درج الدّرر في تفسير القرآن ّالعظيم - ج ١

عبد القاهر بن عبد الرحمن الجرجاني

درج الدّرر في تفسير القرآن ّالعظيم - ج ١

المؤلف:

عبد القاهر بن عبد الرحمن الجرجاني


المحقق: د. طلعت صلاح الفرحات / د. محمّد أديب شكور
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الفكر ناشرون وموزعون
الطبعة: ١
ISBN الدورة:
9957-07-514-9

الصفحات: ٨٣٢
الجزء ١ الجزء ٢

الضحّاك (١) أنّهم كانوا قصارين يحوّرون (٢) الثّياب. وعن عطاء أنّ مريم أسلمته إلى كبير القصارين ليتعلّم الحرفة ، فتعلّم عنده أيّاما ، ثمّ عرض لهذا (٣) الأستاذ سفر مدّة عشرة أيّام ، فدفع أثوبة الناس إلى عيسى عليه‌السلام ، وأمره بأن يصبغ كلّ ثوب منها بلون آخر ، وأن يغسل (٦٦ ظ) بعضها ، فجعل جميعها في حبّ (٤) واحد ، قال لها : تكوّني (٥) بإذن الله كما أريد ، فلمّا رجع الأستاذ طالبه بالأثوبة ، فأشار إلى حبّ واحد ، ففزع الأستاذ ، وضاق ذرعا ، وقال : أيّها الصّبيّ أفسدت أثوبة الناس ، قال عليه‌السلام : قم وانظر ، فجعل الأستاذ يخرج الأثوبة بعضها مغسولا وبعضها مصبوغا بألوان مختلفة من صبغ واحد ، فعلم أنّه من فعل الله ، فآمن هو وأصحابه بعيسى عليه‌السلام ، فهم الحواريّون (٦) ، ثمّ لقّب هذا اللّقب كلّ ناصر لنبيّ حتى قال النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم : (لكلّ نبيّ حواري ، وحواريي طلحة والزّبير (٧)). وقيل (٨) : الحواري : المتجرّد للنّصرة المتمحّص (٩) في الموالاة. وقال الزهريّ : هم خلصان الأنبياء ، وتأويله : الذين (١٠) أخلصوا ونقوا عن كلّ عيب.

(نَحْنُ أَنْصارُ اللهِ) : أولياؤه (١١).

(وَاشْهَدْ) : وإنّما طلبوا منه ذلك لتحقيق (١٢) الموالاة وتبرّكا ، ليتأكّد حالهم بها (١٣).

٥٣ ـ (فَاكْتُبْنا) : أي : فاكتب أسماءنا مع أسماء المؤمنين (١٤). وقيل : المراد ب (الشَّاهِدِينَ) : الشهداء.

__________________

(١) في ك : ابن عباس.

(٢) في ك وع : يجودون. وينظر : المحرر الوجيز ١ / ٤٤٢ ، وزاد المسير ١ / ٣٣٥ ، والتفسير الكبير ٨ / ٦٣. «والتّحوير : التّبييض ، والحواريّون : القصّارون لتبييضهم» ، لسان العرب ٤ / ٢١٩ ـ ٢٢٠ (حور).

(٣) في الأصل وك وب : لهذه.

(٤) في ك وع : جب ، وكذا ترد فيهما قريبا.

(٥) في ع : كوني.

(٦) ينظر : تفسير البغوي ١ / ٣٠٦ ، والتفسير الكبير ٨ / ٦٣ ، وتفسير القرطبي ٤ / ٩٧ ـ ٩٨.

(٧) (ثم لقب ... والزبير) ليس في ع. وينظر : مسند البزار ٨ / ٢٧٨ ، ومن حديث خيثمة ١٢٢ ، والترغيب والترهيب ٤ / ٦٥.

(٨) ينظر : تفسير البغوي ١ / ٣٠٦ ، والكشاف ١ / ٣٦٦.

(٩) في الأصل وع : للمتمحص.

(١٠) في الأصل : الدين ، وهو تصحيف.

(١١) ينظر : مجمع البيان ٢ / ٣٠٣.

(١٢) في ب : لتحقق.

(١٣) ينظر : الكشاف ١ / ٣٦٦ ، والتفسير الكبير ٨ / ٦٤ ـ ٦٥.

(١٤) ينظر : تفسير الطبري ٣ / ٣٩٢ ، والوجيز ١ / ٢١٢ ، وتفسير القرطبي ٤ / ٩٨.

٤٠١

٥٤ ـ (وَمَكَرُوا وَمَكَرَ (١)) : عامل في الظرف.

و (المكر) : إيصال الشّرّ في السّرّ ، فمكرهم ما احتالوا من قتل عيسى وفي صلبه (٢).

(وَمَكَرَ اللهُ) : صونه عيسى عن بأسهم ، وصرفه الشّرّ إليهم في الدنيا والآخرة من حيث لا يشعرون (٣).

وإنّما قيل : (خَيْرُ الْماكِرِينَ) ؛ لأنّ إيصال الشّرّ ما يمدح ، وذلك إذا كان مع العدوّ من غير غدر (٤) وخيانة فالله متّصف به خير الماكرين.

٥٥ ـ (إِنِّي مُتَوَفِّيكَ) : قيل : أمات الله عيسى ثلاث ساعات (٥) ، ثمّ أحياه ورفعه من غير صلب ولا قتل ، وألقى [الله](٦) مثاله على غيره (٧). وقيل (٨) : «متوفّيك : قابضك». وقال الفرّاء (٩) : في الآية تقديم وتأخير ، وتقديرها : إنّي رافعك ومطهّرك من الذين كفروا ، أي : في الحال ، ومتوفّيك ، أي (١٠) : بعد الزّوال.

وقال السدّي : المصلوب رئيس من رؤساء اليهود ، دخل ليخرج عيسى عليه‌السلام من بيته فألقى الله مثاله عليه ، ورفعه عليه‌السلام (١١).

وقيل : المصلوب هو الموكّل الذي كان عليه رقيبا.

وقيل : المصلوب الذي ارتدّ من الحواريّين ، وسعى (١٢) بعيسى عليه‌السلام ، ودلّ اليهود عليه (١٣).

وقيل : إنّه أخبر برفعه فاتّخذ ضيافة لأصحابه وأطعمهم ، ثمّ أتى بماء فتطهّروا به ، ثمّ طلب منهم أن يسألوا الله تعالى تبقيته فيما بينهم ، وخرج من عندهم ، ثمّ اطّلع عليهم فوجدهم

__________________

(١) في الأصل وك وب : مكرا.

(٢) ينظر : التبيان في تفسير القرآن ٢ / ٤٧٦ ـ ٤٧٧ ، ومجمع البيان ٢ / ٣٠٢ و ٣٠٤ ، والتفسير الكبير ٨ / ٦٥.

(٣) في ب : لا يشعروا. وينظر : معاني القرآن للفراء ١ / ٢١٨ ، وتفسير الطبري ٣ / ٣٩٣ ، والبغوي ١ / ٣٠٧.

(٤) في الأصل : عذر. وينظر : التفسير الكبير ٨ / ٦٦ ـ ٦٧ ، والبحر المحيط ٢ / ٤٩٦.

(٥) في ك : مرات. وينظر : تفسير الطبري ٣ / ٣٩٥ ، ومعاني القرآن الكريم ١ / ٤١٠ ، وتفسير البغوي ١ / ٣٠٨.

(٦) من ك.

(٧) بعدها في ك : وقيل غيره ، وهي مقحمة.

(٨) معاني القرآن للفرّاء ١ / ٢١٩ ، وتفسير غريب القرآن ١٠٦ ، ومعاني القرآن الكريم ١ / ٤٠٩.

(٩) وعبارته في معاني القرآن ١ / ٢١٩ : «يقال : إنّ هذا مقدّم ومؤخّر. والمعنى فيه : إنّي رافعك إليّ ومطهّرك من الذين كفروا ومتوفّيك بعد إنزالي إيّاك في الدّنيا».

(١٠) في ك : إلى.

(١١) ينظر : تفسير البغوي ١ / ٣٠٧ ، والخازن ١ / ٢٥١.

(١٢) في الأصل وع وب : وشقي.

(١٣) ينظر : تفسير البغوي ١ / ٣٠٧ ، والتفسير الكبير ٨ / ٦٦ ، وتفسير الخازن ١ / ٢٥١.

٤٠٢

هجوعا ، فأعاد الماء إليهم وأيقظهم ، وطلب منهم أن يتطهّروا ثانيا ويسألوا الله تبقيته فيما بينهم ، فتطهّروا وتشمّروا للصلاة والدّعاء ، وخرج عيسى عليه‌السلام ثمّ التفت إليهم فوجدهم سامدين نائمين ، فأعاد الماء (١) إليهم وأمرهم أن يتطهّروا ، وقال : سبحان الله أما عهدت إليكم؟ فتسوروا (٢) منه ، وتطهّروا وقصدوا للصلاة (٣) والدّعاء فخرّوا نائمين ، فعند ذلك أيقن عيسى عليه‌السلام بأنّه لا محالة مرفوع ، فقال (٤) : من الذي يفديني بنفسه (٦٧ و) ويكون معي في الجنّة؟ فاختار ذلك شمعون ، فألقى الله تعالى مثاله عليه (٥) ، ورفع عيسى عليه‌السلام (٦).

وروي أنّ مريم جاءت بالليل تحت الصليب مع طائفة من الحواريّين يبكون وينوحون ، فأظهر الله تعالى لهم عيسى حيّا غير مصلوب حتى كلّمهم وبشّرهم بسلامة نفسه وبأنّه راجع إلى الدنيا ، ووجّه أولئك الحواريّين إلى البلاد ، وأوصى إلى كلّ واحد وصيّة (٧).

٥٦ ـ (فَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا) : اليهود والنّصارى (٨) ، أمّا اليهود (٩) فلدعواهم صلب عيسى عليه‌السلام وغير ذلك ، وأمّا النصارى فلتسليمهم دعوى اليهود وبغير ذلك.

٥٨ ـ (ذلِكَ) : إشارة (١٠) إلى ما سبق ، و (نَتْلُوهُ) خبر له (١١) ، والباقي خبر ثان (١٢). أو (ذلك) بمعنى الذي ، و (نتلوه) صلة له ، والخبر قوله : (مِنَ الْآياتِ)(١٣).

(الْآياتِ) : آيات الله (١٤).

(وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ) : الذي يفيد الحكمة (١٥).

__________________

(١) ساقطة من ب.

(٢) في ب : فتشورا. والسّور : الضّيافة ، فارسية ، ينظر : القاموس المحيط ٣٧١ (سور).

(٣) في ك وب : الصلاة.

(٤) في ك وع : وقال.

(٥) في الأصل : علهم ، وهو اختصار الناسخ لعبارة : عليه‌السلام ، وبعدها في ع : السّلام ، والصواب ما أثبته من ك. وبعدها : (ورفع عيسى عليه‌السلام) ليس في ك.

(٦) ينظر : تفسير القرطبي ٤ / ١٠٠.

(٧) ينظر : تفسير البغوي ١ / ٣٠٧ ، والخازن ١ / ٢٥١.

(٨) ينظر : تفسير الطبري ٣ / ٣٩٩ ، وزاد المسير ١ / ٣٣٧.

(٩) (أما اليهود) ساقطة من ب ، وبعدها في النسخ الثلاث : فلدعوتهم ، بدل (فلدعواهم).

(١٠) (ذلك إشارة) ليس في ك. وينظر : الكشاف ١ / ٣٦٧ ، والمحرر الوجيز ١ / ٤٤٥ ، والتفسير الكبير ٨ / ٧٣.

(١١) ينظر : إعراب القرآن ١ / ٣٨٢ ، والكشاف ١ / ٣٦٧ ، ومجمع البيان ٢ / ٣٠٧.

(١٢) ينظر : الكشاف ١ / ٣٦٧ ، والتفسير الكبير ٨ / ٧٣ ، والبحر المحيط ٢ / ٤٩٩ ـ ٥٠٠.

(١٣) وهو قول الكوفيّين ، ينظر : معاني القرآن وإعرابه ١ / ٤٢١ ـ ٤٢٢ ، وإعراب القرآن ١ / ٣٨٢ ، والمحرر الوجيز ١ / ٤٤٦. والبصريون لا يجيزون في أسماء الإشارة أن تكون موصولة إلا في (ذا) وحدها ، ينظر : الكتاب ٢ / ٤١٦ ـ ٤١٩ ، والإنصاف في مسائل الخلاف ٢ / ٧١٧ (مسألة ١٠٣) ، وائتلاف النصرة ٦٧ (مسألة ٥٩).

(١٤) ينظر : معاني القرآن وإعرابه ١ / ٤٢١ ، والتفسير الكبير ٨ / ٧٣ ، والبحر المحيط ٢ / ٤٩٩.

(١٥) ينظر : معاني القرآن وإعرابه ١ / ٤٢١ ، وتفسير البغوي ١ / ٣٠٩ ، والكشاف ١ / ٣٦٧.

٤٠٣

٥٩ ـ قيل : إنّ (١) وفد نجران قالوا لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : إنّك سببت (٢) صاحبنا بأن سمّيته عبدا ، فقال صلى‌الله‌عليه‌وسلم : ليست العبوديّة بعار على أخي ، قالوا : أرنا عبدا مثله وجد بغير أب ، فضرب الله تعالى هذا المثل وقال : (إِنَّ مَثَلَ عِيسى) ، الآية ، شبّهه بآدم في الوجود من غير أب فقط (٣) ، كما شبّه الهلال بالعرجون والكفّار بالأنعام (٤).

«و (آدَمَ) : معرفة» (٥).

(خَلَقَهُ) : كلام مستأنف ليس بصفة ولا حال (٦).

(فَيَكُونُ) : تقديره : فصار ؛ تكوّن شيئا بعد شيء على التدريج ، وكأنّه لم يكن حيّا دفعة واحدة وذلك سنّة الله في خلق الأشياء (٧) للتّمكين من الاعتبار. وقيل : تمّ الكلام عند قوله : (كُنْ) ، ثمّ ابتدأ فقال : (فَيَكُونُ) ، أي : يكون كلّ مأمور بأمر (٨).

٦١ ـ فلمّا نزلت (فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ) دعا صلى‌الله‌عليه‌وسلم وفد نجران إلى المباهلة ، وخرج بنفسه متيقّنا بما أوحى إليه ربّه ، معه عليّ وفاطمة والحسن والحسين ، ولم يخرج وفد نجران ، وتكعكعوا عن ذلك لما كان فيهم من التّشكّك والظّنّ (٩) ، فقال صلى‌الله‌عليه‌وسلم : لو خرجوا للمباهلة لاضطرم الوادي عليهم نارا (١٠). وجعل آله تحت كسائه ثمّ دعا فقال : اللهمّ هؤلاء آلي وال من والاهم ، وانصر من نصرهم ، واخذل من خذلهم ، ورجع مستجابا له بفضل من الله ورحمته.

والتزم وفد نجران الجزية ، وصالحوا على ألفي حلّة وثلاثين درعا عادية من حديد (١١).

(تَعالَوْا) : «هلمّوا» (١٢). والتّعالي إلى الشيء : التّقارب منه على سبيل العلوّ حقيقة ، وعلى غيره (١٣) مجازا. والتّعالي عن الشيء : التّباعد منه على سبيل العلوّ والرّفعة حقيقة لا مجاز له.

__________________

(١) ساقطة من ك.

(٢) في ع : سبيت.

(٣) ينظر : تفسير الطبري ٣ / ٤٠١ ـ ٤٠٣ ، ومعاني القرآن وإعرابه ١ / ٤٢٢ ، وتفسير القرآن الكريم ٢ / ٧٨ ـ ٧٩.

(٤) في الآية ٣٩ من سورة يس ، والآية ١٧٩ من سورة الأعراف.

(٥) تفسير الطبري ٣ / ٤٠٣.

(٦) ينظر : معاني القرآن وإعرابه ١ / ٤٢٢ ، والتبيان في تفسير القرآن ٢ / ٤٨٢ ، والبيان في غريب إعراب القرآن ١ / ٢٠٦.

(٧) في ك : الشيء. وينظر : تفسير الطبري ٣ / ٤٠٣ ، والبحر المحيط ٢ / ٥٠١ ـ ٥٠٢.

(٨) ينظر : معاني القرآن للأخفش ١ / ٤٠٩ ، وتفسير الطبري ٣ / ٤٠٣.

(٩) ينظر : تفسير القرآن الكريم ٢ / ٨١ ، والتبيان في تفسير القرآن ٢ / ٤٨٤ ، وتفسير البغوي ١ / ٣١٠.

(١٠) ينظر : معاني القرآن وإعرابه ١ / ٤٢٣ ، وتفسير البغوي ١ / ٣١١ ، والكشاف ١ / ٣٦٩.

(١١) ينظر : الكشاف ١ / ٣٦٩ ، ومجمع البيان ٢ / ٣٠٩ ـ ٣١٠ ، والتفسير الكبير ٨ / ٨٠.

(١٢) الوجيز ١ / ٢١٤ ، والكشاف ١ / ٣٦٨ ، ومجمع البيان ٢ / ٣١٠.

(١٣) في ك : غير ، والهاء ساقطة. وينظر : زاد المسير ١ / ٣٣٩.

٤٠٤

و (الابتهال) : المبالغة في الدّعاء بالشّرّ ، ويقال : عليه بهلة الله ، أي : لعنته (١).

٦٢ ـ (الْقَصَصُ) : «الأخبار» (٢) ، والاسم منه : قصّة ، والجمع منه : قصص ، وإنه في معنى التلاوة. وقوله (٣) : (وَقالَتْ (٦٧ ظ) لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ) [القصص : ١١] ، أي : اتبعي أثره (٤).

٦٣ ـ وفي فحوى قوله : (فَإِنْ تَوَلَّوْا) تهديد للمتولين فإنّهم مفسدون (٥).

٦٤ ـ (قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ) : خطاب لوفد نجران عن الحسن والسدّي وابن زيد (٦) ، ولليهود عن قتادة والرّبيع وابن جريج (٧) ، ولأهل الكتابين في الظاهر (٨).

(إِلى كَلِمَةٍ) : المقالة التي هي قاعدة الدّين والأمر وهو التّوحيد ، ثمّ ابتدعت اليهود فادّعت اتّخاذ الولد كاتّخاذ الوليّ والخليل والبيت ، فلم يعلموا أنّ ما ادّعوه يقتضي المشابهة أولا ، وهو شرك ، بخلاف اتّخاذ الوليّ والخليل ؛ لأنّه يقتضي إرادة الخير ، بخلاف اتّخاذ البيت ؛ لأنّه يقتضي اتّخاذ متعبّد للعباد (٩). وابتدعت النصارى فزعمت أنّ الله تعالى هو الرّوح تزوّج بمريم وهي النّفس ، فتولّد منهما المسيح وهو العلم ، وزعم بعضهم أنّ المسيح عينه حلّ في العالم ، ولم يعلموا أنّ الله سبحانه وتعالى متعال ، تقدّس عن الازدواج والانفصال والتّغيّر والانتقال ، تعالى الله عن ذلك علوّا كبيرا.

(سَواءٍ) : عدل ، وكذا سوى وسوى (١٠). وقيل : (سواء) : مصدر أقيم مقام الصّفة ، ومعناه : كلمة مستوية (١١).

(أَلَّا نَعْبُدَ) : تفسير الكلمة ، وبدل عنها (١٢).

(اشْهَدُوا) : يقتضي التمحض في مخالفة (١٣) الخصم ، تقول لخصمك : اشهد عليّ

__________________

(١) ينظر : مجاز القرآن ١ / ٩٦ ، وتفسير غريب القرآن ١٠٦ ، ومعاني القرآن وإعرابه ١ / ٤٢٣.

(٢) المحرر الوجيز ١ / ٤٤٨.

(٣) ساقطة من ب.

(٤) ينظر : التبيان في تفسير القرآن ٢ / ٤٨٦ ، ومجمع البيان ٢ / ٣١٢ ، ولسان العرب ٧ / ٧٣ ـ ٧٤ (قصص).

(٥) ينظر : تفسير القرآن الكريم ٢ / ٨٢ ، والتبيان في تفسير القرآن ٢ / ٤٨٧ ، ومجمع البيان ٢ / ٣١٣.

(٦) ينظر : تفسير الطبري ٣ / ٤١٠ ـ ٤١١ ، والتبيان في تفسير القرآن ٢ / ٤٨٨ ، ومجمع البيان ٢ / ٣١٤.

(٧) ينظر : تفسير الطبري ٣ / ٤١٠ ، والتبيان في تفسير القرآن ٢ / ٤٨٨ ، وزاد المسير ١ / ٣٤٠.

(٨) ينظر : تفسير الطبري ٣ / ٤١١ ، والتبيان في تفسير القرآن ٢ / ٤٨٨ ، وتفسير القرطبي ٤ / ١٠٥.

(٩) في ع : للعبادة.

(١٠) ينظر : معاني القرآن للفراء ١ / ٢٢٠ ، وغريب القرآن وتفسيره ١٠٦ ، ومعاني القرآن وإعرابه ١ / ٤٢٤ ـ ٤٢٥.

(١١) في ب : مرتوية ، وهو تحريف. وينظر : معاني القرآن للأخفش ١ / ٤١٠ ، وتفسير الطبري ٣ / ٤١٢ ، والتبيان في تفسير القرآن ٢ / ٤٨٩.

(١٢) ينظر : معاني القرآن للأخفش ١ / ٤١٠ ، ومشكل إعراب القرآن ١ / ١٦٢ ، وتفسير البغوي ١ / ٣١١ ـ ٣١٢.

(١٣) في الأصل وع : محالفة.

٤٠٥

بما أقول وحدّث به عنّي (١) من شئت.

٦٥ ـ ومحاجّتهم من أمر إبراهيم عليه‌السلام قد سبق في سورة البقرة.

وإنّما دلّ نزول الكتابين بعده على أنّه لم يكن يهوديّا ولا نصرانيّا ؛ لأنّه لم يكن فيهما ذلك ، ولو كان على أحدهما لذكر كما ذكر (٢) في القرآن أنّه كان مسلما ، ووصفه فيهما بالطاعة والانقياد ولا محالة وهو الإسلام ، وكانوا يزعمون أنّ اليهوديّ (٣) الذي لزم السبت ، والنّصرانيّ الذي لزم الصّليب ، ولم يكن هذان (٤) في عصر إبراهيم عليه‌السلام.

وقوله : (أَفَلا تَعْقِلُونَ) على معنى اللّوم والتّسفيه (٥).

٦٦ ـ (ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ حاجَجْتُمْ) : والمراد بمحاجّتهم (فِيما لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ) زعمهم ذلك بعد التبديل والتحريف على قراءة قنبل (٦) ، ومحاجتهم المشركين قبل أن غيّروا وبدّلوا إن جعلنا الهاء ، ومحاجتهم المشركين بعد التحريف بما لم يحرّفوا ولم يبدّلوا ، ومحاجتهم عامّة المشركين فيما لم ينزل الله في القرآن من الشرائع التي بقيت غير منسوخة (٧).

٦٨ ـ (أَوْلَى النَّاسِ) : أقربهم به (٨).

(لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ) : في عصره ؛ لأنّهم كانوا أمّته (٩).

(وَهذَا النَّبِيُّ) : صلى‌الله‌عليه‌وسلم ؛ لأنّه كان دعوته ، والمصلّي إلى قبلته ، والآخذ في الحجّ بسنّته (١٠).

(وَالَّذِينَ آمَنُوا) : لموافقتهم إيّاه بالإيمان والاستسلام لأمر الله طائعين ، وهم الأنبياء عليهم‌السلام كلّهم (١١) ، وكلّ عبد مؤمن في السماء والأرض.

٦٩ ـ (وَدَّتْ طائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ) : نزلت في مثل ما نزل (٦٨ و) قوله تعالى : (وَدَّ

__________________

(١) ساقطة من ك. وينظر : تفسير الطبري ٣ / ٤١٣ ، ومجمع البيان ٢ / ٣١٥.

(٢) (كما ذكر) ساقطة من ب.

(٣) في ك : اليهود ، والياء ساقطة.

(٤) في ع : هذا. وينظر : معاني القرآن وإعرابه ١ / ٤٢٦ ـ ٤٢٧ ، وتفسير القرآن الكريم ٢ / ٨٤ ، والتفسير الكبير ٨ / ٨٧ ـ ٨٨.

(٥) ينظر : البحر المحيط ٢ / ٥٠٩.

(٦) وقرأ : هأنتم ، بغير ألف بعد الهاء على معنى : أأنتم ، ينظر : إعراب القراءات السبع وعللها ١ / ١١٤ ، والإقناع ٢ / ٦٢٠ ، والمكرر ٢١. وقنبل هو أبو عمر محمد بن عبد الرحمن المكي ، راوية ابن كثير ، ت ٢٩١ ه‍ ، ينظر : معرفة القراء الكبار ١ / ٢٣٠ ، وتذكرة الحفاظ ٢ / ٦٥٩ ، وغاية النهاية ٢ / ١٦٥.

(٧) ينظر : البحر المحيط ٢ / ٥٠٩ ـ ٥١٠.

(٨) ينظر : الوجيز ١ / ٢١٦ ، والكشاف ١ / ٣٧١ ، والبحر المحيط ٢ / ٥١٢.

(٩) ينظر : التبيان في تفسير القرآن ٢ / ٤٩٣ ، وتفسير البغوي ١ / ٣١٣ ، ومجمع البيان ٢ / ٣١٨.

(١٠) ساقطة من ب.

(١١) ساقطة من ك.

٤٠٦

كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ) [البقرة : ١٠٩](١).

و (الإضلال) (٢) ههنا بالخدع.

٧٠ ـ (وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ) : بأنّ الله قادر على ما يشاء ولا ينبئكم (٣) بمثل هذه الآيات ، أو تشهدون بخروج النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم وتشاهدون الآيات وقت بدوها (٤).

٧٢ ـ (وَقالَتْ طائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ) : قيل : إنّ اليهود أرادوا تشكيك المؤمنين بهذه الحيلة ليشتبه (٥) الأمر على المؤمنين فيرتدّوا بارتدادهم ويشكّوا بتشكيكهم (٦). وقيل : أرادوا التقية ، وردّ المؤمنين عن أنفسهم بإظهار الإيمان بما يوافق شرائعهم كاستقبال القبلة الأولى ونحوه (٧).

(وَجْهَ النَّهارِ) : أوّله (٨). وإنّما خصّوا آخر النهار بالكفر ؛ لأنّ النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم تحوّل إلى الكعبة في الظّهر أو العصر (٩).

٧٤ ـ (يَخْتَصُّ) : يخاص ، ويتّخذ خاصّة (١٠).

٧٥ ـ (وَمِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ) : نازلة عند قتادة والسدّيّ وغيرهما في تنويع أهل الكتاب ، وذمّ قوم منهم لا يوفون بعهودهم مع العرب قاطبة وكذلك (١١) سائر الأمم من غير أهل الكتاب ، ويرون الخيانة حلالا ، ويحتجّون بأنّه (لَيْسَ عَلَيْنا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ) أي : لا حكم ولا حجّة علينا في كتابنا في أخذ أموال الأمّيّن (١٢).

(وَيَقُولُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ) : في إباحة نقض العهود (١٣) ، وتحليل الغدر والخيانة (١٤).

__________________

(١) ينظر : تفسير البغوي ١ / ٣١٥ ، والقرطبي ٤ / ١١٠ ، والبحر المحيط ٢ / ٥١٣.

(٢) في الآية نفسها : (لَوْ يُضِلُّونَكُمْ وَما يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ).

(٣) في ب : ولا نبينكم.

(٤) ينظر : مجمع البيان ٢ / ٣١٩ ـ ٣٢٠ ، والتفسير الكبير ٨ / ٩١ ـ ٩٢.

(٥) في ك : وليشتبه.

(٦) ينظر : تفسير الطبري ٣ / ٤٢٣ ـ ٤٢٤ ، ومعاني القرآن وإعرابه ١ / ٤٣٠ ، ومعاني القرآن الكريم ١ / ٤٢١.

(٧) ينظر : معاني القرآن وإعرابه ١ / ٤٢٩ ، وتفسير القرآن الكريم ٢ / ٨٧ ، والتفسير الكبير ٨ / ٩٤.

(٨) ينظر : غريب القرآن وتفسيره ١٠٧ ، وتلخيص البيان ١٩ ، والعمدة في غريب القرآن ١٠٠.

(٩) ينظر : تفسير القرآن الكريم ٢ / ٨٧ ـ ٨٨ ، وزاد المسير ١ / ٣٤٤.

(١٠) ينظر : التبيان في تفسير القرآن ٢ / ٥٠٢.

(١١) في ك : ولذلك.

(١٢) ينظر : تفسير الطبري ٣ / ٤٣١ ـ ٤٣٢ ، والتبيان في تفسير القرآن ٢ / ٥٠٤ وتفسير البغوي ١ / ٣١٧ ـ ٣١٨.

(١٣) في ب : العهد.

(١٤) ينظر : الوجيز ١ / ٢١٨ ، والتفسير الكبير ٨ / ١٠٢.

٤٠٧

(وَهُمْ يَعْلَمُونَ) : أنّ الله أمر بالوفاء والأمانة على الإطلاق ، ولم ينزل في تركهما إباحة إذ هو باق على أصل الحظر وقضيّة العقل (١) ، ولذلك لا يجوز في الإسلام لمن دخل دار الحرب بأمان أن يسرق أو يخون.

وعن مجاهد والحسن أنّها في قوم من اليهود عاملوا (٢) المشركين ، فمنعت (٣) اليهود حقوقهم وقالوا : إنّكم بدّلتم دينكم ، وليس علينا في كتابنا (٤) سبيل في منع حقّ من بدّل دينه.

و (الدّينار) : اسم المضروب من الذّهب للمعاملة (٥).

و (الدّوام) : امتداد الحال (٦). وفي صفات الله صفة تنفي (٧) حدوث الحال.

٧٦ ـ وفي قوله : (بَلى مَنْ أَوْفى بِعَهْدِهِ) تأليف ، استمالة لقلوب المؤمنين بالعهد.

(بل) : إضراب عن الكلام الأوّل (٨) ، و (من أوفى) : مبتدأ ، وهو شرط ، (وَاتَّقى) زيادة في الشرط ، جوابه : (فَإِنَّ اللهَ)(٩).

وإنّما لم يقل : فإنّ الله يحبّه لنظم الآي. ولم يقل : يحبّ الموفين بالعهود والمتّقين ؛ لأنّ الوفاء بعض التّقى فهو داخل فيه (١٠).

٧٧ ـ (إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللهِ) : نزلت في كنانة (١١) بن أبي الحقيق وأبي رافع وكعب ابن الأشرف وحيي بن أخطب ، عن عكرمة (١٢). وفي الذين قالوا : (لَيْسَ عَلَيْنا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ) [آل عمران : ٧٥] ، وكتبوا بأيديهم وزعموا أنّه من التّوراة ، عن الحسن (١٣). وفي الأشعث بن قيس وخصمه حين اختصما إلى النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم في بئر ، عن ابن جريج (١٤). وفي من

__________________

(١) ينظر : تفسير القرآن الكريم ٢ / ٩٢.

(٢) في ب : وعاملوا ، والواو مقحمة.

(٣) مكانها في النسخ الثلاث : فمقت الله.

(٤) في ع : الأميين ، ومكانها في ب بياض. وينظر : معاني القرآن وإعرابه ١ / ٤٣٤ ، والتبيان في تفسير القرآن ٢ / ٥٠٤.

(٥) ينظر : البحر المحيط ٢ / ٥٢٢.

(٦) ينظر : معاني القرآن الكريم ١ / ٤٢٥ ، والكشاف ١ / ٣٧٥ ، والمجيد ١٢٤ (تحقيق : د. عطية أحمد).

(٧) في ع وب : بنفي.

(٨) ينظر : التبيان في تفسير القرآن ٢ / ٥٠٥ و ٥٠٦ ، ومجمع البيان ٢ / ٣٢٥.

(٩) ينظر : إعراب القرآن ١ / ٣٨٩ ، والتبيان في إعراب القرآن ١ / ٢٧٣.

(١٠) ينظر : البحر المحيط ٢ / ٥٢٦.

(١١) في ك : كتابه ، وبعدها : وابن رافع ، بدل (وأبي رافع).

(١٢) ينظر : تفسير الطبري ٣ / ٤٣٥ ، والتبيان في تفسير القرآن ٢ / ٥٠٦ ـ ٥٠٧ ، والمحرر الوجيز ١ / ٤٥٩.

(١٣) ينظر : التبيان في تفسير القرآن ٢ / ٥٠٧ ، وتفسير البغوي ١ / ٣١٨ ، والتفسير الكبير ٨ / ١٠٤.

(١٤) ينظر : تفسير الطبري ٣ / ٤٣٦ ـ ٤٣٧ ، والبغوي ١ / ٣١٨ ، والكشاف ١ / ٣٧٦.

٤٠٨

نفّق سلعة بيمين فاجرة ، عن الشعبيّ (١). وروى الكلبيّ أنّها نزلت في (٦٨ ظ) امرئ القيس بن عياش الكنديّ وعبدان ، وقيل : عيدان بالياء ، ابن أشوع الحضرميّ ، اختصما في أرض كانت في يدي امرئ القيس ولا بيّنة لعبدان ، وقد همّ امرؤ القيس أن يحلف فأنزل الله الآية ، فنكل وأقرّ فأنزل الله : (مَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى) [النّحل : ٩٧](٢). وقيل (٣) : خصم امرئ القيس ربيعة بن عيدان.

(وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ) : أي : لا يناجيهم مناجاة أوليائه ، ولا يخصّهم بالخطاب (٤).

(وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ) : لا يقبل إليهم بالرّحمة ، بل يخذلهم ويعرض (٥) عنهم بلا كيفيّة.

٧٨ ـ (وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقاً)(٦) : نزلت في اليهود حيث قدروا ما شاؤوا في التّنزيل مضمرا متأوّلين ، ثمّ أظهروه وتلفّظوا به وزعموا أنّه من التّنزيل أيضا ، وكذلك فعلت النّصارى (٧).

و (اللّيّ) : التّحريف ، وتلوّت (٨) الحيّة إذا تثنّت ، ولوّى الغريم ليّا إذا ماطل وأخلف الموعد (٩).

(الألسنة) : جمع لسان ، وهو آلة النّطق (١٠).

٧٩ ـ (ما كانَ لِبَشَرٍ) : نزل في وفد نجران وأحبار المدينة حيث تناظروا ، ثمّ أقبلوا على النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقالت اليهود : ما تريد منّا إلا ما أراد عيسى من هؤلاء فاتّخذوه ربّا ، وقالت النّصارى : ما تريد منّا إلا أن نتّخذك ربّا كما اتّخذ هؤلاء عزيرا ربّا ، فكذّب الله الطائفتين وأنزل : (ما كانَ لِبَشَرٍ) وسعا أو حكما (١١).

و (يَقُولَ) : نصب ، عطف على (أَنْ يُؤْتِيَهُ اللهُ)(١٢).

__________________

(١) ينظر : تفسير الطبري ٣ / ٤٣٧ ـ ٤٣٨ ، والتبيان في تفسير القرآن ٢ / ٥٠٦ ، والمحرر الوجيز ١ / ٤٥٩ ـ ٤٦٠.

(٢) ينظر : تفسير القرآن الكريم ٢ / ٩٢ ـ ٩٣.

(٣) ينظر : تفسير البغوي ١ / ٣١٩.

(٤) ينظر : معاني القرآن وإعرابه ١ / ٤٣٤ ، وتفسير القرآن الكريم ٢ / ٩٤ ، وتفسير البغوي ١ / ٣١٩.

(٥) في ك : أو يعرض. وينظر : تفسير القرآن الكريم ٢ / ٩٤ ، وتلخيص البيان ١٩ ـ ٢٠ ، وتفسير البغوي ١ / ٣١٩.

(٦) ليس في ك.

(٧) ينظر : تفسير الطبري ٣ / ٤٣٩ ، ومجمع البيان ٢ / ٣٢٩ ، وزاد المسير ١ / ٣٤٩.

(٨) في ع : وتلومت ، وفي ب : وتولوت ، وكلاهما تحريف.

(٩) ينظر : تفسير الطبري ٣ / ٤٣٩ و ٤٤٠ ، ومعاني القرآن وإعرابه ١ / ٤٣٥ ، والمجيد ١٢٧ (تحقيق : د. عطية أحمد).

(١٠) ينظر : زاد المسير ١ / ٣٤٩ ، والمجيد ١٢٧ (تحقيق : د. عطية أحمد).

(١١) ينظر : تفسير الطبري ٣ / ٤٤١ ـ ٤٤٢ ، والبغوي ١ / ٣٢٠ ، والتفسير الكبير ٨ / ١٠٩ ـ ١١٠.

(١٢) ينظر : معاني القرآن وإعرابه ١ / ٤٣٥ ، وإعراب القرآن ١ / ٣٩٠ ، والتبيان في إعراب القرآن ١ / ٢٧٤.

٤٠٩

(تُعَلِّمُونَ) : «من التّعليم» (١).

و (الرّبّانيّ) : منسوب إلى الربان ، وهو المدبّر المتعهد (٢) القائم بالمصالح ، ولم يجئ (فعلان) من (فعل) بكسر العين إلا هذا (٣). وقيل (٤) : هو منسوب إلى (٥) الرّب ، والألف والنّون زائدتان كما يقال : لحيانيّ ورقبانيّ ، ويجوز أن ينسب إلى الله على سبيل التّخصيص كما يقال : علم الإلهي ، وهو مثل الإضافة.

(بِما كُنْتُمْ) : إثبات للحال ، وليس بإخبار عن ماض (٦).

و (الدّرس) : كالنّسخ والمحو (٧) ، ودرس العلم : حفظه ونقله من الكتاب إلى القلب مجازا (٨).

٨٠ ـ (أَيَأْمُرُكُمْ) : استفهام بمعنى الإنكار (٩).

ويحتمل أنّ (إِذْ) للمستقبل من الزمان كقوله : (وَإِذْ قالَ اللهُ يا عِيسَى) [المائدة : ١١٦](١٠) ، فتقديره إذا : أهو يأمركم بالكفر بعد أن تسلموا بأمره ، على معنى الإحالة (١١).

٨١ ـ (وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ) : أضاف إليهم ؛ لأنّه أخذ الميثاق لأجلهم ، أو أخذ ميثاق الأمم دون الأنبياء ، ولقد صرّح ابن مسعود وقرأ (١٢) : (وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب) ، حتى ظنّ مجاهد أنّ قراءة ابن مسعود هو لفظ القرآن وأنّ ما انعقد الإجماع من سهو الكاتب (١٣) ، وليس كما ظنّ مجاهد ؛ لأنّ هذا اللفظ يحتمل ما يحتمله لفظ ابن مسعود ووجهان (١٤) أبدا ولا يبعد دخول الأنبياء مع الأمم (١٥) في حكم الميثاق كدخولهم معهم في حكم التكليف يدلّ عليه قوله : (وَإِذْ أَخَذْنا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثاقَهُمْ) [الأحزاب : ٧] ، فنصرة من لم

__________________

(١) تفسير البغوي ١ / ٣٢١ ، والتفسير الكبير ٨ / ١١٢ وتفسير القرطبي ٤ / ١٢٣.

(٢) ساقطة من ك.

(٣) ينظر : تفسير الطبري ٣ / ٤٤٤ ، ومعاني القرآن الكريم ١ / ٤٢٩ ، والتبيان في تفسير القرآن ٢ / ٥١١.

(٤) ينظر : معاني القرآن وإعرابه ١ / ٤٣٥ ، ومعاني القرآن الكريم ١ / ٤٢٨ ، والمحرر الوجيز ١ / ٤٦٢.

(٥) (الربان ... منسوب إلى) ساقطة من ع.

(٦) ينظر : تفسير البغوي ١ / ٣٢١.

(٧) في ب : والمحق ، وهو تحريف.

(٨) ينظر : لسان العرب ٦ / ٧٩ (درس).

(٩) ينظر : التبيان في تفسير القرآن ٢ / ٥١٣ ، والوجيز ١ / ٢٢٠ ، والكشاف ١ / ٣٧٨.

(١٠) ينظر : المجيد ٦٦٦ (تحقيق : د. عطية أحمد).

(١١) ينظر : تفسير الطبري ٣ / ٤٤٧.

(١٢) ينظر : تفسير الطبري ٣ / ٤٤٩ ، ومعاني القرآن الكريم ١ / ٤٣١ ، والمحرر الوجيز ١ / ٤٦٤.

(١٣) ينظر : تفسير مجاهد ١ / ١٣٠ ، والطبري ٣ / ٤٤٩ ، والمحرر الوجيز ١ / ٤٦٤.

(١٤) في ك : وجهان.

(١٥) (مع الأمم) ساقطة من ب. وينظر : معاني القرآن وإعرابه ١ / ٤٣٨.

٤١٠

يدرك نبيّا إيّاه ذكره والوصيّة (٦٩ و) بنصره ، ونصرة من أدرك موالاته واتّباعه (١).

(أَأَقْرَرْتُمْ) : استقرار (٢). و (أخذ الإصر) : قبوله (٣).

ويحتمل أنّ الخطاب للأنبياء والرّبّانيّين ، وأنّ أخذ الإصر : توثيقه وإحكامه (٤).

(فَاشْهَدُوا) : أي : ليشهد بعضكم على بعض (٥).

(وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ) : على المجاز ، وإنّما جاز ذلك ؛ لأنّه وصف نفسه بالشهادة ، ووصفهم بالشهادة (٦).

٨٢ ـ وقوله : (فَمَنْ تَوَلَّى) خاصة في الأمم دون الأنبياء عليهم‌السلام (٧) ، ولا يبعد أن تكون عامّة ؛ لأنّ الوعيد لمن المعلوم منه أنّه موجبه والذي قضى له بالعصمة عن موجبه سواء ، فإذا جاز أحدهما على سبيل التّخويف والزيادة والتّأديب والتّهذيب فكذلك الآخر ، يدلّ (٨) عليه قوله (٩) : (لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ) [الزّمر : ٦٥].

٨٣ ـ (وَلَهُ أَسْلَمَ) : والكلام في إسلام الكافّة كالكلام في فنونه (١٠).

و (الطّوع) (١١) : قريب من الرّضا ، وهو ضدّ الكره (١٢).

٨٥ ـ وقوله : (وَمَنْ يَبْتَغِ) نزلت في عشرة رهط كفروا بعد إسلامهم ، ولحقوا بمكّة وهي دار الحرب يومئذ ، ثمّ تاب بعضهم ، فيستثني الله التّائبين (١٣).

وهي ناسخة لقوله : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا) [البقرة : ٦٢] في رواية عليّ بن طلحة عن ابن عبّاس (١٤) ، ويصحّ الجمع بينهما على ما سبق (١٥).

__________________

(١) ينظر : تفسير البغوي ١ / ٣٢١ ـ ٣٢٢.

(٢) ينظر : التفسير الكبير ٨ / ١٢٠.

(٣) ينظر : تفسير الطبري ٣ / ٤٥٣ ، وتفسير القرآن الكريم ٢ / ٩٩ ، والمحرر الوجيز ١ / ٤٦٦.

(٤) ينظر : التبيان في تفسير القرآن ٢ / ٥١٥ ، ومجمع البيان ٢ / ٣٣٥ ، والبحر المحيط ٢ / ٥٣٥.

(٥) ينظر : تفسير القرآن الكريم ٢ / ٩٩ ، والكشاف ١ / ٣٨٠ ، ومجمع البيان ٢ / ٣٣٥.

(٦) ينظر : التفسير الكبير ٨ / ١٢٠ ـ ١٢١.

(٧) ينظر : مجمع البيان ٢ / ٣٣٥ ، وتفسير القرطبي ٤ / ١٢٦.

(٨) النسخ الأربع : يدل الآخر ، بدل (الآخر يدل) ، والصواب ما أثبت.

(٩) ساقطة من ع.

(١٠) في ك وب : ديونه. وينظر : التفسير الكبير ٨ / ١٢٢.

(١١) في ب : والتطوع ، والتاء مقحمة.

(١٢) ينظر : تفسير البغوي ١ / ٣٢٣ ، والقرطبي ٤ / ١٢٧ ـ ١٢٨ ، والبحر المحيط ٢ / ٥٣٨.

(١٣) ينظر : تفسير البغوي ١ / ٣٢٣ ، والقرطبي ٤ / ١٢٨.

(١٤) ينظر : الناسخ والمنسوخ للمقري ٣١ ـ ٣٢ ، ولابن حزم ١٩ ، ونواسخ القرآن ٤٢ ـ ٤٣.

(١٥) ينظر : نواسخ القرآن ٤٢.

٤١١

٨٦ ـ (كَيْفَ) : استفهام بمعنى البيان لموضع التّعجّب (١). وقيل : استفهام بمعنى الإنكار والإحالة ؛ لأنّ اجتماع حالتي الكفر والإسلام محال (٢).

(وَاللهُ لا يَهْدِي) : هداية التّوفيق حالة إصرارهم وعتوّهم ، ولكن إذا شاء هدايتهم سبّب أسبابا يتّضح بها فساد ما هم فيه فيندمون ، ثمّ يلهمهم ويهديهم إلى معرفته (٣).

٨٩ ـ (إِلَّا الَّذِينَ تابُوا) : التّائب الذي استثناه من جملة العشرة هو الحرث بن سويد بن الصامت (٤) ، وهي عامّة في كلّ تائب (٥).

٩٠ ـ (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمانِهِمْ) : قيل : لمّا بلغ أصحاب الحارث خبره (٦) قالوا : نقيم بمكّة ونتربّص محمّدا ريب المنون فإن بدا لنا (٧) أن نرجع إلى قومنا أيقنّا بقوله كما فعل الحارث ، فأنزل الله الآية (٨). وإنّما نفى قبول توبتهم ؛ لأنّهم قصدوا توبة على تردّد ونفاق (٩).

و (ازديادهم الكفر) : جهلهم وظنّهم أنّهم قادرون على التّوبة خداعا ، فالكفر يتزايد بتزايد الاعتقاد الفاسد ، والإيمان يتزايد بتزايد الاعتقاد (١٠) الصحيح في الآيات الناسخة ، ولمّا كمل الدّين صار النّقصان في أصل الإيمان وحقيقته كفرا من جميع الوجوه على أيّ تأويل ؛ لأنّ تزايد الاعتقاد بعد انقطاع محال (١١).

٩١ ـ وفي قوله : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَماتُوا) دلالة أنّ التّوبة مقبولة قبل الموت ، والتي نفى قبولها هي توبة على نفاق وتردّد ، أو توبة عند معاينة البأس وانقطاع الأحكام الدنياويّة (١٢).

(إنّ الذين) : في معنى الشرط ، ويشبه (من) لإبهامه ولذلك أجاب بالفاء (١٣).

و (مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَباً) : على سبيل التقدير والتفخيم دون التحقيق ، وإنّما خص ذلك ؛ لأنّه (٦٩ ظ) ممّا يتعاظمه الناس في معاملاتهم وعاداتهم (١٤) ومبادلاتهم.

__________________

(١) ينظر : المجيد ١٤٢ (تحقيق : د. عطية أحمد) ، والبحر المحيط ٢ / ٥٤١.

(٢) ينظر : التبيان في تفسير القرآن ٢ / ٥٢٢ ، والوجيز ١ / ٢٢٢ ، ومجمع البيان ٢ / ٣٣٨.

(٣) ينظر : تفسير القرآن الكريم ٢ / ١٠٣ ـ ١٠٤ ، وتفسير الخازن ١ / ٢٦٦.

(٤) ينظر : تفسير القرآن ١ / ١٢٥ ، وتفسير الطبري ٣ / ٤٦٠ ـ ٤٦١ ، ومعاني القرآن الكريم ١ / ٤٣٣.

(٥) ينظر : تفسير الطبري ٣ / ٤٦٢ ، والقرطبي ٤ / ١٣٠.

(٦) في ب : فأخبر.

(٧) في ك وع : بدلنا ، بدل (بدا لنا).

(٨) ينظر : تفسير القرآن الكريم ٢ / ١٠٥ ـ ١٠٦ ، وتفسير البغوي ١ / ٣٢٤ ، ومجمع البيان ٢ / ٣٤٠.

(٩) ينظر : معاني القرآن الكريم ١ / ٤٣٥ ـ ٤٣٦ ، والتبيان في تفسير القرآن ٢ / ٥٢٧ ، وتفسير البغوي ١ / ٣٢٤.

(١٠) (والإيمان يتزايد بتزايد الاعتقاد) ساقطة من ك.

(١١) في ك : مجاهل.

(١٢) ينظر : التفسير الكبير ٨ / ١٣١.

(١٣) ينظر : الكشاف ١ / ٣٨٢ ، والتفسير الكبير ٨ / ١٣٢.

(١٤) ساقطة من ك. وينظر : التفسير الكبير ٨ / ١٣٢ ـ ١٣٣.

٤١٢

٩٢ ـ قوله : (لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ) : قال الكلبيّ : منسوخة بآية الزكاة (١) ، وليس كذلك ؛ لأنّه لا تنافي بينهما إذ الزكاة إنفاق من بعض المحبوب.

و (البرّ) ههنا الجنّة عن السدّي (٢) ، وعن عطاء أشرف مراتب التقوى (٣) ، وقيل (٤) : البرّ : الخير.

٩٣ ـ (كُلُّ الطَّعامِ كانَ حِلًّا) : نزلت ردّا على اليهود حيث أنكروا النّسخ وادّعوا أنّ المحظورات كلّها لم تزل كذلك من لدن آدم إلى يومنا هذا ، وزعموا أنّ موسى لم يأت بتحريم حادث ولا تحليل إلا في ما اختلفت العقول فيه ، فكذّبهم الله وأخبر أنّ الكلّيّات كلّها كانت حلّا لبني إسرائيل إلا ما حرّمها إسرائيل نذرا ، ثمّ حرّم عليهم بعض الطيّبات عقوبة لهم ، وكانوا كلّما أذنبوا ذنبا عظيما حرّم عليهم رزق طيّب أو سلّط عليهم الطاعون (٥).

والقصّة في نذر إسرائيل أنّه اشتكى عرق النسا فنذر إن شفاه الله لا يأكل لحوم الإبل وألبانها لو خامتهما وإضرارهما عند ملاومتهما ، وكان من أحبّ الطعام إليه (٦).

ووجه القربة فيه أنّه مخالفة لهوى النّفس الأمّارة بالسّوء (٧) وقهر لها. ووجه جوازه من ذات نفسه أنّ الأنبياء عليهم‌السلام كانوا يجتهدون بإذن الله تعالى ، يدلّ عليه حكم داود وسليمان عليهما‌السلام في الحرث ، وكان حكم سليمان (٨) يفهم لا محالة ، وحكم داود ممّا يسوغ الاجتهاد في مقابلته لمثله ، وكذلك (٩) قبل نبيّنا صلى‌الله‌عليه‌وسلم الفداء بالمشاورة والاجتهاد ولم يقتل أسارى بدر وفيه نزل : (لَوْ لا كِتابٌ مِنَ اللهِ سَبَقَ) الآية [الأنفال : ٦٨] ، وأذن للمخلّفين في غزوة تبوك باجتهاده حتى نزل : (عَفَا اللهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ [لَهُمْ]) [التّوبة : ٤٣] ، وافتتح الصوم بشهادة الواحد (١٠) على سبيل التحري والاجتهاد ، وإنّما توقّف وانتظر الوحي في أحكام لم يكن للاجتهاد إليها سبيل ، وقوله : (وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى (٣)) [النّجم : ٣] لا ينفي الاجتهاد ؛ لأنّ الاجتهاد ليس بهوى ، وقوله : (إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى (٤)) [النّجم : ٤] خاص في القرآن

__________________

(١) ينظر : تفسير القرآن الكريم ٢ / ١٠٧ ، وتفسير البغوي ١ / ٣٢٥.

(٢) ينظر : تفسير الطبري ٣ / ٤٦٩ ، والتبيان في تفسير القرآن ٢ / ٥٣٠ ، والمحرر الوجيز ١ / ٤٧١.

(٣) ينظر : تفسير البغوي ١ / ٣٢٥ ، ومجمع البيان ٢ / ٣٤٢ ، وزاد المسير ٢ / ٣.

(٤) ينظر : تفسير البغوي ١ / ٣٢٥ ، وزاد المسير ٢ / ٣ ، والتفسير الكبير ٨ / ١٣٤.

(٥) ينظر : الكشاف ١ / ٣٨٥ ـ ٣٨٦ ، والتفسير الكبير ٨ / ١٣٦ ـ ١٣٧.

(٦) ينظر : معاني القرآن للفراء ١ / ٢٢٦ ، وتفسير القرآن ١ / ١٢٦ ، وتفسير القرآن الكريم ٢ / ١٠٩.

(٧) في ك : بالسواء.

(٨) ليس في ك.

(٩) في ك : ولذلك.

(١٠) في ك : الصوم.

٤١٣

وما أوحي إليه من علم الغيب والأحكام دون ما بيّنه على سبيل المشاورة والاجتهاد والنجوى (١) ، ثمّ لا يجوز في مقابلة اجتهاد النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم اجتهاد إلا بتمكينه ؛ لأنّ اجتهاده كالنّصّ من حيث تقرير الله كما لو حكم بعض الصحابة حكما بمشهد النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ولم ينكر ذلك.

(حِلًّا لِبَنِي إِسْرائِيلَ) : «أي : حلالا» (٢).

(إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) : في زعمكم ، فلم يأتوا بالتّوراة خوف الفضيحة بتأويلهم الفاسد (٣).

٩٤ ـ (افْتَرى) : (افتعال) (٤) من الفري (٥) ، وهو القطع ، وكأنّ المختلق يقطع شيئا من موهومه الباطل فيتكلّم به (٦).

و (ذلِكَ) : إشارة (٧٠ و) إلى الإتيان بالتّوراة ، أو تحريم إسرائيل (٧).

٩٥ ـ (صَدَقَ اللهُ) : أي : أخبر بالحقّ عن كيفيّة ابتداء التحريم والتحليل (٨).

(فَاتَّبِعُوا) : استحلّوا لحوم الإبل وألبانها فإنّه ملّة إبراهيم ؛ لأنّه سبق نذر إسرائيل (٩) لا محالة.

(حَنِيفاً) : نصب على القطع (١٠).

(وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) : ثناء عليه (١١).

٩٦ ـ واتّصال قوله : (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ) بما قبلها من حيث اتّباع ملّة إبراهيم (١٢).

(وُضِعَ لِلنَّاسِ) : ضرب متعبدا (١٣) لهم.

(بِبَكَّةَ) : هي الكعبة (١٤). و (بكّة) : هي مكّة ؛ لأنّ الباء قريبة من الميم في المخرج ، يقال :

__________________

(١) في ك : النجوى.

(٢) تفسير غريب القرآن ١٠٧ ، والمحرر الوجيز ١ / ٤٧٢ ، والتبيان في إعراب القرآن ١ / ٢٧٩.

(٣) ينظر : تفسير الطبري ٤ / ٩ ، ومجمع البيان ٢ / ٣٤٥ ، والبحر المحيط ٣ / ٥.

(٤) في ك : افتراء.

(٥) بعدها في ب : المختلق ، وهي مقحمة.

(٦) ينظر : التبيان في تفسير القرآن ٢ / ٥٣٣ ، والتفسير الكبير ٨ / ١٤٠ ـ ١٤١.

(٧) ينظر : تفسير الطبري ٤ / ٩.

(٨) ينظر : تفسير الطبري ٤ / ١٠ ، وتفسير القرآن الكريم ٢ / ١١١ ، والتبيان في تفسير القرآن ٢ / ٥٣٤.

(٩) في ك : إبراهيم. وينظر : تفسير القرآن الكريم ٢ / ١١١ ، ومجمع البيان ٢ / ٣٤٦.

(١٠) ينظر : التفسير الكبير ٨ / ١٤١.

(١١) ينظر : مجمع البيان ٢ / ٣٤٦ ، والتفسير الكبير ٨ / ١٤١.

(١٢) ينظر : التفسير الكبير ٨ / ١٤١ ـ ١٤٢.

(١٣) في ب : متعبد.

(١٤) ينظر : تفسير الطبري ٤ / ١٤ ، وتفسير القرآن الكريم ٢ / ١١٢.

٤١٤

سبد وسمد (١). وقيل : لأنّ الناس يتباكّون ، يتزاحمون (٢) فيها أيّام الموسم. ويقال : بكّة ، كأنّها تبكّ أعناق الجبابرة لاتّضاعهم فيها (٣).

و (المبارك) : الذي بورك فيه أو عليه ، وضدّه المشؤوم (٤).

(وَهُدىً) : سببا من أسباب الهدى ، فبقعة الكعبة متخيم آدم فيما (٥) يروى أنّ الله تعالى أنزل عليه خيمة من خيام الجنّة ليطوف حولها كما يطوف الملائكة (٦) حول البيت المعمور في السماء الرابعة ، وقد طاف حولها (٧) سفينة نوح عليه‌السلام ، وحجّ كثير من الأنبياء ، وقد دخل خبر وفد عاد في حيّز التواتر ، وتواترت الأخبار ببناء إبراهيم البيت العتيق ، وقد نزل فيه القرآن (٨).

٩٧ ـ (وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً) : من جملة الآيات البيّنات ؛ لأنّه حكم ثبت كضرورة (٩) في الجاهليّة والإسلام ، في المثل : آمن من حمام مكّة (١٠) ، وآمن من ظبي بالحرم (١١).

وقال ابن عبّاس : لو وجدت قاتل أبي في الحرم لما هجته (١٢) ، وعن ابن عمر مثله (١٣).

وعن ابن (١٤) الزبير أنه استنزل سعيدا مولى معاوية وجماعة من أصحابه كانوا تحصّنوا بالطائف فأدخلهم الحرم ثمّ استفتى ابن عبّاس فيهم ، فلم يرخص له في شيء وقال : هلا قبل أن أدخلتهم الحرم (١٥) ، فأخرجهم ابن الزبير من الحرم ثمّ صلبهم (١٦).

ولسنا نرى الإخراج ، ولكن لا يطعم الجاني ولا يسقى ولا يجالس حتى يضطرّ إلى الخروج

__________________

(١) ينظر : تفسير غريب القرآن ١٠٧ ، والكشاف ١ / ٣٨٧ ، والتفسير الكبير ٨ / ١٤٦ ـ ١٤٧.

(٢) في الأصل : يتراحمون ، وهو تصحيف. وينظر : معاني القرآن للفراء ١ / ٢٢٧ ، وتفسير القرآن ١ / ١٢٧ ، وغريب القرآن وتفسيره ١٠٨.

(٣) في ع : فيه. وينظر : غريب القرآن وتفسيره ١٠٨ ، والتبيان في تفسير القرآن ٢ / ٥٣٥ ، والكشاف ١ / ٣٨٧.

(٤) ينظر : تفسير القرآن الكريم ٢ / ١١٢ ، والتفسير الكبير ٨ / ١٤٨ ـ ١٤٩.

(٥) في ك : فيها.

(٦) ساقطة من ك ، وبعدها في الأصل : بيت ، بدل (البيت).

(٧) (وقد طاف حولها) ساقطة من ك ، و (كما يطوف الملائكة ... حولها) ساقطة من ب.

(٨) ينظر : التفسير الكبير ٨ / ١٤٣ ـ ١٤٥.

(٩) في ك : لضرورة. وينظر : تفسير الطبري ٤ / ١٦ ـ ١٨ ، والكشاف ١ / ٣٨٨ ـ ٣٨٩.

(١٠) ينظر : جمهرة الأمثال ١ / ١٢ و ١٩٩ ، ومجمع الأمثال ١ / ٨٧.

(١١) ينظر : مجمع الأمثال ١ / ٨٧.

(١٢) ينظر : تفسير الطبري ٤ / ١٨.

(١٣) ينظر : تفسير الطبري ٤ / ١٩.

(١٤) ساقطة من ك. وبعدها في النسخ الثلاث : أنما يستنزل ، بدل (أنه استنزل).

(١٥) (ثم استفتى ... الحرم) ساقطة من ب.

(١٦) ينظر : تفسير الطبري ٤ / ١٨.

٤١٥

فيخرج فيتبع فيقام عليه الحدّ ، وأمّا ما دون القتل وما فعل في الحرم يقام فيه (١).

وفرض الحجّ على الفور خلافا لمحمّد.

(اسْتَطاعَ [إِلَيْهِ سَبِيلاً] (٢)) : (السبيل) : وجود الزّاد والرّاحلة ، والسّلامة من العوائق (٣) ، والعمى عائق عند أبي حنيفة. ومستطيع الإحجاج كمستطيع (٤) الحجّ حين المرض والحبس فيما تواترت فيه الأخبار (٥).

(وَمَنْ كَفَرَ) : أي : امتنع التزام هذا الفرض وقبوله (٦).

(فَإِنَّ اللهَ) : جواب الشرط (٧) ، إذ الكافر داخل في جملة العالمين.

٩٨ ـ وإنّما قال : (يا أَهْلَ الْكِتابِ) لإهانتهم (٨) والإعراض عن خطابهم.

وإنّما وقع الإنكار على وجه السؤال (٩) للتعجيز عن إقامة العذر كقوله : (ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ) [الانفطار : ٦].

(وَاللهُ شَهِيدٌ) : أعظم توبيخ وتهديد (١٠).

٩٩ ـ (قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تَصُدُّونَ) : نزلت في اليهود ، كانوا يغرون بين الأنصار من الأوس والخزرج بتذكير ما بينهم من الوقائع (٧٠ ظ) لينسلخوا من الدّين بالضغائن. والعصبيّة ، عن زيد بن أسلم (١١). وفي اليهود والنّصارى جميعا وإنكارهم نعت نبيّنا صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، عن الحسن (١٢).

(تَبْغُونَها) : «تبغون لها» (١٣) ، كقوله : (يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ) [التّوبة : ٤٧].

__________________

(١) ينظر : تفسير الطبري ٤ / ١٨ ـ ٢٠ ، والبغوي ١ / ٣٢٩ ، والكشاف ١ / ٣٨٩.

(٢) من المصحف ، ويقتضيها السياق.

(٣) ينظر : تفسير الطبري ٤ / ٢٢ ـ ٢٦ ، ومعاني القرآن الكريم ١ / ٤٤٧ ـ ٤٤٩ ، والمحرر الوجيز ١ / ٤٧٨.

(٤) في ب : مستطيع ، والكاف ساقطة.

(٥) ينظر : تفسير البغوي ١ / ٣٣٠.

(٦) ينظر : معاني القرآن للفراء ١ / ٢٢٧ ، وتفسير الطبري ٤ / ٢٧ ـ ٢٨ ، وزاد المسير ٢ / ٩.

(٧) ينظر : مشكل إعراب القرآن ١ / ١٦٩ ، والمجيد ١٥٥ (تحقيق : د. عطية أحمد) ، والبحر المحيط ٣ / ١٥.

(٨) النسخ الثلاث : لا ها أنتم. وينظر : التبيان في تفسير القرآن ٢ / ٥٣٨ ـ ٥٣٩.

(٩) يريد قوله في الآية نفسها : (لِمَ تَكْفُرُونَ بِآياتِ اللهِ). وينظر : التبيان في تفسير القرآن ٢ / ٥٣٩ ، ومجمع البيان ٢ / ٣٥١ ـ ٣٥٢.

(١٠) ينظر : البحر المحيط ٣ / ١٦.

(١١) ينظر : تفسير الطبري ٤ / ٣٢ ـ ٣٣ ، والتبيان في تفسير القرآن ٢ / ٥٣٠ ، ومجمع البيان ٢ / ٣٥٢.

(١٢) ينظر : تفسير الطبري ٤ / ٣٤ ، والتبيان في تفسير القرآن ٢ / ٥٣٩ ، وزاد المسير ٢ / ٩.

(١٣) معاني القرآن للفراء ١ / ٢٢٧ ، وتفسير الطبري ٤ / ٣١ ، ومعاني القرآن وإعرابه ١ / ٤٤٧.

٤١٦

والهاء عائدة إلى السبيل ، و (السّبيل) : يذكّر ويؤنّث (١).

و (العوج) بكسر العين : الزّيغ في الرّأي ، والعوج بالفتح : الميل فيما يكون منتصبا (٢).

(وَأَنْتُمْ شُهَداءُ) : بما في كتابكم (٣). وقيل : أنتم عقلاء ، كقوله : (أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ) [ق : ٣٧] ، أي : حاضر بالعقل والهمّة (٤).

١٠٠ ـ (فَرِيقاً) : للتبعيض والتنويع ؛ لأنّ بعض الذين أوتوا الكتاب آمنوا ولم يغيّروا فما كانت طاعتهم (٥) كفرا. وقيل : عنى به جميع اليهود ، وذكر فريقا ، بمعنى أحد (٦) ، على التأكيد.

١٠١ ـ (الاعتصام) : الامتناع (٧) ، من قوله : (لا عاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ) [هود : ٤٣].

وإنّما (٨) بعد الكفر بعد الإيمان لمعنيين : أحدهما : استماع الوحي ، والثاني : كونه صلى‌الله‌عليه‌وسلم بين أظهر المؤمنين ، فالمعنى الأوّل باق لعامّة المؤمنين المستمعين ، والثاني أيضا كالباقي لمن يلاقي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بالرّوح في المنام ، أو يحيي سنّة ويكثر الصلاة عليه ويزور قبره. ثمّ أحال المستبعد (٩) بإثبات الهداية إلى الصّراط المستقيم في حقّ المعتصمين بالله على الإطلاق ؛ لأنّهم بمشاهدة الله تمجدوا بنور الوحدانيّة ، وعطلوا عن (١٠) الرسوم القابلة للآفات فهم ممتنعون عن (١١) الغير والحوادث بالله.

١٠٢ ـ قيل : تقوى الله (حَقَ (١٢) تُقاتِهِ) : «أن يطاع فلا يعصى ، وأن يشكر فلا يكفر ، وأن يذكر فلا ينسى» (١٣). وإنّما يكون هذا بتلاشي النّفس في مشاهدته ، وأن لا يشارك في حول ولا قوّة ، ولا ينازع في اختيار بعزم أو خاطر. وقيل : تقوى الله حقّ تقاته محافظة أحكام

__________________

(١) ينظر : زاد المسير ٢ / ٩ ، والتفسير الكبير ٨ / ١٥٧.

(٢) ينظر : تفسير القرآن الكريم ٢ / ١١٥ ، والتبيان في تفسير القرآن ٢ / ٥٤٠ ، وزاد المسير ٢ / ١٠.

(٣) ينظر : تفسير البغوي ١ / ٣٣١ ، والتفسير الكبير ٨ / ١٥٨.

(٤) ينظر : التبيان في تفسير القرآن ٢ / ٥٤٠ ـ ٥٤١ ، ومجمع البيان ٢ / ٣٥٢ ، وزاد المسير ٢ / ١٠.

(٥) ساقطة من ك ، وبعدها في ب : كفروا ، بدل (كفرا).

(٦) في ب : واحد.

(٧) ينظر : تفسير غريب القرآن ١٠٨ ، وتفسير الطبري ٤ / ٣٧ ، والأفعال ٢ / ٣٤٧ ـ ٣٤٨.

(٨) في ب : وربما.

(٩) النسخ الأربع : المستعبد ، والسياق يقتضي ما أثبت.

(١٠) في ب : على.

(١١) ساقطة من ب. وينظر : مجمع البيان ٢ / ٣٥٣ ، وتفسير القرطبي ٤ / ١٥٦.

(١٢) في ك : إسحاق ، بدل (الله حق) ، وكذا ترد قريبا.

(١٣) وهو مروي عن ابن مسعود في الزهد لابن المبارك ٨ ، وتفسير سفيان الثوري ١ / ٧٩ ، والناسخ والمنسوخ للنحاس ٧٠.

٤١٧

الشّرع (١). فالأوّل في المعتصمين بالله (٢) ، والثاني في (٣) المعتصمين بحبل الله.

وعن قتادة والسدّي وابن زيد أنّ هذه الآية منسوخة بقوله : (فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) [التّغابن : ١٦](٤).

١٠٣ ـ (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ) : نزلت في الأوس والخزرج وتذكيرهم (٥) الضغائن واقتتال الطائفتين ، قال ابن إسحق : كانت العداوة قائمة بينهم مئة وعشرين سنة ، فأزالها الله تعالى بجمعهم على الإسلام (٦). وقال الحسن : نزلت في جميع القبائل وما كان بينهم من الطوائل ، فرفعها الله بالإسلام (٧).

و (الحبل) : العهد (٨) ، وعهد الله القرآن والإسلام (٩).

(وَلا تَفَرَّقُوا) : أمر بلزوم الجماعة والائتلاف على الطاعة ؛ لأنّ ضدّ التّفرّق واحد وهو الإجماع ، والنهي (١٠) عن الشيء الذي له ضدّ واحد أمر بضدّه (١١).

و (التّأليف) : التّوفيق وإزالة التّنافر (١٢).

و (شَفا حُفْرَةٍ) : حرف أخدود وقبر (١٣) ، وهذا على وجه المثل لمن قرب من الهلاك (١٤). (فَأَنْقَذَكُمْ) : أنجاكم من الحفرة والنار (١٥). وإنّما أخبر عنهما وأعرض عن (شفا) ؛ لأنّ المقصود فيهما (١٦).

١٠٤ ـ (وَلْتَكُنْ) : لام أمر ، وأصلها (٧١ و) كسر ، سكّنت (١٧) لصيرورة الواو من نفس الكلمة (١٨).

__________________

(١) ينظر : الكشاف ١ / ٣٩٤ ، والبحر المحيط ٣ / ١٩.

(٢) بعدها في ب : والثاني في المعتصمين بالله ، وهي مقحمة.

(٣) ساقطة من ع.

(٤) ينظر : الناسخ والمنسوخ لقتادة ٣٨ ، وتفسير الطبري ٤ / ٤١ ، والمحرر الوجيز ١ / ٤٨٢ ـ ٤٨٣.

(٥) في ك : وتذكير.

(٦) ينظر : تفسير الطبري ٤ / ٤٦ ـ ٥٠ ، وتفسير القرآن الكريم ٢ / ١١٩ ـ ١٢٠ ، والتبيان في تفسير القرآن ٢ / ٥٤٦.

(٧) ينظر : التبيان في تفسير القرآن ٢ / ٥٤٦ ، ومجمع البيان ٢ / ٣٥٧ ، وزاد المسير ٢ / ١٣.

(٨) ينظر : غريب القرآن وتفسيره ١٠٩ ، وتفسير غريب القرآن ١٠٨ ، وتلخيص البيان ٢٠.

(٩) ينظر : تفسير الطبري ٤ / ٤٣ ـ ٤٤ ، والبغوي ١ / ٣٣٣ ، والكشاف ١ / ٣٩٤.

(١٠) في ب : والنبي ، وهو تحريف.

(١١) ينظر : تفسير الطبري ٤ / ٤٤ ، والتبيان في تفسير القرآن ٢ / ٥٤٥ ، ومجمع البيان ٢ / ٣٥٦ ـ ٣٥٧.

(١٢) ينظر : لسان العرب ٩ / ١١ (ألف).

(١٣) ينظر : البحر المحيط ٣ / ١٩.

(١٤) ينظر : معاني القرآن الكريم ١ / ٤٥٥ ، وتلخيص البيان ٢٠ ، وزاد المسير ٢ / ١٣.

(١٥) ينظر : إعراب القرآن ١ / ٣٩٨ ، والكشاف ١ / ٣٩٥ ، والتبيان في إعراب القرآن ١ / ٢٨٣.

(١٦) ينظر : معاني القرآن وإعرابه ١ / ٤٥١ ، والتفسير الكبير ٨ / ١٦٥.

(١٧) في ب : سكينا ، وهو تحريف.

(١٨) ينظر : معاني القرآن وإعرابه ١ / ٤٥١ ، وإعراب القرآن ١ / ٣٩٨ ، والتبيان في تفسير القرآن ٢ / ٤٥٨.

٤١٨

و «(من) : للتّبعيض» (١). والأمر فرض على الكفاية إذا قام به البعض وحصل المعروف وزال المنكر سقط الفرض (٢) عن الباقين. وقيل (٣) : (من) لتخصيص المخاطبين ، وهي مؤكّدة ، كقوله (٤) : (فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ) [الحجّ : ٣٠].

١٠٥ ـ (وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا) : اليهود والنصارى ، تفرّقوا بالعداوة (٥).

(وَاخْتَلَفُوا) : في الدّيانة بالمنازعة في الأصول ، وترك الاقتصار على الكلمة السواء التي ارتضاها الله وكان صدر الأمّة عليها (٦).

١٠٦ ـ (يَوْمَ) : «نصب على الظرف» (٧) ، والمظروف العذاب العظيم (٨).

و (ابيضاض الوجوه) : إسفارها ونضارتها ، لفراغ القلب وبرد العيش (٩).

و (اسوداد الوجوه) : إظلامها بالقتر (١٠) والذّلّة ، وذلك إذا تزايدت الحسرات ، وغلى الدّم ، وصار الإنسان كالمخنوق (١١).

(أَكَفَرْتُمْ) : يقال لهم (١٢) : أكفرتم؟ وهو في شأن المرتدّين عن الإسلام (١٣). ويجوز في أهل الكتاب ؛ لأنّهم كانوا مؤمنين بما عندهم من نعت نبيّنا صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى أن غيّروا وبدّلوا (١٤). ويحتمل في الكافّة ؛ لأنّ (١٥) كلّ مولود يولد على الفطرة (١٦).

و (الذّوق) : إحساس طبيعته (١٧) بالمس ، يستعمل في المطعوم والمشروب حقيقة ، وفي الثّواب والعقاب استعارة ، قال الله تعالى : (فَأَذاقَهَا اللهُ لِباسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ) [النّحل : ١١٢] ،

__________________

(١) الكشاف ١ / ٣٩٦ ، والمحرر الوجيز ١ / ٤٨٥ ، والمجيد ١٦٢ (تحقيق : د. عطية أحمد).

(٢) ساقطة من ب. وينظر : التبيان في تفسير القرآن ٢ / ٤٥٨ ، والكشاف ١ / ٣٩٦ ، وتفسير القرطبي ٤ / ١٦٥.

(٣) ينظر : معاني القرآن وإعرابه ١ / ٤٥٢ ، ومعاني القرآن الكريم ١ / ٤٥٦ ، وتفسير القرآن الكريم ٢ / ١٢١ ـ ١٢٢.

(٤) في ب : لقوله ، وهو تحريف.

(٥) ينظر : تفسير الطبري ٤ / ٥٤ ، ومعاني القرآن وإعرابه ١ / ٤٥٣ ، وتفسير القرآن الكريم ٢ / ١٢٤.

(٦) ينظر : التبيان في تفسير القرآن ٢ / ٥٥٠.

(٧) تفسير البغوي ١ / ٣٣٩.

(٨) ينظر : البيان في غريب إعراب القرآن ١ / ٢١٤.

(٩) ينظر : معاني القرآن وإعرابه ١ / ٤٥٣ ، وتفسير البغوي ١ / ٣٣٩ ، ومجمع البيان ٢ / ٣٦١.

(١٠) في ك : بالقهر. «والقتر : ضيق العيش» ، لسان العرب ٥ / ٧٣ (قتر).

(١١) ينظر : تفسير البغوي ١ / ٣٣٩ ـ ٣٤٠ ، ومجمع البيان ٢ / ٣٦١ ، والتفسير الكبير ٨ / ١٧٠.

(١٢) ساقطة من ك. وينظر : معاني القرآن للفراء ١ / ٢٢٨ ـ ٢٢٩ ، وللأخفش ١ / ٤١٨ ، ومعاني القرآن وإعرابه ١ / ٤٥٤.

(١٣) ينظر : تفسير الطبري ٤ / ٥٥ ، والتبيان في تفسير القرآن ٢ / ٥٥١ ، والمحرر الوجيز ١ / ٤٨٧.

(١٤) ينظر : معاني القرآن وإعرابه ١ / ٤٥٥ ، والتبيان في تفسير القرآن ٢ / ٥٥١ ، وتفسير البغوي ١ / ٣٤٠.

(١٥) في ك : أن ، وبعدها : (كل) ساقطة من ب.

(١٦) ينظر : معاني القرآن الكريم ١ / ٤٥٨.

(١٧) في ب : طبيعة.

٤١٩

وقال أبو سفيان لحمزة : ذق عقق (١).

١٠٨ ـ (وَمَا اللهُ يُرِيدُ ظُلْماً) : أي : لا يشاء أن يعاملهم على غير قضيّة حكمته ، كإخلاف الوعد وكنقص (٢) الثواب من غير نسخ ، والزّيادة في العقاب من غير إنذار (٣).

(يريد) : يحبّ ، ومعناه : لا يحبّ منهم (٤) الظّلم فيما بينهم ، فاتّصالها بما قبلها من حيث ذكر الثّواب والعقاب ، أو من حيث ذكر الوعد والوعيد.

١٠٩ ـ (وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ) : اتّصالها بما قبلها (٥) ؛ لأنّ الإساءة (٦) إلى المملوك على الإطلاق لا يكون ظلما ما لم يخالف للحكمة (٧) ، يدلّ عليه إحداث الآلام الدنياويّة في الحيوان ابتداء من غير جزاء. وعلى المعنى الثاني من حيث (٨) ذكر الوعد والوعيد فأعقب ذكر الملك والاستيلاء ليكون الوعد والوعيد أمكن في قلوب المخاطبين (٩).

١١٠ ـ (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ) : ينتظم بقوله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ) ، إلى قوله : (وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا) [آل عمران : ١٠٢ ـ ١٠٥] ، وما بينهما عارض (١٠).

وزعم الكلبيّ أنّه عنى بالخطاب ابن مسعود وسالما وحذيفة ومعاذ (١١) ، وقال صلى‌الله‌عليه‌وسلم : (أنتم تتمون سبعين أمّة أنتم خيرها وأكرمها على الله) (١٢).

(كُنْتُمْ) : أي : أنتم (١٣) ، و (كان) زائدة إلا أنّه للتأكيد كقوله : (مَنْ كانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا) [مريم : ٢٩] ، (وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً)(١٤) [النّساء : ٩٦]. وقيل (١٥) : تكوّنتم وحدثتم. وقيل (١٦) : كنتم في اللوح المحفوظ.

__________________

(١) ينظر : زاد المسير ٢ / ١٥ ، ولسان العرب ١٠ / ١١١ ـ ١١٢ (ذوق).

(٢) في ك وب : وكنقض.

(٣) ينظر : الكشاف ١ / ٤٠٠ ، ومجمع البيان ٢ / ٣٦١ ، والبحر المحيط ٣ / ٢٩.

(٤) في ك : بينهم ، وفي ع : منه.

(٥) (من حيث ذكر ... بما قبلها) ليس في ب.

(٦) في ك : الإشارة.

(٧) في ع وب : الحكمة.

(٨) في ب : غير.

(٩) ينظر : التبيان في تفسير القرآن ٢ / ٥٥٥ ، وتفسير القرطبي ٤ / ١٦٩.

(١٠) ينظر : البحر المحيط ٣ / ٣٠.

(١١) ينظر : تفسير الطبري ٤ / ٥٩ ، والبغوي ١ / ٣٤١ ، والمحرر الوجيز ١ / ٤٨٩ ، وعزي فيها جميعا إلى عكرمة.

(١٢) تفسير القرآن ١ / ١٣٠ ، والمستدرك ٤ / ٩٤ ، وفتح الباري ٨ / ٢٢٥.

(١٣) ينظر : معاني القرآن للفراء ١ / ٢٢٩ ، وإعراب القرآن ١ / ٤٠٠ ، وتفسير البغوي ١ / ٣٤١.

(١٤) ليس في ك. وينظر : التبيان في تفسير القرآن ٢ / ٥٥٧ ، والكشاف ١ / ٤٠٠ ، وزاد المسير ٢ / ١٦.

(١٥) ينظر : تفسير الطبري ٤ / ٦٢ ، والتبيان في تفسير القرآن ٢ / ٥٥٧ ، والتفسير الكبير ٨ / ١٧٧.

(١٦) ينظر : معاني القرآن للفراء ١ / ٢٢٩ ، ومعاني القرآن وإعرابه ١ / ٤٥٦ ، وإعراب القرآن ١ / ٤٠٠.

٤٢٠