درج الدّرر في تفسير القرآن ّالعظيم - ج ١

عبد القاهر بن عبد الرحمن الجرجاني

درج الدّرر في تفسير القرآن ّالعظيم - ج ١

المؤلف:

عبد القاهر بن عبد الرحمن الجرجاني


المحقق: د. طلعت صلاح الفرحات / د. محمّد أديب شكور
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الفكر ناشرون وموزعون
الطبعة: ١
ISBN الدورة:
9957-07-514-9

الصفحات: ٨٣٢
الجزء ١ الجزء ٢

١٩٨ ـ (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ) : عمر بن ذر عن مجاهد كانوا يخرجون حجّاجا لا يركبون ولا يتجرون ولا يتزوّدون ، فأنزل الله (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ) ، و (يَأْتُوكَ رِجالاً وَعَلى كُلِّ ضامِرٍ) [الحجّ : ٢٧] ، و (وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوى) [البقرة : ١٩٧] ، فرخّص لهم في الركوب والتّجارة وأمروا بالتّزوّد (١).

وعن سعيد بن جبير كان (٢) التّجّار ينزلون عن يسار مسجد منى ولا يحجّون ، والحاجّ ينزلون عن يمينه ويحجّون حتى نزلت الآية ، فحجّوا جميعا (٣).

(فَإِذا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفاتٍ) : وهو أن تبيت به ليلة التحريم ، تصلّي الفجر بالغلس ، ثمّ تقف فتحمد الله تعالى وتثني عليه ، وتكبّر وتهلّل وتدعو إلى أن تسفر (٤) ، ثمّ تدفع إلى منى قبل طلوع الشمس (٥).

و (الْمَشْعَرِ الْحَرامِ) هو المزدلفة ، كلّها موقف إلا بطن محسّر (٦).

فإن لم (٧) تبت به ولم تقف ودفعت إلى منى على وجهك من غير عذر فعليك دم وحجّك تامّ (٨). وروي أنّ النبيّ (٩) صلى‌الله‌عليه‌وسلم قدم ضعفة أهله إلى منى ، وهو توقيت وليس بأمر بالوقوف (١٠) بها.

و (الإفاضة) هي (١١) الدفع في السير ، وكلام مفاض ومستفاض ومستفيض ، أي : جار (١٢).

و (عرفات) اسم واحد على صيغة الجمع (١٣).

__________________

(١) ينظر : تفسير الطبري ٢ / ٣٨٥ ، وأحكام القرآن للجصاص ١ / ٣٨٦.

(٢) في ك : كانوا.

(٣) ينظر : العجاب في بيان الأسباب ١ / ٥٠٣ ـ ٥٠٤.

(٤) في ك : تستقر ، وفي ع : يسفر.

(٥) ينظر : المبسوط للسرخسي ٤ / ١٨ ـ ١٩ ، وبدائع الصنائع ٢ / ١٣٥ ـ ١٣٦ ، وشرح فتح القدير ٢ / ٥٠٩ ـ ٥١٠.

(٦) في الأصل وع : محشر. وينظر : تفسير الطبري ٢ / ٣٩٤ ، والنكت والعيون ١ / ٢١٨ ، والكشاف ١ / ٢٤٦. ومحسّر : بصيغة اسم الفاعل ، واد بين منى ومزدلفة ، سميت به لأنّ فيل أبرهة كلّ فيه وأعيى فحسر أصحابه بفعله وأوقعهم في الحسرات ، ينظر : معجم ما استعجم ٤ / ١١٩٠ ، والنهاية في غريب الحديث ٤ / ٣٠٢ ، وفيض القدير ٥ / ٣٥.

(٧) (تدفع إلى منى ... فإن لم) ساقطة من ع.

(٨) ينظر : بدائع الصنائع ٢ / ١٣٦.

(٩) في ب : أنه ، بدل (أن النبي).

(١٠) في ع : الوقوف ، والباء ساقطة. وينظر : أحكام القرآن للجصاص ١ / ٣٩١.

(١١) بعدها في ب : على ، وهي مقحمة. وينظر : تفسير غريب القرآن ٧٩.

(١٢) ينظر : معاني القرآن وإعرابه ١ / ٢٧٢ ، ومعاني القرآن الكريم ١ / ١٣٦ ، وتفسير القرطبي ٢ / ٤١٤.

(١٣) ينظر : معاني القرآن وإعرابه ١ / ٢٧٢ ، والنكت والعيون ١ / ٢١٨.

٣٠١

وإنّما سمّي ذلك الموقف عرفات لوقوف الناس واحتباسهم به ، وقيل (١) : لطيبه ، وقيل (٢) : لأنّ آدم اندفع من سرنديب وحوّاء من جدّة فالتقيا من هناك فتعارفا ، وقيل (٣) : لأنّ جبريل عرّفه إبراهيم عليه‌السلام ليقف هناك.

و (المشعر) : المعلم والموسم (٤).

١٩٩ ـ (ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفاضَ النَّاسُ) : نزلت في افتراض الوقوف بعرفات (٥). وعن عطاء كانت قريش تفيض من جمع وهو المزدلفة (٦) ويقولون : إنّا خمس ، لا يرون الإفاضة من الجبل ، وغيرهم يفيضون من عرفات ، فأمروا أن يفيضوا من حيث أفاض الناس (٧).

و (ثمّ) بمعنى الواو كما في قوله : (ثُمَّ اللهُ شَهِيدٌ) [يونس : ٤٦](٨).

وقيل : الإفاضة من عرفات وجب من فحوى قوله (٩) : (فَإِذا أَفَضْتُمْ) وهذه الإفاضة من جمع إلى منى. (٤٦ و) وهذا مخالف للإجماع.

وعرفات كلّها موقف إلا بطن عرنة (١٠).

والظاهر أنّ المراد بالناس غير الخمس (١١) ، وقيل (١٢) : آدم عليه‌السلام ، وقيل (١٣) : إبراهيم عليه‌السلام وحده ، وقيل (١٤) : إبراهيم ومن حجّ معه من الناس.

ومن أدرك الوقوف بعد الظهر إلى أن تمضي ليلة النّحر فقد أدرك الحجّ (١٥).

٢٠٠ ـ (فَإِذا قَضَيْتُمْ مَناسِكَكُمْ) : متعبّداتكم بمنى (١٦) ، وقال مجاهد (١٧) : ذبائحكم.

__________________

(١) ينظر : تفسير البغوي ١ / ١٧٤ ، والقرطبي ٢ / ٤١٥ ، والبحر المحيط ٢ / ٩٢.

(٢) ينظر : النكت والعيون ١ / ٢١٨ ، وتفسير البغوي ١ / ١٧٤ ، والقرطبي ٢ / ٤١٥.

(٣) ينظر : تفسير الطبري ١ / ٣٩١ ـ ٣٩٢ ، ومعاني القرآن الكريم ١ / ١٣٧ ، وتفسير القرآن الكريم ١ / ٥٩٧.

(٤) ينظر : تفسير الطبري ٢ / ٣٩٣ ، وإعراب القرآن ١ / ٢٩٦ ، والبحر المحيط ٢ / ١٠٥.

(٥) ينظر : تفسير الطبري ٢ / ٣٩٨.

(٦) سمّيت بذلك لاجتماع النّاس فيها ، صحيح مسلم بشرح النووي ٨ / ١٨٧.

(٧) ينظر : التبيان في تفسير القرآن ٢ / ١٦٨ ، والمحرر الوجيز ١ / ٢٧٥.

(٨) ينظر : معاني القرآن الكريم ١ / ١٣٩ ـ ١٤٠ ، وتفسير البغوي ١ / ١٧٦ ، والبحر المحيط ٢ / ١٠٨.

(٩) في الآية السابقة. وينظر : البحر المحيط ٢ / ١٠٤.

(١٠) ينظر : الموطأ ١ / ٣٨٨ ، وصحيح ابن خزيمة ٤ / ٢٥٤ ، وأمالي المحاملي ٧٧. وعرنة : بضم العين وفتح الراء وزان رطبة ، وفي لغة بضمتين ، موضع بين منى وعرفات ، ينظر : لسان العرب ١٣ / ٢٨٤ (عرن) ، وفيض القدير ٥ / ٣٤.

(١١) ينظر : تفسير البغوي ١ / ١٧٦ ، وزاد المسير ١ / ١٩٤ ، والبحر المحيط ٢ / ١٠٨.

(١٢) ينظر : تفسير البغوي ١ / ١٧٦ ، وزاد المسير ١ / ١٩٥ ، والمجيد ٥٢٥ (تحقيق : د. عبد الرزاق الأحبابي).

(١٣) ينظر : النكت والعيون ١ / ٢١٨ ، وتفسير البغوي ١ / ١٧٦ ، والمحرر الوجيز ١ / ٢٧٥.

(١٤) ينظر : التفسير الكبير ٥ / ١٨٢ ، والبحر المحيط ٢ / ١٠٨.

(١٥) ينظر : تفسير القرطبي ٢ / ٤٢٦ ، والبحر المحيط ٢ / ١٠٤.

(١٦) في الأصل : منا ، وفي ك وب : هنا. وينظر : معاني القرآن وإعرابه ١ / ٢٧٣ ـ ٢٧٤ ، والوجيز ١ / ١٥٨ ، والبحر المحيط ٢ / ١١١.

(١٧) ينظر : النكت والعيون ١ / ٢١٩ ، والمحرر الوجيز ١ / ٢٧٦ ، وتفسير القرطبي ٢ / ٤٣١.

٣٠٢

واختلفوا في تشبيه ذكر الله بذكر الآباء (١) ، قيل (٢) : من حيث التّوحيد ، فكما لا يدّعي العاقل لنفسه أبوين فكذلك لا يدّعي (٣) إلهين. وقيل (٤) : من حيث إنّ الصبيّ يفزع في كلّ أموره إلى أبيه فكذلك المؤمن يجب أن يفزع إلى الله تعالى. وقيل (٥) : كان أهل الجاهليّة يقفون بين الجبل والمسجد ويذكرون آباءهم بصالح الأعمال ، ويتفاخرون بذلك ، فأمر الله سبحانه وتعالى أن يذكروه هناك (٦) بصفاته الحميدة ، فإنّه أولى.

(أَوْ أَشَدَّ) :" بل أشدّ" (٧) ، وقيل (٨) : (أو) بمعنى الواو.

(فَمِنَ النَّاسِ) : قريش (٩) وأمثالهم. كانوا لا (١٠) يسألون الله تعالى إلا ثواب الدنيا ، وكانوا ينكرون المعاد (١١).

٢٠١ ـ (وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنا) : نزلت في المؤمنين (١٢) ، وقيل (١٣) : أوّل من دعا بها أبو بكر في الحجّ الأكبر.

و (الحسنة) (١٤) في الدّارين هي النّعمة عند مجاهد (١٥) ، والعافية عند قتادة (١٦). ويحتمل أنّه نعت لاسم (١٧) مضمر ، وهو العيشة أو الحالة (١٨).

٢٠٢ ـ (لَهُمْ نَصِيبٌ) : ثواب أعمالهم (١٩) ، وهو الخلاق المنفيّ في الآية الأولى (٢٠).

__________________

(١) في الآية نفسها : (فَاذْكُرُوا اللهَ كَذِكْرِكُمْ آباءَكُمْ).

(٢) ينظر : التفسير الكبير ٥ / ١٨٥.

(٣) (العاقل ... لا يدعي) ساقطة من ب.

(٤) ينظر : تفسير القرآن الكريم ١ / ٦٠٠ ، وتفسير البغوي ١ / ١٧٦ ، والمحرر الوجيز ١ / ٢٧٦.

(٥) ينظر : معاني القرآن للفراء ١ / ١٢٢ ، وتفسير غريب القرآن ٧٩ ، والنكت والعيون ١ / ٢١٩.

(٦) ساقطة من ب.

(٧) تفسير البغوي ١ / ١٧٦ ، والتفسير الكبير ٥ / ١٨٦ ، والبحر المحيط ٢ / ١١١.

(٨) ينظر : الوجيز ١ / ١٥٨ ، وزاد المسير ١ / ١٩٦.

(٩) في ك : قريشا. وينظر : معاني القرآن وإعرابه ١ / ٢٧٤ ، وتفسير القرآن الكريم ١ / ٦٠٠ ، وتفسير البغوي ١ / ١٧٦.

(١٠) ساقطة من ب.

(١١) ينظر : الوجيز ١ / ١٥٨ ، والكشاف ١ / ٢٤٨ ، وتفسير القرطبي ٢ / ٤٣٢.

(١٢) ينظر : معاني القرآن وإعرابه ١ / ٢٧٤ ، وتفسير البغوي ١ / ١٧٧ ، والقرطبي ٢ / ٤٣٢.

(١٣) ينظر : البحر المحيط ٢ / ١١٣.

(١٤) في الآية نفسها : (آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً).

(١٥) ينظر : النكت والعيون ١ / ٢١٩. وهو قول ابن قتيبة في تفسير غريب القرآن ٧٩.

(١٦) ينظر : تفسير الطبري ٢ / ٤٠٩ ، ومعاني القرآن الكريم ١ / ١٤٣ ، وتفسير البغوي ١ / ١٧٧.

(١٧) في ب : الاسم.

(١٨) ينظر : تفسير القرطبي ٢ / ٤٣٣ ، والبحر المحيط ٢ / ١١٣.

(١٩) ينظر : تفسير غريب القرآن ٨٠ ، وتفسير القرآن الكريم ١ / ٦٠١ ، والوجيز ١ / ١٥٨.

(٢٠) ينظر : غريب القرآن وتفسيره ٩٠.

٣٠٣

و (النّصيب) : الحظّ والقسم (١).

و (السرعة) (٢) ضدّ البطء.

والمراد بالحساب عدّ الأعمال (٣). روي أنّ الله تعالى يحاسب الكلّ مرّة واحدة لا يشغله حساب عن حساب ، وينتهي الحساب (٤) في مقدار حلبة شاة ، وروي في مقدار فواق ناقة ، وروي في مقدار لحظة (٥).

٢٠٣ ـ (وَاذْكُرُوا اللهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُوداتٍ) : نزلت في الإقامة بمنى لذكر الله عزوجل ، وفي حكم النفر. وأيّام منى هي المعدودات ثلاثة بعد اليوم العاشر الذي هو آخر الأيّام المعلومات (٦). وأيّام النّحر ثلاثة أيّام أوّلها آخر الأيّام المعلومات (٧) وآخرها الثاني من المعدودات ، أفضلها أوّلها (٨). أخذ في تفسير المعلومات والمعدودات بقول ابن عبّاس وابن عمر (٩) ، وفي توقيت النّحر بقولهما وبقول عليّ وأنس رضي الله عنهم (١٠).

(فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ) : وهو أن يرمي الجمار يومين بعد يوم اليوم النّحر ، وينفر مع النّفر الأول (١١).

واختلفوا في رفع الإثم (١٢) ، قيل (١٣) : هو التّخيير بين الأمرين كما تقول (١٤) : من أفطر (١٥) في السفر فلا حرج عليه ومن صام فلا حرج عليه. وقيل (١٦) : وجبت الرمي ثلاثة أيّام بقوله (١٧) : (وَاذْكُرُوا اللهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُوداتٍ) ، فلمّا أباح التّعجيل في اليومين خرج اليوم الثالث من الوجوب ، فلو لم

__________________

(١) ينظر : التبيان في تفسير القرآن ٢ / ١٧٣ ـ ١٧٤ ، ومجمع البيان ٢ / ٥١.

(٢) في الآية نفسها : (وَاللهُ سَرِيعُ الْحِسابِ). وينظر : التبيان في تفسير القرآن ٢ / ١٧٤ ، ومجمع البيان ٢ / ٥١.

(٣) ينظر : التفسير الكبير ٥ / ١٩٠ ، وتفسير القرطبي ٢ / ٤٣٤ ـ ٤٣٥ ، والبحر المحيط ٢ / ٩٣.

(٤) (وينتهي الحساب) مكررة في ك.

(٥) ينظر : الكشاف ١ / ٢٤٨ ـ ٢٤٩ ، ومجمع البيان ٢ / ٥١ ـ ٥٢ ، والبحر المحيط ٢ / ١١٤.

(٦) ينظر : تفسير الطبري ٢ / ٤١٢ ـ ٤١٥ ، والبغوي ١ / ١٧٨ ، والمحرر الوجيز ١ / ٢٧٧.

(٧) في ك وب : المعدودات.

(٨) ينظر : التمهيد ٢٣ / ١٩٦ ، ونصب الراية ٤ / ٢١٣ ، والدراية ٢ / ٢١٥.

(٩) ينظر : السنن الكبرى للبيهقي ٥ / ٢٢٨ ، والتمهيد ١٢ / ١٣٠ ، وتغليق التعليق ٢ / ٣٧٧.

(١٠) ينظر : التمهيد ١٢ / ١٣٠ و ٢٣ / ١٩٦ ، ونصب الراية ٤ / ٢١٣ ، والدراية ٢ / ٢١٥.

(١١) ينظر : الوجيز ١ / ١٥٩ ، وتفسير البغوي ١ / ١٧٩ ، والقرطبي ٣ / ٨ ـ ٩.

(١٢) في الآية نفسها : (فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ).

(١٣) ينظر : معاني القرآن الكريم ١ / ١٤٥ ، وتفسير القرآن الكريم ١ / ٦٠٣ ، والكشاف ١ / ٢٥٠.

(١٤) في الأصل وك : يقول.

(١٥) في ب : أفرط ، وبعدها : (في) ساقطة منها.

(١٦) ينظر : التفسير الكبير ٥ / ١٩٤.

(١٧) ساقطة من ب.

٣٠٤

يرفع الإثم عن المتأخّر لما جاز الرّمي فيه إذ التنفل بالرمي عبث.

(لِمَنِ اتَّقى) : أي (١) : رفع الإثم لمن اتّقى محظورات الإحرام (٢). روي أنّ رجلا توفّي بمنى ، فقيل لعمر : أما تشهد دفنه؟ (٤٦ ظ) فقال : وما يمنعني عن دفن من لم يذنب مذ غفر له (٣). وقال (٤) صلى‌الله‌عليه‌وسلم : (من حجّ فلم يرفث ولم يفسق خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمّه) (٥).

والحشر (٦) : الجلاء.

٢٠٤ ـ (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ) : قال السدّي وغيره : نزلت في الأخنس بن شريق الثّقفيّ ، وكان رجلا حسن المنظر ، حلو المنطق ، خبيث السّريرة ، واسمه فيما يروى أبيّ ، وإنّما لقّب بالأخنس (٧) لأنّه خنس مع (٨) ثلاث مئة رجل من حلفائه من بني زهرة يوم بدر ولم يشهدوا (٩). وقال الحسن : نزلت في كلّ منافق ومراء (١٠).

وإعجاب الشيء بالشيء أن يسرّه (١١).

(وَيُشْهِدُ اللهَ عَلى ما فِي قَلْبِهِ) : يعني يقول : الله شهيد على ما في قلبي من الوفاء والإخلاص (١٢).

(وَهُوَ أَلَدُّ) : شديد (١٣) الخصومة. فإن كان الألدّ ههنا بمعنى النعت ف (الْخِصامِ) مصدر كالقتال (١٤) ، وإن كان على معنى التفضيل ف (الخصام) (١٥) جمع خصم نحو : كلب وكلاب (١٦).

والمخاصمة قريب من المحاجّة (١٧).

__________________

(١) ساقطة من ك.

(٢) ينظر : معاني القرآن الكريم ١ / ١٤٦ ، وتفسير البغوي ١ / ١٧٩ ، والقرطبي ٣ / ١٤.

(٣) ينظر : مصنف عبد الرزاق ٥ / ١٤.

(٤) في الأصل وك وع : قال ، والواو ساقطة.

(٥) مسند أحمد ٢ / ٤٨٤ ، والترغيب والترهيب ٢ / ١٠٣ ، وجامع العلوم والحكم ١٦٧.

(٦) في الآية نفسها : (وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ).

(٧) في ك : الأخنس.

(٨) في ك : في.

(٩) (ولم يشهدوا) ساقطة من ب. وينظر : تفسير الطبري ٢ / ٤٢٥ ، والبغوي ١ / ١٧٩ ، والإصابة ١ / ١٩٢.

(١٠) ينظر : النكت والعيون ١ / ٢٢١ ، وزاد المسير ١ / ١٩٩ ، والجواهر الحسان ١ / ٤٢٦.

(١١) ينظر : التبيان في تفسير القرآن ٢ / ١٧٨ ، ومجمع البيان ٢ / ٥٤.

(١٢) ينظر : تفسير الطبري ٢ / ٤٢٥ ، والبحر المحيط ٢ / ١٢٢.

(١٣) في ع : أشد. وينظر : غريب القرآن وتفسيره ٩٠ ، وتفسير غريب القرآن ٨٠ ، والعمدة في غريب القرآن ٨٩.

(١٤) ينظر : التبيان في تفسير القرآن ٢ / ١٧٩ ، والتفسير الكبير ٥ / ١٩٩ ، والبحر المحيط ٢ / ١٢٣.

(١٥) بعدها في ع : (مصدر كالقتال وإن كان على معنى التفضيل فالخصام) ، وهي مقحمة.

(١٦) ينظر : تفسير غريب القرآن ٨٠ ، ومعاني القرآن وإعرابه ١ / ٢٧٧ ، والتبيان في تفسير القرآن ٢ / ١٧٩.

(١٧) ينظر : تفسير القرطبي ٣ / ١٦.

٣٠٥

٢٠٥ ـ (سَعى) : ذهب (١).

(وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ) : قيل (٢) : إنّه بيّت قوما من الطائف كان بينه وبينهم جدال بعد ما رجع من عند رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقتل مواشيهم ، وأحرق زروعهم ، وقيل (٣) : لم يحرق إلا كدسا واحدا من الشعير ، ولم يعقر إلا حمارا واحدا.

و (النّسل) : الذّرّيّة (٤).

٢٠٦ ـ (أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ) : طالبته المنعة وحملته عليه كما تقول : أخذ فلان فلانا بحقّه ، أي : طالبه به (٥).

(فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ) : جزاؤه جهنّم (٦).

أخذت من التّجهّم (٧) وهو النكرة ، قال رؤبة : ركية جهنّام ، أي : بعيدة القعر ، وقال يونس : اسم أعجميّ ، وقال أبو عبيدة : (جهنّم) إنّما لا ينصرف لأنّه اسم مؤنّث زاد على ثلاثة أحرف. والمراد به دار العذاب التي أعدّ الله لأعدائه في الآخرة (٨).

(وَلَبِئْسَ الْمِهادُ) : الوطاء والفراش (٩) ، قال الله تعالى : (فَلِأَنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ) [الرّوم : ٤٤]." وأصل المهد : التّوثير" (١٠).

٢٠٧ ـ (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ) : نزلت في كلّ مؤمن معناها صفته (١١).

والله تعالى جمع بين صفة المنافقين والمؤمنين على سبيل التّنويع والإطباق.

وكان عمر وعليّ يؤوّلانها إلى الآمر بالمعروف والنّاهي عن المنكر (١٢).

(يشري) : يفدي بنفسه ويبذلها في سبيل الله لابتغاء مرضاته (١٣).

__________________

(١) ينظر : تفسير البغوي ١ / ١٨٠ ، والكشاف ١ / ٢٥١ ، وزاد المسير ١ / ٢٠١.

(٢) ينظر : تفسير البغوي ١ / ١٨٠ ، والكشاف ١ / ٢٥١ ، والبحر المحيط ٢ / ١٢١.

(٣) ينظر : تفسير البغوي ١ / ١٨٠.

(٤) ينظر : معاني القرآن وإعرابه ١ / ٢٧٧ ، والتبيان في تفسير القرآن ٢ / ١٨٠ ـ ١٨١ ، وتفسير نور الثقلين ١ / ٢٠٣.

(٥) تفسير البغوي ١ / ١٨٠ ، والكشاف ١ / ٢٥١ ، وتفسير القرطبي ٣ / ١٩.

(٦) ينظر : الوجيز ١ / ١٥٩ ، وزاد المسير ١ / ٢٠٢ ، وتفسير القرطبي ٣ / ١٩.

(٧) في ب : التهجم ، وهو تحريف.

(٨) ينظر : لسان العرب ١٢ / ١١٢ (جهنم).

(٩) في ب : الفراش ، والواو ساقطة. وينظر : تفسير غريب القرآن ٨٠ ، وتفسير الطبري ٢ / ٤٣٦ ، والعمدة في غريب القرآن ٨٩.

(١٠) لسان العرب ٣ / ٤١٠ (مهد).

(١١) ينظر : تفسير الطبري ٢ / ٤٣٥ و ٤٣٧ ، وتفسير القرآن العظيم ١ / ٢٥٤ ـ ٢٥٥ ، والجواهر الحسان ١ / ٤٢٧.

(١٢) ينظر : تفسير الطبري ٢ / ٤٣٨ ، والنكت والعيون ١ / ٢٢٢ ، وتفسير البغوي ١ / ١٨٣.

(١٣) ينظر : تفسير الطبري ٢ / ٤٣٦ ، ومعاني القرآن وإعرابه ١ / ٢٧٨.

٣٠٦

والشرى بمعنى البيع ، قال الله تعالى : (وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ) [يوسف : ٢٠](١).

وقيل (٢) : نزلت في صهيب بن سنان. واختلفوا في قصّته ، قيل (٣) : إنّه اشترى نفسه من مواليه وقال (٤) : لا يضرّكم أكنت منكم أو من غيركم ، ثمّ هاجر إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم. وقيل (٥) : اشترى نفسه من أهل مكّة جميعا مع جماعة من المستضعفين. وقيل (٦) : كان صهيب (٧) قد أعتق من قبل إلا أنّه لمّا هاجر تبعه قوم من أهل مكّة (٨) فنثر كنانته وقال : والله لا أضع سهما إلا في قلب رجل ، ثمّ أضرب بسيفي ما بقي في يدي ، إن شئتم فتقدس وإن شئتم فخلّوا سبيلي وأدلّكم على مالي بمكّة ، فقالوا : نخلّي سبيلك ، فدلّهم على ماله.

وهو عربيّ من ولد النّمر بن (٤٧ و) قاسط ، سبته الروم في صغره ، ثمّ وقع بالحجاز وصار مملوكا لزيد بن جدعان ، فكان (٩) يسمّى صهيبا (١٠) الرّوميّ.

و (المرضاة) : مصدر مثل المرحمة من الرّحمة (١١).

٢٠٨ ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً) : نزلت في العامّة (١٢).

وقيل (١٣) : نزلت في قوم من اليهود كانوا قد أسلموا ويتحرّجون (١٤) عن بعض رخص الإسلام مثل أكل لحوم الإبل ونحوه.

و (السّلم) بالكسر : " الإسلام" (١٥) ، وإذا أريد به الصّلح فالفتحة والكسرة لغتان (١٦).

(كافّة): " نصب على الحال" (١٧) ، أو التأكيد (١٨). ويجوز بناء على التّنوين كما في يومئذ.

__________________

(١) ينظر : معاني القرآن للأخفش ١ / ٣٥٩ ـ ٣٦٠ ، والنكت والعيون ١ / ٢٢٢ ، والمحرر الوجيز ١ / ٢٨١.

(٢) ينظر : النكت والعيون ١ / ٢٢٢ ، والدر المنثور ١ / ٢٤٠.

(٣) ينظر : تفسير القرآن الكريم ١ / ٦٠٧ ، وأسباب نزول الآيات ٣٩ ـ ٤٠ ، وتفسير البغوي ١ / ١٨٢.

(٤) في ب : وقيل ، وهو خطأ.

(٥) ينظر : معاني القرآن وإعرابه ١ / ٢٧٨ ، وتفسير القرآن الكريم ١ / ٦٠٦ ـ ٦٠٧ ، وتفسير البغوي ١ / ١٨٢.

(٦) ينظر : حلية الأولياء ١ / ١٥١ ، وأسباب نزول الآيات ٣٩ ، والمحرر الوجيز ١ / ٢٨١.

(٧) في الأصل وك وب : صهيبا ، وبعدها : (أعتق) ساقطة من ب.

(٨) (مع جماعة ... مكة) ساقطة من ع ، وبعدها : كنايته ، بدل (كنانته) وهو تصحيف.

(٩) ساقطة من ب.

(١٠) في ب : صهيب. وينظر : الطبقات الكبرى ٣ / ٢٢٩ ، والاستيعاب ٢ / ٧٣٢ ، وصفة الصفوة ١ / ٤٣٠.

(١١) ينظر : البحر المحيط ٢ / ١٢٨.

(١٢) ينظر : تفسير الطبري ٢ / ٤٤٣ ، وتفسير القرآن العظيم ١ / ٢٥٥.

(١٣) ينظر : معاني القرآن الكريم ١ / ١٥٤ ، والمحرر الوجيز ١ / ٢٨٢ ، والتفسير الكبير ٥ / ٢٠٧.

(١٤) في ك : ويتحرجوا.

(١٥) تفسير مجاهد ١ / ١٠٤ ، وغريب القرآن وتفسيره ٩٠ ، ومفاتيح الأغاني ١١٢.

(١٦) ينظر : تفسير غريب القرآن ٨١ ، والنكت والعيون ١ / ٢٢٢. وقرأ بالفتح ابن كثير ونافع والكسائي ، ينظر : السبعة ١٨٠ ، والكشف ١ / ٢٠٨ ، والتيسير ٨٠.

(١٧) إعراب القرآن ١ / ٣٠٠ ، ومشكل إعراب القرآن ١ / ١٢٥ ، وتفسير القرطبي ٣ / ٢٣.

(١٨) لعله يريد أنّها حال مؤكّدة للفاعل في قوله : (ادخلوا) ، ينظر : المجيد ٥٣٦ ـ ٥٣٧ ، والبحر المحيط ٢ / ١٣٠ ، والدر المصون ٢ / ٣٥٩ ، وفيها جميعا أنّها" حال تؤكّد معنى العموم".

٣٠٧

والكافّة مأخوذة من كفّة الشيء ، وهو حرفه (١) ونهايته.

٢٠٩ ـ وفي فحوى قوله : (فَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) تهديد ؛ لأنّ العزيز لا يمنعه شيء عن معاقبة المفسدين من عبيده (٢).

٢١٠ ـ (هَلْ يَنْظُرُونَ) : نزلت في المتثبّطين عن الإيمان مع مشاهدة الآيات على وجه التهديد (٣).

و (هل) : أداة استفهام ، والمراد به النفي كما تقول : هل بقي بعد هذا شيء (٤)؟

(ينظرون) : ينتظرون (٥) ، كقوله : (انْظُرُونا) [الحديد : ١٣] ، وقوله : (انْظُرْنا) [البقرة : ١٠٤].

ولقوله : (فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمامِ) ثلاثة معان :

أحدها : كون المأتيّ في ظلل من الغمام ، كما تقول : أتيت فلانا في بيته فخرج إليّ.

والثاني : إتيان الآتي بظلل ، كما تقول (٦) : أتاهم السلطان في عسكر لجب.

والثالث : لبس الأمر على المأتيّ ، كما تقول : أتاه الملك على صورة كذا ، وإنّما هو في نفسه على صورته ، وإن (٧) لبّس الأمر على المأتيّ (٨). والله متعال عن الحلول ، وعن أن يحيط به شيء في عظمته (٩).

و (الظّلل) : جمع ظلّة (١٠).

(وَقُضِيَ الْأَمْرُ) : أمضي حكم الله فيهم (١١).

٢١١ ـ (سَلْ بَنِي إِسْرائِيلَ) : نزلت في تذكير ما نصب الله لبني إسرائيل من الأدلّة ، وإعراضهم عنها ، وإزالتهم نعم الله تعالى عن أنفسهم بالكفران ، ليكون في ذلك تعزية لرسول

__________________

(١) في ع : صرفه ، وهو تحريف. وينظر : معاني القرآن وإعرابه ١ / ٢٧٩ ، وإعراب القرآن ١ / ٣٠٠ ، والمجيد ٥٣٦ (تحقيق : د. عبد الرزاق الأحبابي).

(٢) ينظر : الكشاف ١ / ٢٥٣ ، والتفسير الكبير ٥ / ٢١١.

(٣) ينظر : تفسير القرآن الكريم ١ / ٦١٢ ، وتفسير القرآن العظيم ١ / ٢٥٥.

(٤) ينظر : تفسير القرآن الكريم ١ / ٦١١ ، والوجيز ١ / ١٦٠ ، والمجيد ٥٣٨ (تحقيق : د. عبد الرزاق الأحبابي).

(٥) ينظر : تفسير غريب القرآن ٨١ ، وتفسير البغوي ١ / ١٨٤ ، والمحرر الوجيز ١ / ٢٨٣.

(٦) (أتيت فلانا ... تقول) ساقطة من ب.

(٧) في الأصل : فإن ، وفي ب : وأنه.

(٨) (كما تقول : أتاه ... المأتي) ساقطة من ع.

(٩) ينظر : تفسير الطبري ٢ / ٤٤٧ ـ ٤٤٩ ، والبغوي ١ / ١٨٤ ، والبحر المحيط ٢ / ١٣٣ ـ ١٣٤.

(١٠) ينظر : تفسير الطبري ٢ / ٤٤٦ ، وإعراب القرآن ١ / ٣٠١ ، والوجيز ١ / ١٦٠.

(١١) ينظر : الوجيز ١ / ١٦١ ، وتفسير البغوي ١ / ١٨٤ ، والبحر المحيط ٢ / ١٣٤ ـ ١٣٥.

٣٠٨

الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وتنبيها للمخاطبين (١).

وقوله : (سل) : أمر من السؤال ، أصله : اسأل (٢). وقيل : من سال يسال ، مثل (٣) : نال ينال.

وفائدة السؤال تذكيرهم حالتهم الأولى ، وتقرير (٤) الأمر عند من لا يؤمن بالتّنزيل (٥).

و (كَمْ) : أداة للسؤال عن عدد الشيء ، وقلّته وكثرته (٦).

(مِنْ) : للتفسير (٧).

(وَمَنْ (٨) يُبَدِّلْ) : يغيّر (٩). والإنسان لا يبدّل نعمة الله بالبؤس ، غير أنّه يكفر فيؤدّي ذلك إلى تبديل النّعمة ، وهو كقوله : (إِنَّ اللهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ) [الرّعد : ١١](١٠).

و (النّعمة) ههنا أدلّة الحقّ (١١) ، وقيل (١٢) : عامّة.

٢١٢ ـ (زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا) : نزلت في أبي جهل وأمثاله ، كانوا يسخرون من المستضعفين (١٣). وقيل (١٤) : نزلت في بني قريظة والنّضير ، كانوا يسخرون من صعاليك المهاجرين.

والتّزيين قريب من التّحسين ، والزّينة هو الحسن المكتسب (١٥). فالكفّار زيّن لهم الحياة الدنيا حيث نظروا إلى بهجتها المحسوسة ، ولم يتفكّروا في عاقبتها ، فأعجبوا بها وألهوا (١٦) عن غيرها كما قال : (يَعْلَمُونَ ظاهِراً مِنَ الْحَياةِ الدُّنْيا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ [هُمْ] (١٧) غافِلُونَ) [الرّوم : ٧].

ومزيّنها لهم هو الله ، قال : (كَذلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ) [الأنعام : ١٠٨] ، وقال : (إِنَّا

__________________

(١) ينظر : تفسير الطبري ٢ / ٤٥٢ ، ومعاني القرآن وإعرابه ١ / ٢٨١ ، وتفسير البغوي ١ / ١٨٤.

(٢) ينظر : البيان في غريب إعراب القرآن ١ / ١٤٩ ، وتفسير القرطبي ٣ / ٢٧ ، والبحر المحيط ٢ / ١٣٥.

(٣) في ك : مثال. وينظر : التبيان في إعراب القرآن ١ / ١٧٠ ، والبحر المحيط ٢ / ١٣٥.

(٤) في ك وب : وتفسير.

(٥) ينظر : مجمع البيان ٢ / ٦١ ، وزاد المسير ١ / ٢٠٦ ، والبحر المحيط ٢ / ١٣٥.

(٦) ينظر : التفسير الكبير ٦ / ٢ ، ومغني اللبيب ٢٤٣ ـ ٢٤٦.

(٧) ينظر : التبيان في إعراب القرآن ١ / ١٧٠. وينظر في (كم) : مغني اللبيب ٦٥٧ ، ومعاني النحو ٢ / ٣٣٧.

(٨) ليس في ك.

(٩) تفسير القرآن الكريم ١ / ٦١٤ ، والتبيان في تفسير القرآن ٢ / ١٩٠ ، وتفسير البغوي ١ / ١٨٤.

(١٠) ينظر : تفسير القرآن الكريم ١ / ٦١٤.

(١١) ينظر : معاني القرآن وإعرابه ١ / ٢٨١ ، والبحر المحيط ٢ / ١٣٧.

(١٢) ينظر : المحرر الوجيز ١ / ٢٨٤ ، وتفسير القرطبي ٣ / ٢٨.

(١٣) ينظر : تفسير البغوي ١ / ١٨٥ ، ومجمع البيان ٢ / ٦٢ ، والتفسير الكبير ٦ / ٥.

(١٤) ينظر : تفسير البغوي ١ / ١٨٥ ، والتفسير الكبير ٦ / ٥ ، والبحر المحيط ٢ / ١٣٨.

(١٥) ينظر : لسان العرب ١٣ / ٢٠١ (زين) ، والبحر المحيط ٢ / ١١٨.

(١٦) في ب : والهوى.

(١٧) من ع. وينظر : تفسير القرطبي ٣ / ٢٨ ، والبيضاوي ١ / ٤٩٥.

٣٠٩

(جَعَلْنا ما عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَها) [الكهف : ٧](١).

و (السّخرية) : الاستهزاء (٢).

(وَالَّذِينَ اتَّقَوْا فَوْقَهُمْ) : في الرّتبة والحال (يَوْمَ الْقِيامَةِ)(٣).

(بِغَيْرِ حِسابٍ) : (٤٧ ظ) بغير مناقشة في حسابه مثل نعمة سليمان (٤). وقيل (٥) : بغير أن يكون عليه حساب ، يعني : نعيم الآخرة. وقيل (٦) : ما لا يحصيه كلّ أحد لكثرته ، يعني : نعيم الآخرة أيضا.

٢١٣ ـ (كانَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً) : قال ابن عبّاس (٧) : كانوا على شريعة من الحقّ من لدن آدم إلى أن كفروا في عصر نوح عليه‌السلام ، وقيل (٨) : إلى أن قتل قابيل هابيل. وقيل (٩) : كانوا أمّة على الجاهليّة في عصر نمرود إلى أن أرسل الله إبراهيم وذويه عليهم (١٠) السّلام.

(مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ) : نصب على الحال (١١).

(وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتابَ) : أي : ومع إرسالهم (١٢) ، وقيل : (معهم) بمعنى : عليهم. والمراد بالكتاب الجنس (١٣).

(بِالْحَقِّ) : أي : بالدّين والأحكام التي هي الحقّ (١٤).

وما اختلفوا فيه (١٥) هو مثل اختلافهم في آدم عليه‌السلام ، وفي ملّة إبراهيم عليه‌السلام (١٦) ، وفي أمر سليمان وعيسى عليهما‌السلام ، وغير ذلك من الأهواء (١٧).

__________________

(١) ينظر : معاني القرآن وإعرابه ١ / ٢٨٢ ، وتفسير القرآن الكريم ١ / ٦١٥ ، وتفسير البغوي ١ / ١٨٥.

(٢) ينظر : التبيان في تفسير القرآن ٢ / ١٩٣ ، وتفسير البغوي ١ / ١٨٥.

(٣) ينظر : الوجيز ١ / ١٦١ ، والكشاف ١ / ٢٥٥ ، وتفسير القرطبي ٣ / ٢٩.

(٤) ينظر : التفسير الكبير ٦ / ١٠ ، والبحر المحيط ٢ / ١٤٠.

(٥) ينظر : تفسير الطبري ٢ / ٤٥٤ ، والبحر المحيط ٢ / ١٤٠.

(٦) ينظر : التبيان في تفسير القرآن ٢ / ١٩٣ ، وتفسير القرطبي ٣ / ٣٠ ، والبحر المحيط ٢ / ١٣٩.

(٧) ينظر : تفسير الطبري ٢ / ٤٥٥ ، والمحرر الوجيز ١ / ٢٨٦ ، وتفسير القرطبي ٣ / ٣٠.

(٨) ينظر : تفسير البغوي ١ / ١٨٦ ، والبحر المحيط ٢ / ١٤٣ ـ ١٤٤.

(٩) ينظر : تفسير القرآن الكريم ١ / ٦١٧ ، والوجيز ١ / ١٦١ ، وتفسير البغوي ١ / ١٨٦.

(١٠) في ب : عليه.

(١١) ينظر : معاني القرآن وإعرابه ١ / ٢٨٤ ، وإعراب القرآن ١ / ٣٠٣ ، ومشكل إعراب القرآن ١ / ١٢٥.

(١٢) ينظر : مجمع البيان ٢ / ٦٥ ـ ٦٦ ، والبحر المحيط ٢ / ١٤٤.

(١٣) ينظر : الوجيز ١ / ١٦١ ، والكشاف ١ / ٢٥٦ ، والمحرر الوجيز ١ / ٢٨٦.

(١٤) ينظر : مجمع البيان ٢ / ٦٦ ، وزاد المسير ١ / ٢٠٩.

(١٥) في الآية نفسها : (لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ).

(١٦) (وفي ملة إبراهيم عليه‌السلام) ساقطة من ك.

(١٧) ينظر : تفسير الطبري ٢ / ٤٦٠ ـ ٤٦١ ، والبغوي ١ / ١٨٧ ، والقرطبي ٣ / ٣٢ ـ ٣٣.

٣١٠

وما اختلفوا في شيء إلا من بعد أن (١) أوتوا علمه للبغي (٢) فيما بينهم.

(فَهَدَى اللهُ) المؤمنين بإذنه إلى الحقّ الذي اختلفوا فيه (٣).

واللام (٤) مكان (إلى).

وفي (٥) قوله : (مِنَ الْحَقِ) تفسير لما اختلفوا فيه (٦).

٢١٤ ـ (أَمْ حَسِبْتُمْ) : قد سبق الكلام في (أم) ، إذا كانت متّصلة بنيت (٧) على استفهام سابق ، وإذا كانت منقطعة بنيت على كلام سابق وهو ذكر استهزاء الكفرة بالمؤمنين وما يصيب المؤمنين من ذلك من الحزن (٨).

(وَلَمَّا يَأْتِكُمْ) :" ولم يأتكم" (٩). و (لمّا) و (لم) بمعنى ، إلا أنّ (لم) يقتضي (١٠) نفيا مجرّدا ، و (لمّا) يقتضي نفيا دون نفي ، إذ المنفيّ به مراد إثباته في المستقبل ، كقوله (١١) : (وَلَمَّا يَعْلَمِ اللهُ الَّذِينَ جاهَدُوا) [آل عمران : ١٤٢] ، (وَلَمَّا يَأْتِهِمْ (١٢) تَأْوِيلُهُ) [يونس : ٣٩].

(مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ) : صفتهم ، أي : يعوّض لكم حال كحالهم (١٣).

(وَزُلْزِلُوا) : أزعجوا وحرّكوا مرّة بعد أخرى من كثرة (١٤) البلايا.

(مَتى نَصْرُ اللهِ) : تطلّع لوعد الله تعالى غير تشكّك فيه (١٥).

و (متى) : استفهام عن أوان الشيء (١٦).

__________________

(١) ساقطة من ك.

(٢) في ك وع : ليبغي ، وفي ب : لينفي. وينظر : معاني القرآن الكريم ١ / ١٦٢.

(٣) ينظر : تفسير الطبري ٢ / ٤٦٠ ، والوجيز ١ / ١٦٢ ، وتفسير القرطبي ٣ / ٣٢.

(٤) في قوله في الآية نفسها : لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ. وينظر : تفسير البغوي ١ / ١٨٧ ، والتفسير الكبير ٦ / ١٧.

(٥) النسخ الثلاث : في ، والواو ساقطة.

(٦) ينظر : الكشاف ١ / ٢٥٦ ، وتفسير القرطبي ٣ / ٣٣.

(٧) النسخ الثلاث : أبنيت ، وكذا ترد قريبا.

(٨) ينظر : التبيان في تفسير القرآن ٢ / ١٩٨ ، والتفسير الكبير ٦ / ١٨.

(٩) تفسير الطبري ٢ / ٤٦٤ ، وتفسير القرآن الكريم ١ / ٦١٨ ، والوجيز ١ / ١٦٢.

(١٠) في ك : تقتضي ، وكذا ترد قريبا.

(١١) في ك وع : لقوله.

(١٢) في ك : يأتكم ، وهو خطأ. وينظر في (لم) و (لمّا) : مغني اللبيب ٣٦٥ ـ ٣٧٣ ، ومعاني النحو ٤ / ١٨٩ ـ ١٩٠.

(١٣) ينظر : معاني القرآن وإعرابه ١ / ٢٨٥ ، وتفسير البيضاوي ١ / ٤٩٨.

(١٤) في الأصل وع : كثر ، وبعدها في ك : البلاء ، بدل (البلايا). وينظر : معاني القرآن وإعرابه ١ / ٢٨٥ ، والوجيز ١ / ١٦٢ ، وتفسير البغوي ١ / ١٨٧.

(١٥) في ع : فيهم. وينظر : المحرر الوجيز ١ / ٢٨٨ ، والجواهر الحسان ١ / ٤٣٣.

(١٦) ينظر : البحر المحيط ٢ / ١٤٩ ، والإتقان ١ / ١٧٦.

٣١١

٢١٥ ـ (يَسْئَلُونَكَ ما ذا يُنْفِقُونَ) : نزلت في عمرو بن الجموح الأنصاريّ من (١) بني سلمة بن جشم ، قتل يوم أحد ، وكان شيخا كبيرا وعنده مال ، سأل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم كيف ينفق ، وكان ذلك قبل الزكاة فأنزل [الله](٢).

٢١٦ ـ (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ) : عن ابن عبّاس : لمّا كتب الجهاد على المسلمين شقّ عليهم ذلك لما فيه من المشقّة ، فنزلت الآية (٣).

قال ابن عرفة (٤) : (الكره) بضمّ الكاف : المشقّة ، و (الكره) بالفتح : ما أكرهت عليه. تقديره : ذو كره لكم (٥).

(وَعَسى) : لعلّ ، وهو حرف يشبه الفعل (٦).

(أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً) : على قضيّة الطبيعة ، أو على قضيّة مجرّد العقل (٧).

(وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ) : أي : على قضيّة الوحي ، مثل التّقرّب بالرأس وبذل النفس في الجهاد (٨).

(وَعَسى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً) : يعني على قضيّة الطبيعة (٩) ومجرّد العقل.

(وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ) : على قضيّة الوحي ، مثل الانتفاع (١٠) بقليل الخمر ، والانتفاع بالميتة قبل أن يتسارع إليه الفساد.

(وَاللهُ يَعْلَمُ) : يعني علل النّصوص والمصالح فيها (١١).

٢١٧ ـ (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ) : نزلت في أوّل غزاة غزاها المسلمون ، (٤٨ و) وذلك أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بعث عبد الله بن جحش قبل بدر بشهرين في ثمانية رهط من المهاجرين ، منهم واقد بن عبد الله التّميميّ إلى بطن نخلة ترصد عير قريش ، فمرّ بهم

__________________

(١) في ع : عن. وينظر : الإصابة ٤ / ٥٠٦.

(٢) من ك. وينظر : أسباب نزول الآيات ٤٠ ، وتفسير البغوي ١ / ١٨٨ ، والكشاف ١ / ٢٥٧.

(٣) ينظر : زاد المسير ١ / ٢١٢ ، والبحر المحيط ٢ / ١٥١ ـ ١٥٢.

(٤) وهو قول ابن قتيبة في تفسير غريب القرآن ٨٢ ، وينظر : تفسير الطبري ٢ / ٤٦٩ ـ ٤٧٠ وعزاه إلى معاذ بن مسلم ، وعزي إلى ابن عرفة في تفسير القرطبي ٣ / ٣٨.

(٥) ينظر : معاني القرآن للأخفش ١ / ٣٦٦ ، ومعاني القرآن الكريم ١ / ١٦٧ ، والتبيان في تفسير القرآن ٢ / ٢٠٣.

(٦) ينظر : التفسير الكبير ٦ / ٢٧ و ٢٨ ، وينظر في أحكام (عسى) : أسرار العربية ١٢٥ ـ ١٢٩ ، والمغني في النحو ٣ / ٣٤١ ـ ٣٥٣.

(٧) ينظر : تفسير القرآن الكريم ١ / ٦٢١ ، وتفسير البغوي ١ / ١٨٨ ، والقرطبي ٣ / ٣٩.

(٨) ينظر : التفسير الكبير ٦ / ٢٧ ـ ٢٨.

(٩) (أو على قضية ... الطبيعة) ليس في ك.

(١٠) في ب : الانتفا ، والعين ساقطة.

(١١) ينظر : الوجيز ١ / ١٦٣ ، وتفسير البيضاوي ١ / ٥٠٠.

٣١٢

عمرو بن الحضرميّ والحكم بن كيسان (١) وعثمان بن عبد الله (٢) بن المغيرة ونوفل بن عبد الله في يوم يراه المسلمون سلخ جمادى الآخرة ، وهو غرّة رجب (٣) ، فرمى واقد بن عبد الله التّميميّ فأصاب (٤) عمرو ابن الحضرميّ فقتله ، وأسروا الحكم وعثمان ، واستاقوا العير ، فلمّا تبيّن أنّ اليوم كان (٥) من رجب أطنب المشركون في لوم المسلمين ، وتخوّف المسلمون أيضا وباله ؛ لأنّ القتال في الأشهر الحرم كان محظورا إذ ذاك ، فسألوا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم عن ذلك (٦) ، فأنزل الله الآية (٧).

(قِتالٍ فِيهِ) : مكسور على طريق بدل الاشتمال (٨).

وبدل الاشتمال هو إبدال حال الشيء أو ما (٩) يجري مجراه منه.

وإنّما نوّن (قُلْ (١٠) قِتالٌ) ؛ لأنّه لم يرد به القتال المسؤول عنه ، ولكن أخبر ابتداء بإنشاء يوجد في الشهر الحرام (١١) ، فمنها قتال كبير ، ومنها صدّ عن سبيل الله ، والصّدّ هو المنع والصّرف (١٢) ، ومنها كفر بالله وبالمسجد الحرام.

ثمّ استأنف وقال : (وَإِخْراجُ أَهْلِهِ مِنْهُ)(١٣) ، وهو الصّدّ المذكور (أَكْبَرُ عِنْدَ اللهِ) إثما ووبالا (١٤).

(وَالْفِتْنَةُ) : وهي الكفر (١٥)(أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ) المسؤول عنه أو المخبر به (١٦).

__________________

(١) في ك : كبيسان.

(٢) (التميمي إلى بطن ... عبد الله) ليس في ب.

(٣) ساقطة من ك ، وبعدها : وهي ، بدل (فرمى).

(٤) في الأصل وك وع : وأصاب.

(٥) ساقطة من ع.

(٦) (عن ذلك) ساقطة من ع.

(٧) ينظر : تفسير الطبري ٢ / ٤٧٢ ـ ٤٧٨ ، والنكت والعيون ١ / ٢٢٧ ، وتفسير البغوي ١ / ١٨٨ ـ ١٨٩.

(٨) ينظر : إعراب القرآن ١ / ٣٠٧ ، ومشكل إعراب القرآن ١ / ١٢٧ ، والمحرر الوجيز ١ / ٢٩٠.

(٩) ساقطة من ك وب. وينظر في بدل الاشتمال : أسرار العربية ٢٦٤ ـ ٢٦٥ ، وشرح شذور الذهب ٥٦٩ ، وشرح الحدود النحوية ١٢٧.

(١٠) في ك : فعل.

(١١) ينظر : البيان في غريب إعراب القرآن ١ / ١٥٢ ، والتبيان في إعراب القرآن ١ / ١٧٤.

(١٢) ينظر : تفسير الطبري ٢ / ٤٧٢ ، والتبيان في تفسير القرآن ٢ / ٢٠٧ ، والوجيز ١ / ١٦٣.

(١٣) ينظر : معاني القرآن للأخفش ١ / ٣٦٦.

(١٤) ينظر : معاني القرآن وإعرابه ١ / ٢٩٠ ، ومجمع البيان ٢ / ٧٣ و ٧٥.

(١٥) ينظر : تفسير مجاهد ١ / ١٠٥ ، ومعاني القرآن للفراء ١ / ١٤١ ، ومعاني القرآن الكريم ١ / ١٧٠.

(١٦) ينظر : تفسير مجاهد ١ / ١٠٥.

٣١٣

فهوّن القتال مع كبره بجنب الصدّ والكفر اللذين دعوا إلى القتال ، لتكون (١) الجريمة من جهة (٢) الكفّار ، ولا يحزن المسلمون بمباشرتهم القتال المحظور سهوا (٣).

ثمّ أخبر عن عقيدة الكفّار فقال : (وَلا يَزالُونَ يُقاتِلُونَكُمْ) أي : لا يبرحون عن قتالكم (٤).

(إِنِ اسْتَطاعُوا) :" إن قدروا" (٥).

ثمّ حذّر المؤمنين (وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ) ، أي : يرتدّ ، وهو لغة (٦).

(فَيَمُتْ وَهُوَ كافِرٌ فَأُولئِكَ حَبِطَتْ [أَعْمالُهُمْ] (٧)) : بطلت أعمالهم (٨) ، قيل : اشتقاقه من الحبوط ، وحبوط العمل من حبط الدابّة وهو أن تفرط في أكل العشب (٩) حتى تنتفخ بطنها فتموت حبطا (١٠).

٢١٨ ـ قيل : لمّا هوّن الله تعالى أمر القتال وخفّف عن المسلمين ذلك طمعوا أن يكتب ذلك لهم جهادا فيثابوا عليه ، فأنزل الله (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا) ، ثمّ عطف عليه (وَالَّذِينَ هاجَرُوا) للجمع بين المؤمنين الذين لم (١١) يبتلوا بالقتال في الشهر الحرام وبين المهاجرين الذين ابتلوا به خاصّة (١٢).

و (المهاجرة) : المفارقة في اللغة (١٣). وهي في الإسلام رتبة لقوم هجروا أوطانهم وإخوانهم إلى الحبشة ثمّ إلى المدينة لوجه الله (١٤). كما ختم الله النّبوّة بمحمّد صلى‌الله‌عليه‌وسلم ختم الهجرة بعمّه عبّاس فيما يروى (١٥).

__________________

(١) في الأصل : ليكون ، وهو تصحيف.

(٢) في ك وع : جنبة.

(٣) ينظر : الكشاف ١ / ٢٥٩.

(٤) ينظر : تفسير القرآن العظيم ١ / ٢٦١ ، وتفسير البيضاوي ١ / ٥٠٢.

(٥) ينظر : التفسير الكبير ٦ / ٣٥ ، وتفسير القرآن الكريم ١ / ٦٢٣ ، ومجمع البيان ٢ / ٧٥.

(٦) ينظر : معاني القرآن للأخفش ١ / ٣٦٦ ، والبحر المحيط ٢ / ١٥٩.

(٧) من ب.

(٨) ينظر : غريب القرآن وتفسيره ٩٢ ، وتفسير غريب القرآن ٨٢ ، والنكت والعيون ١ / ٢٢٨.

(٩) في ب : الشعب ، وهو تحريف.

(١٠) ينظر : مفردات ألفاظ القرآن ٢١٦ (حبط) ، ومجمع البيان ٢ / ٧٢ ـ ٧٣.

(١١) ساقطة من ب.

(١٢) ينظر : زاد المسير ١ / ٢١٥ ـ ٢١٦ ، وتفسير القرآن العظيم ١ / ٢٦٢.

(١٣) ينظر : تفسير البغوي ١ / ١٩٠ ، والتفسير الكبير ٦ / ٣٩ ، والجواهر الحسان ١ / ٤٣٩.

(١٤) ينظر : لسان العرب ٥ / ٢٥١ (هجر).

(١٥) ينظر : مسند أبي يعلى ٥ / ٥٥ ، والمعجم الكبير ٥ / ١٥٤ ، ومجمع الزوائد ٩ / ٢٦٨ ـ ٢٦٩.

٣١٤

ومجاهدة الكفّار : المبالغة في قتالهم باستفراغ ما في الوسع (١).

(يَرْجُونَ) : يطمعون (٢).

٢١٩ ـ (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ) : نزلت في ذكر سؤال عمر رضي الله عنه : ما هذه الخمر المضيّعة لأموالنا المفسدة ذات بيننا؟ وفي سؤال بعضهم عن المال الذي يجب إنفاقه (٣). وقيل : إنّ حمزة (٤٨ ظ) هو الذي سأل عن الخمر والميسر (٤). وقيل : اتّخذ بعض الصحابة دعوة فيها سعد ابن أبي وقّاص ، فشربوا وتفاخروا وأنشد سعد قصيدة فيها هجاء الأنصار ، فشجّه بعضهم ، ثمّ ترافعوا إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فأنزل (٥).

والخمر المجمع عليها عصير العنب إذا غلى واشتدّ وقذف بالزّبد (٦). واشتقاقها من الخمر وهو كلّ ما سترك من شجر أو نبات ، ويقال : اختمرت المرأة ، إذا لبست الخمار (٧).

وليس كلّ ما يخامر العقل خمرا ، كما أنّه ليس كلّ ما يبدع بدعة ولا كلّ ما يبحر بحيرة.

وقد روي عن ابن عبّاس : حرّمت الخمر بعينها والسّكر من كلّ شراب (٨).

وقال الحسن : تحريم الخمر ثبت بهذه الآية ؛ لأنّ الإثم لا يكون إلا في تناول المحظور مع أنّ (٩) الله صرّح تحريم الإثم بقوله : (قُلْ إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ) [الأعراف : ٣٣](١٠).

وقال قتادة : ثبت بآية المائدة وهو قوله : (فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ) [المائدة : ٩١] يدلّ على النّهي (١١) ، يدلّ عليه ما روي عن عمر أنّه كره شرب الخمر فدعا فقال : اللهمّ بيّن لنا في الخمر ، فنزل (١٢) قوله : (فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ) [البقرة : ٢١٩] ، فدعا ثانيا فنزل قوله : (لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى) [النساء : ٤٣] ، فدعا ثالثا فنزل قوله : (فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ) ، فقال عمر :

__________________

(١) ينظر : التفسير الكبير ٦ / ٣٩ ، وتفسير القرطبي ٣ / ٥٠ ، والبحر المحيط ٢ / ١٤٣.

(٢) ينظر : المحرر الوجيز ١ / ٢٩١ ـ ٢٩٢ ، وتفسير القرطبي ٣ / ٥٠.

(٣) ينظر : الوجيز ١ / ١٦٤ ـ ١٦٥ ، وتفسير القرآن العظيم ١ / ٢٦٢.

(٤) لم أقف على هذا القول.

(٥) ساقطة من ب. وينظر : تفسير الطبري ٢ / ٤٩٣ ـ ٤٩٤ ، والبغوي ١ / ١٩١ ، والكشاف ١ / ٢٦٠.

(٦) ينظر : تفسير البغوي ١ / ١٩٢ ، والكشاف ١ / ٢٦١ ، والمحرر الوجيز ١ / ٢٩٢.

(٧) ينظر : معاني القرآن وإعرابه ١ / ٢٩١ ، ومعاني القرآن الكريم ١ / ١٧٣ ، والمحرر الوجيز ١ / ٢٩٢.

(٨) شرح معاني الآثار ٤ / ٢١٤ ، والمعجم الكبير ١٢ / ٣٤. والسّكر : المسكر ، ينظر : إصلاح غلط المحدثين ١٣٨.

(٩) ساقطة من ب.

(١٠) ينظر : تفسير القرطبي ٣ / ٦٠.

(١١) ينظر : تفسير القرطبي ٣ / ٦٠ ـ ٦١.

(١٢) في ك : ونزل.

٣١٥

انتهينا انتهينا (١).

وقد حصل إجماع أهل الإسلام على حرمة الخمر وإن اختلفوا في محرّمها (٢).

و (الميسر) : الجزور الذي كانوا يتقامرون عليه بقداح لهم ، سمّي ميسرا ؛ لأنّه موضع التّجزئة ، وكلّ شيء جزّأته فقد يسّرته ، والياسر : الجازر (٣) ، قاله الأزهريّ (٤). وعن مجاهد : الميسر : كعاب فارس وقداح الرّوم (٥). وعن ابن عمر : الميسر : القمار (٦). وعن القاسم بن محمد أنّه سئل عن النّرد والشطرنج فقال : كلّ ما صدّ عن ذكر الله وعن الصلاة فهو من الميسر (٧). وعن ابن سيرين : ما كان من شرب (٨) أو قيان أو قصف فهو من الميسر (٩).

(وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ) : هي مثل الرّبح في بيع الخمر ، واللّذّة والنّشاط في شربها ، والفوز بالأموال في القمار (١٠).

(وَإِثْمُهُما أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِما) : لأنّ إثمهما باق ونفعهما فان (١١).

(قُلِ الْعَفْوَ) : نزلت في جواب السائلين عن النّفقة في الآية الأولى (١٢).

و (العفو) : الفضل الذي يسهل دفعه ، يقال : خذ ما عفا لك ، أي : جاءك سهلا (١٣).

وهذا منسوخ بآية الزكاة ، عن (١٤) ابن عبّاس والسدّي (١٥) ، وقال مجاهد (١٦) : هذا مفسّر بآية الزكاة.

(لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ) : التّفكّر تفعّل من الفكر وهو البحث عن المعاني بالاهتمام (١٧).

__________________

(١) ساقطة من ب. وينظر : سنن الترمذي ٥ / ٢٥٣ ، والنسائي ٨ / ٢٨٦ ، وفتح الباري ٨ / ٢٧٩.

(٢) ينظر : معاني القرآن وإعرابه ١ / ٢٩٢.

(٣) ساقطة من ب.

(٤) ينظر : المحرر الوجيز ١ / ٢٩٣ ، وتفسير القرطبي ٣ / ٥٣.

(٥) ينظر : تفسير مجاهد ١ / ٢٠٣ وفيه : " كعاب فارس وقداح العرب والقمار كله".

(٦) ينظر : تفسير الطبري ٢ / ٤٨٨ ، وزاد المسير ١ / ٢١٧ ، والجواهر الحسان ١ / ٤٤٤.

(٧) ينظر : تفسير الطبري ٢ / ٤٨٧ ، والبحر المحيط ٢ / ١٦٦.

(٨) في الأصل وك : سرب.

(٩) ينظر : تفسير الطبري ٢ / ٤٨٦.

(١٠) ينظر : تفسير الطبري ٢ / ٤٨٩ ، ومعاني القرآن وإعرابه ١ / ٢٩٢ ـ ٢٩٣ ، والنكت والعيون ١ / ٢٣٠.

(١١) ينظر : مجمع البيان ٢ / ٨١ ، والبحر المحيط ٢ / ١٦٨.

(١٢) ينظر : الوجيز ١ / ١٦٥ ، والبحر المحيط ٢ / ١٦٨.

(١٣) ينظر : تفسير غريب القرآن ٨٢ ، ومعاني القرآن الكريم ١ / ١٧٤ ـ ١٧٥ ، والبحر المحيط ٢ / ١٦٨.

(١٤) في ع : وعن ، والواو مقحمة.

(١٥) ينظر : فهم القرآن ٤٥٤ ، وتفسير الطبري ٢ / ٥٠٠ ، وتفسير القرآن العظيم ١ / ٢٦٣.

(١٦) ينظر : تفسير الطبري ٢ / ٥٠٠ ، وتفسير القرآن العظيم ١ / ٢٦٣.

(١٧) ينظر : لسان العرب ٥ / ٦٥ (فكر) ، والتعريفات ٨٨ ، والتوقيف على مهمات التعاريف ١٩٤.

٣١٦

٢٢٠ ـ (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْيَتامى) : سأل عبد الله بن رواحة (١) ، وعن مقاتل أنّ السائل عنهم ثابت بن رفاعة (٢).

والسبب في ذلك أنّه لمّا نزل قوله : (إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً) [النساء : ١٠] تحرّج (٣) الناس ، وتركوا أموال اليتامى ، فكان يفسد اللبن وينتن اللحم ولا يتعرّض أحد ، فشقّ ذلك عليهم ، فسألوا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم مخالطتهم (٤). وعن الشّعبيّ والضّحّاك أنّهم كانوا يتورّعون عن أموال اليتامى ، ويتشاءمون بمخالطتهم (٥) على العادة الجاهليّة (٦).

قوله : (عن اليتامى) : أي : عن أموالهم (٧).

(قُلْ إِصْلاحٌ) : الرّعاية والحفظ (خَيْرٌ) من الإضاعة (٨). (٤٩ و)

(وَإِنْ تُخالِطُوهُمْ) : بالأموال ، فتأكلوا (٩) معا وتشربوا معا من غير تمييز فهم إخوانكم ، وقد قال الله : (وَلا عَلى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ) ، الآية [النّور : ٦١].

(وَاللهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ) : أي : الذي يخالطهم ليرزأ (١٠) من الذي يخالطهم ليصلح أموالهم (١١).

(لَأَعْنَتَكُمْ) : لكلّفكم ما يشقّ عليكم (١٢).

والعنت : المشقّة ، وأكمة عنوت ، أي : شاقّة المصعد ، وعنت البعير ، إذا حدث في قوائمه كسر بعد جبر (١٣). وقال ابن الأعرابيّ : " أصل العنت التّشديد (١٤) ، يقال : فلان يتعنّت فلانا ويعنته ، ثمّ نقل إلى معنى الهلاك" (١٥).

__________________

(١) ينظر : المحرر الوجيز ١ / ٢٩٦ ، وزاد المسير ١ / ٢٢٠ ، وتفسير القرطبي ٣ / ٦٣.

(٢) ينظر : زاد المسير ١ / ٢٢٠.

(٣) في ب : يخرج ، وهو تصحيف.

(٤) ينظر : فهم القرآن ٤٦٥ ـ ٤٦٦ ، وتفسير الطبري ٢ / ٥٠٢ ـ ٥٠٦ ، والنكت والعيون ١ / ٢٣٣.

(٥) (وعن الشعبي ... بمخالطتهم) مكررة في ب.

(٦) ينظر : تفسير الطبري ٢ / ٥٠٦ ، والقرطبي ٣ / ٦٣.

(٧) ينظر : مجمع البيان ٢ / ٨٢.

(٨) ينظر : الكشاف ١ / ٢٦٣.

(٩) في الأصل وب : وتأكلوا.

(١٠) في ك وع : ليزرأ ، وفي ب : لين رأى. ورزأه ماله : أصاب منه شيئا ، ينظر : القاموس المحيط ٤٠ (رزأ).

(١١) ينظر : تفسير غريب القرآن ٨٣ ، ومعاني القرآن الكريم ١ / ١٧٧ ، والنكت والعيون ١ / ٢٣٤.

(١٢) (ما يشق عليكم) ساقطة من ك. وينظر : معاني القرآن وإعرابه ١ / ٢٩٤ ـ ٢٩٥ ، ومعاني القرآن الكريم ١ / ١٧٨ ، وتفسير القرآن الكريم ١ / ٦٣٢.

(١٣) ينظر : معاني القرآن وإعرابه ١ / ٢٩٥ ، والمحرر الوجيز ١ / ٢٩٦ ، وزاد المسير ١ / ٢٢١.

(١٤) في ب : الشديد.

(١٥) زاد المسير ١ / ٢٢١ ، وتفسير القرطبي ٣ / ٦٦ ، وعزي فيهما إلى ابن الأنباري. وينظر : المصباح المنير ٢ / ٨٢ (عنت).

٣١٧

٢٢١ ـ (وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ) : نزلت في مرثد بن أبي مرثد الغنوي (١) ، وكان رجلا شجاعا ، فبعثه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى مكّة ليخرج ببعض المستضعفين سرّا ، وكانت له عشيقة (٢) بمكّة تسمّى عناق ، فأبصرته في الطواف فدعته إلى نفسها ، فأبى وقال : إنّ الإسلام قد حال بيننا وبين السّفاح ، ولكن أستأذن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم في نكاحك ، فقالت (٣) : أبي تتبرر؟ وصاحت فاجتمع الناس على مرثد وضربوه ، فلمّا رجع إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أخبره بالقصّة ، واستأذن في نكاحها فأنزل الله الآية (٤).

وهي عامّة في (٥) المشركين كلّهم أهل الكتاب وغيرهم عن (٦) ابن عبّاس والحسن ومجاهد والربيع ، ثمّ (٧) خصّصت بآية المائدة (٨).

وقيل (٩) : الآية لم تتناول أهل الكتاب ؛ لأنّها نزلت في مشركة غير كتابيّة ، والله تعالى فرّق بين المشركين وأهل الكتاب في جميع القرآن.

و (النّكاح) في اللغة عبارة عن الوطء حقيقة لقوله (١٠) : (الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زانِيَةً) [النّور : ٣] ، ولقوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : (ملعون من نكح يده) (١١) ، وعبارة عن العقد الذي وضع لاستباحة الوطء (١٢) مجازا.

و (الأمة) (١٣) : المرأة المملوكة ملك اليمين ، أصلها : أموة مثل : فروة ، وتصغيرها : أميّة ، وجمعها : إماء (١٤).

و (العبد) : الرّجل المملوك ملك اليمين (١٥).

__________________

(١) في ب : العنزي.

(٢) في ب : عتيقة.

(٣) ساقطة من ع ، وبعدها في ب : تتبرم ، بدل (تتبرر).

(٤) ينظر : تفسير القرآن الكريم ١ / ٦٣٣ ، وتفسير البغوي ١ / ١٩٥ ، والقرطبي ٣ / ٦٧.

(٥) بعدها في النسخ الثلاث : جميع.

(٦) في ب : وعن ، والواو مقحمة.

(٧) ساقطة من ع.

(٨) ينظر : تفسير الطبري ٢ / ٥١١ ـ ٥١٢ ، والمحرر الوجيز ١ / ٢٩٦ ، وزاد المسير ١ / ٢٢٢ ـ ٢٢٣.

(٩) ينظر : تفسير الطبري ٢ / ٥١٢ ، والبغوي ١ / ١٩٥ ، والقرطبي ٣ / ٦٨ ـ ٦٩.

(١٠) في ب : لقراءة. وينظر : مجمع البيان ٢ / ٨٣ ، وزاد المسير ١ / ٢٢٢.

(١١) خلاصة البدر المنير ٢ / ٢٠٢ ، وتلخيص الحبير ٣ / ١٨٨ ، وهو حديث ضعيف.

(١٢) ساقطة من ب. وينظر : مجمع البيان ٢ / ٨٣ ، وزاد المسير ١ / ٢٢٢ ، والبحر المحيط ٢ / ١٦٤ ـ ١٦٥.

(١٣) في الآية نفسها : (وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ).

(١٤) ينظر : التبيان في تفسير القرآن ٢ / ٢١٨ ، ومجمع البيان ٢ / ٨٣ ، والبحر المحيط ٢ / ١٦٥.

(١٥) ينظر : تفسير القرطبي ٣ / ٨٠.

٣١٨

(وَلَوْ) : للمبالغة (١) ، كما قال الشاعر (٢) : [من الطويل]

فقلت يمين الله أبرح قاعدا

ولو قطّعوا رأسي لديك وأوصالي

٢٢٢ ـ (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ) : نزلت في مجامعة النّساء في المحيض. والسبب في ذلك أنّ اليهود (٣) كانوا يخرجون الحائض من البيت ، ولا يؤاكلونها ولا يشاربونها ، فسألوا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فأنزل الله الآية (٤).

وهي تقتضي اعتزالا عن العموم في الظاهر ، لكنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم خصّصها (٥) ببيانه وقال : (جامعوهنّ في البيوت واصنعوا كلّ شيء إلا النّكاح) ، فقالت اليهود : ما يدع هذا الرجل شيئا إلا خالفنا فيه ، فجاء أسيد بن حضير (٦) وعبّاد بن بشير يخبران رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بقول اليهود ، ثمّ قالا : أفلا ننكحهنّ في المحيض؟ فتغيّر وجه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم حتى ظنّ الناس أنّه قد غضب عليهما (٧).

وأراد بالنّكاح المباشرة في ما تحت الإزار لقول عائشة رضي الله عنها : ربّما باشرني النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم وأنا حائض فوق الإزار (٨). وعن عمر أنّه قال : " وأمّا الحائض فلك منها ما فوق الإزار وليس لك ما تحته" (٩).

و (المحيض) : مصدر كالمسير والمصير (١٠) ، وقيل (١١) : اسم لأوان الحيض (٤٩ ظ) كالمغرب اسم لأوان الغروب.

(فَاعْتَزِلُوا) : اجتنبوا ، (افتعال) من العزل ، وهو قريب من الصرف (١٢).

(النِّساءَ) : جمع المرأة ، وكذلك النّسوة والنّسوان (١٣).

(الأذى) : كلّ ما يتأدّى ويتقذّر (١٤) منه.

__________________

(١) ينظر : مجمع البيان ٢ / ٨٥ وفيه : " وهو من العجب الذي هو بمعنى الاستعظام ، وليس من التعجب".

(٢) امرؤ القيس ، ديوانه ٣٢.

(٣) (أن اليهود) ساقطة من ب.

(٤) ينظر : تفسير الطبري ٢ / ٥١٧ ، والبغوي ١ / ١٩٦ ، وزاد المسير ١ / ٢٢٣.

(٥) النسخ الأربع : خصها ، والصواب ما أثبت.

(٦) في ع : حصين.

(٧) ينظر : سنن أبي داود ١ / ٦٧ و ٢ / ٢٥٠ ، والسنن الكبرى للبيهقي ١ / ٣١٣ ، وعون المعبود ١ / ٣٠١ ـ ٣٠٢.

(٨) ينظر : سنن الدارمي ١ / ٢٥٩ ، وصحيح مسلم ١ / ٢٤٢ ، وشرح معاني الآثار ٣ / ٣٦.

(٩) ينظر : مصنف عبد الرزاق ١ / ٢٥٧ و ٣٢٢ ، وابن أبي شيبة ٣ / ٥٣٢ ، والأحاديث المختارة ١ / ٣٧٥ و ٣٧٦.

(١٠) ينظر : معاني القرآن للأخفش ١ / ٣٦٨ ، وتفسير البغوي ١ / ١٩٦ ، والمحرر الوجيز ١ / ٢٩٨.

(١١) ينظر : تفسير القرطبي ٣ / ٨١ ، والبحر المحيط ٢ / ١٦٥.

(١٢) ينظر : التبيان في تفسير القرآن ٢ / ٢٢١.

(١٣) ينظر : لسان العرب ١٥ / ٣٢١ (نسا).

(١٤) في ك وع : ويتعذر. وينظر : تفسير الطبري ٢ / ٥١٨ ، والمحرر الوجيز ١ / ٢٩٨ ، وتفسير القرطبي ٣ / ٨٥.

٣١٩

(حَتَّى يَطْهُرْنَ) : من الدم ، عن مجاهد والحسن (١).

(فَإِذا تَطَهَّرْنَ) : بالماء (٢) ، فيأخذ بنفس الطهر فيما إذا كان أيّاما (٣) عشرا ، وبالطهارة أو وجوب الصلاة فيما دون العشر (٤).

(مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللهُ) : باعتزاله عن مجاهد (٥) ، وعن ابن رزين الأمر بالتطهر (٦).

(وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ) : قال عطاء (٧) : أراد بالتطهر بالماء ، وعن أبي العالية : أراد بالتطهر من الذّنوب (٨) ، والأوّل أولى لقوله : (يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ) [التّوبة : ١٠٨].

٢٢٣ ـ (نِساؤُكُمْ حَرْثٌ) : نزلت في إباحة إتيان النساء ، وفي (٩) بيان المأتيّ. والسبب في ذلك ما زعم اليهود أنّ من أتى امرأته من ورائها كان الولد أحول ، وهذا السبب مرويّ عن ابن عمر وجابر وأمّ سلمة (١٠).

واتّصالها بما قبلها من حيث سبق ذكر الإتيان ، وهو المأتيّ فهو موضع ابتغاء (١١) النسل ، وقد روي أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال لذلك الرجل : (فإنّ الله تعالى قد نهاكم أن تأتوا النساء في أدبارهنّ) (١٢).

وقوله : (أَنَّى شِئْتُمْ) أي : من أين شئتم وكيف شئتم (١٣) ، يدلّ عليه : (أَنَّى لَكِ هذا) [آل عمران : ٣٧] ، (أَنَّى يُحْيِي هذِهِ اللهُ) [البقرة : ٢٥٩].

واتّصال قوله : (وَقَدِّمُوا) بما قبله من حيث محافظة الشريعة (١٤) واستعمال الأحكام.

(وَاتَّقُوا اللهَ) : في مجاوزة حدوده (١٥).

__________________

(١) ينظر : تفسير سفيان الثوري ٦٦ ، والطبري ٢ / ٥٢٣ ـ ٥٢٤.

(٢) ينظر : تفسير الطبري ٢ / ٥٢٤ ، والنكت والعيون ١ / ٢٣٦ ، وتفسير القرطبي ٣ / ٨٨.

(٣) ساقطة من ب ، وفي ك : أيام عشر ، بدل (أياما عشرا).

(٤) ينظر : تفسير القرآن الكريم ١ / ٦٣٥ ـ ٦٣٦.

(٥) ينظر : تفسيره ١ / ١٠٧ ، وتفسير الطبري ٢ / ٥٢٦ ، ومعاني القرآن الكريم ١ / ١٨٣.

(٦) ينظر : تفسير الطبري ٢ / ٥٢٨ ، ومعاني القرآن الكريم ١ / ١٨٤ ، وتفسير البغوي ١ / ١٩٧.

(٧) ينظر : تفسير الطبري ٢ / ٥٣٠ ـ ٥٣١ ، ومعاني القرآن الكريم ١ / ١٨٤ ، والنكت والعيون ١ / ٢٣٦.

(٨) ينظر : تفسير الطبري ٢ / ٥٣١ ، ومعاني القرآن الكريم ١ / ١٨٤ ، والبحر المحيط ٢ / ١٧٩.

(٩) (في) ساقطة من ب.

(١٠) ينظر : تفسير الطبري ٢ / ٥٣٧ ـ ٥٤٠ ، ومعاني القرآن الكريم ١ / ١٨٥ ، وتفسير البغوي ١ / ١٩٨.

(١١) ساقطة من ب. وينظر : الكشاف ١ / ٢٦٦ ، والبحر المحيط ٢ / ١٨٠.

(١٢) ينظر : السنن الكبرى للنسائي ٥ / ٣١٨ و ٣١٩ ، والمعجم الأوسط ٦ / ٢٦١ ، والبيان والتعريف ١ / ١٨٥.

(١٣) ينظر : إعراب القرآن ١ / ٣١١ ، والنكت والعيون ١ / ٢٣٦ ـ ٢٣٧ ، والوجيز ١ / ١٦٨.

(١٤) ساقطة من ع.

(١٥) ينظر : تفسير الطبري ٢ / ٥٤٣ ، والتبيان في تفسير القرآن ٢ / ٢٢٥ ، ومجمع البيان ٢ / ٨٩.

٣٢٠