إعراب القراءات السبع وعللها - المقدمة

إعراب القراءات السبع وعللها - المقدمة

المؤلف:


الموضوع : القرآن وعلومه
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٢٤

القاسم بن سلّام رحمه‌الله ، حدّثنى به شيخنا أبو الحسن شريح بن محمد المقرىء ـ رحمه‌الله ـ قراءة عليه وأنا أسمع ، قال : حدثنى به أبي ...».

روى القراءات وتوجيهها بسنده عن أحمد بن عبدان عن على بن عبد العزيز عن أبي عبيد.

وفى كتاب ابن خالويه تعقيبات وردّ على أبى عبيد قال (١) : «وحجّة من خفّف اجتماع القراء على تخفيف التى فى القصص (فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الْأَنْباءُ يَوْمَئِذٍ) قال أبو عبيد : ولا أعلم أحدا قرأها بالتشديد. قال أبو عبد الله : وقد شدّدها عبيد ابن عمير ...» وقال (٢) فى قراءة (صِنْوانٌ وَغَيْرُ صِنْوانٍ).

«قال أبو عبيد : ولا أعلم أحدا قرأ به. قال أبو عبد الله : قد قرأ به عاصم فى رواية حفص ، وهما لغتان ...» وفيه جملة من ردود ابن خالويه على تخطئة أبى عبيد القراء.

ورجع ابن خالويه إلى كتاب «المجاز» لأبي عبيدة إلّا أنه لم يصرح بذلك ولاحظى بالسند والرّواية عن المؤلّف كسابقيه.

ومثله معانى القرآن للأخفش ومعانى القرآن وإعرابه للزّجاج ، وتفسير ابن جرير الطبرى ... وغيرهم.

وصرّح بنقله عن «العين» (٣) و «نوادر اللّحيانى» (٤) و «الأبنية» (٥) للجرميّ ولم يذكر سواها ماعدا الإحالة إلى مؤلفاته.

وفى الكتاب أسانيد عن شيوخه أفاد من مجالسهم ، ونقل عنهم مشافهة دون

__________________

(١) إعراب القراءات : ١ / ١٧٩.

(٢) إعراب القراءات : ١ / ٣٢١.

(٣) إعراب القراءات : ١ / ٤١٨.

(٤) إعراب القراءات : ٢ / ٤٠٦.

(٥) إعراب القراءات : ١ / ١٧٧.

١٠١

الرّجوع إلى مؤلفاتهم ، وأهم وأوثق مصادره ، ولعلّ ما فيه من الأخبار والرّوايات المختلفة عن هؤلاء الشيوخ التى لانجدها فى مصدر هى السّمة الواضحة التى تعطى كتاب أبى عبد الله أهميّة خاصة.

٥ ـ أثره فيمن بعده :

لم أجد لكتاب ابن خالويه هذا من الشّهرة بين العلماء ما أجده لكتابه (إعراب ثلاثين سورة) له مع أن كتابه هذا أرحب مجالا وأكبر حجما ، وفيه من الفوائد العلميّة المتنوعة أضعاف ما فى كتاب (إعراب ثلاثين سورة) ولكن أبادر فأقول : إنّ للكتب من حيث الانتشار والذّيوع بين الأوساط العلميّة أو الخمول وعدم الذكر وبقائها خاملة على الدّروج والرّفوف لا يعلم بها ولا يهتدى إليها ، إنّ لها فى ذلك حظوظا كحظوظ الرّجال فكم برز على السّاحات العلمية أشباه علماء واختفى عن السّاحة أفاضلهم ، وخمل ذكرهم ، وكذلك الكتب ، ولا يلزم من هذا أن تكون هذه قاعدة ، بل هذا قد يحصل ، ووجود العكس هو الأصل وهو غير مستغرب.

ويظهر أن كتاب ابن خالويه من هذه القلة التى لم يسعفها الحظ من الشهرة والذّيوع والانتشار.

وأقول أيضا : هل هذا الكتاب يساوى مختصره المسمى ب (الحجّة) المنسوب إلى ابن خالويه؟ وقدّر لذلك أن يطبع وينتشر وبقى هذا قابعا فى مكانه.

والأمر الآخر : أنّ هذا الكتاب قد يكون من آخر مؤلفات ابن خالويه فلم يجد من الشهرة والمكانة بين العلماء ما وجدته مؤلفاته الأخرى التى نسخت فى عهده وقرئت عليه ورويت عنه وتداولها الناس بعد ذلك جيلا بعد جيل.

ولا أعرف أحدا من المتقدمين نقل عنه ، أو اقتبس منه ، أو أحال عليه ، أو ذكره ذكر المطلع عليه المفيد منه.

١٠٢

إلا أننى رأيت فى كتاب «حجّة القراءات» لأبي زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة المقرىء تشابها ظاهرا بينه وبين كتاب ابن خالويه من حيث عرض القراءات وتوجيهها والكلام عليها والحجة لها.

وابن زنجلة المذكور معاصر لابن خالويه ، وهو فى درجة تلاميذه ولم أجد ما يدلّ على أنّه لقيه ، أو اجتمع به ، أو كاتبه ، ولعلّه أصبح فى حكم المؤكد أنه أطلع على كتابه (إعراب القراءات) وأفاد منه وإن كان ابن خالويه لم يذكر فى كتاب أبى زرعة.

ويظهر أنّ أبا حيّان الأندلسيّ اطّلع على كتاب ابن خالويه وأفاد منه فقد خرجت بعض القراءات والتوجيهات التى ذكرها المؤلف من البحر المحيط ، ونصّ على أنها من كلام ابن خالويه ، ولكن لم ينصّ على أنها من هذا الكتاب ، والله تعالى أعلم.

٦ ـ نسبة الكتاب إلى ابن خالويه :

نسبة هذا الكتاب إلى ابن خالويه واضحة جلية ، فكل ما فى هذا الكتاب من معلومات وأخبار وأسانيد يشهد بصحة هذه النسبة ، فقد ذكر فى أسانيده أسماء شيوخه الذى ذكروا فى ترجمته فى المصادر المختلفة منهم ابن مجاهد وابن الأنبارى ، وابن دريد ، وأبو عمر الزاهد ...

ـ كما أنه أحال إلى مؤلفاته فأكثر من ذلك ، وأغلب هذه المؤلفات صحيحة النسبة إلى ابن خالويه منها كتاب «الشواذ» و «الألفات» و «البديع» ...

ـ وذكر اسمه صريحا فى بعض رؤوس الفقرات التى يحتج فيها أو يدلل أو يرد (قال ابن خالويه ، قال أبو عبد الله ، قال أبو عبد الله الحسين بن خالويه ...) وهكذا.

ـ هذا الكتاب يتفق مع منهج ابن خالويه وأسلوبه فى مؤلفاته حيث إنّه يميل إلى محاوله الحصر والاستقصاء فى ذكر المترادفات أو المشترك اللفظى.

١٠٣

ـ كثير من أخبار الكتاب وأسانيده ، وطرائفه ، ونقوله ، ونوادره ، واحتجاجه ، وتوجيه قراءاته ، وإعرابه ، مذكور فى مؤلفاته الأخرى وعلى الاخص «إعراب ثلاثين سورة» «وشرح الفصيح» «وشرح المقصورة».

ـ أن الكتاب يحمل عنوانا مقرونا به اسم مؤلّفه صراحة وليس ثمة ما ينفى هذه النسبة أو يشكك فيها وإنما ذكرت ذلك ؛ لأنّ هذه التسميه (إعراب القراءات) لم تشتهر عند العلماء ، لا قديما ولا حديثا.

٧ ـ وصف النّسخة الخطّية

اعتمدت فى تحقيق الكتاب على نسخة مراد ملّا رقم ٨٥ ، وهي مجلّد فى جزئين فى ٦٥٠ صفحة مسطرتها ١٤ * ١٠ سم ، ينتهى جزؤه الأول فى آخر سورة الكهف فى الصفحة ٢٩٤ ، وبعدها صفحة خارجة عن موضوع الكتاب. جاء فى آخره مايلى :

نجز النّصف الأوّل من الكتاب ، ويتلوه فى الجزء الثّانى من سورة (مريم) عليها‌السلام.

وفرغ من تحرير هذا الكتاب العبد المذنب الفقير المحتاج إلى رحمة الله تعالى أبو القاسم أحمد بن فراج بن سرور الأبهرىّ بتاريخ منتصف شوال سنة ستّمائة حامدا لله تعالى ، ومصليا على نبيه محمد وآله أجمعين.

ثم ابتدأ فى ص ٢٩٦ الجزء الثانى بعنوان الكتاب الذى سقط من الجزء الأول ـ وكان مهما جدّا ـ هكذا :

* * *

١٠٤

(الجزء الثّانى من كتاب إعراب)

(القراءات السّبع وعللها تأليف أبى عبد الله)

(الحسين بن خالويه رضى الله عنه)

ثم بدأ الجزء الثانى ب «بسم الله الرحمن الرحيم ـ وعليه نتوكل وبه نستعين ، ومن سورة مريم عليها‌السلام ...

وفى آخره : تم الكتاب بحمد الله ومنّه والصّلاة على خير خلقه محمد وآله وصحبه ، وفرغ من كتبه العبد المذنب المحتاج إلى رحمة الله تعالى صديق بن عمر بن محمد بن الحسن فى يوم السبت وقت صلاة الضحى فى آخر شهر ذى القعدة من شهور سنة ستمائة حامدا لله ومصليا على نبيه محمد وآله. رحم الله من نظر فيه ودعا لكاتبه بالمغفرة.

يقول محققه الفقير إلى الله تعالى عبد الرّحمن بن سليمان العثيمين :

اللهم اغفر لى وله ولجميع المسلمين آمين.

وهذه النّسخة مقابلة بخط عالم ـ فيما يظهر ـ صحّحت بعض عباراتها على هوامش النّسخة بخط غير خط الناسخين ، وإذا كان بعض الكلمة فى سطر وبعضها فى سطر آخر فإنّ قارىء النّسخة ومصححها يجمع الكلمة فى مكان واحد ، ثم قال المصحح ـ رحمه‌الله ـ فى ختام النّسخة : قوبل بأصل بحسب الإمكان والحمد لله ربّ العالمين وصلواته على سيّد المرسلين محمد النبى الأمى وآله وصحبه والسّلام.

وهذه النّسخه ـ بجملتها ـ جيّدة وعبارتها واضحة ذهبت بعض كلماتها ـ وهى قليلة جدّا ـ بسبب الرطوبة واحتراق المداد فى الصفحات الأول ، وتوقفت فى قراءة بعض كلمات ساعدنى فى قراءتها أستاذنا الفاضل محمود محمد شاكر ـ أجزل الله له المثوبة ـ وبعض كلمات توقفت فيها تماما مظهرا بذلك عجزى وقصورى ، وحسبى أننى اجتهدت.

* * *

١٠٥

خروم النّسخة :

فى هذه النّسخة خروم فى مواضع متفرقة منها ، أقدرها مجتمعة بما لا يقل عن مائة ورقة من أصل الكتاب ، وهذا قسم كبير بلا شك ، وهى خسارة لا تعوّض ، وهذا ما جعل كثيرا من المهتمين المتخصصين لا يقدم على تحقيقه ، ولكنّ ذلك لم يكن مانعا لى من الإقدام على نشره ؛ لأنّه إذا خسر الباحثون مائة صفحة تقريبا من كتاب إعراب القراءات فقد كسبوا خمسين وستمائة صفحة هى المتبقى من الكتاب ، وكم من المؤلفات لعلماء الإسلام نتمنى الوقوف ولو على وريقات منها ، وما لا يدرك كلّه لا يترك جلّه ، والله المستعان.

وهذه الخروم كانت موجودة قبل ترقيم صفحات الكتاب ثم تسلسل الترقيم بعد ذلك ، وهى كما يلى :

١ ـ فى أوائل سورة البقرة بين الآيتين ٣٦ ـ ٨٣ الواقع بين الصفحتين ٥٧ ـ ٥٨.

٢ ـ وفى أثناء شرح الآية ٨٣ سقط آخر كبير جدّا بين الصفحتين ٦٢ ـ ٦٣ من المخطوط ذهب به ما يقرب من ثلثى سورة البقرة بعد الآية ٨٣ ـ ٢٥١.

وهذا هو أكبر خرم فى النسخة ، وذهب بذهابه علم كثير ؛ لأنّ المؤلّف يحيل إليه ، يترك التفصيل فى الآيات المشابهة من سور القرآن اعتمادا على ما ذكر فى سورة البقرة ...

٣ ـ فى شرح الآية ٦٣ من سوره (المائدة) سقط أقدره بورقة واحدة بين الصفحتين ١٠١ ـ ١٠٢.

٤ ـ فى آخر سورة (الحجر) بعد الآية ٧٨ واستمر الخرم حتى أوائل سورة (النّحل) فى توجيه قراءة الآية ٢٦ ، أقدّره بما لا يقل عن (ثلاث ورقات).

٥ ـ سقط من سورة (الرّوم) إلى أثناء سورة (الأحزاب) بما أقدّره ب (خمس ورقات).

١٠٦

٦ ـ سقط فى سورة (ص) إلى أوائل سورة (الزّمر) أقدّره بما لا يقل عن ورقتين.

٧ ـ وسقط فى وسط سورة الفتح حتى قبيل آخر سورة القمر أقدّره بما لا يقلّ عن خمس ورقات.

* * *

١٠٧