درج الدّرر في تفسير القرآن ّالعظيم - ج ١

عبد القاهر بن عبد الرحمن الجرجاني

درج الدّرر في تفسير القرآن ّالعظيم - ج ١

المؤلف:

عبد القاهر بن عبد الرحمن الجرجاني


المحقق: د. طلعت صلاح الفرحات / د. محمّد أديب شكور
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الفكر ناشرون وموزعون
الطبعة: ١
ISBN الدورة:
9957-07-514-9

الصفحات: ٨٣٢
الجزء ١ الجزء ٢

سورة الأعراف

مكّيّة ، وعن ابن عبّاس وقتادة إلّا خمس آيات نزلن (١) بالمدينة ، [أوّلها](٢) قوله : (وَسْئَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ) [الأعراف : ١٦٣]. وهي مئتان وستّ آيات مدني كوفي ، وخمس بصري (٣).

بسم الله الرّحمن الرّحيم

١ ـ (المص) : قال ابن عبّاس (٤) : «أنا الله أعلم وأفصّل». ويحتمل أن تكون الصّاد إشارة إلى الفصل ، أي : إلى هذا الفصل (٥) ، فإنّ السّور (٦) فصول لا محالة. ويحتمل إشارة إلى الصّدق (٧) ، أي : (١١٠ ظ) أنا الله أعلم وأصدق ، أو الرّسول صادق (٨) ، أو الوحي صدق (٩).

٢ ـ (كِتابٌ) : هذا كتاب (١٠).

(حَرَجٌ) : شكّ ، عن ابن عبّاس ومجاهد وقتادة والسدّي (١١) : أي : لا تشكنّ (١٢) في ظهوره وانتشاره ، أو في نفسه وعينه. وقال الفرّاء والزّجّاج (١٣) : المراد بالحرج (١٤) الخوف ، أي : لا تخافنّ من عجزك عن القيام به فإنّك موفّق لتبليغه ، أو من ردّهم وإنكارهم فإنّك منصور عليهم.

والضّمير في (مِنْهُ)(١٥) عائد إلى الإنذار على سبيل التّقديم والتّأخير (١٦).

(وَذِكْرى) : عطف على (كتاب) (١٧).

٤ ـ (فَجاءَها بَأْسُنا) : الفاء بمعنى الواو ، كقولك : أعطيتني فأحسنت (١٨) إليّ. وقيل :

__________________

(١) في ع وب : نزلت.

(٢) يقتضيها السياق. وينظر : زاد المسير ٣ / ١١١.

(٣) ينظر : مجمع البيان ٤ / ٢١١.

(٤) معاني القرآن وإعرابه ٢ / ٣١٣ ، ومجمع البيان ٤ / ٢١٣ ، وزاد المسير ٣ / ١١١.

(٥) بعدها في النسخ الثلاث : كتاب ، وليس موضعها ، وموضعها الصحيح يأتي قريبا.

(٦) في ب : السورة.

(٧) ينظر : زاد المسير ٣ / ١١١ ، والبحر المحيط ٤ / ٢٦٧.

(٨) في ب : صادقا ، وهو خطأ.

(٩) في ك : كذب ، وهو خطأ.

(١٠) ينظر : معاني القرآن للفراء ١ / ٣٦٩ ، ومعاني القرآن وإعرابه ٢ / ٣١٤ ، وإعراب القرآن ٢ / ١١٣.

(١١) ينظر : تفسير مجاهد ١ / ٢٣١ ، والطبري ٨ / ١٥٣ ـ ١٥٤ ، وزاد المسير ٣ / ١١٢.

(١٢) في ك : لا تكن.

(١٣) لم أقف على قول الفراء في معاني القرآن ، وقول الزجاج في معاني القرآن وإعرابه ٢ / ٣١٥.

(١٤) (المراد بالحرج) ساقطة من ب.

(١٥) في ع : منهم ، والميم مقحمة.

(١٦) ينظر : زاد المسير ٣ / ١١٢ ، وتفسير القرطبي ٧ / ١٦١ ، والبحر المحيط ٤ / ٢٦٧.

(١٧) ينظر : معاني القرآن للفراء ١ / ٣٧٠ ، وإعراب القرآن ٢ / ١١٤ ، ومشكل إعراب القرآن ١ / ٢٨١.

(١٨) النسخ الثلاث : فاحتسب. وينظر : معاني القرآن للفراء ١ / ٣٧١ ، وتفسير القرطبي ٧ / ١٦٢.

٦٤١

المراد بالإهلاك مشيئة الإهلاك ، وبمجيء البأس إمضاء الحكم وإتمامه ، فلذلك (١) عقب.

وفي قوله : (أَوْ [هُمْ] (٢) قائِلُونَ) : واو مضمرة للحال ، أي : وهم قائلون (٣).

والقيلولة : النّوم والاستراحة في نصف النّهار ، تقول (٤) : قلت أقيل قائلة وقيلولة (٥).

٥ ـ (فَما كانَ دَعْواهُمْ) : قولهم وكلامهم الذي يكرّرونه (٦) ويتّخذونه عادة ، كما في قوله : (دَعْواهُمْ فِيها سُبْحانَكَ اللهُمَ) [يونس : ١٠].

وإنّما ذكر دعواهم ليعلموا (٧) أنّ عاقبة أمرهم النّدامة والاعتراف.

٦ ـ (فَلَنَسْئَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ) : فيعمي (٨) الأنباء عليهم (فَهُمْ لا يَتَساءَلُونَ) [القصص : ٦٦] ، وأمّا المرسلون فيقولون : (لا عِلْمَ لَنا إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ(٩) الْغُيُوبِ) [المائدة : ١٠٩].

٧ ـ (الغيبة) : الزّوال عن مكان (١٠).

٨ ـ والموازنة (١١) والوزن : تسوية الحساب ومقابلة الحسنة بالحسنة والسّيّئة بالسّيّئة ، كوزن (١٢) الشّعر ، عن قتادة ومجاهد والضّحّاك والأعمش. وفي الحديث أنّ العبد المؤمن يؤتى بتسع وتسعين سجلا (١٣) ، كلّ واحد منها مدّ البصر ، فيها خطاياه وذنوبه ، فتوضع في كفّة الميزان ، ثمّ يخرج له بطاقة من تحت العرش بمقدار الأنملة فيها شهادة أن لا إله إلّا الله ، فتوضع (١٤) في كفّة أخرى فيقول : يا ربّ ما تزن (١٥) هذه البطاقة مع هذه (١٦) الصّحف؟ فطاشت الصّحف

__________________

(١) في ك : فكذلك. وينظر : تفسير البغوي ٢ / ١٤٨ ، والكشاف ٢ / ٨٧ ، والتفسير الكبير ١٤ / ٢٠.

(٢) من ع.

(٣) ينظر : معاني القرآن للفراء ١ / ٣٧٢ ، والتبيان في تفسير القرآن ٤ / ٣٤٦ ، وزاد المسير ٣ / ١١٤.

(٤) في ك : يقال ، وفي ع : يقول.

(٥) ينظر : التبيان في تفسير القرآن ٤ / ٣٤٥ ، والبحر المحيط ٤ / ٢٦٥.

(٦) في ع : تكررونه. وينظر : تفسير البغوي ٢ / ١٤٨ ، وزاد المسير ٣ / ١١٤ ، وتفسير القرآن العظيم ٢ / ٢٠٩.

(٧) في الأصل وع : لتعلموا. وينظر : تفسير البغوي ٢ / ١٤٨ ، وتفسير القرآن العظيم ٢ / ٢٠٩.

(٨) في ع : نعمي.

(٩) في الأصل وب : العلام ، وهو خطأ. وينظر : تفسير القرآن العظيم ٢ / ٢٠٩.

(١٠) ينظر : التبيان في تفسير القرآن ٤ / ٣٥١.

(١١) في الأصل وك وع : والموازاة.

(١٢) في ب : كون ، والزاي ساقطة. وينظر : التبيان في تفسير القرآن ٤ / ٣٥٢.

(١٣) في ب : حملا.

(١٤) في الأصل وع : فيوضع.

(١٥) في ك : ما قرن.

(١٦) النسخ الثلاث : هذا ، وبعدها في ك : المصحف ، بدل (الصحف).

٦٤٢

ورجحت البطاقة (١). فيه دليل على أنّ الموزون هو الدّواوين ونسخ الأعمال ، هكذا روي عن ابن عمر (٢) ، ومن فحوى ظاهر قوله : (وَقَدِمْنا إِلى ما عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ) [الفرقان : ٢٣] أنّ الأعمال تعاد وتقلب جواهر للوزن (٣). وقوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : (ترى الرّجل (٤) الطّويل العظيم الأكول الشّروب لا يزن عند الله يوم القيامة جناح بعوضة) يدلّ على وزن أجسام العاملين ، ولا تنافي بين هذه الأقاويل لإمكان الجمع بين أن يحاسب العبد ثمّ يوزن بدواوينه ثمّ توزن أعماله ثمّ يوزن نفسه ، كما يبتلى في الدّنيا مرّة بعد مرّة ، وكذلك في القبر (٥) والقيامة.

(الْحَقُّ) : «العدل» (٦).

(فَمَنْ ثَقُلَتْ) : بالخير.

(مَوازِينُهُ) : جمع الميزان ، إمّا لوزن (٧) كلّ جنس من عمله على حدة فيصير الميزان موازين (٨) في حقّه ، وإمّا لاعتبار طريقة العرب أنّهم يجمعون الشّيء بأجزائه (٩).

١٠ ـ (مَعايِشَ) : جمع معيشة ، وهي ما يعاش (١٠) به من القوت. والعيش امتداد الحياة.

١١ ـ (وَلَقَدْ خَلَقْناكُمْ) : يعني خلق الطّينة (١١).

(ثُمَّ صَوَّرْناكُمْ) : يعني تصوير النّفس الجامعة لصور النّاس وهو نفس آدم عليه‌السلام (١٢). وقيل : (ثمّ) (١٣) لترادف الأخبار دون الأشياء المخبر عنها. و (التّصوير) : إمالة الأشكال (١٤).

__________________

(١) (مع هذه الصحف ... البطاقة) مكررة في ب. وينظر : صحيح ابن حبان ١ / ٤٦١ ، وجزء البطاقة ٣٥ ، والمستدرك ١ / ٤٦ و ٧١٠.

(٢) ينظر : التبيان في تفسير القرآن ٤ / ٣٥٢ ، ومجمع البيان ٤ / ٢٢٠ ، وتفسير القرطبي ٧ / ١٦٥.

(٣) ينظر : تفسير القرطبي ٧ / ١٦٥.

(٤) ساقطة من ب ، وبعدها في ك : العظيم الطويل ، بدل (الطويل العظيم) ، وهو موافق لما في مصادر التخريج ، ينظر : تفسير مجاهد ١ / ٢٣١ ، وتفسير القرآن ٣ / ٣٩٢ ، وكنز العمال ٢ / ٣٠.

(٥) في ك : البقر ، وهو تحريف.

(٦) تفسير الطبري ٨ / ١٦٠ ، وزاد المسير ٣ / ١١٤.

(٧) في ع : (إنما الوزن) ، بدل (إما لوزن) وهذه العبارة ساقطة من ب.

(٨) في ب : فتصير ميزان الموازين ، بدل (فيصير الميزان موازين).

(٩) ينظر : تفسير البغوي ٢ / ١٤٩ ، والتفسير الكبير ١٤ / ٢٦ ، وتفسير القرطبي ٧ / ١٦٦.

(١٠) في ع : يقاس. وينظر : الكشاف ٢ / ٨٩ ، ومجمع البيان ٤ / ٢٢١ و ٢٢٢ ، وتفسير القرطبي ٧ / ١٦٧.

(١١) ينظر : معاني القرآن وإعرابه ٢ / ٣٢١ ، والكشاف ٢ / ٨٩ ، وزاد المسير ٣ / ١١٧.

(١٢) ينظر : تفسير البغوي ٢ / ١٥٠.

(١٣) أي : (ثُمَّ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ). وينظر : تفسير البغوي ١ / ١٥٠ ، ومجمع البيان ٤ / ٢٢٣ ، والتفسير الكبير ١٤ / ٣٠.

(١٤) ينظر : لسان العرب ٤ / ٤٧٣ (صور).

٦٤٣

١٢ ـ (قالَ) الله : (ما مَنَعَكَ) : حبسك ، (أَلَّا تَسْجُدَ) : (١١١ و) أي : عن أن تسجد (١) ، ويحتمل : ما حملك على أن لا تسجد (٢).

١١ ـ (لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ)(٣) : أي : لم يسجد ، وقيل : لم يكن من جنس السّاجدين ؛ لأنّه أدخل في جملة المخاطبين على طريق التّبع لكونه دخيلا ملحقا (٤).

١٣ ـ (قالَ (٥) فَاهْبِطْ مِنْها) : من وجه الزجر (٦) ونشزاتها (٧) إلى المستنقعات من السّواحل والجزائر (٨) ، وعن مقاتل : من الجنّة (٩) ، وعن مجاهد : من السّماء (١٠) ، وعن أبي روق : من صورته ؛ لأنّه مسخ لافتخاره بنفسه (١١) ، وليس لأحد أن يتكبّر في مواضع الملائكة ولا في سلطان غيره وفعل غيره.

١٤ ـ (قالَ أَنْظِرْنِي) : أجّلني وأمهلني ، قال على وجه المكايدة وإرادة لتأخير العقوبة ، فأمهله الله تعالى استدراجا ليزداد إثما فيزاد (١٢) عقوبة.

وقيل : ظنّ اللّعين أنّه إن أمهل إلى ذلك الوقت أمهل عن الإماتة وسلم عن ذوق الموت من حيث إنّه يوم حياة لا يوم موت ، فآيسه الله تعالى وأبهم الإنطاق (١٣).

وقيل : أجابه إثابة له على (١٤) عبادته المتقدّمة لئلّا يبقى له في الآخرة إلّا النّار.

١٦ ـ (قالَ فَبِما أَغْوَيْتَنِي) : فبإغوائك إيّاي ، والباء للقسم والسّبب ، أو المقارنة (١٥).

و (الإغواء) : الإضلال ، عن ابن عبّاس (١٦).

__________________

(١) ينظر : معاني القرآن للفراء ١ / ٣٧٤ ، وتأويل مشكل القرآن ٢٤٤ ، ومعاني القرآن وإعرابه ٢ / ٣٢٢.

(٢) ينظر : تفسير الطبري ٨ / ١٧١ ، ومجمع البيان ٤ / ٢٢٤ ، والتفسير الكبير ١٤ / ٣٢.

(٣) عودة إلى الآية السابقة.

(٤) ينظر : تفسير القرطبي ٧ / ١٦٩.

(٥) ليس في ك.

(٦) كذا في نسخ التحقيق ، ولعل الصواب : الجزر.

(٧) «النّشز والنّشز : المتن المرتفع من الأرض» ، لسان العرب ٥ / ٤١٧ (نشز).

(٨) ينظر : تفسير القرطبي ٧ / ١٧٣ ، والبحر المحيط ٤ / ٢٧٤ ، والدر المصون ٥ / ٢٦٤.

(٩) ينظر : التبيان في تفسير القرآن ٤ / ٣٦٠ ، وزاد المسير ٣ / ١١٨ ، والتفسير الكبير ١٤ / ٣٥.

(١٠) ينظر : التبيان في تفسير القرآن ٤ / ٣٦٠ ، وزاد المسير ٣ / ١١٨.

(١١) ينظر : تفسير القرطبي ٧ / ١٧٣ ، والبحر المحيط ٤ / ٢٧٤.

(١٢) في ع : فيزداد ، وفي ب : ويزداد.

(١٣) ينظر : تفسير البغوي ٢ / ١٥١ ، والتفسير الكبير ١٤ / ٣٦ ، وتفسير القرطبي ٧ / ١٧٣ ـ ١٧٤.

(١٤) في ب : الإثابة له وعلى ، بدل (إثابة له على).

(١٥) ينظر : التبيان في تفسير القرآن ٤ / ٣٦٢ ـ ٣٦٣ ، والكشاف ٢ / ٩١ ـ ٩٢ ، والتفسير الكبير ١٤ / ٣٨.

(١٦) ينظر : تفسير الطبري ٨ / ١٧٥ ، وزاد المسير ٣ / ١١٩ ، وتفسير القرطبي ٧ / ١٧٤.

٦٤٤

(لَأَقْعُدَنَّ) : جواب قسم (١) ، ومعناه إعراضه عن شرائع الإسلام وسبيل الحقّ ليوسوس ويصدّ ويزلّ ويضلّ (٢) ، قال الله تعالى : (وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ) [التّوبة : ٥] ، أي : في كلّ مرصد (٣).

١٧ ـ (ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ) : الآخرة ، (وَمِنْ خَلْفِهِمْ) : الدّنيا ، (وَعَنْ أَيْمانِهِمْ) : الدّين ، (وَعَنْ شَمائِلِهِمْ) : الشّهوات (٤).

(وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شاكِرِينَ) : ظنّا منه بالعسرى التي جعلها الله تعالى من موهومه وخلقه لها ويسّرها (٥) عليه.

١٨ ـ (قالَ اخْرُجْ مِنْها) : يحتمل على سبيل التّكرار (٦) ، ويحتمل خروج عن معنى آخر (٧).

(مَذْؤُماً) : معيوبا (٨) ، (مَدْحُوراً) : مطرودا مبعدا (٩).

(لَمَنْ تَبِعَكَ) : والله لمن تبعك ، وجوابه : (لَأَمْلَأَنَ)(١٠).

٢٠ ـ (فَوَسْوَسَ لَهُمَا) : صوّت لهما. ووسوس إليه ، أي : ألقى إليه صوتا خفيّا (١١).

واللام (١٢) في (لِيُبْدِيَ) لام (كي).

واختلفوا في مواراة سوآتهما ، قيل : كانت بالحليّ والحلل ، فطارت عنهما بالمعصية. وعن (١٣)

__________________

(١) ينظر : التبيان في تفسير القرآن ٤ / ٣٦٣ ، ومجمع البيان ٤ / ٢٢٦ ، والتفسير الكبير ١٤ / ٣٨.

(٢) ينظر : تفسير الطبري ٨ / ١٧٦ ، والبغوي ٢ / ١٥١ ، والكشاف ٢ / ٩٢.

(٣) ينظر : تفسير القرطبي ٨ / ٧٣.

(٤) ينظر : تأويل مشكل القرآن ٣٤٨ ، وتفسير الطبري ٨ / ١٧٩ ، ومعاني القرآن الكريم ٣ / ١٧ ـ ١٨.

(٥) في ب : أو يسرها ، وبعدها في ع : له ، بدل (عليه). وينظر : تفسير البغوي ٢ / ١٥٢ ، ومجمع البيان ٤ / ٢٢٨ ، والتفسير الكبير ١٤ / ٤٣.

(٦) ساقطة من ب.

(٧) ينظر : البحر المحيط ٤ / ٢٧٨.

(٨) ينظر : غريب القرآن وتفسيره ١٤٤ ، وتفسير الطبري ٨ / ١٨١ ـ ١٨٢ ، والبغوي ٢ / ١٥٢.

(٩) (قال اخرج ... مبعدا) ليس في ك. وينظر : تفسير غريب القرآن ١٦٦ ، ومعاني القرآن الكريم ٣ / ١٩ ، ومفردات ألفاظ القرآن ٣٠٨ (دحر).

(١٠) ينظر : معاني القرآن وإعرابه ٢ / ٣٢٥ ، وإعراب القرآن ٢ / ١١٧ ـ ١١٨ ، والكشاف ٢ / ٩٤.

(١١) ينظر : الكشاف ٢ / ٩٤ ، والتفسير الكبير ١٤ / ٤٥ ، والجواهر الحسان ٣ / ١٥.

(١٢) في ب : واللازم ، والزاي مقحمة. وينظر : تفسير القرطبي ٧ / ١٧٨ ، والمجيد ٢١٨ (تحقيق : د. إبراهيم الدليمي) ، والبحر المحيط ٤ / ٢٧٩.

(١٣) بعدها في ك : ابن.

٦٤٥

وهب أنّها كانت بنور يغشي العيون ويمنع عن الإدراك (١) ، فلمّا عصيا ذهب النّور. وذكر القتبيّ (٢) أنّها كانت بجهلهما سوآتهما ، فلمّا أكلا من شجرة العلم علما أنّهما عريانان فتواريا في الأشجار.

(أَنْ تَكُونا) : كراهة أن تكونا ، عند البصريّين (٣) ، ولئلّا تكونا ، عند الكوفيّين (٤).

٢١ ـ (وَقاسَمَهُما) : أقسم وحلف لهما باسم الله تعالى (٥).

و (النّصح) : ضدّ الخيانة (٦).

٢٢ ـ (فَدَلَّاهُما) : قربهما ، من قوله : (فَتَدَلَّى) [النّجم : ٨] ، عن أبي الهيثم (٧). وقيل : جرّأهما ، من الدّلّ والدّالّة ، فصيّرت إحدى اللامات ياء (٨). وقيل : «دلاهما من الجنّة إلى الأرض» (٩).

(وَطَفِقا) : «أخذا في الفعل» (١٠).

(يَخْصِفانِ) : يضمّان ويجمعان ، إطباق طاق على طاق ، ومنه خصف النّعل (١١).

روي أنّ الأشجار كلّها امتنعت ولم تمكّنهما من أخذ الورق إلّا شجرة التّين (١٢).

وفي الآية دلالة على وجوب (١٣) الفعل بالعقل ، قيل : لمّا خاطب الله تعالى آدم بقوله : (أَلَمْ أَنْهَكُما) ، قال : بلى يا ربّ ولكنّي لم أعلم أنّ أحدا يحلف (١١١ ظ) بك كاذبا (١٤).

٢٣ ـ (قالا رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا) : لمّا اعترفا بقبح أفعالهما وتعرّضا للمغفرة ، واعتقدا الخسران إن لم يغفر الله لهما ، وسكتا عن الاحتجاج بالمشيئة والتّقدير استوجبا المغفرة في حكم الله تعالى (١٥).

__________________

(١) في ب : عند الاستدراك ، بدل (عن الإدراك). وينظر : تفسير الطبري ٨ / ١٨٤ ، والبغوي ٢ / ١٥٣ ، والكشاف ٢ / ٩٦.

(٢) لم أقف على قوله.

(٣) ينظر : معاني القرآن للأخفش ٢ / ٥١٤ ، وتفسير الطبري ٨ / ١٨٥ ، وإعراب القرآن ٢ / ١١٨.

(٤) ينظر : تفسير الطبري ٨ / ١٨٤ ـ ١٨٥ ، وإعراب القرآن ٢ / ١١٨ ، والاستغناء في أحكام الاستثناء ٥٩٧.

(٥) ينظر : تفسير الطبري ٨ / ١٨٥ ، والعمدة في غريب القرآن ١٣٣ ، وتفسير البغوي ٢ / ١٥٣.

(٦) ينظر : مجمع البيان ٤ / ٢٣٠.

(٧) ينظر : لسان العرب ١٤ / ٢٦٧ (دلا).

(٨) ينظر : التفسير الكبير ١٤ / ٤٩ ، وتفسير القرطبي ٧ / ١٨٠ ، والبحر المحيط ٤ / ٢٨٠.

(٩) التبيان في تفسير القرآن ٤ / ٣٧٢.

(١٠) معاني القرآن وإعرابه ٢ / ٣٢٧ ، والتفسير الكبير ١٤ / ٤٩ ، وتفسير القرطبي ٧ / ١٨٠.

(١١) ينظر : تفسير غريب القرآن ١٦٦ ، ومعاني القرآن وإعرابه ٢ / ٣٢٧ ، والتبيان في تفسير القرآن ٤ / ٣٧٢ ـ ٣٧٣.

(١٢) ينظر : تفسير القرطبي ٧ / ١٨١.

(١٣) في ك : وجود.

(١٤) ينظر : تفسير الطبري ٨ / ١٨٧ ، والكشاف ٢ / ٩٦ ، وتفسير القرآن العظيم ٢ / ٢١٥.

(١٥) ينظر : تفسير الطبري ٨ / ١٩٠.

٦٤٦

٢٥ ـ (قالَ فِيها) : «أي : في الأرض (تَحْيَوْنَ)» (١).

٢٦ ـ (يا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنا عَلَيْكُمْ) : لمّا ذكر الله تعالى قصّة آدم عليه‌السلام ، كيف بدت سوأته ، وكيف طفق [يخصف](٢) عليه من ورق الجنّة ذكر منّته الجسيمة على بنيه في رزق (٣) اللّباس ليشكروه على ذلك ، وليستنّوا بسنّة أبيهم في ستر العورة (٤).

وإنّما قال : (أنزلنا) ؛ لأنّ تركيب (٥) النّبات والحيوان من الأصول الأربعة ، فالثّلاثة منها منزلة في المشاهدة : الحرارة والماء والرّيح (٦) ، أو لمكان التّقدير والكتابة في اللّوح المحفوظ وذلك في السّماء وإن كانت الأعيان في الأرض ، نظيره قوله : (وَفِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ) [الذّاريات : ٢٢](٧) ، أو لمكان الإلهام بالنسج والاكتساء ، والإلهام يجيء مجيء الروح وذلك من فوق (٨) ، أو لتفخيم شأن الإعطاء (٩) ، ولذلك سمّيت يد المعطي اليد العليا ويد السّائل اليد السّفلى.

ف (اللّباس) : كالمئزر الثّخين (١٠). و (الرّيش) : هو لباس الرّفاهية والتّجمّل (١١) ، ومنه سمّي الحارث الرائش (١٢) رائشا وهو من ملوك حمير (١٣).

(وَلِباسُ التَّقْوى) : الريش ؛ لأنّ الإنسان يتعفّف به ليحسب غنيّا ، وقيل : ما يستر مواضع الشّهوة سوى السّوأة (١٤) ، وقيل : ثياب (١٥) التّواضع كالصّوف والفرو (١٦) ، وقيل : الحياء الذي هو من الفطرة (١٧) ، وعن ابن عبّاس العمل الصّالح (١٨) ، وعنه السّمت الحسن (١٩) ، وعن

__________________

(١) تفسير الطبري ٨ / ١٩٢.

(٢) يقتضيها السياق.

(٣) في ع وب : ورق.

(٤) ينظر : الكشاف ٢ / ٩٧.

(٥) في ب : لتركيب ، بدل (لأن تركيب) ، وبعدها في ك : والحيوانات ، بدل (والحيوان).

(٦) ينظر : مشكل إعراب القرآن ١ / ٢٨٦ ، وتفسير البغوي ٢ / ١٥٤ ، وزاد المسير ٣ / ١٢٣.

(٧) ينظر : الكشاف ٢ / ٩٧ ، والبحر المحيط ٤ / ٢٨٣.

(٨) ينظر : زاد المسير ٣ / ١٢٣ ، وتفسير القرطبي ٧ / ١٨٤ ، والبحر المحيط ٤ / ٢٨٢ و ٢٨٣.

(٩) ينظر : مجمع البيان ٤ / ٢٣٧.

(١٠) ينظر : تفسير الطبري ٨ / ١٩٣ ، والتبيان في تفسير القرآن ٤ / ٣٧٨.

(١١) ينظر : التبيان في تفسير القرآن ٤ / ٣٧٨ ، والوجيز ١ / ٣٩٠ ، وتفسير البغوي ٢ / ١٥٥.

(١٢) في ك : الريش.

(١٣) ينظر : لسان العرب ٦ / ٣١٠ (ريش).

(١٤) ينظر : تفسير الطبري ٨ / ١٩٧ ، والوجيز ١ / ٣٩٠.

(١٥) في ع : ثواب.

(١٦) ينظر : التبيان في تفسير القرآن ٤ / ٣٧٩ ، وتفسير البغوي ٢ / ١٥٥ ، ومجمع البيان ٤ / ٢٣٧.

(١٧) ينظر : تفسير غريب القرآن ١٦٦ ، وتفسير الطبري ٨ / ١٩٦ ، ومعاني القرآن الكريم ٣ / ٢٤.

(١٨) ينظر : تفسير الطبري ٨ / ١٩٦ ، والتبيان في تفسير القرآن ٤ / ٣٧٩ ، وتفسير البغوي ٢ / ١٥٥.

(١٩) ينظر : تفسير الطبري ٨ / ١٩٦ ، وزاد المسير ٣ / ١٢٤ ، وتفسير القرطبي ٧ / ١٨٤.

٦٤٧

قتادة والسدّي الإيمان (١) ، وعن الكلبيّ العفاف والتّوحيد (٢) ، وعن زيد بن عليّ الدّرع وسائر ما يتّقى به في الحرب (٣) ، وعن عروة بن الزّبير قول الرّجل : حسبنا الله ونعم الوكيل (٤).

والخطاب في قوله : (ذلِكَ) راجع إلى النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم بدليل ضمير الجماعة في قوله : (لَعَلَّهُمْ).

٢٧ ـ (يَنْزِعُ عَنْهُما) : للحال ، أو مستقبل بمعنى الماضي (٥). وإبليس لم يفعل ولكن أسند الفعل إليه لحصوله بسببه ، كقوله : (رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً [مِنَ النَّاسِ] (٦)) [إبراهيم : ٣٦].

والنزع كالسّلخ (٧).

(وَقَبِيلُهُ) : حزبه وجماعته (٨).

وقوله : (مِنْ حَيْثُ) يقتضي كونهم متستّرين (٩) عنّا بشيء لو لم يتستّروا لرأيناهم ، قال صلى‌الله‌عليه‌وسلم : (من احتاج إلى كشف عورته فقال : بسم الله ما شاء الله (١٠) لا قوّة إلّا بالله ، كان سترا بينه وبين الجنّ) (١١).

(إِنَّا جَعَلْنَا الشَّياطِينَ أَوْلِياءَ) : قيّضناهم قرناء (١٢).

٢٨ ـ (وَإِذا فَعَلُوا فاحِشَةً) : وهو تقديمهم (١٣) عند الطّواف ، وقيل (١٤) : هو عامّ.

(قالُوا وَجَدْنا عَلَيْها آباءَنا) : على وجه الاحتجاج إذا ناظرهم مؤمن وبيّن لهم قبحها (١٥) ، وقوله : (إِنَّ اللهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ) دليل أنّها موجودة قبل الشّريعة ، وهي

__________________

(١) ينظر : تفسير الطبري ٨ / ١٩٥ و ١٩٨ ، والتبيان في تفسير القرآن ٤ / ٣٧٩ ، وتفسير البغوي ٢ / ١٥٥.

(٢) ينظر : تفسير البغوي ٢ / ١٥٥ ، وزاد المسير ٣ / ١٢٤ ، والتفسير الكبير ١٤ / ٥٢.

(٣) ينظر : تفسير البغوي ٢ / ١٥٥ ، ومجمع البيان ٤ / ٢٣٧ ، وزاد المسير ٣ / ١٢٤.

(٤) المنقول عن عروة أنه خشية الله ، ينظر : تفسير الطبري ٨ / ١٩٦ ، والبغوي ٢ / ١٥٥ ، ومجمع البيان ٤ / ٢٣٧.

(٥) ينظر : التبيان في إعراب القرآن ١ / ٥٦٣ ، والمجيد ٢٢٥ ـ ٢٢٦ (تحقيق : د. إبراهيم الدليمي).

(٦) من ع وب. وينظر : تفسير الطبري ٨ / ٢٠١ ، والوجيز ١ / ٣٩٠ ، والتبيان في إعراب القرآن ١ / ٥٦٣.

(٧) ينظر : التبيان في تفسير القرآن ٤ / ٣٨٠.

(٨) ينظر : مجمع البيان ٤ / ٢٣٧ ، والتفسير الكبير ١٤ / ٥٤.

(٩) في ع وب : مستترين ، وبعدها في ع : أو ، بدل (لو). وينظر : التفسير الكبير ١٤ / ٥٤.

(١٠) (ما شاء الله) ليس في ك.

(١١) ينظر : الدعاء ٢٩٠ ، وسنن الترمذي ٢ / ٥٠٣ ، والجواهر الحسان ٣ / ٢٠.

(١٢) ينظر : تفسير البغوي ٢ / ١٥٥ ، والبحر المحيط ٤ / ٢٨٥.

(١٣) في ب : تقدمهم ، ولعل الصواب : تعرّيهم. وينظر : تفسير الطبري ٨ / ٢٠١ ـ ٢٠٣ ، ومعاني القرآن الكريم ٣ / ٢٥ ، والوجيز ١ / ٣٩١.

(١٤) ينظر : معاني القرآن وإعرابه ٢ / ٣٣٠ ، وتفسير البغوي ٢ / ١٥٥ ، والكشاف ٢ / ٩٩.

(١٥) ينظر : تفسير الطبري ٨ / ٢٠٣.

٦٤٨

ما جبل الطّبائع على ردّها وذمّها كالظّلم والكذب والغدر والتخنث (١) ونحوها ، لم يوجبها الله تعالى في كتاب ولا لسان نبيّ ولا ندب إليها ولا أباح.

٢٩ ـ (قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ) : فيه دليل أنّ القسط موجود قبل الشّريعة وإلّا لما صحّ الأمر به ، وهو العدل الذي يتعادل به العقلاء (٢). (١١٢ و)

(وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ) : أي : أخلصوا عزائمكم ونيّاتكم وليكن كلّ واحد منكم ذا (٣) وجه واحد ولا يكوننّ (٤) ذا وجهين منافقا مرائيا ولا يكوننّ معرضا.

(عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ) : في كلّ متعبّد (٥).

(كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ) : تشبيه العود بالبدء (٦) من حيث التّقليب والتّركيب والإحياء والإنطاق ، وعن ابن عبّاس أنّ التّشبيه لكونهم حفاة عراة غرلا بهما (٧).

وإنّما لم يقل : يعيدكم ، لاعتبار نظم رؤوس الآي عند الكوفيّين ، ولاعتبار سائر الأفعال المسندة إليهم عند الباقين.

٣٠ ـ (حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلالَةُ) : أي : ثبت وظهر وتحقّق ، تقول : حقّت الخيانة على فلان ، أي : ظهرت (٨). وإنّما قال : (هَدى) ، ولم يقل : أضلّ ؛ لأنّ الله متّصف بالهداية من جميع الوجوه ، غير متّصف بالإضلال (٩) من جميع الوجوه.

٣١ ـ (خُذُوا زِينَتَكُمْ) : أمر بستر العورة عند الطّواف والصّلاة ، عن ابن عبّاس وعطاء ومجاهد (١٠). ويجوز أن يكون حكم التّرجيل والتّطيّب ولبس الجديد والألبسة الحسنة في الجمع والأعياد مأخوذا منها على وجه الاستحباب (١١).

وكان المشركون قد سوّل لهم الشّيطان أن لا يطوفوا في ثياب يبتدلون (١٢) فيها ويقولوا :

__________________

(١) في الأصل وك وع : والتحنث.

(٢) في ك : الفضلاء. وينظر : معاني القرآن وإعرابه ٢ / ٣٣٠ ، وزاد المسير ٣ / ١٢٥ ، والتفسير الكبير ١٤ / ٥٧.

(٣) في ع : إذا.

(٤) النسخ الثلاث : يكون ، والنون الثانية ساقطة ، وكذا ترد قريبا في ع وب.

(٥) ينظر : تفسير مجاهد ١ / ٢٣٤ ، والطبري ٨ / ٢٠٤ ـ ٢٠٥ ، ومعاني القرآن الكريم ٣ / ٢٥ ـ ٢٦.

(٦) في ب : بالمبدأ.

(٧) ينظر : تفسير الطبري ٨ / ٢٠٨ ، والتبيان في تفسير القرآن ٤ / ٣٨٤ ، وتفسير القرآن العظيم ٢ / ٢١٧.

(٨) ينظر : تفسير البغوي ٢ / ١٥٦.

(٩) في ب : بإضلال. وينظر : روح المعاني ٨ / ١٠٨.

(١٠) ينظر : تفسير مجاهد ١ / ٢٣٥ ، والطبري ٨ / ٢١٠ ـ ٢١٣ ، والتبيان في تفسير القرآن ٤ / ٣٨٦.

(١١) ينظر : زاد المسير ٣ / ١٢٧ ، وتفسير القرطبي ٧ / ١٩٦ ، وتفسير القرآن العظيم ٢ / ٢١٩.

(١٢) كذا في نسخ التحقيق ، ولعل الصواب : يذنبون.

٦٤٩

لا نطوف في ثوب عصينا الله فيه ، فالغنيّ منهم قد أعدّ لطوافه ثوبا ، والمتوسّط كان يكتري ، والفقير كان يطوف عريانا ، وربّما لا يكرون للمرأة الحسناء ثوبا (١) لتطوف عريانة فينظروا إلى عورتها ، حتى طافت واحدة وقالت (٢) : [من الرّجز]

البدن (٣) يبدو بعضه أو كلّه

فما بدا منه فلا أحلّه

فبيّن الله أنّه من تسويل الشّيطان ، وأنّه فاحشة كحكم البحيرة والسّائبة ، فأمر بستر العورة واستحلال لحوم حرّموها واستباحة ألبان حظروا عنها ، ونهى عن مجاوزة الحدّ المعتاد في الأكل والشّرب واللبس حتى يصير شهرة في النّاس.

٣٢ ـ (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَالطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ) : ما كانت الكفّار يحرّمونه على أنفسهم ممّا (٤) سبق ذكره ، وكانت الحمس (٥) إذا أحرمت لم تتدسم بلحم ولا سمن ولا أقط ، فنفى الله تعالى أن يكون ذلك حكمه (٦).

٣٣ ـ (قُلْ إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَواحِشَ) : أحكامهم وشرائعهم المبتدعة (٧).

(وَالْإِثْمَ) : ما اعترفوا بأنّه منكر (٨) ، وقيل (٩) : هو الخمر ، قال الشّاعر (١٠) : [من الوافر]

شربت الإثم حتى ضلّ عقلي

كذاك (١١) الإثم يذهب بالعقول

(وَالْبَغْيَ) : استطالة بعضهم على بعض (١٢). ولم يدخل في جملة الفواحش ؛ لأنّهم لم يكونوا يستبيحونه ، ولم يدخل في الإثم ؛ لأنّهم (١٣) كانوا يفتخرون به ولا يقطعون الحكم بأنّه منكر. وقيل (١٤) : الإثم والبغي (١٥) دخلا في الفواحش ، وإنّما خصّهما لتعظيم شأنهما.

__________________

(١) (والمتوسط ... ثوبا) ساقطة من ب ، وبعدها : فتطوف ، بدل (لتطوف).

(٢) عزي إلى بنت الأصهب الخثعمية في المنمق في أخبار قريش ١٢٩ ، وعزي إلى ضباعة بنت عامر بن قرط في تفسير القرطبي ٧ / ١٨٩ ، والإصابة ٨ / ٢٢٢.

(٣) كذا في النسخ الأربع ، وفي المصادر : اليوم ، وهو الصواب.

(٤) في ب : ما.

(٥) في الأصل وع : الخمس. والحمس : قريش وكنانة وخزاعة وثقيف وخثعم وبنو عامر بن صعصعة وبنو النضر بن معاوية ، سمّوا حمسا لشدّتهم في دينهم ، ينظر : أسباب نزول الآيات ٣٣.

(٦) ينظر : تفسير البغوي ٢ / ١٥٧.

(٧) ينظر : تفسير الطبري ٨ / ٢١٨.

(٨) ينظر : زاد المسير ٣ / ١٣٠.

(٩) ينظر : التبيان في تفسير القرآن ٤ / ٣٩٠ ، وتفسير البغوي ٢ / ١٥٨ ، والكشاف ٢ / ١٠١.

(١٠) بلا عزو في التبيان في تفسير القرآن ٤ / ٣٩٠ ، وتفسير البغوي ٢ / ١٥٨ ، وزاد المسير ٣ / ١٣٠.

(١١) في الأصل وع : كذلك ، واللام مقحمة.

(١٢) ينظر : معاني القرآن للفراء ١ / ٣٧٨ ، وتفسير الطبري ٨ / ٢١٩ ، وإعراب القرآن ٢ / ١٢٣.

(١٣) (لم يكونوا ... لأنهم) ساقطة من ب.

(١٤) ينظر : التفسير الكبير ١٤ / ٦٦ ، وتفسير القرطبي ٧ / ٢٠١.

(١٥) النسخ الأربع : والفواحش ، والسياق يقتضي ما أثبت ، وبعدها : (دخلا في الفواحش) مكررة في ب.

٦٥٠

وإنّما وصف البغي (بِغَيْرِ الْحَقِّ)؛ لأنّ ظاهر الجهاد يتصوّر بغيا وهو بالحقّ لمكان الدّعوة إلى الإسلام بإذن الله عزوجل (١).

(وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللهِ) : حرّم عليكم أن تشركوا به شيئا ما ، وأيّ شيء فإنّ الله (٢)(لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطاناً).

(وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ) : أي : أن تكذبوا على الله بأن تجعلوا الفواحش من أحكامه (٣).

٣٤ ـ (وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ) : أجل الموت (٤) ، وعن مقاتل أجل العذاب (١١٢ ظ) والإهلاك (٥) ، وهي خاصّة على هذا القول.

اتّصال الآية بما قبلها من حيث التّهديد والإنذار بمجيء الأجل (٦) ودفعه لكي يبادروه إلى ما فيه الفلاح والنّجاة.

و (الاستقدام) : التّقدّم إلى الأجل عند دنوّه ، و (الاستئخار) : التّأخّر (٧) والتّباعد عنه وهو غير ممكن (٨).

٣٥ ـ (يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آياتِي) : العهد المأخوذ (٩) على آدم وبنيه.

وهو عطف على قوله : (فِيها تَحْيَوْنَ وَفِيها تَمُوتُونَ وَمِنْها تُخْرَجُونَ) [الأعراف : ٢٥] ، وفصل ستر العورة وغيره كالعارض في الكلام.

٣٧ ـ (أُولئِكَ يَنالُهُمْ نَصِيبُهُمْ مِنَ الْكِتابِ) : ما وعدوا من خير أو شرّ ، عن ابن عبّاس (١٠). فإنّ كان المراد به في الدّنيا فجرت الغاية في موضعه ، وإن كان المراد به في الآخرة فهو عارض. وعن الرّبيع وابن زيد نصيبهم العمر والرّزق (١١). وعن مجاهد أعمال لم يعملوها بعد ، لا شكّ أنّهم يعملونها (١٢) ، أي : على قضيّة العلم والمشيئة والتّقدير.

__________________

(١) ينظر : التفسير الكبير ١٤ / ٦٦.

(٢) بعدها في ع : ما. وينظر : تفسير الطبري ٨ / ٢١٩ ، ومجمع البيان ٤ / ٢٤٨.

(٣) (من أحكامه) ساقطة من ع. وينظر : تفسير الطبري ٨ / ٢١٩ ، والبغوي ٢ / ١٥٨.

(٤) ينظر : مجمع البيان ٤ / ٢٤٨ ، وتفسير القرطبي ٧ / ٢٠٢ ، والبحر المحيط ٤ / ٢٩٥.

(٥) ينظر : زاد المسير ٣ / ١٣٠ ، والتفسير الكبير ١٤ / ٦٧.

(٦) في ك : العذاب. وينظر : البحر المحيط ٤ / ٢٩٥.

(٧) ساقطة من ب.

(٨) ينظر : التبيان في تفسير القرآن ٤ / ٣٩١ ، ومجمع البيان ٤ / ٢٤٨.

(٩) في الأصل وك وع : المأخوذة. وينظر : تفسير الطبري ٨ / ٢٢٠ ـ ٢٢١.

(١٠) ينظر : تفسير الطبري ٨ / ٢٢٤ ، ومعاني القرآن الكريم ٣ / ٣٠ ، وتفسير البغوي ٢ / ١٥٩.

(١١) ينظر : تفسير الطبري ٨ / ٢٢٥ ـ ٢٢٦ ، والتبيان في تفسير القرآن ٤ / ٣٩٥ ، وزاد المسير ٣ / ١٣١.

(١٢) النسخ الثلاث : يعملونه. وينظر : تفسير الطبري ٨ / ٢٢٣ ، والقرطبي ٧ / ٢٠٣.

٦٥١

(جاءَتْهُمْ رُسُلُنا) : الملائكة (١).

(يَتَوَفَّوْنَهُمْ) : قيل (٢) : عن الدّنيا إلى الآخرة ، وقيل (٣) : عن عرصة القيامة إلى النّار.

٣٨ ـ (قالَ) : الله تعالى ، (ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ) ، أي : في عدادهم (٤).

و (الأخوّة) بين الاثنين في الدّين (٥) ، أو من حيث اجتماعهما في النّار.

(حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا) : «أي : تداركوا وتلاحقوا» (٦).

(رَبَّنا هؤُلاءِ أَضَلُّونا) : سنّوا لنا السّنن السّيّئة (٧) وأسّسوا قاعدة الضّلال.

(عَذاباً ضِعْفاً) : مضاعفا (٨).

(قالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ) : عذاب مضاعف (٩) ، قيل : هم الأوّلون دون الآخرين ، (وَلكِنْ (١٠) لا تَعْلَمُونَ) : ذلك ليجادلوا الآخرين ، فتكون (١١) مجادلتهم نوع مشقّة وحزن وعذاب.

وقيل (١٢) : هم الأوّلون والآخرون ؛ لأنّ لكلّ أمّة استئناف الضّلالة وتأويل الفاسدة والرّضا بأن تكون بدعتها سنّة لمن بعدها.

٣٩ ـ (وَقالَتْ أُولاهُمْ لِأُخْراهُمْ) : مجادلة (١٣) منهم عن القول الأوّل.

(فَما كانَ لَكُمْ عَلَيْنا مِنْ فَضْلٍ) : ليس لكم عذر تتفضّلون به علينا فإنّكم دخلتم في الضّلالة مختارين كما دخلنا من غير إكراه وإجبار (١٤). وكلامهم هذا اتباع لقول [البعض](١٥) : لكلّ أمّة ضعف ، على القول الثّاني.

__________________

(١) ينظر : تفسير الطبري ٨ / ٢٢٦ ، ومعاني القرآن وإعرابه ٢ / ٣٣٥ ، ومعاني القرآن الكريم ٣ / ٣١.

(٢) ينظر : تفسير الطبري ٨ / ٢٢٦ ، وزاد المسير ٣ / ١٣٢ ، والتفسير الكبير ١٤ / ٧١.

(٣) ينظر : التبيان في تفسير القرآن ٤ / ٣٩٦ ، ومجمع البيان ٤ / ٢٥٠ ، وزاد المسير ٣ / ١٣٢.

(٤) ينظر : تفسير الطبري ٨ / ٢٢٧ ، والبغوي ٢ / ١٥٩ ، والقرطبي ٧ / ٢٠٤.

(٥) ينظر : معاني القرآن للفراء ١ / ٣٧٨ ، وتفسير الطبري ٨ / ٢٢٧ ، والتبيان في تفسير القرآن ٤ / ٣٩٧.

(٦) الوجيز ١ / ٣٩٣ ، وتفسير البغوي ٢ / ١٥٩.

(٧) في ك وع : السببية. وينظر : الوجيز ١ / ٣٩٣ ، وتفسير الطبري ٨ / ٢٢٨ ، والبغوي ٢ / ١٥٩.

(٨) ساقطة من ب. وينظر : معاني القرآن وإعرابه ٢ / ٣٣٦ ـ ٣٣٧ ، ومجمع البيان ٤ / ٢٥١ ، وزاد المسير ٣ / ١٣٣.

(٩) في ب : مضاف ، والعين ساقطة. وينظر : تفسير مجاهد ١ / ٢٣٦ ، وزاد المسير ٣ / ١٣٣.

(١٠) في الأصل وع وب : وإنّما.

(١١) في ع : فيكون.

(١٢) ينظر : تفسير الطبري ٨ / ٢٢٨ ، ومجمع البيان ٤ / ٢٥٢.

(١٣) في ع : مجادلته ، وبعدها : (عن القول الأول) ساقطة من ك.

(١٤) ينظر : مجمع البيان ٤ / ٢٥٢.

(١٥) من ك.

٦٥٢

٤٠ ـ (لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوابُ السَّماءِ) : لا ترفع أرواحهم إلى علّيّين ولا أعمالهم إذ ليس لهم كلام طيّب ولا عمل صالح (١) ، وقيل (٢) : لا يبارك عليهم فإنّ البركات تنزل من السّماء ، وقيل (٣) : لا يرحمون.

(حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ) : وهو من الإبل كالرّجل من النّاس (٤).

(فِي سَمِّ الْخِياطِ) : ثقب (٥) الإبرة وخرطها.

وفي مصحف ابن عبّاس : (الجمّل) بضمّ الجيم وتشديد الميم (٦) ، وهو حبل السّفينة (٧) ، وفي مصحف ابن مسعود : (في سم المخيط) وهو كالإزار والمئزر (٨).

وولوج الجمل في سمّ الخياط غير متصوّر إلّا بتقليب أحدهما وتغيير (٩) التّركيب وحينئذ لا يبقى الاسم ، وهي غاية الإياس (١٠) ، كقول الشّاعر (١١) : [من الوافر]

إذا شاب الغراب أتيت أهلي

وصار القار (١٢) كاللّبن الحليب

٤١ ـ (وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَواشٍ) : «جمع غاشية» (١٣).

٤٢ ـ (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها) : فائدة العارض (١٤) بين المبتدأ والخبر هو الأمن من التّكليف بما فوق الطّاقة من الأعمال الصّالحات ووقوف الثّواب عليه (١٥).

__________________

(١) ينظر : تفسير غريب القرآن ١٦٧ ، وتفسير الطبري ٨ / ٢٣٠ ـ ٢٣١ ، والبغوي ٢ / ١٦٠.

(٢) ينظر : الكشاف ٢ / ١٠٣ ، والتفسير الكبير ١٤ / ٧٦.

(٣) ينظر : البحر المحيط ٤ / ٢٩٩.

(٤) ينظر : معاني القرآن للفراء ١ / ٣٧٩ ، وتفسير الطبري ٨ / ٢٣٤ ـ ٢٣٥ ، ومعاني القرآن وإعرابه ٢ / ٣٣٦.

(٥) في ك : ثقبه ، وفي ع وب : ثقبة. وينظر : تفسير مجاهد ١ / ٢٣٧ ، وغريب القرآن وتفسيره ١٤٥ ـ ١٤٦ ، والعمدة في غريب القرآن ١٣٤.

(٦) في ب : الجيم ، وهو سهو. وينظر : معاني القرآن للفراء ١ / ٣٧٩ ، وتفسير الطبري ٨ / ٢٣٤ ، ومعاني القرآن الكريم ٣ / ٣٥.

(٧) ينظر : تفسير سفيان الثوري ١١٢ ، والطبري ٨ / ٢٣٦ ـ ٢٣٧ ، ومعاني القرآن وإعرابه ٢ / ٣٣٨.

(٨) ينظر : معاني القرآن للفراء ١ / ٣٧٩ ، والكشاف ٢ / ١٠٤ ، وزاد المسير ٣ / ١٣٥.

(٩) في ب : وتعسر.

(١٠) ينظر : التبيان في تفسير القرآن ٤ / ٤٠٠ ، وتفسير البغوي ٢ / ١٦٠ ، ومجمع البيان ٤ / ٢٥٤.

(١١) بلا عزو في روضة العقلاء ١٥٨ ، والتبيان في تفسير القرآن ٤ / ٤٠٠ ، ومجمع البيان ٤ / ٢٥٤.

(١٢) في ع : القلب ، وفي ب : العار.

(١٣) تفسير الطبري ٨ / ٢٣٩ ، والبغوي ٢ / ١٦٠ ، ومجمع البيان ٤ / ٢٥٣.

(١٤) في ب : التعارض.

(١٥) ينظر : مجمع البيان ٤ / ٢٥٦ ، والتفسير الكبير ١٤ / ٧٨ ـ ٧٩ ، والبحر المحيط ٤ / ٣٠١.

٦٥٣

٤٣ ـ (مِنْ غِلٍّ) : تفسير لما في (١) صدورهم. والغلّ : الدّخلة والضّغن (٢) والحقد. (١١٣ و) والمراد بالهداية ما وعد الله المؤمنين بقوله : (يَوْمَ (٣) تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ) [الحديد : ١٢] ، وقيل : الوحي الكتاب ؛ لأنّ الإيمان قبل الدّعوة لا يوجب الجنّة وإن كان في نفسه مسقطا للعقاب.

والمراد بالرّسل الذين يدخلونهم الجنّة يومئذ.

(وَنُودُوا) : أي : ناداهم الله ، أو نادتهم الملائكة (٤) ، أو أصحاب الأعراف عند رفعهم أصواتهم بالتّحميد.

٤٤ ـ (أَنْ قَدْ وَجَدْنا ما وَعَدَنا رَبُّنا حَقًّا فَهَلْ وَجَدْتُمْ ما وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا) : المراد بالوعد في حقّ أهل النّار الوعيد ، وإنّما وقعت العبارة عنه بالوعد لازدواج الكلام ، كقوله : (وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغاثُوا بِماءٍ كَالْمُهْلِ) [الكهف : ٢٩]. ويحتمل أنّ المراد بالوعد في حقّ الفريقين جميعا هو البعث بعد الموت ، قال الله تعالى : (وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللهُ مَنْ يَمُوتُ بَلى وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا) [النّحل : ٣٨].

وفائدة السّؤال التّقريع والتّبكيت (٥).

(فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ) : «أعلم معلم» (٦) ، وهو جبريل (٧) ، عن ابن عبّاس.

(أَنْ) : أي : بأن (لَعْنَةُ اللهِ)(٨).

٤٥ ـ ثمّ وصف الظّالمين في الحياة الدّنيا (٩).

٤٦ ـ (وَبَيْنَهُما) : «أي : بين الجنّة والنّار» (١٠).

(حِجابٌ) : حاجز وحائل ، وهو السّور الذي (باطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ

__________________

(١) ساقطة من ع وب ، وبعدها في ب : صدرهم ، بدل (صدورهم).

(٢) في ك : والصغر. وينظر : لسان العرب ١١ / ٤٩٩ (غلل).

(٣) في الأصل وب : ثم ، وبعدها في ب : (ترى المؤمنين بقوله ثم) ، وهي مقحمة.

(٤) ينظر : التفسير الكبير ١٤ / ٨١ ، والبحر المحيط ٤ / ٣٠٢.

(٥) ينظر : التبيان في تفسير القرآن ٤ / ٤٠٨ ، وتفسير القرطبي ٧ / ٢٠٩ ، والبحر المحيط ٤ / ٣٠٢.

(٦) تفسير الطبري ٨ / ٢٤٦ ، والتبيان في تفسير القرآن ٤ / ٤٠٦ ، ومجمع البيان ٤ / ٢٥٨.

(٧) ينظر : البحر المحيط ٤ / ٣٠٣.

(٨) ينظر : مشكل إعراب القرآن ١ / ٢٩٢ ، والبيان في غريب إعراب القرآن ١ / ٣٦٢ ، وتفسير القرطبي ٧ / ٢١٠.

(٩) ينظر : إعراب القرآن ٢ / ١٢٧ ، والتبيان في تفسير القرآن ٤ / ٤٠٩ ، وتفسير القرطبي ٧ / ٢١٠.

(١٠) تفسير البغوي ٢ / ١٦٢ ، والكشاف ٢ / ١٠٦ ، والتفسير الكبير ١٤ / ٨٦.

٦٥٤

الْعَذابُ) [الحديد : ١٣] ، وهو العذاب (١).

وأعراف الرّمال أشرافها ، وواحد الأعراف عرف ، ومنه عرف الدّيك (٢).

(وَعَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ) : الذين استوت حسناتهم وسيّئاتهم ، عن ابن عبّاس وابن مسعود وحذيفة (٣). وسئل صلى‌الله‌عليه‌وسلم عنهم فقال : (هم الذين قتلوا في سبيل الله بمعصية آبائهم) (٤). وعن مجاهد الذين رضي (٥) عنهم أحد الأبوين دون الآخر (٦). وروي عن ابن عبّاس ولد الزّنا (٧) ، وقيل (٨) : أطفال المشركين.

والضّمير في قوله : (لَمْ يَدْخُلُوها وَهُمْ يَطْمَعُونَ) [عائد على](٩) أصحاب الأعراف. وقال عليّ رضي الله عنه : نحن الأعراف ، يعني بني هاشم ، نعرف كلّا بسيماهم (١٠) ، كأنّ الضّمير على تأويل عليّ (١١) [عائد على] أصحاب الجنّة (١٢) ، ويجوز إطلاق أصحاب الجنّة قبل الدّخول فيها.

٤٧ ـ (وَإِذا صُرِفَتْ أَبْصارُهُمْ) : أبصار أهل الأعراف (١٣) ، وأصحاب الجنّة على قضيّة تأويل عليّ (١٤).

(تِلْقاءَ) : الشّيء : تجاهه (١٥).

(قالُوا (١٦) رَبَّنا لا تَجْعَلْنا) : على قضيّة الرّوايات ، يدلّ أنّ أصحاب الأعراف مرجون لأمر الله تعالى ويخافون دخول النّار ، وعلى تأويل عليّ : قال أصحاب الجنّة عند المرور على الصّراط قبل دخول الجنّة.

__________________

(١) ينظر : تفسير الطبري ٨ / ٢٤٦ ـ ٢٤٧ ، والتبيان في تفسير القرآن ٤ / ٤١٠ ، وتفسير البغوي ٢ / ١٦٢.

(٢) ينظر : تفسير الطبري ٨ / ٢٤٧ ، ومعاني القرآن الكريم ٣ / ٣٩ ـ ٤٠ ، وتفسير البغوي ٢ / ١٦٢.

(٣) ينظر : تفسير الطبري ٨ / ٢٤٩ ـ ٢٥٢ ، وزاد المسير ٣ / ١٣٩ ، وتفسير القرطبي ٧ / ٢١١.

(٤) ينظر : تفسير مجاهد ١ / ٢٣٧ ، والطبري ٨ / ٢٥٢ ، والبغوي ٢ / ١٦٢.

(٥) بعدها في النسخ الأربع : الله ، وليس موضعها.

(٦) ينظر : تفسير البغوي ٢ / ١٦٢ ـ ١٦٣ ، وزاد المسير ٣ / ١٣٩ ، والبحر المحيط ٤ / ٣٠٤.

(٧) ينظر : زاد المسير ٣ / ١٣٩ ، وتفسير القرطبي ٧ / ٢١٢.

(٨) ينظر : تفسير البغوي ٢ / ١٦٣ ، وزاد المسير ٣ / ١٣٩ ، والبحر المحيط ٤ / ٣٠٤.

(٩) يقتضيها السياق. وينظر : تفسير الطبري ٨ / ٢٥٧ ، ومعاني القرآن الكريم ٣ / ٣٩ ، وتفسير البغوي ٢ / ١٦٣.

(١٠) ينظر : تفسير القرآن الكريم لأبي حمزة الثمالي ١٧٠.

(١١) (تأويل علي) ساقطة من ع ، وبعدها : [عائد على] يقتضيها السياق.

(١٢) ينظر : تفسير الطبري ٨ / ٢٥٧ ، وزاد المسير ٣ / ١٤٠ ، وتفسير القرطبي ٧ / ٢١٣.

(١٣) ينظر : تفسير الطبري ٨ / ٢٥٨ ، وزاد المسير ٣ / ١٤٠.

(١٤) ينظر : معاني القرآن الكريم ٣ / ٤٠.

(١٥) ينظر : تفسير الطبري ٨ / ٢٥٨ ، والقرطبي ٧ / ٢١٤.

(١٦) في الأصل وع وب : قالا.

٦٥٥

٤٨ ـ (رِجالاً يَعْرِفُونَهُمْ (١) بِسِيماهُمْ) : مثل أبي جهل والوليد وشيبة وعتبة ، يقول لهم (٢) أصحاب الأعراف على وجه اللّوم والتّقريع (٣).

٤٩ ـ (أَهؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ) : مثل بلال وصهيب وسلمان والمقداد وغيرهم ، كانت قريش تستبعد وجه فلاحهم (٤) وتنكر دخولهم الجنّة.

(لا يَنالُهُمُ اللهُ بِرَحْمَةٍ) : لا تنالهم (٥) رحمة.

(ادْخُلُوا الْجَنَّةَ) : قيل لأصحاب الجنّة على سبيل الرّضا بدخولهم الجنّة (٦) عند دخولهم ، وهو شبيه بالدّعاء ، كما تقول للآكل : كل (٧) هنيئا ، وللشّارب : أساغك الله.

وقيل : القول مضمر ، وتقديره : قيل لأصحاب الأعراف : ادخلوا الجنّة بشفاعته (٨).

وقال ابن عبّاس : أصحاب الأعراف قوم ينتهى بهم إلى نهر يقال له الحيوان (٩) ، جانباه (١١٣ ظ) قضب الذّهب مكلّل بالدّرّ ، فيغتسلون فيه ويخرجون وفي نحورهم شامة ، فيعودون فيغتسلون فيزدادون (١٠) بياضا وحسنا ، فيقال لهم : تمنّوا ، فيتمنّون ما شاؤوا ، فيقال لهم : لكم سبعون ضعفا ، فهم مساكين أهل الجنّة (١١).

وعلى قضيّة تأويل عليّ هذا القول قول أصحاب الأعراف لأصحاب (١٢) الجنّة قبل دخول الجنّة.

٥٠ ـ (أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنا مِنَ الْماءِ (١٣) أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ) : من الأشربة والطّعام (١٤).

وإنّما استعمل الإفاضة على الجميع وإن كان فيه ما لا يتصوّر إفاضته على سبيل

__________________

(١) في ب : يعرفون ، وهو خطأ.

(٢) في ب : بقولهم ، بدل (يقول لهم) ، وبعدها : (أصحاب) ساقطة منها.

(٣) ينظر : تفسير البغوي ٢ / ١٦٣ ، وزاد المسير ٣ / ١٤٠ ، والبحر المحيط ٤ / ٣٠٦.

(٤) ساقطة من ع. وينظر : تفسير البغوي ٢ / ١٦٣ ، وزاد المسير ٣ / ١٤١.

(٥) في ك : تنلهم ، وفي ع : تنيلهم.

(٦) ساقطة من ع. وينظر : تفسير الطبري ٨ / ٢٦١ ، والتبيان في تفسير القرآن ٤ / ٤١٥ ، وزاد المسير ٣ / ١٤١.

(٧) ساقطة من ك.

(٨) ينظر : تفسير الطبري ٨ / ٢٦١ ، وزاد المسير ٣ / ١٤٠ ـ ١٤١ ، والتفسير الكبير ١٤ / ٩١ ـ ٩٢.

(٩) في مصادر التخريج : الحياة. والرواية فيها جميعا عن عبد الله بن الحارث.

(١٠) في ب : فيزدادوا.

(١١) ينظر : الزهد لابن المبارك ٤٨٢ ، والزهد لهناد ١ / ١٥٠ ، ومصنف ابن أبي شيبة ٧ / ٤٠.

(١٢) في ك : لأهل. وينظر : زاد المسير ٣ / ١٤١.

(١٣) (من الماء) ليس في ب.

(١٤) ينظر : الكشاف ٢ / ١٠٨ ، ومجمع البيان ٤ / ٢٦٥ ، وتفسير القرآن العظيم ٢ / ٢٢٨.

٦٥٦

الإتباع (١) ، كقوله : (أُخْرِجْنا مِنْ دِيارِنا وَأَبْنائِنا) [البقرة : ٢٤٦] ، وقال الشّافعيّ (٢) : [من الوافر]

إذا ما الغانيات برزن (٣) يوما

وزجّجن الحواجب والعيونا

وإنّما لم يقولوا : لا نفيض ؛ لأنّ فيه شمّة بخل ولكنّهم ذكروا وجه المنع وعلّته.

٥١ ـ (فَالْيَوْمَ نَنْساهُمْ) : من كلام الله ، منسوق على قوله : (كَذَّبُوا بِآياتِنا) [الأعراف : ٣٦ و ٤٠] في أوّل الفصل.

٥٢ ـ (وَلَقَدْ جِئْناهُمْ بِكِتابٍ) : أي (٤) : أتيناهم.

(فَصَّلْناهُ) : عالمين به وبمعانيه (٥) ، ومجازه : فصّلناه على غير جهل ولا على جهل.

(هُدىً وَرَحْمَةً) : يجوز أن يكون مفعولا له من فعل المجيء (٦) ، وأن يكون حالا للضّمير في (فصّلناه) (٧).

٥٣ ـ (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ) : والمراد بالتّأويل مآل ما تشابه (٨) من الوعيد وعاقبته وبيانه ، كقوله : (فَسَوْفَ يَكُونُ لِزاماً) [الفرقان : ٧٧] ، (فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّماءُ بِدُخانٍ مُبِينٍ (١٠)) [الدّخان : ١٠].

(فَهَلْ لَنا مِنْ شُفَعاءَ) : فيه (٩) معنى الطّلب والإرادة ، ومثله قوله (١٠) : (هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ) [الصّافّات : ٥٤]. ويحتمل أنّه بمعنى (١١) النّفي ، كقوله : (هَلْ يَنْظُرُونَ) [البقرة : ٢١٠] ، (هَلْ مِنْ خالِقٍ) [فاطر : ٣].

__________________

(١) ينظر : الكشاف ٢ / ١٠٨ ، والبحر المحيط ٤ / ٣٠٧.

(٢) لم أقف عليه في ديوانه ، وعزي إلى جميل بن معمر في الأحاديث الطوال ٧٨ ، ومجمع الزوائد ٨ / ٢٧٦ ، ولم أقف عليه في ديوانه أيضا ، وهو في شعر الراعي النميري ١٥٠ ، وعزي إليه في شرح شواهد المغني ٢ / ٧٧٥ ـ ٧٧٦ ، وروايته فيهما :

وهزّة نسوة من حيّ صدق

يزجّجن الحواجب والعيونا.

(٣) النسخ الثلاث : يزرن.

(٤) ساقطة من ك وع.

(٥) ينظر : التبيان في تفسير القرآن ٤ / ٤١٨ ، والكشاف ٢ / ١٠٩ ، والبحر المحيط ٤ / ٣٠٨.

(٦) ينظر : التبيان في تفسير القرآن ٤ / ٤١٩ ، ومجمع البيان ٤ / ٢٦٦ ، والبحر المحيط ٤ / ٣٠٨.

(٧) ينظر : إعراب القرآن ٢ / ١٢٩ ، ومشكل إعراب القرآن ١ / ٢٩٣ ، والكشاف ٢ / ١٠٩.

(٨) في ع وب : يشابه. وينظر : الكشاف ٢ / ١٠٩.

(٩) ساقطة من ب.

(١٠) في ك : كقوله.

(١١) النسخ الأربع : نهي ، والسياق يقتضي ما أثبت.

٦٥٧

(فَيَشْفَعُوا لَنا) : جواب الاستفهام بالفاء (١).

(أَوْ نُرَدُّ) : «أو هل نردّ» (٢).

وإنّما خسروا أنفسهم لكونها رهينة بما كسبت.

٥٤ ـ (إِنَّ رَبَّكُمُ) : فصل في دلائل الرّبوبيّة ترتّب على فصل الوعد والوعيد ليكون أنجع (٣) في القلوب ، وكذلك هو في أوّل سورة البقرة.

و (السَّماواتِ) : إنّما لم يجمع سماءات ؛ لأنّ الهمزة في وحدانها (٤) غير أصليّة ، وهي واو انقلبت (٥) همزة لوقوعها طرفا بعد ألف زائدة (٦).

(سِتَّةِ) : اسم عدد الثّلاث مرّتين ، أصله : سدسة (٧).

والمراد به الأيّام العقباويّة ، كلّ يوم ألف سنة من سني الدّنيا (٨) ، يدلّ عليه ما يروى من خلق آدم عليه‌السلام ودخوله في الجنّة وخروجه منها وبكائه على خطيئته وقبول توبته ، كلّ ذلك في آخر يوم الجمعة ، وقيل : والجمعة الثّانية يوم القيامة.

والحكمة في الخلق على المهلة مع كونه مقدورا في أقلّ من لحظة هو (٩) التّنبيه على حسن الوقار.

وقوله : (ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ) يدلّ [على](١٠) أنّ العرش لم يكن مستوى عليه في هذه الأيّام السّتّة مع كونه موجودا من قبل لقوله : (وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ) [هود : ٧]. وهذا الكلام يفيد كون العرش آية على الرّبوبيّة يوجب العلم لمن (١١) شاهده من غير استدلال ، فإنّ العيون تتّجه إليه عند رؤية من تعالى عن الجهات ، وإنّ الأسماع تصغي إليه عند استماع كلام من تعالى عن المخارج واللهاة (١٢).

__________________

(١) ينظر : إعراب القرآن ٢ / ١٣٠ ، والتبيان في إعراب القرآن ١ / ٥٧٣ ، وتفسير القرطبي ٧ / ٢١٨.

(٢) معاني القرآن للفراء ١ / ٣٨٠ ، ومعاني القرآن وإعرابه ٢ / ٣٤٢ ، وإعراب القرآن ٢ / ١٣٠.

(٣) في ع : الجمع.

(٤) في ع : واحدتها.

(٥) في ب : تقلب.

(٦) ينظر : التبيان في تفسير القرآن ٤ / ٤٢١.

(٧) ينظر : التفسير الكبير ١٤ / ٩٦ ، وتفسير القرطبي ٧ / ٢١٨ ، والمجيد ٢٤٤ (تحقيق : د. إبراهيم الدليمي).

(٨) ينظر : تفسير الطبري ٨ / ٢٦٨ ، والبغوي ٢ / ١٦٤ ، والقرطبي ٧ / ٢١٩.

(٩) في ع : وهو ، والواو مقحمة. وينظر : تفسير البغوي ٢ / ١٦٤ ، والقرطبي ٧ / ٢١٩.

(١٠) من ب ، و (يدل على أن العرش) ساقطة من ع.

(١١) في ع : بمن.

(١٢) في الأصل وع وب : واللهات.

٦٥٨

وهو سرير كما شاء الله فوق السّموات السّبع ، وهو سقف الفردوس فيما يروى (١).

ولقد سأل (١١٤ و) إسرافيل عليه‌السلام الرفيع عن عرش ربّ العزّة قال : سألت الروح (٢) عن عرش ربّ العزّة قال : سألت القلم (٣) عن عرش ربّ العزّة قال : إنّ للعرش (٤) ثلاث مئة وستّين ألف قائمة ، كلّ قائمة من قوائمه مثل الدّنيا ستّين ألف مرّة ، تحت كلّ قائمة ستّون (٥) ألف مدينة ، في كلّ مدينة ستّون ألف صحراء ، في كلّ صحراء ستّون ألف عالم ، في كلّ عالم (٦) مثل الثّقلين الجنّ والإنس ستّين (٧) ألف مرّة لا يعلمون أنّ الله تعالى خلق آدم ولا إبليس ، ألهمهم الله تعالى أن يستغفروا لأبي بكر وعمر وعثمان وعليّ ومحبّيهم ، ومصداق هذا الحديث قوله : (وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) [البقرة : ٢٥٥] ، وقوله : (رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ) [التّوبة : ١٢٩] ، وقوله : (الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا) [غافر : ٧].

(يُغْشِي اللَّيْلَ) : يكسو (٨) ظلمة اللّيل نور النّهار ويسترها به ، والنّور هو المشبه باللّباس ؛ لأنّه عارض طارئ والظّلمة هي (٩) الأصل.

(يَطْلُبُهُ حَثِيثاً) : صفة النّهار على سبيل التّشبيه أيضا ، أي (١٠) : كأنّه طالب اللّيل مسرعا في أثره (١١). والطّلب لا محالة قبل التغشية (١٢) فهو الإصباح وهو طلوع الشّمس.

و (التّسخير) : تصريف الشّيء لا على (١٣) اختياره.

(أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ) : الفعل والقول ، ليس الخلق بأمر ولا الأمر بخلق (١٤).

٥٦ ـ (بَعْدَ إِصْلاحِها) : الهاء عائدة إلى الأرض.

__________________

(١) ينظر : فيض القدير ٢ / ٤٣٧.

(٢) في الأصل وع وب : اللوح.

(٣) في ب : العلم.

(٤) (قال إن للعرش) ساقطة من ب.

(٥) ساقطة من ع.

(٦) (في كل عالم) ساقطة من ع.

(٧) ساقطة من ك.

(٨) في ع : يكسر.

(٩) في ك وب : هو. وينظر : تفسير الطبري ٨ / ٢٦٨.

(١٠) ساقطة من النسخ الثلاث.

(١١) ينظر : تفسير القرطبي ٧ / ٢٢١.

(١٢) في الأصل وع : التعشية.

(١٣) في ب : الشمس على ، بدل (الشيء لا على). وينظر : لسان العرب ٤ / ٣٥٣ (سخر).

(١٤) ينظر : تفسير البغوي ٢ / ١٦٥ ، والقرطبي ٧ / ٢٢١ ـ ٢٢٢.

٦٥٩

وإصلاحها وضع الميزان فيها وإنزال الكتب (١) إلى أهلها.

و (الخوف) من قضيّة (٢) الهيبة ، و (الطّمع) من قضيّة حسن الظّنّ ، فالله (٣) تعالى عزيز لا يوازيه عزيز ، كريم لا يضاهيه كريم (٤) ، ليس يعرفه من لا يهابه خائفا ولا يحسن الظّنّ به راجيا ، كما لا يعرف السّرور من لا يرضاه ، ولا يعرف الحزن من لا يكرهه (٥).

وإنّما قال : (قَرِيبٌ) لاعتبار المعنى (٦) ، وهو الفعل.

٥٧ ـ (وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ بُشْراً (٧)) : منشرة في الآفاق ، فإن كانت فاعلة فإنّها تنشر السّحاب بإذن الله تعالى. وبشارتها أداؤها حروف الكلم إلى الأسماع بإذن الله ، ويحتمل أنّها إيهام ما جرت به العادة في العلم من الحوادث السّارّة والضّارّة تتبع الرّياح المختلفة.

(أَقَلَّتْ) : استقلّت وحملت (٨).

و (السّحاب) : اسم جنس ، واحدتها سحابة (٩).

و (الثّقال) : جمع الثّقيل ، كالغلاظ جمع الغليظ (١٠).

وإنّما وصف السّحاب الثّقال على اعتبار الجمع ، وهو (١١) لغة تميم ، ومثله قوله : (أَعْجازُ نَخْلٍ خاوِيَةٍ) [الحاقّة : ٧].

(سُقْناهُ) : الهاء عائدة إلى السّحاب (١٢). وهو لغة قريش ، يذكرون بلفظ الوحدان كلّ جمع لا فرق بينه وبين واحدته إلّا بالهاء (١٣).

__________________

(١) النسخ الثلاث : الكتاب. وينظر : زاد المسير ٣ / ١٤٦ ، والتفسير الكبير ١٤ / ١٣٣.

(٢) في ب : مضيه.

(٣) النسخ الثلاث : بالله.

(٤) (لا يضاهيه كريم) ساقطة من ب.

(٥) ينظر : تفسير القرطبي ٧ / ٢٢٧.

(٦) ينظر : تفسير البغوي ٢ / ١٦٦ ، والقرطبي ٧ / ٢٢٧ ـ ٢٢٨ ، ولابن القيم تفصيل طويل في هذه المسألة في بدائع الفوائد ٣ / ٥٢٩ ـ ٥٤٥.

(٧) في الأصل وع وب : نشرا ، وبعدها في ك وب : مبشرة ، بدل (منشرة). وبشرا قراءة عاصم ، وقرأ ابن عامر : (نشرا) ، وقرأ حمزة والكسائيّ : (نشرا) ، وقرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو : (نشرا) ، ينظر : حجة القراءات ٢٨٥ ـ ٢٨٦ ، وتفسير البغوي ٢ / ١٦٧ ، والمجيد ٢٤٨ ـ ٢٤٩ (تحقيق : د. إبراهيم الدليمي).

(٨) ينظر : تفسير غريب القرآن ١٦٩ ، وتفسير الطبري ٨ / ٢٧٣ ، ومعاني القرآن وإعرابه ٢ / ٣٤٥.

(٩) ينظر : معاني القرآن وإعرابه ٢ / ٣٤٥ ، والتفسير الكبير ١٤ / ١٤١.

(١٠) ينظر : التبيان في تفسير القرآن ٤ / ٤٣١.

(١١) في ب : وهي.

(١٢) ينظر : معاني القرآن الكريم ٣ / ٤٥ ، وتفسير البغوي ٢ / ١٦٧ ، وزاد المسير ٣ / ١٤٨.

(١٣) ينظر : إعراب القرآن ٢ / ١٣٣ ، وتفسير القرطبي ٧ / ٢٢٩.

٦٦٠