تفسير مقاتل بن سليمان - ج ٥

تفسير مقاتل بن سليمان - ج ٥

المؤلف:


المحقق: عبدالله محمود شحاته
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مؤسسة التاريخ العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٧٩

ـ ١ ـ

فواتح السور

استفتح الله عزوجل بعض سور كتابه الحكيم ببعض الحروف الهجائية التي لا تكون كلمات. فبعضها ابتدئ بحرف واحد مثل : (ص) ، (ق) ، (ن). وبعضها ابتدئ بحرفين مثل : (حم) ، (طه) ، (يس). وبعضها بثلاثة أحرف مثل : (الم) ، (الر) ، (طسم). ومن بينها سور بدئت باربعة أحرف مثل : (المص) ، (المر) ، ومنها ما بدئ بخمسة أحرف مثل : (كهيعص) ، ومنها المبدوء بستة أحرف مثل : (حم عسق.)

وقد تكرر بعض هذه الحروف فى اكثر من سورة كما تشاهد فى الجدول الآتي

اسم الحرف

السور التي فتحت به

(حم)

سورة غافر ، فصلت ، الشورى ، الزخرف ، الدخان الجاثية ، الأحقاف (من سورة ٤٠ حتى سورة ٤٦)

(الم)

البقرة ، آل عمران ، العنكبوت ، الروم ، لقمان ، السجدة (وأرقامها ٢ ، ٣ ، ٢٩ ، ٣٠ ، ٣١ ، ٣٢)

(الر)

يونس ، هود ، يوسف ، ابراهيم ، الحجر. (أرقامها ١٠ ، ١١ ، ١٢ ، ١٤ ، ١٥).

(طسم)

سورة غافر ، فصلت ، الشورى ، الزخرف ، الدخان الجاثية ، الأحقاف (من سورة ٤٠ حتى سورة ٤٦)

 ـ ٢ ـ

معاني هذه الفواتح

عدد السور التي بدئت بهذه الفواتح تسع وعشرون سورة ، كلها من القسم المكي الذي عنى بتقرير التوحيد والرسالة والبعث ، ما عدا سورتي البقرة وآل عمران فهما مدنيتان ، تضمنتا مناقشة اهل الكتاب.

وليس لهذه الفواتح فى اللغة العربية معان مستقلة ، ولم يرد من طريق صحيح عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم بيان للمراد منها.

بيد انه قد اثرت عن السلف آراء متعددة فى معاني هذه الفواتح.

٢٠١

وهذه الآراء على كثرتها ترجع الى رأيين اثنين :

أحدهما : انها جميعا مما استأثر الله به ، ولا يعلم معناه احد سواه ، وهذا راى كثير من الصحابة والتابعين (١).

وثانيها : ان لها معنى ، وقد ذهبوا فى معناها مذاهب شتى :

١ ـ فمنهم من قال انها اسماء للسور التي بدئت بها (٢) ، او ان كلا منها علامة على انتهاء سورة والشروع فى اخرى.

٢ ـ ومنهم من قال انها رموز لبعض اسماء الله تعالى او صفاته ، فنسب الى ابن عباس فى (كهيعص) ان الكاف من الملك ، والهاء من الله ، والياء من العزيز والصاد من المصور.

ونسب اليه اشارة الى : كاف ، هاد ، أمين ، عالم ، صادق ، وروى عنه فيها ايضا : كبير ، هاد ، أمين ، عزيز ، صادق (٣).

وروى عن الضحاك فى معنى ، (الر) : انا الله ارفع (٤).

٣ ـ ومنهم من قال انها قسم اقسم الله به (٥) ، لبيان شرف هذه الحروف وفضلها ، إذ هي مباني كتابه المنزل على رسوله.

٤ ـ ومنهم من قال ان المقصود منها هو تنبيه السامعين وايقاظهم.

٥ ـ ومنهم من قال : ان المقصود منها سياسة النفوس المعرضة عن القرآن واستدراجها الى الاستماع اليه. والمعروف ان اعداء الإسلام فى صدر الدعوة كانوا يتواصون بعدم الاستماع للقرآن ويقولون : (لا تَسْمَعُوا لِهذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ).

فلما أنزلت السور المبدوءة بحروف الهجاء ، وقرع اسماعهم ما لم يألفوا ، التفتوا ، وإذا هم امام آيات بينات استهوت قلوبهم ، واستمالت عقولهم ، فآمن من أراد هدايته ، وشارف الايمان من شاء الله تأخيره ، وقامت الحجة فى وجه الطغاة المكابرين (٦).

__________________

(١) نسب القرطبي فى تفسيره هذا الرأي الى ابى بكر وعمر وعثمان وعلى وابن مسعود رضى الله عنهم أجمعين. وقال به عامر الشعبي وسفيان الثوري والربيع بن خيثم واختاره ابو حاتم بن حيان (تفسير ابن كثير ١ / ٣٦)

(٢) قال بذلك عبد الرحمن بن زيد بن اسلم قال الزمخشري فى تفسيره وعليه اطباق الأكثر ونقله عن سيبويه وروى عن مجاهد انه قال : (الم) ، (حم) ، (المص ، ص) فواتح افتتح الله بها القرآن (تفسير ابن كثير ١ / ٣٦ ، والبيضاوي ص ٧)

(٣) انظر هذه الأقوال المختلفة فى الإتقان ٢ / ١٤. وفى تفسير الطبري أول سورة مريم.

(٤) الإتقان ٢ / ١٣.

(٥) تفسير ابن كثير : ١ / ٣٦.

(٦) مناهل العرفان للزرقاني : ١ / ٢٢٢ ، ويلاحظ ان هذا الرأي قريب من سابقه.

٢٠٢

٦ ـ ومنهم من ذهب الى ان هذه الحروف ذكرت للتحدي وبيان اعجاز القرآن وان الخلق عاجزون عن الإتيان بمثل القرآن مع انه مركب من هذه الحروف المقطعة التي يتخاطبون بها (٧).

وفى هذا دلالة على انه ليس من صنع بشر ، بل تنزيل من حكيم حميد. وقد لاحظ اصحاب هذا الرأي ان فواتح السور مكونة فى جملتها من اربعة عشر حرفا هي نصف حروف الهجاء ، كما انها حوت فوق ذلك من كل جنس من الحروف نصفه فقد حوت نصف الحروف المهموسة (٨) ، ونصف المجهورة (٩) ، ونصف الشديدة (١٠) ، ونصف الرخوة (١١) ، ونصف المطبقة (١٢) ، ونصف المنفتحة (١٣).

«وقال القاضي ابو بكر : انما جاءت على نصف حروف المعجم ، كأنه قيل :

من زعم ان القرآن ليس بآية فليأخذ الشطر الباقي ، ويركب عليه لفظا معارضة للقرآن. وقد علم ذلك بعض ارباب الحقائق» (١٤).

والرأي الأخير قد انتصر له الزمخشري (ت ٥٣٨ ، ه) فى كشافه أتم انتصار ، ومال اليه ابن كثير (ت ٧٧٤ ه‍) فى مقدمة تفسيره (١٥) وضعف ما عداه ، ونقل ابن كثير عن بعضهم انه لخص فى هذا المقام كلاما فقال : (لا شك ان هذه الحروف لم ينزلها سبحانه وتعالى عبثا ولا سدى ، ومن قال من الجهلة ان فى القرآن ما هو تعبد لا معنى له بالكلية فقد أخطأ خطا كبيرا ، فتعين ان لها معنى فى نفس الأمر ، فان صح لنا فيها عن المعصوم شيء قلنا به ، والا وقفنا حيث وقفنا وقلنا (آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا)

__________________

(٧) حكى هذا المذهب الرازي فى تفسيره عن المبرد وجمع من المحققين وحكى القرطبي عن الفراء وقطرب نحو هذا. كما ذهب اليه الزمخشري وابن تيمية وابى الحجاج المزي. انظر تفسير ابن كثير : ١ / ٣٨. والكشاف للزمخشري ١ / ١٦ ، ١٧ ، ومقدمة تفسير البيضاوي ص ٧ ، وانظر ايضا البرهان : ١ / ١٦٥. ١٦٦ ، والإتقان : ٢ / ١٣.

(٨) الحروف المهموسة عشرة يجمعها قولك (فحثه شخص سكت) وقد ذكر منها فى فواتح السور : السين ، والحاء ، والكاف ، والصاد ، والهاء.

(٩) والحروف المجهورة ١٨ ونصفها ذكر فى فواتح السور ويجمعها (لن يقطع امر).

(١٠) الحروف الشديدة ٨ وهي (أجدت طبقك) اربعة منها فى الفواتح وهي (اقطك).

(١١) والحروف الرخوة ٢٠ وهي الباقية بعد الشديدة نصفها ١٠ فى هذه الفواتح يجمعها (حمس على نصره).

(١٢) الحروف المطبقة ٤ هي الصاد ، والضاد ، والطاء ، والظاء ، وفى الفواتح نصفها الصاد والطاء.

(١٣) وبقية الحروف وهي ٢٤ تسمى منفتحة نصفها وهو ١٢ فى الفواتح المذكورة. (الكشاف : ١ / ١٣ ـ ١٤) بتصرف. وقال الزمخشري فى الكشاف بعد ذلك : «ثم إذا استقريت الكلام تجد ان الحروف التي ذكرت فى هذه الفواتح اكثر تداولا من التي تركت ، ودليله ان الالف واللام لما كانت اكثر تداولا فى الكلام جاءت فى معظم هذه الفواتح فسبحان الذي دقت فى كل شيء حكمته».

(١٤) البرهان للزركشى : ١ / ١٦٧.

(١٥) وقدم كثيرا من الادلة ثم قال وغير ذلك من الآيات الدالة على صحة ما ذهب اليه هؤلاء لمن أمعن النظر والله اعلم.

٢٠٣

، ولم يجمع العلماء فيها على شيء معين ، وانما اختلفوا فمن ظهر له بعض الأقوال بدليل فعليه اتباعه ، والا فالوقف حتى يتبين) (١٦).

وقريب من هذا ما ذهب اليه ابن قتيبة (المتوفى سنة ٢٧٦ ه‍) : (من ان الله لم ينزل شيئا من القرآن الا لينفع به عباده ، ويدل به على معنى اراده. ثم يقول ابن قتيبة : وبعد. فانا لم نر المفسرين توقفوا عن شيء من القرآن فقالوا : هذا متشابه لا يعلمه الا الله ، بل أمروه كله على التفسير ، حتى فسروا الحروف المقطعة فى أوائل السور) (١٧).

ـ ٣ ـ

مقاتل يرى انها من حساب الجمل

ذهب مقاتل الى انها حروف من حساب الجمل. (وذكر مقاتل حساب الجمل فقال : يبدأ بحروف ابى جاد) (١٨). ثم ذكر جميع الحروف الابجدية ، والحقها بعد ابى جاد.

فالالف بواحد والباء باثنين والجيم بثلاثة والدال باربعة وهكذا .. الى القاف والراء بمائتين. وهكذا الى الغين بألف كما ستراه فى الجدول الآتي :

الحرف

 قيمته فى حساب الجمل

 الحرف

 قيمته فى حساب الجمل

 الحرف

 قيمته فى حساب الجمل

ا

 ١

 ك

 ٢٠

 ر

 ٢٠٠

ب

 ٢

 ل

 ٣٠

 ش

 ٣٠٠

ج

 ٣

 م

 ٤٠

 ت

 ٤٠٠

د

 ٤

 ن

 ٥٠

 ث

 ٥٠٠

ه‍

 ٥

 س

 ٦٠

 خ

 ٦٠٠

و

 ٦

 ع

 ٧٠

 ذ

 ٧٠٠

ز

 ٧

 ف

 ٨٠

 ض

 ٨٠٠

ح

 ٨

 ص

 ٩٠

 ظ

 ٩٠٠ ط

ى

 ١٠

__________________

(١٦) تفسير ابن كثير : ١ / ٣٧.

(١٧) تاويل مشكل القرآن ، لابن قتيبة ص ٧٣ ، تحقيق السيد احمد صقر. وانظر : «المحكم والمتشابه» فى هذا الكتاب.

(١٨) تفسير مقاتل مخطوطة احمد الثالث ، مقدمة هذا التفسير ١ / ٢ ، ٣. وانظر تحقيقي لهذا التفسير مجلد ١ / ٢٨ ـ ٢٩.

٢٠٤

ـ ٤ ـ

الطبري وراى مقاتل

وقد أورد ابن جرير الطبري فى تفسيره آراء العلماء فى فواتح السور ، ونسب كل راى الى قائله. بيد انه حين ذكر راى مقاتل فى انها حروف من حساب الجمل ـ كره ان يصرح بنسبته الى مقاتل ، لان ابن جرير تعمد الا يدخل فى تفسيره شيئا لمقاتل. قال الطبري : (وقال بعضهم : هي حروف من حساب الجمل ـ كرهنا ذكر الذي حكى ذلك عنه ، إذ كان الذي رواه ممن لا يعتمد على روايته ونقله وقد مضت الرواية بنظير ذلك من القول عن الربيع بن انس (١٩).

وبعد ان ذكر الطبري عددا من الآراء فى فواتح السور ـ بدا يوجه كل راى ويذكر حجة أصحابه ، فوجه راى مقاتل وشرحه اكثر من مقاتل نفسه (٢٠).

ومن العجيب انه اختاره مع اولى الآراء بالصواب ، وأورد الأحاديث التي احتج بها مقاتل (٢١).

ـ ٥ ـ

حديث حساب الجمل

واستدل مقاتل على صحة ما ذهب اليه بحديث أورده فى أول تفسيره ، وقد حكاه الطبري وأورد سنده ، وفيه الكلبي عن ابى صالح ، ومعلوم ان رواية الكلبي عن ابى صالح ضعيفة.

__________________

(١٩) تفسير ابن جرير الطبري : ١ / ٢٠٨ تحقيق محمود محمد شاكر واحمد محمد شاكر والقول الذي ذكره الربيع بن انس هو ما حكاه الطبري بقوله : (وقال بعضهم : هي حروف يشتمل كل حرف منها على معان شتى مختلفة) ذكر من قال ذلك.

٢٤٣ ـ حدثني المثنى بن ابراهيم الطبري ، قال : حدثنا إسحاق بن الحجاج عن عبد الله بن ابى جعفر الرازي ، قال : حدثني ابى ، عن الربيع بن انس فى قول الله تعالى ذكره : «الم» : قال : هذه الأحرف ، من التسعة والعشرين حرفا دارت فيها الألسن كلها. ليس منها حرف الا وهو مفتاح اسم من أسمائه ، وليس حرف الا وهو فى آلائه وبلائه ، وليس منها حرف الا وهو فى مدة قوم وآجالهم. وقال عيسى بن مريم : «وعجيب ينطقون فى أسمائه ويعيشون فى رزقه ، فكيف يكفرون» قال : الالف مفتاح اسمه : (الله). واللام مفتاح اسمه : (لطيف) ، والميم اسمه : (مجيد). الالف آلاء الله ، واللام لطفه والميم مجده. الالف سنة ، واللام ثلاثون سنة ، والميم سبعون سنة.

٢٤٤ ـ حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا حكام ، عن ابى جعفر عن الربيع بنحوه.

(تفسير ابن جرير الطبري : ١ / ٢٠٨ تخريج احمد محمد شاكر ثم قال : الاخبار ٢٢٥ ـ ٢٤٤ ذكرها ابن كثير : ١ / ٦٥ ـ ٦٦ بعضها بالإسناد ، وبعضها دون اسناد ، وسردها السيوطي : ١ / ٢٢ ـ ٢٣ ، والشوكانى : ١ / ٢١)

(٢٠) انظر تفسير الطبري : ١ / ٢١٦. الطبعة المحققة.

(٢١) انظر تفسير الطبري : ١ / ٢٢١ ـ ٢٢٣ ، تجد كل ذلك مشروحا فيه.

٢٠٥

وهذا الحديث الذي يستدل به مقاتل على صحة ما ذهب اليه قد أورده الطبري مع غيره من الآراء ، ثم قال الطبري :

(والصواب عندي فى تاويل مفاتح السور ، التي هي حروف المعجم ، ان الله ابتدا بها السور للدلالة بكل حرف على معان كثيرة ، لا على معنى واحد) (٢٢).

«فهن فواتح ما افتتح بهن من سور القرآن».

«وهن مما اقسم الله بهن».

«وهن من حروف حساب الجمل».

«وهن للسور التي افتتحت بهن شعار واسماء» (٢٣).

ـ ٦ ـ

ابن كثير وحساب الجمل ابن كثير وراى مقاتل :

وقد نقل ابن كثير ما حكاه ابن جرير الطبري من الآراء فى فواتح السور ، كما نقل اختياره الجمع بين هذه الآراء ، وانها مقصودة جميعها من هذه الحروف ـ بما فيها حساب الجمل ـ ، ثم خالف الطبري فيما ذهب اليه ، فأنكر ان يكون المراد بالحرف الواحد ، معاني متعددة فى وقت واحد ، «اما لفظ الامة وما أشبهها من الألفاظ المشتركة فى الاصطلاح فانما دل فى القرآن فى كل موطن على معنى واحد دل عليه سياق الكلام» (٢٤).

ولم يرتض ابن كثير دلالة هذه الحروف على حساب الجمل ، وضعف الحديث الذي استدل به مقاتل ، قال ابن كثير :

(واما من زعم انها دلالة على معرفة المدد ، وانه يستخرج من ذلك اوقات الحوادث والفتن والملاحم ـ فقد ادعى ما ليس له ، وطار فى غير مطاره. وقد ورد فى ذلك حديث ضعيف. وهو مع ذلك ادل على بطلان هذا المسلك من التمسك به على صحته ، وهو ما رواه محمد بن اسحق عن الكلبي عن ابى صالح عن ابن عباس.

__________________

(٢٢) الطبري : ١ / ٢٢٠ تحقيق محمود شاكر ، بتصرف.

(٢٣) تفسير الطبري : ١ / ٢٢٢ تحقيق محمود شاكر ، بتصرف.

(٢٤) انظر تفسير ابن كثير : ١ / ٣٧ ط دار احياء الكتب العربية. ثم قال : (فاما حمله على جميع محامله إذا أمكن فمسالة مختلف فيها بين علماء الأصول ليس هذا موضع البحث فيها والله اعلم.

ثم ان لفظ الامة تدل على كل من معانيها فى سياق الكلام بدلالة الوضع ، فاما دلالة الحرف الواحد على اسم يمكن ان يدل على اسم آخر من غير ان يكون أحدهما اولى من الآخر فى التقدير او الإضمار بوضع ولا بغيره ـ فهذا ما لا يفهم الا بتوقيف والمسالة مختلف فيها وليس فيها اجماع حتى يحكم به)

٢٠٦

(وساق الحديث السابق الذي يدل على ان المراد بفواتح السور حساب الجمل) (٢٥).

ثم قال : (فهذا الحديث مداره على محمد بن السائب الكلبي وهو ممن لا يحتج بما انفرد به ، ثم كان مقتضى هذا المسلك ان كان صحيحا ان يحسب ما لكل حرف من الحروف الاربعة عشر التي ذكرناها ، وذلك يبلغ منه جملة كثيرة ، وان حسبت مع التكرار فأطم وأعظم والله اعلم) (٢٦).

ـ ٧ ـ

المحقق احمد محمد شاكر

ينقد حساب الجمل ، ويضعف روايات أحاديثه

ذكرنا ان الطبري أورد عدة آراء فى فواتح السور ، من بينها انهن من حروف حساب الجمل ، وذكرنا كذلك انه اختار ان هذه الأحرف تحوى سائر المعاني ، ثم ساق الحديث الذي أورده مقاتل.

وفى تعليق المحقق المرحوم الشيخ احمد محمد شاكر على هذا الحديث ضعف اسناده ، وتعجب من احتجاج الطبري بهذه الروايات المتهافتة ، ورضائه بالتأويل المستنكر بحساب الجمل.

وقد ذكر ان الحديث الذي أورده الطبري فى حساب الجمل فى اسناده محمد بن السائب الكلبي وهو ضعيف جدا رمى بالكذب. وقال ابو حاتم «الناس مجتمعون على ترك حديثه ، لا يشتغل به ، هو ذاهب الحديث» وساق المحقق عدة روايات للحديث كلها ضعيف مضطرب (٢٧).

ـ ٨ ـ

راى أراه فى الحديث

أسلفنا ان المحقق الشيخ احمد محمد شاكر ـ رحمه‌الله ـ قد ذهب الى ضعف الحديث واضطرابه ، ولا شك ان لهذا المحقق قدما ثابتة فى معرفة الرجال والأحاديث ، فقد ساق أسانيد ثلاثة رواها البخاري فى التاريخ الكبير (٢٨).

ثم جرح الاسناد الاول لان فيه مجهولا ، وجرح الاسناد الثاني لان فيه

__________________

(٢٥) انظر فيما سبق : ٤ ـ الطبري وراى مقاتل : ٢٠٥ هامش : ٢١.

(٢٦) تفسير ابن كثير : ١ / ٣٨ ، ٣٩ ط (دار احياء الكتب العربية)

(٢٧) تفسير الطبري تحقيق احمد محمد شاكر : ١ / ٢١٨ هامش. فانظر كلامه هناك ان شئت.

(٢٨) التاريخ الكبير فى ترجمة (عبد الله بن رئاب) ١ / ٢ / ٢٠٧ ـ ٢٠٨.

٢٠٧

اضطرابا (٢٩) ، اما الاسناد الثالث فذهب الى انه أشدها ضعفا ، لأنه من رواية الكلبي عن ابى صالح.

وارى ان هذا المحقق قد بالغ فى تضعيف الحديث ، مع انه فيما ارى ليس بالشديد الضعف ، فقد رواه البخاري بثلاثة أسانيد :

١ ـ الاسناد الاول ضعفه احمد شاكر لان فيه مجهولا (مولى لزيد بن ثابت).

٢ ـ والاسناد الثاني صرح فيه باسم هذا المجهول وهو (محمد بن ابى محمد) ومحمد هذا هو الأنصاري المدني مولى زيد بن ثابت ، قال عنه احمد شاكر : «زعم الذهبي فى الميزان انه (لا يعرف)! وهو معروف ، ترجمه البخاري فى الكبير ١ / ١ / ٢٢٥ فلم يذكر فيه جرحا ، وذكره ابن حيان فى الثقات ، وكفى بذلك معرفة وتوثيقا».

٣ ـ وقد اضطرب الاسناد الثاني على ابن اسحق او على سلمة بن الفضل فكانت الرواية فيه عن عكرمة او سعيد (يعنى ابن جبير) على الشك.

ونلاحظ ان هذا الاضطراب شك من الراوي : هل رواه عن سعيد بن جبير او عن عكرمة ، وكلاهما موثوق به ، فسعيد بن جبير ثقة مجمع عليه من اصحاب الكتب الستة (٣٠) ، وعكرمة ثقة وثقه البخاري ومسلم ، واحمد بن حنبل ، وابن راهويه ، ويحيى بن معين ، وابو ثور ، وابو داود ، وغيرهم. قال ابن حجر (فاما البدعة ، فان ثبتت عليه فلا تضر حديثه ، لأنه لم يكن داعية لها ، مع انها لم تثبت عليه) (٣١) وكان مسلم بن الحجاج من أسوئهم رأيا فيه ثم عدله بعد ما جرحه (٣٢) ٤ ـ اما تضعيف سلمة بن الفضل فليس مجمعا عليه بل وثقه ابن معين ، فيما رواه ابن ابى حاتم فى كتابه ، وله عنده ترجمة جيدة وافية ٢ / ١ / ١٦٨ ، ١٦٩.

وروى ايضا عن جرير قال : (ليس من لدن بغداد الى ان تبلغ خراسان اثبت فى ابن اسحق من سلمة بن الفضل ، وقد رجح توثيقه احمد شاكر فى شرح المسند ٨٨٦ وذهب الى توثيقه هنا.

__________________

(٢٩) قال ابن كثير الحديث المضطرب : هو ان يختلف الرواة فيه على شيخ بعينه ، وقد يكون تارة فى الاسناد وقد يكون فى المتن (الباعث الحثيث شرح اختصار علوم الحديث ، ص ٧٢). مثال الاضطراب فى الاسناد : (وقال سلمة حدثني ابن إسحاق ، قال : حدثني محمد بن ابى محمد عن عكرمة او سعيد عن ابن عباس (الم ذلِكَ الْكِتابُ).

فقد شك الراوي هل روى الحديث عن عكرمة او عن سعيد.

(٣٠) وفيات الأعيان : ١ / ٣٦٤ ، تهذيب التهذيب : ٤ / ١٣. ١٤ ، والتفسير والمفسرون : ١ / ١٠٢ ـ ١٠٣.

(٣١) مقدمة فتح الباري : ٢ / ١٤٨. والتفسير والمفسرون : ١ / ١١٠.

(٣٢) انظر تهذيب التهذيب : ٧ / ٢٦٣ ـ ٢٧٣.

٢٠٨

ولم يقبل احمد شاكر تضعيف البخاري ولا تضعيف شيخه لسلمة (٣٣).

٥ ـ بقي ان ابن كثير قد ذهب الى تضعيف هذا الحديث ، بعد ان ذكر اسناده قال : (فهذا الحديث مداره على محمد بن السائب الكلبي وهو ممن لا يحتج بما انفرد به) (٣٤) ونقول فى ردنا على الامام ابن كثير : ان الكلبي لم ينفرد برواية هذا الحديث ، فقد رواه البخاري بثلاثة أسانيد ، وكان الثالث فقط من طريق الكلبي ، اما الاول والثاني فمن طرق اخرى.

ـ ٩ ـ

قول الزركشي والسيوطي فى حساب الجمل

قال الزركشي فى البرهان ، والسيوطي فى الإتقان :

واخرج ابن جرير وابن ابى حاتم عن ابى العالية فى قوله (الم) قال : (هذه الأحرف الثلاثة من الأحرف التسعة والعشرين دارت بها الألسن ، فليس منها حرف الا وهو مفتاح اسم من اسماء الله عزوجل او آلائه ، او بلائه ، او مدة أقوام او آجالهم ، فالالف سنة ، واللام ثلاثون سنة ، والميم أربعون ، روى عن الربيع ابن انس ، قال ابن فارس : وهو قول حسن لطيف لان الله تعالى انزل على نبيه الفرقان ، فلم يدع نظما عجيبا ، ولا علما نافعا الا أودعه إياه ، علم ذلك من علمه وجهله من جهله) (٣٥).

«قال الخويي وقد استخرج بعض الائمة من قوله تعالى (الم ، غُلِبَتِ الرُّومُ ...) ان بيت المقدس يفتحه المسلمون فى سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة ووقع كما قاله) (٣٦).

قال السهيلي : لعل عدد الحروف التي فى أوائل السور مع حذف المكرر للاشارة الى مدة بقاء هذه الامة.

قال ابن حجر : وهذا باطل لا يعتمد عليه ، فقد ثبت عن ابن عباس رضى الله عنه الزجر عن ابى جاد والاشارة الى ان ذلك من جملة السحر ، وليس ذلك ببعيد ، فانه لا اصل له فى الشريعة (٣٧)

__________________

(٣٣) تفسير الطبري : ١ / ٢١٩.

(٣٤) تفسير ابن كثير : ١ / ٣٨ ، ٣٩ ط (دار احياء الكتب العربية)

(٣٥) البرهان : ١ / ١٧٤ ، والإتقان : ٢ / ١٠ ـ ١١.

(٣٦) البرهان : ١ / ١٧٥ ، والإتقان : ٢ / ١٠.

(٣٧) الإتقان : ٢ / ١٠ ـ ١١.

٢٠٩

ـ ١٠ ـ

راى السيد رشيد رضا فى فواتح السور

أوضح السيد محمد رشيد رضا الغرض من افتتاح بعض السور القرآنية بهذه الأحرف المقطعة فقال :

(من حسن البيان وبلاغة التعبير ، التي غايتها افهام المراد مع الاقناع والتأثير ان ينبه المتكلم المخاطب الى مهمات كلامه والمقاصد الاولى بها.

ويحرص على ان يحيط علمه بما يريده هو منها ، ويجتهد فى انزالها من نفسه فى أفضل منازلها ، ومن ذلك التنبيه لها قبل البدء بها لكيلا يفوته شيء منها ، وقد جعلت العرب منه (ها) التنبيه واداة الاستفتاح ، فأي غرابة فى ان يزيد عليها القرآن الذي بلغ حد الاعجاز فى البلاغة وحسن البيان ، ويجب ان يكون الامام المقتدى ، كما انه هو الامام فى الإصلاح والهدى؟ ومنه ما يقع فى أثناء الخطاب من رفع الصوت وتكييفه بما تقتضيه الحال من صيحة التخويف والزجر ، او غنة الاسترحام والعطف ، او رنة النعي واثارة الحزن ، او نغمة التشويق والشجو او هيمة الاستصراخ عند الفزع ، او صخب التهويش وقت الجدل. ومنه الاستعانة بالاشارات وتصوير المعاني بالحركات ، ومنه كتابة بعض الكلمات او الجمل بحروف كبيرة او وضع خط فوقها او تحتها ...) (٣٨) إلخ.

ـ ١١ ـ

١١ ـ راى الشيخ طنطاوي جوهرى فى حساب الجمل

ذهب الشيخ طنطاوي جوهرى الى دلالة هذه الفواتح على حساب الجمل ، فقال عند تفسيره للآية الاولى فى سورة آل عمران :

(اعلم ان القرآن كتاب سماوي. والكتب السماوية تصرح تارة وترمز اخرى. والرمز والاشارة من المقاصد السامية والمعاني والمغازي الشريفة ، وقديما كان ذلك فى اهل الديانات ، الم تر الى اليهود الذين كانوا منتشرين فى المدينة ، وفى بلاد الشرق ايام النبوة ، كيف كانوا يصطلحون فيما بينهم على اعداد الجمل ، المعروفة اليوم فى الحروف العربية؟ فيجعلون الالف بواحد ، والباء باثنين ، والجيم بثلاثة والدال باربعة ... وهكذا ، مارين على الحروف الابجدية الى الياء بعشرة والكاف بعشرين ... وهكذا. الى القاف بمائة والراء بمائتين .. وهكذا الى الغين بألف.

__________________

(٣٨) تفسير المنار : ٨ / ٢٩٩.

٢١٠

(كذلك ترى النصارى فى الاسكندرية ومصر وبلاد الروم وفى سوريا ، قد اتخذوا الحروف رموزا دينية معروفة فيما بينهم ايام نزول القرآن ، وكانت اللغة اليونانية هي اللغة الرسمية فى مصر. وكانوا يرمزون بلفظ (اكسيس) لهذه الجملة (يسوع المسيح ابن الله المخلص) فالالف من اكسيس هي الحرف الاول فى لفظ (ايسوس) يسوع. والكاف منها هي الحرف الاول من (كرستوس) المسيح. والسين منها هي حرف الناء التي تبدل منها فى النطق فى لفظ (ثبو) الله. والياء منها تدل على (ايرث) ابن. والسين الثانية منها تشير الى (توثير) المخلص. ومجموع هذه الكلمات : يسوع المسيح ابن الله المخلص. ولفظ (اكسيس) اتفق انه يدل على معنى سمكة ، فأصبحت عند هؤلاء رمزا لإلههم.

(فانظر كيف انتقلوا من الأسماء الى الرمز بالحروف ، ومن الرمز بالحروف الى الرمز بحيوان دلت عليه الحروف.

قال الحبر الانجليزى صموئيل موننج : انه كان يوجد كثيرا فى قبور روما صور اسماك صغيرة مصنوعة من الخشب والعظم. وكان كل مسيحى يحمل سمكة اشارة للتعارف فيما بينهم) ا ه.

قال الشيخ طنطاوي : (فإذا كان ذلك من طبائع الأمم التي أحاطت بالبلاد العربية وتغلغلت فيها ، ونزل القرآن لجميع الناس من عرب وعجم ، كان لا بد ان يكون على منهج يلذه الأمم ويكون فيه ما يألفون ، وستجد انه لا نسبة بين الرموز التي فى أوائل السور ، وبين الجمل عند اليهود ورموز النصارى ، الا كالنسبة بين علم الرجل العاقل والصبى ، او بين علم العلماء وعلم العامة. وبهذا تبين لك ان اليهود والنصارى كان لهم رموز ، وكانت رموز اليهود هي حروف الجمل ، قال ابن عباس رضى الله عنهما «مر ابو ياسر بن اخطب برسول الله وهو يتلو سورة البقرة (الم ، ذلِكَ الْكِتابُ) ..) ـ ثم ساق الحديث الذي ذكرناه سابقا عن مقاتل ، وعلق عليه قائلا : (فبهذا تعرف ايها الذكي ان الجمل كانت للتعارف عند اليهود ، وهو نوع من الرموز الحرفية ، فكانت هذه الحروف لا بد من نزولها فى القرآن ، ليأخذ الناس فى فهمها كل مذهب ، ويتصرف الفكر فيها.) (٣٩)

__________________

(٣٩) انظر تفسير الجواهر للشيخ طنطاوي جوهر أول سورة آل عمران.

وقد نقل هذا الكلام بنصه الشيخ محمد عبد العظيم الزرقانى فى كتابه مناهل العرفان : ١ / ٢٢٢ ـ ٢٢٥ ط ٣ ، ثم ساق عدة ادلة على تأييد فكرة الرمز والاشارة ودلالة حروف القرآن عليها.

فقال : ان هذه الأحرف التي بدئت بها سور القرآن اربعة عشر حرفا وتشاهد :

١ ـ ان مفاصل اليدين فى كل يد اربعة عشر.

٢ ـ منازل القمر ثمان وعشرون منزلة ، ففي البروج الشمالية اربع عشرة : وفى الجنوبية اربع عشرة.

٣ ـ خرزات عمود ظهر الإنسان منها اربع عشرة فى أسفل الصلب ، واربع عشرة فى أعلاه .. إلخ.

٢١١

ـ ١٢ ـ

راى الباحث

ان هذه الأحرف يراد بها أعلام العرب بان القرآن الدال على نبوة محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم قد انزل بهذه الحروف وصيغت كلماته منها ، وان عجزهم عن الإتيان بمثله مع نزوله بالحروف التي هي حروف لغتهم ، ومع تحديهم به ، دليل على كفرهم وعنادهم وجحودهم ، وعلى انهم مخطئون كل الخطا فى كفرهم به ، وبمن انزل عليه وجاء يدعوهم الى توحيد الله وعبادته (٤٠)

__________________

(٤٠) هذا هو الرأي عندي ، وله ما يعززه :

أولا : من استعمال نصف حروف المعجم فى فواتح السور.

وثانيا : من كون كل سورة افتتحت بواحدة منها تحدثت عن نزول القرآن واعجازه.

وثالثا : من كون الفواتح تنطق فيها الحروف بأسمائها ، لا حسب رسمها.

٢١٢

الباب الخامس

الاسرائيليات فى تفسير مقاتل

١ ـ الاسرائيليات.

٢ ـ اليهود والنصارى.

٣ ـ التوراة.

٤ ـ قصص الأنبياء بين القرآن والتوراة.

٥ ـ اقسام الاسرائيليات.

٦ ـ الاسرائيليات في تفسير مقاتل : (١٣ نموذج). مقارنة.

٧ ـ راى ابن كثير فى الاسرائيليات.

٨ ـ الاسرائيليات بعد مقاتل فى كتب التفسير.

٩ ـ مسئولية المفسرين.

١٠ ـ اعتذار الطوفى عن المفسرين.

١١ ـ تفنيد فرية.

١٢ ـ تأثير الإسلام فى اليهودية.

٢١٣
٢١٤

ـ ١ ـ

الاسرائيليات

تمهيد :

نشا التفسير بالمأثور مقصورا على أحاديث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم. فقد انزل الله عليه القرآن عربيا مبينا ، وكان الصحابة يقرءون القرآن ، فيتسابقون الى العمل بأحكامه ، وامتثال أوامره.

وربما أشكل على أحدهم معنى من المعاني او آية من الآيات ، فيسأل النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ويجيبه النبي فى بساطة ويسر.

ومن ذلك تفسيره عليه الصلاة والسلام الظلم بالشرك ، وتفسيره القوة بالرمي ، وتفسيره المغضوب عليهم ، باليهود والضالين بالنصارى.

وكان التفسير مقصورا على ما أشكل معناه او غمض لفظه ، فقد كانت حياة النبي تطبيقا عمليا لاوامر القرآن ونواهيه ، حتى قالت عائشة رضى الله عنها ، (كان خلقه القرآن).

(ولعل الروعة الدينية لهذا العهد ، والمستوى العقلي لأهله وتحدد حاجات حياتهم العملية ، كل أولئك جعلهم لا يقولون فى تفسير القرآن الا بما روى عن صاحب الرسالة عليه الصلاة والسلام توقيفا) (١).

(وقد جمعت كتب الصحاح والسنن مقادير مختلفة من التفسير بالمأثور ، حتى لترى فى صحيح البخاري : كتابين هما : كتاب تفسير القرآن ، وكتاب فضائل القرآن ، وهما يشغلان حيزا واضحا من الكتاب ربما كان نحو الثمن منه) (٢).

ولما انتقل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم الى الرفيق الأعلى ، وبدا عصر الصحابة ـ زادت حاجة الناس الى التفسير ، نظرا لاتساع الرقعة الاسلامية ، ولظهور احداث واقضية لم تكن موجودة فى عصر النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ولدخول كثير من الأعاجم فى الإسلام ، مع ضعف المامهم بالعربية ، وبعدهم عن البيئة التي نزل فيها القرآن.

وفى هذا العصر ـ اعنى عصر الصحابة ـ بدا دخول الاسرائيليات فى التفسير ، وساعد على ذلك دخول عدد كثير من اليهود والنصارى فى الإسلام ، ومعهم ثقافاتهم وافكارهم ، ومعلوماتهم الدينية ، حول كثير من قصص الأنبياء السابقين.

فلما كان عصر التابعين زادت الاسرائيليات ، وزاد الوضع فى التفسير.

__________________

(١) دائرة المعارف الاسلامية مادة تفسير : ٥ / ٣٤٩.

(٢) المرجع السابق.

٢١٥

ـ ٢ ـ

اليهود والنصارى

وكان اليهود فى ماضيهم الطويل قد شرقوا راحلين من مصر ، ومعهم آثار حياتهم فيما معهم ، ثم ابعدوا مشرقين الى بابل فى اسرهم ، ثم عادوا الى موطنهم وقد حملوا معهم ما حملوا.

ووفد على البيئة العربية الاسلامية من كل هذا المزيج وفد ، الى جانب ما بعثت إليها الديانات الاخرى التي دخلت تلك الجزيرة ، والقت الى أهلها ما القت من خبر او قصص ديني ، وكل أولئك قد تردد على آذان قارئي القرآن ومتفهميه ، قبل ما خرجوا الى ما حول جزيرتهم شرقا وغربا فاتحين.

ثم ملا آذانهم حين خالطوا اصحاب تلك البلاد التي نزلوا وعاشوا بها ، وان كان الذي اشتهر من ذلك هو اليهودي ، لكثرة اهله ، وظهور أمرهم فاشتهرت تلك التزايدات التي اتصلت بمرويات التفسير النقلى باسم الاسرائيليات (٣).

وكان اغلب الماليين فى الشام يهودا ، واغلب أطباء القصور فى بغداد نصارى.

واشتهر اليهود باحترافهم حرفا خاصة ، كالصيرفة ، ودباغة الجلود والصباغة (٤) ، «وكان عدد اليهود فى المملكة الاسلامية غير العرب نحو ثلثمائة الف» فى سنة ٥٦٠ ه‍ (٥).

وكان اليهود منتشرين على نهر دجلة والفرات ، وفى جزيرة ابن عمر والموصل ، وعكيرة وواسط ، وفى بغداد والحلة ، والكوفة والبصرة ، وفى كثير من بلاد فارس (٦).

ـ ٣ ـ

التوراة

وأهم منبع للثقافة اليهودية هو التوراة ، وقد ذكرت فى القرآن الكريم ، ووصفت بأنها كتاب من كتب الله المنزلة : (إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْراةَ فِيها هُدىً وَنُورٌ) ونص القرآن على بعض احكام وردت فى التوراة : (وَكَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصاصٌ).

__________________

(٣) أمين الخولي ، دائرة المعارف الاسلامية مادة تفسير : ٥ / ٣٥١.

(٤) الجاحظ : الرد على النصارى ، ص ١٧.

(٥) احمد أمين : ضحى الإسلام ١ / ٣٢٥ ، ونسب هذا القول الى رحالة يهودي يدعى بنيامين.

(٦) المرجع السابق.

٢١٦

وأشير فى الأحاديث كذلك الى التوراة وبعض احكامها.

جاء فى تفسير مقاتل ، وورد فى البخاري وابى داود : (ان نفرا من اليهود دعوا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فأتاهم فى بيت المدارس ، فقالوا : يا أبا القاسم ، ان رجلا منا زنى بامراة فاحكم ، فرضعوا لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وسادة فجلس عليها ، ثم قال ائتوني بالتوراة فأتى بها ، فنزل الوسادة من تحته ، ووضع التوراة عليها ، ثم قال آمنت بك وبمن أنزلك ثم قال ائتوني باعلمكم ، فأتى بشاب ثم ذكر قصة الرجم) (٧).

وكلمة التوراة يستعملها المسلمون كثيرا للدلالة على كل الكتب المقدسة عند اليهود ، فتشمل الزبور وغيره كما يستعملها اليهود أنفسهم أحيانا بهذا الإطلاق.

وكان لليهود بجانب ذلك سنن ونصائح وشروح لم تنقل عن موسى عليه‌السلام كتابة ، وانما تداول الناس نقلها شفاها ، ونمت على تعاقب الأجيال ، ثم دونت ، وهي المسماة بالتلمود. والتلمود مختلف فيه فيما بينهم ، فمنهم من يقبله وهم طائفة الربانيين ، ومنهم من لا يقبله وهم طائفة القرائين.

فاما التوراة بالمعنى الدقيق فخمسة اسفار : سفر التكوين (٨) ، وسفر الخروج (٩) ، وسفر اللاويين ـ اى الاخبار (١٠) ـ وسفر العدد (١١) ، وسفر التثنية (١٢).

وفى العهد القديم غير التوراة : سفر يوشع. وهو فى استيلاء بنى إسرائيل على فلسطين. ثم سفر القضاة اى الحكام ، ثم اسفار الملوك الاربعة :

الاول فى اخبار شمويل او سمويل وشاول او طالوت ، والثاني فى ذكر داود والثالث والرابع فى سليمان بن داود ، ومن ملك بنى إسرائيل من بعده ..

واما التلمود فمجموعة من المناقشات الدينية الاولى ، مع شروح لرجال الدين من الأجيال المتعاقبة بسجل أفكار اليهود فى حياتهم وتقاليدهم فى نحو الفى عام ويمزج مزجا تاما نواحي الشعب الخلقية بنواحيهم الدينية (١٣).

__________________

(٧) تفسير مقاتل مخطوطة احمد الثالث ١ / ١٠٠ ا وانظر تحقيقي له مجلد ١ ص ٤٧٥. وانظر كذلك البخاري فى باب التوحيد وباب الاعتصام وباب التفسير ، وقد رواه ايضا ابو داود عن ابن عمر.

(٨) وفيه خلق العالم ، وقصة آدم وحواء وأولادهما ونوح والطوفان وتبلبل الالسنة ، ثم قصة ابراهيم عليه‌السلام وابنه اسحق وابنيه يعقوب وعيصو ثم قصة يوسف.

(٩) وفيه خروج اليهود من مصر وقصة موسى من ولادته وبعثته وفرعون وخروج بنى إسرائيل من مصر ، وصعود موسى الجبل وإيتاء الله إياه الألواح.

(١٠) وفيه حكم القربان والطهارة.

(١١) وفيه قصة البقرة واخبار بنى إسرائيل وبعض الشرائع.

(١٢) اى اعادة الناموس.

(١٣) انظر احمد أمين : ضحى الإسلام : ١ / ٣٢٩ ط ٧.

٢١٧

وقد تسربت ثقافة اليهود الى العرب قبل الإسلام وبعده.

وجاء فى الحديث عن ابن عباس : (كان هذا الحي ـ من الأنصار ـ وهم اهل وثن ، مع هذا الحي من اليهود وهم اهل الكتاب ، فكانوا يرون لهم فضلا عليهم فى العلم ، وكانوا يقتدون بكثير من فعلهم) (١٤).

وفى الحديث عن ابى هريرة قال : (كان اهل الكتاب يقرءون التوراة بالعبرانية ويفسرونها لأهل الإسلام بالعربية ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : لا تصدقوا اهل الكتاب ولا تكذبوهم ، وقولوا آمنا بالذي انزل إلينا ، وانزل إليكم والهنا وإلهكم واحد) (١٥).

ـ ٤ ـ

قصص الأنبياء بين القرآن والتوراة

عرض القرآن لكثير من قصص الأنبياء السابقين ، مقتصرا على مواضع العظة والعبرة ، مكتفيا من القصة بما يحقق الهداية ، ويوحى بمتابعة الحق والايمان. ولذا لم يتعرض للتفصيل ، فلم يذكر تاريخ الوقائع ، ولا اسماء البلدان التي حصلت فيها ، ولا اسماء الأشخاص الذين جرت على يدهم بعض الحوادث ، وانما تخير ما يمس جوهر الموضوع ، وما يحرك العقول للتفكير ، وينبه القلوب الى الخير ، وينفرها من عاقبة الشر.

ولنضرب لهذا مثلا قصة آدم عليه‌السلام ، فقد ورد ذكرها فى القرآن الكريم (١٦) ، كما ورد ذكرها فى التوراة. بيد ان القرآن لم يتعرض لمكان الجنة ، ولا لنوع الشجرة التي نهى آدم عن الاكل منها ، ولا لبيان الحيوان الذي تقمصه الشيطان ليزلهما ، ولا ما كان من تفصيل الحوار بين الله تعالى وآدم ، ولا للبقعة التي طرد إليها آدم بعد خروجه من الجنة.

__________________

(١٤) أخرجه ابو داود وجاء فى تفسير مقاتل لقوله تعالى : (نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ ...) سورة البقرة : ٢٢٣ نسخة احمد الثالث : ٣٧ ا وانظر تحقيقنا له ١ / ١٩٢. كما جاء فى تفسير ابن كثير لهذه الآية ، وجاء فى اسباب نزول القرآن للواحدي والسيوطي.

(١٥) البخاري فى كتاب التفسير : ٨ ط. ١٢ من فتح الباري.

(١٦) انظر الآيات التي وردت فى القرآن فى قصة آدم ، ومنها آية ٣٤ فى سورة البقرة ، وآية ٢٣ فى آل عمران ، وآية ٢٠ وما بعدها فى الأعراف ، وآية ٦١ فى الاسراء ، والآيات ١١٥ ـ ١٢٢ فى طه ، حيث يقول سبحانه : (وَلَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً. وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبى. فَقُلْنا يا آدَمُ إِنَّ هذا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلا يُخْرِجَنَّكُما مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقى. إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيها وَلا تَعْرى ، وَأَنَّكَ لا تَظْمَؤُا فِيها وَلا تَضْحى. فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطانُ قالَ يا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لا يَبْلى. فَأَكَلا مِنْها فَبَدَتْ لَهُما سَوْآتُهُما وَطَفِقا يَخْصِفانِ عَلَيْهِما مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ ، وَعَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى. ثُمَّ اجْتَباهُ رَبُّهُ فَتابَ عَلَيْهِ وَهَدى).

٢١٨

ولكن التوراة تعرضت لكل ذلك واكثر منه فابانت ان الجنة فى عدن شرقا ، وان الشجرة التي نهيا عنها كانت فى وسط الجنة ، وانها شجرة الحياة ، وذكرت ما انتقم الله به من حواء بتعبها هي ونسلها فى حيلها .. إلخ (١٧).

وقد نقل بعض المفسرين عن مقاتل بن سليمان قصة آدم وإبليس فى تفسيرهم (١٨). كما ذكروا كثيرا من الاسرائيليات بجوار تفسيرهم للقرآن. ويهيأ للقارىء ان هذه الاسرائيليات التي لا نعرف صدقها من كذبها بيان لمعنى قول الله سبحانه ، وتفصيل ما أجمل فيه ، وحاشا لله ولكتابه من ذلك.

«وان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إذ اذن بالتحدث عنهم ـ أمرنا الا نصدقهم ولا نكذبهم. فأي تصديق لرواياتهم وأقاويلهم أقوى من ان نقرنها بكتاب الله ونضعها منه موضع التفسير او البيان؟! اللهم غفرا» (١٩).

ـ ٥ ـ

اقسام الاسرائيليات

تنقسم الاخبار الاسرائيلية الى اقسام ثلاثة :

القسم الاول : ما يعلم صحته بان نقل عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم نقلا صحيحا ، او كان له من الشرع شاهد يؤيده. ومنه تعيين اسم صاحب موسى عليه‌السلام بانه الخضر ، فقد جاء هذا الاسم صريحا فى حديث البخاري (٢٠). وهذا القسم بنوعيه صحيح مقبول.

القسم الثاني : ما يعلم كذبه بان يناقض ما عرفناه من شرعنا ، او يكون مخالفا لما يقرره العقل ، وهذا القسم لا يصح قبوله ولا روايته.

القسم الثالث : هو المسكوت عنه ، فلا هو من قبيل الاول ، ولا هو من قبيل الثاني. وهذا القسم نتوقف فيه فلا نصدقه ولا نكذبه.

__________________

(١٧) العهد القديم ، الاصحاح الاول من سفر التكوين ص ٤ ـ ٥. وانظر ايضا ضحى الإسلام : ١ / ٢٣٢ ، ٢٣٣ ، والتفسير والمفسرون : ١ / ١٦٨.

(١٨) تفسير مقاتل بن سليمان مخطوطة احمد الثالث ١ / ٨ ب ، ٩ ا ، وانظر تحقيقي له مجلد ١ / ٩٦ ـ ٩٨.

(١٩) احمد محمد شاكر : مقدمة كتاب عمدة التفسير لابن كثير ص ١٧.

(٢٠) باب التفسير : ٨ / ٢٩٧ من فتح الباري.

٢١٩

وذهب ابن كثير الى جواز رواية هذا القسم (٢١) ، ولم يوافقه فى ذلك احمد شاكر ، لان رواية هذا القسم بجوار تفسير القرآن إقرارا له وتصديق به (٢٢).

ـ ٦ ـ

الاسرائيليات فى تفسير مقاتل

ما كان اغنى القرآن وتفسيره عن هذه الاسرائيليات التي نقلها مقاتل عن اليهود والنصارى ، «حتى ذكر فى تمييز خصيصته انه (استمد علمه بالقرآن من اليهود والنصارى وجعله موافقا لما فى كتبهم)» (٢٣).

وسأنقل لك عدة نماذج من هذه الاسرائيليات التي أوردها مقاتل فى تفسيره.

وقد نقلها عنه بعض المفسرين ، مع بعدها عن روح الإسلام ، وهدى القرآن.

١ ـ جاء فى تفسير مقاتل (٢٤) لقوله تعالى :

(وَإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قالُوا أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَيَسْفِكُ الدِّماءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قالَ إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ) (٢٥) ، قوله : فخلق آدم عليه‌السلام من طين احمر واسود وابيض ، من السبخة والعذبة ،

__________________

(٢١) وقد تابعه فى هذا الشيخ محمد حسين الذهبي فى كتابه التفسير والمفسرون ص ١٧٩ ، ١٨٠ ، ونقل كلام ابن كثير بدون ان يعزوه اليه.

(٢٢) عمدة التفسير عن الحافظ ابن كثير ، تحقيق احمد شاكر ص ١٤ حيث قال ابن كثير : «.. ولكن هذه الأحاديث الاسرائيلية تذكر للاستشهاد لا للاعتضاد فانها على ثلاثة اقسام : أحدهما : ما علمنا صحته مما بأيدينا مما نشهد له بالصدق فذاك صحيح. والثاني ما علمنا كذبه عندنا مما يخالفه. والثالث ما هو مسكوت عنه لا من هذا القبيل ولا من هذا القبيل ، فلا نؤمن به ولا نكذبه ، وتجوز حكايته لما تقدم. وهو حديث : (بلغوا عنى ولو آية ، وحدثوا عن بنى إسرائيل ولا حرج. ومن كذب على متعمدا فليتبوأ مقعده من النار).

وغالب ذلك مما لا فائدة فيه تعود الى امر ديني ، ولهذا يختلف علماء اهل الكتاب فى مثل هذا كثيرا ، ويختلف المفسرون عادة بسبب ذلك ، كما يذكرون فى مثل اسماء اصحاب الكهف ولون كلبهم وعدتهم ، وعصا موسى من اى شجر كانت؟ واسماء الطيور التي أحياها ابراهيم ، وتعيين البعض الذي ضرب به القتيل من البقرة ، ونوع الشجرة التي كلم الله منها موسى ، الى غير ذلك مما أبهمه الله تعالى فى القرآن ، حيث لا فائدة منه تعود على المكلفين فى دنياهم او دينهم ، ولكن نقل الخلاف عنهم جائز ، كما قال تعالى (سَيَقُولُونَ ثَلاثَةٌ رابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ ...) الى آخر الآية. سورة الكهف : ٢٢.

ويعلق احمد شاكر بقوله : ان إباحة التحدث عنهم شيء ، وذكر ذلك فى تفسير القرآن شيء آخر ، إذ انه يوهم البيان والتفصيل لكتاب الله ، وحاشا لله ولكتابه من ذلك.

(٢٣) جولد زيهر ، مذاهب التفسير الإسلامي ، ترجمة دكتور عبد الحليم النجار ص ٧٦ نقلا عن ابن خلكان رقم ٧٤٣.

(٢٤) مخطوطة احمد الثالث ١ / ٨ ا ، ب وانظر تحقيقي له مجلد ١ / ٩٦ ـ ٩٨.

(٢٥) سورة البقرة الآية ٣٠.

٢٢٠