تفسير مقاتل بن سليمان - ج ٥

تفسير مقاتل بن سليمان - ج ٥

المؤلف:


المحقق: عبدالله محمود شحاته
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مؤسسة التاريخ العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٧٩

والرواية الثانية. رواية البخاري عن ابن عمر ان الآية نزلت فى إتيان المراة فى دبرها.

الرواية الاولى هي التي نعتمد عليها فى اسباب النزول لما يأتي :

١ ـ لأنها صرحت بذكر السبب ، اما الثانية فلم تصرح بل قال ابن عمر أنزلت (نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ) ...) فى إتيان النساء فى أدبارهن.

٢ ـ الاولى اتفق عليها البخاري ومسلم وابو داود والترمذي واحمد والحاكم والثانية تفرد بها البخاري والطبراني فى الأوسط (٥٢).

وقد ذكر علماء الحديث ان أعلى درجات الحديث ما اتفق عليه البخاري ومسلم ، ثم ما انفرد به البخاري ، ثم ما انفرد به مسلم ، فالاولى اولى لاتفاق البخاري ومسلم على روايتها ، بينما الثانية تفرد بها البخاري.

٣ ـ الرواية الاولى موافقة لسياق الآية ولضمونها وفحواها ، فان معنى قوله تعالى (نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ) ترشيح لان المراد إتيان المراة فى مكان الحرث ، وقوله بعد ذلك (وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ) قيل هو تقديم الولد الصغير يموت قبل أبيه. وهذا ايضا تقوية ، لان المراد بقوله (فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ) اى كيف شئتم وعلى اى حالة رغبتم ما دام فى مكان الحرث.

٤ ـ يبدو ان ابن عمر لم يبلغه حديث جابر الذي صرح بان سبب نزول الآية ادعاء اليهود تحريم جماع الزوجة الا مستلقية ، ولهذا استنبط ان الآية تبيح إتيان المراة فى دبرها وقد وهم ابن عمر فى ذلك.

اخرج ابو داود والحاكم عن ابن عباس قال : ان ابن عمر ـ والله يغفر له ـ وهم. انما كان اهل هذا الحي من الأنصار وهم اهل وثن مع هذا الحي من يهود ، وهم اهل كتاب كانوا يرون لهم فضلا عليهم فى العلم ، فكانوا يقتدون بكثير من فعلهم. وكان من امر اهل الكتاب انهم لا يأتون النساء الا على حرف ، وذلك استر ما تكون المراة ، وكان هذا الحي من الأنصار قد أخذوا بذلك.

وكان هذا الحي من قريش يشرحون النساء شرحا ويتلذذون منهن مقبلات ومدبرات ومستلقيات ، فلما قدم المهاجرون المدينة تزوج رجل منهم امراة من الأنصار. فذهب يصنع بها ذلك فأنكرته عليه ، وقالت انما كنا نؤتى على حرف ، فسرى أمرهما ، فبلغ ذلك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فانزل الله (نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ) اى مقبلات ومدبرات ومستلقيات ، يعنى بذلك موضع الولد.

وإزاء ما تقدم نعتمد فى اسباب النزول هنا على رواية الشيخين ، دون رواية البخاري وحده.

__________________

(٥٢) لباب النقول ، للسيوطي : ٣٦.

١٤١

ـ ١٠ ـ

تعدد الأسباب والمنزل واحد

قد ترد روايات متعددة فى اسباب نزول الآية وتذكر كل رواية سببا صريحا غير ما تذكره الاخرى.

فللمحققين (٥٣) مقاييس دقيقة فى تعدد اسباب النزول تتلخص فيما يأتي :

١ ـ إذا كانت احدى الروايتين صحيحة والاخرى غير صحيحة ـ اعتمدنا على الصحيحة ، وردت غير الصحيحة.

٢ ـ إذا كانت كلتاهما صحيحتين ولإحداهما مرجح ـ اعتمدنا فى بيان السبب على الراجحة دون المرجوحة.

٣ ـ إذا استوت الروايتان فى الصحة ، ولا مرجح لإحداهما على الاخرى ، وأمكن الأخذ بهما معا لتقارب زمنيهما ـ أخذنا بهما معا ، وحكمنا بنزول الآية عقب حصول السببين كليهما.

٤ ـ إذا استوت الروايتان فى الصحة ولا مرجح ، ولا يمكن الأخذ بهما معا حكمنا بنزول الآية عقب كل سبب منهما. اى بتكرار نزولها.

وإليك امثلة ذلك :

اما الصورة الاولى ، فمثالها ما أورده مقاتل (٥٤) فى سبب نزول (وَالضُّحى ، وَاللَّيْلِ إِذا سَجى ، ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى) سورة الضحى / ١ ـ ٣.

قال : وذلك ان جبريل عليه‌السلام لم ينزل على محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم أربعين يوما ، ويقال ثلاثة ايام ، فقال مشركو العرب من اهل مكة لو كان من الله لتتابع الوحى ـ كما كان يفعل «مع» من كان قبله من الأنبياء. فقد ودعه الله وتركه صاحبه فيما يأتيه ، فانزل الله قوله : (وَالضُّحى ، وَاللَّيْلِ إِذا سَجى ، ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى) سورة الضحى / ١ ـ ٣.

وما أورده مقاتل موافق فى المعنى لما أخرجه الشيخان وغيرهما عن جندب قال : اشتكى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فلم يقم ليلة او ليلتين ، فاتته امراة فقالت : يا محمد ما ارى شيطانك الا قد تركك ، فانزل الله : (وَالضُّحى ، وَاللَّيْلِ إِذا سَجى ، ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى).

وهناك رواية اخرى فى سبب نزول الآيات من أول سورة الضحى : هي ما أخرجه الطبراني وابن ابى شيبة عن حفص بن ميسرة عن امه عن أمها وكانت خادم

__________________

(٥٣) انظر البرهان للزركشى : ١ / ٢٩. ٣٠. ٣١. والإتقان للسيوطي : ١ / ٣٢.

(٥٤) تفسير مقاتل مخطوطة احمد الثالث : ٢ / ٢٣٤ ، وانظر تحقيقي له : ٤ / ٧٣١ ـ ٧٣٢.

١٤٢

رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «ان جروا دخل بيت النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فدخل تحت السرير فمات ، فمكث النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم اربعة ايام لا ينزل عليه الوحى فقال : يا خولة ما حدث فى بيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم؟ جبريل لا يأتيني. فقلت فى نفسي : لو هيأت البيت وكنسته. فأهويت بالمكنسة تحت السرير فأخرجت الجرو ، فجاء النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ترعد (٥٥) لحيته ، وكان إذا نزل عليه أخذته الرعدة» فانزل الله : والضحى الى قوله «فترضى».

فنحن بين هاتين الروايتين تقدم الرواية الاولى فى بيان السبب لصحتها. دون الثانية. لان فى اسنادها من لا يعرف ، ورائحة الوضع ظاهرة فيها.

قال ابن حجر فى شرح البخاري : (قصة إبطاء جبريل بسبب الجرو مشهورة لكن كونها سبب نزول الآية غريب ، وفى اسناده من لا يعرف ، فالمعتمد ما فى الصحيح) (٥٦) واما الصورة الثانية ، وهي صحة الروايتين كلتيهما ـ ولإحداهما مرجح ـ فحكمها ان نأخذ فى بيان السبب بالراجحة دون المرجوحة.

والمرجح ان تكون إحداهما أصح من الاخرى ، او ان يكون راوي إحداهما مشاهدا للقصة دون راوي الاخرى. مثال ذلك ، ما أخرجه البخاري عن ابن مسعود قال : «كنت امشى مع النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم بالمدينة وهو يتوكأ على عسيب ، فمر بنفر من اليهود ، فقال بعضهم : لو سألتموه. فقالوا : حدثنا عن الروح فقام ورفع رأسه فعرفت انه يوحى اليه حتى صعد الوحى ، ثم قال : (قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً) سورة الاسراء / ٨٥.

وما أورده مقاتل (٥٧) من انها نزلت فى ابى جهل وأصحابه وهو موافق لما أخرجه الترمذي وصححه عن ابن عباس قال : «قالت قريش لليهود ، أعطونا شيئا نسأل هذا الرجل عنه فقالوا اسالوه عن الروح فسألوه فانزل الله (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ) الآية» (٥٨).

فهذا الخبر الثاني يدل على انها نزلت بمكة ، وان سبب نزولها سؤال قريش إياه.

اما الاول فصريح فى انها نزلت بالمدينة بسبب سؤال اليهود إياه وهو أرجح من وجهين : أحدهما انه رواية البخاري. اما الثاني فانه رواية الترمذي ، ومن المقرر

__________________

(٥٥) قال فى القاموس : «وقد رعد كنصر ومنع ، وقال هامش القاموس استعمل رعد ثلاثيا ايضا مجهولا دائما كجن. قالوا رعد اى اصابته رعدة قاله الخفاجي فى شرح الشفاء» ا ه.

(٥٦) الإتقان : ١ / ٣٣.

(٥٧) تفسير مقاتل مخطوطة احمد الثالث [٣١٩ ب] وانظر تحقيقي له : ٢ / ٥٤٧.

(٥٨) سورة الاسراء : ٨٥.

١٤٣

ان ما رواه البخاري أصح مما رواه غيره. ثانيهما ان راوي الخبر الاول وهو ابن مسعود كان مشاهد القصة من أولها الى آخرها كما تدل على ذلك الرواية الاولى ، بخلاف الخبر الثاني فان راوية لم يشهد نزول الوحى وما راء كمن سمع (٥٩) واما الصورة الثالثة ـ وهي ما استوت فيه الروايتان فى الصحة ولا مرجح لإحداهما ، لكن يمكن الجمع بينهما ، بان كلا من السببين حصل ونزلت الآية عقب حصولهما معا لتقارب زمنيهما.

فحكم هذه الصورة ان نحمل الأمر على تعدد السبب لأنه الظاهر ولا مانع يمنعه. قال ابن حجر : «لا مانع من تعدد الأسباب».

مثال ذلك : ما أخرجه البخاري من طريق عكرمة عن ابن عباس ان هلال ابن امية قذف امرأته عند النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم بشريك بن سحماء فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «البينة او حد فى ظهرك» ، فقال يا رسول الله ، إذا وجد أحدنا مع امرأته رجلا ينطلق يلتمس البينة. وفى رواية انه قال : والذي بعثك بالحق انى لصادق ، ولينزلن الله تعالى ما يبرئ ظهري من الحد فنزل جبريل عليه‌السلام وانزل عليه : (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْواجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَداءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ) حتى بلغ (إِنْ كانَ مِنَ الصَّادِقِينَ) ةا ه. سورة النور : ٦ ـ ٩.

وقال مقاتل (٦٠) ـ وهو موافق لما أخرجه الشيخان عن سهل بن سعد ـ لما انزل الله تعالى ، (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهادَةً أَبَداً .. وَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ. إِلَّا الَّذِينَ تابُوا مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ).

فقرا النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم هاتين الآيتين فى خطبة يوم الجمعة ، فقال عاصم ابن عدى الأنصاري للنبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : جعلني الله فداك ، لو ان رجلا منا وجد على بطن امرأته رجلا فتكلم ـ جلد ثمانين جلدة ، ولا تقبل له شهادة فى المسلمين ابدا ، ويسميه المسلمون فاسقا ، فكيف لأحدنا عند ذلك باربعة شهداء؟ الى ان يلتمس أحدنا اربعة شهداء فقد فرغ الرجل من حاجته ، فانزل الله عزوجل فى قوله : (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْواجَهُمْ) بالزنا (وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَداءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهادَةُ أَحَدِهِمْ) يعنى الزوج (أَرْبَعُ شَهاداتٍ بِاللهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ) الى ثلاث آيات.

__________________

(٥٩) وفى هذا يقول السيوطي : «وقد رجح بان ما رواه البخاري أصح من غيره وبان ابن مسعود كان حاضر القصة» الإتقان : ١ / ٥٥.

بينما ذهب الزركشي الى ان آية (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ) نزلت بمكة ثم تكرر نزولها فى المدينة ، فهي مما نزل مكررا ، البرهان : ١ / ٣٠ ، كما ذهب ابن كثير الى انها مما تكرر نزوله بمكة والمدينة ، تفسير ابن كثير (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ) والإتقان : ١ / ٣٤.

(٦٠) تفسير مقاتل مخطوطة احمد الثالث ٢ / ٣٤ ب. ٣٥ ا. وانظر تحقيقي له : ٣ / ١٨٣ ـ ١٨٦.

١٤٤

فابتلى الله عزوجل عاصما بذلك فى يوم الجمعة الاخرى ، فأتاه ابن عمه عويمر الأنصاري من بنى العجلان بن عمرو بن عوف ، وتحته ابنة عمه أخي أبيه ، فرماها بابن عمه شريك بن السحماء (٥٨) والخليل والزوج والمراة كلهم من بنى عمرو بن عوف وكلهم بنو عم عاصم. فقال «عويمر» يا عاصم لقد رأيت شريكا على بطن امراتى فاسترجع عاصم فأتى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقال : أرأيت سؤالى عن هذه (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْواجَهُمْ)؟ فقد ابتليت بها فى اهل بيتي. فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : وما ذاك يا عاصم؟ فقال : أتاني ابن عمى فأخبرني انه وجد ابن عم لنا على بطن امرأته ، فأرسل النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم الى الزوج والخليل والمراة ، فاتوه فقضى بينهم (٥٩).

فهاتان الروايتان صحيحتان ، ولا مرجح لإحداهما على الاخرى. ومن السهل ان نأخذ بكلتيهما لقرب زمانيهما ، على اعتبار ان أول من سال هو هلال بن امية ، ثم قفاه عويمر قبل اجابته ، فسال بواسطة عاصم مرة ، وبنفسه مرة اخرى (٦٠) فانزل الله الآية اجابة للحادثين معا. ولا ريب ان اعمال الروايتين بهذا الجمع ، اولى من اعمال إحداهما وإهمال الاخرى ، إذ لا مانع يمنع الأخذ بهما على ذلك الوجه.

ثم لا جائز ان نردهما معا لأنهما صحيحتان ولا تعارض بينهما ، ولا جائز ايضا ان نأخذ بواحدة ونرد الاخرى لان ذلك ترجيح بلا مرجح. فتعين المصير الى ان نأخذ بهما معا. واليه جنح النووي وسبقه اليه الخطيب فقال : (لعلهما اتفق لهما ذلك فى وقت واحد (٦١) ا ه.

واما الصورة الرابعة ـ وهي استواء الروايتين او الروايات فى الصحة دون مرجح لإحداهما ، ودون إمكان الأخذ بهما معا او بها جميعا ، لبعد الزمان بين الأسباب ـ فحكمها هو تكرار نزول الآية بعدد اسباب النزول التي تحدثت عنها الروايتان ، لأنه اعمال لكل رواية ولا مانع منه.

__________________

(٥٨) فى رواية مقاتل ادراج. فقد لاحظنا ان رواية البخاري الاولى عن ابن عباس ان هلال بن امية قذف امرأته عند النبي (ص) بشريك بن سحماء.

والحديث الثاني برواية الشيخين عن سهل بن سعد ، ان عويمرا قذف امرأته برجل (مبهم غير مذكور الاسم). غير ان مقاتلا وضح هذا المبهم بانه شريك بن السحماء ، مع انه هو المتهم فى الرواية الاولى ، عن ابن عباس. فلعل هذا : زيادة من مقاتل. او وهم منه.

(٥٩) الحديث طويل فى تفسير مقاتل : ٢ / ٣٤ ب. ٣٥ ا (انظر تحقيقي له : ٣ / ١٨٣ ـ ١٨٦ وفيه تفصيل لشهادة الزوج على زوجته والزوجة على زوجها. ولقضاء النبي بينهما.

(٦٠) يستفاد ذلك من رواية الشيخين للحديث وهي عن سهل بن سعد (ان عويمرا أتى عاصم ابن عدى. وكان سيد بنى عجلان فقال : ما نقولون فى رجل وجد مع امرأته رجلا أيقتله فتقتلونه ام ما يصنع؟ سل لي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم عن ذلك. فسال عاصم النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فكره المسائل وعابها ، فأخبر عاصم عويمرا. فأتاه فقال «النبي» انه قد نزل فيك وفى صاحبتك قرآن). الحديث.

(٦١) الإتقان ١ / ٣٤.

١٤٥

قال الزركشي فى البرهان : «وقد ينزل الشيء مرتين تعظيما لشأنه ، وتذكيرا به عند حدوث سببه خوف نسيانه» (٦٥) مثال ذلك ما أورده مقاتل فى سبب نزول قوله تعالى : (وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ ...) الى آخر سورة النحل : ١٢٦ ـ ١٢٨.

قال مقاتل : «وذلك ان كفار مكة قتلوا يوم احد طائفة من المؤمنين ومثلوا بهم ، منهم حمزة بن عبد المطلب عم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، بقروا بطنه ، وقطعوا مذاكيره ، وادخلوها فى فيه. وحنظلة بن ابى عامر غسيل الملائكة. فحلف المسلمون للنبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم لئن دالنا الله عزوجل «منهم» لنمثلن بهم احياء ، فانزل الله عزوجل الآيات» (٦٦).

وما أورده مقاتل قريب مما أخرجه البيهقي والبزار عن ابى هريرة ، ان النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم وقف على قبر حمزة حين استشهد وقد مثل به ، فقال : لأمثلن بسبعين منهم مكانك ، فنزل جبريل والنبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم واقف بخواتيم سورة النحل ، (وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ) الى آخر السورة.

وقد اخرج الترمذي والحاكم عن ابى بن كعب قال : (لما كان يوم احد أصيب من الأنصار اربعة وستون ، ومن المهاجرين ستة ، منهم حمزة فمثلوا به ، فقالت الأنصار : لئن أصبنا منهم يوما مثل هذا لنربين (اى لنزيدن) عليهم ، فلما كان يوم فتح مكة انزل الله (وان عاقبتم) الآية ..

فالرواية الاولى تفيد ان الآية نزلت فى غزوة احد ، والثانية تفيد انها نزلت يوم فتح مكة ، على حين ان بين غزوة احد وغزوة الفتح الأعظم بضع سنين ، فبعد ان يكون نزول الآية مرة واحدة عقبيهما معا.

فلا بد لنا من القول بتعدد نزول الآيات. أول الأمر فى غزوة احد ، وبعد ذلك عقب فتح مكة.

أقول. وقد لاحظنا ان مقاتلا كان يورد روايات صحيحة فى اسباب نزول الآية فى الصور الأربع التي ذكرها السيوطي فى الإتقان.

ففي الصورة الاولى ـ وهي الاعتماد على الرواية الصحيحة ورفض غير الصحيحة ـ كانت رواية مقاتل لسبب نزول (وَالضُّحى ، وَاللَّيْلِ إِذا سَجى ، ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى) موافقة لما فى الصحيح.

وفى الصورة الثانية ـ كانت رواية مقاتل مرجوحة لا راجحة عند السيوطي. فى حين ذهب الزركشي فى البرهان ، الى ان (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ) مما تكرر نزوله ،

__________________

(٦٥) البرهان : ١ / ٢٩.

(٦٦) تفسير مقاتل مخطوطة احمد الثالث ج ١ ورقة ٢١٠ ا. وانظر تحقيقي له : ٢ / ٤٩٤ ـ ٤٩٥.

١٤٦

وكذلك قال عنها ابن كثير فى تفسيره. وبذلك صار ما ذهب اليه مقاتل راجحا فى نظرهما ، وهما أوثق من السيوطي.

وفى الصورة الثالثة ـ وهي الحكم بتعدد الأسباب والنازل واحد ـ كان ما رواه مقاتل موافقا لما رواه الشيخان البخاري ومسلم فى سبب نزول آية (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْواجَهُمْ) فروايته هنا صحيحة كذلك.

وفى الصورة الرابعة ـ وهي تكرر نزول الآية او الآيات ـ كما فى خواتيم سورة النحل ـ كان ما رواه مقاتل موافقا لما أخرجه البيهقي والبزار عن ابى هريرة انها نزلت فى استشهاد حمزة ، وقد اجتمعت الروايات على هذه الحقيقة.

وهذا يؤيد ما ذكرته فى صدر الموضوع. من ان الرأي السائد بضعف الأحاديث التي اعتمد عليها مقاتل فى اسباب النزول او كذبها ، تكذبه مقارنة هذه الأحاديث والآثار بما فى كتب السنن ، فهذه المقارنة تظهر ان أكثرها غير ضعيف. وان فيها عددا وافرا موافقا لما فى الصحيح ، لكن هذا لا يمنع من ان فى تفسير مقاتل آثارا ضعيفة ، لكن ضعف بعضها انما هو فى الاسناد ، اما المتن فصحيح مؤيد بطرق اخرى تقويه. وضعف بعضها الآخر ـ بل وضعه ـ ظاهر ليس فى حاجة الى بيان ..

ـ ١١ ـ

تعدد النازل والسبب واحد

ذكر مقاتل انه قد يكون امر واحد سببا لنزول آيتين او آيات متعددة من القرآن. مثال ذلك ما رواه مقاتل (٦٧) ـ وهو موافق لما أخرجه الحاكم والترمذي ان ام سلمة ام المؤمنين رضى الله عنها قالت : ما لنا معشر النساء عند الله خبر ، وما يذكرنا فى الهجرة بشيء ، فانزل الله تعالى : (فَاسْتَجابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى ، بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ ، فَالَّذِينَ هاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ ، وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ ثَواباً مِنْ عِنْدِ اللهِ وَاللهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوابِ) (٦٨) وانزل ايضا فى قول ام سلمة : (إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِماتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ) فى الأحزاب ، الى آخر الآية (٦٩) قال مقاتل. فأشرك الله النساء مع الرجال فى الثواب ، كما شاركن الرجال فى الأعمال الصالحة فى الدنيا (٧٠)

__________________

(٦٧) تفسير مقاتل مخطوطة احمد الثالث جزء ١ ورقة ٦٨ ا ، ب وانظر تحقيقي له : ١ / ٣٢٢ ـ ٣٢٣.

(٦٨) سورة آل عمران : ١٩٥.

(٦٩) سورة الأحزاب : ٣٥ وتمامها : (وَالْقانِتِينَ وَالْقانِتاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِراتِ وَالْخاشِعِينَ وَالْخاشِعاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِماتِ وَالْحافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحافِظاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللهَ كَثِيراً وَالذَّاكِراتِ أَعَدَّ اللهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً).

(٧٠) تفسير مقاتل جزء ١ ورقة ٦٨ ب ، وانظر تحقيقي له : ١ / ٢٢٢ ـ ٢٢٣.

١٤٧

واخرج الحاكم ايضا ان ام سلمة رضى الله عنها قالت : تغزو الرجال ولا تغزو النساء وانما لنا نصف الميراث. فانزل الله : (وَلا تَتَمَنَّوْا ما فَضَّلَ اللهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلى بَعْضٍ ...) (٧١) وانزل : (إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِماتِ ...) (٧٢) فظهر لنا ان كلام ام سلمة كان سببا فى نزول آيات ثلاث :

١ ـ (إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِماتِ ...) سورة الأحزاب : ٣٥.

٢ ـ (فَاسْتَجابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى ...) سورة آل عمران : ١٩٥.

٣ ـ (وَلا تَتَمَنَّوْا ما فَضَّلَ اللهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلى بَعْضٍ ...) سورة النساء : ٣٢.

وهذا هو ما يعبر عنه بتعدد النازل والسبب واحد (٧٣)

ـ ١٢ ـ

فوائد معرفة اسباب النزول

معرفة اسباب النزول تعين على فهم الآية. وتوضح ما خفى منها. وقد زعم بعض الناس انه لا فائدة للإلمام بأسباب النزول ، فانها لا تعدو ان تكون تاريخا او جارية مجرى التاريخ (٧٤)

__________________

(٧١) سورة النساء : ٣٢ وتمامها : (وَلا تَتَمَنَّوْا ما فَضَّلَ اللهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلى بَعْضٍ لِلرِّجالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّساءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَسْئَلُوا اللهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللهَ كانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً). وذكر مقاتل انه لما نزلت للذكر مثل حظ الأنثيين قالت النساء ثم هذا؟ نحن أحق ان يكون لنا سهمان ولهم سهم ، لأنا ضعاف الكسب ، والرجال أقوى على التجارة والطلب والمعيشة منا ، فإذا لم يفعل الله ذلك بنا فانا نرجو ان يكون الوزر على نحو ذلك علينا وعليهم. فانزل الله فى قولهم كنا نحن أحوج الى سهمين قوله سبحانه : (وَلا تَتَمَنَّوْا ما فَضَّلَ اللهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلى بَعْضٍ).

(٧٢) سورة الأحزاب : ٣٥. وتمامها قد تقدم.

(٧٣) انظر تفسير مقاتل مخطوطة احمد الثالث جزء ٢ ورقة ... ، تحقيقي له : ٣ / ٤٨٩ ـ ٤٩٠. حيث ذكر مقاتل ان ام سلمة ام المؤمنين ونسيبة بنت كعب الأنصاري قلن ما شان ربنا يذكر ولا يذكر النساء فى شيء من كتابه ... فانزل الله تعالى : (إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِماتِ ..) الآية ٣٥ من سورة الأحزاب ، والآية ١٩٥ من سورة آل عمران ، والآية ٤٠ من سورة غافر وفيها : (وَمَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيها بِغَيْرِ حِسابٍ).

(٧٤) قاله السيوطي فى الإتقان ، وتعقبه بانه خطا وقال بل لمعرفة اسباب النزول فوائد منها معرفة وجه الحكمة الباعثة على تشريع الحكم ، ومنها تخصيص الحكم به عند من يرى العبرة بخصوص السبب ، ومنها الوقوف على المعنى وازالة الاشكال فمن ذلك قوله تعالى فى سورة الطلاق : ٤ (وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ) فقد أشكل معنى هذا الشرط على بعض الائمة حتى قال الظاهرية بان الآيسة لا عدة عليها إذا لم ترتب. وقد بين ذلك سبب النزول وهو انه لما نزلت الآية التي فى سورة البقرة فى عدد النساء قالوا قد بقي عدد من النساء لم يذكرن : الصغار ، والكبار ، فنزلت. أخرجه الحاكم.

١٤٨

واستهان الشيخ محمد عبده بأسباب النزول (٧٥) ، ولم يعول عليها كثيرا ، بسبب اشتمالها على الصحيح والعليل ، واختراع بعض الناس أسبابا لنزول الآيات.

والحق انه لا طريق لمعرفة اسباب النزول الا النقل عن الصحابة الذين عاصروا الوحى والنزول ووقفوا على الأحوال والملابسات التي أحاطت بنزول الآيات ، وسمعوا من الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم ما لم يسمعه غيرهم ، فعنهم وحدهم يؤخذ هذا العلم. والى هذا أشار الواحدي بقوله : (ولا يحل القول فى اسباب نزول الكتاب الا بالرواية والسماع ممن شاهدوا التنزيل ، ووقفوا على الأسباب ، وبحثوا عن علمها ، وجدوا فى الطلاب) (٧٦).

ان اسباب النزول آثار واردة وأحاديث مأثورة ينطبق عليها ما ذكره علماء الحديث ونقدته.

فلا تقبل جملة ولا ترفض جملة ، فما كان صحيحا قبلناه ، وما كان موضوعا رفضناه.

ويقول الواحدي ايضا : (لا يمكن معرفة تفسير الآية دون الوقوف على قصتها وبيان نزولها).

(وان التعبير عن سبب النزول بالقصة ليوحى بالحكمة البالغة فى معرفة الأسباب التي دعت الى تنزيل الوحى ، ويجعل آيات القرآن تتلى فى كل زمان ومكان بشغف وولوع ، وتطرد السآمة عن جميع القارئين بما توالى عرضه من حكايات أمثالهم ، وأقاصيص أسلافهم ، كأنها حكاياتهم هم إذ يرتلون آيات الله ، او أقاصيصهم هم ساعة يطربون لوحى السماء) (٧٧).

من اجل هذا كان جهل الناس بأسباب النزول كثيرا مما يوقعهم فى اللبس والإبهام فيفهمون الآيات على غير وجهها ولا يصيبون الحكمة الالهية من تنزيلها ، كما حدث لمروان بن الحكم حين توهم ان قوله تعالى : (لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِما أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِما لَمْ يَفْعَلُوا فَلا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفازَةٍ مِنَ الْعَذابِ) (٧٨) ينطبق عليه ، فقال لبوابه : اذهب يا رافع الى ابن عباس فقل له : لئن كان كل امرئ فرج بما اوتى وأحب ان يحمد بما لم يفعل معذبا لنعذبن أجمعون!

__________________

فمعنى ان ارتبتم ان أشكل عليكم حكمهن وجهلتم كيف يعتددن فهذا حكمهن. ا ه الإتقان : ١ / ٣٠. ومثل ذلك قد ورد فى تفسير مقاتل مخطوطة احمد الثالث جزء ٢ ورقة ٢٠٠ ا وانظر تحقيقي له : ٤ / ٣٦٤ ـ ٣٦٥.

(٧٥) تفسير المنار : ٢ / ٥٧ ـ ٥٨ ، ٢٢٥ ـ ٢٢٦.

(٧٦) اسباب النزول للواحدي : ٤.

(٧٧) مباحث فى علوم القرآن ، دكتور صبحى الصالح : ١٣٠.

(٧٨) سورة آل عمران : ١٨٨.

١٤٩

فقال ابن عباس : وما لكم ولهذه! انما دعا النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم يهود ، فسألهم عن شيء فكتموه إياه ، واخبروه بغيره ، فاروه ان قد استحمدوا اليه بما اخبروه عنه فيما سألهم ، وفرحوا بما أوتوا من كتمانهم ، ثم قرا ابن عباس : (وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ) (٧٩) حتى قوله : (يَفْرَحُونَ بِما أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِما لَمْ يَفْعَلُوا) (٨٠) فلم يزل الاشكال الا بمعرفة سبب النزول.

ولو لا بيان اسباب النزول لأباح الناس لأنفسهم التوجه فى الصلاة الى الناحية التي يرغبون فيها ، عملا بالمتبادر من قوله تعالى : (وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ إِنَّ اللهَ واسِعٌ عَلِيمٌ) (٨١) فإذا قرانا تفسير مقاتل (٨٢) رأينا انها نزلت فى ناس من المؤمنين كانوا فى سفر ، فحضرت الصلاة فى يوم غيم ، فتحيروا ، فمنهم من صلى قبل المشرق ، ومنهم من صلى قبل المغرب ، وذلك قبل ان تحول القبلة الى الكعبة ، فلما طلعت الشمس عرفوا انهم قد صلوا لغير القبلة ، فقدموا المدينة ، فأخبروا النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم بذلك ، فانزل الله عزوجل : (وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ إِنَّ اللهَ واسِعٌ عَلِيمٌ).

قال مقاتل : وانزل الله عزوجل : (لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ ...) الى آخر الآية (٨٣).

ولو لا بيان اسباب النزول لظل الناس الى يومنا هذا يبيحون تناول المسكرات وشرب الخمور ، أخذا بظاهر قوله تعالى : (لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جُناحٌ فِيما طَعِمُوا) (٨٤). فقد «حكى عن عثمان بن مطعون وعمرو بن معد يكرب انهما كانا يقولان : الخمر مباحة ، ويحتجان بهذه الآية. وخفى عليهما سبب نزولها فانه يمنع من ذلك ، وهو ما ذكره مقاتل (٨٥) وغيره : من انه لما نزل تحريم الخمر

__________________

(٧٩) سورة آل عمران : ١٨٧ ـ ١٨٨ وهما : (وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَراءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَبِئْسَ ما يَشْتَرُونَ ، لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِما أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِما لَمْ يَفْعَلُوا فَلا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفازَةٍ مِنَ الْعَذابِ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ).

(٨٠) تفسير مقاتل مخطوطة احمد الثالث : جزء ١ ورقة ٦٨ ا ، وانظر تحقيقي له : ١ / ٣٢٠ ـ ٣٢١. وقد ورد فى هذا صحيح البخاري كتاب التفسير : ٦ / ٤٠ ، وفى تفسير ابن كثير : ١ / ٤٣٦ ، والبرهان : ١ / ٢٧ ، والإتقان : ١ / ٤٨.

(٨١) سورة البقرة : ١١٥.

(٨٢) تفسير مقاتل ، مخطوطة احمد الثالث : جزء ١ ورقة ٢١ ا ، وانظر تحقيقي له : ١ / ١٣٣.

(٨٣) سورة البقرة : ١٧٧.

(٨٤) سورة المائدة : ٩٣ وتمامها : (... إِذا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ).

(٨٥) تفسير مقاتل مخطوطة احمد الثالث جزء ورقة ١٠٧ ب ، وانظر تحقيقي له : ١ / ٥٠٣. وقد ورد ذلك ايضا فى البرهان : ١ / ٢٨ ، واسباب النزول للواحدي : ١٩٦ ، وتفسير ابن كثير : ١ / ٩٧ ، والإتقان : ١ / ٥٣.

١٥٠

قال المسلمون : ان إخواننا ماتوا وقتلوا وقد كانوا يشربونها ، فانزل الله تعالى : (لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جُناحٌ ...) الآية.

فنزلت الآية عذرا للماضين وحجة على الباقين.

نخلص من كل ما تقدم الى ان لاسباب النزول فوائد عديدة أهمها :

١ ـ دفع الاشكال عن الآية :

كما روى ان عروة بن الزبير أشكل عليه ان يفهم فرضية السعى بين الصفا والمروة من قوله سبحانه : (إِنَّ الصَّفا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللهِ ، فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما). واشكاله نشا من ان الآية الكريمة نفت الجناح ، ونفى الجناح لا يتفق والفرضية فى رأيه. وبقي فى اشكاله حتى سال خالته عائشة ام المؤمنين رضى الله عنها ، فأفهمته ان نفى الجناح هنا ليس نفيا للفرضية ، انما هو نفى لما وقر فى أذهان المسلمين يومئذ من ان السعى بين الصفا والمروة من عمل الجاهلية ، نظرا الى ان الصفا كان عليه صنم يقال له (إساف) ، وكان على المروة صنم يقال له (نائلة) ، وكان المشركون إذا سعوا بينهما تمسحوا بهما ، فلما ظهر الإسلام وكسر الأصنام تحرج المسلمون ان يطوفوا بينهما لذلك ، فنزلت الآية. كما رواه مقاتل (٨٦) ٢ ـ دفع توهم الحصر ، عما يفيد بظاهر الحصر :

نحو قوله سبحانه فى سورة الانعام : (قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلى طاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ ، أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ) (٨٧).

قال مقاتل (٨٨) : ان الكفار لما حرموا ما أحل الله وأحلوا ما حرم الله قال لهم النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : من اين أتيتم بهذا التحريم؟ فسكتوا فلم يجيبوه الا انهم قالوا حرمه آباؤنا ، فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : فمن اين حرمه آباؤكم؟ قالوا : الله أمرهم بتحريمه ... فانزل الله الآية : (قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلى طاعِمٍ يَطْعَمُهُ) ... إلخ الآية.

وقد ذهب الشافعي الى ان الحصر فى هذه الآية غير مقصود ، وقال انها نزلت بسبب أولئك الكفار الذين أبوا الا ان يحرموا ما أحل الله ويحلوا ما حرم الله ، فنزلت الآية بهذا الحصر الصوري مشادة لهم ، لا قصدا الى حقيقة الحصر. يؤيد هذا ما نقله عنه

__________________

(٨٦) تفسير مقاتل مخطوطة احمد الثالث جزء ١ ورقة ٢٦ ا ، وانظر تحقيقي له : ١ / ١٥٢.

(٨٧) سورة الانعام : ١٤٥ ، وتمامها (.. (فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ)

(٨٨) تفسير مقاتل مخطوطة احمد الثالث : جزء ١ ورقة ١٢٥ ب ، وانظر تحقيقنا له : ١ / ٥٩٤ ـ ٥٩٥.

١٥١

السبكى من قوله : (ان الكفار لما حرموا ما أحل الله وأحلوا ما حرم الله ، وكانوا على المضادة والمحادة ، جاءت الآية مناقضة لغرضهم ، فكأنه قال : لا حلال الا ما حرمتموه ، ولا حرام الا ما أحللتموه. نازلا منزلة من يقول لك : لا تأكل اليوم حلاوة فتقول لا آكل اليوم الا حلاوة والغرض المضادة لا النفي والإثبات على الحقيقة. فكأنه تعالى قال : لا حرام الا ما أحللتموه من الميتة ، والدم ، ولحم الخنزير وما اهل لغير الله به ، ولم يقصد حل ما وراءه ، إذ القصد اثبات التحريم لا اثبات الحل. قال امام الحرمين : وهذا فى غاية الحسن ، ولو لا سبق الشافعي الى ذلك لما كنا نستجيز مخالفة مالك فى حصر المحرمات فيما ذكرته الآية (٨٩).

٣ ـ معرفة من نزلت فيهم الآية على التعيين حتى لا يشتبه بغيره فيتهم البريء ويبرأ المريب : ولهذا ردت عائشة على مروان حين اتهم أخاها عبد الرحمن بن ابى بكر بانه الذي نزلت فيه آية (وَالَّذِي قالَ لِوالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُما) سورة الأحقاف / ١٦ (٩٠) وقالت : والله ما هو به. ولو شئت ان أسميه لسميته (٩١).

وقد ذهب مقاتل الى ان هذه الآية نزلت فى عبد الرحمن بن ابى بكر وامه رومان بنت عمرو بن عامر الكندي ، دعاه أبواه الى الإسلام وأخبراه بالبعث بعد الموت ، فقال لوالديه (أف لكما) (٩٢) وما رواه مقاتل موافق لما أخرجه ابن جرير من طريق العوفى عن ابن عباس ، ولما أخرجه ابن ابى حاتم عن السدى. لكن الرواية الاولى ـ وهي رد عائشة على مروان ـ وردت فى البخاري من طريق يوسف بن ماهان.

كما اخرج عبد الرزاق من طريق مكي انه سمع عائشة تنكر ان تكون الآية نزلت فى عبد الرحمن بن ابى بكر ، وقالت انما نزلت فى فلان سمت رجلا.

والمقاييس الدقيقة التي ذكرت فى اسباب النزول ـ وهي التي تقضى بقبول الصحيح ورفض ما عداه ـ تلزمنا هنا بقبول رواية البخاري ورفض ما رآه مقاتل.

قال الحافظ ابن حجر : ونفى عائشة أصح اسنادا واولى بالقبول (٩٣) ٤ ـ وأخيرا فان من فوائد معرفة اسباب النزول تيسير حفظ القرآن ، وتسهيل فهمه ، وتثبيت الوحى فى ذهن كل من يسمع الآية إذا عرف سببها. وذلك لان ربط الأسباب بالمسببات ، والأحكام بالحوادث ، والحوادث بالاشخاص والازمنة والامكنة ـ

__________________

(٨٩) الإتقان : ١ / ٢٠.

(٩٠) سورة الأحقاف : ١٧.

(٩١) الإتقان : ١ / ٣٠.

(٩٢) تفسير مقاتل مخطوطة احمد الثالث : جزء ٣ ورقة ١٥٣ ا ، وانظر تحقيقي له : ٢١٤.

(٩٣) لباب النقول فى اسباب النزول للسيوطي : ١٩٦ ـ ١٩٧.

١٥٢

كل أولئك من دواعي تقرير الأشياء ورسوخها فى الذهن ، وسهولة استذكارها عند استذكار مقارناتها فى الفكر ، بسبب تداعى المعاني كما ذكر فى علم النفس.

وأخيرا لقد ترك لنا مقاتل فى تفسيره ذخيرة كبيرة من اسباب نزول الآيات ، وقد كانت هذه الذخيرة فى حاجة الى دراسة فاحصة لتمييز الصحيح من العليل ، فبذلت جهدي فى ذلك أثناء تحقيقي لهذا التفسير ، وانى لأرجو ان يكون الله قد وفقني فيما قمت به ، واساله ان يعينني على تدارك ما فاتنى ، انه ولى التوفيق؟

١٥٣
١٥٤

الباب الثاني

النسخ عند مقاتل

١ ـ النسخ عند مقاتل.

٢ ـ الآيات المنسوخة عند مقاتل.

جدول لجميع الآيات المنسوخة عند مقاتل.

٣ ـ مناقشة نسخ هذه الآيات.

٤ ـ مناقشة المنسوخ بآية السيف.

٥ ـ راى أستاذي الدكتور مصطفى زيد فى المراد بآية السيف.

٦ ـ تعقيب على المناقشة.

٧ ـ تقسيم الآيات المنسوخة عند مقاتل الى ستة اقسام.

٨ ـ جدول بالآيات المنسوخة بآية السيف.

بيان تفصيلي بالآيات المنسوخة بآية السيف.

٩ ـ جدول بآيات ليس فيها الا التخصيص.

بيان تفصيلي بهذه الآيات والآيات الناسخة لها.

١٠ ـ جدول بآيات ليس فيها الا تفسير المبهم.

بيان تفصيلي بهذه الآيات.

١١ ـ جدول بآيات لا تعارض فيها بين الناسخ والمنسوخ.

بيان تفصيلي بهذه الآيات.

١٢ ـ جدول بآيات منسوخة عند مقاتل وهي اخبار لا تقبل النسخ.

بيان تفصيلي بهذه الآيات.

١٣ ـ جدول بآيات منسوخة عند مقاتل وفيها حقيقة النسخ.

بيان تفصيلي بهذه الآيات.

١٤ ـ آيات ينطبق عليها النسخ ولم يعتبرها مقاتل منسوخة.

١٥٥
١٥٦

ـ ١ ـ

النسخ عند مقاتل

تمهيد :

كان الصحابة والتابعون وتابعوهم يستعملون النسخ بإزاء المعنى اللغوي ـ الذي هو ازالة شيء بشيء ـ لا بإزاء مصطلح الأصوليين (١).

«فيطلقون النسخ على تقييد المطلق وعلى تخصيص العام وعلى بيان المبهم والمجمل ، كما يطلقونه على رفع الحكم الشرعي بدليل شرعي متأخر عنه» (٢).

فلما جاء الامام الشافعي (١٥٠ ـ ٣٠٥ ه‍) حرر معنى النسخ وميزه عن تقييد المطلق وتخصيص العام واعتبرهما من انواع البيان (٣).

ومضى الاصوليون والمؤلفون فى الناسخ والمنسوخ على نهج الشافعي ، فعنى معظمهم ببيان الفروق بين النسخ وكل من التخصيص والتقييد والتفسير والتفصيل.

هذا ابو جعفر محمد بن جرير الطبري (٢٢٤ ـ ٣١٠ ه‍) يشير فى تفسيره (٤) (الى انه لا ناسخ من آي القرآن واخبار رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم الا ما نفى حكما ثابتا الزم العباد فرضه ، غير محتمل بظاهره وباطنه غير ذلك. فاما إذا احتمل غير ذلك ـ من ان يكون بمعنى الاستثناء او الخصوص والعموم ، او المجمل والمفسر ـ فمن الناسخ والمنسوخ بمعزل ... ولا منسوخ الا الحكم الذي قد كان ثبت حكمه وفرضه).

وقد ظل بعض المؤلفين فى النسخ يتبعون الإطلاق الاول له فيطلقونه على التخصيص والتقييد والتفسير ، مما ادى الى الاضطراب فى الموضوع. وكان من فضل الله توفيق استاذنا الدكتور مصطفى زيد الى إخراج كتابه «النسخ فى القرآن».

ففي هذا الكتاب عالج المشكلة علاجا حاسما ، مما حملني على اعتباره مرجعي الاول فى الموضوع لأنه آخر انتاج استفاد مما سبقه ، ويسر الطريق لمن جاء بعده.

__________________

(١) النسخ فى القرآن : د. مصطفى زيد : ١ / ١١٠ فقرة ١٦٢.

(٢) المرجع السابق ، وقد نقله عن الموافقات للشاطبي : ٣ / ٧٥.

(٣) د. مصطفى زيد : ١ / ٧٤ نقلا عن كتاب الشافعي لمحمد ابو زهرة : ٢٤٩ ـ ٢٥٠.

(٤). ٢ / ٤٣٥ بتحقيق محمود محمد شاكر. وقد نقله د. مصطفى زيد فى كتابه النسخ فى القرآن ١ / ٧٩ بعد ان صوب النص.

١٥٧

ـ ٢ ـ

الآيات المنسوخة عند مقاتل

عدد الآيات المنسوخة عند مقاتل اربع وأربعون آية ، منها ست عشرة آية منسوخة بآية السيف ـ او فى حكمها ـ وثمان وعشرون آية منسوخة بآيات اخرى. وعند تفسير هذه الآيات يتضح ان تعريف النسخ لا ينطبق الا على ثلاث آيات منها ، اما الباقي فليس فيه الا تخصيص العام (٥) او تفسير المبهم ، وما إليهما ومنه آيات هي فى حقيقتها اخبار ، والاخبار لا تقبل النسخ ، ومنه آيات لا تعارض بينها وبين ناسخها.

__________________

(٥) التخصيص هو قصر العام على بعض افراده (او آحاده او مسمياته) والتخصيص يكون بمخصصات لفظية هي بدل البعض ، والاستثناء ، والصفة ، والشرط ، والغاية. كما يكون بالعقل والحس الواقعي والعادة والعرف.

(النسخ فى القرآن الكريم : ١ / ١١٣ فقرة ١٦٨ ـ ١٦٩ ، واصول التشريع الإسلامي ، على حسب الله : ١٨٨ ـ ١٩٥).

والفرق بين التخصيص والنسخ :

١ ـ ان النسخ ازالة لحكم المنسوخ ، اما التخصيص فهو قصر الحكم على بعض افراده كقصر إيجاب الحج على المستطيع.

٢ ـ ان النسخ لا يكون الا بدليل متراخ عن المنسوخ اما التخصيص فيكون بالسابق واللاحق والمقارن.

٣ ـ ان النسخ لا يقع فى الاخبار ، بخلاف التخصيص فانه يكون فى الاخبار وفى غيرها.

(النسخ فى القرآن الكريم : ١ / ١٢٥) ، وقد ساق عشرة فروق بين النسخ والتخصيص. وانظر (مناهل العرفان : ٢ / ٨٢)

١٥٨

السورة

رقم الآية

جزء من الآية

رقم الورقة في تفسير مقاتل

رقم المجلد والصفحة في النسخة المحققة

رقم الفقرة التي عالجتها في كتاب النسخ في القرآن

الانفال

٢

٦١

٧٥

(وَإِن جَنَحُوا لِلسَّلْمِ)

(وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا)

١ / ١٤٨ ١

١ / ١٤٩ ب

٢ / ١٢٣

٢ / ١٣١

٧٨٥ ـ ٧٨٩

التوبة

١

٨٠

(إِن تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً)

١/ ١٥٨؟

٢ / ١٨٦ ـ ١٨٧

١٠٩٤ ـ ١٠٩٧

يونس

٩٩

١٠٨

(وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ)

(وَمَا أَنَا عَلَيْكُم بِوَكِيلٍ)

١/ ١٦٩ ب

١ / ١٦٩ ب

٢ / ٢٥٠

٢ / ٢٥٢

٥٨٦ ـ ٥٨٧

٥٨٦ ـ ٥٨٧

الاسراء

٢

٢٤

٣٤

(وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا)

(وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ)

١/٢١٤ ب

١/٢١٥ أ

؟؟

٣٠ / ١٣٧

٨٤٣

١١٠٤ ـ ١١٠٥

الحج

١

٦٩

(اللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ)

١ / ٢٨ أ

٣٠ / ١٣٧

٦٢٧

العنكبوت

١

٤٦

(وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ)

٢ / ٧٤ أ

٣ / ٣٨٥

٧٦٧ ـ ٧٦٨

السجدة

١

٣٠

(فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ)

٢ / ٨٦ أ

٣ / ٤٥٤

٧٣٨ ـ ٧٣٩

الأحزاب

١

٦

(فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ)

٢ / ٨٨ أ

٣ / ٤٧٤ ـ ٤٧٥

الشورى

٣

٥

١٥

٢٠

(وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَن فِي الْأَرْضِ)

(لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ)

(وَمَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا)

٢ / ١٣٧ ب

٢ / ١٣٨ ب

٢ / ١٣٩ أ

٣ / ٧٦٣ ـ ٧٦٤

٣ / ٧٦٧

٣ / ٧٦٨

٦٣٤

٦٣٥ ـ ٦٣٦

٦٣٧

١٥٩

جدول لجميع الآيات المنسوخة عند مقاتل

السورة

ارقام الايات المنسوخة

جزء من الآية

رقم الورقة في تفسير مقاتل

رقم المجلد والصفحة في النسخة المحققة

رقم الفقرة التي عالجتها في كتاب النسخ في القرآن

البقرة

٨

١٧٨

١٨٠

١٨٤

١٩١

٢١٥

٢٢٨

٢٤٠

٢٨٤

(الْحُرُّ بِالْحُرِّ)

(الْوَصِيَّةُ لِلْوالِدَيْنِ)

(وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ)

(وَلا تُقاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ)

(يَسْئَلُونَكَ ما ذا يُنْفِقُونَ)

(وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ)

(وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ)

(وَإِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ)

١/ ٢٧ ب

١ / ٢٨ أ

١ / ٢٨ ب

١ / ٣٠ ب

١ / ٣٤ ب

١ / ٣٧ ب

١ / ٤٠ أ

١ / ٤٩ أ

١ / ١٥٨

١ / ١٥٩

١ / ١٦٠ ـ ١٦١

١ / ١٦٨

١ / ١٨٣

١ / ١٩٤

١ / ٢٠١

١ / ٢٣١

٨٦٩ ٨٧٢

٨٣٠ ٨٢٤

٨٨٣ ٨٨٨

٨٨٩ ٨٩٥

٩١٢ ٩١٩

٨٣٤ ٨٣٥

١١٥٥ ١١٦٥

٨٣٦ ٨٣٩

آل عمران

١

١٠٢

(اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقاتِهِ)

١ / ٥٩ أ

١ / ٢٩٢ ـ ٢٩٣

٨٤٧

النساء

٥

١٠

١٥

١٦

٦٣

٩١

(إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى)

(وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفاحِشَةَ)

(وَالَّذانِ يَأْتِيانِها مِنْكُمْ)

(فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ)

(سَتَجِدُونَ آخَرِينَ)

١ / ٧٠ أ

١ / ٧٢ أ

١ / ٧٢ أ

١ / ٧٨ أ

١ / ٨٢ أ

١ / ٣٦٠

١ / ٣٦٢ ٣٦٣

١ / ٣٦٣

١ / ٣٨٥ ٣٨٦

١ / ٣٩٦

٨٤٩

١٢٥٠ / ١٢٦٢ *

١٢٥٠ / ١٢٦٢ *

٧٣١

١١٦٦ / ١١٧٢

٢

١٣

٤٢

(لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللهِ)

(فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ)

(فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ)

١ / ٩٢ ب

١ / ٩٥ ب

١ / ١٠٠ ب

١ / ٤٤٨ ٤٥١

١ / ٤٦٢

١ / ٤٧٨

١١ ٧٣ / ١١٨٤

٧٤٥ / ٧٤٩

١٠١٩ / ١٠٢٦

١٥

٦٦

٦٩

١٠٧

١٥٩

(قُلْ إِنِّي أَخافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي)

(قُلْ لَسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ)

(وَما عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ)

(وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ)

(إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ)

١ / ١١٤ ب

١ / ١١٨ ب

١ / ١١٨ ب

١ / ١٢٢ ب

١ / ١٢٧ أ

١ / ٥٥٢ ٥٥٣

١ / ٥٦٦

١ / ٥٦٧

١ / ٥٨٣

١ / ٥٩٩

٥٩٩ ٦٠٠

٥٨٤ ٥٨٧

٦٠١ ٦٠٢

٥٨٤ ٥٨٧

٦٠٣ ٦٠٥

١٩٩

(خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ)

١ / ١٤١ أ

٢ / ٨١

١٠٥٧ / ١٠٦٤

١٦٠