درج الدّرر في تفسير القرآن ّالعظيم - ج ١

عبد القاهر بن عبد الرحمن الجرجاني

درج الدّرر في تفسير القرآن ّالعظيم - ج ١

المؤلف:

عبد القاهر بن عبد الرحمن الجرجاني


المحقق: د. طلعت صلاح الفرحات / د. محمّد أديب شكور
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الفكر ناشرون وموزعون
الطبعة: ١
ISBN الدورة:
9957-07-514-9

الصفحات: ٨٣٢
الجزء ١ الجزء ٢

و (تبع) و (اتّبع) بمعنى (١).

(فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ) : في ما يستقبلهم من العذاب (٢) ، وقيل (٣) : إذا ذبح الموت.

(وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) : بالدوام على ما خلفوا من أهوال الدنيا (٤) ، وقيل (٥) : إذا طبقت النار. ويقال : لا خوف عليهم أن يحشروا يوم القيامة في طاعة الله ولا هم يحزنون يوم تكون وجوههم مسفرة ضاحكة مستبشرة (٦).

والحزن نقيض السرور (٧).

٣٩ ـ (وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا) : جمع بين الكفر والتكذيب للتأكيد (٨).

(بِآياتِنا) : بمحمّد والقرآن (٩). ثمّ ذكر منّته على بني إسرائيل.

٤٠ ـ (يا بَنِي إِسْرائِيلَ) :" يا أولاد يعقوب" (١٠) ، يعني : بني قريظة والنّضير (١١).

وسمّي إسرائيل ؛ لأنّه كان أساسا للأسباط ومن بعدهم إلى عيسى عليه‌السلام ، و (إسرو) (١٢) بالعبرانيّة هو الأساس (١٣) ، و (إيل) اسم الله ، وكذلك (إيلوهيم) ، يعنون : أساس الله تعالى تشريفا له وتعظيما ك : (كِتابَ (١٤) اللهِ) [النساء : ٢٤] ، و (ناقَةَ اللهِ) [الشمس : ١٣] ، ثمّ لم يكن في لغة العرب ضمّة مشبعة معجمة منحوّا فيها نحو الألف ، كما قالوا مكان (إشموئيل) : إسماعيل.

(اذْكُرُوا) : واشكروا واحفظوا (١٥) ، أي : كونوا ذاكرين شاكرين ولا تتركوا طاعتي (١٦).

__________________

(١) ينظر : أسرار التكرار في القرآن ٢٦.

(٢) ينظر : تفسير القرآن الكريم ١ / ٣٣٢ ، وزاد المسير ١ / ٥٨ ، والبحر المحيط ١ / ٣٢٣.

(٣) ينظر : البحر المحيط ١ / ٣٢٤.

(٤) ينظر : تفسير القرآن الكريم ١ / ٣٣٢ ، والبحر المحيط ١ / ٣٢٣.

(٥) ينظر : البحر المحيط ١ / ٣٢٤.

(٦) ينظر : البحر المحيط ١ / ٣٢٣.

(٧) ينظر : التبيان في تفسير القرآن ١ / ١٧٥ ، ومجمع البيان ١ / ١٧٧ ، وتفسير القرطبي ١ / ٣٢٩.

(٨) ينظر : إرشاد العقل السليم ١ / ٩٣.

(٩) ينظر : تفسير البغوي ١ / ٦٦.

(١٠) تفسير القرآن الكريم ١ / ٣٣٢ ، والوجيز ١ / ١٠١ ، وتفسير البغوي ١ / ٦٦.

(١١) ساقطة من ع. وينظر : تفسير القرآن الكريم ١ / ٣٣٤.

(١٢) في ب : وإسروة.

(١٣) في ع : والأساس ، بدل (هو الأساس).

(١٤) في ع وب : بيت.

(١٥) ينظر : تفسير القرآن الكريم ١ / ٣٣٤ ، وتفسير البغوي ١ / ٦٦.

(١٦) ينظر : الكشاف ١ / ١٣٠ ، وتفسير النسفي ١ / ٤٠.

١٤١

والذّكر ما يضادّ النّسيان ، وقد يكون ضدّ السكوت (١).

وظاهر (٢) الأمر يقتضي الوجوب لجواز انتفاء لفظ الأمر عن (٣) غير الواجب.

ولفظ (افعل) (٤) يحتمل عشرة معان منها :

الإيجاب كقوله : (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ) [البقرة : ٤٣](٥) ، والإرشاد كقوله : (وَأَشْهِدُوا إِذا تَبايَعْتُمْ) [البقرة : ٢٨٢] ، والإباحة كقوله : (فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ) [الجمعة : ١٠] ، والإعجاز كقوله : (فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ) [البقرة : ٢٣](٦) ، والتّهديد كقوله : (اعْمَلُوا (٧) ما شِئْتُمْ) [فصّلت : ٤٠](٨) ، والسّؤال كقوله : (وَاعْفُ (٩) عَنَّا وَاغْفِرْ لَنا) [البقرة : ٢٨٦](١٠) ، والنّدب كقوله : (فَكاتِبُوهُمْ) [النور : ٣٣] ، والحثّ على الاعتبار كقوله : (فَانْظُرْ (١١) كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ) [الزخرف : ٢٥] ، والإكرام كقوله : (١٠ ظ) (ادْخُلُوا (١٢) الْجَنَّةَ) [الأعراف : ٤٩] ، والامتنان كقوله : (فَامْشُوا فِي مَناكِبِها) [الملك : ١٥].

والظاهر من الجميع الإيجاب ، وإنّما يحمل على غيره بدليل ، ثمّ (١٣) هذا اللفظ يكون أمرا لمن هو دونه في الرّتبة لصيغته (١٤) ولا يشترط إرادة الأمر ؛ لأنّ الله تعالى أمر بذبح ابن إبراهيم ولم يرده ، ولأنّ الإرادة انفصلت (١٥) عن الأمر ، يقال : أريد أن تفعل (١٦) كذا ولكن لا آمرك به ، فيفيد الإيجاب دون كونه مرادا لعدم الإرادة في النهي.

(نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ) : منّتي التي مننت على آبائكم بالكتاب والرسول والمنّ

__________________

(١) ينظر : النكت والعيون ١ / ٩٨ ، وتفسير القرطبي ١ / ٣٣١.

(٢) في ب : وهو.

(٣) في ك وب : من.

(٤) في ك : لفعل ، وبعدها في النسخ الأربع : وإن احتمل ، بدل (يحتمل) ، والسياق يقتضي ما أثبت.

(٥) ينظر : الصاحبي ٢٩٨ ، وتفسير القرطبي ١ / ٣٤٣.

(٦) ينظر : ص ٢٤ ، وتفسير القرطبي ١ / ٢٣٢ ، والإيضاح في علوم البلاغة ١٤٢.

(٧) في الأصل وع وب : واعملوا ، والواو مقحمة.

(٨) ينظر : الصاحبي ٢٩٩ ، والإيضاح في علوم البلاغة ١٤٢.

(٩) النسخ الأربع : فاعف ، وهو خطأ.

(١٠) ينظر : الصاحبي ٢٩٨.

(١١) مكانها في ب : ثم انظر.

(١٢) في الأصل وع وب : وادخلوا ، وفي ك : فادخلوا ، والواو والفاء مقحمتان.

(١٣) ساقطة من ع.

(١٤) في ع : كصيغته.

(١٥) في ب : تفصلت.

(١٦) في ك وع : تفصل.

١٤٢

والسلوى والنجاة من فرعون والغرق ، ورزقتهم (١) من الطيّبات ، وفضّلتهم على عالمي زمانهم (٢).

(وَأَوْفُوا بِعَهْدِي) : أتمّوا عهدي الذي أخذت عليكم في هذا النبيّ الأمّيّ (٣) ، وقيل (٤) : فرائضي التي فرضت عليكم.

والإيفاء والوفاء بمعنى (٥).

والعهد : الوصيّة (٦).

(أوف) : مجزوم لأنّه جواب الأمر (٧).

(فَارْهَبُونِ) :" فخافون في نقض العهد" (٨) ، وقيل (٩) : فاخشوا من عذابي في كتمان نعت محمّد صلى‌الله‌عليه‌وسلم وصفته. وسقطت الياء لتساوي الفواصل (١٠).

٤١ ـ (بِما أَنْزَلْتُ) : بالكتاب الذي أنزلت جبريل به (١١).

(مُصَدِّقاً) : موافقا بالتوحيد وصفة محمّد صلى‌الله‌عليه‌وسلم وببعض الشرائع لما معكم من التوراة (١٢).

و (مَعَكُمْ) ظرف يقتضي المقارنة في الغالب ، وهو صلة (١٣) ل (ما).

(وَلا تَكُونُوا) : معشر قريظة والنّضير (١٤)(أَوَّلَ) : حزب أو قبيل (١٥) أو فريق (كافِرٍ بِهِ) : بمحمّد والقرآن (١٦). وقال الفرّاء (١٧) : تقديره : أوّل من كفر به.

__________________

(١) في ع : ورزقناهم.

(٢) ينظر : تفسير الطبري ١ / ٣٥٦ ، والنكت والعيون ١ / ٩٩ ، وتفسير البغوي ١ / ٦٦.

(٣) ينظر : تفسير الطبري ١ / ٣٥٧ ، ومعاني القرآن وإعرابه ١ / ١٢١ ، وتفسير القرطبي ١ / ٣٣٢.

(٤) ينظر : تفسير القرآن الكريم ١ / ٣٣٥ ، والبحر المحيط ١ / ٣٢٩ ، وإرشاد العقل السليم ١ / ٩٥.

(٥) ينظر : زاد المسير ١ / ٦٠ ، ولسان العرب ١٥ / ٣٩٨ (وفى) ، والبحر المحيط ١ / ٣٢٦.

(٦) في ب : والوصية ، والواو مقحمة ، وبعدها (أوف) ساقطة من ك. وينظر : لسان العرب ٣ / ٣١١ (عهد).

(٧) ينظر : معاني القرآن للأخفش ١ / ٢٤٣ ، وإعراب القرآن ١ / ٢١٨ ، ومشكل إعراب القرآن ١ / ٩٠.

(٨) الوجيز ١ / ١٠٢ ، وتفسير البغوي ١ / ٦٧ ، ومجمع البيان ١ / ١٨٤.

(٩) ينظر : تفسير الطبري ١ / ٣٥٨.

(١٠) ينظر : معاني القرآن وإعرابه ١ / ١٢١ ، وإعراب القرآن ١ / ٢١٨ ، والمحرر الوجيز ١ / ١٣٤.

(١١) ينظر : تفسير القرآن الكريم ١ / ٣٣٦ ، والتبيان في تفسير القرآن ١ / ١٨٥ ، والمحرر الوجيز ١ / ١٣٤.

(١٢) ينظر : تفسير القرآن الكريم ١ / ٣٣٦ ، والنكت والعيون ١ / ٩٩ ، وتفسير البغوي ١ / ٦٧.

(١٣) في ك وع : صفة ، وهو تحريف. وينظر : إعراب القرآن ١ / ٢١٨ ، ومجمع البيان ١ / ١٨٥.

(١٤) ينظر : تفسير القرآن الكريم ١ / ٣٣٦ ـ ٣٣٧.

(١٥) في ب : قبيلة. وينظر : معاني القرآن وإعرابه ١ / ١٢٣ ، وإعراب القرآن ١ / ٢١٨ ، ومشكل إعراب القرآن ١ / ٩١.

(١٦) ينظر : تفسير الطبري ١ / ٣٦٠ ، وتفسير القرآن الكريم ١ / ٣٣٦ ، والمحرر الوجيز ١ / ١٣٤.

(١٧) ينظر : معاني القرآن ١ / ٣٢.

١٤٣

وعن أبي حاتم أنّه اقتصر بالتأكيد الذي في لفظة (أوّل) عن تثنية اللفظة وجمعها ، كقوله : (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ) [آل عمران : ٩٦].

فإن قيل : كيف نهاهم عن أن يكونوا أوّل كافر به وقد كفرت به (١) قريش من قبل؟ قلنا : المراد به أوّل من كفر من بعدهم متابعا لهم كقوله : (وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ) [الأنعام : ١٦٣](٢) ، ويحتمل عند حادثة بعينها.

(وَلا تَشْتَرُوا) : تختاروا (٣).

(بِآياتِي) بكتمان نعت محمّد وصفته (٤).

(ثَمَناً قَلِيلاً) : عوضا يسيرا من المأكل والهدايا من أهل اليسار (٥) ، وقيل (٦) : حبّ الرّياسة ؛ لأنّهم كانوا متبوعين ولو آمنوا لصاروا أتباعا.

و (الآيات) : علامات خروج نبيّنا صلى‌الله‌عليه‌وسلم في التوراة.

و (الثّمن) : اسم للبدل في البيع (٧).

و (القليل) : ضدّ الكثير (٨).

٤٢ ـ (وَلا تَلْبِسُوا) : ولا تخلطوا (٩) ، كقوله : (لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْباطِلِ) [آل عمران : ٧١] ، (وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ) [الأنعام : ٨٢] ، (أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً) [الأنعام : ٦٥].

(الْحَقَّ بِالْباطِلِ) :" الصدق بالكذب" (١٠). وهو صفة النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم بصفة الدجّال (١١) ، وتحرّفون التوراة عن مواضعه (١٢).

وإنّما سمّى الصدق حقّا والكذب باطلا ؛ لأنّ معنى الصدق ما تحقّق كونه ، ومعنى الكذب

__________________

(١) في ك : بني.

(٢) ينظر : تفسير البغوي ١ / ٦٧ ، والتفسير الكبير ٣ / ٤١ ـ ٤٢.

(٣) ينظر : تفسير الطبري ١ / ١٩٩ ، وتفسير القرآن الكريم ١ / ٢٧٩ ، ومجمع البيان ١ / ١١١.

(٤) ينظر : تفسير القرآن الكريم ١ / ٣٣٧ ، والوجيز ١ / ١٠٢ ، وتفسير البغوي ١ / ٦٧.

(٥) ينظر : تفسير القرآن الكريم ١ / ٣٣٧ ، والكشاف ١ / ١٣٢.

(٦) ينظر : الكشاف ١ / ١٣٢ ، وتفسير النسفي ١ / ٤١ ، والبحر المحيط ١ / ٣٣٤.

(٧) ينظر : التبيان في تفسير القرآن ١ / ١٨٧ ، والتوقيف على مهمات التعاريف ٢٢٤.

(٨) ينظر : الفروق اللغوية ٤٤٩ ، والتبيان في تفسير القرآن ١ / ١٨٨ ، ومجمع البحرين ٤ / ٢١ (كثر).

(٩) ينظر : الوجوه والنظائر ٤٣ ، وتفسير الطبري ١ / ٣٦٢ ، وتلخيص البيان ٧.

(١٠) تفسير الطبري ١ / ٣٦٣ ، والتبيان في تفسير القرآن ١ / ١٩١ ، وتفسير القرآن العظيم ١ / ٨٨.

(١١) في ك وع : الرجال.

(١٢) ينظر : معاني القرآن وإعرابه ١ / ١٢٤ ، والبحر المحيط ١ / ٣٣٤.

١٤٤

ما عدم كونه ، وتحقيق الشيء إثباته (١) وإبطاله نفيه.

(وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ) : معطوف على النهي مجزوم (٢) ، وإن شئت جعلته منصوبا على الصّرف (٣).

" و (الكتمان) : الإخفاء" (٤).

(وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) : تحريفه (٥) وكتمانه. وقيل : تعلمون الذي (١١ و) بشّر به موسى وعيسى والنبيّون من قبل (٦). قال قتادة (٧) : تعلمون أنّ الإسلام دين الله.

٤٣ ـ (وَآتُوا الزَّكاةَ) : أعطوها إذا وجبت عليكم (٨).

والزّكاة في اللغة : نموّ الخير ، يقال : زكا (٩) الزرع ، إذا نما ، وفي الشرع : عبارة عن جزء معهود من النّصاب يعتبر فيه الحول. وإنّما سمّي زكاة لأنّ الله تعالى يكثر وينمي ثواب مؤدّيها (١٠) ، وقيل (١١) : لوقوع التزكية بها ، قال الله تعالى : (خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِها) [التوبة : ١٠٣].

(وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ) : أي : صلّوا الصلوات الخمس مع محمّد وأصحابه في الجماعات (١٢).

والركوع في اللغة : الانحناء (١٣) ، وفي الشرع (١٤) : انحناء معهود في الصلاة.

وفي الآية دليل أنّ الكفّار مخاطبون بالشرائع بشرط تقديم الإيمان ، وإليه ذهب كثير من

__________________

(١) في ع : إتيانه ، وهو تصحيف.

(٢) ينظر : معاني القرآن للفراء ١ / ٣٣ ، وللأخفش ١ / ٢٢٩ ، ومعاني القرآن وإعرابه ١ / ١٢٤.

(٣) وهو قول الكوفيين ، ينظر : معاني القرآن للفراء ١ / ٣٣ ، وتفسير الطبري ١ / ٣٦٤ ، وإعراب القرآن ١ / ٢١٩. ومعنى الصّرف أن الفعل كان يستحق وجها من الإعراب غير النصب ، فيصرف بدخول الواو عليه عن ذلك الإعراب إلى النصب ، ينظر : معاني القرآن للفراء ١ / ٣٤ ، والبحر المحيط ١ / ٢٩٠.

(٤) البحر المحيط ١ / ٣٢٧.

(٥) في ب : تخويفه. وينظر : تفسير القرآن الكريم ١ / ٣٣٨.

(٦) في ب : قبله.

(٧) ينظر : تفسير القرآن الكريم ١ / ٣٣٨ ، وتفسير القرطبي ١ / ٣٤١ ، وتفسير القرآن العظيم ١ / ٨٨.

(٨) ينظر : تفسير البغوي ١ / ٦٧ ، ومجمع البيان ١ / ١٩٠ ، وتفسير القرطبي ١ / ٣٤٣.

(٩) ساقطة من ع. وينظر : تفسير الطبري ١ / ٣٦٦ ، والتبيان في تفسير القرآن ١ / ١٩٤ ، وزاد المسير ١ / ٦٢.

(١٠) ينظر : تفسير القرطبي ١ / ٣٤٣.

(١١) ينظر : لسان العرب ١٤ / ٣٥٨ (زكا).

(١٢) ينظر : بدائع الصنائع ١ / ١٥٥ ، والبحر الرائق ١ / ٦٠٦ ، وكشاف القناع ١ / ٥٥١.

(١٣) ينظر : النكت والعيون ١ / ١٠٢ ، والتبيان في تفسير القرآن ١ / ١٩٤ ، والمحرر الوجيز ١ / ١٣٦.

(١٤) بعدها في ك وع : عن ، وهي مقحمة. وينظر : تفسير القرطبي ١ / ٣٤٥.

١٤٥

أصحابنا (١) ، فإن قيل : لو كانوا مخاطبين لما سقط القضاء عنهم كالمسلمين ، قلنا : القضاء فرض مبتدأ لا يتبع المقضيّ كفوت الجمعة وفوت صلاة الحائض لا إلى قضاء (٢). ومن قال : الكفّار غير مخاطبين بالشرائع (٣) ، قال : نزلت الآية في شأن المؤمنين من بني إسرائيل ، ويجوز أن يقول للمؤمنين : آمنوا.

٤٤ ـ (أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ) : السّفلة.

(بِالْبِرِّ) : بالتّوحيد واتّباع محمّد (٤).

(وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ (٥)): تتركون ، فلا تتّبعونه.

(تَتْلُونَ) : تقرؤون (٦).

(الْكِتابَ) : التوراة والإنجيل (٧).

(أَفَلا تَعْقِلُونَ) : تفهمون أنّه حقّ فتؤمنوا به (٨).

" (البرّ) : ضدّ الفجور" (٩).

و (النّسيان) ههنا التّرك ، قال الله تعالى : (نَسُوا اللهَ فَنَسِيَهُمْ) [التوبة : ٦٧](١٠).

و (النّفس) : الذّات (١١).

و (التّلاوة) : القراءة (١٢) ، وسمّي بذلك لأنّ القارئ يتلو الحروف المنتظمة في الكلام ، أي : يتبعها (١٣).

و (العقل) : نوع فهم يقع به التمييز والاستدلال بالمشاهدة على ما لم يشاهد ، وموضعه القلب ،

__________________

(١) وهو مذهب جمهور الأشعرية والمعتزلة ، ينظر : الفصول في الأصول ٢ / ١٥٦ ـ ١٥٨ ، وتخريج الفروع على الأصول ٩٨ ـ ١٠١ ، والقواعد والفوائد الأصولية ٤٩. وذكر ابن عابدين أنه مذهب العراقيين من الحنفية ، ينظر : حاشية رد المحتار ٤ / ٣٠٤.

(٢) ينظر : التبصرة ٨٠ ـ ٨٤.

(٣) وهو قول أكثر أصحاب الرأي ، ينظر : روضة الناظر ٥٠.

(٤) ينظر : تفسير الطبري ١ / ٣٦٨ ، والوجيز ١ / ١٠٣.

(٥) ليس في ك. وينظر : تفسير غريب القرآن ٤٧ ، وتفسير الطبري ١ / ٣٦٨ ، والوجيز ١ / ١٠٣.

(٦) ينظر : الوجيز ١ / ١٠٣ ، وتفسير البغوي ١ / ٦٨ ، والمحرر الوجيز ١ / ١٣٧.

(٧) ينظر : تفسير البغوي ١ / ٦٨ ، وزاد المسير ١ / ٦٢.

(٨) ينظر : تفسير الطبري ١ / ٣٦٩ ، والوجيز ١ / ١٠٣ ، وتفسير البغوي ١ / ٦٨.

(٩) لسان العرب ١٢ / ١١٠ (جمم).

(١٠) ينظر : تفسير غريب القرآن ٤٧ ، وتفسير الطبري ١ / ٣٦٩ ، والمحرر الوجيز ١ / ١٣٧.

(١١) ينظر : البحر المحيط ١ / ٣٣٩.

(١٢) ينظر : تفسير الطبري ١ / ٣٦٩ ، والبحر المحيط ١ / ٣٣٨.

(١٣) ينظر : البحر المحيط ١ / ٣٣٨.

١٤٦

ونظامه بالدّماغ (١) ، وبه تعلّق الأمر والنّهي ، والثّواب والعقاب إذا انضمّت إليه القدرة (٢).

٤٥ ـ (وَاسْتَعِينُوا) : واسألوا الله التوفيق والإعانة على أداء الفرائض (بِالصَّبْرِ) على كفّ المعاصي بأداء الفرائض ، وكثرة الصلوات على تمحيص (٣) الذنوب.

(وَإِنَّها) : يعني : الاستعانة (٤) ، وقيل : الصلاة (٥).

(لَكَبِيرَةٌ) : لثقيلة (٦) ، كقوله : (إِنْ كانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقامِي) [يونس : ٧١] ، وقال : (كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ ما تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ) [الشورى : ١٣].

(إِلَّا عَلَى الْخاشِعِينَ) : المتواضعين (٧).

(الاستعانة) : طلب العون (٨) ، ولا بدّ من مستعين ومستعان به ومستعان عليه.

و (الصبر) : الحبس (٩) على المكاره ، أو عن الشهوات (١٠).

والكناية قد ترجع (١١) إلى المذكورين حقيقة ، كقوله : (إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيراً فَاللهُ أَوْلى بِهِما) [النساء : ١٣٥] ، (وَخَلَقَ مِنْها زَوْجَها وَبَثَّ مِنْهُما) [النساء : ١](١٢). وقد ترجع (١٣) إلى أحدهما مجازا ، كقوله : (وَاللهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ) [التوبة : ٦٢] ، (وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللهِ) [التوبة : ٣٤] ، (وَإِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْها) [الجمعة : ١١](١٤).

والحقيقة ما لا إشكال في وجهه ، ولم يصرف عن ظاهره (١٥). والمجاز ما توسّع الناس فيه

__________________

(١) في ب : الدماغ.

(٢) ينظر : التبيان في تفسير القرآن ١ / ١٩٩ ـ ٢٠١ ، ومجمع البيان ١ / ١٩١ ـ ١٩٢ ، وتفسير القرطبي ١ / ٣٧٠ ـ ٣٧١.

(٣) في ع : تمحيض. وينظر : تفسير القرآن الكريم ١ / ٣٤٢ ، وتفسير البغوي ١ / ٦٨ ، والمحرر الوجيز ١ / ١٣٧.

(٤) ينظر : تفسير القرآن الكريم ١ / ٣٤٣ ، ومشكل إعراب القرآن ١ / ٩٢ ، والوجيز ١ / ١٠٣.

(٥) في ك : الصلوات. وينظر : تفسير الطبري ١ / ٣٧٢ ، وتفسير القرآن الكريم ١ / ٣٤٣ ، ومشكل إعراب القرآن ١ / ٩٢.

(٦) ينظر : تفسير الطبري ١ / ٣٧٢ ، وتفسير القرآن الكريم ١ / ٣٤٣ ، والكشاف ١ / ١٣٤.

(٧) ينظر : غريب القرآن وتفسيره ٦٨ ، وتفسير القرآن الكريم ١ / ٣٤٣ ، والعمدة في غريب القرآن ٧٤.

(٨) ينظر : البحر المحيط ١ / ٣٤٠.

(٩) في ب : الجنس ، وهو تصحيف.

(١٠) ينظر : تفسير البغوي ١ / ٦٨ ، والقرطبي ١ / ٣٧١ ، والبحر المحيط ١ / ٣٤٠.

(١١) في الأصل وع وب : يرجع.

(١٢) ينظر : التفسير الكبير ٣ / ٤٩.

(١٣) في الأصل وك وب : يرجع.

(١٤) ينظر : تأويل مشكل القرآن ٢٨٨ ، والبيان في غريب إعراب القرآن ١ / ٧٩ ، وتفسير القرطبي ١ / ٣٧٣.

(١٥) ينظر : المثل السائر ١ / ٧٤.

١٤٧

لفظا ، واصطلحوا عليه ، واستجازوه (١١ ظ) إمّا ضرورة كتسمية الرجل كلبا أو أسدا ، وإمّا اختيارا للتخفيف والعادة كقولهم : طلع الفجر ، وأظلم الليل ، ونبت الشجر (١). والإطناب (٢) كقولنا في المصائب : انكسر الصّلب ، وفي العشق : تقطّع القلب ، وفي السرور : قرّت العين. والتفاؤل (٣) كتسمية الغلام يمنا وسعدا. وهو من البلاغة في الرسائل والخطب والقصائد إذا عري عن التأكيد وعرف منه مراد المريد.

٤٦ ـ ثمّ نعت (الخاشعين) (٤) : (الَّذِينَ يَظُنُّونَ) : يعلمون ويستيقنون (٥) ، كقوله : (وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ نُعْجِزَ اللهَ) [الجنّ : ١٢] ، و (إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسابِيَهْ) [الحاقّة : ٢٠].

(وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ راجِعُونَ) : في الآخرة للمجازاة (٦) ، وقيل (٧) : إلى حكمه عائدون ، يعني : حال (٨) التعرّي عن المكاسب والدعاوى والمعذرة ، وحال التسليم والاستسلام.

والظنّ من الأضداد يطلق على معنى اليقين وحقيقة العلم ، ويطلق على معنى الحسبان (٩) وهو مجاوزة الشكّ قليلا والميل إلى أحد النقيضين (١٠).

٤٧ ـ (يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا) : للإطناب والتأكيد (١١).

ومن البلاغة عند العرب العدول عن الإطناب إلى الإيجاز ، وعن الإيجاز إلى الإطناب ، وعن التجنيس إلى الإطباق ، وعن الإطباق إلى التجنيس ، وعن التصريح إلى التعريض ، وعن التعريض إلى التصريح ، وترك (١٢) لزوم الفنّ الواحد من هذه الفنون. والله تعالى أنزل القرآن على نظم هو غاية الفصاحة عندهم على ما تعارفوه واعتادوه ، بلسان عربيّ مبين.

ونظائر التّكرار قوله في الرحمن : (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ)(١٣) [الرحمن : ١٣] ، وقوله

__________________

(١) ينظر في المجاز : دلائل الإعجاز ٦٦ و ٢٢٦ ، والمثل السائر ١ / ٧٤.

(٢) في ك : وللإطناب.

(٣) النسخ الثلاث : وللتفاؤل. وينظر : الإيضاح في علوم البلاغة ٥٦.

(٤) ينظر : إعراب القرآن ١ / ٢٢١ ، ومجمع البيان ١ / ١٩٧ ، والتبيان في إعراب القرآن ١ / ٥٩.

(٥) ينظر : غريب القرآن وتفسيره ٦٨ ، وتفسير غريب القرآن ٤٧ ، والنكت والعيون ١ / ١٠٣.

(٦) ينظر : تفسير القرآن الكريم ١ / ٣٤٣ ، وتفسير البغوي ١ / ٦٩.

(٧) ينظر : التفسير الكبير ٣ / ٥١.

(٨) في ك : حين.

(٩) في ك : الحساب ، وفي ع : الحسان.

(١٠) ينظر : الأضداد للأصمعي ٣٤ ، ولأبي حاتم السجستاني ٧٦ ، ولابن السكيت ١٨٨.

(١١) ينظر : التبيان في تفسير القرآن ١ / ٢٠٩ ، والمحرر الوجيز ١ / ١٣٨ ، ومجمع البيان ١ / ١٩٩.

(١٢) في ك : ترك ، والواو ساقطة.

(١٣) كرّرت إحدى وثلاثين مرّة.

١٤٨

في القمر : (وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ)(١) [القمر : ١٧] ، وقوله في المرسلات : (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ)(٢) [المرسلات : ١٥] ، وقوله : (أَوْلى لَكَ فَأَوْلى (٣٤) ثُمَّ أَوْلى لَكَ فَأَوْلى)(٣) [القيامة : ٣٤ ـ ٣٥] ، وقوله : (فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً (٥) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً) [الشرح : ٥ ـ ٦] ، وقوله : (كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ (٣) ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ)(٤) [التكاثر : ٣ ـ ٤] ، وقوله : (لا أَعْبُدُ ما تَعْبُدُونَ)(٥) [الكافرون : ٢].

(وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعالَمِينَ) : بالكتاب والرسول والإسلام على عالمي زمانكم (٦). وقيل (٧) : فضّلتكم بإنزال المنّ والسّلوى ، وتتابع الأنبياء ، وفرق البحر ، والملك العظيم. وقيل (٨) : تفضيلهم على سائر الحيوانات كقوله : (إِنَّ اللهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً) ، الآية [آل عمران : ٣٣] ، (وَلَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ) ، الآية [الإسراء : ٧٠] ، وتخصيصهم ههنا ؛ لأنّهم هم المخاطبون بهذا الخطاب. والتفضيل هو التصيير ذا فضيلة ، والفضيلة (٩) هي الخصلة التي يترجّح بها الشيء على غيره (١٠).

٤٨ ـ (وَاتَّقُوا يَوْماً) : عذاب يوم (١١) ، أو (١٢) حساب يوم.

(لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ) : لا تشفع (١٣) نفس كافرة ولا نفس مؤمنة لنفس كافرة (١٤) ، لقوله (١٥) : (لا يَمْلِكُونَ الشَّفاعَةَ إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً) [مريم : ٨٧] ، (يَوْمَئِذٍ لا

__________________

(١) كرّرت خمس مرّات.

(٢) كرّرت عشر مرّات.

(٣) (ثم أولى لك فأولى) ليس في ب.

(٤) (ثم كلا سوف تعلمون) ليس في ع.

(٥) كذا في النسخ الأربع ، ولم يقع التكرار في هذه الآية ، بل وقع في قوله تعالى : (وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ) [الكافرون : ٣ و ٥].

(٦) ينظر : تفسير الطبري ١ / ٣٧٧ ـ ٣٧٨ ، والتبيان في تفسير القرآن ١ / ٢٠٩ ـ ٢١٠ ، وتفسير القرآن العظيم ١ / ٩٢.

(٧) ينظر : تفسير القرآن الكريم ١ / ٣٤٤ ، والتبيان في تفسير القرآن ١ / ٢٠٩.

(٨) ينظر : التفسير الكبير ٣ / ٥٢.

(٩) في ع : فضلة والفضلة ، بدل (فضيلة والفضيلة).

(١٠) ينظر : التبيان في تفسير القرآن ١ / ٢٠٨ ـ ٢٠٩.

(١١) تفسير القرآن الكريم ١ / ٣٤٥ ، والمحرر الوجيز ١ / ١٣٩ ، والبيان في غريب إعراب القرآن ١ / ٨٠.

(١٢) في ب : بواو ، بدل (يوم أو).

(١٣) في الأصل وك وع : لا تنفع.

(١٤) ينظر : تفسير القرآن الكريم ١ / ٣٤٥.

(١٥) في الأصل وك وع : كقوله.

١٤٩

تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ) [طه : ١٠٩] ، وقال صلى‌الله‌عليه‌وسلم : (شفاعتي لأهل الكبائر من أمّتي) (١).

وإنّما لم يقل : (لا تجزي فيه نفس) ؛ لأنّ اليوم إذا أضيف إلى الفعل حذف منه (٢) (فيه) كقوله : (يَوْمَ لا يَنْفَعُ مالٌ (١٢ و) وَلا بَنُونَ) [الشعراء : ٨٨] ، (وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلى يَدَيْهِ) [الفرقان : ٢٧] ، (يَوْمَ يَقُومُ الْحِسابُ) [إبراهيم : ٤١] ، وهذا قول الأخفش (٣). وقيل : انتصاب الظرف يشبه بالمفعول ، كقولك (٤) : صمت يوما ويوما صمته ، وقمت ليلة وليلة قمتها ، فتقديره : واتّقوا يوما لا تجزيه نفس ، ثمّ أسقط الضمير كما أسقط عن صلة الموصول كقوله : (وَآمِنُوا بِما أَنْزَلْتُ) [البقرة : ٤١] ، وقوله : (بَعَثَ اللهُ رَسُولاً) [الفرقان : ٤١](٥).

(شَيْئاً) : نفعا ، مصدر (٦) ، وقيل : قائم مقام اسم محذوف تقديره : جزى يجزي ، أي : أسقط (٧) واجبا أو دينا أو حقّا (٨) ، وعلى (٩) لغة تميم : أجزى يجزي عقابا أو ملاما أو وزرا.

(وَلا يُقْبَلُ مِنْها شَفاعَةٌ) : ولا (١٠) يشفع لها شافع (١١).

(وَلا يُؤْخَذُ) :" لا يقبل" (١٢).

(مِنْها عَدْلٌ) : فداء (١٣) ، لو جاء الكافر بعدل نفسه لا يقبل منه (١٤).

(وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ) : يمنعون ممّا نزل بهم من العذاب (١٥).

(القبول) : التمكين والارتضاء (١٦).

__________________

(١) مسند أبي داود الطيالسي ٢٣٣ ، ونظم المتناثر ٢٣٤ ، والأحاديث المختارة ٤ / ٣٨٢.

(٢) ساقطة من ب.

(٣) ينظر : معاني القرآن ١ / ٢٥٨ ـ ٢٦٠.

(٤) في ع : كقوله.

(٥) ينظر : إعراب القرآن ١ / ٢٢١ ـ ٢٢٢ ، ومشكل إعراب القرآن ١ / ٩٢ ـ ٩٣ ، ومجمع البيان ١ / ٢٠٠ ـ ٢٠١.

(٦) ينظر : التبيان في تفسير القرآن ١ / ٢١٢ ، والكشاف ١ / ١٣٥ ، والبيان في غريب إعراب القرآن ١ / ٨١.

(٧) في ع : يسقط.

(٨) ينظر : مجمع البيان ١ / ٢٠١.

(٩) في ع : على ، والواو ساقطة.

(١٠) في ب : فلا.

(١١) ينظر : تفسير الطبري ١ / ٣٨٢ ، والبحر المحيط ١ / ٣٤٨.

(١٢) تفسير القرآن الكريم ١ / ٣٤٥.

(١٣) تأويل مشكل القرآن ٥٠٢ ، وتفسير القرآن الكريم ١ / ٣٤٥ ، والنكت والعيون ١ / ١٠٤.

(١٤) ينظر : تفسير الطبري ١ / ٣٨٣ ، وتفسير القرآن الكريم ١ / ٣٤٦.

(١٥) ينظر : تفسير القرآن الكريم ١ / ٣٤٦ ، والوجيز ١ / ١٠٤ ، وتفسير البغوي ١ / ٦٩.

(١٦) ينظر : مجمع البيان ١ / ١٩٩ ـ ٢٠٠.

١٥٠

و (الشفاعة) : الاستيهاب والاستعتاب. و (الشفيع) : الذي يصير شفعا (١) للمجرم في الاستعتاب.

" و (الأخذ) : القبض" (٢).

و (العدل) : الفداء (٣) ، قال الله تعالى : (وَإِنْ تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ لا يُؤْخَذْ مِنْها) [الأنعام : ٧٠].

و (النصر) : المنع (٤) ، كقوله : (وَيا قَوْمِ مَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ (٥) اللهِ) [هود : ٣٠] ، وقد يكون بمعنى الإعانة ، قال الله تعالى : (مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللهِ) [آل عمران : ٥٢](٦).

٤٩ ـ (نَجَّيْناكُمْ) :" خلّصناكم" (٧).

(مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ) : من عبوديّة فرعون وآله (٨) ، كقوله : (فَقَدْ (٩) آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ) [النساء : ٥٤] ، (وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ (١٠) أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذابِ) [غافر : ٤٦] ، وقال صلى‌الله‌عليه‌وسلم : (إنّا آل محمّد لا تحلّ لنا الصّدقة) (١١) ، وقال : (اللهمّ صلّ على آل أبي أوفى) (١٢).

وأصل (الآل) : الأهل ، فقلبت الهاء همزة كما في (هيّاك) و (هراق) ، ثمّ أبدل من الهمزة الساكنة ألفا ك (آخر) و (آدم) (١٣). وتصغير الآل : أهيل إلا عند الكسائي فإنّ عنده : أويل (١٤). وآل الرجل : من يؤول إليه ويؤولون إليه ، ويعتمد عليه ويعتمدون عليه من الذرّيّة والعشيرة والأتباع (١٥).

و (فرعون) : اسم (١٦) لأيّ ملك من ملوك العمالقة ك (قيصر) في الرّوم و (خاقان) في

__________________

(١) في ب : شفيعا. وينظر : زاد المسير ١ / ٦٤ ، والبحر المحيط ١ / ٣٤٤.

(٢) البحر المحيط ١ / ٣٤٤.

(٣) ينظر : تفسير الطبري ١ / ٣٨٣ ، ومعاني القرآن وإعرابه ١ / ١٢٨ ، والعمدة في غريب القرآن ٧٤.

(٤) ينظر : البحر المحيط ١ / ٣٤٩.

(٥) بعدها في النسخ الأربع : بأس ، وهي مقحمة.

(٦) ينظر : تفسير القرطبي ١ / ٣٨٠.

(٧) المحرر الوجيز ١ / ١٣٩ ، ومجمع البيان ١ / ٢٠٥.

(٨) ينظر : تفسير البغوي ١ / ٦٩.

(٩) النسخ الأربع : ولقد ، وهو خطأ.

(١٠) النسخ الأربع : القيامة ، بدل (تقوم الساعة) ، وهو خطأ.

(١١) صحيح ابن خزيمة ٤ / ٥٩ ، وشرح معاني الآثار ٣ / ٢٩٧ ، ومعجم الشيوخ ١٢٠.

(١٢) مسند ابن الجعد ٢٥ ، وصحيح البخاري ٢ / ٥٤٤ ، والجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع ٢ / ١٠٥.

(١٣) في ك : وأدوم. وينظر : معاني القرآن للأخفش ١ / ٢٦٥ ، وإعراب القرآن ١ / ٢٢٣ ، ومشكل إعراب القرآن ١ / ٩٣.

(١٤) ينظر : مشكل إعراب القرآن ١ / ٩٣ ، والمحرر الوجيز ١ / ١٣٩ ، ومجمع البيان ١ / ٢٠٣.

(١٥) ينظر : التبيان في تفسير القرآن ١ / ٢١٩ ، والبحر المحيط ١ / ٣٥٠.

(١٦) ساقطة من ب.

١٥١

التّرك ، واسم المراد ههنا : الوليد بن مصعب (١).

(يَسُومُونَكُمْ) : يولونكم (٢) ، وقيل (٣) : يعذّبونكم.

وإن جعلت (يسومونكم) في موضع الحال يكون (٤) معناه : سائمين إيّاكم.

(سُوءَ الْعَذابِ) : أي : أسوأ العذاب وأشدّ العذاب (٥).

(يُذَبِّحُونَ أَبْناءَكُمْ) : قطعا لنسلكم (٦).

والأقرب أنّه ابتداء كلام (٧) ، ألا ترى أنّه قال في موضع آخر : (يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ وَيُذَبِّحُونَ (٨) أَبْناءَكُمْ) [إبراهيم : ٦] ، وقيل (٩) : تفسير العذاب.

وإنّما قال : (يذبّحون) على التكثير (١٠).

" وأصل الذبّح : الشّقّ" (١١).

وأصل (الابن) : بنو ، نحو : سمو ، وقيل : بني ، نحو : يدي ، وقيل : بنو استدلالا بقولهم : بنون وبنين (١٢). وإنّما انقلب الواو والياء همزة (١٣) لوقوعهما طرفا وقبلهما ألف كالدعاء والعطاء (١٤) ؛ لأنّ تقدّم الألف عليه كتقدّم الحرف (١٢ ظ) المفتوح فصار في التقدير ألفا فلمّا حرّكت انقلبت همزة.

(وَيَسْتَحْيُونَ نِساءَكُمْ) : يستبقون حياة إناثكم رجاء لخدمتهنّ (١٥) ، وهو أشدّ العذاب لمكان ضياعهنّ وبقائهنّ أيامى بلا أكفاء (١٦).

__________________

(١) ينظر : تفسير الطبري ١ / ٣٨٥ ، والنكت والعيون ١ / ١٠٤ ، والتبيان في تفسير القرآن ١ / ٢١٩ ـ ٢٢٠.

(٢) النسخ الأربع : يلومونكم ، وما أثبته من مصادر التخريج ، ينظر : مجاز القرآن ١ / ٤٠ ، وغريب القرآن وتفسيره ٦٩ ، وتفسير غريب القرآن ٤٨.

(٣) ينظر : تفسير القرآن الكريم ١ / ٣٤٦ ، ومجمع البيان ١ / ٢٠٥ ، وتفسير القرطبي ١ / ٣٨٤.

(٤) في ك وع وب : يجوز ، وهو تحريف. وينظر : إعراب القرآن ١ / ٢٢٣ ، والمحرر الوجيز ١ / ١٤٠ ، وتفسير القرطبي ١ / ٣٨٤.

(٥) ينظر : تفسير الطبري ١ / ٣٨٦ ـ ٣٨٧ ، ومعاني القرآن وإعرابه ١ / ١٣٠ ، وتفسير القرآن الكريم ١ / ٣٤٦.

(٦) ينظر : التفسير الكبير ٣ / ٦٨.

(٧) ينظر : ملاك التأويل ١ / ٢٠٢ ، والبحر المحيط ١ / ٣٥١.

(٨) في ك وع : فيذبحون ، وهو خطأ.

(٩) ينظر : معاني القرآن وإعرابه ١ / ١٣٠ ، وتفسير البغوي ١ / ٦٩ ، والكشاف ١ / ١٣٨.

(١٠) ينظر : معاني القرآن وإعرابه ١ / ١٣٠ ، والتبيان في إعراب القرآن ١ / ٦١ ، وتفسير القرطبي ١ / ٣٨٥.

(١١) التبيان في تفسير القرآن ١ / ٢٢١.

(١٢) ينظر : التبيان في تفسير القرآن ١ / ٢٢٣ ، واللباب في علل البناء والإعراب ٢ / ٣٧٢ ـ ٣٧٣.

(١٣) في الجمع ، أي : أبناء.

(١٤) في ك وع : العصا.

(١٥) ينظر : تفسير القرآن الكريم ١ / ٣٤٦ ـ ٣٤٧ ، والنكت والعيون ١ / ١٠٥ ، وزاد المسير ١ / ٦٥.

(١٦) ينظر : مجمع البيان ١ / ٢٠٥ ، والبحر المحيط ١ / ٣٥٢.

١٥٢

وذلك أنّه (١) رأى في المنام أنّ نارا خرجت من قبل بيت المقدس فأحرقت بيوت القبط بمصر ، ولم تتعرّض (٢) لبيوت بني إسرائيل ، فاستفتى المعبّرين فأخبروه بخروج نبيّ من بني إسرائيل يولد في تلك الأيّام ، فأخذ يقتل غلمانهم حتى خيف الفناء ، فكان (٣) بعد ذلك يذبح سنة ويترك سنة ليقلّوا فلا يغلبوا ، ويبقوا فيخدموا ، فولد هارون عليه‌السلام في السنة التي لم يكن يقتل فيها ، وولد موسى في السنة الأخرى ، فأوحى الله إلى أمّه إلهاما أن اقذفيه في التابوت فاقذفيه في اليمّ ، وكان من أمره ما كان (٤).

(وَفِي ذلِكُمْ) : إنجاء الله إيّاكم من عبوديّة آل فرعون (٥)(بَلاءٌ) :" نعمة عظيمة" (٦)(مِنْ رَبِّكُمْ). وقيل (٧) : وعذاب فرعون وذبحه الغلمان واستحياؤه النساء قهر من ربّكم (عَظِيمٌ) حيث سلّط عليكم.

وأصل البلاء : الاختبار ، والاختبار قد يكون بالخير والشرّ (٨) ، قال الله تعالى : (وَبَلَوْناهُمْ بِالْحَسَناتِ وَالسَّيِّئاتِ) [الأعراف : ١٦٨]. وإنّما وصف بعظم لأنّه يصغر بجنبه غيره (٩).

٥٠ ـ (وَإِذْ فَرَقْنا) : فلقنا وفصلنا وشققنا (١٠).

(بِكُمُ الْبَحْرَ) بعبوركم (١١) أو لعبوركم بحر قلزوم (١٢) ، فكان كلّ فرق كالطّود العظيم.

(فَأَنْجَيْناكُمْ) من فرعون ومن الغرق بعد قولكم : إنّا لمدركون (١٣).

(وَأَغْرَقْنا آلَ فِرْعَوْنَ) : أهلكناه وآله حين التطم البحر (١٤).

(وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ) إلى التطامه عليهم بعد خروجكم منه (١٥) ، وقيل (١٦) : إلى أشخاصهم (١٧)

__________________

(١) فرعون.

(٢) في ك : يتعرض ، وهو تصحيف.

(٣) في ك وع : وكان.

(٤) ينظر : تفسير الطبري ١ / ٣٨٨ ـ ٣٩٠ ، والبغوي ١ / ٧٠ ، ومجمع البيان ١ / ٢٠٥ ـ ٢٠٦.

(٥) ينظر : تفسير غريب القرآن ٤٨ ، وتفسير الطبري ١ / ٣٩١ ، ومعاني القرآن وإعرابه ١ / ١٣٢.

(٦) غريب القرآن وتفسيره ٦٩ ، وتفسير غريب القرآن ٤٨ ، والمحرر الوجيز ١ / ١٤١.

(٧) ينظر : تفسير القرآن الكريم ١ / ٣٤٧ ـ ٣٤٨ ، ومجمع البيان ١ / ٢٠٥.

(٨) ينظر : تفسير الطبري ١ / ٣٩٢ ، وتفسير القرآن الكريم ١ / ٣٤٧ ، والنكت والعيون ١ / ١٠٥.

(٩) ينظر : البحر المحيط ١ / ٣٥٢.

(١٠) ينظر : مجمع البيان ١ / ٢٠٦ ، وتفسير القرطبي ١ / ٣٨٧ ، والبحر المحيط ١ / ٣٥٣.

(١١) في ك : يعبروكم ، وهو تحريف. وينظر : مجمع البيان ١ / ٢٠٧ ، وتفسير القرطبي ١ / ٣٨٧.

(١٢) في ب : قلزم. وينظر : البحر المحيط ١ / ٣٥٥ ـ ٣٥٦.

(١٣) ينظر : البحر المحيط ١ / ٣٥٦.

(١٤) ينظر : التبيان في تفسير القرآن ١ / ٢٣١ ، ومجمع البيان ١ / ٢٠٧ ، والبحر المحيط ١ / ٣٥٦.

(١٥) ينظر : القطع والائتناف ١٤٠ ، والوجيز ١ / ١٠٤ ، ومجمع البيان ١ / ٢٠٧.

(١٦) ينظر : تفسير القرآن الكريم ١ / ٣٤٩ ، والبحر المحيط ١ / ٣٥٦.

(١٧) في ك : أشخاصكم ، وهو وهم.

١٥٣

بعد ثلاثة أيّام حين لفظهم البحر.

وحقيقة النّظر : تعمّد الرؤية ، وهو مستعمل في العين والقلب ، كالإبصار والرؤية والرأي (١).

٥١ ـ (وَإِذْ واعَدْنا مُوسى) : وحقيقة الوعد أن يكون للشيء ، فإذا كان على الشيء فهو مجاز (٢) ، والمراد به التخويف بالجائز الممكن ، كقوله : (الشَّيْطانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ) [البقرة : ٢٦٨] ، وقال صلى‌الله‌عليه‌وسلم في دعائه : (يا من إذا وعد وفى وإذا توعّد عفا) (٣).

و (موسى) : اسم أعجميّ أصله : موشي ، أي : الماء والشجر ؛ لأنّهم التقطوه بين الماء والشجر ، فعرّبته العرب (٤).

والموعود ما كان (أَرْبَعِينَ لَيْلَةً) من المناجاة ومشاهدة الملكوت والآيات وإعطاء التوراة (٥).

وقد صام عليه‌السلام وتنزّه عن الشهوات مكان (٦) يوم يوما ، ثمّ انطلق إلى الميقات بأمر ربّه. وفيه يقول الله تعالى : (وَواعَدْنا مُوسى ثَلاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْناها بِعَشْرٍ) [الأعراف : ١٤٢](٧).

والدليل على أنّ المراد بالأربعين وقت المناجاة دون وقت صومه أنّ بني إسرائيل عدّوا بعده عشرين يوما وعشرين ليلة ثمّ اتّخذوا العجل (٨) ، وفي ذلك قوله : (أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ) [الأعراف : ١٥٠] ، وفي التوراة : (أربوعين يوم أربوعين يوم أربوعين يوم) (٩) ، فحمل بعضهم على إثبات ثلاث مواقيت (١٠) ، وإنّما هو (١١) تكرار اللفظ للتأكيد (١٢).

وحدّ الوعد في اللغة هو الضمان ، يقال : هذا الغلام يعد رشدا ، وهذه الغداة (١٣ و) تعد (١٣) بردا ، إذا (١٤) كان مضمّنا ذلك ، قال الله تعالى : (بِما أَخْلَفُوا اللهَ ما وَعَدُوهُ) [التوبة : ٧٧] ، أي : ضمنوا له.

__________________

(١) ينظر : التبيان في تفسير القرآن ١ / ٢٢٧ ـ ٢٢٩ ، ومجمع البيان ١ / ٢٠٦ ـ ٢٠٧ ، والبحر المحيط ١ / ٣٥٣ و ٣٥٦.

(٢) ينظر : مجمع البيان ١ / ٢٠٩ ـ ٢١٠.

(٣) لم أقف عليه.

(٤) ينظر : تفسير الطبري ١ / ٣٩٩ ـ ٤٠٠ ، والنكت والعيون ١ / ١٠٦ ، والمحرر الوجيز ١ / ١٤٢.

(٥) ينظر : مجمع البيان ١ / ٢١٢ ، والبحر المحيط ١ / ٣٥٨.

(٦) ساقطة من ك.

(٧) ينظر : مجمع البيان ١ / ٢١٢ ، وتفسير القرآن العظيم ١ / ٩٥.

(٨) ينظر : تفسير القرآن الكريم ١ / ٣٥١ ، وتفسير البغوي ١ / ٧٣ ، والقرطبي ١ / ٣٩٥.

(٩) مكانها في ب : أربوعين ثم أربوعين يوم.

(١٠) ساقطة من ب.

(١١) ساقطة من ع.

(١٢) في ك : للتوكيد ، وهو صواب أيضا.

(١٣) في الأصل وع : يعد ، وهو تصحيف.

(١٤) في ك : وإذا ، والواو مقحمة.

١٥٤

(ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ) : من حليّكم (١).

وإنّما عرّفه لأنّه يعرف بالوصف في سورة طه (٢) ، وقيل (٣) : الألف واللام للمعهود.

وإنّما سمّاه عجلا مجازا (٤)." والعجل ولد البقرة" (٥).

(مِنْ بَعْدِهِ) : من بعد انطلاقه إلى الجبل (٦).

٥٢ ـ (ثُمَّ عَفَوْنا عَنْكُمْ) : محونا الذنب عنكم (٧) من قولك : عفت الريح الأثر (٨) ، وقيل (٩) : تركناكم ولم نستأصلكم بالقتل.

(مِنْ بَعْدِ ذلِكَ) :" من بعد اتّخاذكم العجل إلها" (١٠).

والكاف في ذلك موحّد ؛ لأنّه علامة للخطاب ، وليس باسم ، ألا ترى لو قال : من ذا ، جاز ، فإذا جاز إسقاطه جاز توحيده (١١).

(لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) : لكي تظهروا ثناء الله وتحمدوه على عفوه عنكم ، إذ الشكر قضيّة الإحسان سواء أريد أو لم يرد ، فما أراد الله كان وما لم يرد لم يكن وهو على كلّ شيء قدير (١٢).

٥٣ ـ (وَإِذْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ وَالْفُرْقانَ) : يعني : التوراة ، عن مجاهد ، ذكرها باسمين كما يقال : سحقا وبعدا (١٣). ويقال (١٤) : الكتاب : التوراة ، والفرقان : نعته ، والواو زائدة ، قال الله تعالى : (وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسى وَهارُونَ الْفُرْقانَ وَضِياءً وَذِكْراً لِلْمُتَّقِينَ) [الأنبياء : ٤٨]. وقيل (١٥) : الفرقان : النصرة على فرعون ، كقوله : (يَوْمَ الْفُرْقانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ) [الأنفال : ٤١] ،

__________________

(١) ينظر : تفسير القرآن الكريم ١ / ٣٥١ ـ ٣٥٢ ، وزاد المسير ١ / ٦٨.

(٢) الآية ٨٨. وينظر : البحر المحيط ١ / ٣٥٨.

(٣) ينظر : البحر المحيط ١ / ٣٥٨.

(٤) ساقطة من ب ، وبعدها في ع : أو العجل بدل (والعجل). وينظر : البحر المحيط ١ / ٣٥٨.

(٥) التبيان في تفسير القرآن ١ / ٢٣٦ ، والمحرر الوجيز ١ / ١٤٥ ، وتفسير القرطبي ١ / ٣٩٧.

(٦) ينظر : تفسير القرآن الكريم ١ / ٣٥٣ ، ومشكل إعراب القرآن ١ / ٩٤ ـ ٩٥ ، والمحرر الوجيز ١ / ١٤٣.

(٧) ينظر : الوجيز ١ / ١٠٤ ، وتفسير البغوي ١ / ٧٣ ، والقرطبي ١ / ٣٩٧.

(٨) ينظر : التبيان في تفسير القرآن ١ / ٢٣٩ ، وتفسير القرطبي ١ / ٣٩٧ ، والدر المصون ١ / ٣٥٦.

(٩) ينظر : تفسير القرآن الكريم ١ / ٣٥٣.

(١٠) تفسير الطبري ١ / ٤٠٥ ، ومجمع البيان ١ / ٢١٤.

(١١) ينظر : التبيان في تفسير القرآن ١ / ٢٤٠.

(١٢) ينظر : التبيان في تفسير القرآن ١ / ٢٤٠ ـ ٢٤١ ، وتفسير البغوي ١ / ٧٣ ، والبحر المحيط ١ / ٣٥٩ ـ ٣٦٠.

(١٣) ينظر : معاني القرآن للفراء ١ / ٣٧ ، والتبيان في تفسير القرآن ١ / ٢٤٢ ، وتفسير البغوي ١ / ٧٣.

(١٤) ينظر : تفسير الطبري ١ / ٤٠٧ ، والنكت والعيون ١ / ١٠٨ ، وتفسير البغوي ١ / ٧٣.

(١٥) ينظر : تفسير الطبري ١ / ٤٠٦ ـ ٤٠٧ ، وتفسير القرآن الكريم ١ / ٣٥٤ ، والنكت والعيون ١ / ١٠٨.

١٥٥

يعني : يوم (١) بدر. وقيل (٢) : الفرقان : فرق البحر. وهو مصدر كالخسران والرّجحان (٣). وقال قطرب (٤) : أعطينا موسى التوراة كما أعطينا محمّدا الفرقان ، كأنّه خاطب عبد الله بن سلام فقال : قد أعطيناكم علم موسى ومحمّد. وقيل (٥) : أعطينا موسى التوراة (٦) والفرقان ، يعني صحفا كان قبل التوراة وفيه تبيان الحلال والحرام ، والأمر والنهي ، وغير ذلك.

٥٤ ـ ثمّ عدل إلى المغايبة فقال : (وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ) بني إسرائيل (٧).

والقوم : اسم للجماعة لا واحد له من لفظه ، يطلق على العقلاء خاصّة (٨).

(يا قَوْمِ) : تقديره : يا قومي ، إلا أنّه اكتفى بكسرة الميم عن الياء ، كما تقول : يا ربّ (٩).

(ظَلَمْتُمْ) : ضررتم بأنفسكم في المآل بسلوك طريق الجور ، فقالوا لموسى : فماذا تأمرنا؟ فقال لهم : (فَتُوبُوا إِلى بارِئِكُمْ) : خالقكم (١٠) من اتّخاذكم العجل إلها (١١) ، قالوا : وما توبتنا؟ قال : (فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ) : ليقتل الذين لم يعبدوا العجل الذين عبدوا العجل (١٢).

والقتل : إبطال البنية (١٣) ونقضها. وقيل (١٤) : المراد به سلّموا أنفسكم للقتل ، فكان الرجل يجلس بفنائه محتبيا لتضرب عنقه ، فإن حلّ حبوته أو دافع لم تقبل توبته ، وإلا كان كفّارة له ، فلمّا كان وقت العشيّة نسخ الله ذلك الحكم ودفع عنهم الإصر.

(ذلِكُمْ) : القتل والتوبة (١٥) ، أو أحدهما (١٦).

__________________

(١) ساقطة من ع. وينظر : التبيان في تفسير القرآن ١ / ٢٤٢ ، والكشاف ١ / ١٤٠ ، وتفسير القرطبي ١ / ٤٠٠.

(٢) في ك وب : فقيل. وينظر : معاني القرآن للفراء ١ / ٣٧ ، والقطع والائتناف ١٤١ ، والنكت والعيون ١ / ١٠٨.

(٣) ينظر : مجمع البيان ١ / ٢١٥ ، والتبيان في إعراب القرآن ١ / ٦٣.

(٤) بعدها في ب : إنا ، وهي مقحمة. وهو قول الفراء أيضا في معاني القرآن ١ / ٣٧ ، وعزي إليهما (الفراء وقطرب) في إعراب القرآن ١ / ٢٢٥ ، وعزي إلى قطرب في المحرر الوجيز ١ / ١٤٣.

(٥) ينظر : مجمع البيان ١ / ٢١٥.

(٦) (كما أعطينا ... التوراة) ساقطة من ب.

(٧) ينظر : تفسير الطبري ١ / ٤٠٧.

(٨) ينظر : البحر المحيط ١ / ٣٦٢.

(٩) ينظر : معاني القرآن وإعرابه ١ / ١٣٤ ـ ١٣٥ ، وإعراب القرآن ١ / ٢٢٦ ، وتفسير القرآن الكريم ١ / ٣٥٤.

(١٠) غريب القرآن وتفسيره ٧٠ ، وتفسير غريب القرآن ٤٩ ، والعمدة في غريب القرآن ٧٥.

(١١) ينظر : معاني القرآن وإعرابه ١ / ١٣٥.

(١٢) ينظر : تفسير غريب القرآن ١ / ٣٥٤ ـ ٣٥٥ ، وتفسير القرآن الكريم ١ / ٣٥٤ ـ ٣٥٥ ، والكشاف ١ / ١٤٠.

(١٣) في ك وع : البينة. وينظر : التبيان في تفسير القرآن ١ / ٢٤٥ ، ومجمع البيان ١ / ٢١٧.

(١٤) ينظر : تفسير القرآن الكريم ١ / ٣٥٥ ـ ٣٥٦ ، وتفسير البغوي ١ / ٧٣ ـ ٧٤ ، والكشاف ١ / ١٤٠.

(١٥) ينظر : تفسير القرآن الكريم ١ / ٣٥٥ ، والتبيان في تفسير القرآن ١ / ٢٤٨ ، وزاد المسير ١ / ٧٠.

(١٦) ينظر : البحر المحيط ١ / ٣٦٩.

١٥٦

(خَيْرٌ لَكُمْ) من الإباء والعناد (١).

(عِنْدَ بارِئِكُمْ) أي : في حكمه ، كما يقال : عند أبي حنيفة (٢).

ويقال بالعبرانيّة (٣) مكان قولنا : برأ الله : بوروا (٤) إيلوهيم.

والبريّة في الأصل مهموزة ، وهي الخليقة (٥).

٥٥ ـ (وَإِذْ قُلْتُمْ يا مُوسى) : خطاب (١٣ ظ) للسبعين الذين اختارهم موسى للميقات (٦) فقالوا : لن نشهد لك (٧) بالحقّ عند بني إسرائيل إلى أن نرى الله (جَهْرَةً) : معاينة (٨). وإنّما قالوا : جهرة ليؤكّدوا قولهم ، وينفوا إيهام الرؤيا والرؤية بالقلب (٩).

(فَأَخَذَتْكُمُ) : أحرقتكم (١٠).

(الصَّاعِقَةُ) : العذاب الذي فيه هلاك (١١).

وإنّما عوقبوا لتمرّدهم وامتناعهم عن الشهادة إلى تحصيل منيتهم.

(وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ) : إلى الصاعقة حين نزلت ، أي : ينظر بعضكم إلى هلاك بعض (١٢).

٥٦ ـ (ثُمَّ بَعَثْناكُمْ) :" أحييناكم" (١٣)(مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ) : حرقكم وهلاككم (١٤). وهذه الرّجعة مثل رجعة الطيور الأربعة لإبراهيم ، ورجعة (عاميل) في قصّة البقرة ، ورجعة الذين قال لهم الله : موتوا ثمّ أحياهم (١٥) ، ورجعة عزير وحماره ، ورجعة الموتى لعيسى ، خلاف قول المتناسخة.

__________________

(١) ينظر : البحر المحيط ١ / ٣٦٩.

(٢) ينظر : مجمع البيان ١ / ٢٧٣ ، وزاد المسير ١ / ٩٠ ، والبحر المحيط ١ / ٤٧٨.

(٣) بعدها في ع : إنه.

(٤) في ك : رءروا ، وفي ع : نوروا.

(٥) ينظر : معاني القرآن وإعرابه ١ / ١٣٥ ، والتبيان في تفسير القرآن ١ / ٢٤٤ ، وتفسير القرطبي ١ / ٤٠٢.

(٦) ينظر : تفسير البغوي ١ / ٧٤ ، والمحرر الوجيز ١ / ١٤٦ ، وتفسير القرطبي ١ / ٤٠٣.

(٧) ساقطة من ب.

(٨) ساقطة من ب. وينظر : معاني القرآن للأخفش ١ / ٢٦٧ ، وتفسير الطبري ١ / ٤١٢ ، والنكت والعيون ١ / ١٠٩.

(٩) ينظر : تفسير البغوي ١ / ٧٤ ، ومجمع البيان ١ / ٢٢١ ، وتفسير القرطبي ١ / ٤٠٤.

(١٠) في ب : فأحرقتكم. وينظر : الوجيز ١ / ١٠٦ ، وتفسير البغوي ١ / ٧٤.

(١١) ينظر : تفسير الطبري ١ / ٤١٤ ، والتفسير الكبير ٣ / ٨٦.

(١٢) ينظر : تفسير الطبري ١ / ٤١٤ ، والبغوي ١ / ٧٤ ، والبحر المحيط ١ / ٣٧٢.

(١٣) تفسير الطبري ١ / ٤١٥ ، وتفسير القرآن الكريم ١ / ٣٥٧ ، والتبيان في تفسير القرآن ١ / ٢٥٣.

(١٤) ينظر : تفسير الطبري ١ / ٤١٥ ، وتفسير القرآن الكريم ١ / ٣٥٧.

(١٥) إشارة إلى قوله تعالى : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقالَ لَهُمُ اللهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْياهُمْ) [البقرة : ٢٤٣].

١٥٧

٥٧ ـ (وَظَلَّلْنا عَلَيْكُمُ الْغَمامَ) : أي : وجعلنا (١) عليهم الغمام ظلّة.

والظّلّ : الستر ، والظّلّة : السترة ، والفرق بينهما أنّ الشيء يكون تحت الظلّ (٢) دون الستر ، إلا أنّه يقال : الشمس مستظلّة ، إذا كانت محتجبة بالسحاب ، وفرق آخر أنّ الرائي يتخيّل الظلّ ولا يتخيّل الستر. وجمع الظلّ : ظلال ، وجمع الظّلّة : ظلل. والظّليل هو الطيّب ، قال الله تعالى : (وَنُدْخِلُهُمْ (٣) ظِلًّا ظَلِيلاً) [النساء : ٥٧] ، وقال في ضدّه : (لا ظَلِيلٍ وَلا يُغْنِي مِنَ اللهَبِ) [المرسلات : ٣١]. وأظلّك الطائر : إذا حاذاك وقرب منك وألقى ظلّه عليك ، أعني ما يتخيّل. ويستعار للشهر والزمان فيقال : أظلّ الشهر والزمان (٤).

والغمام : غيم أبيض ، وإنّما سمّي غماما لأنّه يغمّ السماء (٥) ويسترها ، وللقاحه بالماء لأنّه يغمّ الماء في جوفه. وغمغمة السّحاب : صوته. والغمام واحد وجماعة ، قال الحطيئة (٦) يمدح رجلا : [من الطويل]

إذا غبت عنّا غاب عنّا ربيعنا

ونسقى الغمام الغرّ حين (٧) تؤوب

و (المنّ) (٨) كان شيئا من جنس التّرنجبين ، و (السّلوى) كان طيرا يشبه السّمانى (٩) ، ولا واحد له من لفظه عند الأخفش (١٠) ، وقال الخليل (١١) : الواحد : سلواة ، ويقال (١٢) : السّلوى : العسل ، وقال (١٣) : [من الطويل]

وقاسمها بالله (١٤) جهدا لأنتم

ألذّ من السّلوى إذا ما نشورها

__________________

(١) بعدها في ب : أي جعلنا ، وهي مقحمة. وينظر : الكشاف ١ / ١٤٢ ، ومجمع البيان ١ / ٢٢٤.

(٢) في ب : الظلة.

(٣) في ك وب : فيدخلهم.

(٤) ينظر : التبيان في تفسير القرآن ١ / ٢٥٦ ـ ٢٥٧.

(٥) النسخ الأربع : السحاب ، والسياق يقتضي ما أثبت ، وتؤيّده مصادر التخريج ، ينظر : تفسير غريب القرآن ٤٩ ، والمحرر الوجيز ١ / ١٤٨ ، ومجمع البيان ١ / ٢٢٣.

(٦) في ك : عطية. والبيت في ديوان الحطيئة ٢٠٧.

(٧) في ك : حتى.

(٨) الذي جاء في قوله تعالى في الآية نفسها : (وَأَنْزَلْنا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوى).

(٩) ينظر : معاني القرآن للفراء ١ / ٣٧ ـ ٣٨ ، وتفسير غريب القرآن ٤٩ ـ ٥٠ ، والمحرر الوجيز ١ / ١٤٨ ـ ١٤٩. والتّرنجبين : طلّ ينزل من السماء على شجر أو حجر ويحلو وينعقد عسلا ويجف جفاف الصمغ ، ينظر : القاموس المحيط ١١١٣ (منن).

(١٠) وهو قول الفراء أيضا في معاني القرآن ١ / ٣٨ ، وابن قتيبة في تفسير غريب القرآن ٥٠ ، وعزي إلى الأخفش في إعراب القرآن ١ / ٢٢٧ ، والتبيان في تفسير القرآن ١ / ٢٥٩.

(١١) ينظر : التبيان في تفسير القرآن ١ / ٢٥٩ ، والمحرر الوجيز ١ / ١٤٩ ، ومجمع البيان ١ / ٢٢٤.

(١٢) ينظر : الصحاح ٦ / ٢٣٨١ (سلا) ، وتفسير البغوي ١ / ٧٥ وعزاه إلى المؤرّج ، وزاد المسير ١ / ٧١ وعزاه إلى ابن الأنباري ، وغلّط ابن عطيّة هذا القول في المحرر الوجيز ١ / ١٤٩ ، وردّ عليه القرطبي في تفسيره ١ / ٤٠٧ ـ ٤٠٨.

(١٣) أبو ذؤيب الهذلي ، ديوان الهذليين ١ / ١٥٨.

(١٤) ليس في ب ، وبعدها في ع وفي حاشية الأصل : حقا ، و (جهدا) ساقطة من ك.

١٥٨

وإنّما أنعم عليهم بهذه في التّيه حين احتاجوا إلى الطعام وتأدّوا من حرّ الشمس (١).

والقول (٢) ههنا مضمر ، وتقديره : (وقلنا : كلوا من طيّبات) (٣) ، كقوله : (كُلُّ أُناسٍ مَشْرَبَهُمْ كُلُوا وَاشْرَبُوا) [البقرة : ٦٠] ، وقوله : (مِنْ كُلِّ بابٍ (٢٣) سَلامٌ عَلَيْكُمْ) [الرعد : ٢٣ ـ ٢٤] ، [وقوله :](٤)(فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ) [آل عمران : ١٠٦](٥) ، وقال امرؤ القيس (٦) : [من الطويل]

أفاطم مهلا بعض (٧) هذا التدلّل

وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

و" (من) للتبعيض" (٨).

والطّيّب : ما لا تعافه طبعا ، ولا تكرهه شرعا (٩) ، وكان غير الطيّب من رزقهم ما رفعوا للغد ؛ لأنّهم كانوا منهيّين عنه إلا في يوم الجمعة للسبت (١٠).

(١٤ و) وههنا اختصار وتقديره : فعصوا (وَما ظَلَمُونا) : بعصيانهم (١١).

وإنّما لم يقل : ولكن كانوا يظلمون أنفسهم (١٢) ؛ لأنّ ذكر (١٣) المظلوم كان أهمّ (١٤).

٥٨ ـ (وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا) : الوحي كان إلى يوشع بن نون ، وهو ابن أخت موسى ، ووزيره (١٥) بعد هارون ، وهو أحد النّقباء الذين قال الله تعالى [فيهم](١٦) : (وَبَعَثْنا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً) [المائدة : ١٢].

وجملة قصّة بني إسرائيل أنّ الله تعالى لمّا أنجاهم من فرعون ، وفرق بهم البحر أتوا على قوم

__________________

(١) ينظر : تفسير الطبري ١ / ٤٢٢ ـ ٤٢٥ ، وتفسير القرآن الكريم ١ / ٣٥٧ ـ ٣٥٨ ، والمحرر الوجيز ١ / ١٤٨.

(٢) يريد في قوله تعالى بعد ذلك في الآية نفسها : (كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ).

(٣) ينظر : تفسير الطبري ١ / ٤٢٥ ، والكشاف ١ / ١٤٢ ، والمحرر الوجيز ١ / ١٤٩.

(٤) يقتضيها السياق.

(٥) ينظر : تفسير القرآن الكريم ١ / ٣٥٩.

(٦) ديوانه ١٢.

(٧) في ك وع : بعد.

(٨) التبيان في إعراب القرآن ١ / ٦٥ ، والبحر المحيط ١ / ٣٧٥.

(٩) ينظر : التبيان في تفسير القرآن ١ / ٢٦٠ ، ومجمع البيان ١ / ٢٢٥ ، وتفسير القرطبي ١ / ٤٠٨.

(١٠) ينظر : تفسير القرآن الكريم ١ / ٣٥٨ ، والتبيان في تفسير القرآن ١ / ٢٥٩ ، وتفسير القرطبي ١ / ٤٠٧.

(١١) ينظر : تفسير الطبري ١ / ٤٢٥ ، والكشاف ١ / ١٤٢ ، والمحرر الوجيز ١ / ١٤٩.

(١٢) بل قال : (وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ).

(١٣) في ك : لا ذكر ، بدل (لأن ذكر) ، وقبلها في ك وع : أنفسهم يظلمون ، بدل (يظلمون أنفسهم) ، وهو خطأ.

(١٤) ينظر : البحر المحيط ١ / ٣٧٦.

(١٥) في ك : وزيره ، والواو ساقطة.

(١٦) يقتضيها السياق. وينظر : تفسير القرآن الكريم ١ / ٣٦١ ، وزاد المسير ١ / ٧٢.

١٥٩

يعكفون على أصنام لهم ، فقالوا (١) : يا موسى اجعل لنا إلها كما لهم آلهة ، قال : أغير الله أبغيكم إلها ، ثمّ كان انطلاق موسى إلى الميقات ، ثمّ اتّخاذهم العجل ، ثمّ التوبة ، ثمّ رجوعهم إلى ما أورثهم (٢) الله تعالى ممّا أخرج منه آل فرعون من جنّات وعيون وكنوز ومقام كريم ، وهناك حديث حادثة البقرة (٣) ، والخرجة إلى مجمع البحرين مع يوشع ، وخسف قارون في إحدى الرّوايتين.

ثمّ خرج بهم موسى عليه‌السلام إلى قتال الجبابرة وقال لقومه : ادخلوا الأرض المقدّسة ، فقالوا (٤) : (فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقاتِلا) الآية [المائدة : ٢٤] ، فغضب عليهم ، وقال : (رَبِّ إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي) ، الآية [المائدة : ٢٥] ، ثمّ أخذ عصاه وتشمر وخرج من بينهم ، فلقي عوج بن عنق ، فوثب وثبة وضربه بعصاه فأصاب كعبه ، فخرّ (٥) عوج ميتا ، ففرح موسى ، ورجع إلى قومه وبشّرهم بذلك ، وحرّضهم على الإقدام ، فإذا الله تعالى حرّمها عليهم أربعين سنة يتيهون في الأرض ، ثمّ إنّ الله تعالى ظلّل عليهم الغمام في التّيه ، وأنزل عليهم المنّ والسّلوى ، وفجّر لهم من الحجر اثني عشر عينا ، ثمّ عادوا إلى الكفران والطغيان ، وقالوا : ([يا مُوسى] (٦) لَنْ نَصْبِرَ عَلى طَعامٍ واحِدٍ) [البقرة : ٦١] ، فقال موسى تهديدا وتقريعا : (اهْبِطُوا مِصْراً (٧) فَإِنَّ لَكُمْ ما سَأَلْتُمْ) [البقرة : ٦١] ، وليس لهم إلى (٨) ذلك سبيل لحبس الله إيّاهم في التّيه إلى أن توفّى الله هارون وموسى عليهما‌السلام ، واستأثر (٩) بهما وهم في التّيه بعد ، ثمّ (١٠) قادهم يوشع بن نون بعد ذلك من التّيه إلى قتال الجبابرة ، وأخذ الأرض المقدّسة ، وفتح (١١) الله له أريحا ثمّ إيليا ثمّ بلقاء وهي العظمى ، وكان بالق ملك الجبابرة (١٢) وبلعم بن باعورا صاحب الاسم الأعظم فيها ، فخذلهما (١٣) الله عزوجل ، وفيها أنزلت : (وَادْخُلُوا الْبابَ

__________________

(١) في ك : قالوا.

(٢) في الأصل : ما أو ربهم ، بدل (ما أورثهم) ، وهو تصحيف.

(٣) في ع : النصرة.

(٤) النسخ الأربع : فقال ، وبعدها : اذهب ، والصواب ما أثبت.

(٥) في ب : فخرج ، والجيم مقحمة.

(٦) من ب.

(٧) ليس في ب.

(٨) في ب : في.

(٩) في ع : أو استأثر ، وفي ك : أو استأثرهما بدل (واستأثر بهما).

(١٠) في ك : بعدهم ، بدل (بعد ، ثم) ، وهو تحريف.

(١١) في ب : ففتح.

(١٢) (وأخذ الأرض ... ملك الجبابرة) ساقطة من ع.

(١٣) في ب : فخذلهم.

١٦٠