الشمس : آية : ٢.

(٢) سورة آل عمران : آية : ٣٩.

(٣) سورة المرسلات : آية : ٥.

(٤) سورة العاديات : آية : ١.

(٥) سورة النازعات : آية : ٤.

(٦) سورة النازعات : آية : ٣.

٢٤٣

قرأ حمزة وحفص : (بِزِينَةٍ) منونا و (الْكَواكِبِ) خفضا ، جعلا الكواكب هى الزّينة وبدلا منها.

وقرأ عاصم فى رواية أبى بكر (بِزِينَةٍ) منونا أيضا ، الكواكبَ نصب مفعول أى : بزينتنا الكواكب فعند البصريين ينصب (بِزِينَةٍ) لأنّ المصدر يعمل عمل الفعل وعند الكوفيين لا يشقّ من المصدر (١).

وقرأ الباقون : بزينةِ الكواكبَ مضافا (وَحِفْظاً مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ) [٧] نصب على المصدر ، أى : وحفظناها حفظا من كلّ شيطان مارد.

٣ ـ وقوله تعالى : (لا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلى) [٨].

قرأ حمزة والكسائىّ وحفص عن عاصم : (لا يَسَّمَّعُونَ) مشدّد السين والميم أرادوا : لا يستمعون فأدغموا التّاء فى السّين ؛ وذلك أن الله تعالى منعهم من الاستماع ورجمهم بالنّجوم فقال (٢) : إنّه عن السّمع لمعزولون ولكنهم كانوا يتسمّعون ، كما قال (٣) : (وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْها مَقاعِدَ لِلسَّمْعِ) قبل مولد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : (فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهاباً رَصَداً).

وقرأ الباقون : لا يسْمَعون مخفّفا ؛ وذلك أنّك تقول تسمّعت / إلى فلان ، وسمعت إليه بمعنى ، كقول العرب : ألم تسمع إلى فلان ، ومثله (وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ)(٤) وإنما أنكر بعضهم التّخفيف. قال : لأنّى لا أقول سمعت إلى فلان ، وإنما سمعت فلانا ، وهذا وإن كان الأكثر فإن ذلك

__________________

(١) هى مسألة مشهورة فى كتب النحو ينظر : الإنصاف : ٢٣٥ ، والتّبيين : ١٤٣.

(٢) سورة الشعراء : آية : ٢١٢.

(٣) سورة الجن : آية : ٩.

(٤) سورة يونس : آية : ٧٢.

٢٤٤

جائز عربىّ (وَيُقْذَفُونَ) بضمّ الياء لا غير ؛ لأنّهم مفعولون ؛ لأن الشّياطين ترجم ، ولا ترجم. يقال : قذفته بالحجر ، وحذفته بالخشب ، وخذفته بالحصى.

(مِنْ كُلِّ جانِبٍ دُحُوراً) [٨] بضمّ الدال لا غير ، إلا السّلمىّ والحسن ، فإنهما قرآ : دَحورا أو أحدهما ، وقد ذكرت علّته فيما مضى.

(وَلَهُمْ عَذابٌ واصِبٌ) [٩] أى : دائم.

وحدّثنا ابن مجاهد ، قال : حدّثنا ابن حبّان عن محمد بن يزيد ، عن ابن مهدى ، عن سفيان ، عن الأعمش ، عن مجاهد ، عن ابن عبّاس أنه قرأ لا يسْمَعون بالتّخفيف.

٣ ـ وقوله تعالى : (بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ) [١٢].

قرأ حمزة والكسائىّ بضمّ التّاء ، الفعل لله تعالى ، وذلك لأنّ الله تعالى قد عجب من فتى لا صبوة له ، و «عجب ربكم من ألّكم وقنوطكم» ، وقال لمحمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم (وَإِنْ تَعْجَبْ) يا محمد (فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ)(١) غير أنّ العجب من الله تعالى على خلاف ما يكون من المخلوقين (٢). فالعجب من المخلوقين : أن ينظر إلى شىء لم يكن فى حسابه ، وفى علمه فيبهره وينكره. فيتعجّب من ذلك ، والله تعالى [يعلم] الأشياء قبل كونها ، فلا تعّجب على هذه الجهة ، ولكن القوم لما هربوا من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وأنكروا البعث والنّشور ، أنكر الله تعالى عليهم / فعلهم إذا أتوا بنكر ، وأعجوبة لجرأتهم وتمرّدهم.

__________________

(١) سورة الرعد : آية : ٥.

(٢) تقدم ذكر مثل هذا فى أول الكتاب. ومذهب السلف الصالح ـ رحمهم‌الله ـ أن العجب صفة لله تعالى على وجه يليق بجلاله وعظمته (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ).

٢٤٥

وقرأ الباقون : (بَلْ عَجِبْتَ) بفتح التاء أى : عجبت يا محمّد من وحى الله تعالى ويسخرون هم منك. قالوا : وإنما اخترنا هذا ؛ لأنّ الله تعالى لا يعجب ، وإنما يعجب من لا يعلم وقوله تعالى : (وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ) أى : عجب عندكم فأمّا عندنا فلا. والقراءتان جائزتان لما خبّرتك ، لأنّ الله تعالى قال (١) : (وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللهُ) وقال (٢) : (نَسُوا اللهَ فَنَسِيَهُمْ اللهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ)(٣)(فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ)(٤) ونحوه فى القرآن كثير (٥). فالمحبّة من الله ، والمكر والخديعة والاستهزاء : كلّ ذلك على خلاف ما يكون من المخلوقين ، وهو أن يجازيهم جزاء خداعهم ومكرهم ، والمحبّة من العبد لزوم الطّاعة والمحبّة من الله إكرامه أهل طاعته بالثّواب الجزيل.

٤ ـ وقوله تعالى : (أَوَآباؤُنَا) [١٧].

وقرأ ابن عامر وقالون : أوْ آباؤنا بإسكان الواو.

والباقون بالتّحريك.

٥ ـ وقوله تعالى : (وَلا هُمْ عَنْها يُنْزَفُونَ) [٤٧].

قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر : (يُنْزَفُونَ) بفتح الزّاى. وكذلك فى (الواقعة) (٦) ومعناه : لا تذهب عقولهم يقال : نزف الرّجل : إذا ذهب عقله ، ونزف : إذا ذهب دمه عند الموت ، وأنزف ينزف : إذا ذهب

__________________

(١) سورة آل عمران : آية : ٥٤.

(٢) سورة التوبة : آية : ٦٧.

(٣) سورة البقرة : آية : ١٥.

(٤) سورة آل عمران : آية : ٣١.

(٥) فى الأصل : «كثيرة».

(٦) الآية : ١٩.

٢٤٦

شرابه ونفد قال الشّاعر (١) :

لعمرى لئن أنزفتم أو صحوتم

لبئس النّدامى كنتم آل أبجرا

وقرأ حمزة والكسائىّ : ينزِفون بكسر الزّاى على هذه اللّغة.

وأمّا عاصم فإنه قرأ فى الواقعة : (يُنْزَفُونَ) بالكسر وفى (الصّافات) (يُنْزَفُونَ) بالفتح جمع بين اللّغتين / تخفيفا فصار يزف (٢) ويعد ويزن فإذا أمرت قلت : زف وعد وزن.

٦ ـ وقوله تعالى : (فَانْظُرْ ما ذا تَرى) [١٠٢].

قرأ حمزة والكسائىّ : تُرى بضم التّاء ، وكسر الرّاء ، من أريت ترى ، أى : إذا ما تشير والأصل : ترأى فنقلوا كسرة الهمزة إلى الراء ، وحذفوا الهمزة لسكونها ، وسكون الياء.

__________________

(١) البيت للأبيرد بن المعذّر الرّياحى التّميمىّ. شاعر إسلامىّ ، قال أبو الفرج : «شاعر فصيح بدوىّ من شعراء الإسلام وأول دولة بنى أمية ليس بمكثر ولا ممن وفد إلى الخلفاء فمدحهم». (الأغانى : ١٣ / ١٢٦ فما بعدها) جمع أشعاره الدكتور نورى حمّودى القيسى شعراء أمويون : ٢٤٩ فما بعدها. والبيت ص ٢٧٣ ، وبعده فى اللّسان : (نزف) :

شربتم ومدّرتم وكان أبوكم

كذاكم إذا ما يشرب الكأس مدّرا

وقد نقل الدكتور نورى هذا البيت وعزاه إلى «الصّحاح» ، ولم ينشده الجوهرى فى «الصّحاح» ، وإنما أورده المحقق فى هامشه عن اللّسان ـ فيما يظهر ـ. ومع هذا فقد سقط البيت أثناء الطباعة من مجموع شعره المذكور وبقى تخريجه فقط. فليتأمل؟! والشاهد الذى أورده المؤلف فى مجاز القرآن : ١ / ١٦٩ ، ٢ / ٢٤٩ ، وجمهرة اللغة : ٨٢١ ، والمحتسب : ٢ / ٣٠٨ ، والمخصص : ١١ / ١٠٠ والاقتضاب : ٣٥٢.

(٢) قد يصح ذلك لو أنّ أصل الفعل (وزف) ، وإنّما أصله نزف.

٢٤٧

وقرأ الباقون : (ما ذا تَرى) بالفتح. غير أنّ أبا عمرو كان يميل الراء من أجل الياء.

والباقون يفتحون جعلوه من الرّأى والرّؤية ، لا من المشورة. وكان إبراهيم صلى‌الله‌عليه‌وسلم رأى فى المنام فأمر بذبح ابنه. ورؤيا الأنبياء وحى ، فلذلك قال ابنه : (يا أَبَتِ افْعَلْ ما تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللهُ مِنَ الصَّابِرِينَ) [١٠٢] قال ذلك وهو ابن ثلاث عشرة سنة (١).

فتلّه للجبين [١٠٣] أى : صرعه وألقاه على وجهه لئلّا يرى وجهه فيرحمه. فلمّا عرف الله طاعة إبراهيم صلى‌الله‌عليه‌وسلم إيّاه ، وطاعة ابنه إيّاه شكر الله تعالى لهما بذلك ، ففداه بذبح عظيم بكبش قد رعى فى الجنّة أربعين خريفا.

واختلف الناس فى الذّبيح؟ فقال قوم : إسحق (٢) ، وقال آخرون :

__________________

(١) قاله الفراء : المعانى : ٢ / ٣٨٩ ، وعنه فى تفسير القرطبى : ١٥ / ٩٩ ، ونسبه فى زاد المسير : ٧ / ٧٢ إلى ابن السائب.

(٢) هو القول الذى قال به أكثر العلماء ، قال القرطبى ـ رحمه‌الله ـ فى تفسيره : ١٥ / ٩٩ «اختلف العلماء فى المأمور بذبحه فقال أكثرهم : الذّبيح إسحق ... وقال آخرون : هو إسماعيل ... وأورد جملة من الصّحابة والتّابعين ممن قال بالرأي الأول ، وجملة من الصّحابة والتابعين ممن قال بالرأى الثانى ، وقال : سئل أبو سعيد الضرير عن الذبيح فأنشد :

إنّ الذبيح هديت إسماعيل

نطق الكتاب بذاك والتّنريل

شرف به خص الإله نبيّنا

وأتى به التّفسير والتّأويل

إن كنت أمّته فلا تنكر له

شرفا به قد خصّه التّفضيل

قال : وعن الأصمعيّ قال : سألت أبا عمرو بن العلاء عن الذّبيح فقال : أين عزب عنك عقلك؟! ومتى كان إسحق بمكة؟ إنما كان إسماعيل بمكة ، والذى بنى البيت مع أبيه ، والمنحر بمكة. وروى عن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنّ الذّبيح إسماعيل ، والأول أكثر عن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم وعن أصحابه وعن التابعين ...» ونصر الإمام القرطبى أنه إسحق. وذكر ابن الجوزى فى زاد المسير : ٧ / ٧٣ القول بأنه إسحق ثم القول بأنه إسماعيل ثم قال : «وكذلك عن أحمد رضى الله عنه روايتان ولكل قوم حجة ليس هذا موضعها وأصحابنا ينصرون القول الأول». ـ

٢٤٨

إسماعيل عليهما‌السلام. واحتجّوا بقول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم (١) : «أنا ابن الذّبيحين» ، وبقوله تعالى : (وَبَشَّرْناهُ بِإِسْحاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ) [١١٢] ، قال : فكيف تكون البشارة مع الذّبح؟!

واحتجّ الآخرون فقالوا : (وَفَدَيْناهُ) [١٠٧] أى : وفدينا إسحق ، وبشرنا إبراهيم بنبوّة إسحق بعد أن / فداه صلى‌الله‌عليه‌وسلم. فمن قال : إسحق ، فعلىّ وابن مسعود وكعب الأحبار. ومن قال : إنه إسماعيل ، فإنّه عمر ومحمّد بن كعب القرظىّ وسعيد بن المسيّب. ومن قال : إنه إسحق قال كان فى إسحق بشارتان. فبشرناه بغلام حليم ، وبشرناه بإسحق نبيا من الصالحين. ومعنى تلّه : صرعه كما أخبرتك. وأمّا حديث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم (٢) : «إنّ جبريل عليه‌السلام أتاه بمفاتيح خزائن الأرض فتلّها فى يد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم» فمعناه : صبّها.

٧ ـ وقوله تعالى : (وَإِنَّ إِلْياسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ) [١٢٣].

قرأ ابن عامر وحده برواية ابن ذكوان وإنَّ لْياس بوصل الألف.

والباقون بالقطع ، وهو الاختيار ، لأنّ الألف فى أول الأسماء الأعجمية لا تكون إلا مقطوعة نحو إسرائيل وإبراهيم.

٨ ـ قوله [تعالى] : (سَلامٌ عَلى إِلْ ياسِينَ) [١٣٠].

بقطع الألف دلالة على قطعها هناك ، واتفاق الجميع. وقوله تعالى : (سَلامٌ عَلى إِلْ ياسِينَ) قرأ نافع وابن عامر سلم على آل ياسين

__________________

ـ وقال الزّجاج فى معانى القرآن وإعرابه : ٤ / ٣١١ «والقول فيهما كثير والله أعلم أيهما الذّبيح». وألف مكىّ بن أبى طالب القيروانى (ت ٤٣٧ ه‍) فى هذا الاختلاف جزءا.

(١) تفسير الطبرى : ٢٣ / ٥٤.

(٢) النهاية : ١ / ١٩٥.

٢٤٩

كأنّه آل محمد كما قيل فى : ياسين ، يا محمد يا رجل. وآل محمد : كل من آل إليه بقرابة أو بحسب.

وقال آخرون : آل محمّد كلّ من كان على دينه. كما قال (١) : (أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ) وأجمع النّحويون على أن آل أصله أهل فقلبوا الهاء همزة ، وجعلوها مدّة ، لئلا يجتمع ساكنان ، كما قال ، والدّليل على ذلك : أنّك إذا صغرت آل قلت : أهيل ، ولا يجوز أويل ، ردّوا إلى الأصل ، لا إلى اللّفظ ، وكذلك تفعل / العرب بأكثر المصغرات أن يردوه إلى أصله ، ولا يبقى على لفظه. وربما ترك كقولك فى تصغير عيد : عييد ، ولم يقولوا : عويد ، وأصله الواو ، كما قالوا فى جمعه : أعياد ، ولم يقولوا أعواد ، لئلا يشته بتصغير عود وجمعه ، فاعرفه فإنه حسن جدّا.

على أن الكسائى قد حكى تارة على الأصل ، وتارة على اللّفظ أويلا وأهيلا.

وقرأ الباقون : (سَلامٌ عَلى إِلْ ياسِينَ) بكسر الألف وإلياس وإن كان جمعا فى اللّفظ فإنه واحد ، وهو إدريس النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

واحتجّ من قرأ بهذه القراءة أنّ فى حرف ابن مسعود (٢) : سلام على إدراسين وإن إدريس لمن المرسلين فقال الحذاق من النّحويين : إن المعروف اسم النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم إدريس ، وإلياسين وإنما جمع فقيل : إدراسين وإلياسين ؛ لأنه أريد النّبى ومن معه من أهل دينه ، كما يقال المسامعة والمهالبة : يريدون

__________________

(١) سورة غافر : آية : ٤٦.

(٢) معانى القرآن للفراء : ٢ / ٣٩٢ ، وتفسير الطبرى : ٢٣ / ٦٢ والمحتسب : ٢ / ٢٢٣ ، وحجّة أبى زرعة ، ٣٠٣

٢٥٠

مسمعا ومهلّبا ومن معهما ، قال الشاعر (١) :

قدنى من نصر الخبيبين قدى

قال : أراد أبا خبيب ، وهو ابن الزّبير ومن تابعه فجمع على ذلك. هذا قول أحمد بن يحيى. وقال محمد بن يزيد : (من نصر الخبيبين) على لفظ الاثنين أراد : ابنى الزّبير كما قال : سنّة العمرين.

٩ ـ وقوله تعالى : (اللهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ آبائِكُمُ الْأَوَّلِينَ) [١٢٦].

قرأ حمزة والكسائى وحفص عن عاصم : (اللهَ) بالنصب بدلا من قوله : (وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخالِقِينَ) [١٢٥] لأن (أَحْسَنَ) مفعول (تَذَرُونَ) / واسم الله تعالى بدل منه إذ كان هو هو ، لأنّ أحسن الخالقين هو (اللهَ رَبَّكُمْ) عطف عليه ، (وَرَبَّ آبائِكُمُ) ، وذلك أن الله عزوجل وبخهم وجهلهم حين عبدوا ما نحتوه بأيديهم ، وهو البعل ، فقال : (أَتَدْعُونَ بَعْلاً) أى : صنما ، (وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخالِقِينَ). أى : تذرون ربكم وربّ آبائكم ، لأنهم قالوا (٢) : (بَلْ وَجَدْنا آباءَنا كَذلِكَ يَفْعَلُونَ) والبعل : أربعة أشياء ؛ البعل : الزوج والبعل : السّماء ، تقول العرب : السّماء بعل الأرض ، والبعل من النّخل ، ما شرب بعروقه من غير سقى السّماء. والبعل : الصنم.

__________________

(١) بعده :

* ليس الإمام بالشّحيح الملحد*

ينسبان إلى حميد الأرقط ، وإلى حميد بن ثور الهلالى ، ونسبا إلى أبى بحدلة. شرح الشواهد للعينى : ١ / ٣٥٧ ، والخزانة : ٢ / ٤٤٩. وينظر : الكتاب ١ / ٣٨٧ ، ومجاز القرآن : ٢ / ١٧٣ ، والأصول : ٢ / ١٢٢ ، والمحتسب : ٢ / ٢٢٣ وأمالى ابن الشجرى : ١ / ١٤ ، ٢ / ١٤٢ ، والإنصاف : ٧٦ ، وشرح المفصل لابن يعيش : ٣ / ١٢٤.

(٢) سورة الشعراء : آية : ٧٤.

٢٥١

وقرأ الباقون : الله ربُّكم وربُّ آباؤُكم بالرفع عن الاستئناف ، كما قال الشاعر : (١)

فإن لها جارين لن يغدرا بها

ربيب النبىّ وابن خير الخلائف

فاستأنف فرفع ربيب على معنى هما ربيب وابن ، وكذلك : أحسنُ الخالقين اللهُ ، أى : هو الله تعالى ، وخلائف : جمع خليفة ، وخليف بغير هاء يجمع خلفاء مثل كريم وكرماء ، ويقال للرّجل : هذا خليفة على المعنى ، ويجوز هذه خليفة على اللفظ والتأنيث ، قال الشاعر (٢) :

أبوك خليفة ولدته أخرى

وأنت خليفة ذاك الكمال

وقال أوس بن حجر (٣) ـ وأتى بالّلغتين ـ :

إنّ من القوم موجودا خليفته

وما خليف أبى وهب بموجود

__________________

(١) أنشده الفراء فى المعانى فى موضعين ، الموضع الأول : ٢ / ١٧٨.

(وابن خير الخلائق) بالقاف ، وهو خطأ ، صوابه ما أنشده الفراء نفسه فى الموضع الثانى : ٢ / ٤٠٧ قال : أنشدنى بعض العرب :

لعمرى ما نخلى بدار مضيعة

ولا ربّها إن غاب عنها بخائف

وإنّ لها جارين لن يغدرا بها

ربيب النبى وابن خير الخلائف

(٢) أنشده الفراء فى المعانى : ١ / ٢٠٨ ، وعنه فى المذكر والمؤنث لابن الأنبارى : ٥٦٥ ، والعباب (الفاء) : ١٦٨ ، واللّسان (خلف) وقال ابن الأنبارى رحمه‌الله بعد إنشاده : «والبيت لنصيب» ورجعت إلى مجموع شعر نصيب المطبوع فى بغداد ١٩٦٨ م فلم أجده ، وفيه أبيات مفردة لا يبعد أن تكون من شوارد القصيدة التى منها هذا البيت ، والله تعالى أعلم.

(٣) ديوانه : ٢٥. وينظر : المذكر والمؤنث لابن الأنبارى : ٥٦٦ ، والمخصّص : ٣ / ١٣٤ ، وشرح المفصل لابن يعيش : ٥ / ٥٢ ، واللسان (خلف) وشرح شواهد الشافية : ١٤٠.

٢٥٢

وقيل لأبى بكر الصدّيق رضوان الله عليه : يا خليفة رسول الله ، فقال : لست خليفته ، ولكن خالفته ، والخالف : المستقى / والخلف : الاستقا ، والخوالف : النّساء المغيبات ، والخليفة من الإبل : الحامل ، وربما قالوا : الخلف للحمل ، قال الراجز (١) :

مالك ترغين ولا ترغو الخلف

وتجزعين والمطىّ معترف

١٠ ـ وقوله تعالى : (وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ أَصْطَفَى) [١٥٢ ، ١٥٣] أجمع القراء على قطع هذه الألف ، لأنها ألف توبيخ على لفظ الاستفهام دخلت على ألف الوصل ، والتقدير : اأصطفى فسقطت ألف الوصل ، وكذلك (٢) : (أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَفْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً)(٣)(أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللهِ عَهْداً)(٤)(أَتَّخَذْناهُمْ سِخْرِيًّا)(٥) و (بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ)(٦) فإنما ذكرته لأن إسماعيل بن جعفر روى عن نافع لكاذبونَ صْطفى موصولا بحذف الألف ويجعله كلفظ الخبر ، وذلك ردىء ، لأن ألف الاستفهام لا تحذف إذا لم يكن عليها دليل.

__________________

(١) أنشدهما الصّغانى فى العباب (حرف الفاء) : ١٦٤ والأول منهما فى اللسان والتاج (خلف).

(٢) سورة مريم : آية : ٧٨.

(٣) سورة سبأ : آية : ٨.

(٤) سورة البقرة : آية : ٨٠.

(٥) سورة ص : آية : ٦٣.

(٦) سورة ص : آية : ٧٥.

٢٥٣

وقال بعضهم : لمّا أتى بألف بعده فى قوله : (أَفَلا تَعْقِلُونَ) أجزىء بها عن ذلك.

(واختلفوا فى هذه السورة فى ثلاث ياءات) :

(إِنِّي أَرى) [١٠٢] ، (أَنِّي أَذْبَحُكَ) [١٠٢] فتحهما نافع وابن كثير وأبو عمرو.

والثالث (سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللهُ) [١٠٢] فتحها نافع. وأسكنها الباقون.

* * *

٢٥٤

(ومن سورة ص)

١ ـ قوله تعالى : (ما لَها مِنْ فَواقٍ) [١٥]

قرأ حمزة والكسائى : من فُواق بضم الفاء.

وقرأ الباقون بالفتح ، فقال قوم : هما لغتان بمعنى واحد.

وقال آخرون : ال (فَواقٍ) بالفتح : الراحة ، أى : ما لها من راحة ، ولا فترة ، ولا سكون. والفواق : ما بين الحلبيتين وذلك أن البهيمة / ترضع أمّها ثم تدعها ساعة حتى ينزل اللبن فما بين الحلبيتين فواق.

٢ ـ وقوله تعالى : (وَقالُوا رَبَّنا عَجِّلْ لَنا قِطَّنا) [١٦]

القطّ : الصّكّ والكتاب ، لأنّ الله تعالى لما أنزل : (وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِشِمالِهِ)(١) كفر المشركون بذلك وجحدوا البعث ، وقالوا عجّل لنا هذا الكتاب الذى تعدنا به. فأنزل الله تعالى فى هذا ونحوه : (يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِها)(٢) والقطّ فى غير هذه : السّنّور (٣) ، أنشدنى ابن دريد (٤) :

وكلب ينبح الطّرّاق عنّى

أحبّ إلىّ من قطّ ألوف

__________________

(١) سورة الحاقّة : آية : ٢٥.

(٢) سورة الشّورى : آية : ١٨.

(٣) جمهرة اللّغة : ١ / ١٥٠ ، قال ابن دريد : «فى بعض اللّغات ولا أحسبها عربيّة صحيحة».

(٤) هما لميسون بنت بحدل الكلبيّة فى الخزانة : ٣ / ٥٩٣ ، ٦٢١. وينظر : الكتاب : ١ / ٤٢٦ ، والمقتضب : ٢ / ٢٧ والأصول : ٢ / ١٥٠ ، والإيضاح : ٣١٢ ، والجمل : ١٩٩ (وينظر شروح أبياتهما) والمحتسب : ١ / ٢٣٦ وأمالى ابن الشجرى : ١ / ٨٠ ، ٢٨٠ ، وشرح المفصل : ٧ / ٢٥ ، وشرح الشواهد للعينى : ٤ / ٣٩٧.

٢٥٥

ولبس عباءة وتقرّ عينى

أحبّ إلىّ من لبس الشّفوف

والقطّ بالفتح : مصدر قطّ الشّىء يقطه قطّا ، كان على رضى الله عنه إذا ضرب عرضا قطّ ، وإذا ضرب طولا قدّ. والقطّ أيضا : غلاء السّعر نعوذ بالله من قطّ الأسعار. ويقال : شعر قطّ ، وقطط ومقلعطّ (١) ، وهى أشدّ الجعودة. ويقال : ما فعلت ذلك قطّ ، مبنى على الضمّ.

٣ ـ وقوله تعالى : (لِيَدَّبَّرُوا آياتِهِ) [٢٩].

روى حسين عن أبى بكر عن عاصم تتدبّروا بالتاء وتخفيف الدّال. أى : لتدبروا أنتم.

وقرأ الباقون : (لِيَدَّبَّرُوا) بالياء ، وتشديد الدّال أرادوا : ليتدبروا أخبارا عن غيب. فأدغم التاء من الدّال فالتّشديد من جلل ذلك ومثله (تَذَكَّرُوا) فالمصدر من الأول تدبر يتدبر تدبرا فهو متدبر ، ومن الثانى فى أدّبر يدّبر إدبارا فهو مدبر. ومثله أطّوف و/ ادّارك وادّارأتم ، و (اطَّيَّرْنا) ، مصادر ذلك كله سواء وزنهن تفعّل تدبّر وتطوّف وتذكّر ، وتطيّر ، وأدغمت فلحقتها ألف الوصل.

٤ ـ قوله تعالى : (بِالسُّوقِ وَالْأَعْناقِ) [٣٣].

قرأ ابن كثير وحده بالسّؤق بهمزة ساكنة ، وإن كان ابن مجاهد يراه غلطا ، والرّواية الصحيحة عنه بالسووق على فعول ، فلما انضمت الواو همزها مثل «وقتت» ، «وأقتت» ، ومثل ذلك : غارت عينه غؤورا ، ودار ، وأدؤر.

__________________

(١) جمهرة اللغة : ١ / ١٥٠.

٢٥٦

وهذه رواية عبد الله بن على بن نصر وهو الصّواب. والأول رواية قنبل فتكون الهمزة منقلبة ضمة من الواو مثل : وقتت ، وأقتت ، وقال البزى : (بِالسُّوقِ) بغير همز مثل قراءة أبى عمرو ـ ف «سوق» جمع ساق مثل باحة ، وبوح ، وساحة ، وسوح ، والساحة ، والباحة والصرحة ، والعرصة كلّ واحد ، وكذلك قارة ، وقور للجبيل الصّغير. والمسح ـ هاهنا ـ : الغسل ، وذلك أن سليمان عليه‌السلام كان مشغوفا بالخيل فغسل نواصيها وسوقها بالماء.

وقال آخرون : (فَطَفِقَ مَسْحاً بِالسُّوقِ وَالْأَعْناقِ) أى : عرقبها وقطع أعناقها ، لما فاتته صلاة العصر وشغلته عن ذكر الله تعالى (حَتَّى تَوارَتْ بِالْحِجابِ) [٣٢] أى : حتى غابت الشمس.

فإن قال قائل إنّ سليمان عليه‌السلام نبى معصوم. فلم عرقب الخيل وهى لم تذنب؟

فأحسن الأجوبة / : .................................................. (١)

* * *

__________________

(١) خرم أصاب النّسخة ذهب به آخر هذه السورة وأول السورة التى بعدها (الزّمر).

٢٥٧

[(ومن سورة الزمر)]

[.......](١)

فلمّا أجرنا ساحة الحى وانتحى

بنا بطن خبت ذى عقاف عقنقل (٢)

والجواب الثّانى : أنّ العرب تعدّ من واحد إلى تسعة وتسميه عشرا. ثم تزيد واوا وتسمى واو العشر كقوله تعالى (٣) : ـ (التَّائِبُونَ الْعابِدُونَ ...) سبعة ثم قال (وَالنَّاهُونَ) بعد السبعة وقال (٤) : (مُسْلِماتٍ مُؤْمِناتٍ) عد سبعة ، ثم قال : (وَأَبْكاراً).

والجواب الثالث : ـ وهو الاختيار ـ ما قال المبرّد. قال : قال أبو العبّاس إذا وجدت حرفا من كتاب الله قد اشتمل على معنى حسن لم أجعله ملغى ، ولكن الواو هاهنا واو نسق ، والتقدير : حتى إذا جاءوها وصلوا وفتحت أبوابها. وهذا حسن جدّا.

(واختلفوا فى هذه السورة فى خمس ياءآت).

__________________

(١) خزم ذهب بأول هذه السورة وآخر السورة السابقة.

(٢) البيت لا مرىء القيس من معلقته ؛ ديوانه : ١٥ وشرح المعلقات لابن الأنبارى : ٥٤ ، وشرحها للنحاس : ١٣٤ وشرح أشعار الستة الجاهليين لأبى بكر عاصم بن أيوب : ١ / ٨٥ الصّحيح أنهم يزيدون بعد السّبع ، ويسمّونها واو الثمانية وكذا نقل الزّركشىّ ـ رحمه‌الله ـ فى البرهان عن ابن خالويه (البرهان : ٣ / ١٨٩).

(٣) سورة التوبة : آية : ١١٢.

(٤) سورة التحريم : آية : ٥.

٢٥٨

(إِنِّي أُمِرْتُ) [١١] فتحها نافع. وأسكنها الباقون.

و (إِنِّي أَخافُ) [١٣] فتحها نافع وابن كثير وأبو عمرو.

ويا عبادى [١٦] و (قُلْ يا عِبادِيَ) [١٠ ، ٥٣] وأ (تَأْمُرُونِّي) [٦٤] وقد ذكرتهنّ.

* * *

٢٥٩

(ومن سورة حم المؤمن)

[غافر]

١ ـ قوله تعالى : (حم) [١].

قرأ ابن كثير مفخّما حيم.

وقرأ حمزة والكسائىّ وأبو بكر عن عاصم وابن عامر ممالا.

واختلف عن الباقين فروى عن أبى عمرو بالكسر والفتح.

والاختيار عن عاصم فى رواية حفص الفتح.

وعن نافع بين بين ، لا مفتوح ولا مكسور.

وفيها قراءة رابعة : حم بفتح الميم قرأ به عيسى بن عمر وجعله اسما للسّورة ، والتّقدير : اتل حم ، أقرأ حم.

وقال آخرون : موضعه جرّ ، لأنّه لا ينصرف ، وهو جرّ / بالقسم وينشد (١) :

وجدنا لكم فى آل حم آية

تأوّلها منّا تقىّ ومعرب

__________________

(١) البيت للكميت بن زيد الأسدى فى الهاشميات : ١٨ ، وشرحها لابن رياش : ٥٥ وينظر : الكتاب : ٢ / ٣٠ ، ومجاز القرآن : ٢ / ١٩٣ ، والمقتضب : ١ / ٢٣٨ ، ٣ / ٣٥٦ ، وأسرار العربية : ١٨ واللسان (عرب ـ حمم ـ حيا).

وبعده :

وفى غيرها آيا وآيا تتابعت

لكم نصب فيها لذى الشك منصب

وقال أبو رياش فى شرح الشاهد : «وروى أبو عمرو (تقى ومعزب) بالزاي ، أى : خال من الخير».

٢٦٠