تفسير الثعالبي - ج ٤

عبدالرحمن بن محمد بن مخلوف أبي زيد الثعالبي المالكي

تفسير الثعالبي - ج ٤

المؤلف:

عبدالرحمن بن محمد بن مخلوف أبي زيد الثعالبي المالكي


المحقق: عادل أحمد عبد الموجود و علي محمّد معوّض
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٩٥

١
٢

٣
٤

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

تفسير سورة مريم

هذه السورة مكية بإجماع إلّا السجدة منها ، فقيل : مكيّة.

وقيل : مدنيّة.

(كهيعص (١) ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا (٢) إِذْ نادى رَبَّهُ نِداءً خَفِيًّا (٣) قالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً وَلَمْ أَكُنْ بِدُعائِكَ رَبِّ شَقِيًّا (٤) وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوالِيَ مِنْ وَرائِي وَكانَتِ امْرَأَتِي عاقِراً فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا (٥) يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا (٦) يا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ اسْمُهُ يَحْيى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا (٧) قالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَكانَتِ امْرَأَتِي عاقِراً وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا (٨) قالَ كَذلِكَ قالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئاً (٩) قالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً قالَ آيَتُكَ أَلاَّ تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَ لَيالٍ سَوِيًّا (١٠) فَخَرَجَ عَلى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرابِ فَأَوْحى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا) (١١)

قوله عزوجل : (كهيعص) قد تقدّم الكلام في فواتح السور.

وقوله : (ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ) مرتفع بقوله : (كهيعص) في قول فرقة.

وقيل : إنّه ارتفع على أنّه خبر مبتدإ محذوف تقديره : هذا ذكر ، وحكى أبو عمرو الدّاني عن ابن يعمر (١) أنّه قرأ : «ذكّر رحمة ربك» : بفتح الذّال ، وكسر الكاف المشدّدة ، ونصب الرحمة.

وقوله (نادى) : معناه بالدّعاء والرغبة ؛ قاله ابن العربيّ في «أحكامه» (٢).

وقوله تعالى : (إِذْ نادى رَبَّهُ نِداءً خَفِيًّا) : يناسب قوله : (ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً). [الأعراف : ٥٥].

وفي «الصحيح» عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال : «خير الذكر الخفيّ ، وخير الرزق ما يكفي» (٣)

__________________

(١) ينظر «مختصر الشواذ» ص (٨٦) ، و «المحرر الوجيز» (٤ / ١٤) ، و «البحر المحيط» (٦ / ١٦٣) ، و «الدر المصون» (٤ / ٤٩٠)

(٢) ينظر : «أحكام القرآن» (٣ / ١٢٥٠)

(٣) تقدم تخريجه.

٥

وذلك ؛ لأنّه أبعد من الرياء ، فأمّا دعاء زكرياء عليه‌السلام فإنما كان خفيّا لوجهين :

أحدهما : أنّه كان ليلا.

والثاني : أنّه ذكر في دعائه أحوالا تفتقر إلى الإخفاء ؛ كقوله : (وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوالِيَ مِنْ وَرائِي). وهذا مما يكتم. انتهى.

و (وَهَنَ الْعَظْمُ) معناه ضعف ، و (اشْتَعَلَ) مستعار للشيب من اشتعال النّار.

وقوله : (وَلَمْ أَكُنْ بِدُعائِكَ رَبِّ شَقِيًّا) شكر لله ـ عزوجل ـ على سالف أياديه عنده ، معناه : قد أحسنت إليّ فيما سلف ، وسعدت بدعائي إيّاك ؛ فالإنعام يقتضي أن يشفع أوله آخره.

ت : وكذا فسّر الدّاووديّ ، ولفظه : «ولم أكن بدعائك ربّ شقيّا» ، يقول : كنت تعرفني الإجابة فيما مضى ، وقاله قتادة : انتهى.

وقوله : (وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوالِيَ ...) الآية ، قيل : معناه خاف أن يرث الموالي ماله ، والموالي : بنو العمّ ، والقرابة.

وقوله (مِنْ وَرائِي) أي : من بعدي.

وقالت فرقة : إنما كان مواليه مهملين للدّين ؛ فخاف بموته أن يضيع الدين ؛ فطلب وليّا يقوم بالدين بعده ؛ حكى هذا القول : الزجّاج ، وفيه : أنه لا يجوز أن يسأل زكريّاء من يرث ماله ؛ إذ الأنبياء لا تورث.

قال : ع (١) : وهذا يؤيّده قوله (٢) صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إنّا معشر الأنبياء لا نورث ، ما تركنا فهو صدقة» (٣). والأظهر الأليق بزكرياء عليه‌السلام أن يريد وراثة العلم والدّين ، فتكون الوارثة

__________________

(١) ينظر : «المحرر الوجيز» (٤ / ٤ ـ ٥)

(٢) في ج : قول النبي.

(٣) أخرجه البخاري (٦ / ٢٢٧ ـ ٢٢٨) كتاب «فرض الخمس» : باب فرض الخمس ، حديث (٣٠٩٤) ، (٧ / ٣٨٩) كتاب المغازي باب حديث لبني النضير ، حديث (٤٠٣٣) ، (٩ / ٤١٢ ـ ٤١٣) كتاب «النفقات» : باب حبس الرجل قوت سنة على أهله ، حديث (٥٣٥٨) ، (١٣ / ٢٩٠ ـ ٢٩١) كتاب «الاعتصام بالكتاب والسنة» : باب ما يكره من التعمق والتنازع والغلو في الدين والبدع ، حديث (٧٣٠٥) ، ومسلم (٣ / ١٣٧٧ ـ ١٣٧٩) كتاب «الجهاد» : باب حكم الفيء ، حديث (٤٩ / ١٧٥٧) ، وأبو داود (٢ / ١٥٤ ـ ١٥٦) كتاب «الخراج» : باب في صفايا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم من الأموال ، حديث (٢٩٦٣) ، والترمذي (٤ / ١٥٨) كتاب «السير» : باب ما جاء في تركة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، حديث (١٦١٠) ، وفي «الشمائل» (٢١٦) ، ـ

٦

مستعارة ، وقد بلغه الله أمله.

قال ابن هشام : و (مِنْ وَرائِي) متعلّق ب (الْمَوالِيَ) ، أو بمحذوف هو حال من (١) الموالي ، أو مضاف إليهم ، أي : كائنين من ورائي ، أو فعل الموالي من ورائي ، ولا يصحّ تعلقه ب «خفت» ؛ لفساد المعنى. انتهى من «المغني».

و (خِفْتُ الْمَوالِيَ) هي قراءة الجمهور (٢) ، وعليها هو هذا التفسير.

وقرأ عثمان بن عفّان ، وزيد بن ثابت ، وابن عباس (٣) ، وجماعة «خفّت» بفتح الخاء ، وفتح الفاء وشدّها ، وكسر التاء ، والمعنى على هذا : قد انقطع أوليائي ، وماتوا ، وعلى هذه القراءة ، فإنما طلب وليّا يقوم بالدين.

قال ابن العربي (٤) في «أحكامه» : ولم يخف زكرياء وارث المال ، وإنما أراد إرث

__________________

ـ وعبد الرزاق (٩٧٧٢) ، وأبو يعلى (١ / ١٢ ، ١٣) رقم : (٢ ، ٤) ، وابن حبان في «صحيحه» (٨ / ٢٠٧ ـ الإحسان) حديث (٦٥٧٤) ، والبيهقي (٦ / ٢٩٧) ، والبغوي في «شرح السنة» (٥ / ٦٣١ ، ٦٣٢ ـ بتحقيقنا) كلهم من طريق الزهري عن مالك بن أوس بن الحدثان عن عمر بن الخطاب به ، وفيه قصة طويلة.

وأخرجه مالك (٢ / ٩٩٣) كتاب الكلام : باب ما جاء في تركة النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، حديث (٢٧) ، والبخاري (١٢ / ٧ ، ٨) كتاب «الفرائض» : باب قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «لا نورث ، ما تركنا صدقة» حديث (٦٧٢٧ ، ٦٧٣٠) ، ومسلم (٣ / ١٣٧٩) كتاب «الجهاد والسير» : باب قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم «لا نورث ، ما تركنا فهو صدقة» حديث (٥١ / ١٧٥٨) ، وأبو داود (٢ / ١٦٠ ، ١٦١) كتاب «الخراج والفيء والإمارة» : باب في صفايا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم من الأموال ، حديث (٢٩٧٦ ، ٢٩٧٧) ، والنسائي (٧ / ١٣٢) كتاب «قسم الفيء» ، وأحمد (٦ / ١٤٥ ، ٢٦٢) ، وعبد الرزاق (٩٧٧٤) ، وابن الجارود في «المنتقى» رقم (١٠٩٨) ، وابن حبان (٨ / ٢٠٩ ـ الإحسان) رقم (٦٥٧٧) ، «والبيهقي» (٦ / ٢٩٧ ، ٢٩٨) كلهم من طريق الزهري عن عروة بن الزبير عن عائشة قالت : إن أزواج النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم حين توفي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أردن أن يبعثن عثمان بن عفان إلى أبي بكر ، فيسألنه ميراثهن من النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، قالت عائشة لهنّ : أليس قد قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «لا نورث ، ما تركنا فهو صدقة»؟! وفي بعض طرق الحديث أن راوي هذا الحديث هو أبو بكر.

(١) لأنه في الأصل صفة للنكرة ، فقدّم عليها.

(٢) ينظر : «المحرر الوجيز» (٤ / ٥) ، «والبحر المحيط» (٦ / ١٦٥) ، «والدر المصون» (٤ / ٤٩١)

(٣) وقرأ بها محمد بن علي ، وعلي بن الحسن ، وسعيد بن العاص ، وابن يعمر ، وسعيد بن جبير ، وشبيل بن عزرة.

ينظر : «مختصر الشواذ» ص (٨٦) ، و «المحتسب» (٢ / ٣٧) ، «والكشاف» (٣ / ٤) ، «والمحرر الوجيز» (٤ / ٥) ، «والبحر المحيط» (٦ / ١٦٥) ، وزاد نسبتها إلى الوليد بن مسلم عن ابن عامر.

وهي في «الدر المصون» (٤ / ٤٩١)

(٤) ينظر : «أحكام القرآن» (٣ / ١٢٥٠)

٧

النبوة ، وعليها خاف أن تخرج عن عقبه ، وصح عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال : «إنّا ـ معاشر الأنبياء ـ لا نورث ، ما تركناه صدقة» (١) انتهى.

وقرأ عليّ بن أبي طالب ، وابن عباس ، وغيرهما ـ رضي الله عنهم ـ «يرثني وارث من آل يعقوب (٢)».

ت : وقوله : (فَهَبْ لِي) قال ابن مالك في «شرح الكافية» اللام هنا : هي لام التعدية ؛ وقاله ولده في «شرح الخلاصة».

قال ابن هشام : والأولى عندي أن يمثل للتعدية بنحو : ما أكرم زيدا لعمرو ، وما أحبه لبكر ، انتهى.

وقوله : (مِنْ آلِ يَعْقُوبَ) يريد يرث منهم الحكمة / والعلم ، والنبوة ، و (رَضِيًّا) معناه : مرضيّا ، والعاقر من النساء التي لا تلد من غير كبرة ، وكذلك العاقر من الرجال.

وقوله : (لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا) معناه في اللغة : لم نجعل له مشاركا في هذا الاسم ، أي : لم يسم به قبل يحيى ، وهذا قول ابن عباس (٣) وغيره.

وقال مجاهد (٤) وغيره : (سَمِيًّا) معناه : مئيلا ، ونظيرا ، وفي هذا بعد : لأنه لا

__________________

(١) ينظر الحديث السابق.

(٢) وبها قرأ عاصم الجحدري ، وابن يعمر ، وأبو حرب بن أبي الأسود ، والحسن ، وقتادة ، وأبو نهيك ، وجعفر بن محمد.

قال أبو الفتح : هذا ضرب من العربية غريب ، ومعناه التجريد ، وذلك أنك تريد : فهب لي من لدنك وليّا يرثني منه أو به وارث من آل يعقوب.

وهو الوارث نفسه ، فكأنه جرد منه وارثا. ومثله قول الله تعالى : (لَهُمْ فِيها دارُ الْخُلْدِ) [فصلت : ٢٨] ، فهي نفسها دار الخلد ، فكأنه جرد من الدار دارا ، وعليه قول الأخطل : [الطويل]

بنزوة لصّ بعد ما مر مصعب

بأشعث لا يفلى ولا هو يقمل

ومصعب نفسه هو الأشعث ، فكأنه استخلص منه أشعث. ا. ه.

ينظر : «المحتسب» (٢ / ٣٨) ، «ومختصر الشواذ» (٨٦) ، و «الكشاف» (٣ / ٥) ، «والمحرر الوجيز» (٤ / ٥) ، «والبحر المحيط» (٦ / ١٦٥) ، «والدر المصون» (٤ / ٤٩٢) ،

(٣) ذكره ابن عطية (٤ / ٦) ، والسيوطي (٤ / ٤٦٨) وعزاه إلى الفريابي ، وابن أبي شيبة ، وعبد بن حميد ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والحاكم عن ابن عباس.

(٤) أخرجه الطبريّ (٨ / ٣٠٩) برقم : (٢٣٥٠٥) ، وذكره ابن عطية (٤ / ٦) ، وابن كثير (٣ / ١١٢) ، والسيوطي (٤ / ٤٦٨)

٨

يفضل على إبراهيم وموسى عليهما‌السلام إلا أن يفضل في خاص ؛ كالسودد (١) ، والحصر.

والعتي ، والعسيّ : المبالغة في الكبر ، أو يبس العود ، أو شيب الرأس ، أو عقيدة ما ، وزكرياء : هو من ذرية هارون ـ عليهما‌السلام ـ ومعنى قوله : (سَوِيًّا) فيما قال الجمهور ، صحيحا من غير علّة ، ولا خرس.

وقال ابن عباس : ذلك عائد على الليالي ، أراد : كاملات مستويات (٢).

وقوله : (فَأَوْحى إِلَيْهِمْ) قال قتادة (٣) ، وغيره : كان ذلك بإشارة.

وقال مجاهد (٤) : بل بكتابة في التراب.

قال ع (٥) : وكلا الوجهين وحي.

وقوله : (أَنْ سَبِّحُوا) قال قتادة : معناه صلوا السبحة ، والسبحة : الصلاة (٦) ، وقالت فرقة : بل أمرهم بذكر الله ، وقول : سبحان الله.

(يا يَحْيى خُذِ الْكِتابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا (١٢) وَحَناناً مِنْ لَدُنَّا وَزَكاةً وَكانَ تَقِيًّا (١٣) وَبَرًّا بِوالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّاراً عَصِيًّا (١٤) وَسَلامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا (١٥) وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِها مَكاناً شَرْقِيًّا) (١٦)

وقوله ـ عزوجل ـ : [(يا يَحْيى خُذِ الْكِتابَ بِقُوَّةٍ)] المعنى : قال الله له : يا يحيى] (٧) خذ الكتاب ، وهو التوراة ، وقوله : (بِقُوَّةٍ) أي : العلم به ، والحفظ له ، والعمل به ، والالتزام للوازمه.

__________________

(١) السودد : الشرف ، وقد يهمز وتضم الدال.

ينظر : «لسان العرب» (٢١٤٤)

(٢) ذكره ابن عطية (٤ / ٧)

(٣) ذكره ابن عطية (٤ / ٧)

(٤) أخرجه الطبريّ (٨ / ٣١٤) رقم (٢٣٥٣٩) ، وذكره ابن عطية (٤ / ٧) ، والبغوي (٣ / ١٩٠) ، وابن كثير (٣ / ١١٣)

(٥) ينظر : «المحرر الوجيز» (٤ / ٧)

(٦) ذكره ابن عطية (٤ / ٧)

(٧) سقط في ج.

٩

وقوله : (صَبِيًّا) يريد : شابا لم يبلغ حدّ الكهولة ، ففي لفظ صبي على هذا ، تجوّز ، واستصحاب حال.

وروى معمر أنّ الصبيان دعوا يحيى إلى اللّعب ، وهو طفل ، فقال : إني لم أخلق للعب ، فتلك الحكمة الّتي آتاه الله عزوجل وهو صبيّ (١) ، وقال ابن عباس : من قرأ القرآن قبل أن يحتلم ، فهو ممن أوتي الحكمة صبيّا (٢). «والحنان» : الرحمة ، والشفقة ، والمحبّة ؛ قاله جمهور المفسرين ، وهو تفسير اللغة ؛ ومن الشواهد في «الحنان» قول النابغة : [الطويل]

أبا منذر ، أفنيت فاستبق بعضنا

حنانيك بعض الشرّ أهون من بعض (٣)

وقال عطاء بن أبي رباح : (حَناناً مِنْ لَدُنَّا) بمعنى تعظيما من لدنا (٤).

قال ع (٥) : وهو أيضا ما عظم من الأمر لأجل الله عزوجل ومنه قول زيد بن عمرو بن نفيل في خبر بلال : والله ، لئن قتلتم هذا العبد لأتّخذنّ قبره حنانا (٦).

قال أبو عبيدة : وأكثر ما يستعمل مثنى. انتهى ، والزكاة التنمية ، والتطهير في وجوه الخير.

قال مجاهد : كان طعام يحيى العشب ، وكان للدمع في خدّه مجار ثابتة ، ولم يكن جبّارا عصيّا (٧) ، روي أن يحيى عليه‌السلام لم يواقع معصية قطّ صغيرة ولا كبيرة ، والبر كثير البرّ ، والجبار : المتكبّر ، كأنه يجبر الناس على أخلاقه.

__________________

(١) أخرجه الطبريّ (٨ / ٣١٥) برقم : (٢٣٥٤٨) ، وذكره ابن عطية (٤ / ٧) ، وابن كثير (٣ / ١١٣) ، والسيوطي (٤ / ٤٧٠) ، وعزاه لأحمد في «الزهد» ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والخرائطي ، وابن عساكر عن معمر بن راشد.

(٢) ذكره ابن عطية (٤ / ٧) ، والبغوي (٣ / ١٩٠) والسيوطي (٤ / ٤٧٠) ، وعزاه لابن مردويه ، والبيهقي في «شعب الإيمان» عن ابن عباس مرفوعا ، وأخرجه ابن أبي حاتم عن ابن عباس موقوفا.

(٣) البيت لطرفة بن العبد في «ديوانه» ص (٦٦) ، و «الدرر» (٣ / ٦٧) ، و «الكتاب» (١ / ٣٤٨) ، و «ولسان العرب» (١٣ / ١٣٠) (حنن) ، و «همع الهوامع» (١ / ١٩٠) ، وبلا نسبة في «جمهرة اللغة» ص (١٢٧٣) ، و «شرح المفصّل» (١ / ١١٨) ، و «والمقتضب» (٣ / ٢٢٤)

(٤) أخرجه الطبريّ (٨ / ٣١٦) رقم (٢٣٥٥٩) ، وذكره ابن عطية (٣ / ١١٣)

(٥) ينظر : «المحرر الوجيز» (٤ / ٧)

(٦) ذكره ابن عطية (٤ / ٧)

(٧) ذكره ابن عطية (٤ / ٨)

١٠

وقوله : (وَسَلامٌ عَلَيْهِ) قال الطبريّ (١) ، وغيره : معناه وأمان عليه.

قال ع (٢) : والأظهر عندي : أنها التحية المتعارفة ، فهي أشرف وأنبه من الأمان ؛ لأن الأمان متحصّل له بنفي العصيان عنه ، وهو أقلّ درجاته ، وإنما الشرف في أن سلم الله عليه ، وحيّاه في المواطن الّتي الإنسان فيها في غاية الضعف ، والحاجة ، وقلّة الحيلة.

(وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ مَرْيَمَ) ، الكتاب : هو القرآن ، والانتباذ : التنحّي.

قال السدّيّ : انتبذت لتطهر من حيض (٣) ، وقال غيره : لتعبد الله عزوجل.

قال ع (٤) : وهذا أحسن.

وقوله : (شَرْقِيًّا) يريد : في جهة الشرق من مساكن أهلها ، وكانوا يعظمون جهة المشرق ؛ قاله الطبريّ.

وقال بعض المفسرين : اتخذت المكان بشرقي المحراب.

(فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجاباً فَأَرْسَلْنا إِلَيْها رُوحَنا فَتَمَثَّلَ لَها بَشَراً سَوِيًّا (١٧) قالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا (١٨) قالَ إِنَّما أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلاماً زَكِيًّا) (١٩)

وقوله سبحانه : (فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجاباً) ، أي : لتستتر به عن الناس ؛ لعبادتها. «والروح» : جبريل عليه‌السلام.

وقوله تعالى : (قالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا) ، المعنى : قالت مريم للملك الذي تمثل لها بشرا ، لما رأته قد خرق الحجاب / الّذي اتخذته ؛ فأساءت به الظن : أعوذ بالرحمن منك إن كنت ذا تقى ، فقال لها جبريل عليه‌السلام : (إِنَّما أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلاماً زَكِيًّا).

__________________

(١) ينظر «الطبريّ» (٨ / ٣١٨)

(٢) ينظر «المحرر الوجيز» (٤ / ٨)

(٣) أخرجه الطبريّ (٨ / ٣١٩) برقم (٢٣٥٧٢) ، وذكره ابن عطية (٤ / ٩) ، وابن كثير (٣ / ١١٤) بمعناه.

(٤) ينظر «المحرر الوجيز» (٤ / ٩)

١١

وقرأ أبو عمرو (١) ونافع بخلاف عنه «ليهب» (٢).

(قالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا (٢٠) قالَ كَذلِكِ قالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكانَ أَمْراً مَقْضِيًّا (٢١) فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكاناً قَصِيًّا (٢٢) فَأَجاءَهَا الْمَخاضُ إِلى جِذْعِ النَّخْلَةِ قالَتْ يا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هذا وَكُنْتُ نَسْياً مَنْسِيًّا) (٢٣)

(قالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا) ، والبغي : الزانية ، وروي : أن جبريل ـ عليه‌السلام ـ حين قاولها هذه المقاولة ، نفخ في جيب درعها ؛ فسرت النفخة بإذن الله تعالى حتّى حملت منها ؛ قاله وهب بن منبّه ، وغيره (٣).

وقال أبيّ بن كعب (٤) : دخل الروح المنفوخ من فمها ؛ فذلك قوله تعالى : (فَحَمَلَتْهُ) أي : فحملت الغلام ، ويذكر أنها كانت بنت ثلاث عشرة سنة ، فلمّا أحسّت بذلك ، وخافت تعنيف الناس ، وأن يظنّ بها الشر (انْتَبَذَتْ) أي : تنحت مكانا بعيدا ؛ حياء وفرارا على وجهها ، و (فَأَجاءَهَا) معناه : اضطرّها ، وهو تعدية [جاء] بالهمزة.

و (الْمَخاضُ) : الطلق ، وشدة الولادة ، وأوجاعها ، وروي : أنّها بلغت إلى موضع كان فيه جذع نخلة بال يابس ، في أصله مذود بقرة ، على جرية ماء ، فاشتدّ بها الأمر هنالك ، واحتضنت الجذع ؛ لشدة الوجع ، وولدت عيسى عليه‌السلام فقالت عند ولادتها ؛ لما رأته من صعوبة الحال من غير ما وجه : (يا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هذا) فتمنت الموت من جهة الدّين ؛ أن يظنّ بها الشر ، وخوف أن تفتتن بتعيير قومها ، وهذا مباح ؛ وعلى هذا الحدّ تمناه عمر ـ رضي الله عنه ـ.

__________________

(١) وأما قراءتهما ، فإنهما أسندا الفعل إلى ضمير «ربك» ، فكأنه قال : «ليهب الله «أو ربك» لك» ، ولم يكن جبريل الذي يهب بل الله سبحانه.

وأما قراءة الباقين ، فقد أسندوا الفعل للمتكلم ، والهبة لله سبحانه ، ومنه أمر الرسول والوكيل قد يسندان هذا النحو إلى أنفسهم وان كان الفعل للمرسل والموكل.

ينظر : «السبعة» (٤٠٨) ، و «الحجة» (٥ / ١٩٥) ، و «اعراب القراءات» (٢ / ١٤) ، و «معاني القراءات» (٢ / ١٣٢) ، و «حجة القراءات» (٤٤٠) و «شرح الطيبة» (٥ / ٣٠) ، و «العنوان» (١٢٦) ، و «شرح شعلة» (٤٨٥) ، و «إتحاف» (٢ / ٢٣٤)

(٢) في ج : لأهب.

(٣) أخرجه الطبريّ (٨ / ٣٢٢) برقم (٢٣٥٩١) ، وذكره ابن عطية (٤ / ١٠)

(٤) ذكره ابن عطية (٤ / ١٠) ، والبغوي (٣ / ١٩٢)

١٢

(وَكُنْتُ نَسْياً) أي : شيئا متروكا محتقرا ، والنّسيّ في كلام العرب ؛ الشيء الحقير الذي شأنه أن ينسى ، فلا يتألّم لفقده ؛ كالوتد ، والحبل للمسافر ، ونحوه.

وهذه القصة تقتضي أنها حملت واستمرّت حاملا على عرف البشر ، واستحيت من ذلك ؛ ومرّت بسببه ، وهي حامل ، وهو قول جمهور المتأوّلين.

وروي عن ابن عباس أنه قال : ليس إلا أن حملت ، فوضعت في ساعة واحدة ؛ والله أعلم (١).

وظاهر قوله : (فَأَجاءَهَا الْمَخاضُ) أنها كانت على عرف النساء.

(فَناداها مِنْ تَحْتِها أَلاَّ تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا (٢٤) وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُساقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيًّا (٢٥) فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْناً فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمنِ صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا (٢٦) فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَها تَحْمِلُهُ قالُوا يا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئاً فَرِيًّا (٢٧) يا أُخْتَ هارُونَ ما كانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَما كانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا) (٢٨)

وقوله سبحانه : (فَناداها مِنْ تَحْتِها) قرأ ابن كثير ، وأبو عمرو ، وابن عامر ، وعاصم (٢) : «فناداها من تحتها» على أن «من» فاعل بنادى ، والمراد ب «من» عيسى ؛ قاله مجاهد ، والحسن ، وابن جبير ، وأبي بن كعب (٣).

__________________

(١) أخرجه الطبريّ (٨ / ٣٢٥) برقم (٢٣٦٠٥) ، وذكره ابن عطية (٤ / ١١) ، والبغوي (٣ / ١٩٢) ، وابن كثير (٣ / ١١٦)

(٢) إنما قرأها عاصم هكذا من رواية أبي بكر ، وإلا فهي من رواية حفص المشهورة مثل الباقين «من تحتها».

وحجة هؤلاء أنه روي عن أبيّ قال : الذي خاطبها هو الذي حملته في جوفها.

وحجة الباقين ما روي عن ابن عباس أنه قال : «من تحتها» : جبريل ، ولم يتكلم عيسى حتى أتت به قومها.

ينظر : «السبعة» (٤٠٨ ـ ٤٠٩) ، و «الحجة» (٥ / ١٩٧) ، و «إعراب القراءات» (٢ / ١٦) ، و «معاني القراءات» (٢ / ١٣٣) ، و «شرح الطيبة» (٥ / ٣٢) ، و «العنوان» (١٢٦) ، و «شرح شعلة» (٤٨٥) ، و «حجة القراءات» (٤٤١) ، و «إتحاف» (٢ / ٢٣٥)

(٣) أخرجه الطبريّ (٨ / ٣٢٧) عن مجاهد برقم (٢٣٦٢٦) ، والحسن برقم (٢٣٦٣١) ، وابن جبير برقم (٢٣٦٣٣) ، وأبي بن كعب (٢٣٦٣٥) ، وذكره ابن عطية (٤ / ١١) ، والبغوي (٣ / ١٩٢) عن مجاهد والحسن ، وابن كثير (٣ / ١١٧) عن مجاهد ، والحسن ، وسعيد بن جبير ، والسيوطي (٤ / ٤٨٢) وعزاه لعبد بن حميد ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم عن مجاهد.

والثاني : عزاه لعبد الرزاق ، وعبد بن حميد ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم عن الحسن.

والثالث : عزاه لابن المنذر عن أبي بن كعب.

١٣

وقال ابن عباس : المراد ب «من» جبريل ، ولم يتكلم عيسى حتى أتت به قومها (١).

والقول الأول أظهر وأبين ، وبه يتبيّن عذر مريم ، ولا تبقى بها استرابة.

وقرأ نافع ، وحمزة ، والكسائيّ ، وحفص عن عاصم : «من تحتها» بكسر الميم ، واختلفوا أيضا فقالت فرقة : المراد عيسى ، وقالت فرقة : المراد جبريل المحاور لها قبل.

قالوا : وكان في بقعة أخفض من البقعة الّتي كانت هي عليها ؛ والأول أظهر.

وقرأ ابن عباس (٢) : «فناداها ملك من تحتها».

والسريّ : من الرجال العظيم السيّد ، والسري : أيضا الجدول من الماء ؛ وبحسب هذا اختلف النّاس في هذه الآية.

فقال قتادة ، وابن زيد : أراد جعل تحتك عظيما من الرجال ، له شأن (٣).

وقال الجمهور : أشار لها إلى الجدول ، ثم أمرها بهز الجذع اليابس ؛ لترى آية أخرى.

وقالت فرقة : بل كانت النخلة مطعمة رطبا ، وقال السدّيّ : كان الجذع مقطوعا ، وأجري تحتها النهر لحينه (٤).

قال ع (٥) : والظاهر من الآية : أن عيسى هو المكلّم لها ، وأن الجذع كان يابسا ؛ فهي آيات تسليها ، وتسكن إليها.

قال ص : قوله : (وَهُزِّي إِلَيْكِ) تقرر في علم النحو أن الفعل لا يتعدّى إلى ضمير متّصل ، وقد رفع المتصل ، وهما لمدلول واحد ، وإذا (٦) تقرر هذا ؛ ف «إليك» لا يتعلق ب «هزّي» ، ولكن يمكن أن يكون «إليك» حالا من جذع النخلة ؛ فيتعلّق بمحذوف ؛ أي : هزي بجذع النخلة منتهيا إليك. انتهى.

__________________

(١) أخرجه الطبريّ (٨ / ٣٢٧) برقم (٢٣٦٢٥) ، وذكره ابن عطية (٤ / ١١) ، والبغوي (٣ / ١٩٢) ، وابن كثير (٣ / ١١٧) ، والسيوطي (٤ / ٤٨٢) ، وعزاه لابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه عن ابن عباس.

(٢) ينظر : «المحرر الوجيز» (٤ / ١١) ، و «البحر المحيط» (٦ / ١٧٣)

(٣) أخرجه الطبريّ (٨ / ٣٣٠) عن قتادة برقم (٢٣٦٥٦) ، وابن زيد برقم (٢٣٦٥٧) ، وذكره ابن عطية (٤ / ١١) ، وابن كثير (٣ / ١١٧)

(٤) أخرجه الطبريّ (٤ / ٣٣٠) برقم (٢٣٦٦٢) ، وابن عطية (٤ / ١١)

(٥) ينظر «المحرر الوجيز» (٤ / ١١ ـ ١٢)

(٦) في ج : تقدر.

١٤

والباء في قوله : (بِجِذْعِ) : زائدة مؤكّدة ، و (جَنِيًّا) : معناه : قد طابت وصلحت للاجتناء ، وهو من جنيت الثمرة.

وقال عمرو بن ميمون (١) : ليس شيء للنّفساء خيرا من التمر ، والرطب.

وقرة العين مأخوذة من القرّ ؛ وذلك ، أنّه يحكى : أن دمع الفرح بارد المسّ ، ودمع الحزن سخن المس (٢) ، وقيل : غير هذا.

قال ص : (وَقَرِّي عَيْناً) أي : طيبي نفسا. أبو البقاء : «عينا» تمييز. ا ه.

وقوله سبحانه : (فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً ...) الآية ، المعنى : أن الله عزوجل أمرها على لسان جبريل عليه‌السلام أو ابنها ؛ على الخلاف المتقدم : بأن تمسك عن مخاطبة البشر ، وتحيل على ابنها في ذلك ؛ ليرتفع عنها خجلها ، وتبين الآية ؛ فيقوم عذرها.

وظاهر الآية : أنها أبيح لها أن تقول مضمن هذه الألفاظ الّتي في الآية ؛ وهو قول الجمهور.

وقالت فرقة : معنى (فَقُولِي) بالإشارة ، لا بالكلام.

قال ص : وقوله : (فَقُولِي) جواب الشرط ، وبينهما جملة محذوفة يدل عليها المعنى ؛ أي فإمّا ترينّ من البشر أحدا ، وسألك أو حاورك الكلام ، فقولي. انتهى.

و (صَوْماً) معناه عن الكلام ؛ إذ أصل الصوم الإمساك.

وقرأت فرقة : «إني نذرت للرّحمن صمتا» ولا يجوز في شرعنا نذر الصمت ؛ فروي : أن مريم عليها‌السلام لمّا اطمأنّت بما رأت من الآيات ، وعلمت أن الله تعالى سيبيّن عذرها ، أتت به تحمله مدلة من المكان القصيّ الذي كانت منتبذة به ، والفريّ : العظيم الشنيع ؛ قاله مجاهد (٣) ، والسدّيّ ، وأكثر استعماله في السوء.

__________________

(١) ذكره ابن عطية (٤ / ١٢)

(٢) في ج : الملمس.

(٣) أخرجه الطبريّ (٨ / ٣٣٥) عن مجاهد برقم (٢٣٦٨٢) ، وعن السدي برقم (٢٣٦٨٥) ، وذكره ابن عطية (٤ / ١٣) ، والبغوي (٢ / ١٩٣) ، وابن كثير (٣ / ١١٨) ، والسيوطي (٤ / ٤٨٦) ، وعزاه لابن أبي شيبة ، وعبد بن حميد ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم عن مجاهد.

١٥

واختلف في معنى قوله تعالى : (يا أُخْتَ هارُونَ) ، فقيل : كان لها أخ اسمه هارون ؛ لأن هذا الاسم كان كثيرا في بني إسرائيل.

وروى المغيرة بن شعبة : أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أرسله إلى أهل نجران في أمر من الأمور ، فقالت له النصارى : إن صاحبك يزعم أنّ مريم هي أخت هارون ، وبينهما في المدّة ستّ مائة سنة.

قال المغيرة : فلم أدر ما أقول ، فلما قدمت على النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ذكرت ذلك له ، فقال : ألم يعلموا أنهم كانوا يسمون بأسماء الأنبياء والصّالحين (١).

قال ع (٢) : فالمعنى أنه اسم وافق اسما.

وقيل : نسبوها إلى هارون أخي موسى ؛ لأنها من نسله ؛ ومنه قوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إن أخا صداء أذّن ، ومن أذّن ، فهو يقيم» (٣).

__________________

(١) أخرجه مسلم (٣ / ١٦٨٥) كتاب الآداب : باب النهي عن التكني بأبي القاسم ، حديث (٩ / ٢١٣٥) ، والترمذي (٥ / ٣١٥) كتاب التفسير : باب ومن سورة مريم ، حديث (٣١٥٥) ، والنسائي في التفسير (٢ / ٢٩) رقم (٣٣٥) ، وأحمد (٤ / ٢٥٢) ، وابن أبي شيبة (١٤ / ٥٥١) ، والطبريّ في «تفسيره» (١٦ / ٧٧ ـ ٧٨) ، والطبراني في «المعجم الكبير» (٢٠ / ٤١١) رقم (٩٨٦) ، والبيهقي في «دلائل النبوة» (٥ / ٣٩٢) ، وابن حبان (٦٢٥٠) ، والبغوي في «تفسيره» (٣ / ١٩٤) كلهم من طريق عبد الله بن إدريس عن أبيه عن سماك بن حرب عن علقمة بن وائل عن المغيرة بن شعبة به.

وقال الترمذي : حديث صحيح غريب ، لا نعرفه إلا من حديث عبد الله بن إدريس.

وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٤ / ٤٨٦) ، وزاد نسبته إلى عبد بن حميد ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه.

(٢) ينظر «المحرر الوجيز» (٤ / ١٣)

(٣) أخرجه أحمد (٤ / ١٦٩) ، وأبو داود (١ / ٣٥٢) : كتاب الصلاة : باب في الرجل يؤذن ، ويقيم آخر ، الحديث (٥١٤) ، والترمذي (١ / ٣٨٤) : كتاب الصلاة : باب ما جاء أن من أذن فهو يقيم ، الحديث (١٩٩) ، وابن ماجه (١ / ٢٣٧) : كتاب الأذان : باب السنة في الأذان ، الحديث (٧١٧) ، والبيهقي (١ / ٣٩٩) : كتاب الصلاة : باب الرجل يؤذن ويقيم غيره ، وابن سعد في «الطبقات الكبرى» (٧ / ٥٠٣) ، وأبو نعيم (١ / ٢٦٦) في «التاريخ» ، من حديث عبد الرحمن بن زياد بن أنعم الأفريقي ، عن زياد بن نعيم الحضرمي ، عن زياد بن الحارث الصدائي به ، وقال الترمذي : (إنما يعرف من حديث الأفريقي .. وقد ضعفه القطان وغيره .. قال : ورأيت محمد بن إسماعيل ـ يعني البخاري ـ يقوي أمره ، ويقول : هو مقارب الحديث).

وللحديث شاهد من حديث ابن عمر :

قال : أبطأ بلال يوما بالأذان ، فأذن رجل ، فجاء بلال فأراد أن يقيم ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «يقيم من أذن». ـ

١٦

وقال قتادة : نسبوها إلى هارون اسم رجل صالح في ذلك الزمان (١).

وقالت فرقة : بل كان في ذلك الزمان رجل فاجر اسمه هارون نسبوها إليه ؛ على جهة التّعيير.

ت : والله أعلم بصحّة هذا ، وما رواه المغيرة إن ثبت هو المعوّل عليه ، وقولهم : (ما كانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ) المعنى : ما كان أبوك ، ولا أمّك أهلا لهذه الفعلة ، فكيف جئت أنت بها؟ والبغيّ : الّتي تبغي الزنا ، أي : تطلبه.

(فَأَشارَتْ إِلَيْهِ قالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا (٢٩) قالَ إِنِّي عَبْدُ اللهِ آتانِيَ الْكِتابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا (٣٠) وَجَعَلَنِي مُبارَكاً أَيْنَ ما كُنْتُ وَأَوْصانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ ما دُمْتُ حَيًّا (٣١) وَبَرًّا بِوالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيًّا (٣٢) وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا) (٣٣)

وقوله تعالى : (فَأَشارَتْ إِلَيْهِ) يقوي قول من قال : إنّ أمرها ب (فَقُولِي) ، إنما أريد به الإشارة.

وقوله : (آتانِيَ الْكِتابَ) يعني الإنجيل ، ويحتمل أن يريد التوراة والإنجيل ، و «آتاني» معناه : قضى بذلك ـ سبحانه ـ وأنفذه في سابق حكمه ، وهذا نحو قوله تعالى : (أَتى أَمْرُ اللهِ) [النحل : ١].

(وَأَوْصانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ) قيل : هما المشروعتان في البدن ، والمال.

وقيل : الصلاة : الدعاء ، والزكاة : التطهّر من كلّ عيب ، ونقص ، ومعصية. والجبار ؛ المتعظّم ؛ وهي خلق مقرونة بالشقاء ؛ لأنّها مناقضة لجميع الناس ، فلا يلقى صاحبها من كل أحد إلا مكروها ، وكان عيسى عليه‌السلام في غاية التّواضع ؛ يأكل الشجر ، ويلبس الشعر ، ويجلس على الأرض ، ويأوي حيث جنّه الليل. لا مسكن له.

__________________

أخرجه عبد بن حميد في «المنتخب من المسند» (ص ـ ٢٥٨) ، رقم (٨١١) ، والبيهقي (١ / ٣٩٩) ، والعقيلي في «الضعفاء» (٢ / ١٠٥) من طريق سعيد بن راشد السماك ، عن عطاء بن أبي رباح ، عن ابن عمر به ، وقال البيهقي : تفرد به سعيد بن راشد ، وهو ضعيف.

وأخرج العقيلي (٢ / ١٠٥) بسنده عن يحيى بن معين ، قال : سعيد بن راشد السماك يروي «من أذن فهو يقيم» ، ليس حديثه بشيء.

(١) أخرجه الطبريّ (٨ / ٣٣٥) برقم (٢٣٦٨٧) ، وذكره ابن عطية (٤ / ١٤) ، والبغوي (٣ / ١٩٣) ، وابن كثير (٣ / ١١٩)

١٧

قال قتادة : وكان يقول : سلوني ؛ فإني ليّن القلب ، صغير في نفسي (١).

وقالت فرقة : إنّ عيسى عليه‌السلام كان أوتي الكتاب وهو في سنّ الطفوليّة ، وكان يصوم ، ويصلّي.

قال ع (٢) : / وهذا في غاية الضّعف.

ت : وضعفه من جهة سنده ؛ وإلا فالعقل لا يحيله ؛ لا سيّما وأمره كله خرق عادة ، وفي قصص هذه الآية ؛ عن ابن زيد ، وغيره : أنهم لما سمعوا كلام عيسى أذعنوا وقالوا : إن هذا الأمر عظيم.

(ذلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ (٣٤) ما كانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ سُبْحانَهُ إِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (٣٥) وَإِنَّ اللهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ) (٣٦)

وقوله تعالى : (ذلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ) المعنى : قل يا محمد ، لمعاصريك من اليهود والنّصارى ذلك الذي هذه قصّته ؛ عيسى بن مريم.

وقرأ نافع ، وعامّة الناس (٣) : «قول الحقّ» برفع القول ؛ على معنى هذا هو قول الحق.

وقرأ عاصم ، وابن عامر : «قول الحقّ» بنصب اللام (٤) ؛ على المصدر.

وقوله : (إِنَّ اللهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ ...) الآية ، هذا من تمام القول الّذي أمر به محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم : أن يقوله ، ويحتمل أن يكون من قول عيسى عليه‌السلام ويكون قوله : «أنّ» بفتح الهمزة ، عطفا على قوله : «الكتاب».

وقد قال وهب بن منبّه : عهد عيسى إليهم : أن الله ربي وربّكم (٥).

__________________

(١) أخرجه الطبريّ (٨ / ٣٣٩) برقم (٢٣٧١٣) ، وذكره ابن عطية (٤ / ١٥)

(٢) ينظر «المحرر الوجيز» (٤ / ١٥)

(٣) ينظر : «السبعة» (٤٠٩) ، و «الحجة» (٥ / ٢٠١) ، و «إعراب القراءات» (٢ / ١٨) ، و «معاني القراءات» (٢ / ١٣٥) ، و «شرح الطيبة» (٥ / ٣٣ ، ٣٤) ، و «العنوان» (١٢٧) ، و «شرح شعلة» (٤٨٦) ، و «حجة القراءات» (٤٤٣) ، و «إتحاف» (٢ / ٢٣٦)

(٤) في ج : القول.

(٥) أخرجه الطبريّ (٨ / ٣٤٢) رقم (٢٣٧٢١) بنحوه ، وذكره ابن عطية (٤ / ١٥)

١٨

ت : وما ذكره وهب [مصرح به في القرآن ، ففي آخر المائدة : (ما قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا ما أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ ...) الآية. [المائدة : ١١٧]. وامتراؤهم] (١) في عيسى هو اختلافهم ؛ فيقول بعضهم : لزنية ، وهم اليهود ، ويقول بعضهم : هو الله ؛ تعالى الله عن قولهم علوّا كبيرا ، فهذا هو امتراؤهم ، وسيأتي شرح ذلك بإثر هذا.

(فَاخْتَلَفَ الْأَحْزابُ مِنْ بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ مَشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ (٣٧) أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنا لكِنِ الظَّالِمُونَ الْيَوْمَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (٣٨) وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) (٣٩)

وقوله : (فَاخْتَلَفَ الْأَحْزابُ مِنْ بَيْنِهِمْ) هذا ابتداء خبر من الله تعالى لمحمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم بأن بني إسرائيل اختلفوا أحزابا ، أي : فرقا.

وقوله : (مِنْ بَيْنِهِمْ) بمعنى : من تلقائهم ، ومن أنفسهم ثار شرّهم ، وإنّ الاختلاف لم يخرج عنهم ؛ بل كانوا هم المختلفين.

وروي في هذا عن قتادة : أنّ بني إسرائيل جمعوا من أنفسهم أربعة أحبار غاية في المكانة والجلالة عندهم وطلبوهم أن يبيّنوا لهم أمر عيسى فقال أحدهم : عيسى هو الله ؛ تعالى الله عن قولهم.

وقال له الثلاثة : كذبت ، واتبعه اليعقوبية ، ثم قيل للثلاثة ؛ فقال أحدهم : عيسى ابن الله ، [تعالى الله عن قولهم] (٢) فقال له الاثنان : كذبت ، واتبعه النّسطوريّة ، ثم قيل للاثنين ؛ فقال أحدهما : عيسى أحد ثلاثة : الله إله ، ومريم إله ، وعيسى إله ؛ [تعالى الله عن قولهم علوّا كبيرا] (٣) فقال له الرابع : كذبت ، واتّبعته الإسرائيلية ، فقيل للرابع ؛ فقال : عيسى عبد الله ، وكلمته ألقاها إلى مريم ، فاتّبع كلّ واحد فريق من بني إسرائيل ، ثم اقتتلوا فغلب المؤمنون ، وقتلوا ، وظهرت اليعقوبيّة على الجميع (٤).

و «الويل» : الحزن ، والثّبور ، وقيل : «الويل» : واد في جهنّم ، و (مَشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ) : هو يوم القيامة.

__________________

(١) سقط في ج.

(٢) سقط في ب ، ج.

(٣) في ب ، ج. سقط.

(٤) أخرجه الطبريّ (٨ / ٣٤٣) برقم (٢٣٧٢٤) ، وذكره ابن عطية (٤ / ١٦) ، وابن كثير (٣ / ١٢١) ، والسيوطي (٤ / ٤٨٨ ، ٤٨٩) ، وعزاه لعبد الرزاق ، وابن أبي حاتم عن قتادة نحوه.

١٩

وقوله سبحانه : (أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ) أي : ما أسمعهم ، وأبصرهم يوم يرجعون إلينا ، ويرون ما نصنع بهم ، (لكِنِ الظَّالِمُونَ الْيَوْمَ) أي : في الدنيا في (ضَلالٍ مُبِينٍ) أي بيّن ، (وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ) وهو يوم ذبح الموت ؛ قاله الجمهور.

وفي هذا حديث صحيح خرجه البخاري وغيره عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : أنّ الموت يجاء به في صورة كبش أملح ، فيذبح على الصّراط بين الجنّة والنّار ، وينادى : يا أهل الجنّة ، خلود لا موت ، ويا أهل النّار ، خلود لا موت ، ثمّ قرأ : (وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ ...) (١) [الآية] (٢).

قال ع (٣) : [وعند ذلك تصيب أهل النار حسرة لا حسرة مثلها.

وقال ابن زيد ، وغيره : يوم الحسرة] (٤) : هو يوم القيامة (٥).

قال ع (٦) : ويحتمل أن يكون يوم الحسرة اسم جنس شامل لحسرات كثيرة ؛ بحسب مواطن الآخرة : منها يوم موت الإنسان ، وأخذ الكتاب بالشّمال ، وغير ذلك ، (وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ) يريد : في الدنيا.

__________________

(١) أخرجه البخاري (٨ / ٢٨٢) كتاب التفسير : باب (وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ) حديث (٤٧٣٠) ، ومسلم (٤ / ٢١٨٨ ـ ٢١٨٩) كتاب الجنة والنار : باب النار يدخلها الجبارون ، حديث (٤٠ ، ٤١ / ٢٨٤٩) ، والترمذي (٥ / ٣١٥ ـ ٣١٦) كتاب التفسير : باب ومن سورة مريم ، حديث (٣١٥٦) ، والنسائي في «الكبرى» (٦ / ٣٩٣) كتاب التفسير : باب قوله تعالى : (وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ) ، حديث (١١٣١٦) ، وأحمد (٣ / ٩) ، وأبو يعلي (٢ / ٣٦٤) رقم (١١٢٠) ، والطبريّ في «تفسيره» (٨ / ٣٤٥) رقم (٢٣٧٣٣) من حديث أبي سعيد الخدري مرفوعا.

وقال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح.

وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٤ / ٤٨٩) ، وزاد نسبته إلى سعيد بن منصور ، وعبد بن حميد ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وابن حبان ، وابن مردويه.

وللحديث شاهد من حديث أبي هريرة : أخرجه النسائي في «الكبرى» (٦ / ٣٩٣ ـ ٣٩٤) كتاب التفسير : باب قوله تعالى (وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ) حديث (١١٣١٧) ، والطبريّ في «تفسيره» (٨ / ٣٤٥) رقم (٢٣٧٣٤) كلاهما من طريق الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة به.

وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٤ / ٤٨٩) ، وزاد نسبته إلى ابن أبي حاتم ، وابن مردويه.

(٢) سقط في ب.

(٣) ينظر : «المحرر الوجيز» (٤ / ١٧)

(٤) سقط في ب.

(٥) أخرجه الطبريّ (٨ / ٣٤٥) برقم (٢٣٧٣٧) ، وذكره ابن عطية (٤ / ١٧) ، وابن كثير (٣ / ١٢٢)

(٦) ينظر : «المحرر الوجيز» (٤ / ١٧)

٢٠